الفصل الثالث 3

2989 Words
الفصل الثالث / بعنوان الإخوة هم الميراث الحقيقي قال تعالى " سنشد عضدك بأخيك " فماذا إن كان هذا الأخ ليس بعضض وإنما القشة التي ت**ر ظهر البعير إن ظفرت بأخ صالح فأمسك عليه قلبك فالأخ عزوة ..وضحكة..وكتف تتكئ عليه الأخ هو السند ..الأخ هو آمان أخيه .إن غفلت عيناك وأنت بين الأعداء لا تشغل بالك ولا يجزع قلبك إن كان بجوارك أخاك ..فإن ضاقت الدنيا بك فيكفي أن تضع رأسك فوق كتفي أخاك.. ولكن ماذا إن لم يكن أخاك أخ هكذا ؟؟ ماذا إن كان الحقد والكره هما المسيطران بقلبه بإتجاهك؟ ماذا؟ وماذا؟. بالڤيلا/ استيقظ الجميع واجتمعوا حول طاولة الطعام كعادة يومية منذ أن كان والدهم على قيد الحياه.. .يترأسها أمير وبجانبه ولديه يساعدهم بنفسه على تناول طعامهم . ويليهم زوجة أخيه هشام حسناء إمراءة طيبة القلب هادئة لا تتدخل بأي مما يحدث لا تهتم سوى بزوجها وراحته فقط ؛ وبجوارها زوجها شاب يشبه أمير إلى حد كبير ولكنه مرحا عنه .. وعلى الجانب الآخر يجاور أمير أدهم أكثرهم حظا فى الوسامة ذو جسد رياضي فهو يعتني بنفسه جيدا ويهتم بمظهره بشكل لائق ؛ وزوجته سيدة مجتمع تهتم بمظهرها بشكل مبالغ فيه أغلب يومها ؛ تنشغل في كل أوقاتها بالخروج والتنزه أو التسوق و***ب الرياضة أحيانا ؛ وبجانبها ولدهم وابنتيهم التوأم . ثم شقيقته شيماء التي تشبه إلى حد كبير والدتها بعيونها الرمادية اللون وبجانبها أيضا ابنتها وولدها . أما السيدة حكمت فتترأس الطاولة من الجهة الأخري . كان الجميع يتناول طعامه فى صمت قطعه أسر بهمس لوالده : _ بابا متنساش اتفاقنا . ابتسم أمير لولده وأجاب بذات الهمس : _ مش ناسي أول ما تخلصوا مدرسة إن شاء الله هتلاقينى عندكم ونقضي باقي اليوم بره . نظر أمير لطفله الآخر بقلب يتمزق من الحزن ليبتسم له الصغير ببراءة . كاد يحادثه ولكن جذب إنتباهه نداء أحدهم : _ أمير. نطقت بها شيماء ليلتفت إليها متسائلا بعينيه قبل أن ينطق لسانه بتساؤله عما تريده على الرغم من وجود توقعات لديه فهو يعلم نواياهم جميعا أو لنقل بعضها فبالتأكيد لا يتوقع الغدر من أحدهم . _ خير يا شيماء ؟ توترت قليلا من أنظار الجميع التي تسلطت عليها ولكنه توتر لحظي أذابته ببرود جليدي تتحلى به دائما وهي تردف بما تريد : _ كنت محتاجة فلوس . _ فلوس..! أردف بها شقيقها بتعجب متبطن بالسخرية لتجيبه ببساطة شديدة أطاحت بتعقله : _ أيوة يا هشام فلوس مالك مستغرب ليه ؟ قالتها بزهق وملل ليجيب بنبرة أوضح بها استياؤه : _ مستغرب لأننا لسه في نص الشهر وإنتى أخدتي نصيبك الشهر ده طبعا غير مصروف ولادك إل مالوش علاقة بورثنا ولا إنتي أصلا تعرفي عنه حاجة وأمير هو إل متكفل بيه ؛ يبقى لما تطلبي فلوس تاني في نفس الشهر وكل حاجة متوفرة من حقي أستغرب . سيطر عليها الغضب فأمير لم يتحدث لما يتدخل هشام الآن ؟ ! لتجيبه بغلظة معهودة منها : _ تقصد إيه يا أستاذ هشام ،إنت بتذلني بالملاليم إل بتدوهالى .ده حقي على فكرة ؛ وبعدين إنت بنفسك قولت أمير هو المتكفل بمصاريفهم مش إنت يبقى ملكش حق تتكلم أو تدخل بينا أنا بطلب منه هو ده غير إن ده حقي ؛ وأنا حرة أصرفه بالطريقة إل تعجبني وفي الوقت المناسب ليا ؛ مش هاخد الإذن منك . كان حديثها لاذعا منبئا كل من يجلس بنشوب خلاف كبير قادم وما زاد الطين بله شرارات الغضب التي تنبثق من أعينهم والتي تدل على أن لا أحد منهم ينوي التراجع . _ تؤ مينفعش كده يا إتش . قالها أدهم ساخرا راغبا في إزدياد وإشتعال الأمر بينهم فهو بالطبع سيستفيد من أي خلاف ينشأ . وإلى هنا لم يحتمل هشام ليصرخ قائلا : _ بقولك إيه يا أدهم بلاش أسلوبك ده أنا فاهمك كويس وعارف نيتك ؛ فخليك في حالك . وإنتى يا شيماء الملاليم إل بتتكلمي عليها دي بنفضل طول اليوم بره وبنسافر علشان نوفرهالك . الملاليم دي مش حقك أصلا لو حد ليه حق فيها فهو أمير لأن ده مجهوده وتعبه . أوعي تكوني فاهمة إن كل الفلوس إل بتاخديها دي ورثك زي ما بتقولي ؛ ده تعب أمير ومجهوده ياعني متكدبيش وتصدقي كدبتك . إستشاط أدهم غضبا من حديث هشام ووقوفه دائما في صف أمير لينتفض ساخرا : _ والله عال ما إحنا كمان بنشتغل مع أمير ولا أنا بروح الشركة أتفسح لما تتكلم إتكلم بس عن نفسك شوف إنت بتعمل إيه من ورانا وبتداريه في حجة الشغل ولا إيه يا حسناء ؟ أنهى حديثه المبطن متأملا وقوع فتنة بين أخيه وزوجته تبعد العيون عنه ؛ كان غرضه أن يشعل غضب هشام ولكن لم يجد منه سوى الثبات والسخرية : _ لأ وإنت الصادق بتروح الشركة تلم البنات حواليك . إلى هنا ولم يحتمل السكوت أكثر من ذلك ؛ فهو لم يرد التدخل بينهم حتى لا يتشاجر مع أدهم كعادتهم ولكن يكفي إلى هذا الحد لذا لم يجد بد من إنهاء هذه المشادة : _ بس.. بس بقى كفاية ؛ عمالين تتكلموا ومش مراعين إن في أطفال بينا . _ يا أمير ما هما إل ... _ خلاص يا هشام أجّل الكلام دلوقتى ؛ وإنتى يا شيماء سبق وقولتلك حقك من فلوس بابا بيها أسهم في الشركة وبيوصلك نصيبك كل شهر زيك زي أي حد فينا . _ وإنت الصادق زينا إحنا إنما إنت طبعا ليك نصيب الأسد . زفر أمير بيأس وأردف بيأس من شقيقه : _ الشركة دي مش فلوس بس يا أدهم باشا . ظهر الملل جليا على وجهها وتحدثت بنفاذ صبر : خلاص أنا عاوزة حقي يا أدهم ._ نظر لها مطولا يحاول ثبر أغاورها رغم أنه كان يشعر بتلك النية منها دائما ولكن مواجهة الأمر وقوله مباشرة أمر مختلف فكشف الأوراق أخيرا ياعني أنها ستخاطر بكل شيء دون الإكتراث لشيء ؛ ورغم معرفته بذلك إلا أن سؤاله خرج متوجسا دون إرادته : _ ياعنى إيه ؟! _ زي ما سمعت يا أمير أنا عاوزة أبيع أسهمي . لم يتعجب أحدا من قرارها فيبدو أنها كانت كاشفة لأوراقها ؛ ولكن بالطبع لن يمهل أدهم تلك الفرصة لإشعال فتيل الغضب بينهم فتحدث بلؤم : _ ده القرار المتوقع بسبب تيبسك وإصرارك على إدارة الشركة ؛ بتتحكم في مالنا وحياتنا أكيد كنت متوقع إنها هتبقى عاوزة تخرج من تحت سيطرتك وتبعد مالها عن تحكمك . لم يرد أمير عليه وإنما تكفل بتلك المهمة هشام الذي وقف منتفضا معترضا عما يتحدث به من هراءات ليردف يكل غضب : _ أمير بيديرها يا أدهم لأنه أكفأ واحد فينا. هو يعتبر إل بنا الشركة دي . إن كان الغضب مسيطرا عليهم منذ بداية هذا الفطور فلآن بعد ما وقف أدهم هو الآخر صارخا أصبح الأمر **احة معركة : إتكلم عن نفسك يا هشام أنا أقدر أدير عشرين شركة زيها مش الشركة دي وبس ؛ وبعدين دي شركة أبونا كلنا ياعني مش أمير إل بناها . ضحك هشام دون نفس ضحات مغلفة بسخرية منه ومن حديثه وأجابه بثقة : لولا أمير كان زمانا أعلنا إفلاسنا . _ هو سهر وإشتغل وتعب وسافر وساب ولاده معظم الوقت لوحدهم علشان يوقفها على رجليها في السوق ويعلي من أسهمها ويكبر إسمنا ؛ صحيح هي شركة ورث لكن لولاه كان زمانها ماتت مع إل ماتوا . زفرت شيماء بملل وتحدثت بغضب : _ بقولك إيه يا هشام إحنا مش هنفضل نتكلم عن إنجازات أمير في الشركة أنا واحدة ليا حق وعاوزاه . قولت إيه يا أمير؟ حانت منه نظرات الأسف على حال إخوته ولكنه حسم امره بعدما وجد والدتهم صامتة تنتظر رده مثلهم : هفكر وأرد عليكي ._ أنهي جملته ووقف ساحبا طفليه بيديه وخرج إلى الحديقة مودعا إياهم قبل أن يصعدوا لأتوبيس المدرسة . **** جالسان وأمامهم كوبان من الشاي الذي يبدو أنه قد برد . نظرت لزوجها بحنو وأردفت : _ بلاش تشيل نفسك فوق طاقتها يا أبو صباح ، إنت عمرك ما ظلمت حد من ولادك ولا أجبرتهم على حاجة ، وخصوصا صباح . تن*د بحيرة وأردف : _ وعلشان كده قلبي واجعني عليها ، أنا عارف إن عندها طموح ونفسها توصل ليه ، وإن الجواز كان برة حسابتها الفترة دي . إمتعض وجهها قليلا وأردفت : _ هتاخد إيه هي من الطموح ده ، مسيرها في الآخر لبيتها ، لو كانت دخلت طب كنت قولت معلهش ، إنما تمريض وعاوزة تسافر بره تكمل تعليمها أهي دي جديدة مسمعتش عنها قبل كده . _ يا نسمة بلاش تقسي ، لو إنتي مشجعتيش بنتك تحقق أملها مين يشجعها ؟ وفيها إيه لما تنجح في التمريض طالما حابة كده ، أنا كنت وعدتها أقف معاها وأشجعها لغاية ما تقول إستكفيت تعليم ، ودلوقتي هخلف وعدي معاها . _ يا صبحي إل يسمع كده يفتكر إنك هترميها في النار ، إنت هتجوزها ، وبعدين بقى بصراحة أنا مش موافقة على سفرها بره ده ، أنا عارفة إنت كنت هتسفرها إزاي ! ، ده غير إني نفسي أفرح بيها وأشوفها عروسة ، وسامي ما شاء الله عريس أي بنت تتمناه ، سيبها إنت عالله ومتحملش الموضوع أكبر من حجمه . _ كان نفسي لما أموت تفتكرني بكل طيب ، متقولش في يوم إني حرمتها من حاجة ، أو خلفت وعدي معاها . _ إستهدى بالله يا صبحي ، بنتك روحها فيك ومستحيل تقول حاجة زي كده ، وبعدين إنت عمرك مقصرت معاها ، وبكرة إن شاء الله لما تستقر في بيتها وتفرح بولادها هتنسى كل الكلام ده ، إنت ياعني عاوز إيه غير إنها تبقى متهنية وسعيدة ، إدعيلها بس ربنا يهدي سرها ويباركلها في حياتها . _ يارب .. يارب إنت عالم بحالي ، ربنا يفرحك يا بنت عمري ، يا لا لما أقوم أروح الشركة زمان البشمهندس أمير خلص إجتماعه أنا مستأذن ساعتين . _ ربنا يد*ك الصحة يا أبو نسمة ويطول في عمرك وتفرح بصابر كمان . ناظرها بتمنى وتشدق : _ يارب .. أنا مملوكش غير أقول ي ارب وهو عليه الإستجابة . .... على الجانب الآخر / وصلت صباح للمشفي أخيرا لتدلف لحجرة الممرضات وترتدى زي العمل وتبدأ عملها مباشرة فالعمل هو نجاتها الوحيدة من أفكارها . كانت تتحرك بآلية شديدة شاردة ولكن ما إن بدأت العمل حتى أذعنت كل تركيزها له . فعملها هو أملها في الحياه . .. أحب الناس إلى الله أنفعهم إلى الناس وأحب الأعمال إلى الله إدخال السرور لقلب مسلم ومن فك كربة لشخص ما من كرب الدنيا ف*ج له الله كربة من كرب يوم القيامة فمساعدة المسلم أخاه المسلم وتقديم العون له أفضل عند الله من الإعتكاف بالمسجد . في إحدى الحواري الشعبية البسيطة التي يتسم أهلها ببساطة الحال نري أبواب محلات مختلفة كمحل لبيع منتجات الألبان ومحل لبيع الخضروات وآخر لبيع الأسماك تفتح وهناك عامل القهوة أو كما يطلق عليه صبي القهوة يقوم بنثر الماء أمام محيط القهوة استعدادا لبدء يوم جديد . وهناك بائع الفول المدمس يقوم بإعداد الكثير من أطباق الفول والفلافل والذي نادى على صبيا يساعده في العمل : _ خد ياواد يا أحمد طلع الفطار ده للست فردوس . _ من عنيا يا حج . ذهب الشاب الصغير إلى المنزل ذو الجدران المتهالكة وصعد الدرج سريعا إلى أن وصل للطابق الثاني وطرق الباب دقائق وفتح الباب لتطل منه سيدة في الخمسين من عمرها تحدثت ببشاشة : _إزيك يا أحمد ؟ أجابها الشاب بإبتسامة محببة : _ الحمد لله يا ست فردوس . إتفضلي الحج متولى باعتلك الفطار ده . ظهر الحرج جليا على وجهها وإمتلأت نبرتها بعباراته بالإضافة للشكر : _ كتر خيركم يابنى والله ما عارفة أودى جمايلكم دي فين . _متقوليش كده يا حجة إحنا نخدمك بعينينا ؛ إنتي بركة المنطقة كلها . _ تسلم يابنى ربنا يجبر خاطرك ويوفقك في حياتك . وقول للحج متولى كتر ألف خيره . _يوصل .عاوزة حاجة منى ؟ _ تسلم يابنى من كل شر . دلفت للداخل بعد أن أوصدت الباب ليتهادى صوتها مناديا إبنتها الوحيدة : _ سمر يا سمر تعالى علشان تفطري يابنتي . _حاضر يا ماما . .. بالمشفى / على كل طاقم العمل التوجه إلى قسم الإستقبال . هناك حادث مروري لأتوبيس مدرسة وعدد الأطفال كثر ؛ على كل من يستطع القدوم فورا . تجمع جميع الممرضين إلا من عدد قليل عند الباب ينتظرون وصول سيارات الإسعاف . وقفت صباح تتنتظر هي الأخري ولكن غلب عليها الشرود فلم تشعر بمن حولها لتتفاجأ بمن تنكزها في ذراعها نظرت بجانبها لتتفاجأ بصديقتها _ سلمى..إنتي جيتي إمتى ؟! أجابتها سلمى بمرح : _ من زمان وسألت عليكى قالوا في العناية مع دكتور مجدى . أماءت لها رأسها بتفهم وهي توضح الأمر : _ أه كان في حالة غيبوبة سكر . أنهت كلامها وعادت لشرودها لينتاب سلمى القلق فتتساءل بحرص : _ مالك يابنتي !! زفرت صباح أنفاسها بحزن وتحدثت بتيه : _ مش عارفة ومش فاهمة حياتي راحة لفين . جوايا طريق مضلم وطويل مش عارفة نهايته إيه ؟ زي ال بيتخبط بين الجدران . **ى الحزن ملامح سلمى ولكنها أرادت التهوين قليلا عن رفيقة دربها فتحدثت ببعض المرح : _ كل ده من ليلة واحدة خطوبة لأ إجمدى كده إنتي لسه في بداية الطريق . _ تفتكري هقدر أمشي الطريق ده ؟ قالتها بخفوت سارح همت سلمى بسؤالها عما قالته ولكن وصول سيارات الإسعاف منع حديثهم لتتوجه كلا منهن للمساعدة . *** جالسة بالحديقة تحتسي فنجان من القهوة ويبدو على وجهها الإمتعاض . _ أيوة يا ماما . قالتها شيماء وهي تجلس على المقعد أمام والدتها ويبدو من وجهها أنها تتوقع عن أي حديث تطالبها والدتها . نظرت لها والدتها بضع ثوان ثم ما لبثت أن تحدثت بصوت يغلب عليه الرفض والغضب : _ إيه إل قولتيه على الفطار ده ؟ _ قولت إيه ؟ أظن كنتي قاعدة وسمعتيني . _ شيماء إتكلمي كويس متنسيش إني أمك ، أنا بتكلم على التخاريف إل قولتيها ، ميراث إيه إل عاوزاها . زفرت بحنق وغضب وأجابتها : _ تخاريف ليه ؟ ! ده حقي وأنا عاوزاه إيه المشكلة مش فاهمة ؟ _ مش فاهمة لأن عقلك مغيب ، عاوزة تاخدي ميراثك علشان تصرفيه على ممدوح . _ ماما لو سمحتي بلاش الكلام ده . _ بلاش ليه مش دي الحقيقة . _ لأ .. مش الحقيقة ، الحقيقة الوحيدة إن ده ميراثي .. حقي وأنا عاوزاه ، أصرفه فين مش من حق حد يدخل . _ يا بنتي إفهمي بقى ، لإمتى هحاول أفتحلك عينك وإنتي مصممة إنك تمشي مغمضة وتسيبي ممدوح يستغفلك ويسيطر عليكي ، الفلوس دي من حق ولادك سيبيها للزمن ، الفلوس دي ضمان لولادك إنهم يفضلوا عايشين في نفس المستوى ، ممدوح مش عاوز غير فلوسك بلاش تسيبيه يضحك عليكي . نهضت بغضب وإرتفع صوتها متحدثة : _ ممدوح جوزي وأنا وهو متفقين على كل حاجة ، حياتنا تخصنا لوحدنا محدش ليه الحق يدخل ، وبعدين أنا مش فاهمة إنتي شاغلة دماغك بيا ليه ؟ كل ده علشان إتجوزت ممدوح وإنتي مش موافقة عليه ، كنتي شايفة إنه مش من مستوايا وإنه طمعان فيا ، أنا معملتش حاجة غلط حبيته وإتجوزته ، وسعيدة معاه . أنهت حديثها ورحلت تاركة والدتها تفكر في كيفية إفاقتها من سحر زوجها قبل أن تضيع كل شيء . ... في شركة عزام / دلف هشام لمكتب أخيه ليجده واقفا ينظر للمارة بشرود من خلال النافذة الزجاجية الكبيرة . نظر له بحزن فشقيقه يملك من الوسامة ما يجعل من يراه يظنه شاب في مقتبل حياته وليس رجل أرمل ولديه أبناء والعمر سبق وسامته . جسده متناسق عيناه واسعتان بلون أ**د ووجه رفيع مائل للإسمرار وشعره مازال يحتفظ برونقه. ولكن عند النظر في عينيه وتجويفها نرى رجل كبيراً أهلكته مصاعب الحياة . تقدم منه بهدوء ووضع يده على كتفه وتحدث بتريس : _ مضايق من قرار شيماء ؟ ابتعد أمير ليجلس فوق تلك الأريكة الجلدية وأجابه بخيبة أمل : _ كنت متوقع قرارها ده في يوم من الأيام بس إل مزعلنى إنها فاهمة إني استوليت على حقها ومش هي بس إل بتفكر كده . تفهم هشام ما يرمي إليه بحديثه فتحدث بجدية : _تقصد أدهم ياعنى.. سيبك منه وبعدين أنا وماما مصدقينك وعارفين إن كل إل إحنا فيه ده تعبك . أرجع أمير رأسه للخلف وأغمض عينيه بإرهاق بضع ثوان ثم تحدث : _ ماما.. ماما فضلت ساكتة متكلمتش محاولتش تنفى إتهامهم ولا حتى تدافع عنى . سكوتها ده أثبتلي إن هي كمان مش واثقة فيا . حزن هشام وشعر بان**ار شقيقه فهو معه حق فعلى الرغم من بذله قصاري جهده ليصل بهم إلى مستواهم المعيشي الحالي إلا أن باقي العائلة يرون هذا فرض عليه وليس من حقه الراحة أو الحصول على مقابل جهده ؛ فصدق من قال أن كثير العطاء دون مقابل يثقل كاهله فيما بعد . ومع هذا تحدث بعقلانية : _ شوف يا أمير إنت إل بنيت الشركة دي ، صحيح رأس مالها ثروة بابا الله يرحمه بس إنت كبرت الثروة دي وحافظت على رأس المال وكل واحد في العيلة بياخد أرباح سنوية غير المرتب الشهري وأنا عارف إن أي خسارة بتتحملها من رصيدك الخاص وإعترضت كتير بس إنت موافقتش . وكل الكلام ده ليه ورق . فلو شيماء مصممة على رأيها يبقي كله يتحاسب بما يرضي الله . نظر أمير بإتجاه الجدار الذي يحمل العديد من الشهادات والوثائق الذي قد تسلمها من إدارات مختلفة في الدولة تقديرا له وأكمل حديثه : _ إنت مش فاهم يا هشام ؛ هقولك إل قولته لأدهم الشركة مش بس فلوس . أنا تعبت فيها دي كيان ؛ كنت فاهم إننا هنفضل إيد واحدة طول العمر . أه بتحمل الخسائر لوحدي علشان ماجيش عليهم وعلى فلوسهم علشان مسمعش في يوم كلمة إتهام منهم . الفلوس تتعوض يا هشام لكن **ر الخاطر والزعل من الإخوات لأ . ربت هشام على كتفه وأردف مشجعا : _ وإنت في إيدك تحافظ على الكيان ده إشتري أسهم شيماء ولو أدهم عاوز يبيع إشتري منه . _المشكلة مش في البيع والشرا . المشكلة إنهم هيضيعوا نفسهم . تفتكر أنا مش عارف حقيقة ممدوح وإنه مبيصرفش على ولاده جنيه بل على الع** ممكن ياخد من شيماء فلوس بس برجع أقول طالما هي راضية خلاص المهم تبقي مرتاحة . وأخوك أنا فاهم كويس هو بيسعي لإيه ووالله لو كان يصلح كنت إتنازلتله ؛ بس هو مش فالح غير في علاقاته بالستات والشلة الفاسدة إل ملموم عليها . فمقدرش أسلم العيلة ليه مقدرش أتحمل ذنبهم . أنا خايف عليهم هما ..الشركة والمال مش أهم منهم عندي ؛ بس أنا عاوز أحافظ لهم على المستوى إل إتعودوا عليه ؛ كل واحد في ولادهم إتعود يلاقي كل طلباته مجابة لو الحال إتغير هيتعبوا في حياتهم . شعر هشام بمدى ثقل أفكار شقيقه فحدثه بمرح عله يخرجه قليلا مما هو فيه : _عارف يابنى خلاص محدش مريحك غيري . ما هو أنا أصلى مش أي حد . انف*جت شفتاه عن إبتسامة صافية ليضيف هشام بمرح : _ أيوة كده بلا كآبة . طرقات فوق الباب لتدلف السكرتيرة بعد سماح أمير لها لاحظ توترها وإصفرار وجهها فتساءل بتوجس . _ خير يا سميرة ؟ _ أصل..أصل _ ما تتكلمي علطول مالك متوترة ليه ؟! _ يا بشمهندس المدرسة إتكلمت على رقم الشركة دلوقتى علشان أبلغ حضرتك إن الأتوبيس عمل حادثة .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD