الجزء الثالث (3)

1207 Words
الفصل الثالث هدأت الأمور نسبيا في منزل رغد بعد أن تجنبت فتحية كل قول ممكن أن يثير غضب عبدالوهاب ويجعله يفقد اعصابه مجددا، تعافى عبدالوهاب كليا بعد أن ظل اسبوع بفراشه لا يقوى على القيام بشئ ورجع لمزاولة تجارته بمساعدة أبنائه الثلاث وبعض العاملين لديه، قبلت رغد في كلية الآداب بعد أن ظهر تنسيق مرحلتها وانتسبت بالفعل لجامعة محافظتها الاقليمية، وبدأت تعد نفسها لبدء مرحلة جديدة في حياتها ولكن ما لم تعلمه رغد أن تلك المرحلة ستكون أهم مراحل حياتها على الاطلاق ففيها أحداث جذرية ستقلب حياتها رأسًا على عقب، بدأ العام الدراسي الجديد وذهبت رغد برفقة أخيها ياسين الطالب بالفرقة الخامسة كلية الصيدلة إلى الجامعة لكي يكون دليلها في بداية العام، عرفها على مكان كليتها واحضر لها جدول محاضرتها ثم تركها هناك وذهب ليستعلم عن جدوله ايضا، تعرفت رغد على عدة فتيات معها في الفرقة الأولى وجلست معهم بكافية الجامعة تنتظر أنتهاء ياسين لكي يعودا سويا مرة أخرى لبلدتهما. استقلا ياسين ورغد سيارة أجرة (ميكروباص) من عا**ة محافظتهما إلى مدينتهما، لم تعي رغد لتلك العيون المسلطة عليها من سائق السيارة وهو ينظر عليها في المرآه الأمامية كل بضع دقائق، وهى تبادل ياسين الحديث حول مواعيد ذهابهما. ياسين : أنتي كدا خدتي مواعيدك وعرفتيها وخليكي متابعه عشان لو الجدول اتغير. رغد بملل : حاضر بس كان نفسي يبقى مواعيدنا زي بعض ونروح ونيجي سوى. ياسين : وأنا كمان كان نفسي بس اللي حصل وبعدين كدا احسن عشان متربطيش روحك بيا أنا كليتي عملية وفيها محاضرات كتير دا غير العملي وساعات بضطر ابات عند حد من صحابي لو لقيت روحي هتأخر في الرجوع بالليل. رغد : ماشي ربنا يوفقك يا حبيبي وأن شاءالله تبقى احسن واشطر دكتور صيدلي في الدنيا كلها. ياسين بابتسامة : تسلميلي يا حبيبتي وان شاءالله تبقى اشطر دكتورة نفسية دا بعد ما تحضري دكتوراة في تخصصك. رغد : أن شاء الله بتمنى ده. أيام تمر تليها أيام بدأت رغد تعى لذلك الشاب الملاحق لها ب**ت فقط نظرات يرسلها لها تبعثر داخلها لا تعلم من هو لكنه تقريبا متواجد في كل سيارة تذهب بها الى جامعتها، حتى أنها لاحظت تبادله مع سائقين عدة سيارات لكي يقود هو، احست رغد أن ذلك الشاب يتتبعها هى دونًا عن غيرها، فشعرت بالخوف وأخذت حذرها منه لعله مريض نفسي يريد أذيتها، لكن سرعان ما نفضت تلك الفكرة عن رأسها نظرا لقوة ذلك الشاب الجثمانية وتمتعه بمظهر لا يليق بمريض نفسي، اسرت ال**ت حتى ترى ما الذي يريده منها، في ذلك الوقت تأزمت المشكلات حول والدها وزادت الاقاويل عنه، وبدأ يوسف ويحيى بالخروج عن شعورهما وكاد يتسببان بحدوث اكثر من مشكلة لولا حكمت عبدالوهاب ورزانة عقله في السيطرة عليهما والخروج من كل مشكلة بسلام، وما زاد الوضع سوء هو ترشح أحد أفراد عائلة البهنساوي لمجلس النواب فتقدم بطلب رسمي لقسم الشرطة بوضع عائلة عبدالوهاب الهلالي تحت المراقبة، كي لا يقوم أحدهم بفعل متهور يودي بحياته للموت ونظرا لقوة صلته بشخصيات مهمة بالدولة جاء الأمر منهم بالموافقة على وضعهم تحت المراقبة، كأنهم هم الجناة وليس المجني عليهم. في صباح احد الايام استعدت رغد للذهاب إلى الجامعة وبعد روتينها اليومي مع عائلتها ووالدها ودعتهم وذهبت بطريقها، وصلت إلى مكان تجمع السيارات وجدت سيارة ينقصها فردا واحدًا همت بالركوب بها لكن اعتذر منها سائق السيارة أن المكان محجوز لأحد أقربائه وطلب منها أن تصعد بالسيارة التي تليها، انصاعت رغد لطلبه وذهبت للسيارة الأخرى التي وجدتها فارغة صعدت وركبت بالخلف كاعادتها وانتظرت بها لحين المغادرة، لاحظت رغد أن سائق السيارة الأخرى ينادي على أحد المارة يسأله عن وجهته حتى يكتمل العدد بسيارته، استغربت كثيرًا فعلته فلماذا رفض صعودها وادعى أن المكان محجوز لأحد أقربائه، زال استغرابها حين لمحته يأتي من بعيد متوجهًا ناحية سيارتها ذلك الذي يصر على ملاحقتها ب**ت مقبع، اجفلت منه خيفه وارتعش بدنها ونهضت من مكانها تسارع للخروج من السيارة، وما أن همت بالخروج حتى وجدته يقف عند الباب يسده عليها، زاد ارتجافها وتضاعف خوفها وجلست على المقعد خلفها، تمالكت نفسها وقررت مواجهته بقوة. رغد : ممكن حضرتك تبعد شوية عشان انزل. السائق : ليه. رغد بحنق: افندم ايه اللي ليه. السائق : عايزه تنزلي ليه كلها دقايق والعربية تحمل ونطلع. رغد : وأنا مش عايزه اسافر بالعربية دي. السائق : ليه هى العربية دي مزعلكي في حاجة.. رغد بحدة : ممكن حضرتك تبعد عشان معملش ليك مشكلة. السائق : عايزه تعملي مشكلة اعملي أنا مش همنعك بس مش هتنزلي من هنا. رغد بخوف : افندم أنت أتجننت وبعدين أنت مين وعايز مني أيه. السائق : متخافيش أنا آخر واحد ممكن تخافي منه وصدقيني أنا عايز مصلحتك.. رغد بحدة : يعني ايه هتحبسني هنا هتأذيني ولا هتعمل فيا ايه. السائق بثقة : لو أنتي مصدقه نفسك واللي بتقوليه اتفضلي أنزلي مش همنعك، بس عايزك تعرفي حاجة واحدة أنا بحميكي من أي حد ممكن يتطاول عليكي او يفكر يعا**ك حتى، واظن أنتي ملاحظه متابعتي ليكي. خفق قلب رغد عندما تأكدت ظنونها : يعني ظني صح أنت ماشي ورايا بقى، طيب ليه وعايز مني ايه. السائق : في البداية المفروض نتعرف الأول أنا يزن المنصوري. نظرت له رغد ب**ت ولم تبدي اي أنفعال. يزن : وأنتي رغد الهلالي صح. رغد: والمفروض بقى اطمن كدا و أمنلك لمجرد أني عرفت أن أسمك يزن المنصوري مش يمكن ده مش أسمك اصلا وبعدين أيه يعني يزن المنصوري تطلع مين ملاك نازل من السما ولا أمين شرطة أسم الله. لم يتمالك يزن نفسه وضحك من قولها: حاجة زي كدا وبعدين أنا متعرضتش ليكي بأي كلام أو فعل يخليكي تخافي مني و عمري ما حاولت أنفرد بيكي خالص وكدا كدا مش بطلع بالعربية فاضية بيبقى فيها ناس من بلدك أنتي عرفاهم كويس يبقى خايفه مني ليه. شردت رغد لحظات في تلك الضحكة صاحبة الغمازات التي سلبتها أخر مقاومة لديها وقد بدأت تقتنع بكلامه قليلاً : وأنت مين اصلا عشان اخاف منك متقدرش تعملي حاجة دا بابا وأخواتي كانوا محوك من الدنيا كلها يزن: أنا مش هرد عليكي عارفه ليه عشان عارف أنك بتقولي الكلام ده بتشجعي نفسك بيه عشان متظهريش ضعيفة قدامي بس أحب اقولك حاجة أنا عارف أنتي مين وبنت مين وعارف أنك أنسانة مؤدبة ومحترمة وقيمتك غالية وصدقيني أنا عمري ما هتعرضلك بأي أذى. همت رغد بالكلام لكنها وجدت مجموعة من الفتيات والرجال من بلدتها يهمون بصعود السيارة، أطمئن قلبها قليلا و**تت حتى لا تثير بلبلة حولها، نظرت ليزن الذي اشار لها بعينه كي تعود لمكانها مرة أخرى، قامت من المقعد بالمنتصف ورجعت لمقعدها المعتاد في آخر السيارة بجوار النافذة، دقائق وأنطلق يزن بالسيارة، أرغمت رغد نفسها على عدم النظر للمرآة حتى تتجنب نظراته المخجلة لها الإ أن فضولها دفعها للنظر ناحيتها لتجد تلك العيون تطلق سهام اعجاب تصيب قلبها في مقتل، ابتسم يزن بتحدي وكأن نظرتها اثبتت له مدى تعلقها به، خجلت رغد واحمر وجنتيها ادارت وجهها سريعا باتجاة نافذة السيارة تنظر للطريق وبقيت هكذا حتى اوقف يزن السيارة بعد أن وصل لوجهتها، نزلت رغد من السيارة مسرعة لحقها يزن بنظراته وابتسم من شدة خجلها وارتباكها فتحدث عاليا يزن : أن شاء الله محضراتك هتخلص ٢:٣٠ ٣بالدقيقة هتلاقيني واقف هنا. اسرعت رغد تهم الخطى قبل أن تفقد وعيها من ذلك المتطفل الجرئ، صاحب أجمل نظرات خ*فتها من عالم الهدوء إلى عالم مليئ بالعذاب محلى بنكهات لذيدة تجعلها تتذوق ذلك الاحساس المهلك لمشاعرها والمذيب لقلبها بكل حب وطواعية، اصبحت رغد شاردة معظم وقتها تفكر فى ذلك المقتحم الذي قلب حياتها رأسًا على عقب وتركها تتخبط بظلمتها وتأنيب ضميرها فهى تعرف بقرارة نفسها أنها مخطئة هى تخون ثقة اهلها بها بالتفكير به، استجمعت شجاعتها الواهية وقررت بينها وبين نفسها عدم التمادي اكثر من ذلك في التفكير به فهى بالكاد اقنعت روحها أنها لا تكن له أي مشاعر هى فقط تنجذب لنظراته المحبة وعليها الحد من ذلك الانجذاب.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD