الجزء العاشر (10)

1190 Words
الجزء العاشر عاد لدائرة عملة مرة أخرى في مكافحة الم**رات بعد أنتهاء أنتدابه في بلدتها، لكنه رجع مشغول البال متحير في أمره هل فعلا يحبها أم أنه تعلق بها لأنها أول فتاة يحتك بها عن قرب وسيزول هذا التعلق مع الوقت، لكن قلبه يؤلمه بشدة نظرة الحزن في عينيها عندما علمت بهويته وهروبها قبل أن تفضحها العبرات المنسكبة منهما احس كأن سكين غرز بقلبه، قاوم كثيرًا كي ينسى، مرت سبعة أيام منذ أخر لقاء بينهما لكن تزداد تلك النغزة بص*رة حتى أصبحت تثقل أنفاسه تجعلها كأنها حمل ثقيل يجثم فوقه يسلب روحه لا يمدها بالحياة، إحساس بالذنب ينغص عليه حياته بات مهملا بمظهره استطالت ذقنة قليلا فلم يهتم لأمرها، من يراه يظنه عاكف عن متاع الدنيا، قرر زيارتها وليكن ما يكون لن يصبر اكثر من ذلك ليس فقط لمواجهتها بل لأنه يشتاقها حد الجنون يريد رؤية عينيها التي تمثل له نقطة قهوة في كوب حليب جعلته يعشق القهوة ويتلذذ بطعمها بعد أن كان يكرهها. وقف أمام باب كليتها يعرف مواعيد خروجها وذهابها يعلم عنها كل شئ، ألم قاتل أجتاح قلبه عندما رأها أهى تلك رغد لا يعقل فقط سبعة أيام تجعلها بهذا النحف، لا يرى أمامه رغد التي رأها اول مرة بل فتاة هزيلة عيناها تروي قصة حزن مشبعة بالألم، أغمض عينيه ورفع وجهه للسماء. يزن : يا الله أيه اللي أنا عملته فيها ده، مستحيل تكون دي رغد اللي أنا شوفتها أول مرة، دي محطمة أنا مستحيل اسامح نفسي قبل ما اخليها ترجع زي الأول وأحسن ترجع وردة مفتحة تاني. تقدم منها ووقف في طريقها، تفاجأت به أمامها خفق قلبها بصخب، رفعت عينيها له، لكن سرعان ما أخفضتهما خجلا فهي مازالت لا تقوى على مواجهة تلك النظرات فيكفي ما فعلته بها سابقًا. يزن بحنو : أزيك يا رغد عامله ايه. رغد بجمود : الحمدلله بخير. يزن وهو يضع يديه في جيب بنطاله : ممكن نقعد في أي مكان نشرب حاجة ونتكلم شوية. رغد بنبرة ساخرة : هى مش الحمدلله مهمتك خلصت لسه عايز مني أيه ولا يمكن كلفوك بحراستي مرة تانية؟ يزن : لأ يا رغد أنا مديونلك بتوضيح حقايق وكان لازم نصفي أنفسنا قبل ما نبعد. رغد : متخفش يا يزن باشا كل حاجة واضحة زي الشمس مش محتاجة توضيح، حضرتك تعبت نفسك وجيت على الفاضي. يزن بعصبية : بلاش اسلوب اللا مبالاة ده ولهجة تأنيب الضمير اللي في كلامك. رغد بحدة : ده اسلوبي وانا حرة أتكلم زي ما أنا عايزه أنت مش هتعلمني أتكلم ازاي، وبعدين لهجتي مفيهاش تأنيب لضميرك أنت بس اللي بتهيألك. ابتسم يزن لحدتها عليه هكذا عادت لعهدها القديم الشراسة تغلب على طباعها، ارتبكت رغد عندما شرد في ملامحها مبتسمًا، ونسيت ما كانت تقوله فبرغم من إهماله مظهره الإ أنه زاد وسامه اكثر في نظرها، احمر وجهها خجلا وانزلت رأسها ارضًا ب**ت. يزن بثقة : ممكن نقعد في مكان هادي محتاج أتكلم معاكي شوية. رغد : مقدرش اروح معاك في أي مكان من غير أذن بابا. يزن : رغد أنتي عرفاني وعارفه اني مش هعمل حاجة تأذيكي. رغد : بردو مقدرش متعودتش اعمل حاجة ولا اروح في مكان غير ما استأذن من بابا الأول. يزن : خلاص عارفة كافية مون لايت هسبقك على هناك صدقيني مش هعطلك اكتر من خمس، عشر دقايق بالكتير قولتي أيه. رغد بتفكير : بس مقدرش. يزن برجاء: ولو قولتلك عشان خاطري. رغد بأرتباك : خلاص ماشي موافقة. يزن : شكرا يا رغد حقيقي مش هنسالك الجميل ده. رغد : جميل أيه؟ يزن : جميل أنك هتسمعيني عشان ضميري يرتاح. هزت رغد رأسها بنفي : ولا جميل ولا حاجة يا حضرة الظابط. يزن بابتسامة اسرة : على فكرة يزن بتطلع من بوقك حلوة قوي. أحمر وجه رغد خجلا فاسرعت تهم الخطى من امامه تتعثر بخطواتها كاطفلة رضيعة تعلمت المشي حديثا، قبل أن يتبعثر داخلها ويفضح أمرها أكثر من ذلك، فبرغم من وصايها لنفسها بالثبات في حضرته وإظهار الجمود كي تنجح في اخفاء حبه الذي يعث بداخلها ينشر فوضى عارمة تجعلها تتخبط بشتى نواحي حياتها، وأصبحت كالمغيبة ذهنيًا بعد أن كان يض*ب بها المثل في رجاحة العقل ورزانة التفكير وفشلت في كل ما أوصت نفسها به وظهر توترها واضطرابها أمامه. يجلس بغرفة مكتبه يتذكر يوم أن ذهب إلى والد منة يشكو له فعلتها بعد أن تركته وذهبت مع يوسف، فهو رجل غيور ولن يقبل على نفسه وضع كذلك، فهى بذلك كتبت نهاية قصتهما بذهابها مع ذلك الشاب وتركه وحيدًا، لن يكون ذلك الذي يقبل الارتباط بفتاة يعلم أنها تحب غيره مهما بلغ حبه لها، لذلك أنهى موضوع خطبته منها معتذرًا من والدها بعد أن ترجاه بالتريث في أمر فسخ ارتباطهما، غادر منزلها بقلب جريح لكن بكرامة ابية تأبى الخنوع أو الان**ار، تفاجئ بزاهر يطلب مقابلته مجددًا ظن في بداية الأمر أنه سيحدثه في أمر رجوع خطبته بمنة لكنه خالف توقعه، وطلب منه أن يدعي أمام يوسف عندما يطلب مقابلته أنه مازال خطيب لمنة ويرفض طلب يوسف بفسخ الخطبة حتى يتعلم الدرس ولا يفرط بها مرة أخرى، ورغمًا عنه وافق على طلب زاهر وها هو ينتظره حسب الميعاد المتفق عليه بينهما لكي يجيد أدعاء دوره ويلقنه درسًا لن ينساه طوال عمره، طرق باب غرفة مكتبه ودخل يوسف بثبات ع** الصراع الدائر بداخله. وقفت على الباب الخارجي للكافية تبحث عنه بنظرها حتى وجدته، دخلت بخجل وجلست على المقعد المقابل له تنتظر ما سيصرح به لها. يزن : مش كنتي جيتي معايا احسن. رغد : لأ مينفعش وياريت حضرتك تقول اللي أنت عايز تقوله عشان متأخرش. يزن : كلامك معايا برسمية كدا مش هيخليني اعرف أقولك اللي أنا عايزه. رغد : وهو أحنا في بينا حاجة غير كدا علاقة حضرتك بيا كانت شغل بتأديه يبقى ليه منتكلمش برسمية لحفظ المقامات يا حضرة الظابط. يزن: لأ كان فيه يا رغد فيه عيش وملح كلته معاكي ومع والدك واخواتك عشان كدا أنا جاي النهاردة أعتذر منك لو في يوم قولت حاجة زعلتك مني أنا بعتبرك زي أختي ومحبتش نفترق وحاسس أنك زعلانه مني. رغد بحزن ساخر : متخافش يا يزن باشا مش هنفترق وأحنا زعلانين بالع** أنا مش شايله جوايا حاجة ليك غير كل امتنان على حمايتك ليا، ما هو كمان مينفعش الأخت تزعل من أخوها مهما يعمل. يزن : حاسس في كلامك بنبرة حزن ليه. حاولت رغدرسم ابتسامة على وجهها لكي تظهر له ع** ما يظن لكنها خرجت حزينة بنبرة من**رة : لا أبدًا بالع** أنت بس اللي بتهيألك، بعد أذنك الخمس دقايق خلصوا وأنا أتأخرت ولازم أمشي. شعر يزن بحزن يحتل أعماقه عندما رأي دموعها المتحجرة بعينيها : رغد لو أحتاجتي لأي حاجة كلميني رقمي مع والدك هتلاقيني قدامك في أي وقت وأي مكان. أبتلعت رغد غصتها المريرة : أن شاء الله بعد أذنك. يزن : ممكن تسمحي ليا أوصلك للموقف. رغد بجمود وهى تعطيه ظهرها : لأ شكرًا لحضرتك أنا عارفه الطريق كويس مش محتاجه مساعده من حد بعد أذنك. رحلت رغد مسرعة قبل أن تعطي يزن فرصة للحديث معها مرة أخرى، وقبل أن تسقط دموعها التي انهمرت بغزارة فور مغادرتها الكافية وعجزت عن أيقافها ومشت في طريقها والرؤية أمامها ضبابية من كثرة عبراتها النازحة من قلب طعن من حبيب لا يشعر بحبه، احست رغد أن الطريق أمامها طالت مسافته وقدمها تعجز عن حملها جلست بجانب الطريق ودفنت وجهها بين يديها حتى تسترد نفسها وانفاسها الهاربة، بعد فترة قصيرة جففت دموعها ووقفت ترفع وجهها لله تدعوه بالثبات في ما هو أتًا في حياتها، وصلت إلى وجهتها وجلست بالسيارة تنتظر أن تنطلق بها إلى بلدتها كي ترجع لغرفتها مخزن اسرارها ومخبئ حزنها ودموعها، تريد وسادتها تبكي عليها ذلك الحظ العاثر الذي يلازمها وحرمها من ذلك الحبيب الذي يعتبرها بمثابة شقيقة لا أكثر .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD