الفصل الرابع 4

3084 Words
الفصل الرابع / بعنوان " أغلى من الروح " يحب الإنسان عائلته فالحب فطرة بداخل قلبه منذ الولادة . ولكن يسعى دائما أن يتفوق ويكن باهرا للأعين بما يكفي لمدحه . وكما الحب غريزة فالأبناء أكثر من تتجه لهم تلك الغريزة وتتدفق بعق بإتجاههم ؛ فنرى أن الآباء يحبون أبنائهم أكثر من أي ومن كل شيء في الحياة بل إنهم يكونون أغلى من أرواحهم . فمن أنعم الله عليه بالأبناء إمتلك شق من زينة الحياة لقوله تعالى / " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " لذا لا عجب أنه عند تعرض الإبن لضارة يصبح الأمر وكأن والداه هم من أصابوا به فالأبناء أغلى من الروح صرخات وبكاء تملأ المشفي ؛ هرج وذعر وقلقا أصاب الجميع . توتر لاح ينتشر في الأرجاء بسرعة الرياح . أطفال تتراوح أعمارهم بين السادسة والعاشرة كلا منهم يتألم . عويلهم وآهاتهم مزقت قلوب الطاقم الطبي جميعا ؛ هناك من لديه جرح برأسه وآخر جرح في قدمه وأخري في يديها وأخرين إضطر الأطباء أن يسعفوهم بغرفة العمليات وأيضا هناك فاقدين الوعي نتيجة الإصطدام القوي . كانت صباح تعالج أحد الحالات والذي يبدو عليه الذعر كغيره ولكن بخوف مجهول فهو لا يتألم وإنما عيناه تجوب المكان ظنت أنه من الذعر وأنه بحالة صدمة فهو في الأخير صغير السن وعيناه ضائعا متلبكة ولكن كانت تبدو أكثر قرابة لمن يبحث عن أحد ما . حاولت جذب إنتباهه عله يجلس ثابتا لتستطع إتمام معالجته متممتمة : _متخفش يا حبيبي الحقنة مش هتوجعك مش إنت بطل وقوى . هكذا تحدثت صباح مع الطفل أمامها للتهوين عليه وتشجيعه ومحاولة إخراجه من صدمته ولكنها تفاجأت ببكائه الصامت . نغزها قلبها لهيئته فيبدو على عينيه الذعر صحيح أنه لم يصب بأذى ولكنه ذاعرا مازال يلتفت يمينا ويسارا بشكل أوجسها خيفة ولكنها آثرت إتمام مهمتها وهي تتابع إلتفاتاته المتكررة . انتهت صباح مما تفعله لتأتيها إجابة سؤالها بإرتماء أحد الأطفال الذين أصيبوا في رأسهم وذراعهم يحتضن الباكي الصامت يحدثه محاولا طمأنته وكأنه رجلا كبيرا وليس طفلا هو الأخر تجزم أنه يكبره بعامين تقريبا كما أنه هو الآخر مصاب وأيضا إصابته أبلغ من الصغير ولكنها فضلت متابعة الأمر بهدوء مستمتعة بحنان ذلك الصبي الفطري . إبتعدت آسر عن شقيقه وأزال دموعه بيديه السليمة وتحدث بحنو مطمئنا شقيقه : _ ياسين إنت كويس متخفش إنت محصلكش حاجة ؛ أنا جمبك متخفش بلاش تعيط . بدأ آسر بمحو دموع شقيقه مرة أخرى تارة واحتضانه تارة . أما صباح مازالت واقفة ذاهلة لهذا المشهد كم أعجبها الذي تراه كثيرا وكأنهم لوحة من العطاء والتميز بحبهم الظاهر في أعينهم . طفلان يجسدان لوحة لمعنى الحب والحنان بأسمى معانيهم وأدق تفاصيلهم . انتبهت صباح لآسر عندما لوح بيده مجيبا أحدهم : _ إحنا هنا . _أسر ..ياسين.أسر _أنا هنا يا بابا . استطاع هشام رؤيته ليجذب أمير ويشير له بإتجاه أطفاله مخبرا إياه : _أهم هناك أهم . توجهوا إليهم سريعا ليحتضن أمير طفليه بلهفة وخوف نتج عنه دمعة لم يستطع السيطرة عليها ؛ كانت لهفته وضمته الحانية إكمالا لذلك المشهد الذي تجسد منذ قليل أمامها ؛ الآن علمت مص*ر هذا الحب والعطاء فبالتأكيد ذاك الصغير يشبه أباه . أبعدهما أمير عن أحضانه ليسألهم بتلهف وهو يتفحصهم بعناية : _ حصلكم حاجة .ها ..إنتوا كويسين .أسر دماغك بيوجعك.. طب إيدك ياحبيبي ؟ إبتسم الصغير لوالده كأنه يعلم بأنه بتلك الإبتسامة سيطمأن قلبه وتحدث بهدوء : _ وجع بسيط بس أنا قوى زيك وهتحمل . ابتسم أمير لولده ونظر للآخر وتساءل بهدوء : _ ياسين حبيبي في حاجة بتوجعك ؟ _ متخافش يابابا أنا حميته . الشباك كان هيقع فوقه بس أنا غطيته بدراعي وأخدته فى حضني . سقطت دمعة أخري من عين أمير ولكنها ليست حزن وإنما فخر ولهفة عليهم إحتضنهم مرة أخرى وقبلهم ومن بعدها إبتسموا له ليداعبهم بإبتسامة شاركه بها هشام وصباح التي أفاقت على وقفتها فهي قد أثرها هذا الحنان البالغ كان المشهد من بدايته سارقا للبها ولكن أبعدت عيناها عنهم عندما توجه لها هشام بالكلام : _ طمنينا عنهم لو سمحتي ؟ إبتسمت صباح بهدوء وما زالت متأثرة بهم وأجابته مطمئنة : _ العسل ده وأشارت نحو ياسين الحمد لله مافيش جروح هو خدش صغير في رجليه . لكن حرارته كانت مرتفعة ممكن من الخضة والخوف دلوقتي أخد حقنة مصل للحرارة ومسكن وهيبقي كويس إن شاء الله . _ الحمد لله . طب وأسر أخباره إيه لو سمحتي ياعني وضع راسه ودراعه مقلق ؟ حولت صباح نظرها لأمير بإبتسامة مطمئنة مرة أخرى وأجابت بسلاسة : _ واضح إن في جروح في دراعه وراسه إتخيطت بس جرح رأسه قد إيه حقيقي معرفش لأنه مكنش معايا بس أقدر أسأل وأعرف حضرتك . كاد أمير أن يطلب منها ذلك ليتفاجأ بإبنه يخبره بحماس وكأنه يلهو : _ تلاته يبابي . داعبه بمرح هو الأخر وتساءل بضحكة : _ تلاته يابابي ومالك فرحان كده ليه ...ها . وجه نظره لصباح وتحدث برسمية : _ متشكرين جدا لتعبك . أماءت صباح برأسها متحدثة : _ العفو ده واجبي . ربنا يبارك فيهم بعد إذنكم . حمل هشام ياسين وأمسك يد أسر وتوجه للسيارة إلى أن أتم أمير إجراءات الانصراف ثم توجه لينضم لهم . في شقة الست فردوس / وقفت تلك السيدة عند الباب تنادى إبنتها بصوت غلب عليه التعجل والحماس : _ سمر ..ياسمر يالا علشان نلحق الجمعية قبل ما تقفل . ثوان وجاءها صوت ابنتها والتي يبدو أنها غاضبة وغير راضية : _ ما تقفل يا ماما هو إنتي ليه مصعباها على نفسك وعليا قولتلك خلاص مش عاوزة أتأمل في الفاضي تعبت . أنهت كلامها وأطلت على والدتها تعطيها دبوسا لتثبت لها حجابها . أخذت والدتها الدبوس ونظرت لها بآسى أخذت تتأمل وجه إبنتها بعيناها الواسعة الخضراء كلون العشب ورموشها الكثيفة وجهها المستدير وبشرتها الحليبية كانت حقا آيه من الجمال . تن*دت بحزن دفين ثم قامت بتعديل الحجاب لها وتثبيته وهى تنظر مباشرة في عيني ابنتها لتتمتم : _ سبحان الله..سبحان من أبدع وصور. شعرت سمر باآلم فهي تعلم يقينا مدى تآلم والدتها من أجلها لذا قررت التخلي عن غضبها وتحدثت بمشاغبة : _ إيه يا دوسة إنتي بتعا**ينى عيني عينك . إبتسمت فردوس وقبلت أعلى رأس إبنتها بحب وأردفت : _ ما هو يابنتي إل يشوف عنيكي وجمالك ميقدرش يقف ساكت كده . _ ربنا يجبر بخاطرك يا ماما . بس حقيقي أنا مش محتاجة كلامك ده لأن مش هيلغى حقيقة إني عامية ومش هشوف تانى . سقطت دمعة من عينها على ألم إبنتها ولكن سرعان ما أذالتها وتحدثت برفق وحنان : _ ياحبيبتي مين فينا ميحبش الكلام الحلو. الإنسان عموما بيحب يسمع كلام جميل والستات بالذات وخصوصا لما تبقى بنوتة عسولة زيك كدة تحب الملاطفة بالكلام الجميل . وبعدين عرفتي منين إنك مش هتشوفى تانى ربنا عرفك الغيب يابنتي ده ربنا قال : لو أراد أن يمسس عبد من عباده بضر فلا كاشف له ياعني محدش يقدر يشيل ضرر ما من على نفسه أو على غيره ولا يقدر يمنع نفع وإفادة ياعني يا حبيبتي ربنا هو المتولي سلمي أمرك ليه ؛ وإصبري وإحتسبي الوقت ده ؛ وخليكي دايما مؤمنة بإن ربنا قادر على تغيير حال من حال . ربنا كريم بعباده أمرنا بالصبر وجعله عبادة وبيبتلي المؤمن بإختبار وصعوبات في حياته علشان يشوف الإنسان ده قادر يصبر ولا هيقنط من رحمة ربه ومش كل الناس تقدر تنجح في الإختبار ده . إفتكري كلام ربنا في كتابه الكريم : " ولا تقنطوا من روح الله " ربنا بيدلك على الطريق علشان تنجحي في إختباراته الدنيوية وذكرلنا جزاء الصبر وقال : " إنما يوفي الصابرون أجرهم " يابنتي توكلي على الله وهو خير مدبر وميسر للأمور. لن تنكر تأثرها بحديث والدتها الذي شرح ص*رها وأضاء عتمة قلبها قليلا فتبسمت ثم تن*دت بأمل وتحدثت برضا : _ ونعم بالله ؛ حاضر يا ماما . رتبت فردوس على يدها تشجيعا لها وتحدثت بحماس : _أيوة كدة يا حبيبتي ربنا يكملك بعقلك . يالا يالا يا حبيبتي ده بيقولوا الدكتور إل بييجي جمعية الأطباء ده شاطر ودارس بره ؛ ربنا يجعل فى إيده الشفا يااارب ويجعله سبب إن عيونك الحلوة دي تنور من تاني . أخذت السيدة فردوس ابنتها ورحلت وهى تتمتم الأدعية متمنية الشفاء لها متأملة بأن يستجيب الله لدعاؤها المستمر . *** عاد أمير بطفليه للفيلا وعلم الجميع ما حدث معهم ولكن لم يعيروا للأمر أهمية كبيرة فكل منهم مشغول كفاية بحياته. أوصلهم لحجرتهم وذهب هو الآخر لغرفته وبعد أن اغتسل وأبدل ملابسه ذهب لحجرتهم من أجل الاطمئنان عليهم ومساعدتهم في إرتداء ملابسهم إن لم يكونوا إنتهوا فهو عرض عليهم قبل تركهم مساعدتهم ولكن أمام إصرارهم على الرفض توجه لغرفته . دلف للداخل ليجدهم واقفين مرتدين ملابس من أجل الخروج . تجاهل ما أرادوا أن يشيروا له بهذا التصرف عن عمد وحدثهم موجها : _ إيه ده ! طب ملبستوش ترنجات ليه علشان ترتاحوا شوية . عقد أسر حاجبيه بغضب طفولي وتمتم وهو يشير لأبيه بسبابته : _ إنت وعدتنا يا بابا . ابتسم أمير على نظرات إبنه والتي يحاول جاهدا تقليده عندما يكون غاضبا وأضاف بحنو: _ بس يا حبيبي إنتوا تعبتوا إنهاردة وكمان علشان راسك ودراعك . لازم ترتاحوا إنهاردة بس أوعدك أول ما تبقي كويس هنخرج . **ي الحزن ملامح الأطفال وابتعد كلا منهم ليجلس فوق فراشه . تقدم أمير بهدوء منهم وجلس بجانب ياسين وأضاف باستسلام عندما رأى إنطفاء شعلة الحماس بعينيهم : _ ماشي هنخرج . وقف الأطفال يقفزون مرحا ولكنه أشار لهم بإصبعه ليقفوا منصتين له بينما هو وقف وبدأ في تعديل هيئتهم قليلا واحد تلو الأخر وأكمل : _ بس هنتغدى بره أنا حجزت من إمبارح في المطعم إل بتحبوه ؛ إنما الملاهي يوم تانى . ذم الطفلين شفتيهم ونظروا لبعضهم بتحسر ثم أعادوا نظرهم لأبيهم باستسلام ليضحك على فعلتهم ويجذبهم لأحضانه يتشبع من رحيقهم . *** على الجانب الأخر / عادت صباح بعد يوم عمل شاق وأرادت أن تستريح قليلا ولكن دلفت والدتها تذكرها بموعدها مع سامي وكأنها نسيت ولكن هي أرادت حقا أن يذهب ذلك الموعد وكل ما يخص سامي من عقلها ؛ وكيف سبيل ذلك ووالدتها واقفة تنهرها عن ذلك النسيان الكاذب : _ كده ينفع يا صباح تنسي ميعادك مع خطيبك ؛ الرجل يقول إيه من أولها كده مش مهتمة بيه . _ يا ماما أنا جاية تعبانة جدا الشغل كان مرهق إنهاردة وبجد محتاجة أنام ؛ ياريت تكلميه وتأجلي الميعاد ده . إستشاطت نسمة غضبا من أسلوب إبنتها اللامبالي في حديثها وأردفت ببعض القسوة : _ إيه قلة الذوق بتاعتك دي ؟ قومي يا صباح إجهزي متعصبنيش . زفرت صباح بنفاذ صبر وتحدثت من بين أسنانها : _ حاضر يا ماما هقوم حاضر . وبالفعل خرجت نسمة من غرفة إبنتها لتبدأ صباح في التحضير . تجهزت صباح من أجل ذلك الغداء التي أرادت وبشدة رفضه ولكنها انصاعت لرغبة والدها بإعطاء فرصة لنفسها ولخطيبها . ارتدت جيب طويل من اللون الأ**د وفوقه بلوزة من نفس اللون مشبعة بالبتلات الورود الحمراء وحجاب باللون الأحمر . تنفست عدة مرات أمام المرآة ت**ب نفسها الثقة الكافية والصبر من أجل هذا اللقاء . دلفت والدتها تخبرها بقدوم سامى في الأسفل . حسنا لم يكلف نفسه ويصعد لها هكذا حدثت نفسها قبل أن تجذب حقيبة يدها الحمراء وتخرج مودعة والدتها فهي فقط من تتواجد في المنزل شقيقها في أحد المراكز التعليمية ووالدها في المسجد يؤدي صلاة العصر . هبطت للأسفل تاركة والدتها تلحقها بالتمنيات السعيدة وراحة البال . خرجت من البناية لتجده أمامها يجلس بإستقراطية في سيارته . ظلت بمكانها عدة دقائق قبل تقدمها منه . وعندما وصلت للسيارة نظر لها من خلال النافذة قائلا بنبرة غلفها الإستياء : _كل ده يالا اركبي . حسنا لم تأمل أن يهبط ويفتح لها باب السيارة بذوق ولباقة ولكن أقل ما توقعته أن يكن في انتظارها بص*ر رحب لا أن يستقبلها بتذمر ويحادثها بغلظة معطيا لنفسه حقا ليس له وكأنه زوجها . أخرجت إحدى التنهيدات التي لا تعلم عددهم فقط منذ أمس . فتحت باب السيارة بهدوء وجلست بعد إلقاء السلام ليرد بإقتضاب قبل أن ينطلق قاصدا أحد المطاعم . *** وصلت السيدة فردوس إلى مقر الجمعية . تلك العيادة التي أونشأت لمعالجة الفقراء جهودا من رجال الأعمال والمتيسرين ماليا. _ توكلنا عليك يارب . نطقت بها فردوس وهى تساعد ابنتها للدلوف ممسكة بيدها لكى لا تتعثر . دلفتا للداخل لتقابل شابة في نفس عمر ابنتها تقريبا جالسة في مكتب استقبال صغير لتباشر بالحديث مباشرة ما إن وقفت أمامها : _ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته . _ وعليكم السلام يا حجة خير ؟ _ ربنا يجعله خيريا بنتي . ولاد الحلال دلونى على العيادة دي وقالوا إن فيها دكاترة من كل تخصص . أومأت لها الشابة بالإيجاب وهي تؤكد على حديثها : _ فعلا يا حجة هنا دكاترة ما شاء الله عليهم شاطرين . _ طب يابنتي في دكتور عيون هنا ؟ هما قالوا بييجى إنهاردة . _ أيوة موجود ؛ دكتور مراد منير أوضة ستة في آخر الممر ده . _ متشكرة يابنتي الله يباركلك . _ لا شكر على واجب ياحجة ربنا يطمنك عليها . آمنت فردوس دعاؤها وأخذت ابنتها بعد أن أعطتها رسوم الدخول لدى الطبيب وهي نقود رمزية ؛ وتقدمت إلى أن وصلت إلى الغرفة المقصودة . طرقت بخفة فوق الباب ليسمح لها صوت ذكوري بالدلوف . دلفت جاذبة إبنتها للداخل . أجلست ابنتها فوق أحد الكرسين وجلست فوق الآخر . ونظرت للطبيب وجدته شاب في الثلاثين من عمره بشعر أ**د كثيف أنيق للغاية فيبدو أنه يهتم لمظهره كثيراً . بدأ الحديث ناظرا لهن بالتناوب وتساءل بعملية : _ خير يا حجة ؟ _ بنتى يادكتور من ست سنين حصل معاها حادثة ومن يومها زي ما إنت شايف . نظر الطبيب لسارة بتفحص لينبهر من جمالها ورقتها ليحدث نفسه قبل أن يقف ويتجه نحوها ( بقي العيون دي متشوفش ) تقدم من سمر وأمسك بيدها لتجذبها سريعا فإبتسم بغموض وأشار لوالدتها نحو كرسي الفحص مردفا : _ هاتيها على الكرسي ده . وبالفعل أجلستها والدتها ليشرع بفحص أعينها وتدوين الملاحظات . *** الفروق بين القلب والعقل كثيرة وواضحة ... فالعقل هو أداة للمساعدة على الإدراك والاستنباط..أما القلب فهو أداة الشعور والإحساس.. يُقال قلب الإنسان دليله . فماذا إن كان القلب والعقل وأيضاً العين متفقين على شيء ما .؟؟ كل خلاياها تدفعها لإنهاء هذا الأمر وتنجو بنفسها ... تشعر أنها تسحب للقاع ..هناك ما يجذبها لتنغمس روحها في الهلاك . أهي تعطي الأمر أكثر من حجمه أم ماذا ؟. وصلا أخيرا لأحد المطاعم والتي حاز على تعجبها وإعجابها فهو مطعم أنيق استغرق وقت طويل ليصل إليه ولكن بينها وبين نفسها أشادت بأناقته ورقيه . دلفا معا لتنبهر بتصميم المطعم من الداخل كان راقيا إلى حد كبير ؛ لا بل في إعتقادها أنه من المؤكد من أرقى الأماكن الموجودة في البلد . ظل تفكيرها يجوب داخلها هل إختار هذا المكان لكي يجذب إنتباهها و يؤثر عليها . أفاقت من تأملها المكان على صوته وهو يسألها : _ تحبى تطلبي إيه ؟ حسنا يبدو أنه يمتلك بعض الذوق أمسكت قائمة الطعام واختارت وهى تقنع ذاتها بأن طالما تقدمت خطوة في هذه العلاقة عليها أن تتصرف بحرية أكثر لتصل لنتيجة مؤكدة في قرارها ولكي لا تظلمه فيجب أن تفهمه جيدا ولكن عليه مساعدتها لذلك فمن المؤكد أن أفعاله هي فقط من تحدد قرارها . مرت نصف ساعة من الصمت الممل نظرت له لتراه شارد الذهن لتقرر هي قطعه فقد شعرت بأنها أخطأت عندما جاءت معه إلي هنا فصمته هذا أشعرها بالإهانة ؛ لذا فلتحاول أن تتمالك نفسها قبل أن تصرخ به هدأت من أنفاسها الثائرة وتحدثت بتروي : _ كلمني عنك شوية . نظر لها بتفاجؤ لم يستطع إخفاؤه جعلها تندم للمرة التي لا تعلم عددها فهيئته و كأنه نسي وجودها فعقله كان بمكان آخر حطم ما بقى من هدوءها لشعورها بإهانة كبريائها وبالفعل كادت الوقوف من أجل الرحيل . ولكنه تجاوب معاها قائلاً : _ عاوزة تعرفي إيه ؟ ياعنى أعتقد إل عرفتيه عنى كفاية . تن*دت بصوت مسموع وأكملت كلامها ساخطة : _ إل عرفته أي حد يعرفه أنا عاوزة أعرف سامى الرجل إل هتجوزه وأعيش معاها باقي حياتي ؛ سامي إل محدش يعرفه ؛ الإنسان إل هيتقفل عليا معاه باب واحد . ظل يلعب بالشوكة لبضع ثوان ثم ابتسم لها وهو يشير للنادل وكأنه ملجؤه للهروب من الحديث معها متحدثا : _ الأكل جه ، يالا نتغدى وبعدين نتكلم . يا الله كم هو إنسان ملبد الحس . هكذا حدثت نفسها وهى تتابعه يأكل بنهم وينظر خلفها . أطال النظر لدرجة أشعرتها بالإهانة فأرادت أن تري إلى ماذا ينظر ، استدارت لتجد رجل ومعه طفلين . حسنا توقعت أن تري امرأة . شرعت في تناول طعامها من جديد لتنظر خلفها سريعا مرة أخرى بدقة ليتأكد ظنها إنهم طفلي الحادثة صباحاً . ابتسمت برضا عندما وجدت والدهم يطعمهم بنفسه ويهتم بهم ودعت الله لهم ولوالدها فهذا الرجل ذكرها بحنان والدها عليها . انتبهت لنظرات سامى لها فأكملت طعامها بهدوء قطعه هو هذه المرة : _ لو خلصتى أكل خلينا نقوم . أجفلت من فظاظته فهي بالكاد تناولت بعض الطعام ولكنها تريد انتهاء هذا لذا أماءت له بالموافقة . عند وقوفهم بعد وضعه المال فوق الطاولة تقدمت باتجاه الباب لتتفاجأ به يحثها على التقدم للداخل تحديدا للطاولة الخلفية لهم تعجبت كثيرا لذا لم تتردد أبدا في سؤاله : _ في إيه ؟ أجابها بجفاء : _ هسلم على واحد . أماءت له بتفهم وأردفت : _طب هستناك بره . نظر لها بغلظة وتحدث : _ مينفعش ؛ يالا متقوفيش كده . تضايقت من إصراره هذا وفظاظته ولكنها اضطرت للإنصياع له لسيما عندما وجدت بعض الحضور ينظرون لهم . تقدموا من الطاولة ليباشر هو الحديث من أجل لفت إنتباه الآخر: _ بشمهندس أمير دي فرصة سعيدة جدا إني أقابل حضرتك . نظر أمير لهم بتساؤل ولكن بإحترام تحدث : _ أهلا بيك ؛ حضرتك تعرفني . انف*جت شفتاه عن إبتسامة وأجاب بتملق واضح : _ طبعا ؛ في حد ميعرفش بشمهندس من أكبر مهندسين ورجال الأعمال في البلد . تبسم أمير بعملية وتحدث : _ متشكر جدا ؛ ممكن تعرفني بنفسك . وكأنه وصل لما يريد لتسطع إبتسامته أكثر وبدأ في الإسترسال : _ أنا بشمهندس سامى إتخرجت وسافرت ألمانيا كملت دراستي ولسه واصل مصر من أيام . صافحه أمير بترحيب محدثا إياه : _ نورت بلدك . تحدث سامي بحبور وسعادة : _ عالفكرة يا بشمهندس أنا بشتغل في الشركة عند حضرتك ؛ ياعنى لسه مستلم الشغل إنهاردة وإن شاء الله هقدم شغل يليق بإسم الشركة . _ بجد ؛ خير .. إن شاء الله تبقي سعيد بينا والشركة تستفاد من مجهودك . _ إن شاء الله ؛ أنا عندي أفكار كتير عاوز أعرضها على حضرتك . نظرت صباح للطفلين الذين بدء الملل يتسرب لهم لتقول بهمس : _ و قت تانى يا سامى الولاد زهقوا . وكأنها بذلك أشعلت فتيل نيران غضبه نظر لها ورمقها بغضب وتحدث من بين أسنانه بفظاظة : _ إسكتى مسمعش صوتك . برقت عينيها من أسلوبه وتحمحمت بإحراج عندما وجدت أمير ينظر لهم ويبدو أنه استمع له . أما هو فنظر لأمير مرة أخرى بعد أن رسم إبتسامة على وجهه وكاد الحديث ليقاطعه أمير : _ ممكن نتقابل في الشركة وتعرض عليا أفكارك بس دلوقتى أنا مش فاضي زي ما أنت شايف . أنهى كلامه وهو يشير إلى أولاده . كور سامى يديه محاولا السيطرة على غضبه ليقول برضا كاذب : _ أكيد طبعا ؛ ربنا يخليهوملك . _ متشكر جدا . تقدمت صباح من أسر وأعدلت له رابطة ذراعه بإبتسامة بادلها إياها . تحدث أمير وكأنه تذكر شيء ما : _ أه .. مش حضرتك الممرضة ؟ أماءت له صباح بإحترام قبل أن تعود مرة أخرى بجانب سامى الذي ودع أمير بتملق . لحظات وكانوا بالخارج لتري صباح وجها كان خفياً منه .
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD