تابعت جوليا رسم الخطوط المتقنة على الورقة لتشكل الثوب الذي تريده.. كانت تعمل بجد وسط الظلام
فيما ظلت اذنيها واعيتان لاقل صوت قد يص*ر عن طفلها ..
بشرود عادت نحو النافذة لتراقب الظلام الدامس في الخارج الساعه قد تجاوزت الثانيةليلا ربما
فهي لم تدرك الوقت وسط انشغالها بالعمل فعليها ارسال التصاميم في الغد لدار الازياء المتعاقدة معها
كما اتفقوا تماما
كان قد مر عليها خمسة ايام هنا .. يومان قضاهما جيدن في تلك الغرفة يستيقظ كل ليلة باك خائف
يبحث عنها حتى اقتنع ليام ببقائهما معا فجهز لهما غرفتين متلاصقتين بباب مشترك
حتى يظل بقربها وهذا اراحها
لم تستطع التاقلم بعد في هذا المكان الذي تكرهه بالنسبة لها البقاء مجرد شيء مؤقت
وستعود لحياتها الطبيعيه بعد وقت قصير عندما يمل ليا اخيرا ويجد شيء اخر ليتسلى به
الحياة هنا ممله لولا عملها القديم هذا .. ولولا الانترنت للتواصل مع اصدقائها ..والمؤكد
لولا وجود جيدن لكانت جنت ... جيدن .. وابتسمت بحنو وهي تتذكر ملامحه لم تدع
احد يقترب منهالا عند الحاجه
هي تطعمه تحضر له كل ما يحتاج وكانهما لوحدهما في المنزل هي تلعب معه .. تحممه وتضعه في سريره
كل شيء هي وهو وكانهما في عالم اخر لا وجود فيه لسواهما ..حتى ليام ليس موجود
فجيدن الان يكرهه ولا يقترب منه ولا خطوة وهذا يغضب ليام ويزعجه
-ارجوك ماما جولي ...
وترجاها ببراءة فنظرت نحو الخادمة صوفي بشك :
-ساعتني به سنقوم بجولة قصيرة فقط
-حسنا .. لا تدعيه يقترب من القطط فلديه حساسية اتجاههالا تنسي
-وااااو لقد وافقت ...
وطار ضاحكا فابتسمت له وهو يغدر المطبخ برفقة صوفي لكن قلبها ظل قلق لسبب لا تدريه
-سوف اعد له كيك في الفراوله
قال لايما بجمود مماثل :
-لا داع .. جيدن لديه حساسيه على المعلقات
-على ماذا ؟؟!!
نظرت اليها ببرود وردت :
-المعلقات .. الفراولة والتوت بجميع انواعه
-ماهذا الهراء يا امراة ؟؟ لا يوجد شيء يدعى حساسيه لهذه الاشياء .. ماهذا الجيل المفرط بالحساسية
-هذا الهراء يا سيدة هو الحقيقة
ووضعت كوب الحليب وصحن الكعك الفارغ في الحوض
-ساطعمه وسترين .. لن يحدث له شيء ف....
ارتدت نحوها ورمقتها بتحذير حاد :
-اياك ان تحاولي حتى ..لست مضطرة لاطعامه شيء .. لن اسمح لك
-من انت حتى تمنعيني .. ها ؟؟ عليك شكر الحظ لانه سمح لك بالدخول لهذا المنزل من جديد
ظهر وجهها الاخر الان .. اخيرا .. فدققت جوليا فيها ببرود ثم نطقت بهمس :
-لا اؤمن بالحظ ..
-ما الذي يجري ؟؟
وقف وليام على عتبه الباب بقميصه الابيض وسروال اسود ويديه في جيبه بغرور .. وسيم كما العاده
بحيث يخ*ف الانفاس والعقدة لا تفارق حاجبيه الاسودين
ورمقهما بتساؤل مريب
- لاشيء سيدي ..
-تعبت بحق وعملت جاهدا ليام .. لاقناع الجميع باني فاسدة سافله كم انت ...
وضغطت شفتيها بقسوة كي لا تنطق بالاهانات التي تصاعدت الى فمها فور رؤيته
-انها فقط الحقيقة جوليا
-الحقيقة هه .. وما الذي انت عن الحقيقة ..لا شيء يا لك من مفتر
وحاولت المرور لتركه وحيدا مع خادمته المفضله لكن صوتا بعيد اوقفها
صوت طفلها الخافت
عادت لتستدير نحو باب المطبخ الخارجي الواصل بين الحديقة والمنزل وتوقفت انفاسها برعب
-جيدن ؟!!!
الخادمة تمسكه وهي شاحبه مذعورة فيما فمه مليء باللون الاحمر الفاتح ويبدو انه على وشك التقيؤ
فهتفت بصوفي سريعا
-انزليه على الفور
وهبت باتجاههما تساعده ليقف
-انا .. انااسفه ..لم اعرف ما به قال بانه ... انا ..
قاطعها صوت جيدن وهو يان :
-جولي ...
وانحنى براسه للاسفل ووجهه شاحب فامسكت كتفه لتسنده فيما اقترب ليام بلهفه
-مابه ؟؟
-يريد التقيؤ .. لا باس حبيبي ..
-ماما ...
صرخ باك ..ثم انكفأ متقيا كل ما في معتده مص*را اصوات مذعورة
-لا باس ... لا تخف ..
صوت ليام الحاد عاد للظهور صارخا بالخادمة :
-مالذي حدث له ؟؟ الم تكوني بقربه ؟؟
ردت الخادمة على سيدها بتلعثم :
-لا اعرف ... لقد تمشينا ووقفنا بقرب شجرة توت بري ...واكلنا سويا ..
-ماذا فعلت ؟!!
ونظرت جوليا اليها بذعر وولدها لا يزال يتقيا بدون توقف
-انا .....
-اطعمته توت ؟!! توت بري ؟؟ هل فقدت عقلك ؟ بحق السماء ..حبيبي لا تخف
دخلت خادمة اخرى على الاصوات وظل الكل واقف بتوتر يراقب ما يحدث
- لديه حساسية ضد التوت .. كيف تطعميه بدون ان تساليني ؟ ها ؟
-اعتذر سيدتي ..
-هل ناخذه الى المشفى ؟
سالها ليام بقلق ف*نهدت تفرك جبينها ..
رفع جيدن راسه الشاحب المليء بالدموع ينظر اليها
-لا تخف .. مفهوم
-ماما ..
-لا باس .. لقد انتهينا (ورفعت عينيها نحو صوفي )هل قطف التوت بنفسه ؟ هل لمس الشجرة والازهار ؟
-انا ....
-اجيبيني ..
-نعم لقد فعل .. لم اكن اعلم .. انا
-تبا لذلك ..(وزفرت هوائها بثقل وادارت ابنها نحوها تحاول نزع قميصه الملوث عنه )الم اقل لك
الا تاكل التوت ..ها ..؟ كيف تنسى ؟ توقف عن البكاء لست صغيرا
اخذ انفاس مرتجفه ومسح دموعه فامسكت بيده سريعا لتمنعه
-لا تمسح بيدك ..
-ساحضر السيارة لناخذه الى المشفى
وحاول ليام الابتعاد فنادته بسرعه :
-توقف ... اي مشفى ؟ لا داع ..
وتوجهت الى الخادمة الاخرى تطلب منها بحدة :
-اصعدي الى غرفتي وافتحي الجارور الاول .. ستجدين علبه دواء ذات لون ازرق ..هاتها بسرعه
نظرت الخادمة اليها ب**ت لا تنفذ فصرخ ليام :
-الم تسمعي ؟؟ بسرعه
-حاضر .. حاضر سيدي ..
واختفت بالرواق .. رمقت جوليا ليام بعينين ساخطتين وقالت :
-لد*ك خادمات رائعات !!!.. هيا حبيبي ..
وحملت طفلها على عجل نحو الحمام في اخر الممر
-سوف نغتسل جيدا .. لنزيل اثار التوت موافق ؟
-انا اسف ..
-هش .. لا تعتذر ..
لحق ليام بها كما فعلت ايما التي بدت خائفة بحق وراقباها وهي تجلس ابنها على حافه المغسله
تنزع قميصه الداخلي وحذائه الرياضي
-هل غاضبه انت ؟..مني ؟
نظرت اليه ب**ت لا تجيب وعادت الى بنطاله تنزعه
-هذا هو ..
ووصلت الخادمة واعطتها الدواء فاخذت تفتحه وتشرب طفلها منه
-انه مر ..
-اشرب ولا تعترض .. انت من جلب هذا لنفسك ..
-هل تحتاجين لمساعده ؟
قالتها ايما .. فهزت راسها برفض لها
-لا .. هيا قف ..انظر لجسدك لقد بدا يحمر ..
وتركته واقف وقامت بفتح صنابير الماء في حوض الاستحمام
-صغيري لا تخف ..
واقترب ليام منه برويد فتراجع جيدن
-ابتعد ... جولي
ودنا منها يرتجف وهي تضع منشفه بجوارها
-انت غاضبة .. لا تغضبي ..
نظرت اليه بسكون وشعرت بقلبها يحترق حبا به ثم نزعت سترتها عنها وحذائها وحملته بذراعيها لتضمه
-لست غاضبه حبيبي .. لا تبكي ..
وبرويد نزلت اسفل رذاذ الماء لتببله .. عليها ازلة اي اثر للتوت عن جسده الضعيف
ظل هادئ ساكن ووجهه في عنقها يلفها بساعديه قيما هي تمسح ظهره وشعره باصابعها
-هيا ..لعبه المطر جاهز ؟
-نعم ..
وارتفع للخلف بحماس ثم رفعا وجهيهما للاعلى ليستقبلا معا حبات الماء المتساقطة صرخ جيدن بمرح
وعاد لينظر الى امه فابتسمت بالمقابل ومسحت عن ذقنه اثار التوت
-سوف يزول سريعا .. انظر سنزيل كل الاثار المتبقيه ..
-جيد يا عصفوري ..
-صحيح يا عصفوري ..
وقبلت وجنته ثم نظرت بالاتجاه الجانبي لتجد ليام لا يزال واقف مع ايما والخادمة يراقبانهما
نظرته لامعه غريبة ومتامله جعلت انفاسها تتوقف
-اعطني علبه الشامبو الزرقاء من هناك
-هذه ؟؟
واقترب يشير الى احداهن :
- لا ... الصغيرة ...انها له خصيصيا
وسلمها العلبه فاخذتها بلا اي كلمه ..وضعت طفلها ارضا لتحممه
-لقد راينا حصان ..
-حقا ؟!!
-انه كبير ..
-واو ..
وابتمست له بحب
-وقطط .. و..لم نقترب منها .. كما قلت
-فقط اقتربتما من التوت .. ها ؟؟
ونظرت لعينيه بلوم فضم فمه كي لا يضحك
-اه منك .. شقي ..هيا انزل تحت الماء بدات اشعر بالبرد
-حاضر
...........
-كيف اصبح ؟
قالها ليام بصوت خافت .. وهو يراقبه نائما على سريره ..وقفت جوليا تتدثره بحنان ثم تراجعت
باتجاه والد طفلها
-وكيف تظن ؟؟
ورمقته بحق
-جوليا ...
-اسمعني ليام .. ارايت لم لا اريد لاحد الاقتراب منه .. هل ترى ؟ وهذا مجرد شيء عادي ..
لا احد هنا يستمع لما اقوله ..لقد حذرتهم قبلا قلت لهم جميعا ان لديه حساسيه .. لكنهم سخرو مني
قلت لا تطعموه شيء ولم يستجيبوا .. فعلوا الع** تماما
-كان هذا مجرد سوء فهم ..
-لا ليام .. ليس مجرد سوء فهم .. كان خطا .. خطا كبير لن اترك طفلي ليموت بسبب سوء فهم تافه افهمت؟
-انه طفلي ايضا
-حقا ؟!.. لا اراك تدرك ذلك بعد .. لازلت تعامله كالغريب
-اليس هذا ما تريدينه ؟؟ الست من يدفعه لكرهي ؟
اقتربت نحوه وهي تجيب بصوت منخفض
-تصرفاتك المتهورة هي السبب .. فلا تلقي اللوم علي
وكادت تفقد هدوءها فسارت مبتعده واشارت له نحو غرفتها المجاورة ليتركا الطفل نائم
وردت الباب خلفها برويد وحال وقوفهما في وسط الغرفه عادت نحوه
-هنالك مشكله كبيرة في هذا المنزل ..ليام .. انهم ياملونني كحثالة بسببك .. لايردون على طلباتي
لا يلقون بالا ولا اهميه لتعليقاتي .. هذا هراء ..
-لا يمكنك ان تلوميهم ..
-بل يمكنني .. وسافعل .. انا لست خادمة هنا ,, لست مجرد حائط لا اريد البقاء لكنني مرغمه لذلك
عليهم ان يتصرفوا معي باحترام وياخذوا كلامي على محمل الجد
- والا ؟؟
ورفع حاجبيه بسخرية فاقتربت منه ترد ببرود :
-ستندم ..
-حقا ..كيف ؟؟ ستقتليني ؟هه
-لا .. لكني هذه المرة سافعل ما تشك به ..ساعلم ولدي ان يكرهك ساقول عنك اكاذيب كي لا يقترب منك
وسازيد كل الامور سوء بينكما
-لن تجرؤي !!
-جربني ليام ...فانا ...
انقض يمسك بها من مؤخره عنقها .. ويجذبها نحوه
-انت لا شيء .. فلا تهدديني ... مفهوم ؟هذا منزلي ..اوامري .. خادماتي ..حتى انت في هذا المنزل لي
تطيعين الاوامر كما الجميع ..
-احلم بذلك ..
حاولت التحرر فشدها بعنف اقرب
-لقد فقدت حقك في الطلب منذ زمن بعيد .. انسيت ؟؟ لقد جعلتك ملكة هذا القصر والمزرعه ..حتى
ملكة قلبي .. جعلتك كل شيء فيما كنت لاشيء لا تستحقين الشفقه حتى
جرحتها كلماته في ال**يم .. لكنها قد تموت مئة مرة ولن تظهر تأثرها وظلت تنظر اليه بجمود
-اتركني اذا انهيت هراءك .. فانت تؤلمني ..
-حقا ؟ وهل يمكنك الشعور بالالم ؟؟ انت فقط تسببيه كيف جعلتك يوما نقطة ضعفي لا اعرف ؟؟
لم ترد .. ظلت ساكنة تنظر اليه بعينين لامعتين وفم مضموع بكره فيما قبضته تكاد تحطم عنقها
وحل ال**ت .. عينيه في عينيها ويدها تلامس بشرتها فيما يده الاخرى تمسك بخصرها
بدى عليه التغير كل التجهم غادر ليحل محله شيء غريب .. ضعف ربما .. وربما حنين
فهمست بسخرية :
-ماذا ؟؟ الا يمكنك تركي ؟ الا تزال ملامستي تصيبك بالخلود ؟ الا يمكنك الابتعاد؟
قربها اليه اكثر حتى لفحت انفاسه انفها فتوقفت رئتيها عن العمل وجف حلقها
ذلك الخلود قد انتهى .. لمستك باتت كالجحيم جافه وباردة .. حتى وجهك لم يعد جميل كماكان
شاحب وبلا روح .. وجسدك هزيل لايبعث بالاثارة داخلي ..بت كامراة عجوز في نظري ..وانا لا انجذب
الى العجائز
جذبت انفاسها وكانه طعنها .. وانسكبت الاهانه في ملامحها ..فبدى المها واضح
ولما نطقت كان صوتها خافت جريح :
-عجوز ؟!!.. وكانك لا تعرف السبب في هذا ؟ هذه هي نتائج حبك سيد طومسون .. هذا ما فعله بي حبي لك
وضعفي اتجاهك فافرح واحتفل
ورفت بجفنيها الحارقين ثم تململت بياس ليتركها وكبريائها ينزف
لكنه لم يحررها ..
-اتركني .. الم تكتفي ؟
ونظرت الى عينيه بعذاب واسى .. فراقبها بتاثر مما جعل دمعه حارة تنساب على طول وجنتها
رقت قبضته حتى باتت ملامسه خفيفه فقط ثم حرك اصابعه ليلامس وجنتها بحنو ويمسح دمعتها بابهامه
-لا تلمسني ..
ونحت وجهها جانبا .. لكن دون جدوى فاصابعه التي لا ترحم قبضت على ذقنها وادارها نحوه رغما عنها
ثم انحنى باتجاها ونظراتهما متشابكة .. تسمرت جوليا ومقاومتها تموت لسبب لا تعرفه
نظرت اليه ببراءة اذابت ضلوعه وسمع نفسه يهمس بدون ارادة :
-اشتقت اليك .. كثيرا ..
لم تستطع النطق وحلقها يجف بصدمة وعصفت ض*بات قلبها بعنف لما لامس بفمه شفتيها برقة شديدة ..
بشوق لما جمعهما يوما
تراجع قليلا ونظر اليها وشفاههما لاتزالان متلامستان من بعيد ثم عاد مجددا برغبه ولهفة
وقبلها بقوة وهو يجعلها اقرب اليه ليتلامسا وارتجف جسده كما جسدها
ظلت يدي جوليا منسدلتين بقبضتين مضمومتين تستقبل قبلته بخضوع وجفنين مغلقين
(( انت لا تستحقين حبي جوليا .. لقد خذلتني ))
صوت الباب وهو يصفق في وجهها اعادها لارض الواقع فانتفضت بين ذراعيه برفض واستغلت حنو لمساته
لتتراجع بعيدا وتدير ظهرها له
تنفست بصعوبة وعينيها لا تريان شيء .. تشعر بوقع نظراته عليها تسمع صوت انفاسه اللاهثه
فترتجف اكثر ثم تحرك ... خرج واغلق الباب بعنف خلفه
فاغمضت جفينها بتاثر .. ومسحت شفتيها تشعر بالق*ف .. كيف وافقت كيف استسلمت ؟؟
كيف فعلت ذلك ؟؟ يا للعار !!
****************
تناولت افطارها مع طفلها في المطبخ كما تفعل عادة .. فيما تتناول العشاء في غرفتها هي وجيدن
وبذلك لا ترى ليام ولا تتشاجر معه
-جيكوب ؟؟!!