شحب وجهها حين التفتت لترى أسوأ كوابيسها يتمثل أمامها والفارق أنها يمكن أن تستيقظ من النوم فينتهي الكابوس أما هو فلن تتخلص منه بسهولة
نائمة بهدوء كطفل أتعبه البكاء فأراح عينه بغلقهما وما لبث وغفي، قوية رغم براءتها فقد كانت الوحيدة التي وقفت بجانبه ومازالت تسانده رغم كونها هشة صغيرة كحصي يستند عليها حائط صخري وللعجب بقي صامدا بسببها
ظل يتأملها طويلا حتي غفي هو الاخر فراحته بقربها وسكينة قلبه بتنفس عبقها لكن قربها مستحيل وابتعادها يوما ما واقع لا مفر منه
*******
الفصل الرابع
(شارلوت)
نظرت له على أمل أن لا ترى نظرة خذلان بعينيه ولكنها لم تستطع فهم نظرته تلك اللحظة فهو كان ينظر إليها نظرة فارغة
فيرا برجاء :صدقني فرانك
فرانك بهدوء قاتل
-اذا لم ما زلت على خلاف معها؟
ما كانت لتخبره بخوفها من سرقة ش*يقتها له كما سبق وفعلت مع ستيفان فهي مازالت غير مقتنعة بأن توبيا من الممكن أن تفعل ذلك فهي مازالت نادمة على تصديق افتراءات لورا التي ظهرت حقيقتها الليلة ولكنها لم تجد مبرر لقطيعتها لش*يقتها
- لا أعلم حقا ربما ما زلت غاضبة منها، ربما أعاقب نفسي لإبعادها والرضوخ لقرار والدي
شعر بندمها الحقيقي فهو تعمد ان تحكي كل شيء لتراجع نفسها فمما علمه من التحريات التي طلبها ان توبيا تكره عمل والدها وما كانت لتربط نفسها بشخص مثل ستيفان إلا اذا كانت واقعة بحبه ولكنها تركته بعد فترة وجيزة ليعلم حرصها على ش*يقتها ففيرا ما كانت لترفض الارتباط بستيفان وكانت لتعيش بتعاسة للأبد
*************
ما أن انتهي العشاء أسرع بالتوجه لزيارة والدته التي تعيش بالقرب من منزله فهي رفضت العيش باي من قصور ابيه بعد انفصالها عنه، شارلوت السمراء الفاتنة صاحبة العيون العسلية الواسعة والبشرة الخمرية الرائعة أمريكية من أصل أفريقي لم تكن بشرتها سمراء ولكن بلون الكراميل الفاتح فكانت حقا فاتنة حين تعرفت على فابيو كان يعاني من موت زوجته الأولى التي تركت له رضيع يبلغ ايام فقط اعتنت به وتزوجت من فابيو ورزقت بفيليب ولكن كانت صدمتها حين علمت بعمله بالمافيا فرفضت الاستمرار بالعيش معه ومنذ ذلك الحين وهي بعيدة عن كل شيء وحافظت على علاقتها بفرانك فقد كان له مكانة بقلبها وهي بالمثل
- كيف حالك بني ؟!
فيلب وهو يعانقها
- بخير امي
-وكيف كان العشاء ؟!
فيليب كارثة
بدأ يقص عليها ما حدث ليتغضن وجهها مما سمعته وقد حزنت علي تلك الطفلة التي لم يرحمها والدها
-ولكنها مازالت صغيرة لتواجه الحياة بنفسها
-اعلم وربما هي اختارت ذلك
-ربما
شرد قليلا وهو يفكر بتلك الفتاة كيف لها ان ترفض العيش كأميرة وتقبل بالعمل كنادلة مؤكد لديها سر لا يعلمه احدهم ولكن ما هو ؟! أما الشقراء الأخرى فمشكلة تؤرقه أيضا فرغم جرأة نظراتها إلا انها خجلة من الداخل كأن بداخلها صراع لشخصيتين إحداهما بريئة منطوية والأخرى جريئة حاقدة
ليتن*د محدثا نفسه يبدو انني سأستمتع كثيرا بالأيام القادمة
مضت الليلة أخيرا وأطلت شمس يوم جديد يحمل بين طياته بدايات جديدة وعودة الحياة لنهايات معلقة ،فكل منهم أعاد فتح دفاتره القديمة ليخرج ذكرى تربطهم جميعا برباط خفي لن يتجلى لهم الان
اختفت الليلة السابقة، هاتفها مغلق كانت تلك عادتها في الآونة الأخيرة ولكن ما أقلقه تلك المرة هو ما حدث سابقا ،ظل يذرع مكتبه ذهابا وايابا فقرر الاتصال بآني علها تعلم عنها شيئا
آني بصوت ناعس
-صباح الخير ادم
ادم بنفاذ صبر
- بحقك انى كيف تنامى وصديقتك لم تعد للمنزل بعد ؟!
-ولم أقلق وهى تقوم بذلك كل فترة
ادم وقد زاد حنقه من برودها
-وكيف علمت انها ككل مرة اني؟! ربما هذه المرة مختلفة ؟!
-لا، فقد ارسلت الرسالة المعتادة سأتغيب ليومين لا تقلقي
ادم بغضب : ولم لم تخبرني ؟! كدت أموت من القلق هنا
اني : ظننتك تعلم ،آسفة آدم لم اظنك قلقا لهذه الدرجة
ادم محاولا تهدئة نفسه
- خفت عليها آني وحين أخبرتني أنها لم تعد للمنزل ظننت الاسوأ
- حسنا لا تقلق ستكون بخير فمن المؤكد ستظهر بالمساء وستكون بمزاج جيد
- ربما ولكنني لا اعلم لم تختفي بالأيام حقا الا يكفني قلقا
- لقد حاولنا ان نعلم من قبل ولم نصل لشيء ادم لذلك ما دامت بخير لا
يهم
انهى مهاتفته لآني وهو يفكر بحال توبيا المتقلب فمنذ ما يقرب شهرين تختفي فجأة ليومين ثم تعود وكأن شيء لم يحدث وللآن لم يعلم ما الذي تفعله بتلك المدة
ادم محدثا نفسه : ما الذي أقحمت نفسك به صغيرتي
استيقظت وهى عازمة علي مقابلة ابنة اخيها فكم افتقدتها الفترة الماضية فهي كانت مستقرة حين عاقبها والدها ولم يتسن لها معرفة الاسباب التي دفعت توبيا لارتكاب تلك الحماقة فقد كان من الممكن أن يقتلها ماركوس أو الاسوأ أن يخ*فها كي تصبح عبدة لابنه دون علم أحدهم ،لكنها تعلم أن عقاب والدها كان لمصلحتها ليبعدها عن أيدى ماركوس وابنه لذلك جهزت نفسها واتجهت صوب المطعم الذي تعمل به توبيا لتحصل على الاجابات
عيادة تتسم بالرقي رغم بساطة ت**يمها فجدرانها العاجية اللون الممزوجة بجدران زجاجية تع** المساحات الخضراء المحيطة بالمبني تبعث الشعور بالهدوء بإحدى الغرف التي يتوسطها مكتب زجاجي بقوائم معدنية م**م برقي و(شيزلونج) مبطن بالقطيفة المخملية وتتزين احدى جدرانها بمكتبة مكونة من اشكال هندسية معلقة بالحائط تحوى العديد من الكتب حيث تقف الفاتنة السمراء مرتدية نظاراتها وتتمعن النظر بإحدى الكتب ،قطع خلوتها طرق على باب الغرفة اعقبه دخول ابنها الوحيد محيا اياها بابتسامته المعتادة
- صباح الخير فاتنتي
- صباح الخير بنى كيف حالك؟
- بخير لقد جئت لدعوتك لتناول الغذاء بصحبتي فما رأيك ؟!
- عزيزي لن استطع ذلك فلدى جلسة مع مريض مهم جدا بني
فيليب مستغربا
-بموعد الغذاء؟!
-نعم فهو لا يأت بمواعيد العيادة ابدا
فيليب: ولما ؟!
شارلوت : شخصية هامة بنى واخيرا اقنعته بالحضور لهنا فانا اتولى علاجه منذ اشهر بواسطة احد اصدقاؤه واخيرا اقتنع بضرورة الحضور لتلقي العلاج مباشرة لذلك لا استطيع ان اضحى بذلك التقدم
فيليب متن*دا : حسنا أمي ما رأيك بالعشاء؟!
- حسنا بني سأكون متفرغة لك
دائما ما كان عمل والدته كطبيبة نفسية له الاولوية خاصة بعد انفصاله عنها والعيش بمفرده فانشغلت بمرضاها علها تعوض بهم الفراغ الذى تركه بنفسها، سببا آخر لاضطراب حياته؛ هل ستأتي من يحبها حقا لكنها سترفض كونه فليب جيوفاني ابن اهم أضلع مافيا أمريكا بنيويورك كما سبق وفعلت والدته رغم عشقها لوالده وعدم طلبها الطلاق رفضا منها الارتباط بغيره.
حركة صاخبة ببهو أحد الفنادق الضخمة تدل على حضور شخصية هامة حيث امتلأت قاعة الاستقبال بعدد كبير من رجال الحراسة الذين تبعهم رجلا بالخامسة والخمسون رغم عدم ظهور سنه الحقيقي فهو ذو بنية قوية ونظرة حادة التفت لاحد الرجال والذى كان يسير بجواره
-هل حضر ستيفان بعد؟!
-ليس بعد سيدى فهو سيصل بعد ساعة
-حسنا أخبرني حين يحضر ان يتجه لجناحي أولا
- امرك سيد ماركوس
ماركوس بنيني أو السادي أشرس زعماء المافيا بأمريكا لا يجرأ أحدهم على تحديه ولم يسبق أن حدث إلا مرة واحدة فعلتها فتاة صغيرة وأهانته برفض ابنه علنا ولولا مكانة والدها وحرص ابنه على تلقيها ال*قاب بيدي ابيها لكانت عبرة للجميع ولكنه اكتفي برؤيتها محرومة من حياتها المرفهة والعيش كأي فتاة تسعي لتعمل كي تعيش
توتر كاد يعصف بكيانها حين علمت بحضوره باكرا عن موعد الزفاف فهي كانت تتمنى أن يحضر مباشرة لحضور الحفل حتى لا يتسنى له لقاء توبيا فهي لم تكن تعلم بوجودها بنيو يورك والان تكاد تموت قلقا عليها
شعرت بقلقها حين دخلت غرفتها فظنت أن ما قالته بالأمس أتى ثماره ولكنها لم تسعد بذلك فها هي كعادتها ترتكب الحماقات وتعود للندم عليها
لورا بتوتر
فيرا هل كل شيء على ما يرام؟
فيرا بعدم مبالاة
- وما هو رأيك ؟!
بندم حقيقي ع** ما أظهرته بالأمس من خبث
- انا حقا اسفة فأنا لم اقصد اذى
فيرا وقد بلغ حنقها من تهور ابنة عمها مبلغه
-حقا ؟! يا الهي لورا متى تكفين عن ما تفعليه فنحن لسنا اعداؤك
لورا مبررة موقفها بندم واضح
-صدقين اعلم ولكن احيانا اعانى من صعوبة في التحكم بتصرفاتي خاصة حين تتملكني الغيرة
رغم مواقفها الغريبة معهم إلا انهم لطالما كن ص**حات مع بعضهن البعض حتي بمشاعرهن
فيرا متن*دة
-لورا اسمعني يجب أن تكفي عن التفكير بتلك الطريقة صدقينى أنت لا تؤذين أحدا غير نفسك
- أعلم
- سنتحدث فيما بعد ففكري مشغول حاليا
اقتربت منها خائفة ان تكون سببت مشكلة بينها وبين فرانك
- هل حدث شيئا بينك انت وفرانك ؟!
فيرا نافية
- لا ليس فرانك انه ماركوس
لورا شاهقة
- السادي ما به ؟!
فيرا بتوتر
-حضر اليوم هو وابنه ستيفان
فطنت لسبب خوف ابنة عمها فهي قلقة على توبيا
لورا بسخرية
- إذا أنت خائفة على توبيا ؟! لا تقلقي فهذا ماجنته بنفسها
فيرا بحنق
- لن تتغيري ابدا لورا
تركتها وذهبت فهي ليس لديها صبر على حماقة ابنة عمها ولامت نفسها كيف استمعت لها من قبل ؟!
ندمت على قولها فهي تعلم أن ماركوس اللعين لو رأى توبيا بتلك الحالة سيحيل حياتها لجحيم فيكفي أنه لن يتوانى عن إهانتها دون أن يعترضه أحدهم فشعرت بالحزن على ابنة عمها وإن كانت لم تعترف بذلك لأحدا من قبل فهي بجب أن تظل القاسية التي لا يهمها أحد حتى لا يتمكنوا من جرحها
بالمساء كانت تجلس مغمضة الأعين تعزف لحنا حزينا علي البيانو بالمطعم كأنها تعزف مشاعر احتلت نفسها وروحها فجلست تبث ذلك الحزن لأصابع البيانو فرسمت صورة رائعة لذلك الحزن بنوتات موسيقية متناغمة شعر بها كل من سمعها
-اذا لقد عادت ؟!
سال ادم آني التي كانت تنظر لصديقتها بحزن
انى بصوت خافت
-نعم
-وكعادتها حين تعود من اختفاؤها ستعزف الليل كاملا اليس كذلك ؟!
- لا اعتقد فهي لم تصرف عازف البيانو إنما استأذنته بالعزف قليلا فقط
-حسنا تجهزي آنى فهناك أكثر من حجز هام لليلة
- جاهزة ادم سأتولى عملها حتى تستعد
تركته وانصرفت لعملها، كم أسعده وجود صديقه كآني لتوبيا فهن يساندن بعضهن البعض رغم صغر سنهم ولكن رسموا صورة رائعة لل**ود دون ان تتآكلهم صعوبات الحياة فليس قلة المال فقط ما يمكن أن تقضى على الفرد ولكن قلة الاهتمام وعدم وجود سند يستند عليه
فهو لن ينسي لقاؤه بمارك بالأمس حين أتي لمكتبه ليفاجئ بتلك الزيارة
فلاش باك
مارك بهدوء : إذا آدم ؟!
آدم بسخرية
-إذا مارك ؟!
- كنت أنت من شجعها على ما قامت به أليس كذلك ؟!
آدم ببرود
- ربما، اعتقد ان ذلك لا يهمك بما انك قد تبريت منها
استعر غضب مارك
- كان من الممكن ان يقتلها ماركوس
ادم بتبرم
-لا ما كان ليفعل دون اذنك
مارك بصدمة
وهل تظن أنني كنت سأعطيه الامر بذلك ؟!
آدم رافعا كتفيه و ذاما شفتيه
-ربما تفعلها سبق وفعلتها ام نسيت أميليا ؟!
مارك بألم أصابه من تذكير آدم له
- ولكن لم أكن السبب بموت أميليا
انتفض آدم بانفعال حتى وقف قبالة مارك
- بل كنت السبب أنت السبب بموتها وكنت السبب ببعدها عنى مارك ولن اترك توبيا فهي ملكي الآن
مارك : لن تأخذ ابنتي منى آدم لن اسمح لك
ادم بابتسامة ساخرة
-لقد سبق وتركتها ولن اسمح بعودتها لك مرة اخرى صدقني
افاق ادم من شروده ليتمتم لنفسه
- لن اتركك توبيا كما سبق وتركت أميليا
امتلأ المطعم عن آخره؛ فقد حجزت جميع طاولات، انع** ضوء خافت علي البيانو حيث تعزف، لم تشغل بالها بمن حولها رغم شعورها بتسلط بعض الاعين عليها بنظرات ثاقبة ولكنها لا تدرى من اصحاب تلك الاعين لأنها ببساطة لا ترغب بترك عزلتها التي اتخذتها مع لحنها الحزين
لفت نظره عدم وجودها منذ حضوره للمطعم ودار يتلفت حوله عله يلمحها لكنه فشل بذلك
-لم تتلفت هكذا بنى ؟!
- ها لا شيء أرددت فقط ان أريك الفتاة التي حدثتك عنها من قبل
شارلوت محاولة التذكر
- أي فتاة ؟!
- ش*يقة خطيبة فرانك أمي الملقبة توبيا
شارلوت بخبث
- اذا لقد جئت لرؤيتها لا لتتناول معي العشاء؟!
فليب بحرج
- بالطبع لا أمي اردت فقط أن تريها فهي..........
لم يجد ما يقوله أو بما يبرر لوالدته فتلك ليست عادته فهو حتى لا يشعر أنه منجذب إليها لكنها حقا شغلت حيزا كبير من تفكيره
شارلوت وهي تضع كفه بين كفيها بحنو
- لا تبرر بنى فكم سيسعدني أن أري ابنى مهتما بإحداهن
-أمي ليس الامر كذلك
شارلوت بابتسامة عذبة :
-حسنا سأنتظر لأعلم كيف هو الامر
تأكد من عدم وجودها لذلك كف عن البحث بعينيه ولكنه لاحظ نظرات والدته المتعلقة بمكان ثابت وتظهر على وجهها علامات الدهشة فوجه بصره لنفس مكان نظرات والدته ليجدها هناك جالسة كملاك هائم بملكوت من الموسيقي الحالمة
فيليب بشرود اقرب للهمس
- توبيا
عقدت حاجبيها بعدم فهم
-ماذا فليب؟
فليب بدون ان يحيد بنظره
- توبيا أمي ها هي هناك التي تعزف
شارلوت
- توبيا ؟!
- هل تعرفيها من قبل ؟!
-لا لم تقل ذلك ؟!
فليب موضحا
- رأيتك تنظرين لها بتمعن
-لا، ولكن جذبني اللحن الحزين الذى تعزفه فتأثرت به لا أكثر
-بالفعل تبدو حزينة واردف بهمس : ملاك حزين
اكتفت من العزف فأنهت اللحن وتحركت مبتعدة عن البيانو وسط تصفيق بعض رواد المطعم لكنها لم تكترث لذلك واتجهت لطاولة بجانب أحد الجدران وتناولت الدفتر الذى تسجل به الطلبات وبدأت عملها بابتسامتها المعهودة
-انظروا من هنا
تجمد الدم بعروقها فهي تعلم من صاحب هذا الصوت الذى يمثل افظع كابوس يمكن أن تحلم به
شحب وجهها حين التفتت لترى أسوأ كوابيسها يتمثل أمامها والفارق أنها يمكن أن تستيقظ من النوم فينتهي الكابوس أما هو فلن تتخلص منه بسهولة ،عيناه السوداء **ماء ليلة غابت نجومها وقمرها وفم مشدود يدل على صرامة صاحبه وخصلات بيضاء **يور من فضة نثرت على جانبي رأسه ا**بته وقارا وجسد شاب بالثلاثين لا رجل قارب على الستين من عمره الا سنون قليلة يحدق بها مستمتعا بنظرة الهلع التي ارتسمت على وجهها فتلك أول مرة تراه منذ فسخها للخطبة
توبيا محاولة جمع شتات نفسها وترك هلعها جانبا
- سيد ماركوس
ماركوس ببرود
- نعم، توبيا لقد جاءت لي فرصة رؤية حياتك التي اخترتها على ابنى فاغتنمتها
- لقد انتهى هذا الامر منذ مدة سيدى فأرجو ان........
لم يدعها تكمل جملتها ليقاطعها بنبرة صارمة
-أنا لست هنا لتبادل الحديث مع إحدى عاملات المطعم بل لأتناول العشاء لذلك قومي بعملك كي لا أحرص على أن يتم طردك قبل نهاية السهرة
لم تحتاج الكثير من التفكير لتعلم انه لن يتوانى عن اهانتها لذلك فضلت تجنب سخطه فهي بغنى عنه
توبيا بعملية شديدة
- نعم سيدى في خدمتك واشارت بيدها لإحدى الطاولات ليتبعها واردفت : من هنا سيدى تفضل لأوصلك لطاولتك
..............
راه حين دلف للمطعم فهو يعرف من هو ماركوس بنيني ولكن ما أقلقه هو حديثه معها فهو يعلم علاقتها بابنه ومن نظرة الهلع التي ارتسمت على وجهها البريء علم ما تعانيه من رؤيته هنا
شارلوت وقد لاحظت قلق ابنها
- ما بك فليب؟
فليب بنبرة قلقة
- ماركوس أمي انه هنا
شارلوت بتساؤل
- ماركوس من ؟!
-ماركوس بنيني
شارلوت بهلع
-السادي؟
بالطبع تعرف من هو فقد سبق وسمعت اسمه كثيرا من زوجها حين كانت مرتبطة به ،فهي ظلت برفقته لسنوات حتى استطاع الفتيان الاعتماد على انفسهم وخلال تلك السنوات تعرفت على عدد كبير من الشخصيات ومن ضمنهم ماركوس ذلك المتوحش الذى كان يتفنن بقتل ضحاياه بطريقة س***ة مقززة حتى لأعتى القتلة
-نعم هو
شارلوت مهدئة اياها
-ولما القلق بنى فهو من حلفاء والدك
- أعلم ولكنه هنا من اجل توبيا فهي كانت خطيبة ابنه
شارلوت واضعة يدها على فمها من هول الصدمة : ماذا؟! لقد أخبرتني أنها فسخت خطبتها لابن احد الزعماء ولكن ليس ماركوس
- أعلم أمي ولكن حظها أوقعها به
- ولكنه لم يقدم على فعل شيء سابقا لذلك لا تقلق فمؤكد تحالفه مع والدها أهم من أمر الخطبة تلك
- أتمنى ذلك أمي
بخطوات ثابتة يتقدم شاب ذو بنية جسدية قوية يرتدى بذلة بلون مماثل للون عيناه الرمادية ،يخلل اصابعه ب*عره البنى الناعم مشددا من شفتاه الرفيعة راسما نظرة غاضبه على قسمات وجهه مما زاده وسامة ،يتبعه رجلا وامرأة، ما ان وصل لطاولة التي يجلس عليها أبيه حتى القى بالتحية عليه
-مرحبا ابى
ماركوس بابتسامة وقورة
- مرحبا بنى لم تأخرت فقد فاتك الترحيب
ستيفان بتبرم
- ج٠لا أظن أننا بحاجة لذلك
ماركوس مضيقا عينيه فقد فطن لما يعنيه ابنه
-أليس ذلك ما اكتفيت به ان تراها مطرودة من نعيم والدها ؟!
- نعم وقد اكتفيت من ذلك فأنا لن ألتفت لها مرة اخرى
ماركوس بصوت اقرب للفحيح
- اذا كنت محقا لم لم تخطب غيرها اذا؟!
ستيفان بلا مبالاة
لأنني لا أهتم فأنا لا ينقصني عاهرات بحياتي لأربط نفسى بواحدة مدى الحياة
ماركوس وقد أبهجه رد ابنه
- انت محق ولكن لا تنسي انك ستحتاج لوريث ولا يجب ان تلده ع***ة ، واردف مغيرا الموضوع
-والان لننعم بعذاب ملاكنا قليلا
أنهى جملته وهو يشير بيديه لتتقدم توبيا بآلية ملبيه طلبه وكعادته تجاهل وجود كلارا التي من وجهه نظره ليست الا وسيلة تسلية كحيوان أليف والطبع هو لن يحيى حيوان ابنه الاليف
- هل حددت طلبك لليلة سيدى ؟!
- نعم، فلنبدأ بالنبيذ ولكن ألن تحيي ضيفي اولا
بالطبع سبقت ورأته وهو يدخل للمطعم فهو من النوع الذى يصعب تجاهل حضوره بوسامته الصارخة وهيبته الطاغية
توبيا وقد قررت تعميم الترحيب لتنجى نفسها من الحرج
- مرحبا بكم بمطعمنا اتمنى أن تحظوا بوقتا ممتعا وسأحرص على تلبية جميع طلباتكم لليلة
لم تستقر بعينيها على أحدا من الرجال الثلاثة الجالسين فبالإضافة لماركوس وستيفان فقد حضر أيضا مايكل الذراع الايمن لماركوس ويا لها من ذراع أيمن تتمنى ان تقطع
بالإضافة لغانية خطيبها السابق كلارا والتي كان الفسق وصفها لا صفتها بداية من ملابسها التي لا تكاد تخفي شيئا وصولا لطريقة تعاملها المستفزة خاصة حين يتعلق الأمر بالرجال اما النساء فحدث ولا حرج
ستيفان بنبرة ساخرة
- يبدو أن الاميرة المنبوذة قررت التكفير عن ذنوبها
توبيا محاولة ضبط نفسها
- ليس ذنبا أن ننبذ ما نكرهه سيد ستيفان
نظرة قاتلة وجهها لها ولم تكن لتحيد ببصرها عنه بل آثرت التحدي للحظة
ماركوس مقاطعا حرب الأعين بينهم
-أعتقد أنه ليس من اللائق أن تحدقي بعملاء المطعم ايتها النادلة
-بالطبع سيدى أعتذر
لن تترك له طرف خيط ليجذبها منه لذلك قررت تحمل باقي السهرة دون استفزاز أحدهم فهي تعلم أنهم يستطيعوا أن ينهوا الهدنة بينهم بأية لحظة
ظل يراقب ما يحدث وقد وصله بعض من حديثهم لمقربة طاولة ماركوس منهم ولكن ليس بالقرب الكافي ليعرف كل ما يحدث
-من ذلك الشاب ؟!
-إنه ستيفان بنيني ابن ماركوس الوحيد
-آها يبدو ان فتاتك ستواجه ليلة طويلة جدا
- نعم وأرجو أن تنتهى بخير
-تلك اول مرة أراك تهتم بإحداهن
فليب نافيا
-ليس اهتمام امي ولكنها تشبهني كثيرا
-لما تقول ذلك؟
فليب :هي منبوذة مثلي تماما امي؛ الفارق انها هي من رفضتهم اما –
-انا.......
لم يكمل جملته ولكنها فهمت ما يقوله
-:بني انت من جعلت من نفسك منبوذا لما تصر على تقبلهم لك دون تمييز؟ انت افضل منهم فليب وليس الع** انت ابيض القلب اما هم فالسواد بداخلهم غلب سواد أجنحة الغربان
ضاحكا من تشبهها
-غربان اه لو سمعك والدي
تغضن وجهها حين سمعته يذكر ابيه فهي مازالت متعلقة به رغم انفصالهم ما يقارب الخمس عشرة عاما
*****************
كانت تتعامل بحرفية شديدة معهم دون اعتراض على إي كلمة تخرج من احدهم لن تسمح ان تفقد اعصابها مرة اخرى فذلك سيكلفها الكثير ،شعرت بيد لطيفة على ذراعها التفت لتجدها آني التي شعرت بها دون الحاجة لكلمات
آني بقلق
- ما بك توبيا ؟!
-انا بخير لا تقلقي انى
-هل تعرض لك احدهم بكلمة تجرحك كانت توميئ لها براسها باتجاه طاولة ماركوس واردفت
-سأخبر ادم ليتصرف معهم فهو يضع حدود لتعامل العملاء هنا
توبيا نافية
- لا ليس الامر كذلك ولكن ....
- ولكن ماذا توبيا هل الامر متعلق بالأمس ؟!
توبيا محاولة صرف انتباه انى عن سبب تغيبها بالأمس كعادتها
-لا اتعلمين من هم؟
آني بفضول : من؟!
توبيا بضحكة ساخرة
- ستيفان بنيني وابيه
انى بدهشة
- ماذا؟! ومن منهم ستيفان ؟!
توبيا : صاحب البدلة الرمادية
انى وقد توسعت حدقتيها حين نظرت لكتلة الرجولة الجالس امامها
- بحقك توبيا من يترك ذلك الجمال ،حين أخبرتني بفسخ خطبتك منه تصورته قاتل بجرح غائر بوجهه الب*ع الذى يجعلك تنفري منه ليس ملك جمال
- بل هو اسوأ إنه ابن ماركوس السادي انى
آني بجدية كما اعتادت مع صديقتها حين تراها بمشكلة ما
- حسنا سنتناوب على خدمتهم حتى اقلل من ضغط اعصابك قليلا حسنا
توبيا بابتسامة ممتنة
شكرا انى ولكن احذر من مايكل كثيرا فهو يهوى اصطياد الطرائد الصغيرة
انى باعتزاز
- لا تخافي..... ولا تنسى حيلتي القديمة
أنهت جملتها بغمزة من عينيها العسلية تاركة توبيا تضحك مما تثيره آني من شغب حين تريد أن تصد أحدهم كعادتها
عشر سنوات منذ وفاتها لم ينسها يوما فما زال يذكر أول مرة وقعت عينه عليها، حين كان بزيارة لروما عيون بلون الزيتون المتساقط عليه ندى الفجر، شعر أ**د كخيوط من حرير تتراقص بتناغم مع قدها المرسوم بحرفية ورقة مهلكة لأعتى القلوب والتي ظن انه ينتمي لها ذاب ببحور عشقها ونسي من هو........... حتى فاح عشقهم و زكم الانوف وكانت النتيجة حرمانه من آخر ذرة رحمة كانت هي سببها ليعود أسوأ مما كان..... حتى ابنتيه نالت منهم قسوته حتى لا يطالهم ما سبق واذهب بوالدتهن..... ولكن هي تلك الصغيرة النسخة المصغرة من والدتها بجمالها وروحها النقية كانت سبب ضعفه في بضع لحظات والتي كانت كفيلة ان يشعر الجميع بقربها منه لذلك كان قرار عقابها الشديد هو الحل لكي لا تكون ثغرة أخرى يغتال به قلبه مرة أخرى فهو لم ينس لحظة اخبار ماركوس له بما فعلته لقد ظن انه مثل بها لذلك قرر ان يعاقبها موهم ماركوس انها ستعاني حين أمر بإبعادها عن ش*يقتها وعمتها سخر من نفسه تلك اللحظة فتوبيا كانت تتمنى ان تبتعد منذ فترة فذلك كان حلمها من البداية
تولت مهمة إيصال المشروبات لطاولة أولئك القوم وبحرفية تامة أتمت مهمتها وهي تدور بأعينها بوجوههم حتى لاحظت نظرات من أعين زرقاء حادة تتفحصها بش**ة مقززة جعلتها تتأفف منه لكنه لم يكف عن وقاحته
-يبدو أن هذا المطعم يعمل به العديد من الغانيات اللذيذة
اني بلباقة
-للأسف سيدي لا يسمح بالفسق هنا وألا كنا نخدم مسوخ عباد للج*س لكننا نخدم علية القوم امثالكم
واحنت راسها وذهبت بهدوء
لم يتوقع ردها فتلك الصغيرة افحمته واهانته بلباقة جعلته غير قادر على الرد بلحظتها
اقتباس الفصل القادم
وصل لاذنيها أصوات تحطيم، لا تعلم أين هو لذلك توجهت للداخل واغلقت الباب خلفها، لتجد الغرفة بحالة سيئة فقد حطم اغلب الأثاث والزجاج الموجود بالغرفة وما زال يحطم بالرفوف الزجاجية المعلقة بالحائط مستخدما رجل احد الكراسي التي حطمها فاتجهت صوبه و طوقت ظهره بذراعيها محاولة تهدئته ولكنه كان بحال من الهياج جعله ينفض ذراعيه لتقع هي على الأرض وتدخل قطعة زجاج بكف يدها –
-لتصرخ أهدأ ارجوك، تلك هي انا توبيا
تحاملت على نفسها وقامت بنفس الحركة السابقة علها تنجح تلك المرة
تعلم انها ستعاني من آلام مبرحة بالصباح مما ستلاقيه منه الليلة