الجزء الثالث (3)

1436 Words
الفصل الثالث نوى هاشم على الزواج من فتاة جارته وأخبرها بكل ظروفه ومن ضمنها حال شقيقته وأنه لن يتخلى عنها لأي سبب لأنها ليس لها إحد سواه وتركها تفكر وتقرر ما إذا كانت ستقبل بوضعه أم ستجده صعب أن تتحمله معه، وافقت الفتاة ورحبت به واعجبت ببره بشقيقته ووافقت كذلك على الأقامة معه بمنزل والده وتقاسمت مع تجهيز البيت ولم تكلفه أكثر من طاقته، لمعرفة عائلتها ب*روفه ومستواه المادي والذي كان من نفس مستواهم المعيشي، كما وافقت وأبدت استعدادها على مساعدته في رعاية هيام فهى أحبته بشدة ورضيت بتقاسم المسئولية معه، ومرت الأيام في حب ورضا بينهما ورزقهما الله بفتاة اسموها رهف وولد أسموه وليد. لم يتوانى هاشم عن مساندة أخته ورعايته لها بل وبذل قصارى جهده من أجل أن يداوم على متابعتها للطبيب كل فترة وتوفير العلاج اللازم لتهدأت حالتها، بينما أصرت والدته على الأقامة لدى أبنتها الكبرى لتبعد صفاء عن رؤية والدتها في حالة نوبتها ولتبعدها عن والدها أيضًا، وعندما أراد هاشم أثنائها عن رأيها المتعصب لأنه يضر بصفاء وحاول أقناعها بتركها ترى والدها رفضت رفضًا قاطعًا، وهددته بقطع صلتها به أن لم يلبي لها رغبتها وهى بأبعاد إبراهيم عن هيام وصفاء لأعتقادها أنه من تسبب بمضاعفات مرضها وفضحها وجعل الجميع ينعتها بالجنون، كما أخبرته أنها ستأذي أبراهيم أن لم يبتعد كليًا، فرضخ هاشم لأمر والدته وطلب من إبراهيم الأبتعاد عنهم وعدم مطالبته برؤية صفاء لأن والدته لن تتوانى عن أبعاده حتى وأن وصل الأمر لإيذائه، كان هاشم أخر أمل لدى أبراهيم في أقناع والدته وها هو يتخلى عنه بعدما وعده بتحديد موعد لرؤية أبنته بعيدًا عن جدتها، لذا سلم أمره لله وبثه حزنه وبأسه وأبتعد مؤقتا لعل الله ينظر في أمره ويحدث بعد ذلك ما يفرح قلبه. بقت صفاء طيلة عيشها في منزل خالتها تعاني من الحرمان العاطفي وهى ترى التفرقة العنصرية من خالتها وزوجها بينها وبين أولادهما حتى اللمسه بحنو حرمت منها، وكأي طفلة في عمرها أنفطر قلبها وزاد تألمه وودت لو تركتهم وذهبت للعيش في مكان أخر لكن جدتها كانت ترفض ذلك كلما فتحت معها صفاء الحديث عن الأنتقال من منزل خالتها، لذا تملك الحزن والضعف منها مما جعل مستواها الدراسي يتراجع كثيرًا، لأنها وبرغم كل ما مرت به الإ أنها متفوق دراسيًا. لاحظت معلمتها سامية ذلك فحزنت لأجلها وبدأت في التقرب والتودد لها فهى تعلم نتيجة عدم استقرار الحياة بين الأبوين على الطفل خاصة أن كان إحدهما متغيب عن حياة الطفل لكن صفاء وضعها أصعب فهى تعيش بدونهما هما الأثنان، وقد مرت من فترة قصيرة بتجربة مشابهه لتجربة صفاء فهى أرملة ولديها طفل يكبر صفاء بعام وكثيرًا ما عانت مع أبنها حتى جعلته يستقر نفسيًا ويتقبل أمر رحيل والده رغمًا عنهم، لذا قررت بينها وبين نفسها مساعدة صفاء ومسنادتها لتجاوز تلك الأزمة حتى تستقر نفسيتها، وفي أحد الأيام بدأت فعلا في التقرب منها وأثناء خروج التلاميذ من فصلهم نادت على صفاء. سامية بابتسامة حانية: صفاء استني يا حبيبتي عايزاكِ في حاجة ضرورية. أمأت لها صفاء بخوف : ن ن نعم يا ميس انا معملتش حاجة. أنفطر قلب سامية على خوفها وأقتربت منها تضمها بحنان أموي : أيه يا حبيبتي خايفة ليه كدا انا عايزة أتكلم معاكِ شوية ومفيش حاجة حصلت لدرجة أنك تخافي كدا. تنفست صفاء الصعداء وهدأت قليلًا تهز رأسها بخنوع ووقفت تنتظر سامية التي أنتهت من جمع أغراضها ثم غادرت الفصل بصحبتها لحجرة المعلمات، وبعد إن أخذتها سامية لهناك، انتظرت حتى خرج الجميع وجلست معها بمفردهما في الغرفة حتى تستطيع سامية سبر أغوارها لتصل لأساس أزمتها لكي تساعدها على تخطيها والعودة مرة أخرى لمستواها المتفوق. ربتت سامية بلطف على كفها: قوليلي بقى يا قمر أنتي ما بقتيش تذاكري زي الأول ليه ومستواكِ تراجع عن الأول وانا زعلانة قوي عشانك. أمأت صفاء بخوف لاحظته سامية جيدًا : ه ه ه هذاكر يا ميس بس أرجوكِ متقوليش حاجة لخالتي وجوز خالتي عشان ميزعلوش مني هما وتيتة. احتلت الصدمة قلب سامية على تلك الطفلة التي قتلت طفولتها في مهدها: يا حبيبتي متخافيش انا لو عايزة أقولهم مش كنت جبتك هنا ولا أتكلمت معاكِ، ومتخافيش مش هقول لحد، بس هما بيض*بوكي في البيت ولا أيه؟. هزت صفاء رأسها بنفي وبذعر : ل ل لأ مش بض*بوني صدقيني. حاولت سامية التريث التفكير بهدوء لنزع الخوف من داخل صفاء والتحدث معها بدون أن تخشى أحد. سامية : بصي يا سمسمة أنا أوعدك أني مش هقول حاجة لحد خالص وأي حاجة بينا هتفضل سر، المهم مش عايزاكِ تخافي مني خالص لأن أنا عايزه اساعدك عشان ترجعي شاطرة زي الأول ماشي يا حبيبتي. ثم أخرجت من حقيبتها مغلف يحتوي على حلوى الشكولاتة التي يعشقها أي طفل. اعطتها سامية قطعة الحلوى: أيه رأيك تاخدي الشوكولاتة دي تاكليها وأحنا بنتكلم دي حلوة قوي أبني بيحبها جدا وانا جبتلك زيه بالظبط. خجلت صفاء أن تمد يدها لتأخذها منها فأقتربت سامية قليلا منها، ثم قبلت جبينها بحنان ومسدت على ظهرها بحب شعرت بأرتجافت صفاء مما زاد الحزن بداخلها على حالة تلك الطفلة فأخذتها في أحضانها تضمها برفق، ألمها قلبها كثيرًا لحالها فلمعت العبرات بعينها فجاهدت روحها لكي تمنع نفسها عن البكاء، وابتعدت قليلًا عنها لتجدها تبكي فلم تتمالك نفسها وضمتها مرة أخرى وأجهشت في بكاء مرير تفضي به ما أعتمل في نفسها من حزن زرعه البشر داخلهما، وبعد فترة أبتعدت عنها تحتضن وجهها برفق ومسحت عبرات صفاء بأبهاميها وهى تبتسم بحزن ثم أزالت عبراتها هى الأخرى أيضًا. سامية : من هنا ورايح مش عيزاكي تزعلي ولا تعيطي ولو أحتجتي لحاجة قوليلي وأنا أجبها ليكي فورًا يا حبيبتي ماشي. صفاء بأبتسامة : أنا مش عايزة حاجة ولما بعوز تيتة أو خالتو بيجيبولي انا بس عايزاهم يحبوني زي ولادهم. هزت سامية رأسها بتفهم: أن شاءالله هيحبوكِ متقلقيش، طيب ممكن أسألك سؤال واحد بس. أمأت لها صفاء : إسألي يا ميس طبعًا. سامية : باباكِ عايش ولا ميت ؟ زفرت صفاء بضيق : بابا ده وحش عشان خلى ماما تبقى تعبانة وبعدين طلقها ورمانا أنا وهى ومبيسألش علينا وراح أتجوز واحدة تانية وخلف عيال بيحبهم وانا لأ. شعرت سامية بغضب من طريقة صفاء بالكلام عن والدها فهى تدل على كمية الغضب المشحونة بها تجاهه، ويبدو أن والدتها استطاعت بحديثها أن تجعلها تكره والدها مما أحزنها كثيرا، مهما كانت الظروف فخطأ أن نتكلم بالسوء على الأبوين أمام أطفالهما حتى لا يبغضهما أو يحب أحدهما على حساب الآخر وتترسب لديهم عقد نفسية تكون مستقبلاً أمراض نفسية يستحيل علاجها، وبرغم حزنها وغضبها مما وصلت له الحالة النفسية لصفاء تجاه والدها، الإ أنها أرجئت الحديث في ذلك الموضوع لاحقًا فما يهمها حاليا هو عودة صفاء لمستواها الأول. سامية : بصي يا سمسمه أنا زعلانه عشان أنتي مبقتيش شاطرة زي الأول وعيزاكِ ترجعي تذاكري تاني وتتفوقي أحسن من الأول كمان ماشي يا قمر صفاء : أااااا أنا . ربتت سامية على يدها تطمئنها: أنا عارفه أنك زعلانه عشان موضوع باباكِ بس ممكن يكون مظلوم والكلام اللي بيتقال عليه مش حقيقي. هزت صفاء رأسها بحدة : لأ حقيقي تيته قالتلي كده وتيته بتحبني ومبتكدبش عليا. سامية : تيته ؟ وفين ماما هى مش قاعدة معاكِ ليه؟. صفاء : لأن ماما عايشه في بلد تانية عند خالو هاشم سامية : هى متجوزة حد تاني غير باباكِ؟. هزت صفاء رأسها بنفي: لأ هى متجوزتش تاني زي بابا هى قاعدة مع خالو عشان عيانة وخالو بياخدها للدكتور. عقصت سامية جبينها بتسأل : وأنتي مش بتعيشي معاها ليه؟. صفاء : أصلها عيانة قوي وبتفضل تصوت لو مأخدتش الدوا بتاعها، فتيتة خافت عليا وجابتني هنا بعيد لغاية ما ماما تخف. أمأت سامية بتفهم: ماشي يا حبيبتي ربنا يشفيها لك بس قوليلي أنتي مبسوطة وأنتي مستواكي بقى وحش كدا. هزت صفاء رأسها رافضة : لأ بس أنا مكنش عندي نفس أعمل حاجة حتى المذاكرة كرهتها. هزت سامية رأسها بحزن : لأ أنتِ كدا تبقي ضعيفة وصفاء حبيبتي اللي أعرفها قوية مفيش حاجة ت**رها، لازم تكوني قوية ولازم تذكري وتبقي اشطر بنت في المدرسة عشان تثبتي للكل أن صفاء بنت حلوة وكويسة وشاطرة وقادرة تحقق حلمها. صفاء بأبتسامة : أنتي طيبة قوي يا مس وكلامك حلو بيخليني عايزه أروح أذاكر وأعمل الواجب وكل حاجة حلوة. سامية بأبتسامة عذبة : أيوة كدا يا حبيبتي ولو في حاجة وقفت معاكي عرفيني وانا اشرحها ليكي ماشي يا قمر. عانقت صفاء سامية بأحتياج : أنا حبيتك قوي يا ميس وهسمع كلامك كله. قبلت سامية رأس صفاء : حبيبتي وأنا كمان بحبك وهحبك أكتر لما ترجعي شاطرة زي الأول . رجعت صفاء سعيدة بعد تشجيع سامية لها وجدت أبنة خالتها الصغرى عبير تلعب في الشارع مع بعض أصدقائهم، فجرت ناحيتهم لكي تشاركهم اللعب لكن عبير زجرتها ورفضت لعبها معهم ثم دفعتها أرضًا أوقعتها وأصابت قدمها، فأغتاظت صفاء منها ونهضت متألمة ثم دفعتها هى الأخرى فأسقطتها أرضًا لكن لم يصبها شيء، واسرعت صفاء تجري ناحية المنزل لكي تحتمي بجدتها، لكن من سوء حظها أنها لم تجدها بالمنزل، وجاءت عبير خلفها مسرعه وهى تتصنع البكاء لكي تشكوها لوالدتها التي سرعان ما نهرت صفاء ووبختها كعادتها معها دائمًا، ورفضت أن تسمع لمحمود الذي شهد كل شئ وأصرت على معقابتها وحبستها في غرفتها وحيدة تبكي، لكنها تذكرت كلام معلمتها له فاقامت تمسح دموعها وأخذت حقيبتها وأخرجت كتابها وشرعت في مذاكرتها التي أصبحت تلجأ لها كثيرًا لتهرب من واقعها الأليم فيها وتحتمي بها من غضب خالتها.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD