كان الليل في النفق أثقل من أي ليل عرفه دانيال من قبل.
لا نجوم، لا قمر، فقط **ت يخترقه أنين بعيد كأنه صدى أرواح مدفونة تحت الأرض.
كان مستلقيًا على جانبه، يحدق في سقف ترابي تتساقط منه ذرات صغيرة كل بضع دقائق.
همس مع نفسه بالإنجليزية، صوته مبحوح من الجفاف:
– "Why am I here? What’s the point? Nobody cares if I live or die…"لماذا أنا هنا؟ ما الفائدة؟ لا أحد يهتم إن عشتُ أو متُّ...
لم يكن يتوقع ردًا.
لكن فجأة، اخترق الظلام صوت خشن بلكنة غريبة:
- "Point? … You are here because your army kills us." "نقطة؟ ... أنت هنا لأن جيشك يقتلنا."
تجمد دانيال.
رفع رأسه بسرعة، عيناه تتسعان كمن سمع شبحًا.
يوسف كان جالسًا في الركن المقابل، نصف وجهه مضاء بضوء المصباح الباهت.
لم يكن يحدق فيه، بل في الفراغ أمامه.
تمتم دانيال بدهشة:
– "You… you speak English?" "أنت... هل تتحدث الإنجليزية؟"
لم يرد يوسف.
أدار وجهه بعيدًا، وكأن ما قاله قبل لحظة لم يص*ر عنه.
عاد إلى **ته، يضم يديه معًا على ركبتيه، عينيه غائرتين في ظلام داخلي لا نهاية له.
مرت دقائق طويلة، لم يسمع فيها دانيال سوى دقات قلبه.
حاول أن ي**ر ال**ت من جديد:
– "I didn’t choose this… I was sent here." "لم أختر هذا... لقد أُرسلت إلى هنا."
لكن يوسف ظل صامتًا، كأنه لم يسمع.
ومع ذلك، كان ما حدث كافيًا:
الجدار الذي ظل صامدًا لأيام بدأ يتشقق.
في تلك الليلة، لم ينم دانيال.
ظل يتذكر نبرة يوسف وهو يقول: "because your army kills us"،
جملة بسيطة لكنها ارتطمت بداخله كحجر في بحيرة راكدة.
أدرك أن الرجل الذي تجاهله طيلة شهر تقريبًا، يراقبه ويسمعه… وربما يعرف عنه أكثر مما يتخيل.