الجزء الـ 1: ما الذي... ؟
ممسكا بمضلته الشفافة، جالسا على احدى الكراسي في الحديقة العمومية، واخذ يراقب من بعيد ذلك المنزل في آخر الشارع.
توقفت سيارة فخمة من نوع "بوشيه" ذات هيكل أ**د قرب ذلك المنزل الفخم، تزامنا مع ذلك، دلفت من بوابته الحديدية فتاة شابة في العشرينات من عمرها، كان من السهل له ان يرى بوضوح ملامحها الجذابة التي جعلت كل أركانه تنصب نحوها قبل ان تختفي عن نظره بعدما ركبت السيارة وثم انطلقت مسرعة لوجهتها.
...
بدأت السحب تتكثف وتتجمع اكثر في السماء، وتساقطت الامطار بغزارة على مدينة زوكابار، وقد اضفى ذلك الجو في الخارج طابعا كئيبا قد اثقل راحة الفتاة بينما كانت تحدق عبر نافذة السيارة.. فوجهت انتباهها نحو مجموعة من الرسائل بجانب مقعدها قد تلقتهم مؤخرا من عشاقها الذين لا ينفكون عن التودد اليها بشتى الطرق..
وبينما هي تقلب في الرسائل لاحظت ضرفا أ**د كان يبدو مريبا جدا من ت**يمه وبساطته، ففتحته لتجد بداخله صورا قد التقطت لها في أماكن مختلفة، وصورا لمنزلها ولشقتها وحتى لحمامها الخاص.
مزقت الفتاة الصور مباشرة وتأففت محدثة نفسها
: -"مجددا، الى متى سيستمر هذا المخبول بإزعاجي.. منذ شهر بدأت في تلقي هذه الرسائل منه، دون ان يوضح ما يريده مني.. ربما يكون من بين الأشخاص الذين رفضتهم ويحاول جلب انتباهي نحوه.. لكن بسبب هذا الهراء لم اعد اخرج كثيرا، وبت اتنقل في السيارة طوال الوقت خوفا من ان يلاحقني وحتى انني جعلت والدي ينتقل بنا من منزل الى آخر، كما وضفنا المزيد من الحراس، وأبلغنا الشرطة عن تهديداته لكن لا يبدو ان أي من هذا سيتوقف قريبا.. آآآه يا إلاهي.. الى متى سيستمر بهذا؟.. هذا مزعج جدا.. أشعر كأنني في سجن."
..
في تلك الاثناء لاحظت الفتاة ان السائق يتجه في طريق غريب لم تعهده، حيث كان يمر بأزقة قديمة وشبه خالية من المارة.. فخاطبت السائق في استغراب
: -سيدي.. اخبرتك انني سأذهب للمدينة لمقابلة الأداء في القاعة الكبرى، انت تمر بالطريق الخاطئ.. سـ سيدي.. هذا ليس الطريق الذي اعتدت على المرور عبره.
لم يرد عليها السائق بأي شيء ليعتريها شيء من الخوف والارتياب، ثم قالت له في ارتجاف محاولة الحفاظ على هدوئها
: -سـ سيدي.. هـ هل كل شيء على ما يرام؟!
: -... يا لك من مزعجة.
مع تلك العبارة التي اطلقها في هدوء، ادركت حقيقة ان السائق ليس الشخص الذي تعتقد انه يكون..
ففزعت وبسرعة اخذت تحاول فتح الباب ولكن وبعنف شديد داس السائق على دواسة البنزين ما جعلها ترطم بمقعدها وأقفلت جميع أبواب السيارة..
نظر نحوها بملامح حادة ما جعلها تتجمد مكانها من شدة الخوف واخذت دقات قلبها تتسارع بجنون حتى شعرت انه سوف يخرج من حنجرتها ولم تتحرك او تحاول إيقافه بأي شكل من الاشكال...
..
توقفت السيارة عند احد البنايات المهجورة، وما ان فتحت اقفال الابواب حتى دلفت الفتاة من السيارة وركضت بسرعة دون أن تحدد وجهتها، لكن السائق كان اسرع منها، فأمسك بها من يدها وسحبها بقوة، ولم يبقى لها أي مفر إلا ان تصرخ وتستنجد عسى ان يسمعها احد ما لكن حتى مع توالي صرخاتها اليائسة لم تتلقى أي مغيث..
كان الشارع مقفرا ومظلما ويسود في أرجائه صفير للرياح وهديل للرعود، خاويا كأن ما من احد يسكنه او قادرا على انجادها من قدرها المحتوم.
...
احتجزها السائق في احدى الغرف في تلك البناية المهجورة بعدما سلبها من كل ممتلكاتها وقيدها من يديها وأوصلهما بأنبوب معدني مثبت على الجدار، كانت الغرفة باردة حيث كانت هنالك فتحات كثيرة في الجدران، وقذرة اذ كانت رائحة المكان كريهة والصراصير والجرذان تمر من حولها في مشهد ارتعبت منه..
هذا مخيف بالفعل، اوليست هي تلك الفتاة التي عوملت كأميرة، تتناول ارقى أنواع الطعام، تجلس في افخم الأماكن وتضع رأسها على انعم المخدات وحولها كل أولئك الخدم، لا يرفضون لها أمرا ويحظرون لها ما إشتهت، فهل النعيم يدوم بدوام الحال...
في تلك الاثناء اقترب منها السائق ووجه نحوها عدسة الكاميرا ثم التقط لها مجموعة من الصور وثم أخرج الأشرطة التي طبعت عليها صورها فوضعها في ضرف أ**د ليقول لها بعد ذلك
: -هذه الصورة سأرسلها لوالدك، لنأمل انه سينجح في اخراجك قطعة واحدة..
ثم ابتسم بسخرية ليردف بعدها
: -تبدين يائسة جدا، هل ستكونين بخير حتى يصل السيد البطل المغوار من اجل انقاذك؟
بكت الفتاة وقالت له في انزعاج شديد
: -لماذا؟ لماذا تفعل بي هذا؟.. لم افعل لك أي شيء ! .. لا تظن انك ستنجو من هذا أيها...
فاقترب منها اكثر حيث سطع على وجهه النور الذي يمر من احد الثقوب في الجدار، كان السائق شابا في السابعة والعشرين، ذو لحية خفيفة، وعينان ضيقتان يعلوهما الحقد والغضب
: -انت لا تذكرينني بالطبع، اليس كذلك يا إِيمَّا؟
...
(يتبع)