٣

731 Words
لاحقاً في مكتبها.. لم تستطع **ب معلومة واحدة من أباد الكئيب ونظارته المستفزة الم**ورة التي أرسلت لها موجات سلبية تجنبت بصعوبة التقاطها، خوفاً أن ينتهي الحال بها تفرغ السلبية بالرسم وعلب الطلاء، وتخنق نفسها لفساد الطقم الجميل الذي دفعت فيه مبلغاً وقدره! نفثت بضيق، أصابعها تشعر بها تتآكل بحاجة أن تشغلها بشيء، مديرها عديم الفائدة لم يعطها نسخة الكتاب إلى الآن وأوكلها بمهمات سخيفة كأرشفة بعض المدونات، وتدقيق مجموعة قصصية للأطفال تدور حول السلام والجمال.. نقرت بأناملها على الطاولة تحاول أن تشغلها بشيء ما، واستسلمت أخيراً للذهاب إلى الفحم الذي تخزنه بدرج المكتب، ولا بأس إن أفسدت الطقم، سترسم بالفحم.. وثواني قليلة وتنبيه الهاتف يومض بتغريدة لملهم روحها.. طالعتها تعيدها مراراً وتكراراً، تتبسم على كل حرف وتربت على الآخر، وتبدي إعجاباً لا تخفيه بكل ما يخطه.. -في كل مرة أعود بها إلى الأردن، تستقبلني شوارع عمّان بغلائل متجددة بإغواء، وكأنها تلومُ فقير الحيلة إلا من حبها على الإفراط بها، ليت بيدي يا عمّان ما فارقتُ نعيمك ولا استقر جسدي بغير أحضانك مكان! لامست الكلمات جرح ما برى ضماده، لا زال ينبض بوجع، ينزف غربة نقرت بزر الإعجاب وردت على تغريدته، برد يجابه حجم شوقه لبلده، شوقا تتفهمه -يتضخم حب الوطن فينا كلما ابتعدنا، فللوطن سطوة بمضاعفة الضخ بأوردتنا فامتلأنا به حد أن نكتفي به عن سواه وكأنه يشحننا للحظات الاغتراب، نحن الأوطان ما اغتربنا.. ستبقين يا بلادي حاضرة، ما دامت القلوب تتألق بك.. فهي عامرة! ولا تدري كيف أرشفت مهام الديوان كاملة، وحررت مجموعة قصصية، وقرأت قصة الخادمة والأمير مرتين وأرفقت سباباً لساحرة الحكاية وانتعش ص*رها لفوز الخادمة بالأمير، وشمتت بالساحرة التي ماتت غيظاً! وتابعت قصص السلام والحب ومع آخر صفحة حررتها، زفرت تنهيدة طويلة وهمست.. -ليتنا لم نَكبر! جاءتها علياء صديقتها التي تعرفت عليها في أول جولةٍ لها في المكان، توطدت صداقتهما وعرفتها علياء لمجموعة خدمية هدفها رسم البسمة على وجه كل بائس يرونه فرحبت بالفكرة توهبها جل ما تملك، وها هي الآن في مكتبها تطلبها الذهاب برفقتها لجلسة تصوير مهمة لعملها -ليش ما بتقدري تروحي معي؟ -عشان وراي أشغال مهمة! تبصرها علياء بدهشة: -مثل شو حضرة جنابك؟ طوشة مع أباد ولا عروض تدقيق؟ رمتها بورقة جعدتها : -لا تستهيني بعملي، أنا شغوفة فيه متلك، ملاحظة إنك بتضيعي وقتنا وأنت عارفة إني ما رح آجي معك؟ استقامت علياء مغتاظة : -الله المنتقم بس، عتبك ع يلي بجيب الك قهوة معه! شوحت عروبة بكفها قائلة: -ولا بهتم! -الأيام جاية يا روبي، ورمتها بذات الورقة المجعدة! الاسم: علياء .. شامخة **نابل الكرك، شهية ككروم عجلون سمراء بدوية تحمل الأضداد وبحب تتقبلها! الوظيفة : كاتبة في مجلة أسبوعية. *********************** كان كمن حُرر من قفص أغلقه على نفسه برضا، تغفو خطواته في كل بقعة، جال مع السائق كثيراً، طلب منه أن يفسحه في شوارع عمّان وفعل العم خليل، مرّوا بأحد المخابز طلب خبز المعروك المحلى فجاء به، تناولاه مع كأس شاي وما إن أنهى القطعة استوقفته جرّة ماء فمضى إليها اغترف من الماء يشرب بعطش مرر الماء على وجهه وناول العم خليل الكأس فشربها بسعادة .. -حتى المي طعمها غير يا عمي نهل من الماء مرةً أخرى -كل شي بالبلد إله نكهة غير، حتى الهوا غير .. يبتسم خليل يجيب بمودة : -أروي عيونك وحواسك يا ابني، ريتك ما تعطش وأنت بعيد ! أمّن معه على القول وبتردد سأل خليل : -لأي درجة كنت بعيد لتجي ملهوف هالقد؟ طل وميض الحسم من عينيه مجيباً إياه -ما كنت بعيد يا عم، الحال بعدني ولا أنا روحي معكم يتفهمه خليل: -ولا أنت كنت بعيد، أنت موجود فينا وحسّك معبي البيت عادا إلى السيارة والحياة في الشوارع تنع** على عينيه، فتح الهاتف ورأى ما شاركه سياف أطرب مسامعه بصوت ملهم، وضج قلبه بفكرة قربهما منه، كان أضعف من اللقاء ويعلم، غشاه ثقل السنوات التي مضت فضاق الص*ر بلا ما يحتمل، ومضى الطريق يوخزه بالماضي، بنعاس حتمّته الذكرى رقد في ممرات الذاكرة .. وأماكن تَمّر بها، يحادثك ضجيجها و**تها، هنا ب**ت روحك في زوايا المكان ضحكة، وهنا عانقت صديقاً خذلته الحياة، وعلى المقاعد الخشبية تستحضرك الذاكرة لأول لقاء عاطفي كارثي مليء بالوعود الكاذبة والعبارات الساذجة! هنا ابتعت أول كتاب لدرويش، وهنا أول مرة سمعت بغسان! هنا أنفقت ثروتك الصغيرة، وهنا تعلمت الادخار لأجلها.. ينفض عنه سيل الذكريات ليبصر الحال الآن؛ صديق خسره بغفلة، وبائع الكتب حُرق كوخه وقوته والماضي بقي ماضٍ يُذكر وتنهيدة ندت عن شفتيه! -ليتنا لم نكبر! -مر من عند المسجد الكبير عمي خليل؟ -بدك تروح للقهوة؟ - خلص إجى دورها! الاسم :ثائر .. من رحم الصحراء..ثائرٌ بملامح نحتت من صخر، زاهي الطلة رغم صلابته! روحه وردية، وتاريخه مخطوط على مسلةٍ نقش عليها كل من عبره، أثره معبق بياسمين مقدسي! الوظيفة : كان طبيباً فيما مضى!
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD