الجزء الخامس (5)

1268 Words
الجزء الخامس يقف بضجر أمام سيارته يضع يديه بجيب بنطاله ينتظرها تطل عليه مثل كل يوم، وهناك بعيدًا عنه يقف أحد التابعين له من الشرطة يبعد كل من يهم بالصعود إلى سيارته، وبعد فترة طويلة من الانتظار الممل جاءت تتهادى في خطواتها على مهل، نظرت له ثم تجاهلته ومرت بجانبه تتخطاه للصعود بسيارة أخرى. يزن : احسنلك ترجعي مفيش سواق عربية هيرضى يركبك. وقفت رغد تنظر له بتحدي وتشير بأصبعها : افندم ليه بقى أن شاء الله، بس عيزاك تعرف حاجة مهمة قوي أنا لو هروح ماشية مش هركب معاك تاني فاهم. يزن : ليه عملتلك أيه أنا قولتلك قبل كدا أنا بحميكي من أي حد يفكر يأذيكي، وبعدين أنتي كنتي فين محاضراتك خلصانه من الساعة ٣ الساعة دلوقتي داخلة على ٦ أيه اللي أخرك كدا. رغد بعصبية : وأنت مالك ومالي أتأخر ولا اروح في داهية عايز مني أيه، مالك ومالي. يزن بنفاذ صبر: متعليش صوتك تاني أنتي فاهمة ولازم تعرفي أن أمانك مسؤليتي يلا أخلصي اطلعي اركبي بسرعة خليني أنهض أوصلك. رغد بعناد : قولت مش هركب معاك أنت أيه مبتفهمش. أغمض يزن عينية بغضب يضغط على اسنانه حتى يمتص غضبه مسح وجهه بيده بحركة اعتاد عليها كي يهدأ. تحدث بغضب من بين اسنانه: وأنا قولت هتركبي اخلصي بقى ومتبقيش عنيدة. رغد بغضب تملكها: قولت مش هركب وابقى وريني هتمنعني ازاي. عقد مازن ذراعيه أمام ص*ره وتحدث بتحدي: وأنا بقول أنك مش هتركبي غير عربيتي بصي حواليكي كدا. نظرت رغد حولها وجدت المكان تقريبا يكاد يخلو من السيارات نظرًا لتأخر الوقت، فأذان المغرب رفع منذو ما يقرب من الساعة وايام الشتاء قصيرة تخلو منها المارة في وقت مبكر. ارتجفت رغد بخوف فعلى ما يبدو أنها تأخرت كثيرًا في جلستها أمام النيل للهروب من محاصرة يزن لها، انزلت رأسها أرضًا وض*بت الأفكار السيئة تفكيرها فيبدو أنها أخطاءت في تضيع كل هذا الوقت، أخرجت هاتفها ونظرت به لكي تهاتف والدها فوجدت طاقة شاحنه قد نفذت، فاغمضت عينيها بضيق. يزن : اتفضلي اركبي وخدي تليفوني كلمي والدك من عليه طمنيهم عليكي زمانهم قلقانين. رغد : أنا هاخد تليفونك بس عشان اكلم بابا يبعت حد من اخواتي يجي ياخدني. يزن بنفاذ صبر: أنسة رغد العشا باقي عليها دقايق والمسافة من بلدك لهنا بتاخد مش اقل من ساعة ونص هتفضلي هنا الوقت ده كله. لمعت عين رغد بالدموع : بس أنا خايفة اركب معاك لوحدي. هز يزن رأسه بيأس : تليفوني معاكي اتصلي على والدك وخليكي فاتحة الخط لغاية ما نوصل لبلدك أيه رأيك، واركبي ورا زي عادتك وأنا في مكاني كدا لسه خايفة. وازنت رغد كلامه في عقلها وانصاعت لأمره وض*بت ارقام هاتف والدها لحظات وكان والدها يجيب بلهفة. عبدالوهاب : السلام عليكم. رغد بخوف : و و وعليكم السلام. عبدالوهاب : رغد حبيبتي انتي فين وايه أخرك كدا وتليفونك مقفول ليه. رغد : أنا الوقت خدني وتاخرت يا بابا وتليفوني بطاريته فضيت وقفل مني. عبدالوهاب بخوف : أنني بخير مش كدا. رغد : متخفش يا بابا أنا بخير الحمدلله. عبدالوهاب: رقم مين ده. رغد باضطراب: ده رقم سواق على الموقف ادهولي لما لقيت تليفوني فصل شحن وقالي اتصل أطمن حضرتك عليا وو أنك تفضل معايا على الخط عشان اطمن لأني خايفة اركب معاه لوحدي. عبدالوهاب : اديني السواق ده يا رغد واسمه أيه. رغد : اسمه يزن وتفضل هو مع حضرتك. أعطت رغد الهاتف ليزن واجاب عليه : السلام عليكم. عبدالوهاب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ازيك يا بني. يزن : الحمدلله يا عمي بخير. عبدالوهاب: أنا طبعا مقدر جميلك لما اديت رغد التليفون بس بترجاك كا أب كمل جميلك على خير ووصل بنتي لغاية البلد وانا هد*ك اي مبلغ تطلبه. يزن : اولا مفيش جميل ولا حاجة يا عمي ثانيًا أنا مش هاخد فلوس من حضرتك ولا من أنسة رغد لأن أنا كدا كدا كنت راجع البلد، وعايز حضرتك تطمن بنت حضرتك أمانة في رقبتي لغاية ما اوصلها لحضرتك وربنا شاهد عليا. عبدالوهاب: تسلملي يا بني وصدقني هفضل مديونلك عمري كله أنك حافظت على بنتي. يزن بابتسامة : ولا جميل ولا دين يا عمي بنت حضرتك زي أختي. عبدالوهاب : ربنا يباركلك يا حبيبي. يزن : ربنا يخليك يا عمي أنا هدي التليفون لانسة رغد تفضل معاك على الخط عشان تطمن. عبدالوهاب : ماشي يا أبني. أخذت رغد الهاتف : نعم يا بابا. عبدالوهاب : خلاص يا حبيبتي اركبي معاه وأنا هفضل متابعك بالاتصال ماشي. رغد بانصياع : حاضر يا بابا. صعدت رغد السيارة وجلست بالخلف كعادتها، ثواني وكانت السيارة تسير في طريق العودة، اختلست رغد النظرات ليزن وجدته ينظر للطريق أمامه بجمود، لم يبادلها النظرات كما أعتادت بل بقى عينيه على طريقه فقط، شعرت رغد بالغضب لتجاهله لها، لكن سرعان ما وبخت نفسها وجلدت روحها وهى تعيدها مرة أخرى لرشدها، برغم من خوف رغد في البداية لكنها تمنت أن يطول الطريق اكثر حتى تشبع عينيها من طلته الجذابه، لامت نفسها لمعاودة الانخراط في التفكير به لكنها رغمًا عنها كل طرق تفكيرها تؤدي في النهاية له، شغل تفكيرها لدرجة أنها شعرت بفقدان للهوية بل والذاكرة في حضرته، أخذت تلقي باللوم على من أحبه وذاب به عشقًا، يا لك من مجنون أيها القلب الاهوج تتعلق بغريب لا تعرف عنه شئ سوى اسمه فقط، ترى ما هو الوعد الذي منحك إياه حتى ترمي نفسك في شباكه دون أن تحذر غدره، ما الذي دفعك لتمشي في طريق الأشواك حافي القدمين هل اخر هذا الطريق جنة تستحق عذابك أم نار ستزيد من احتراقك، لكن عليك التحمل مهما كانت النتائج فأنت من أختار المضي قدماً في عالم مليئ بالغياهب كأحجية يصعب حلها أو متاهة لا تعرف للخروج منها طريق، لكن ما تعلمه رغد في هذه اللحظة التي وصلت فيها السيارة أمام منزلها أن يزن زاد قدره في نظرها أضعاف مضاعفة. يزن بجمود : هتفضلي عندك كتير كنتي خايفة تركبي العربية ودلوقتي قاعدة مبتنزليش ليه. استجمعت رغد صوتها اخيرا ونطقت : أنا عارفه أن حضرتك زعلان بس أنا معرفكش وكان لازم اخد حذري أحنا في زمن مليان ديابة. يزن ومازال ملتحفًا بجموده : ممكن تتفضلي تنزلي أنا مش فاضي ورايا شغل تاني. وقفت رغد ونزلت من السيارة والتفت حولها متجهه الى يزن لكي تعطيه الهاتف، ففوجئت بوالدها واشقائها يخرجون من باب منزلهم الخارجي متوجهين ناحيتهما. عبدالوهاب بترحاب : يا أهلا وسهلا بيك يا أبني لازم تتفضل تنزل تتعشى معانا. اسرع يوسف بالتوجه لشقيقته يطمئن عليها أثناء حديث والده مع يزن. يزن : أهلا وسهلا بيك يا عمي، بس اعذرني أنا مش هقدر انزل دلوقتي عندي شغل تاني متأخر ولازم أمشي. عبدالوهاب باصرار : ابدا بالله ما هيحصل دي الحاجة مجهزة الأكل من بدري. يزن بأصرار : بس يا عمي اعذرني ظروفي متسمحش. توجه يوسف ناحيتهما بعد أن أطمئن على. رغد : مفيش بس يا استاذ يزن هتنزل يعني هتنزل ده أمر ملكي واتاخد بيه فرمان كمان وبيني وبينك كدا في رقاق باللحمة وورق عنب وبط معمول عليهم حظر تجول فوق ومش هيفكوا الحظر ده غير بوجودك يرضيك تنيمنا من غير عشا ولا حتى غدا. ضحك يزن على مداعبة يوسف : أيه ده رقاق وبط ومحشي أنت كدا جيت على نقطة ضعفي. يحيى بمزاح أيضًا : مش لوحدك يا هندسة دول نقطة ضعف الشعب المصري كله أن لم يكن العربي كمان. ياسين : وعشان كدا لو منزلتش بالذوق هنضطر نشيل حضرتك لغاية فوق قولت ايه. يزن : وانا رفقتًا بكم مضطر اطلع معاكم. يوسف : الحمدلله رحمتنا من شيلك أنت تعرف أن بابا فوق قال لينا لو مرضيش ينزل معايا شلوه طلعوه فوق بالعافية. عبدالوهاب: فعلا أنا امرتهم بكدا. يزن : لأ خلاص يا عمي أنا طالع على رجليا أحسن. عبدالوهاب بسعادة : يلا بينا بسرعة الأ الواحد عصافير بطنة بتصوصو. ضحكوا جميعًا على مزحة والدهم احتضن عبدالوهاب رغد بذراع وامسك بالاخرى يد يزن وكأنه يخشى فراره، جلس يزن وسط عائلة رغد يتناول الطعام معهم في بساطة متناهية دون تكليف، جعلت مذاقه وكأنه انزل من الجنة، ظلت رغد تسرق النظرات خفية ليزن تنتظر أن يبادلها تلك النظرات لكن دون جدوى، وبعد فترة من التسامر بحميمية مع عبدالوهاب وعائلته استئذان يزن بالأنصراف مع وعده لعبدالوهاب بتكرار الزيارة مرة أخرى بل مرات عدة أن سمح وقته بذلك.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD