تنويه : بلد البطلة من وحي خيالي، لا وجود لبلدها على الواقع!
قبل أي شيء ..
التقط رداء الإنسانية، تدثر به جيداً وابدأ معي ..
المقدمة
ماذا لو وقع الكاتب في حب بطلته؟
ماذا لو كانت حبكته قضية، وهي ثورته؟
وماذا لو كان بطلا مستتراً خلف الأسطر ولا أحد يلاحظه؟!
فهل ستكون حبكته محصنة من غارات الهجوم ولا يخضع دستور قلمه إلى الانقلاب بتغييرها، أم سينخرط فيها مفاوضاً ويبث جوهره فتلتحم بنات أفكاره بميدان الإيدلوجية خاصتها؟!
لقاء خريف
-كل الفصول راكدة إلا الخريف عاصف... لكم تعشق هذا الفصل الذي تستلهم منه القوة والعزائم.. تنظر للأشجار الع***ة تشجعها تحمسها بألا تهتم بها وبحالها، بل ستجدد روحها بمحصول أفضل، ترتدي وريقات أفضل فلا حزن على ما مضى، والقادم أفضل..
سارت بين شوارع العا**ة، حيث يقع عملها في قلبها، رغم أنها لم تأت إلى هُنا إلا منذ سنوات قليلة، إلا أن روحها تألف المكان وتحبه!
تناظر الشجر الذي تساقطت وريقاته بجمال يستحق التخليد في أحد رسوماتها، الشفق يخضب الأغصان الع***ة بصبغته، وبقايا الوريقات تتمايل بغنج مع نغمات الغروب ونسائمه!
لمعت عيناها ببريق مميز، ناظرت ساعة المحمول، ابتسمت بنصر.. فهي تمتلك من الوقت لتفعل ما يُلّح عليها عقلها به، لذا ببساطة شديدة انحرفت بسيرها واتجهت حيث الفعالية التي عجزت عن حضورها اليوم بسبب "الكتاب" الذي تقوم بتدقيقه في دار النشر..
تقدمت الجمع المنهمك، هذا يمسك باللاصق يحدد خطوط رسمته، وآخر يجري التخطيط والرسم قبل استخدام الفراشي والألوان، لم تجد مساحة من الجدار كافية لها، تن*دت بخيبة وسارت نحو علب الطلاء والألوان، أخذت ما تحتاجه، وتوجهت نحو آخر الممر، دون لواصق ولا أخذ حدود، بعشوائية متأصلة فيها، جلست الق*فصاء وبدأت عملها.. أمسكت الفرشاة وانهمكت ببث صورة الغروب التي ألهمتها بشجرة ع***ة إلا من ورقة سقطت وطير يستند على الغصن أطار برفرفته ثباتها، ومجموعة من الطيور يتضاءل حجمها كلما سارت نحو الأفق.
عند إتمام اللمسات النهائية لشجرتها الصغيرة استقامت لجلب علب الرش للكتابة، فاصطدمت بشاب لا تتبين ملامحه يرتدي كمامة وقفازات يبدو من النوع الذي يواجه حساسية من الطلاء وشغفه أكبر فيه فلا يستطيع تركه، تأمل رسمتها مطولاً فلم تعبأ به
عادت بألوان الرش، تنحنحت وقالت بصوتها الجهوري
"لو سمحت ممكن شوي!!"..
التفت إليها يترك لها مجالاً للعبور، تحركت باقتضاب فهي تكره أن يراقبها أحد في عملها، وبدون تردد أمسكت بعلبة الرش البنية وكتبت عند زاوية الرسمة
-للخريف سطوة بسمو الذات وعلوها
بدلت العلبة بالزرقاء ثم انحنت وأكملت تحت العبارة الأولى بمسافة متباعدة
-وحده من يخبرك بأنك الباقي المهيمن والمناضل الأخير
رمت العلب من يدها وأبقت على السوداء لتكمل، فقاطعتها كف سحبت العلبة منها بدهشة لم تخفها، راقبته يفتح الغطاء يتوجه ناحية الطيور المحلقة ويكتب بخط كبير وواضح
-لذا حرر قفصك وسر نحو الأفق..
وبحركات رشيقة أعاد إليها العلبة وهي بذات الق*فصاء التي تجلسها، وأفصح عن صوت ثابت وقور..
-بعتقد إنها أفضل هيك..
لا زالت بدهشتها من تطفله حتى لو أعجبها وبقوة ما قد كتب، ليعود بنظره لها ويهزّ رأسه بتحية ويغادر..
فما كان منها إلا أن عاودت فتح الغطاء وكتب بتوقيع صغير بجانب الرسمة
"لقاء خريف"
استقامت من جلستها ونفضت سروالها الواسع، ومسحت عليه منتبهة في اللحظات الأخيرة بأنها لطخته بألوانها، وها هو سروال جديد ينضم لقائمة الإعدام بسبب إهمالها.