2

1483 Words
رمشت عدة مرات بصعوبة عندما تناءى إليها صوت غريب شهقات مرعبة، و أصوات غريبة إختلطت معاً حتى سبَّبت لها صُداعاً فضيعاً فتكَ برأسها، تستطيع سماع صوت خطوات أقدام على الأرض الرطبة صوت تنفُّسها المكتوم، و بوضوع تشعرُ بخفقات قلبها العالية عبر أناملها و عنقها، جسدها م**ر بسبب ألم فضيع إستفحل عليه، شلَّها و منعها من الحراك. بصعوبة شديدة أرغمت عينيها على رؤية ما حولها إلا أن الظلام الدَّامسَ هو ما قا**ها، و لحظة تلو الأُخرى علت الأصوات، و ازداد معها الصُّداع حاولت الوقوف متحدية الإرهاق الشديد، و الألم الذي يكوي عضلات جسدها، تحاول أن تلمح أي شيء عن ما يُحيطها لكن ظلام المكان منعها من الرُّؤية، و دوارٌ فضيع داهمها و أعادها لحيثُ كانت مستلقية يمنعها من النُّهوض، قاومت لكن مقاومتها لم تكُن ذو فائدة فلم تعي على نفسها إلا و قد فقدت وعيها مُجدَّداً و غطَّت في سُبات عميق... فتحت عينيها ببطء بعد فترة بسيطة، و على ع** المرَّة الماضية كان الظلام قد تبدَّد قليلاً، و أصبح بإمكانها رؤية ما يُحيطها غرفة ضيِّقة تبدوا كزنزانة قذرة بسبب القضبان الحديدية الصَّدئة أمامها، و الجدران الحجرية التي نمت عليها الطَّحالبُ. إعتدلت بجلستها على السَّرير المهترئ الذي استلقت عليه قبل لحظات، وتنهَّدت براحة عند شعورها بألم جسدها يخفُّ رويداً رويدًا، كان الدُّوار أخفَّ بكثير، و قلَّ شعور الغثيان الذي منعها سابقاً من النُّهوض من مكانها. بقدمين مرتجفتين نهضت من السَّرير، أين هي، آخرُ ذكرى لها كان البرد الذي غلَّف جسدها عندما ألقت بنفسها في البحيرة ! هل هذا هو العالم الأخر، أهي ميِّتة الآن ؟ بحركة لا إرادية منها غطَّت فمها و أنفها بيدها تحاول منع تسلُّل الرَّائحة المُزعجة التي عبقت بها الأجواء إليها و اتَّجهت إلى القضبان الحديدية تحاول فتحها علَّها تتحرَّرُ من حبسها إلا أن الباب أبى و اكتفى بإسماعها صوت صريره المُزعج الذي زاد الغلَّ بداخلها و جعل أسئلة عديدة تتراكم بعقلها، ألا يفترضُ بها الشُّعور بالرَّاحة الآن أحتَّى بعدما ماتت ستعيشُ بطريقة مق*فة ؟ كادت أن تبكي و لكنها نجحت بكتمان دموعها عليها أن تجدَ حلاً لمشكلتها لا أن تبكي، و ترثي لحالها، عليها أن أتوقف عن إخراج دموع لم تجد منها فائدة تذكر قبلاً، فماذا عن الآن، و هي لا تعلم حتى إن كانت حية أم ميتة ! وزعت نظرها بأرجاء الغرفة علها تجِدُ شيئاً يُساعدها أمسكت، بالقفل الذي أغلق به الباب الحديدي رغبة منها بشدِّه بقوَّة آملة أن ين**ر فقد بدى لها هشاً صدئاً لكنها لم تُفلح، لهذا تنهَّدت بخفوت، و التفتت توزِّعُ أنظارها حولها فلمحت أمراً غريباً بزاوية الزِّنزانة مختبئاً في الظلام... بخطوات بطيئة إقتربت و الخوف كان ينهشُها من الدَّخل و كم كانت راحتها كبيرة عندما لمحت صندوق خشبيًا غريب الشكل به مقبضً على جانبه الأيمن، ما الذي عليها فعلهُ الآن أتديرُ مقبضه ؟ ربما سيتحرك شيء ما إن قامت بتحريك المقبض، إرتجفت قبضتها بينما تُدير المقبض حتى ثلاث مرات بتوتر إلا أنها توقَّفت مُباشرة عندما سمعت صوتاً مشوَّشاً مبهماً بدا لها كصوتِ ... إمرأة صادراً من مكانٍ ما ! من الأعلى، ربما من زوايا الزنزانة لا تدري لكن الكلمات التي تستمع إليها واضحة تمامًا. " يوجد دائماً بداية و لكُلِّ شيء و يوجد نهاية لهذا حاولي أن لا تعلقي بالمنتصف " كان هذا كلُّ ما قيل، لم تتحرك من مكانها بل بقيت واقفة بسكون تفكر بالصوت الغريب الذي تردد بعقلها، هل ستبقى بهذا المكان الموحش لفترة طويلة... كيف ستخرج و هل، هل هناك شخصٌ ما غيرها هنا ؟ تن*دت بعمق تحاول تنظيم ض*بات قلبها تشعرُ بدموعها تُهدِّدُ بالإنهمار مجددًا لكن عليها أن تهدء، لا تعلم إن كانت ميِّتة أم على قيد الحياة لكن عليها أن تفكِّرَ برويَّة، لقد مرَّت بالأسوء يمكنها تخطي ما يحصل... نظرت لأركان الزِّنزانة و لوقت جهلت مدَّتهُ ظلَّت تبحثُ عن مخرج، عن دليل تفهم من خلاله ما يُحيطها لكن عبثاً،إتجهت لباب الزِّنزانة الصَّدئ لتُحاول فتحهُ مُجدَّداً بمحاولة يائسة و يالَ الصَّدمة بأخفِّ دفعة منها فُتحَ الباب فجأة، هل هذا يعني أنه بأمكانها الخروج من الزنزانة ؟ غلَّفت الظُّلمة المكان في الخارج مانعة إيَّاها من رؤية ما حولها. و لجمتها نسماتُ هواء حارَّة جعلتها تتصبَّبُ عرقاً، تنَّهدت بخفوت تحاول تخفيف شعور التَّوتر الذي سيطر على أقدامها المرتعشة، و بدأت تمشي بذلك الممر الحجري المُظلم بدون أن تعي وجهتها. كان هدفها الخروج من تلك الزنزانة البائسة، و مع ازديادِ الوقت الذي قضته بالمشي في ذلك المكان المظلم تائهة شعرت باليأس، و الخوف حتَّى لمحت من بعيد شمعة ت**ر ما حولها من ظلام اتجهت إليها سريعا، و في قلبها قد اشتعلت ذرَّة أمل لكي تفهم ما يحصل قبل أن تتحول لمجنونة ! فوجدت أنها نهاية الطريق، و بجانب الشمعة التي علقت على الجدار باب خشبي كبير الحجم. ابتلعت ريقها بخوف و تلمست الباب بحذر ثمَّ دخلت بهدوء شديد، تنظر حولها لتلك الغرفة التي عجَّت بزنزانات شابهت التي كانت فيها، كان الهدوء الذي احتلَّ الأجواء مريباً و يبعثُ بالقشعريرة بجسد بيلا المُرتعش، بخطى خائفة وفضولية اتجهت إلى أحد الزنزانات ببطء، و فتحت بابها بهدوء فص*ر صريرٌ مزعجاً **ر الهدوء الذي كان يحتلُّ المكان، ولجت للداخل إلا أن المكان لم يكُن به شيء غريب بل كانت الغُرفة فارغة إلا من جدار جري تنمو عليه بعض الطحالب دليلاً على قدمه، كادت أن تعود أدراجها لخارج الزِّنزانة لكن فجأة شعرت بشيء قد قبض على ذراعها بعنف يلقيها خارج الزنزانة، و قبل أن تستوعب ما يحصلُ حولها غُرز شيء حاد بذراعها فصرخت متألِّمة ! بضعف نظرت للأعلى فرأت أمرًا جعل شعر جسدها يقف من الخوف، عينان **اهُما لون أبيض، و جسد نحيل قذر للغاية يظهر عظام هذا الكائن الذي تجسَّد أمامها، و مخالبه الطويلة التي أخذت مكانها عميقاً بذراعها، بدون شعور منها أطلقت صرخة متألمة أخرى و دموعها خرجت من مقلتيها بغزارة بسبب الألم الذي ازداد عندما حاول ذلك المخلوق رفعها غصباً من الأرض بمخالبه التي غرسها في ذراعها. عليها الفرار، عليها الهرب، و النجاة نهضت من الأرض سريعاً تحاول أن تتحمل الألم، و دفعت ذلك المخلوق بكل قوة تبقت لديها إلى الجدار مرارًا، و تكرارًا بمحاولة يائسة منها، راغبة بأن يخرج مخالبه علَّها تستطيع الفرار، و بعد وقت طويل من الإشتباك العنيف أنهك فيه جسدها من المقاومة أخرج مخالبه منها إلا أن الألم الذي كانت تشعر به منعنها من التفكير، كادت تجري سريعا لتلوذ بالفرار إلا أن يده الطويلة قد امتدَّت ناحيتها مُجدَّداً، و أعادت رميها على الأرض بقوَّة فارتطم رأسها بعنف سبب لها دواراً فظيعاً بسببه عجزت عن النُّهوضِ مُجدَّداً فجسدها المتألِّم لم يستجب لها، شعرت برغبة شديدة بالتَّقيؤ بينما يغيب وعيها شيء فشيء، هل ستكون طعامًا لذلك الوحش الغريب ؟ *** *** *** *** تململت بانزعاج على السرير عندما شعرت بضوء أشعه الشمس الصباحية يداعب غشاء عينيها، رمشت عدة مرات تحاول أن تبعد الضباب الذي تكون على مقلتيها، بينما تحاول استيعاب ما يحصل حولها، أين هي ؟ ألم تكن في تلك الزنزانة، و قبلها كانت في داخل مياه البحيرة، و الآن هي في غرفة مريحة دافئة ما الذي يحصل حولها ؟ بعد ثوان معدودة شعرت بها آن و كأنها على حافة الجنون، دخلت إمرأة للغرفة تلبس ثوباً ريفياً بسيطًا و على شعرها الأشقر المظفر إستقرَّ إكليل زهور بيضاء، اقتربت المرأة من السرير الأبيض الذي استلقت عليه بيلا المنهكة، و جلست على الكرسي الخشبي الذي بجانبه تقول لها بهدوء " مرحباً، كيف حالك الأن ؟ " نظرت بيلا للمرأة مطولاً تتأملها، عيناها البنيتان الواسعتان و رموشها الكثيفة، شعرها الأشقر الطويل الذي صنعت منه جديلة وضعتها على كتفها، و إكليل الزهور الذي استقر على رأسها، قالت بيلا بصوت مبحوح من التعب " بخير ... أظن ذلك " **تت قليلا تحاول إعادة صوتها كما كان سابقًا ثم سألت تلك المرأة بينما تريح رأسها على الوسادة الطرية محاولة تحاول تنظيم نبضات قلبها و أنفاسها المتسارعة " أين أنا ؟ " د " ابتسمت المرأة و أجابتها قائلة " أنت في منزل ريفي على حدود المملكة حدود المملكة ، مهلا أهذا يعني أنها ما تزالُ على قيدِ الحياة ؟ " كيف وصلت إلى هنا ؟ " سألت بيلا بهدوء ع** الخوف الذي بدأ يكبر في داخلها، هل هذا يعني أن ما رأتهُ سابقاً كان مُجرَّد حلم ... كابوس ؟ و لكن إن كان حلماً إذاً ما سرُّ هذه الضِّمادات البيضاء التي إلتفَّت بيدها و رأسها ؟ عندما اسستشعرت المرأة شرود بيلا قالت تحاول جذبها لأرض الواقع " أدعى أنجل عزيزتي، أعيش هنا وحيدة لأن المكان بعيدٌ عن صخب المدينة هادءٌ و مريح، بينما كُنت أتمشَّى قبل يومين رأيتُ جسدكِ مُمدَّداً على ضفة بحيرة جميلة للغاية كنت مصابة، و مبللة بالكامل لهذا حملتك لكوخي و داويتُ جراحك " لم تعرف بما عليها أن تُجيب فهي واثقة تمام الثِّقة أن جسدها غاص عميقاً بالبُحيرة، فكيف خرجت منها ؟ رأسها يؤلمها بطريقة فظيعة فلم تستطع الحديث أو التفكير، أردت فقط النوم " هل يمكنني النوم رجاء ؟ " همست بيلا بينما تمسُدُ على جبينها بألم، ففهمت أنجل الأمر و غادرت مُنسحبة من الغرفة بابتسامة لطيفة بشوشة، بينما حاولت بيلا النوم أملاً في أن يخفَّ ألم رأسها لتستطيع التَّفكير بما يحصل معها.
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD