الفصل الأول
الرواية من تأليف الكاتبة إيمان المغازي غير مسموح نقل او اقتباس اي جزء منها غير بموافقة منها
الاحداث كاملة من خيال الكاتبة ولا صلة لها بالواقع
كيوسف حين عوقب على ذنب لم ت**به يداه وحمل الذئب وزر اخوته عوقبت هى على ذنب لم تقترفه بأيدي من احبت فانزلها من علايتها ونزع عنها ثوب عفتها كعقاب منه لها على ما لم تفعله
في الرواية دي هنتكلم ان رغم اختلاف الثقافات سهل جدا أنه البنت تحافظ على عادات وقيم دينها وبيئتها اللي خرجت منها حتى لو عاشت ببلد آخر بعيدا كل البعد عن وطنها هتفضل نقية دون تلوث وازاي بنفس الوقت ممكن تكون بنت عايشة في وطنها وسط عادات وتقاليد تض*ب بيها رض الحائط لتقلد مجتمع لا ترى منه غير قشور وتفاهات، تفاهات كفيلة تحولها من نبتة صالحة لأخرى سامة تقتل كل ما يلمسها وتضر بمن حولها
الشخصيات
أوس ذلك الشاب القوي الذي بدأ معه شعور براءة بالحب فقد كان هو أول من دق باب قلبها الذي غلف ببرودة ألمانيا لسنوات، لا يعلم بحياته غير عمله، شركات وعائلته الصغيرة حيث ش*يقته الصغيرة المتمردة ووالدته تلك السيدة المحبة للحياة نقية القلب ووالده ذلك الرجل العملي الذي لا يتحدث غير بلغة الأرقام
براءة تلك الرقيقة القادمة من بلاد العجم بقلب نقي كالثلج مقبلة على الحياة بروح حلوة تتمنى أن تظل بجوار عائلتها التي لا تحوي غير والدها ذلك ال*قل الإلكتروني الفذ وش*يقها الأكبر الطبيب المرح
وعائلة أخرى الفساد عنوانها والتفكك وصف اف ادها حيث النقود هي الرابط الوحيد بينهم وحب الملذات هو شأنهم
الياس ذلك الشاب الوحيد الذي يسعد بعودة صديقة طفولته مرة أخرى له لتكون اخيرا زوجته رغم ما مر بها فهل سينجح بمداواة ما لحق بها من أذى ام انه سيكتفي بالتواجد حولها فقط ليطبب جرحها الدامي؟
ايمن ذلك الطبيب الضاحك الذي تختفي ضحكته لتكون مجرد ذكرى كما حال الكثير من الأشياء بحياته التي لم يكن له ذنب بها غير شهامته التي كلفته كثيرا
سلمي تلك الطفلة المتمردة على كل شيء صاحبة الشخصية المهزوزة هل ستجد من يقومها ام ان اعوجاجها لا فائدة من إصلاحه؟
الفصل الاول
بخطوات واثقة شقت طريقها عبر الممر المؤدى لغرفة الاجتماعات التي ينتظر بها شركاؤها المستقبليون الذين ما ان توقع معهم التعاقد حتى تصير المورد الوحيد لقطع الغيار الالمانية لمصر
برصانة ادارت مقبض الباب ودلفت للغرفة تتبعها مساعدتها الشخصية، دارت بأعينها حول طاولة الاجتماعات حيث يستقر عدد من مديري الاقسام بالشركة وعدد اخر يبدو أنهم ينتمون للشريك الذي يوليها ظهره ولم تتعرف عليه بعد
نهض المحام الخاص بشركتها وسار حتي وقف بجوارها وتولي تعريفهم بها
- السيدة بيرز
نهض من مقعده وستدار راسما الجدية بمحياه واستعد ليقابل شريكته التي ما ان وقع بصره عليها حتى اتسعت أعينه من الصدمة وعقد ل**نه
لم تتوقع ان يكون هو الشريك المتوقع، دونا عن رجال الأعمال بمصر يأتي هو لهنا
- براءة؟!
ارتبكت حين سمعت همسه الذي رغم خفوته وصل اذنيها واستقر بقلبها فجعله يرتجف كأنه واجه موجة باردة
اقترب هو كالمسحور حتي استقر علي بعد خطوات منها وحاول أن يحادثها
- براءة أنا
- سيدة بيرز من فضلك
- سيدة بيرز؟!
عقف حاجبيه للحظات حتى فطن لما حدث لقد تزوجت !!
- نعم، فأنا زوجة ألياس بيرز
نيران اشتعلت بص*ره حين سمعها وكل ما دار بخلده انها تزوجت من غيره ولم يكن زوجها غير صديق طفولتها الذي لطالما غار منه الياس
لم يفهم من حولهم ما يحدث نظرا لتحدثهم العربية، تدخل المحامي ظنا منه ان هناك مشكلة ما نظرا لملامح رئيسته وشريكهم
- هل الامور بخير؟!
- نعم، لا تقلق هلا بدأنا
تجاهلته تماما وتركته واقفا واتجهت لمقعدها على رأس الطاولة معلنة بدأ الاجتماع
عقد وقعه زوجها وتبقي أن يتفقا على بعض النقاط التي ستكون الخاتمة لاتفاقهم ويتم تدشين الشراكة بينهم
- يجب أن يضاف ان الخسارة مناصفة ولا يتحملها طرفا واحدا
باغتتهم بطلبها لكنه لم يفعل فقد سبق وتغافل احدهم عن هذا البند وفقد كل ما يملك بسببه
اعترض محاميه علي طلبها
- ولكن السيد الياس لم يطلب هذا البند في ال*قد الاساسي
ارجعت ظهرها للخلف وناظرته بجدية تنم عن تحديها له
- سيد الياس لا يعرف الاسواق خارج ألمانيا كما اعرفها أنا لذلك ...
يعلم أنها تقصده لذلك قرر الرضوخ لطلبها
- موافق
لم تعره انتباها واكملت حديثها دون الالتفات اليه حتى توصلا لاتفاق رضي الجميع وقامت بالتوقيع علي ال*قد واسرعت بالمغادرة
حاول أن يلحقها لكنها انزوت بمكتبها عن الجميع فغافل سكرتيرتها ودلف للمكتب ليجدها شاردة ولم تشعر به
- براءة
انتفضت من جلستها وهتفت به
- كيف دخلت الى هنا؟!
لم تمهله الوقت للتحدث واتجهت ناحية الباب تطالبه بالمغادرة
- تفضل
براءة يجب أن نتحدث
- ليس هناك ما نتحدث بشأنه سيد أوس
- ولا حتي اعتذاري؟!
التوت شفتيها بابتسامة ساخرة
- اعتذار؟! حقا ؟! ما فعلته لن يمحيه كلمة اعتذار أوس
ندم ظهر جليلا بعينيه لكنها غضبها اعماها عنه فلم تر الا ما سبق وفعله بهم
- اعتقد أن كل ما بجمعنا الان هو العمل وسأحرص علي ألا نتقابل ثانية كي لا انهي هذه الشراكة بنفسي
قوة غطت علي رقتها التي لا طالما تمتعت بها تورات خلف صلابة اكتسبتها بفعل سنوات عانت بهم من ظلمه وما **بته يداه
غادر مكتبها دون ان يزيد حرفا واعدا نفسه انه سوف يبين لها حقيقة الامور حين تهدأ قليلا فما حدث بينهم ما كان لتمحيه بضع كلمات يقولها فالأمر يحتاج ما هو أكثر من ذلك وهو سينتظر الوقت المناسب كي ينهي الأمر
أغلق هاتفه بعد أن تأكد من انتهاء الاجتماع الذي خطط له منذ زمن، يعلم انها ما كانت لتواجه ماضيها وحدها وماكان لتفكر به لكنها مهمته هو وهو من يجب عليه أن يفعل فكما صارت زوجته يجب عليه أن يصحح ما عانت منه صغيره بسبب جرح قديم مازال ينزف بقلبها حتى ادماه
تناول هاتفه مرة أخرى واتصل بصديقته التي لطالما لجأ لها
-سارة يجب أن تأتي الآن قبل عودة براءة هناك ما يجب أن أخبرك اياه
أغلق الهاتف وتن*د مرجعا راسه للخلف متذكرا ذكرياتهم معا منذ تعرف ببراءة وش*يقها وصديقته سارة وريما، أخوة رغم اختلاف اعراقهم وديانتهم بل وشخصية كل منهم لكنهم ظلوا على علاقة وطيدة بعضهم البعض رغم كل تلك السنوات، غادرتهم لفترة حين عادت لونها وما لبثت وعادت مرة أخرى بصحبة والدها وش*يقها وكم اختلف وضعهم فقد غادروا مرحين بأكمل استعداد لبدأ حياة جديدة بوطنهم لكنهم عادوا مدمرين لا يعلمون كين سيعيشون واقعهم وكيف سيسيرون أتجاه مستقبلهم.
انهارت على كرسيها حين فشلت ساقيها بحملها اكثر من هذا وراحت دموعها تجرى منفسه عما بص*رها
ذكريات توالت علي عقلها ذكرتها بمن هو أوس البهي الرجل الذي حطم قلبها بقبضة غضبه واطاح بها لتعود من حيث أتت بماض ملوث ومستقبل غير مضمون
فلاش باك
بتذمر سحب الحقائب الثقيلة صوب السيارة وهو لا يصدق أن اخته تركت شيئا في هذا البلد ولم تأخذه معها. راقبه والده السيد محمد من تحت نظارته الطبية والبسمة تملأ محياه وهو يتحسس رائحة مصر الحبيبة من بعيد. هو رجل ستيني ذو هيبة ووسامة جذابة رغم ما أكل منه الدهر.
فأخيرا بعد غربة ثلاثون عاما سيترك ألمانيا، هذا البلد الذي احتضنه فور تخرجه مهندسا للاتصالات في بلده. لم يحتاج لتدخلات أو أقارب على مستوى عال يسندونه، وحده نجاحه الجامعي كان كفيلا لقبوله وسفره. تزوج بعد ذلك حب حياته لكن سرعان ما رحلت إلى بارئها تاركة له أيمن وبراءة.
ذكريات اليوم الأول والثاني والمئة ثم الألف راحت تداعب خلايا ذاكرة السيد محمد وهو قابع عند مدخل بيته ذي الطراز الغربي ليستيقظ على لمسات حنونة تداعب وجهه
- ما بال الحبيب شاردا ؟ أيمكن أن تكون قد تراجعت عن قرارك في العودة نهائيا لمصر ؟؟
ابتسم لها محمد بحنو بالغ وجابها بشوق حقيقي
- أبدا وكلا يا ابنتي ! هذا ما انتظرته لسنين وما زاد فرحي أنك وأخوك ترافقاني رغم ما بنيتماه من حياة هنا.
تدخل أيمن ضاحكا ومشا**ا لش*يقته
- لا تقلق يا والدي، عند وصولنا هناك قد نجد حتى جارنا السيد "ويم" يخرج من إحدى حقائب براءة. فلتفادي اشتياقها لهنا ملئت حقائبها حتى صار وزنها أطنانا.
عكفت براءة يديها أمامها ورافقتها بنظرات غاضبة فبدت كطفلة متذمرة وجاهزة للهجوم في أي لحظة. هي فتاة لها من العمر تسعة عشر عاما، ممشوقة القامة، بشرتها بيضاء الملمس بملامح أبدع الخالق في رسمها. زادها غموضا شعرها الأ**د المسدل كشلال في ليلة صيفية ع** ماؤه الظلمة فحال العطشان على إدراكه لولا خرير مائه.
أمام استهزاء أيمن وضحكه وجب عليها الدفاع عن نفسها كي لا ترضخ لتسلطه فقالت بكل ثقة
- نحن نتحدث عن عودة نهائية وليست سياحية فحملت معي ما استطعت من ذكريات الماضي التي قد أحتاجها.
بدون تفكير جاء جواب أيمن قالبا عينيه للسماء ومغيرا حركة فمه باستهزاء
-وطبعا لم تنسي أيضا الحاضر والمستقبل والسيد "ويم".
قرر والدهم إنهاء هذا الجدال الذي إذا ما بدأ لن ينتهي بسهولة وقد يفوتهم رحلتهم
-يكفيكما إغاظة لبعضكما ولنسرع قليلا حتى نرحل.
أنهى الجميع وضع الحقائب في السيارة ليغلق السيد محمد باب المنزل مودعا بنظرات مسرورة غير نادمة.
ثم راحت السيارة تطوي الأرض طيا في اتجاه المطار مبتعدة بهم عن حياة ألفوها ومتجهة بهم لأخري لا يعلمون عنها شيئا غير تمنيات والده بإحياء ماضيه بوطن لم يسبق لهم ورأوه
********
"المسافرون على متن الخطوط المصرية في الرحلة رقم 788 الرجاء التوجه للبوابة الأولى"
حث النداء السيد محمد وولديه للإسراع في اتجاه بوابة العبور الأولى ليفاجئوا بشاب وبنتين ممسكين لافتة عريضة مكتوب عليها
"سنشتاق لك براءة، فلا تنسينا"
انهمرت دموع براءة أنهارا سقت خديها الوردتين أما ل**نها فقد عجز عن الكلام حتى احتضنتاها البنتان وتأثر الوداع باد على محياهما.
فحين تتجاوز الصداقة الأماكن والزمان يصبح **رها مستحيلا، كذلك كانت علاقة براءة مع أصدقائها؛ سارة، ريما وإلياس
سارة فتاة شقراء ألمانية أبا عن جد كانت أولى صديقات الطفولة ولم تترك براءة رغم تباعد طرق حياتهما.
وريما فتاة قمحية من أصول عربية تعارفهما كان في الجامعة وتطورت علاقتهما لتصبح أعمق من انها مجرد زميلة دراسة.
أما ألياس فكان لها الصديق، الأخ والناصح، هو شاب وسيم من أصول مصرية، تغرب جداه بحثا عن ظروف أفضل كحال السيد محمد. تعرفت عليه براءة منذ سنوات خلال الحفل السنوي لدار المغتربين المصريين.
ثم تعرف الثلاثي على بعضهم لتجمعهم أيقونة مشتركة هي براءة ويصير الأربعة على درب واحد معا إلى اليوم.
تعالى صوتها المهتز من أثر تأثيرها برؤيته بهذه اللحظة
-ألم أخبركم أن لا رغبة لي بلحظات الوداع؟
**ت الجميع دون أي إجابة لغصة حالت بينهم وبين إطلاق العنان لكلماتهم. أراد أيمن أن يسرع وداعهم قائلا
- لو سألتموني قبلا لكنت أحضرتها باكرا فالطائرة على وشك الإقلاع ولا وقت لنا لإسكاتكم وإسكاتها فيما بعد.
فقالت سارة بعد أن عبثت العبرات على خديها فاحمرت
- جئنا كي نقول لكم إلى اللقاء فالوداع ليس له مكان بيننا. سنلتقي براءة وسنحيي ما مضى.
أيدت ريما حديث سارة والشهقات لم تفارقها في حين أضاف ألياس قائلا
- نحن معك دائما كما كنا وما جمعنا وحده الله وقدره يفرقه. سنأتي لزيارتك في أقرب فرصة نعيد اجتماعاتنا فلا تنسينا.
علا صوت براءة وزادت في احتضان أصدقائها فطال الحضن المبتل بينهم بدموع أبت أن تنضب وزاد الشوق من قبل أن يبدأ حتى قطع وداعهم السيد محمد حاثا براءة للتقدم ودخول الممر معهم كي لا تفوتهم الرحلة.
دقائق وافترق الجميع على أمل لقاء قريب بعد أن ودعتهم براءة بشتى أنواع عبارات الشوق والفقد لتختفي رويدا رويدا بين صفوف المسافرين حاملة لافتة أصدقائها بين أحضانها.
************
بأحد احياء القاهرة الحديدة حيث يقبع قصر البهي اجتمعت عائلة رشدي البهي لتناول وجبة الافطار معا كما اعتادوا
- هل ستصحب أوس برفقتك؟
لفتت والدته انتباهه حين سألت والده عن ذهابه معه لمكان ما
- ألي اين؟!
اجابه والده بعد ان ارتشف بضع قطرات من كوب العصير الموضوع امامه
- لاستقبال صديق لي عائد من ألمانيا بصحبة اسرته
- ألمانيا؟!
- نعم، هو بالأصل هاجر منذ زمن لكننا لم نقطع الوصل وقد ابلغني عن نيته منذ فترة وها نحن الان
لم يعر أوس انتباها واكتفي بإماءة موافقة وعاد لتناول طعامه مرة اخري
بمنزل اخر لا يقل فخامة كانت هناك عائلة من نوع اخر، عائلة مكونة من والدين، أبنة وأبن
عائلة لم يكن ينقصهم مالا ولكن النقص جاء بسيء لا عوض عنه، تجلس فتاه بيضاء بخصلات صبغت بلون احمر جريء يبين شخصية صاحبته، تحادث إحداهن بالهاتف بثقة
-لن أفلته من يدي صدقيني وإن اضطررت لجر ش*يقته معه فوليد ما زال على عهده معي
استمعت لرد صديقتها وما لبثت وضحكت بسخرية
-لا يوجد زاهد لا زلة له عزيزتي خاصة حين تكون الف*نة بالنساء
مكر يحاك لا علم لأحد به ولا يُعلم لمن يحاك فكيد النساء لا حدود له خاصة إذا ما نزعن ثوب الفضيلة وارتدين ثوب الإغواء
لفحت الشمس الحارقة وجوههم فور خروجهم من باب مطار القاهرة الدولي. راح السيد محمد يجوب بعينيه هنا وهناك بحثا عن أحدهم.
- يا مرحبا يا مرحبا! زادنا نور على نور بقدومك يا صديقي العزيز.
ضحك أيمن مجيبا بهمس
-أظن النور قد زاد حتى حرق وجوهنا.
نهره السيد محمد بنظراته ليجيب الرجل المقبل ناحيتهم
- صديقي الغالي رشدي لي شوق كبير لك وللوطن الحبيب.
تعانق الاثنان بحرارة وتواصل حديثهما بالسؤال عن الأحوال حتى تنحنح أيمن ليستدرك السيد رشدي حديثه
- ما شاء الله وأي جمال أشرق بمصر حين أتت إليها براءة.
بخجل أطرقت براءة رأسها حتى يجيب أيمن بتذمر
- وأنا أيمن وأظن من الأفضل الذهاب للبيت حالا قبل أن ينشب حريق هنا من ضيائي.
تعالت الضحكات بينهم ووحدها هي سلبت عقله وهو ينظر لهم على بعد بضع أمتار بعد أن رصف السيارة في مكان غير بعيد.
رآها ملاكا بعثت بسمتها راحة على قلبه الصلب فصار هشا قابلا للهدم بعد أن كان هو الهادم. سار بخطوات رصينة عله يهدئ من انجذابه لها الذي اعتبره شاذ عن مشاعره الرصينة ويجمع قوته بذكائه ولا يخر قتيلا من أول جولة.
لمحه السيد رشدي فعلق قائلا
- أعرفكم على ابني أوس صاحب شركة البهي للاتصالات
هيبة اطلت عليها فحبست انفاسها للحظات، لم تكن ممن يف*ن بمجرد رؤيتهن لرجل وسيم، لكنه ليس كذلك هو رجل ذو هيبة احاطت بجسد مثالي ووجه خلقه الله ليليق بهيبة صاحبه
اعين حادة حالكة السواد، فم متشدد يستقر تحت أنف شامخ يتوسط وجه بيضاوي حدد بذقن خفيفة زادته وسامة
هربت بأعينها منه خشية ان تفضحها نظراتها اتجاهه وراحت توبخ نفسها فمنذ متي كانت تتفحص الرجال كما فعلت الان ؟!
ربما ما رأته من هيبة الرجل الشرقي تتلخص بشخص من يقف أمامها فتذكرت ابياتا من الشعر تكاد تصفه تماما
للـــطيب مـــواقف وللــمرجلة رجاجيل … وللخيل فـــرسانها فــي ســاعة الشدّة.
وللبيوت أمــراس وللــقهوة الفنجاجيل … على مضايف نشامة لـــها رجـالٍ تعده.
حنا هل المواقف مواقف الشهم الأصيل … يشهد لنــا السيــف ويشـهد لنا حـده.
حنا نخــاوي الدنيا خـــوة نـجوم اللـيل … عــد الـــنواظر ما طـــاوعتــنا بـــعــدّه.
حنـــا الــنشامة يشـــــهد لنا دمٍ يسيل … نحر الذبـــايح دوم ساعة اللين والشده.
حنــا النشامة وتشهد لنا سروج الخيل … ســـروج الركايب فـــزعة اللي نــوده.
حنـــا النشـــامة تشـــهد لـــنا الفناجيل … نســـهر لها ما حــنا مــكبّرين المخدة.
حـــنا الــــنشامة وتشــــهد لنا التعاليل … علي الخــوة تربينا وعلى حب ومودة.
حنا النشامة عند المرجلة فزعة رجاجيل … حنا على الميدان سيــلٍ لا طــــم ما تهدا.
حنا النشامة هـــل المــــــواعين المثاقيل …. هل دلالٍ عامرة ما طفى نارها ولا هــدا.
حنا النشامة كرام ما نعد الشات الهــزيل . . نقدم المــيسور لو طال الزمـن ونـــــمده.
لا مال الزمن بالردي ما تنفعه التــهاويل … ولا تنفعه ثـــروة أبوه ولا قـــروش جده.
وش حيـــاته شيـــخٍ ايـــدينه مــــكابـــيل … يشـــوف العـــفن متـباهي وما يقدر يرده.
حنا النشامة وتشهد لنا مواقف الف جيل …درب الوفى نمشيه ونهاب دروب الردى.
حنا النشـــامة فـــزعة المضيوم الدخيل … هقوة الند بالند ويا زين الهــــقاوي بندّه.
توجهت لجامعتها كما اعتادت كي تنظم جدولها قبل بدأ الدراسة، بملابسها الهادئة المكونة من سروال فضفاض وجاكيت مفتوح اللون الاسود وقميص ابيض من تحته، تاركة خصلاتها ال**تنائية القصيرة ترتاح على ظهرها معطية لها مظهر شبابي جذاب دون ابتذال خاصة وعينها العسليتين يشعان بطفولة لا تخفي على من ينظر لها، فتقابلت هناك بصديقتها دنيا الرشيدي التي حضرت بالطبع برفقة ش*يقها الذي يعتبر اثقل من خلق الله علي قلبها، رغم قربها من دنيا وتعاملها مع كأخت لها بل وأحيانا تنفذ ما تخبرها به دنيا دون تفكير فكانت تقع تحت سيطرته بالكامل إلا انها لم تستطع ان تتقبل ش*يقتها الفظ ذلك
-دنيا؟!
قبلتها دنيا بود وهي تهتف بتذمر
- اردت مفاجئتك بحضوري باكرا للجامعة كما اعتدت انت لكنني لست معتادة علي ذلك
ضحكت من صديقتها ال**ولة التي لا توفر وقتا لدراستها فجل همها هو اللهو فقط
- وما الذي جبرك علي هذا؟!
- أنا
اقشعر بدنها حين سمعت صوته رغم تعمدها تجاهله ألا انه لن ينولها ذلك بالطبع!
ذم السَّفَه والحُمْق في واحة الشِّعر
قال دعبل الخزاعي:
عداوةُ العاقلِ خيرٌ إذا
حُصِّلتها مِن خلَّةِ الأَحْمَقِ
لأنَّ ذا ال*قلِ إذا لم يَرعِ
عن ظلمك استحيا فلم يخرقِ
ولن ترَى الأَحْمَقَ يُبْقِي على
دينٍ ولا ودٍّ ولا يتَّقِي (1)
وقال الشَّافعي:
يخاطبني السَّفِيهُ بكلِّ قبْحٍ
فأكرهُ أن أكونَ له مجيبَا
يزيدُ سَفَاهَةً فأزيدُ حلمًا
كعودٍ زاده الإحراقُ طِيبَا (2)
وقال ابن الوردي:
وادَّرعْ جدًّا وكدًّا واجتنبْ
صحبةَ الحَمْقى وأربابِ البخلِ (3)
وقال المتوكل الليثي:
لا تتَّبعْ سُبُلَ السَّفاهةِ والخَنَا
إنَّ السَّفِيهَ مُعَنَّفٌ مَشْتُومُ (4)
وقال مسكين الدارمي:
اتَّقِ الأَحْمَقَ أن تصحبَه
إنَّما الأَحْمَقُ كالثَّوبِ الخَلقْ
كلَّما رقَّعتَ منه جانبًا
حرَّكته الرِّيحُ وَهنًا فانخرقْ
أو كصدعٍ في زجاجٍ فاحشٍ
هل ترَى صدعَ زجاجٍ متَّفقْ
وإذا جالستَه في مجلسٍ
أفسدَ المجلسَ منه بالخرقْ
وإذا نهنهه (5) كي يرعوي
زاد جهلًا وتمادى في الحمقْ (6)
وقال آخر:
لن يسمعَ الأَحْمَقُ مِن واعظٍ
في رفعِه الصَّوت وفي همِّه
لن تبلغَ الأعداءُ مِن جاهلٍ
ما يبلغُ الجاهلُ مِن نفسِه
والحُمْقُ داءٌ ما له حيلةٌ
تُرْجَى كبعدِ النَّجمِ في لمسِه (7)
وقال سالم بن ميمون الخوَّاص:
إذا نطق السَّفِيه فلا تجِبْه
فخيرٌ مِن إجابتِه السُّكوتُ
سكتُّ عن السَّفِيه فظنَّ أني
عييتُ عن الجوابِ وما عييتُ
شرارُ النَّاسِ لو كانوا جميعًا
قذى (8) في جوفِ عيني ما قذيتُ
فلستُ مجاوبًا أبدًا سفيهًا
خزيتُ لمن يجافيه خزيتُ (9)
وقال صالح بن عبد القدوس:
ولأن يعادي عاقلًا خيرٌ له
مِن أن يكونَ له صديقٌ أَحْمَقُ
فاربَأْ بنفسِك أن تصادقَ أَحْمَقًا
إنَّ الصَّديقَ على الصَّديقِ مصدِّقُ (10)
وقال الشَّاعر:
عدوُّك ذو ال*قلِ أبقَى عليك
وأجدَى مِن الصَّاحبِ الأَحْمَقِ (11)
وقال آخر:
تحامقْ مع الحَمْقَى إذا ما لقيتَهم
ولا تلقَهم بال*قلِ إن كنتَ ذا عقلِ! (12)
وقال آخر:
فلا تودعنَّ الدَّهرَ سرَّك أَحْمَقًا
فإنَّك إن أودعتَه منه أَحْمَقُ (13)
قال الشَّاعر:
لكلِّ داءٍ دواءٌ يُسْتَطَّبُّ به
إلَّا الحماقةَ أعيتْ مَن يُداويها (14)
وقال آخر:
ما تمَّ حِلْمٌ ولا علمٌ بلا أدبٍ
ولا تجاهل في قومٍ حليمان
وما التَّجاهلُ إلَّا ثوبُ ذي دَنَسٍ
وليس يلبسُه إلَّا سفيهان (15)
وأنشد الكريزي:
تجرَّدْ ما استطعتَ مِن السَّفيهِ
بحسنِ الحِلْم إنَّ العزَّ فيه
فقد يعصي السَّفِيهُ مؤدبيه
ويُبرمُ باللَّجاجةِ (16) منصفيه
تلينُ له فيغلظُ جانباه
كعيرِ السُّوءِ يرمحُ (17) عالقيه (18)
وأنشد محمد بن عبد العزيز لموسى بن سعيد بن عبد الرَّحمن بن المقنع الأنصاري:
ثلاثُ خِلال كلُّها غيرُ طائلٍ
يَطُفْنَ بقلبِ المرءِ دونَ غشائِه
هوى النَّفسِ ما لا خيرَ فيه وشحُّها
وإعجابُ ذي الرَّأي السَّفِيه برأيه (19)
اقتباس للفصل القادم
جرى بقية تعارفهم روتينيا وهم جالسون في الحديقة الغناء مجتمعين حول منضدة قديمة الطراز. دقائق عدت ليلفت انتباه أيمن وتصدمه بعض النظرات الخاصة والغمزات أرسلتها له سلمى في غفلة من الجميع.
مما رمى في أنفاسه الريبة وجعله يتراجع إلى الخلف ساكنا محافظا على مسافة الأمان بينهما قبل أن تقع الفأس في الرأس على يد هذه المراهقة.
فجأة وقفت السيدة أمال صارخة بمرح وبعفوية عندما لمحت سيارة سوداء رياضية تدلف إلى القصر
- ها قد جاء أسدي سيسره التعرف عليكم للمرة الثانية.
ضحك السيد رشدي ثم قال مخاطبا السيد محمد
- يا صديقي هي دائما ما تناديه "أسدي" وهي من أسمته أوس ظنا منها أنه سيكون ذئبا والحقيقة أنه ذئب لا يرحم وخاصة في عمله.
منتظرة رأيكم في الرواية جداااا
دا الفصل الأول اتمنى يعجبكم وتكون عند حسن حظكم