كوني أنتِ. الفصل الأول ، ذكريات
التاريخ: ٢٦/٠٨/٢٠٢٠
موضوع: كوني انت
، في إحدى قاعات الفنادق الكبرى تقف هنا البدري على المنصه تلقي بخطبتها الأولى بعد إنقطاع استمر لمده عام كامل
(( حبيباتى إن حياه المرء كعقد من الألماس إذا إنفرط، ووقعت منه حبة تكون بدايةالنهاية
كذلك أنتِ سيدتي تستمري في تقديم التنازلات فينفرط عقدك حبة تلو الأخرى، وفي النهاية عندما يهن العظم وتخونك الذاكرة تجدي نفسكِ وحيدة،
لذلك، هذه نصيحة من أخت لكِ انفرط عقدها؛
كوني أنت ِ، عيشي لنفسك أولاً، وفري طاقتك ومجهودك؛
فنحن في زمن قلت فيه البركة والخير، وأصبح الوفاء عملة نادره تكاد تكون معدومة.؛ فهذا أب اغتصب ابنته، وهذا أخ قتل أخيه وغيرها من الأخبار التى تقشعر لها الأبدان....
عزيزتي؛ أنا لا أعينكي على الإهمال أو التقصير في حق الزوج، أو الأبناء،
ولكن أقول لكِ سيدتي: إن لبدنك ولنفسك عليكِ حق فاعطِ لنفسكِ حقها...
اتركِ لنفسك مساحة اعطي لنفسكِ هدنة،
ما الضرر في تخصيص بعض الوقت لنفسك؛ احتسِ فنجالاً من القهوة، تناولِ قطعة من الشوكولاته
وفري بعض المال واذهبِ مع صديقاتك للتسوق..
اشترِ بعض الملابس، بعض الكتب أو حتى بعض الروايات...
لا تبخلِ على نفسكِ؛ ولا تبخسيها حقها...
أقول كلماتي هذه وأنا في أشد لحظاتي بؤساً وقهراً..
لقد علمتم جميعا ما ألم بي من مصائب...
لقد تزوجت من أحب وعشت له أفنيت كياني في كيانه..
ولكني لمشيئةلا يعلمهاإلا الله لم أنجب، مر عام واثنان وخمسه ولم أرزق بولد ؛؛
نصحته بالزواج تخليت عن كرامتي وعن أنوثتي؛
وطلبت منه الزواج بغيري..
وفعلا تم ما أردته.... ماذا فعل هو ؟!
تركني ونسيني ، نسي حبه لي وحبي له، نسي رغبتي به..
لم يذكر لي شيئا جميلا فعلته له...
علمت بحمل زوجته الثانيه بالصدفه فهو لم يخبرني؛
لا أعلم، هل خوفا على مشاعرى أم هي تحكمات زوجته الثانيه..؟
ولكني لم أبالي وآثرته على نفسي...
سعدت كثيرا بخبر حملها كما لو أن هذا الطفل من دمي... أهملت عملي ؛ واهتممت بها، زوجة من كان حبيبي...
فرحت كثيرا عندما علمت أنه الولد ، و لكن ماذا جنيت أنا؟!
لا شيء ، لا حب، لا تقدير..
كتب الله لي أن أحمل، بعد ليله قضاها معي مضطرا تحت اصرار مني، ليس لرغبة به!
ولكن أردت أن أشعر أنني مازلت أنثى مرغوباً بها...
فرح كثيرا في البدايه فانا عشقه الأول كما كان يدعى ، وهو ليس بخائن كما كنت أظن...
ولكني علمت أن بذرتي معاقة. أملي الذي انتظرته كثيرا لديه خلل جيني،
أخبرته أن ولدي لديه متلازمة داون....
أصر أن أجهضه؛
صفعة أخرى تلقيتها منه، أولا ببعده عني، وثانيا بطلبه ان أقتل ولدي....
لم تتمكن هنا من الاستمرار في تمثيل القوه، انهارت حصونها، وتدفقت دموعها كشلال...
وخاصة وهي تستمع لشهقات الحاضرين المكتومة...
أخذت نفسا عميقا وأكملت (( لم استوعب طلبه..
هل طلب مني أن أقطف زهرتي حتى ولو كانت ذابلة..
رفضت بشده ثم تركت المنزل..
ذهبت عند أخي الذي لامني كثيرا لتركي المنزل قائلا :
((تحملي فأنت ِمن أصريتي على زواجه بأخرى أنجبت له طفلا سليما معافا. ، أما أنت فطفلك هديه لن يدرك قيمتها إلا بعد فوات الأوان....
عدت إلى المنزل مرغمة، كارهة...
وضعت طفلي بعد عده أشهر : ملاكي الصغير حقا كان كالنجم الساطع في سماء شديدة السواد....
أنار حياتي وسعدت كثيرا بوجوده في حياتي : ولكن كالمعتاد ، بعد كل سعاده ألم، صفعتني الحياة مرة أخرى
؛ ولكن هذه الصفعة كانت فوق احتمالي...
بكت هنا كثيرا وكادت أن تطلب استراحة...
ولكن نظراته أعطتهاقوةهذا الرجل الذي يقف أمام الباب الخشبي يستمع إليها بشغف وحب....
أخذت نفسا عميقا ثم أكملت...
أخبرني الطبيب أن حبيبي قلبه ضعيف و سيضعف يوما تلو الآخر ؛ يا إلهي لقد أخبرني الطبيب أنه لن يكمل عامه السادس...
مرت الأيام سريعا كأنني في حلم ولكنني لا أريد أن استيقظ منه
ولكنه القدر، أكمل حبيبي عامه السادس ، وهن قلب ملاكي بشده وأدخل العنايه المركزه ، بينما كان ينتظر رحمة ربي؛ صدمت سيارة مسرعة أخيه الكبير وللأسف دمرت كلتا كليتيه ..
كان في حاجه ضروريةلنقل كليه واحده على الأقل وإلا سيموت هو الآخر...
كانت حالة زوجي، عندما علم لا يرثى لها ولكنني كنت مستغربة بشدة لماذا لم أرى هذا الحزن في عينيه عندما مرض ابني هل لأنه معاق؟! لمَ لم يحظ بحب واهتمام أبيه حتى وهو على فراش الموت!!!
اندهشت بشدة عندما رأيته يقف أمامي والحزن يكاد يقتله، من** الرأس..
سكون مريب حل بنا كلانا يقف صامتا ولكن العيون تعبر بما يخفيه القلب من حسرة..
قطع الصمت صوته وهو يقول
(( هل علمتي ما حدث لآدم ولدي؟))
قلت له بجمود:
(( نعم علمت، لذلك استغرب وجودك هنا واجب عليك إنك تبقي عنده كما تفعل دائما))
أمسك بيدي فجأه وقال وقلبه يدمي من الحزن :
((إن آدم في حاجةضرورية لمساعدة أخيه، ملاك))
رفعت حاجبا مستنكره ولسان حالي يقول كيف يساعده ملاكي الصغير وهو في فراش الموت.....
شهقت بشدة ثم وضعت يدي على فمي لأكتم شهقتي،
أكاد لا أصدق ما دار فى رأسي ...
قلت له وأنا أصرخ :
((كيف تجرأت أيها اللعين أن تطلب مثل هذا الطلب؟)
ظللت أسبه كثيرا حتى سمعنا كل من حولنا وهو يقف دون حراك عيونه زائغة، كان ضائعا في بحر الأفكار ،
شاردا لا يعلم ما يقول...
حاول الجميع ان يهدئني حتى صمتت..
ثم تحدثت وأنا وأشير إليه ودموعي منهمره:
(( هذا الرجل أهملني، وأهمل طفلي لأنه معاق، كما يطلق عليه! والآن بكل وقاحه يأتي ويطلب مني أن يأخذ من ملاكي إحدى كليتيه حتى ينقذ ابنه الآخر من الموت...
سحقا للحياه لمتى ستظل تركلنا كالكرة....
لم يصمد كثيرا ثم تحدث وصوته يملأه البكاء متوسلا أن أوافق أن يأخذ كلية ملاكي لأنه على مشارف الموت..
طلب مني سرعه التفكير ثم تركني وذهب...
طلبت من الطبيب ان أدخل لملاكي، فوافق رأفةً بحالي دخلت إليه وقلبي ينفطر حزناً عليه، مسحت دموعي ثم نظرت إليه وأمسكت بيده وقبلتها...
كنت أنظر ر إليه كثيرا وأنا بالي مشغول فأنا الآن أقف مكبلة أمام خيارين لا ثالث لهما
أما أن أقبل وأري ابن ضرتي يضحك ويلعب أمام ناظري وإما أن أرفض وأكون سببا في قهرة أم علي ولدها ...
حاولت التفكير جيدا ، لم أن أمامي إلا خيار واحد وهو أن اهب آدم جزءا من جسد أخيه ليتذكره دائما وليعلم أن هذا الصغير كانت سببا في نجاته من الموت ...
فعلا وافقت وتمت العملية بنجاح وسبحان الله كانت سلسة للغاية لدرجة نالت اندهاش كل من في غرفة العمليات ، لقد أخبرتني الممرضة أن الابتسامة لم تفارق وجهه ملاكي ...
وبعد فترة شفي ادم وأنا حرمت من ملاكي ، فرحتي الأولي التي لم ولن أنساها حتي ولو بعد ألف عام ...
حزنت كثيرا لموت ملاكي ولكن كان هناك سلام داخلي يحتويني،، لا أعلم سببه هل يكون حقا كما يقول بعد الأشخاص أن روح من نحب تحيط بقلوبنا فتطمأنها؟!
ظللت أفكر كثيرا في مشيئة الله، تدبرت حملي بعد ولادة ضرتي بعام، ولادة ملاكي بخلل جيني لا أعلم سببه، قلبه الضعيف الذي لا علاج له، تفكرت في التوقيت الغريب الذي صدمت السيارة ابن زوجي، فعلمت السبب والحكمة وراء ذلك،
حبيبي لم يكن سوي سبب لإنقاذ أخيه من الموت،
ولأن يصبح ذكري جميلة في حيااة الجميع، فحقا كان هدية من الله لم نعلم قيمتها إلا بعد فوات الأوان،
ولكن هل يستحق آدم هذه التضحية، لقد سمحت بقتل ابني فداء له، يالها من تضحية كبيرة أدعو الله أن يستحقها....
آم الاآن سليما معافي، بفضل ملاكي ولكن زوجي لم يعد زوجي، لقد طلبت منه الطلاق بعد وفاة ابني مباشرة، بالرغم من توسلات زوجي، وزوجته أيضا فسبحان مغير الأحوال، انقلبت شخصيتها بصورة غريبة، كانت كالأخت بالرغم من جفائي، ولكني رفضت الصلح وأصريت علي الطلاق....
وبالفعل تم الطلاق ظللت أعاني عام كامل، ذهبت لدكتور نفسي أعاد إلي روحي وكياني حتي أنوثتي عادت إلي بفضله..
كان يستمع إليها بفخر وعشق، كان يعلم أن قوتها تكمن في ضعفها، يعلم أن جروحها لم تلتئم بعد...ولكنه سيظل معها حتي تشفي جميع جروحها...
شكر الله في نفسه كثيرا على الصدفة التي جمعته بها...
ابتسم أحمد وهو يتذكر أول لقاء بينهما ....
كان أحمد يلقي محاضرته التي لا يعلم عددها، في إحدي المؤسسات الخاصة برعاية ذوي الهمم، أو ذوي الإعاقة كما يطلق عليها أصحاب القلوب المعاقة، ليعلم المشرفين كيفية إحتواء هذا الطفل المميز إذا حدثت مشكلة أو تعرض لضغط نفسي نتيجة التنمر الواضح له..
يأتي مرة أو مرتين شهريا في محاولة منه لتحسين نفسية أصحاب هذه الفئة المهمشة في مصر، فهم يتعرضون لكم هائل من التنمر، لا يستطيع الإنسان الطبيعي تحمله فما بالك بطفل ليس لديه القدرة عن التعبير عما يدور في عقله من أفكار...
أنهي محاضرته وذهب ليلتقي بأحبائه كما يحب أن يطلق عليهم..
وجدها تتحرك بينهم كالنحلة التي لا تكل ولا تتعب، ولكنها محاطة بهالة كبيرة من الحزن الداخلي الذي يظهر جليا علي ملامحها..
اقترب منها يدقق النظر إليها، عيونها ممتلئة بدموع تأبى السقوط، وشفاه لا تعلم الابتسام إلا إذا نظر إليها إليها طفل مميز بقلب صافي لا يعلم عن حقد الدنيا شيئا...
أخذته قدماه إليها كالمغيب، فمن الصعب أن تجد شخص يستفز فضولك لتلعلم ما بداخله..
لم يكن يعلم يسير خلف قدره الذي سيغير حياته من مجرد طبيب كرس حياته لمساعدة من يحتاجه لعاشق وظيفته في الحياة إرضاء هذه الحسناء...
(( السلام عليكم))
هتف بها أحمد مبتسما..
(( وعليكم السلام)) قالتها هنا باقتضاب..
مد أحمد يده ليصافحها ويقدم لها نفسه..
ولكنها أبت ثم نظرت إلي الأرض وقالت متأسفة
(( عفوا لا أصافح الرجال))
استغ*ي نفسه كثيرا،. كيف لإمرأة محتشمة مثلها أن تصافح الرجال، لعن غباءه في نفسه...
لاحظت هنا أنه أطال النظر إليها فهمت أن تتركه وتذهب ولكنه أوقفها قائلا
(( أنا الدكتور أحمد علوان طبيب نفسي بعمل زيارة هنا مرة أو اتنين في الشهر علي حسب وقتي، بس أنا أول مرة أشوفك هنا،. أنت جديدة هنا،. ولا ولية أمر أحد الأطفال...))
تذكرت هنا ابنها ملاك، كادت أن تسقط دموعها ولكنها تمكنت من إخفائها، وقالت
(( أنا بشتغل هنا، خدمة مجانية بدون أجر، مكملتش شهر..
))
قاال أحمد (( أكيد أنا تشرفت بانضمامك للفريق هنا ، بس ...صمت قليلا ثم قال أنا هكلمك بصراحة، أنا دكتور نفسي وكمان مهتم بعمل الطاقة وأنا كمان لاحظت اهتمامك الزايد بالأطفال، واستدعي انتباهي كمية الحزن الموجودة في عنيكي، فقولت لنفسي أجي أتعرف عليكي لأن حواليكي طاقة رهيبة تستدعي فضول أي حد وكمان حابب أعرض عليكي مساعدتي لأن أنا شايف جواكي طاقة حزن كبيرة جدا حاسس أنك محتاجة لمساعدة ، أتفضلي دا الكارت بتاعي يمكن تحتاجيه...لو احتاجتي أي مساعدة كلميني ...
نظرت هنا ليده الممدودة إليها بالكارت، فكرت مليا هل تعتذرإليه وتتركته وتذهب أم تأخذ منه الكارت فهي حقا بحاجة ماسة لمن يسمعها دون إلقاء النصائح إليها...
لاحظ ترددها، عيونها الزائغة تيقن أنها حقا تحتاج للمساعدة، ولكنه استغ*ي نفسه كثيرا كيف يقول شخص يراه لأول مرة بأنه مريض نفسي وبحاجة للمساعدة..
شتم نفسه بصوت لا يكاد يسمع قائلا
(( وقح وقليل ذوق))
أخرجها من شرودها همهمته بكلمات لم تميزها وقاالت
(( عفوا، حضرتك قولت حاجة))
أحمد بتوتر (( أبدا، بسأل حضرتك هتاخدي الكارت ولا أرجعه في حضن إخواته))
ابتسمت قصرا
أكمل أحمد بجدية (( أنا عارف إني كنت وقح وقليل ذوق بس حقيقي حاسك في مشكلة كبيرة، لما شوفتك بتتعاملي مع الأطفال دول بحب كبير وعدم تذمر، لاحظت إنك مش بتبتسمي غير ليهم بس تيقنت من كدا، بصي أنا بعفيكي من الحرج وكأنك مسمعتيش حاجة...))
هم لينصرف، سمعها وهي تطلب منه الكارت قائلة
(( مفيش داعي للأسف يادكتور، أنا فعلا محتاجة لحد متخصص أتكلم معاه لأن أنا عندي مشكلة كبيرة مأثرة علي حالتي النفسية ومتقلقش أنا واحدة متعلمة وفاهمة أهمية الطب النفسي وأنا سمعت عن حضرتك من المشرفين هنا،. وكنت حابة أقابل حضرتك علشان أخد ميعاد، شكرا بجد لحضرتك، أنا مكنتش مصدقة إنك دكتور شاطر قوي كدا بس دلوقتي تأكدت من كدا..))
شكرته مجددا ثم تركته وذهبت....
توالت زيارات أحمد للمؤسسة، يبحث عنها في كل زيارة له، يراقبها من بعيد..
استغرب كثيرا لماذا لم تأتي إليه كما قالت؟
هل كانت تجبر بخاطره عندما قالت أن لديها مشكلة كبيرة تؤثر علي نفسيتها حتي تعفيه من الاحراج.
فكر يذهب إليها ويتحدث معها مرة أخري ولكن كرامته حالت دون ذلك...
أما هنا فكانت تلحظ نظراته إليها، كانت تود أن تذهب إليه لتعتذر عن تأخرها في الذهاب إليه ولتشكره علي اهتمامه، ولكنها كانت تأبي لا تريد الاختلاط بأحد حتي ولو كان طبيبا، لقد تعمدت العمل في هذه المؤسسة دون سواها لبعدها عن القاهرة، لا تريد التحدث، لا تريد أن تنبش في ماض توهم نفسها أنها نسيته...
ولكن خارت قواها الواهمة عندما سمعت ضجيجا وذهبت تري ما حدث..
صدمت عندما وجدت أبا يجر ابنه المصاب بالتوحد أرضا لأنه يأبي الذهاب معه، ذهبت راكضة إليه لتمنعه ولكن ألجمتها الصدمة عندما سمعت صوت يده تصفع خده الجميل، ذهبت إليه والشرر يتطاير من مقلتيها تحاول تهدئة الصغير ولكن من يهدأها هي...
ظلت تشتم وتلعن وصفته بأبشع الصفات، تارة تهدأ الصغير وتارة أخري تسب أباه...
كان يتابعها بصمت، يراقب ردة فعلها وعصبيتها الزائدة..
لم يتحمل الأب حديثها فمن هي لتصفه بعدم تحمل المسئولية وتصفه بالانانية،
تجمع عدد كبير من الأشخاص وأخذوا منها الطفل بينما تدخلت صديقة لها اسمها زينب لتهدأها ولكنها لم تفلح...
كان الرجل يقف مزهولا مما حدث من هي لتسبه وما دخلها فهذا ابنه ويمتلك حرية التصرف معه...
ذهب إليها ليصفعها لاسكاتها بمجرد أن رفع يده وجد يد أحمد تمسك بيده وعيناه تحذره من الاقتراب إليها وقال بغضب شديد
(( فكر تمد إيدك عليها وأنا أحبسك بأكتر من قضية، وأوعي تفتكر اللي عملته مع ابنك دا يعدي كدا مجرد بلاغ صغير للبوليس اتهمك فيه بالإهمال وإنك أب غير مسئول ببستخدم العنف مع ابنه هتروح وراء الشمس، فاهدي كدا وفكر قبل ما تتصرف أي تصرف أ**ق ممكن يود*ك في داهية....))
ترك أحمد يده وكاد أن يغادر سمع حديث الرجل الذي يندد ويهدد بسحب ولده من المؤسسة وأنه سيبلغ جميع الصفح بأن المؤسسة توكل شئون الأطفال لشخص غير مسئول،
ظل الرجل يصرخ ويهدد إلي أن أتي مدير المؤسسة واعتذر منه وسط ذهول كل الحاضرين وخاصة هنا التي لم تستحمل ما حدث ووقعت مغشيا عليها...
أسرع إليها أحمد ثم حملها ودخل بها لاحدي غرف الاستضافة وقام بافاقتها ...
بمجرد أن فتحت عيونها شرعت في البكاء وقالت بألم ..ازاي قلبه طاوعه يضربه ، ليه حاسس إنه عبء عليه ميعرفش أنه هدية ربنا بعتها له سبب يدخل به الجنة لو بس اهتم به شوية...
تفهم أحمد سبب حزنها فهو يعلم أن الأطفال أحباب الله فما بالك بطفل لا يعلم كيف يتعامل مع أحد ، لا يفقه عن فن التواصل شئ لا يستطيع أن يعبر عما في قلبه من حزن أو حتي فرح ...
حاولت تهدئتها ولكنه لم يفلح فاضطر أن يعطيها حقنة مهدئة ...
اضطر أحمد أن يذهب لارتباطه بموعد هام ...
قلبه **اه الحزن ، انطفأ لمعان عيونه بمجرد أن رأي الان**ار في عيونها ....
لم يندهش بالحزن الذي ملأ كل كيانه فلقد علم أن هذه الأنثي ستكون جزءا من حياته يوما ما ...
مرت الأيام سريعا وتفاجأ أحمد برقم غريب يتصل به ... زادت دقات قلبه بسرعة شك بأنها هي المتصلة فدراساته في علم الطاقة والمكان تجعله يشعر باشياء التي تحدث ...بمجرد أن التقط الهاتف قال بدوي وعي ...
أخيرا باأنسة هنا اتصلتي بيه ...
استغربت هنا كثيرا كيف له أن يعلم أنها هي ..
هنا ..دكتور احمد حضرتك عرفت ازاي اني هنا ..
ضحك أحمد وقال ..لو قولتلك هتفتكري إني بعا**ك ....
ارتبكت هنا وقالت ..خلاص مش عايزة اعرف ...
المهم كنت عايزة أحدد ميعاد مع حضرتك جلسة يعني ...
أحمد بسعادة في أي وقت تحبيه أن شاءالله النهاردة ...
هنا تستغرب طريقته في التحدث ولو أنها لم تسأل عليه أكثر من شخص لظنت أنه غير مهذب...
تحدث أحمد عندما أطالت هنا انتظارها وقال ...
طبعا بتقولي في عقلك اني شخص مش مهذب بس انا بطمنك لأ انا الحمد لله كويس وعارف ربي وعارف الصح من الغلط وأكمل بابتسامة واكيد دلوقتي بتقولي لنفسك الراجل دا مخاوي ولا أيه وبرده بطمنك واقولك لأ ..أنا إنسان عادي ولما تعرفيني هتفمهي ..
كادت أن ترد ولكنه لم يعطيها الفرصة وأكمل ...
أنا عندي مؤتمر يو الاربعاء القادم اللي هو بعد تلت أيام ، فلو حابة تيجي بكرة معنديش مانع ...
هنا ...تمام بكرة الساعة خمسة مناسب لحضرتك ..
أحمد لنفسه ياريت كان عشرة الصبح لسة هستني كل الساعات دي ...
قال اوك هكون في انتظارك
ثم أغلق الهاتف والسعادة تملأ قلبه ...
بااااك
فاق من شروده علي صوتها تطلب منه الحضور إلي المنصة ليلقي بكلمة يدعم بها الحاضرات من النساء...
ظل ينظر إليها ويتوعدها فهي لم تخبره أنها ستطلب منه أن يلقي كلمة، لذلك فإنه سيرتجل...
اعتلا أحمد المنبر وقال
(( السلام عليكن أمهات وأخوات وبنات كل رجل في هذا العالم، هناك اعتقاد خاطئ أن النساء ناقصات عقل وأنهن لا يستحقوا ان يصبحوا نصف المجتمع ولكني أقول أن النساء كل المجتمع، فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة إذا صلحت، صلح حاال الرجل وإذا فسدت فسد حاله..
لا وظيفة للرجل سوي العمل، ولكن المرأة، تعمل وتتحمل مسئولية البيت والأبناء ومسئوليته هو نفسه...
لذا أطالب الرجل بحسن معاملة المرأة وأن ينتهج بنهج رسولنا الكريم في معاملة زوجاته أمهات المؤمنين...
لقد أمرنا رسولنا فقال (( استوصوا بالنساء خيرا))
أيها الرجل احترس!، فإن روح الأنتي كالزجاج، إذا ان**رت، لملمتها بنفسها وأصلحتها بنفسها ولكنها تصبح شخصية أخري أشد قسوة وضراوة فلن تتمكن من العيش معها ولن تستطيع مجاراتها...
عظيمة هذه الأنثي ، في طفولتها تفتح لأبيها بابا في الجنة ،واذا نضجت وصارت شابة يكتمل بها نصف دين الرجل وإذا أصبحت أما فالجنة تحت أقدامها ....
أنهي كلماته وسط تصفيق الحضور، ثم التفت إليها وظل ينظر إليها ثم وضع يده في جيبه فأخرج منها علبة حمراء اللون فتحها ونزل علي إحدي ركبتيه طالبا منها الزواج..
سقطت دموعها بشدة، تعلم أنه يحبها وهي تعشقه ولكنها لن تستطيع أن تفعل ذلك الآن، لن تتمكن من خوض تجربة زواج أخري...
فهي لم تشفى تماما، مازال جرحها ينزف، تركته وهربت وسط استغراب الجميع واستنكارهم، كيف لها أن تترك رجل كهذا، لديه حضور، وسيم والأكثر من هذا فياض المشاعر...
شعر أحمد بالخنقة ليس لأنها تركته بل لأنها أثبتت له فشله في علاجها، مازالت روحها م**ورة، لم تلتئم بعد
أمسك الميكروفون وهتف باسمها (( هنااا))
بمجرد أن سمعت اسمها تسمرت قدمها ولم تقوي علي التحرك..
لم تنظر إليه ولكنه قااال بصوت مبحوح
(( أنا بحبك ياهنا، وعارف إنك بتحبيني ومقدر سبب هروبك، بس أنا بفكرك ياهنا أنا مش خالد، أنا مش هجرحك لأنك مني، روحنا واحدة مقسومة لجزئين، جزء ملكي والتاني جواكي، أرجوكي ياهنا اديني الفرصة أطيب جروحك وأنقذ روحي اللي جواكي من الضياع، ساعديني، ياهنا وأكمل بصوت تملأه الدموع
أنا تعبت ياهنا، مش قادر أشوف ال**رة جواكي والدموع جوه عينك..
عارف إنك بتحاولي وبتجاهدي والدليل أهو، رجعتي لحياتك الطببعية، رجعتي لشغلك ولقرائك، أرجوكي سيبي نفسك ليه ومتعنديش هتتعبي وتتعبيني، وأكون محتاج دكتور نفسي يشفيني منك...
وأكمل بمزاح يرضيكي ياهنا أكون دكتور وأروح لزميلي أقوله رجعلي روحي اللي حبيبتي أخدتها مني ومشيت، هيبقي شكلي أيه قدام نفسي وقدام أصحابي والمرضي بتوعي، وافقي بقي الله يخليكي....
))
التفتت تنظر إليه باسمة تحاول أن تلمم نفسها المبعثرة، تقدمت بخطوات غير منتظمة وسط حالة ترقب من الموجودين تمتلأ القاعة بصوت فلاشات الكاميرا التي تسجل ما يحدث لتحفظه للذكري،
ذكري فتاة تحلم بأن تصبح هي البطلة، وذكري أم تري في هنا ابنة لها وتريد سعادتها وكذلك من لا يريد أن يفوت علي نفسه حدث رومانسي واقعي قليل ما يحدث، حدث إذا انتشر سيصبح بالتأكيد الترند التالي لمواقع السوشيال ميديا....
وصلت هنا إليه ومدت يدها ليلبسها خاتم ملكيته لها، أراد احتضانها أو تقبيلها ولكنه ادخر هذا ليوم آخر يوم تكتب فيه باسمه وقتها لن يدعها تبتعد عن ناظره أبدا...
كان عمر أخاها يقف خلفها، أدارها إليه واحتضنها وسط دموعها ثم قبل جبينها...
تركها واحتضن أحمد وشكره علي تفهمه لها ومراعاته لمشاعرها...
إنتهت الندوة وخرج الجميع...
استقلت هنا وعمر سيارة أحمد وعادوا جميعا إلي منزل أخيها المزين بالورود، ليتم إعلان خطبة هنا البدري الصحفية التي تعمل بصفحة بريد القراء في إحدي الصحف المشهورة...
وأحمد علوان الطبيب النفسي الشهير...