1- اسمي ندى
في تلك الغرفة الفاخرة والمظلمة .. ضوءٌ خافت يأتي من خلف الستارة .. دخان متصاعد يملئ الغرفة ..
رائحة عطره الرجولية التي ملئت أرجاء الغرفة والتي امتزجت برائحة السجاير والكحول .. يجلس على كرسيه الكبير بكل هيبة .. ممسكاً في يده كأسه يرتشف منه بين الحين والآخر بكل برود ..
هو هكذا دائماً .. يحب الهدوء ويحب الجلوس في غرفته المظلمة .. سبق وحدثتكم كم أن حياته مظلمة وسوداوية .. دائماً يفكر ويعود بذاكرته للوراء ويتذكر مواقفه وظلمه للناس .. كيف يظلم .. كيف يقسو .. كيف يعذب وكيف يسيطر .. مجرد أن يتذكر كيف يعذب أي شخص ويظلمه ترتسم تلك الابتسامة الماكرة على شفتيه .. هو هكذا يحب وهكذا يستمتع .. يسلي نفسه بالتفكير .. ويشغل قلبه عندما يتذكرها هي .. فهي الوحيدة التي استطاعت أن ت**ر غروره وكبريائه منذ أول مرة رآها بها ..
عانق السيجارة بين شفتيه ليمتصها بشراهة وينفث دخانه ببرودٍ قاتل .. سمع طرقات على باب غرفته ليسمح للطارق بالدخول ويدخل عليه الحارس .. ابتلع ريقه الحارس بتوتر .. كان يحمل له خبراً لذلك قطع خلوته وأتى إليه ليخبره بآخر التطورات بناءً على طلبه ..
صدح صوته البارد والخشن من بين الظلام ليقول :
..ما الأمر..
حمحم الحارس بتوتر ليقول :
..سيدي لقد قلت أن أ ....
لم يدعه يكمل جملته ليقاطعه بصوته الحاد :
..باختصااار..
توتر الحارس ليقول :
..لقد أتت فتاةٌ جديدة إلى دار العاهرات ، لقد اتصلت بي تلك المدعوة نرجس وقالت لي سيدي وأخبرتني بأن أقول لك..
نفث دخانه ليبتسم بشر ويهمهم ويقول :
..اجلبها إلي كي أراها إن كانت تناسبني أم لا..
حرك رأسه بإيجاب ليقول :
..حاضر..
التفت الحارس ليرحل .. بينما سيف ارتشف آخر رشفة من كأسه ومن بعدها رماه على الأرض ليتحطم إلى أشلاء صغيرة .. تصنم الحارس في مكانه عندما سمع الصوت ليلتفت إلى سيده بينما سيف تحدث ببرود :
..لم أسمح لك بالذهاب أيها الغبي..
ابتلع الحارس ريقه ليقول بتوتر :
..اسف..
ظل واقفاً بمكانه باحترام بينما سيف ظل صامتاً وشارد الذهن .. لم يتفوه بحرف فقط شارد .. بعدة مدة دقيقة صدح صوته البارد ليقول :
..إذهب..
تحدث الحارس باحترام :
..حاضر سيدي..
رحل الحارس متوجهاً إلى الوجهة التي أمره بها سيده .. بينما سيف تن*د بقوة لينهض ويتوجه إلى ذلك الرف المصطف عليه جميع أنواع الكحول والمشروبات .. أمسك بقارورة كبيرة وكأس ومن ثم توجه وجلس في مكانه وبدأ بالشرب .. غير عالماً بالمفاجأة التي ستحدث بعد قليل ..
________________________
..هيا أيتها التافهة افعلي كما أمرتكِ به..
تحدثت تلك المرأة التي كانت ترتدي ثياباً فاضحة وتضع الأطنان من مساحيق التجميل والمبالغ بها ..
لم تسمع منها أي كلمة بل ظلت منزوية على نفسها في تلك الغرفة الصغيرة .. كانت تبكي وتجهش بالبكاء .. طلبت منها تلك المدعوة إينجي بأن تجهز نفسها لإن بعد قليل سيأتو الرجال وتبدأ الحفلة .. ولكنها لم ترد عليها ولم تسمع منها كلمة بل ظلت في مكانها تبكي وتلعن حظها العاثر الذي أوصلها إلى هذا المكان المق*ف ..
تن*دت إينجي بحنق لتقول :
..يا إلهي ماهذه الفتاة ، اسمعيني أيتها المدللة أنتِ الآن في دار العاهرات ويجب عليكِ أن تكوني مثلنا من الآن فصاعداً هل فهمتي..
صدح صوتها الباكي والضعيف لتقول :
..أرجوكِ اتركيني لا أريد أن أفعل مثلكم أرجوكِ سيدتي..
ضحكت إينجي ضحكة صاخبة كالعاهرات لتقول :
..أووه لقد مر علي الكثير من أمثالكِ ولكنهن مع الوقت اعتدن وأصبحن يتعاملن مع الأمر بشكلٍ طبيعي لذلك ستعتادين أنتِ أيضاً هيا هيا انهضي..
وكأنها لم تتحدث أو تنطق بشيء .. ظلت تبكي وتحرك رأسها نافية وجالسة في زاوية الغرفة .. تن*دت إينجي بقلة صبر لتسمع صوت طرقات على الباب .. دخلت فتاة بعمر العشرين تقريباً والتي لم تكن حديثة العهد على ذلك المكان .. أي أنها تعمل في هذا المكان منذ زمن وتدعى نرجس .. تحدثت نرجس موجهة حديثها لإينجي :
..إينجي لقد أتى الحارس الخاص بالسيد سيف وقد أمرني بأن أقول لكِ أن تدعي هذه الفتاة تتجهز لكي يأخذها إليه..
شهقت إينجي بخوف لتقول :
..يا إلهي هذه المعتوهة لا تعرف كيف تتصرف معه وهذا ليس لديه مزاحٌ أبداً ، كيف سأبعثها إليه أوووف..
ابتسمت نرجس بخفة لتقول :
..وما شأننا هو من قال لكِ بأنه عندما تأتيكِ فتاةٌ جديدة أخبريه بالأمر لذلك ابعثيها إليه وهو من سيقرر ومن المحتمل أن لا تعجبه ألا تعرفينه كم هو مؤنف..
نظرت لها إينجي بغضب لتقول :
..ا**تي أيتها الغ*ية إن سمع حديثكِ سيعلق مشنقتكِ لا تستهيني به لإنكِ ستكونين في عداد الموتى عندها..
ابتلعت ريقها وحركت رأسها موافقة بينما إينجي نظرت لتلك الفتاة بحنق لتقول بصراخ :
..ا****ة كفي عن بكائكِ اللعين هيا..
لم تسمعها بل زادت من حدة بكائها لتردف إينجي موجهة حديثها لنرجس :
..تعاملي معها وقومي بتجهيزها هيا سأبعث لكِ نيرمين كي تساعدكِ بها..
حركت نرجس رأسها بإيجاب لتخرج إينجي بينما نرجس توجهت للخزانة وقامت بانتقاء فستان باللون الأحمر لتخرجه وترميه على السرير .. تن*دت بقوة لتقول :
..هيا يافتاة هناك من ينتظركِ..
حركت رأسها رافضة وهي تبكي لتردف نرجس :
..هيا لا تضيعي الوقت وإلا صدقيني السيد سيف سيقتلكِ..
تحدثت ببكاء :
..أرجوكِ دعيني أهرب لا أريد أن اظل هنا..
ابتسمت نرجس بسخرية لتقول :
..وهل ستسطيعين الهروب مثلاً ، اسمعيني جيداً كل من يدخل إلى هنا لا يستطيع أن يخرج أو أن يهرب صدقيني ، لقد كنت مثلكِ من قبل ولكنني اعتدت على الأمر لذلك هيا هيا انهضي..
حركت رأسها رافضة لتتن*د نرجس بقلة حيلة .. انتبهت عندما دخلت عليها نيرمين لتقول لها نرجس :
..أرجوكِ تعالي وساعديني بهذه الفتاة لقد جننت منها..
ابتسمت بسخرية لتقول نيرمين :
..أووه هذه الصغيرة ما بها..
توجهت لها لتنظر لها بحاجب مرفوع ومن ثم نزلت لمستواها لتقول لها بهمس :
..هل تريدين الموت يافتاة..
حركت رأسها رافضة لتردف لها نيرمين :
..إذاً طاوعيني وصدقيني لن تندمي ولا تخافي محتمل بأن لاتعجبي السيد لذلك اطمئني وهيا انهضي..
ابتلعت ريقها بصعوبة وطاوعتها لتنهض معها وتأخذ حماماً ساخناً كما أمرتها كل من نيرمين ونرجس .. خرجت من الحمام لتبدأ نرجس بتجهيزها وقد وضعت لها الكثير من مساحيق التجميل .. ولكنها طبعاً أعادت فعلتها أكثر من مرة لإنها كانت تبكي وتخرب المكياج التي تفعله لها لذلك كانت تعيد الكرة مرة واثنتان إلى أن يأست منها واستلمت بدلاً عنها نيرمين .. انتهيا من تجهيزها ومازالت تلك الفتاة تبكي لتخرج بها نيرمين وتسلمها للحارس .. استلمها الحارس وأركبها بالسيارة لينطلق بها إلى سيده ..
كانت طوال الطريق تبكي ب**ت وتلعن حظها العاثر .. تذكرت عندما سلمتها خالتها لدار العاهرات ولم ترأف بحالتها .. فرطت بالأمانة ولم تأبه بها أو بوالدها الذي قد تم سجنه .. هي في دار العاهرات منذ ثلاثة أيام وكل يوم كانت إينجي تدخل عليها وتأمرها بأن تجهز نفسها ولكنها لا تسمع لها .. كانت تتذكر كيف أخذتها خالتها بالإجبار إلى هناك .. بكيت وصرخت وانهارت ولكنها لم تأبه بها وسلمتها لهم .. وها هي الآن متوجهة إلى جحيمها ..
وصل بها الحارس إلى منزل سيده الكبير ليخرجها ويتوجه بها إلى غرفة سيده بينما هي لا حول لها ولا قوة .. طرق على الباب عدة طرقات ومن ثم فتح لها باب الغرفة بعد أن أذن له بالدخول ليدخلها ويغلق الباب عليها ويتركها برفقة الثعلب ..
حالما دخلت حتى انتابها الخوف والهلع .. هي من الأساس خائفة ولكن الظلام الذي بالغرفة جعلها تخاف أكثر .. ابتلعت ريقها بصعوبة وخوف وهي تنظر بأرجاء المكان ولكنها لم تستطع الرؤية جيداً بسبب الظلام الشديد .. جفلت عندما سمعت صوت أقدام .. تراجعت واستندت على الحائط لترى نور خافت قد انبعث من الشرفة .. اتضحت عندها الرؤية قليلاً لتراه واقفٌ بطوله الفاره بعيداً عنها بمسافة .. ابتلعت ريقها حالما رأته وتملكها الخوف عندما رأته يتوجه لها ببرود وجمود ..
وقف أمامها ينظر لها ببرود من رأسها إلى أخمص قدميها .. قلبه الذي يدق بعنف ولا يعلم ما هذا الشعور الذي راوده .. ابتسامة خبيثة نمت على شفتيه بعد أن ظل ينظر لها لمدة ويتمعنها بعيناه الحادة .. صدح صوته البارد ليقول :
..أنتِ جميلة يافتاة..
رجت شفتها السفلى لتبدأ بالبكاء .. ابتسم بسخرية عندما رآها تبكي ليقول :
..ما بكِ لماذا تبكين توء توء توء..
جفلت عندما رأته اقترب منها .. أمسكها من خصرها وقربها إليه أكثر إلى أن التصقت به .. نظر لعيناها الدامعة مباشرة ليراوده شعورٌ جميل لا يعلم من أين أتاه .. تحسس وجنتها بيده الثانية بينما هي حاولت أن تبتعد عنه ولكنه شد قبضته على خصرها وغرز يده بقوة بطريقة آلمتها ..
انكمشت معالم وجهها وبكيت لتقول بنبرة باكية :
..سيدي أنت تؤلمني أرجوك..
ابتسم بشر ليقول :
..وإن يكن فأنا من هواياتي المفضلة أن أؤلم الناس وأعذبهم ، صدقيني أستمتع كثيراً بذلك..
أجهشت بالبكاء لتقول بضعف :
..أرجوك..
ظل ينظر لها وهي تتألم وتحاول أن تبتعد عنه ولكن هيهات .. ابتسم بسخرية ليقول :
..ما اسمكِ..
نطق كلمته ومن ثم دفن وجهه برقبتها وأرخى قبضته المحكمة على خصرها .. حاصرها بالحائط لتحاول أن تبعده ولكنه كان كالصنم .. أعاد سؤاله ضد رقبتها شاعرة بأنفاسه الساخنة ضد رقبتها وشاعرة بروحها تسحب منها .. عضت على شفتها الشفلى لتمنع بكائها المرير لتقول بضعف :
..اسمي ندى.. ....
" فقضيتُ ليالٍ من هواك
مازالَ فُؤادي ما ارتوى "
_________________________