الفصل الخامس /
بعنوان
مصيدة المكائد
الثقة المطلقة التي تعطيها لشخص ما عليك التأكد انه يستحقها وإلا سوف تقع في أسوأ المكائد ؛ فحين تسلم كافة أمرك له ويبادلك هو بالخداع ين**ر داخلك بشكل قد لا يلتئم بعد ذلك مهما حاولت
عندما نتعرض للخداع أيكون هذا ذنبنا أم ذنب الآخرون ؟ سؤال يواجهنا دائما عندما نريد أن نهون على أنفسنا مرارة الألم .
أينقص عقلنا استنباط النوايا ..أم أن قلوبنا بريئة وينطلي عليها أوجهه البراءة لنفوس ثعلبية ؟
***
قد تبدو خطواتك لك بداية جديدة لشروق شمس حياتك و إنارتها من جديد ولكن خبايا القدر لا يعلمها عقلك ولا يشعر بها قلبك أو ربما يشعر ولكنه لا يعلم التفسير .
صباح يوم جديد /
إستيقظت فردوس مبكرا متحمسة لبدء الإجراءات الطبية لابنتها من أجل العملية .
فبدأت بتحضير ماسيلزمهم خلال فترة المكوث في المشفى الذي وجهها إليه الطبيب التابع لإجراءات العمليات الطبية للجمعية ؛ فقد أخبرها الطبيب أنها ستمكث تحت المراقبة عدة أيام يقومان فيها بعدة فحوصات طبية ومن ثم يجري لها الجراحة .
أما صباح فقد إستيقظت مبكرا وذهبت لعملها قبل الموعد الملتزمة به فهي أرادت البدء بالعمل عله يلهيها عما يشغل بالها .
فهي إختارت الهروب وإن كان مؤقتا .
في فيلا عزام /
خرج أمير وركب سيارته للذهاب للشركة بعدما اطمئن على طفليه ولكن السيارة لم تنطلق على غير العادة كما أنه ألقى السلام ولم يجد إجابة فنظر أمامه بتعجب ليجد السائق مغمض العينين ورأسه للخلف ويبدو عليه أنه لم يشعر به .
مد يده بلطف لتلامس كتفه وتحدث بهدوء :
_ إنت كويس ياعم صبحى ؟!
أفاق صبحى منتفضا متفاجيء ليتحدث بتوتر :
_ آسف يا بشمهندس ؛ مأخدتش بالي .
رتب أمير على كتفه وتحدث بهدوء :
_ آسف على إيه يا رجل يا طيب ؛ مالك لو تعبان بلاش تشتغل إنهاردة وروح ارتاح .
تن*د صبحي براحة وتحدث :
_ لا يا بشمهندس الحكاية مش مستاهلة .
قالها وأدار محرك السيارة وانطلق لخارج الفيلا .
شعر أمير بتعب صبحي فأردف بإشفاق :
_ خلاص ياعم صبحى وصلني وروح إنت شكلك مرهق .
نفي صبحي برأسه وإستكمل حديثه :
_ دول شوية إرهاق من قلة النوم .
تساءل أمير ببعض المرح :
_ منمتش كويس ليه بس يا رجل يا طيب الجماعة مزعلينك ولا إيه .
ابتسم صبحى بحبور فلطالما شعر بالراحة عند الحديث معه وكأنه ولده وليس رب عمله وأجابه بمرح هو الأخر :
_ متقلقش عليا مسيطر بعون الله .
ضحك أمير بمليء فاهه بمرح وشاركه صبحى ذلك ليسأله بعد ما هدأ بجدية :
_ أومال مالك بس ؟!
أنا بطمن عليك والله مش أكتر ياعنى مقصدش تطفل .
أماء صبحي برأسه مؤكدا على حديثه :
_لا سمح الله يا بشمهندس ؛ أنا عارف إن قلبك طيب وبتحب الناس ربنا يجازيك خير.
_ الله يخليك يا عم صبحي بس عاوزك تعرف إن ليك مكانة خاصة عندي أنا منساش إني تعلمت السواقة على إيد*ك .
_ ربنا يعزك والله ربنا إل يعلم إني بعتبرك زي ابنى .
_ ابنك إيه إنت عاوز تكبر نفسك .
تبسم صبحي بحبور وتحدث بصدق :
_ أنا أكبر بيك يا بشمهندس ياريت ابنى يبقي زيك في يوم من الايام وبعدين إنت لسه شباب والعمر قدامك .
_ أنا إل أتشرف بيك والله ياعم صبحى وابنك إن شاء الله يبقي أحسن منى .
ها قولي أخبار خطوبة بنتك إيه الأمور كلها تمام ؟
خرجت تنهيدة حائرة منه قبل أن يجيبه بأمل :
_ الحمد لله ؛ ربنا ييسر الأمر .
إستلم أمير دفة الحديث مرة أخرى قائلا :
_ إن شاء الله مع مرتب الشهر ده ليك هدية صغيرة منى علشان تجهز بنتك وتفرح بيها .
_ لا يا بشمهندس أنا مقدرش أقبل كتر ألف خيرك مستورة الحمدلله .
_ ليه بس كده يا عم صبحى ؛ مش إنت لسه بتقول بتعتبرنى ابنك في أب يرفض هدية إبنه وبعدين دي هدية منى للعروسة ربنا يسعدها ويفرحك بيها .
_ ربنا يسعدك يابنى ويفرحك بولادك ويخليهوملك ويفرحنا بيك .
ابتسم أمير بطيبة قبل أن يعاود العمل على الحاسوب الخاص به .
وصلت فردوس وإبنتها للمشفى وتم إجراءات الدخول لها وبدأت بتنظيم حاجياتهم في الخزينة .
طرقات فوق الباب جعلتها تترك ما بيدها لتجد ممرضة تستأذن منها لأخذ عينة من الدم للتحليل .
وبعد أن إنتهت تحدثت بطمأنة :
_ خلاااص .. إن شاء الله خير يا قمر متقلقيش .
زفرت سمر أنفاسها وتحدثت بإقتضاب :
_ تسلمي .
تدخلت فردوس في الحديث متسائلة :
_ قوليلى يابنتي هي القبلة منين ؟ عاوزة أصلى الضهر .
أشارت لهافي الإتجاه وهي تخبرها :
_كده يا حجة .
أشارت لها بإتجاه القبلة قبل أن تمسك بسجادة الصلاة وتضعها أرضا مساعدة إياها لتبتسم فردوس برضا وتتمتم :
_ ربنا يخليكى يابنتي .
تبسمت لها وتحدثت بمرح ملقية مداعبة تساعدهم على الإسترخاء :
_ تسلمي ياحجة ولو إحتجتى أي حاجة قولي يا جزر قصدي يا صباح وهتلاقينى عندك .
ضحكت الست فردوس وأيضا سمر على فكاهتها لتضيف بمرح موجهة حديثها لسمر :
_ أيوة كده إضحكي محدش واخد منها حاجة ؛ عن إذنكم وزى ماقولتلكم جزر وهتلاقوني هنا .
خرجت صباح لتتابع عملها وتتبعها دعوات هذه السيدة الطيبة .
فصدق من أطلق لقب ملائكة الرحمة على من مثلها ؛ على من تراعي الحالة النفسية للمريض بالإضافة للرفق والمعاملة الحسنة .
مرت الساعات لينتهي عملها أخيرا وعندما كانت تهم بالرحيل تفاجأت بقدوم ثلاث سيارات إسعاف يحملون شبابا تعرضوا لحادث .
لم تستطع الذهاب فنداء الإنسانية أكبر من نداء جسدها الذي يحثها على الراحة والإسترخاء .
إنطلقت دون تفكير إلى إحدى النقلات والتي يبدو أن من فوقها لديه جرح غائر في ساقه وأخذت من عاملة النظافة التي هابها المشهد لتقف ولم تكمل طريقها بعض الملاءات والمناشف وتركت حقيبتها في صندوق الملابس وفى لحظات كانت تجثو فوق السرير النقال تضع ما بيدها فوق الجرح تمنع فقده المزيد من الدماء وأيضا قامت بربط ساقه بإحدى الملاءات بطريقة مدروسة لتضم الجرح ببعضه .
كانت مشغولة فيما تقوم به وتحث الممرضين دلوف المصعد ليصعدوا بالشاب لغرفة العمليات سريعا ولم تنتبه للواقف أمامها يناظرها بغضب لم يستطع السيطرة عليه ليصرخ بها بعلو صوته جذب إنتباه الجميع :
_ صباااااح إيه القرف ده ؟!
رفعت رأسها له رد فعل تلقائي لمناداتها لتستطيع رؤية الغضب والتقزز بوجه قبل أن ينغلق باب المصعد .
عندما تغيب لغة الحوار قد لا نجد التفاهم وعندئذ يجب أن نسلط ضوء أعيننا على الإشارات القدرية المُرسلة لنا فكيف سنواجه الحياه برفقة الأشخاص الذين سيمؤرون بحياتنا إن لم نجد لغة موحدة بيننا ؟ كيف سنتفاهم ؟؟
كيف سنعيش ؟؟
كيف سنلبي أبسط متطلبات الحياه سويا ؟؟
ماذا سيكون شكل الحياه من الأساس
؟
سنظل بهذا الوضع كأقطاب الأرض المختلفة .. شمال وجنوب معا وشرق وغرب معا .
أؤمن بأن هناك جانب مشرق للإختلاف بين الشريكين ولكن من المؤكد أنه يجب الإلتقاء عند نقطة ما .
في ڤيلا عزام /
جالسة في حجرتها تُفكر وبين يديها صورة لزوجها الراحل تحدثه وكأنه أمامها تعبر له عن مدى خوفها وقلقها :
_ مش عارفة أعمل إيه ؟؟ أمير كبر ومن بعد موت مراته ورافض يتجوز والدنيا بتسرق عمره . أنا عارفة إنه تعب كتير علشان العيلة كلها بس بخاف من كلام أدهم ، أوقات بصدقه وأفكر إني ظلمته ، وأحياناً أفكر إن أمير هو المظلوم . الأمور بتخرج عن سيطرتي .
بس لازم حل جذري للمشاكل دي كلها .
وضعت الصورة وإستلقت على الفراش تفكر في القرار الذي أخذته .
****
جالسا في ظل إحدى الأشجار وبيده أحد الكتب الخاصة به يحاول الإستذكار ، ولكن عقله الشارد يمنعه من التحصيل .
كان منغمسا في أفكاره حتى تفاجأ بمن يقف أمامه .
_ أخبارك إيه يا فجر ؟ من زمان متكلمناش مع بعض ولا كأننا عايشين في بيت واحد ز
أنهى حديثه ثم جلس بجواره ، ليجيبه فجر ببعض الشوق :
_ تعرف يا معتز أنا نفسي نرجع عيال صغيرة تاني .
لم ينبش معتز بحرف ولكن نظر له نظرة تعبر عن تمنيه هو الآخر عودة تلك اللحظات ، ليكمل فجر :
_ كنا عايشين في عالمنا إحنا ، عالم بعيد عن الكبار ومشاكلهم ، كنا نلعب ونذاكر وبس ، حياتنا كانت أحسن ، إنما دلوقتي بنعيش معاهم مشاكلهم إل هي أصلا ممكن متبقاش موجودة لو كل واحد فيهم فكر شوية وحاول يصلح من نفسه ، حتى قعادنا مع بعض مبقاش يحصل بقينا بعاد ، أنا فاكر آخر مرة قعدنا فيها مع بعض كانت من سنة تقريبا .
أنهى حديثه بإبتسامة سخرية من حالهم ليبادله معتز إياها ثم أردف :
_ كلهم أنانيين يا فجر ، أو خلينا نستثنى عمو أمير ومن بعده عمو هشام ، مش عارف إحنا ليه نتعذب بأهالينا .
أرجع ظهره للخلف مستندا على جزع الشجرة وأكمل حديثه :
_ فعلا بقالنا سنة مقعدناش سوى ، وفي السنة دي حاجات كتير إتغيرت فينا ، كل واحد مننا بقاله طريق تاني مع أصحاب تانيين ، تفتكر هييجي اليوم إل نرجع فيه زي الأول ؟
أعاد فجر هو الآخر ظهره للخلف وأجابه :
_ مش عارف .. لكن أتمنى .
ساعات مرت قبل أن ينتهى عملها في مساعدة الأطباء في غرفة العمليات .
خرجت من المشفى واستقلت إحدى سيارات الأجرة وكان للتعب والإرهاق نصيب الأسد منها .
فعيناها بالكاد تستطع الرؤية بها جسدها بالكامل متعب .
ولكن روحها منتعشة لاستطاعتها المساعدة ؛ رؤية دموع السعادة في أعين عائلات الشباب المصابين أنستها ولو لساعات معدودة ما رأته من نظرات توعد ولكن تلك الحلقة الذهبية بيدها أعادتها لأرض الواقع .
تن*دت بثقل وهى تخطو أول خطواتها بداخل المنزل لتتفاجأ بالمجلس المقام في انتظارها أخذت نفس عميق وتحدثت :
_ السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ؛ إزيك يا عمى وإنتى يا مرات عمى أخباركوا إيه يا جماعة ؟؟
توجهت للجلوس بعد أن السلام عليهم لتتفاجأ بزوجة عمها تحادثها بلؤم :
_ أنا زعلانة منك يا صباح .
تساءلت صباح بهدوء :
_ خير يا طنط ؟ حصل منى حاجة لا قدر الله زعلتك .
كانت تتحدث بهدوء وبنية سليمة لتنصدم بالهجوم الذي شن عليها :
_ خير!! بتقولى خير كمان وإل إنتى عملتيه ده تسميه خير ؟!
نظرت صباح بضيق لسامى وأجابت بهدوء نسبي :
_ أنا مش فاهمة أنا عملت إيه بالظبط ؛ ياريت توضحيلي ؟
هنا وتحدث سامي بنبرة تسلطية :
_ لما أعمل بأصلى وأقول لنفسي أجيلك المستشفى أروحك وإنتى تشوفيني ولا كأنك شوفتينى يبقي ده خير ؟
حاولت التمسك بهدوئها قدر المستطاع فهي لم تنسى ما قاله ونظراته لذا تحدثت بهدوء قدر إمكانها :
_ إنت كنت شايف المستشفى مقلوبة إزاي ؛ كان في حادثة كبيرة وأنا كنت بشتغل مكنتش بلعب أو قاعدة مع زمايلي وطنشتك .
كانت إجابتها مقنعة ولكن ليست لهم فهم كما إستنبطت قادمون وفي نيتهم إستنباط وإحداث مشكلة بأي شكل إن كان .
وكما توقعت تساءل هذه المرة عمها بغضب :
_ ياعنى إنتى شايفة إنك مش غلطانة وسامي هو إل غلط إنه عبرك ؟
نظرت لعمها وبداخلها إستياء كبير من قوله ولكنها تماسكت فمهما كان هو عمها وواجب عليها إحترامه لذا أجابته بهدوء قدر إستطاعتها :
_ ياعمو أنا كنت بشتغل ؛ المستشفي دي مكان شغلي طبيعي لما يبقي في حادثة وكبيرة كمان زي إنهاردة مقدرش أكلمه وبعدين هو أصلا مقاليش إنه جايلي و....
لم تكمل حديثها ليقاطعها سامي غاضبا بنبرة ساخرة :
_ وعاوزاني أخد الإذن منك كمان ؟!!
تدخلت نسمة علها تهدأ من ذلك الحديث الذي ببساطة إستنبطت توجهه لمشادة هي غير راغبة بها ؛ لذا أردفت بتعقل :
_ يا سامى هي متقصدش هي تلاقيها بس أعصابها تعبانة من الشغل .
شعرت صباح بالغضب والضغط عليها الغير مبرر فتمتمت بجدية :
_ لأ يا ماما أقصد ؛ أنا بكون هناك في شغل ومش عارفه إذا كنت هقدر أشوفه أو أروح معاه زي ما بيقول أنا وقتي مش ملكي .
_ ليه الملكة إليزيبث .
كانت تتحدث بجدية محاولة عدم الإنسياق وراء غضبها ولكن سخرية زوجة عمها منها أفقدها صوابها لتتحدث بإنفعال غاضب :
_ أنا مغلطتش في كلامي يا طنط علشان تتريقي عليا ؛ هو أصلا مش من المفروض يوصلني زي ما بيقول لأننا لسه أجانب لكن لنفترض تغاضيت والموضوع عدى المفروض أقل حاجة أبقى عارفة من قبلها عالأقل أرتب أموري أعرفه إن كان ورايا شغل ومش هقدر ولا لأ .
وبإجابتها هذه أعطت الفرصة لتلك السيدة فظة الحديث أن تتآمر عليها وتتخابث بالحديث :
_ وكمان هتعلميني أرد إزاى والله عال يا نسمة دي تربيتك لبنتك ؛ علمتيها إزاي تبقى قليلة الإحترام مع إل أكبر منها .
شعرت نسمة بالحرج لتتحدث سريعا :
_ حقك عليا يا حبيبتي ؛ عيلة وغلطت ؛ صباح إعتذري لمرات عمك يالا .
نظرت صباح لوالدتها بدهشة ممزوجة بخيبة أمل وأردفت بصعوبة :
_ آسفة يامرات عمى ؛ عن إذنكم .
همت صباح لدلوف حجرتها ليوقفها صوت عمها :
_ إستنى يا صباح .
كل ما كانت ترغب به في هذا الوقت حقا أن تذهب لحجرتها علها تسترخي قليلا وأيضا من أجل أن تبتعد عنهم ؛ ولكن بالطبع وجب عليها أن تجيبه :
_ خير ياعمي ؟!
وأخيرا تحدث والدها ولكن نبرته غلفها الإرهاق :
_ إقعدى يابنتي شوفي عمك عاوز إيه .
جلست صباح مرة أخرى ليسترسل عمها الكلام :
_ شوفي يابنتي سامى جاهز من كله وزى ما اتفقت أنا وصبحى مش عاوزين نطول في الخطوبة .
إنتوا لازم يتقفل عليكوا باب واحد علشان تقدروا تفهموا بعض وتتعودوا على عيشتكم سوا وكمان تطبعوا بطباع بعض ؛ علشان كدة فترة الخطوبة دي ملهاش لازمة ولازم تتموا فرحكم في أقرب وقت .
عن أي زواج يتحدثون هي حتى الآن لم تعتاد على فكرة خطوبتهم ؛ لذا تحدثت بزهول من ذلك القرار التي لا تعلم عنه شيء :
_ ياعنى إيه يا عمى ؟ افرض ما إرتحناش سوا ؟! أومال فترة الخطوبة لازمتها إيه ؟
الفترة دي علشان نفهم بعض وكل واحد فينا يقرر هيكمل ولا لأ .
فترة الخطوبة دي إختبار لمشاعرنا وإدراكنا إننا نقدر نتواصل مع شريك حياتنا ده ولا لأ .
ياعني مش زي ما قولت ياعمي إنها فترة ملهاش لازمة بالع** تماما .
أغضبهم حديثها رغم عقلانيته وهدوءها ؛ لتردف زوجة عمها بغضب وصوت مرتفع :
_ ياعنى إيه ياست صباح ؟ إنتى واخدة الحكاية لعب بقي .
زفرت صباح بيأس من أن يتفهموها وتمتمت بتريث :
_ مش قصدى يا طنط أنا بس أقصد...
لم يمهلها سامي على إكمال حديثها ولكنها لم تتعجب فيبدو أن هذا هو نمط شخصيته فإستمعت لحديثه المتسلط :
_ إسمعي خطوبة طويلة والحوارات دي متنفعنيش ؛ أنا عاوز لما أرجع من الشغل أقلاقي واحدة مستنياني ، واحدة كل شغلها الشاغل بيتها وجوزها ؛ تهتم بيا وبمتطلباتي .
نظرت له بتعجب ممزوج بغضب وأردفت متسائلة :
_ وشغلي ؟!
وكالعادة أعطاها إبتسامة ساخرة وأردف :
_ شغل إيه ؟! لهو إنتى فاهمة إني هسمحلك بعد الجواز تشتغلي . عاوزانى أشوفك بالمنظر إل شوفتك بيه ده تانى !!
إلى هنا ولم تحتمل لتهب واقفة مسترسلة :
_ منظر إيه ؟! أنا شغلي مش هسيبه أنا مدرستش وتعبت علشان في الآخر أقعد في البيت ؛ ما تتكلم يا بابا .
نظرت صباح بإتجاه والدها حينما لم تجد منه ردا لتجد رأسه مائل لأسفل وعينيه منغلقتين لتصرخ فزعة :
_باااااااباااااااا
***
بالفيلا تحديدا بغرفة هشام /
كان جالساً فوق الفراش يطالع بعض الأوراق التي تخص إحدى الصفقات ليتفاجأ بزوجته تجلس أمامه ويبدوا عليها التوتر .
أغلق الملف ووضعه بجانبه ثم أبعد أصابع يدها التي تفركها بقوة وتحدث بحنو :
_ مالك يا حبيبتي ؟ بقالك مدة قاعدة كده ومبتتكلميش .
ظهر التوتر جليا على وجهها وحاولت تجميع الحروف :
_ أصل ..أنا ياعنى ...
شعر بإرتباكها فعلم أن الأمر جلل فتحدث بنفاذ صبر :
_ حسناء إتكلمي .
أخذت عدة أنفاس عل رئتيها تمتلأ بالهواء وأردفت :
_ أصل أنا إنهاردة كنت عند الدكتور .
نظر لها بتعجب مليء بالخوف وتساءل بلهفة :
_ الدكتور !! مالك ؟ إيه إل تعبك ياعنى ؟ والدكتور قالك إيه ؟
إستطاعت إستجماع شجاعتها أخيرا وأجابته :
_ قالي... قالي إني حامل .
وقعت الكلمة على مسمعه بصدمة تحولت لغضب :
_ إزاى ؟ ها فهميني مش كنا قفلنا الموضوع ده ؟!
حاولت أن تتحدث :
_ يا هشام أنا..
ولكنه قاطعها بغضب :
_ إنتى إيه ؟! إنتى مسمعتيش كلامي وعملتي إل في دماغك .
إمتلأت عيناها بالدموع وحاولت إقناعه :
_ يا هشام حرام عليك . أنا نفسي أخلف .
تساءل بدهشة من إصرارها :
_ تخلفي على حساب حياتك !!
بدأت عيناها في ذرف الدموع وهي تتوسل له بحديثها :
_ مش هيحصل حاجة ؛ علشان خاطري يا هشام متحرمنيش من الأمل ده ؛ هنفذ كل إل الدكتور هيقول عليه ؛ أنا بتعذب يا هشام كل ما أشوفك بتلاعب ولاد أمير ؛ أنا بتضطر أسمع كل يوم وكل لحظة كلام بيوجع قلبي من كل إل حواليا بسبب الخلفة ؛ ومامتك ...مامتك من حقها تشوف ولادك .
_ يا حسناء إحنا مش جربنا مرة واتنين ولولا ستر ربنا كنتي روحتي منى ؛ ليه نغامر ؟! وبعدين مالكيش دعوة بحد أنا عاوزك إنتى ؛ وأنا هنبه على الكل ميفتحوش السيرة دي تانى .
أمسكت يديه تستعطفه وأردفت :
_ نغامر علشان الموضوع يستحق ؛ دي أكتر حاجة مُفرحة في الدنيا طفل شبهي وشبهك ؛ طفل يحسسنا بقيمة حياتنا ويجملهالنا .
وافق ياهشام الله يخليك ؛ أنا مش حاسة إني عايشة ؛ إنت بتعمل كل إل تقدر عليه علشان متحسسنيش إن الموضوع فارق معاك لكن أنا عارفة إنك بتحلم بمعجزة ؛ وربنا أراد والمعجزة دي إتكونت جوايا ليه نرفضها .
يا هشام المرتين إل فاتوا ربنا أراد ومتمش الحمل ؛ لكن المرة دي مقدرش أقتله بإيدى والله ما هقدر .
غطت وجهها بكفيها وأجهشت في بكاء تحول لعويل مرير ليتن*د بقلة حيلة ويجذبها لأحضانه وهو يزيل يديها ثم يمسح وجهها بيديه وأردف بمرح محاولا إدخال البهجة قلبها قليلا :
_ طب بس ..بس ..بطلى عياط للواد يطلع مكشر .
استطاع انتشال ضحكة حالمة منها ليشدد من احتضانها ويقبل رأسها متمنيا :
_ ربنا ييسر الأمر ويتمه على خير يا حبيبتي ؛ بس لو محصلش نصيب عاوزك ترضي بقضاء الله ومتحاوليش تانى ؛ أنا معنديش استعداد أخسرك .
أغمضت عينيها بخوف من المجهول وهي تومأ له بالموافقة ؛ بينما تنغمس أكتر بداخل أحضانه فأرادت أن تهرب من ذلك المجهول المخيف وهل هناك مكان أفضل من ما هي فيه داخل أحضان زوجها حبيبها يذيقها من أمانه وحنانه ما يكفيها ليستريح قلبها وتهدأ نبضاته الثائرة وتتهدج روحها بإسترخاء ؟