٧

1111 Words
-آه صح، هاي حياة كاملة اللي مقبلة عليها، إذا ما كنت ناوية ومقدرة الإشي اللي داخليته، لا تغامري وتفوتي! حدّثتها بجدية حقيقية و كلامها جاء من نبوءة خبرتها: -الزواج مو مغامرة.. مؤسسة بحالها.. أساسها إيجاب وقبول.. غاص صوتها بشيء من حنين، تذكرُ حديثاً لوالدها حدّثها به في موقفٍ مشابه ليلة خطوبتها قبل سنوات لكنها خطبة لم تكتمل واستعجل خاطبها الرحيل إلى السمّاء ككل من أحبتهم: -القبول بن*دى من أول مرة تسمعي بالقصة القلوب ما بتغلط .. ما بتخلي صاحبها يتوه! لاحظت تأثر علياء بالكلام فاستغلت ذلك وسألتها: -هسّا كوني منطقية، واسالي حالك شو حسيتي بوقتها والموضوع كله هون _أشارت بسبابتها حيث ص*رها_ إزا ارتاح قلبك معناها تمام واستمري، وإذا لأ بلاها! ثم وقفت وأراحت جسدها من جلستها المتعبة : -هلأ شو رأيك نشتري عصير ليمون، رح أموت عطش لإنه.. ثم عادت إلى علياء وأخبرتها بهمس : -اليوم مخصص لقضايا العنف والطلاق، ما رح أحكيلك مع كم حالة تعاملنا وشو كانت نتائج الزواج المبنية على غلط!! تأسفت ملامح علياء فلم تؤجج المشهد درامياً عروبة إذا أشارت نحو كوخ يبيع العصائر -بالله عليك شربيني قبل ما أموت عطش، وساعتها وزعي عني عصير بأيام العزا .. ضحكة علياء صدحت رغماً عنها حينها، إذ أن روبي وبرغم إتقانها للهجة الأردنية ببراعة تحسد عليها إلا أنها تخلط لهجة القروي بالمدني فتشكل مزيجاً لذيذاً يجعلك تود سماعها كل الوقت.. لقاء روبي أفادها وبشدة، ووصلت لقناعة حقيقية من خلاله، ولا تنسى يوم مقابلة الخاطب ماذا حدث.. أقنعة بشرة، وذهاب لصالون تجميل لعمل التعديلات الملائمة وحماس زاد من همّها صراحة ووالدتها مستبشرة وكأنها عروس! -بسم الله عليك ما شاء الله، روحي يا علياء إلهي وأنت جاهي يفتح ع قلبك ويهدي سريرتك وأفرح فيك يا رب.. خرجت من صالون التجميل وحالما وصلت صالة الضيافة، جاءها صوت والدها معه ملهم. خجلت أن يرياها وهي تتحضر لاستقبال الخاطب، لذا توجهت نحو المضافة ومن بابها تسللت نحو الغرفة. ودقاتها تدور بفلك كبير من المشاعر! التوتر المعتاد حال رؤية أي متقدم، الحوارات التي لا تعلم كيف تجري وكيف تنتهي، التفحص المعتاد من ذويه ومنه هو شخصياً، برغم أنها تتصرف بطبيعية والمفترض أنها تجاوزت، لكن شخصية بانطوائيتها لن تتجاوز وسيؤثر بها كل شيء! تمعنت في المرآة، تبصر اللمسات الناعمة حول عينيها وحاجبيها اللذين بدا تغييرهما واضحاً، لم تعدل عليهما ولكن بإتقان خبيرة التجميل أبرزتهما، وعينيها فقيرتا الجمال.. طرق باب غرفتها، جعلها تلملم نفسها، تضبط حجابها وتأذن للطارق فكانت أختها الصغيرة عالية.. -يا ويلي يا ويلي، وك هاد مو عريس هاد صاروخ أرض جو يماااا.. يما من طوله.. ولا شعره.. ولا عطره الفايح بكل البيت.. تن*دت من سخافة عالية، وسألتها: -وصلوا ا****عة يعني؟ ردت أختها بتهكم مستفز لها صراحة.. -لا ما وصلوا، عن أي عريس نازلة بقول أنا، آه؟؟ ثم اقتربت من أحد العطور ونثرتها حول ملابسها : -عفكرة أهله مو معه جاي لحاله.. واستفاضت بشرحها هائمة: -ياه شكله مودرن ومو تقليدي جاي بدون حدا.. دوت ض*بات قلبها بعنف متغاضية عن إنكارها قدومه وحده إذ لا تقتضي العادات هكذا التوتر يعود بشكل أقوى، فركت أصابعها بحافة مرآة الزينة فعلامة توترها أن تتمسك بأي شيء تمسد أصابعها به.. -إمي بتحكيلك تعالي حضري القهوة وطلعيها بسرعة! -تمام إطلعي هلأ، ثواني وبلحقك.. كانت مقابلة مزعجة حيث اجتمع ملهم ووالدها بالشاب يتفحصانه ويمحصانه كاملاً، ولا يخفى عليها انبهار عائلتها برؤيتها عدا العريس المعني بالانبهار الذي لم يعر لمساتها اهتماماً، ربما يكون محقاً فهي ليست جميلة، ولا تبهر النظر لكن عائلتها أنعشت حسّها الأنثوي، ومعهم ملهم الذي نظر لها مطولاً ملاحظاً الفرق... ربما لاحظ لمسات حاجبيها الجميلة. حينما استفردت بالعريس صدمها بشدّة ما حكاه وما سرده عن نفسه.. فعدا عن كونه أرملاً من خمسين يوم وبدأ البحث عن زوجة جديدة، ولا أفضل من أنثى على مشارف الثلاثين مثلها، ناهيك عن نفورها منه لقلة وفائه وصورته المزعجة بعينيها، لكن ما حدثها بعد ذلك هو ما صعقها.. -صراحة إذا ربنا كتب نصيب وقبول، رح بلغك من هسا إنه أنا رح أستقر برا البلد لإنه مالي نية أضل فيها.. قاطعته متسائلة بهدوء: -ليه يعني إلك شغل برا مثلاً؟ ضحك بسماجة وبترفع ذكوري مقيت أخبرها متشدقاً: -لا مش بيزنس، بس هالبلد ما بقدر أضل فيه .. متفاخراً يثير النفور أكثر في قلبها: - هالبلد بقتل أحلامي، بحس إني مخنوق فيه وما بقدر أمشي، أحقق وأنجز إشي؟ بدا وكأنه يختار الكلمات بعناية وجهد مضاعف : - هالبلد صراحة.. يخفف توتره المفضوح برشفة من فنجان قهوته الذي عدته خسارة بحقه وتابع: -بدمر أحلامنا، محبط لكل شي بنقدمه ونعمله! هنا فارت دماؤها وغلى دم الحمية بعروقها: -وليه مالها البلد؟ يعني عفواً شو اللي كنت ناوي إله أنت وعملته وهالبلد حطمته؟ لم تمهله باستيعاب موقفها الهجومي : - أو مثلاً شو اللي قدمته وما قدّرته! شو أكبر إنجازاتك إلها، وعطاءك كمان؟! قاطعها بلباقة مستفزة لها، وعطره المزكم لأنفاسها بدأ مفعوله بإثارة الدوار لها: -عفواً آنسة علياء ليه بتحكي بهالحدية هاي؟ بلعت تكشيرة غير مستحبة : - بحكيلك رأيي أنا ما بقدر أشوف هالبلد بعيونك ! وبهدوء مغيظ : -بع**ك كل أحلامي وطموحاتي برا ما بشوفها هون! ارتشفت من كأس الماء أمامها وأجابته بحدة أكبر: -وليه مثلاً ما تشوفها بلد لأحلامك وطموحاتك؟ واعتدلت بجلستها قائلة: -بتعرف أنا ما بقصدك أبداً طبعاً بس بتعرف شو مشكلة شبابنا هالايام . هز رأسه يحثها القول : -إنه الجميع بشوف البلد خانقيته وما بتحققله اشي، ولا هي أرض أحلامه، مع إنه هم كشباب ما قدموا شي للبلد غير نظرتهم السوداوية.. تجوب بنظراتها ملامحه المستهجنة غير الراضية وتنتشي بتقديم نفسه منذ البداية: -يعني ببساطة لو سألت شب، شو في شي قدمته للبلد، رح يقلك إنه ولا قدم إشي، فكيف يستنى مقابل طالما ما عمل اشي إلها!!! توسعت عينا الماثل أمامها حتى محجريهما، لكنها واصلت غير عابئة بأصول الذوق: -مش طالبتك البلد تصنع مفاعل نووي إلها .. وبدم يغلي غيرة وحمائية : -ولا طالبة نيزك ولا صاروخ، بس بعز عليها تستثمر ذكاءك ببلد ثانية .. أشار بالمقاطعة فأهملته، لم يكن ذا حضور طاغٍ ي**تها : -وأنت قادر هون، وإزا حكيتلي لأ ما في مجال، رح جادلك وبقوة تعرف ليه؟؟ لم يجب، ولم تنتظر إجابته: -لإنه كل حد فيها بده يطلع من العدم وهوب يا عالم قدروا مواهبي، وقدراتي وطاقاتي.. تعب صوتها المشدود كأعصابها ككل ما فيها: -صاحب الطاقة طاقته ما بتنضب بضل يضاعف وينمي فيها ليوصل لهدفه! تن*دت عميقاً : -مشان هيك قبل ما تحكي هالمكان مو أرض أحلامي، اسأل شو هي طاقات أحلامك أساساً!؟ شع بريق الفخر بصوتها : -وطبعاً أنا بع**ك تماماً، يعني شايفة أنه بلدي أحق بوظيفتي، موهبتي وحتى العطاء عندي، بلدنا أحق بأنها تكون استثماري الوحيد. رمت بآخر أوراقها وهي تستقيم من فورها: -وهيك بظن أنو مقابلتنا انتهت، يللا نتفضل ع جلسة العيلة. لا تنسى الهجوم ونظرات الخيبة من جميع أفراد العائلة لدى إبلاغهم بحوارهما الذي استنكروا ارتفاع أصواتهما فيه، إلا أنها شرحت ببساطة ما حدث، وحينما وبختها والدتها: -خليك هيك، متعنتة وراكبة راسك لحد ما يفوتك قطار العمر وأنت واقفة! القطار، القطار مجدداً ليته يدهسها وترتاح، الرجل خالٍ من أي إنسانية وهؤلاء يفيضون بالعبر المستفادة لتأخر الفتاة بالزواج.. -يا إمي هاد ما فيه خير لبلده، رح يكون فيه خير الي؟! خرجت من الصالة بعينين دامعتين، وملهم يشيعها بنظرات غير مفهومة أبداً
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD