بأحد الكافيهات العامة!
يطالع العم عا** بنظرة يشوبها التعاطف، هو يدرك أن الأمر لم يكن علي هواه وثقيل على نفسه.. وأكثر ما أساؤه، أن يرى الخجل بعيناه! هتف بمرح زائف لتهوين الأمر: أيه يا عا** بيه، أنت مش ناوي تعزم ابن اخوك على قهوة ولا أيه؟ لو مش معاك فلوس قول ماتت**فش!
أدرك محاولته لتلطيف الأجواء، فازداد بعينه قدرا ومعزة، كما تعاظم ضيقه من موقف ابنته الحمقاء، أين ستجد قلبًا طيبا ملائكيًا گ يزيد!
تمتم العم: أنت أكيد عارف يا يزيد أنا بحبك قد إيه!
يزيد بصدق: وحضرتك كمان ياعمي عارف قيمتك عندي، أنت والدي التاني.. ومافيش حاجة ممكن تزعلني منك، اللي حصل بيني انا وبلقيس أسمه قسمة ونصيب.. لكن علاقتي بيك مالهاش دعوة. ولا مرهونة بنسب، علاقتنا أكبر من كده! مافيش حاجة هتتغير ابدا.. هتفضل عمي اللي بحبه، وهفضل ابنك زي ما دايما بتعتبرني، وابن عم لبلقيس.. مافيش داعي للحساسية دي، وأوعي ياعمي مهما حصل توطي راسك تاني اما تشوفني، ماعاش ولا كان اللي يخليك تبص في الأرض، انت كبير اوي! وانا قادر افصل الأمور كويس.. ابنك مش صغير!
ترقرقت العم عيناه متأثرًا بتهذيبه الجم، كم هو شاب رائع، كيف يمتلك كل هذا القدر من الخُلق ورقة المشاعر.. فبدلًا من أن يُخفف هو عليه الموقف..هو ذاته ما يحاول تهوين الأمر عليه.. مجددًا احترامه وحبه "گأبٍ" ثانِ له.. آآه يا ابنتي.. لو تعلمين أي قلب خسرتي!!! لبكيتي دمًا..!
_________________________
ربما ينجح بخداع البعض بابتسامات ودعابات خاطفة أن أحواله بخير ولم يتأثر.. لكن لن يخيل خداعه على من تراقبه الآن خلسة من شرفته المجاورة لها، منفطرًا قلبها على ذبوله وحزنه الدفين .. يزيد أطيب أولادها وربما اقربهم.. لم يستحق ابدا ذاك الجرح.. ليتهم سمعوا لها عندما رفضت اقترانه ببلقيس..وكأنها كانت تتنبأ بنهاية مماثلة.. ابنة العم المغرورة.. لا تقدر سوى المظاهر ولا يعنيها قلب بقيمة الذهب گ أبنها الذي مازال يخبيء آلامه بين جدران غرفته، ولكن من ي**ع؟!.. وهي من تحفظه وتقراؤه گ خطوط كفها المتقاطعة!
.................. ..
_حسبي الله ونعم الوكيل فيكي ياللي **رتي قلب ضنايا وقهرتيه!!!
تمتمت بسخط أمام زوجها بعد أن عادت غرفتها، ورغم حزنه وضيقه لأجل يزيد.. إلا أنه نهر زوجته بحدة:
_ أنتي اتجننتي يا كريمة! بتدعي على بنت اخويا قدامي؟
أجابت بصوت باكي وموجوع:
أمال عايزني اعمل أيه يا أدهم، بعد مابنت اخوك سابت ابني اللي لو لفت الدنيا من شرقها لغربها مش هتلاقي ضفره، مش شايف حالته اللي تصعب على الكافر، ولا بياكل ولا بيشرب وخس النص بسببها..!
مستكتر عليا افضفض بكلمتين، والله حرام عليك!! "
_ كل واحد بياخد نصيبه ياكريمة، محدش عارف الخير فين، يمكن جوازهم كان شر ليهم! ربنا يعوضه أحسن منها.. ويرزقها باللي تتمناه..!
أردفت بحرقة: عمرها ما هترتاح بعد ما **رت خاطر ابني.. وبكرة تشوف! واستأنفت بحدة:
وبعدين انت هادي كده إزاي؟ ده بدال ما تعاتب اخوك علي تربية بنته ودلعهم الماسخ، أما طلعوها انانية ومغرورة وكأن مافيش في الدنيا غيرها.!
ذنبه أيه ابني تجرحه وت**ر قلبه، ماكانتش عطيته امل واتخطبتله من الأول!
أدهم بصوت هادر :
كريييمة، قسمًا بالله لو بطلتي ندب وغلط في الناس يومك ماهيعدي! أنا مش هخسر اخويا عشان الكلام الفارغ بتاعك ده لأن مالوش ذنب، وبعدين انا ابني راجل من ضهر راجل، مافيش حاجة ت**ره، وهتشوفي ابنك ده هيبقى ازاي، والأيام ياما بتداوي وتنسي! وبكره ربنا يعوضه بأحسن منها..! وشغله هينسيه كل حاجة مع الوقت!
ثم **ت يلتقط انفاسه وواصل بحزم :
مش عايزك تفتحي الموضوع تاني.. خلاص مولد وانفض، وربنا يصلح حاله وحالها..!
منحته نظرة حانقة متألمة، ثم تركته لتتفقد حال ولدها الم**ور مرة أخرى!
************************
"يزيد مش مناسب ليا يا أمي، مظهره ولبسه بيعصبني! رغم إنه مش فقير لكن مابيحاولش ابدا يكون أحسن! أنا بقيت اسمع تريقة البنات بوداني اما بيشوفوه يجي ياخدني من الجامعة.. من حقي اتباهى بخطيبي.."
مازال عقله يسترجع حديثها وكلماتها تطعن كرامته وترميه بذنب القُبح! كلمات گ مطرقة حديد مشتعلة مثل جمرة! تحرقه دون رحمة..! وگأنها تعيد تشكيله من جديد لأنسان أخر، لن ينسى أبدا تلك الكلمات.. ستحفر بعمق ذاكرته، ليعلم أن بهذا الزمان لا مكان لأمثاله بضاعته غدت باخسه لا قيمة لها..! والمظاهر أضحت كل شيء.. وبات يُشترط مع الرجولة جمال! وياله من زمن! وكان يظن بسذاجة، أن قلبه وعشقه وحنانه وحدهم سيرجحون كِفته لديها.. ليتها أحبته! لو فعلت، لرآته جميلًا بعينيها..! لكنها فضلت لفظه من عالمها، وقد كان لجمالها خير حافظ.. ولجنتها خير حارس!! ولحياتها خير أمين!
ومهما أكتوى بفراقها. وطال شقاءه.. لن يستجدي وصالًا بعد الآن..! هو رجلًا وسيظل رجلًا لن يهزمه العشق ويجعله خانعًا..! قصتهم ناقصة ضعيفة گ جنين مش*ه لم يكتمل نموه، وآن له أن يوئد، وتتفتت نطفته..!
.............................. ..
بلقيسُ يا ملكة.. لفظتني جنتكِ.!
وآبا جمالكِ الاقترنَ بقبحي..!
فشكرًا لجرحٍ دونه ما علمتُ..!
أني كنتُ عاشقٍ.. لتلكَ الدرجةِ دميم..!
____________
( معقولة سبتي يزيد؟!)
ردت بلقيس ببساطة لصديقتها تيماء: أيوة.. مستغربة ليه، أنا توقعت إنك مش هتتفاجئي كده!
_ لا متفاجئة، لأن تصورت إنك مش هتاخدي القرار ده.. بس بصراحة عجبتيني، طلعتي شجاعة وبتفكري صح.. يزيد مش شبهك ولا يليق بيكي.. شوفتي البنات اما شافوه جالك كذا مرة ازاي شمتوا فيكي وفضلوا يتريقوا ويلقحوا كلام عليكي.. انما إنتي تستاهلي تاخدي واحد يحسدوكي عليه زي ما بيحسدوكي على كل حاجة
_ سيبك منهم. وكفاية كلام في موضوع يزيد.. انا بجد مضغوطة في البيت..ماما وبابا من وقتها زعلانين وده مضايقني جدا..!
تيماء: وإيه يزعلهم، هو انتي قليلة، اكيد يعني يزيد ما كانش فرصة يتزعل عليها أساسا..!
_ بس هما شايفين الع**، ماما بتقولي خسرتيه، وبابا بيقولي هتندمي! مش قادرين يفهموا ويقتنعو إن يزيد ممكن يبقى فرصة لغيري، بس مش ليه أنا..!
ضحكت تيماء: بصراحة تفكيرهم عجيب..عموما المهم إن خلصتي من الموضوع ده.. وبكرة ترتبطي براحد الكل يحسدك عليه
هتفت بلامبالاة: عادي اصلا مش عايزة ارتباط دلوقت.. خليني اركز في شغلي مع بابا بعد التخرج واتنفس شوية!
_ أيوة صحيح، أنتي هتمسكي الإدارة مع والدك في شركة القاهرة.. بما إنك اتخصصتي في " إدارة أعمال"..بس على كده هتنتقلوا وتعيشوا في القاهرة؟
بلقيس: لا مش شرط.. لأن ماما مش عايزة تسيب المنصورة.. متمسكة بحياتها فيها.. وبابا مش عايزها تعمل حاجة ضد رغبتها، لأنها اتولدت وعاشت هنا..!
_ بصي هو اصلا المنصورة والقاهرة مش بعاد أوي عن بعض..!
_ ياستي انا مش فارق معايا بالعكس.. أنا عايزة اعوض الكبت ده واورح واجي كل يوم.. اكيد هيكون عندي حرية أكتر..!
تيماء بتفهم: عندك حق! طب يلا بقى نلحق أول محاضرة! وبعدها هعزمك على حاجة في الكافيتريا
__________________________