(6)

2944 Words
في طريق العودة إلى المقهى، شدت يوميّ ذراعها حول ذراع ران وقالت بسعادة: "لا أصدق أن النتيجة كانت تعادل." "أما أنا فأصدق، تخيليّ أن مقهى زيرو الأثري قد **د أمام الغنى والثراء! هذه في حد ذاتها معجزة." "هاايّ." قال زيرو وقد وضع يديه بداخل جيوب بنطال الجينز، "لا تهيني مقهايّ، إنه رفيقي في السراء والضراء." أفلتت يومي يد ران وعادت للوراء لتحيط ذراعها حول ذراع زيرو، "أتنوي إعادته لشكله السابق؟" نظر إليها بتكشيرة ثم حدق إلى الأمام، حرك كتفيه وقال: "لا، في الغالب." تبادلت ران ويوميّ ابتسامة صغيرة وتوقف الثلاثة أمام المقهى، التفت زيرو ناحية ران: "انتظريني، سأتأكد من أن الباب الخلفي مغلق وسأقلك إلى المنزل." "ماذا عنك يا يومي هل..." وقبل أن تكمل حديثها سطح ضوء أمامي لسيارة ليموزين توقفت بالقرب من المقهى، أفلتت يومي يد ران وقالت بابتسامة: "جاءت توصيلتي، الحمدلله فأخر ما أريده هو المخاطرة بحياتي بركوب تلك السيارة القديمة." "إنها عتيقة!" صححها زيرو فلوحت يوميّ لهما بتهميش وركبت في الكرسي الخلفيّ، ما إن استقرت في المقعد انتبهت أن السيد فوجيوارا موجود فقالت: "أوه والديّ ألتوك عائدٌ من المكتب؟" انتبهت لأكياسٍ من مطعم صيني فابتسمت، وأردفت: "انتظرتني للعشاء!" أومأ السيد فوجيوارا بينما راقبهما السائق عبر المرآة الأمامية وعلى وجهه ابتسامة، معتادٌ هو على حوارات يوميّ من طرفٍ واحد فلطالما كان السيد فوجيوارا قليل الكلام. "مساء الخير سيد أوشيها."..."مساء النور يوميّ، كيف كان يومك؟" بدا على يومي الحماس وقد تآلقت عينيها بسعادة: "كان مثاليَّا، الأفضل حقًا..." قهقه السيد أوشيها: "يسرني سماع ذلك." حدقت يوميّ بالسيد فوجيوارا، بدا مزاجه معتدلًا رغم أن ملامح وجهه لم تفشِ ذلك، كان عاقدًا يديه أمام ص*ره وقد ارتدى بذلة زرقاء غامقة، شعره الرماديّ مسرح للخلف ونظارته بلا إطارات، عينيه ذوات لونٍ داكن لا تشابهان عينيها الفيرزوتين على الإطلاق، فقد ورثت يوميّ كل ملامحها من جدتها ليليان ذات الأصل النيروجيّ، شعرها الذهبي المموج والعينين الواسعتين الزرقاوين حتى مقدرتها على مصادقة أي أحد ما دام في نطاق نظرها، أما جدها فكان خليطًا بين أبٍ روسيّ وأم يابانية، لذا كانت ملامح والدها بارزة بفكٍ قوي وأنفٍ مستقيم وطوله الذي يفوق الـ 185 سنتًا، كانت تستطيع تميزه من بين أي حشدٍ بسهولة. لاحظ لنظراتها المعجبة فالتفت ناحيتها وارتفع أحد حاجبيه بمقدار ملمترين فقط فرشقته بابتسامة عريضة، ارتفع الحاجب مليمترين أخرين فقالت يومي: "هل أخبرتك من قبل يا والدي أنك أوسم شخصٍ قابلني في العالم؟" تفجرت ضحكة من السيد أوشيها فحاول تغطيتها بتظاهره بالكح مرارًا. "ما زلت لن أسمح لك بالسفر إلى كوريا الشمالية." قال السيد فوجيورا بنبرةٍ هادئة. "الجنوبية يا أبي، لو ذهبت إلى كوريا الشمالية لن أعود مرةً أخرى في الغالب." "ما زلت لن أسمح لك بالذهاب إلى كوريا الجنوبية." "لماذااا؟ إن لديهم أفضل المعاهد لتعليم فن التجميل كما أنني أحب ثقافتهم للغاية!" زم السيد فوجيوارا شفتيه، "أرجوك والديّ، ألم أحرز درجة عالية في الامتحان النهائي؟ ألم أكن دائمًا طالبة مجتهدة؟" أمسكت يده اليمنى بيديها الاثنتين ورسمت تعابير جروٍ بلله المطر: "أنا ابنتك الوحيدة، كنزك، محبوبتك، غاليتك، أميرة قلبك..." سحب السيد فوجيوارا يده، "لأنك ابنتي الوحيدة." "لست بحاجة لتوريثي الشركة! يمكنك تعيين حفنة من الأشخاص المحترفين للقيام بهذا في المستقبل لماذا تصر عليّ أنا بالذات؟"..."يمكنك حتى توريثها لابن السيد سايرس ألا تزعجني طوال الوقت بكم هو كفؤ ويعتمد عليه و..." ..."احم لا أعني أنك تزعجني حرفيًا..." "قد تندمين ذات يوم على قرارك هذا." هزت رأسها بيقين: "لن أندم أبدًا، لقد عثرت على شغفي." رفع حاجبًا بوضوح هذه المرة. "أبي أرجوك، دعني أفعل ما أرغب به." تن*د السيد فوجيوارا وحدق عبر النافذة، كانت الأضواء تمر بتسارع حتى شكلت خطًا واحدًا على مدى البصر. "ستة أشهر." "همم؟" "تدربي في الشركة لمدة ستة أشهر." "والديّ!—بعد ستة أشهر إن كنتِ ما تزالين مصرةً على رأيك فلتفعلي ما تشائين." رمقها السيد فوجيوارا بنظرة نصفها أمل ونصفها رجاء، علمت يومي الكلمات المتوارية خلفها، فأخر مرة أجبرها على فعل أمرٍ ما كانت العواقب كارثية، أطلقت تنهيدة وهي تبتسم باستسلام: "حسنًا، ستة أشهر فقط." رفع السيد فوجيوارا قبضته في الهواء وانتظر، ضحكت يومي ورفعت قبضتها وصدمتها بقبضته، ها قد عقدا صفقة. "لكن لديّ شرط واحد، أن لا أرغب أن يعرف أحد بكوني ابنتك فما إن يعرفون حتى يبدأ الموظفون الكبار معاملتي باحترام مبالغٍ فيه وهذا الأمر...يزعجني." أومَأ ناحيتها، "يمكنك استخدام كنية والدتك." "يومي أولسن." استساغت يومي الاسم في فمها ثم هزت رأسها بسعادة: "إنه يروق ليّ!" "غدًا اذهبي إلى سايرس يمكنك اختيار القسم الذي تريدينه." **ت برهة، "لكن في المقابل لا تطلبي مني أي مساعدة في هذه الفترة. اعتمديّ على نفسك." "بالطبع، أتحسبني أميرة مدللة؟ أستطيع أن أعمل لساعات بلا كللٍ أو مللٍ خصوصًا وأنا أعرف أن الجائزة هي كوريا الجنوبية!" "لا تسببي لسايرس المتاعب." "لماذا تفترض أني سأتسبب له بالمتاعب؟" رمقها بنظرةٍ يفهمانها جيدًا فدورت عيناها للسماء. "كان هذا قبل 13 عامًا أبيّ وللعلم ابنه كان فظًا جدًا واستحق ما حدث له." حين تابع النظر إليها رفعت كفيها في الهواء: "لا تقلق أنا لا أنوي الاختلاط بالإدارة أصلًا، أرغب بالعمل في قسم خدمة العملاء." رفعت الكيس من الكرسي واستنشقت رائحته الذكية، "نودلز الدجاج الحارة..." أخرجت تنهيدة حالمة ثم أردفت: "أنت بالفعل أفضل والدٍ في العالم." فدور السيد فوجيوارا عينيه. *** رفعت يوميّ شعرها على شكل ذ*ل حصانٍ، مسدت التجاعيد فوق فستانها الأ**د والتفتت يمينًا ويسارًا وهي تعاين صورتها المنع**ة على المرآة الطولية. كانت غرفتها بسيطة، بدرجة خفيفة من لون باستيل وردي وسريرٍ ضخم في المنتصف، أسفل النافذة تراكمت بعض الكتب ومجلات الفتيات والموضة بداخل مكتبة بيضاء صغيرة، وبالقرب من السرير تواجدت طاولة بها آبجورة على شكل بالرينا، على الحائط كان هنالك ملصقان أحدهما لفرقة كيبوب مشهورة والثاني لشوجو مانغا 'النجم الساقط في منتصف النهار'؛ كثيرًا ما حدقت بصورة مامورا لتتن*د بحسرة متسائلة لماذا ليس هنالك شبان مثله على الأرض الواقع؟ أسفل الملصقين دُبِست عدد من الصور والملاحظات فوق بورد خشبي، أعلاه كالندر به بعض الملحوظات منها عيد ميلاد ران الذي يقع في ال27 من شهر آذار، عيد ميلاد والدها وعيد الأب والفلنتاين ورأس السنة وما شابه. تناولت يوميّ من المشبك معطفًا أ**د طويل ووضعت نظاراتٍ شمسية غطت نصف وجهها، وقفت أمام الكالندر ومزقت ورقة، 9/ September، وضعت علامة بقلم الشيني الأحمر على يوم الـ 9 /March. ثم أومَأت برضا: ستة أشهر وحسب يوميّ وبعدها بإمكانك رؤية نهر هان وتناول الكيمباب في شوارع كوريا! نزلت يومي الدرج ومدت رأسها عبر باب المطبخ، كما توقعت لم تجد أحدًا فلابد أن السيد فوجيوارا قد غادر قبل ساعةٍ على الأقل، تن*دت، كانت ترغب بشرب كوب قهوةٍ معه خصوصًا وأنها بالكاد التقت به في الأيام السابقة. أغلقت الباب ونزلت الدرجات الحجرية، كان السيد أوشيها يقف أمام السيارة منحنٍ وهو ينظر إلى هاتفه، عندما سمع صوت خطواتها رفع رأسه وتلقائيًا علت وجهه ابتسامة جعدت الخطوط حول عينيه. - صباح الخير. وما إن رأت يومي تلك الابتسامة حتى تلاشى حزنها كما لم يكن، ابتسمت باتساع وقالت: "صباح الخير سيد أوشيها." تظاهر بأنه ينظر إليها من أعلى إلى أسفل كمن يُقيم منحوتة آثرية ثم رفع إصبع الإبهام، "10 من 10." فقهقهت ودارت حول نفسها فرفرف فستانها معها: "أردت أن أع** طابعًا غامضًا،" فتح لها الباب الخلفي وقال: "آه نعم أشعر بالتهديد الشديد من هالتك هذه،" **ت برهة، "فقط إحرصيّ على ألا تتحدثي على الإطلاق حتى لا يكشف أمرك." دلفت وجلست في المقعد ثم قالت بعتاب: "حتى أنت سيد أوشيها تسخر من طولي؟" رفع السيد أوشيها كفيه في الهواء: "أنا لم أقل شيئًا عن الطول." فضيقت عينيها تجاهه دون اقتناع. ركب السيد أوشيها وراء المقود ثم مد إليها كيسًا فاحت منه رائحة مخبوزاتٍ شهية وقهوة، بدا عليها الاستغراب لذا نظر السيد أوشيها عبر المرآة الأمامية وقال: "طلب والدك مني شراءها لك. كان متأكدًا أنكِ لن تتناولي الإفطار." كورت أنفها وفكرت أن والدها يعرفها جيدًا، فدائمًا في أول يومٍ من كل عامٍ دراسي كانت تخرج بمعدة خاوية من فرط الحماس والتوتر. "شكرًا لك." قالت ثم أخرجت قطعة الدونات وأخذت قضمة كبيرة، ذاب طعم الفراولة في فمها فأغمضت عينيها باستمتاع، أخذت بعدها رشفة من كوب القهوة...شعرت أن عقلها صار خالٍ في معظمه، تلاشى التوتر والحماس وكل ما بقيّ هو طعم السكر اللذيذ. بعد عشرون دقيقة توقفت السيارة أمام مبنى ضخم، تعدى طوله الخمسة وعشرون طابقًا وتآلق زجاجه مع أشعة الشمس، كانت زواياه حادة؛ تع** ت**يمًا عصريًا، برز من بين مجموعة الأبنية التجارية المحيطة به وعندما خرجت من السيارة نظرت للأعلى في محاولة لرؤية نهايته. "هل أنتظرك؟" سأل السيد أوشيها بعد أن أنزل النافذة فقالت يوميّ: "لا سيأخذ الأمر وقتًا في الغالب." أومَأ ناحيتها ثم قال: "بالتوفيق في أولٍ يومٍ لك." منحته ابتسامة، صلحت معطفها الداكن والنظارات الشمسية ثم دلفت إلى المبنى، فُتحت البوابات الزجاجية وض*بها هواء التكييف البارد، كان الموظفون بالداخل يتحركون بنشاط، يقف بعضهم في الممرات وآخرون بانتظار المصعد بينما وقفت ثلاث فتيات أمام طاولة الاستقبال تتحدثن مع الشاب المسؤول، بالرغم من أنها لم تكن مرتها الأولى هنا إلا أنها في كل مرة تشغر بالاندهاش، كل هؤلاء الموظفون يعملون برفقة والدها...هذا غير فروع الشركة الأخرى الموجودة في كيوتو وشينجوكو ولندن. التفت بعضهم إليها فأبعدت وجهها، واتجهت نحو بهو المصاعد بسرعة، لقد أتت إلى هنا لغرضٍ معين وما إن تنتهي منه ستعود، 6 أشهر فقط، لا ترغب في إنشاء أي علاقات أو أن تتعلق بهذا المكان لذا ستكتفي بالعمل 9 ساعات يوميًا والعودة للمنزل مباشرة، أومَأت لنفسها بحزم. نعم يوميّ لا علاقات. لنبقي العمل إحترافيًا. وما إن فتح باب المصعد تحركت للأمام وبالخطأ اصطدمت بأحدهم فتسببت بتشتت الأوراق التي كان يحملها، انحنى الاثنان لالتقاط الأوراق بينما قالت يومي بسرعة: "آسفة لم أكن منتبهة." قال الشاب بصوتٍ هادئ وهو يجمع الأوراق: "إن عينيك وضعتا في مقدمة رأسك لتنظري بهما." ومع سماعها تلك النبرة تجمدت يدها وهي تمسك بإحدى الأوراق، رفعت نظرها إليه ببطء مرعب وما إن رأت العينين الزرقاوين المآلوفتين جحظت عيناها برعب. لااا ما الذي يفعله هنا؟ لا تقل لي أنه يعمل هنا أيضًا! حاولت يوميّ تمالك نفسها، استقامت في وقفتها سريعًا ومدت إليه الأوراق ثم استدارت وهي تتمتم بآسفة مرةً أخرى، لسوء حظها تعيَّن عليها انتظار عودة المصعد لذا وقفت في مكانها بتوتر. وبدلًا من يمضي ريو إلى شأنه وقف بجوارها وبدا أنه ينتظر المصعد أيضًا. اختلست يومي ناحيتها نظرة جانبية: ما الذي يفعله؟ ألم يترجل للتو من المصعد. شدت قبضتي يديها في جانبيها وقضمت شفتها السفلى وهي تضرع ألا يكون قد تعرف عليها، فمن حسن حظها هي لم تخلع نظارتها الشمسية حتى الآن كما أنه لم ينظر ناحيتها بل بدا مندمجًا مع الأوراق بين يديه، همهمت وقد بدأت تشعر بالارتياح، ربما نسيّ شيئًا؟ فُتِح باب المصعد فدلفت يومي وضغطت على الطابق الحادي عشر وحين لم يدخل ريو معها تنفست الصعداء وما إن كادت الضلفة أن تُغلَق امتدت يد أوقفتها في اللحظة الأخيرة، تباعدت الضلفتين فدلف ووقف بجوارها، بالكاد يفصل بينهما 5 سنتمترات، أرادت يوميّ أن تلعن حظها لكن رائحة غريبة شغلتها عن ذلك، البحر؟ شعرت بأنها تقف في رمال شاطئ هوكايدو فقطبت. ريو: "هل تريدين مقابلة السيد فوجيوارا؟" فط قلبها خفقة حين سمعت سؤاله، ولتتفادى التحدث أجابت بـ "همم." لم ينظر إليها بل ثبت نظره على الأوراق حين قال بعدم اهتمام: "للآسف لقد سافر السيد فوجيورا إلى كيوتو ولن يعود قبل ثلاثة أيام." - ماذا؟ سااافر! كيف له أن يسافر دون يخبرني لا أصدق أنه-- لقد وصلنا يا تكتف مشين..هل تودين البقاء هنا إلى الأبد. خرجت يومي من المصعد وهي ما تزال غاضبة تدمدم من تحت أنفاسها بأن هذه هي المرة الألف التي يفعل فيها السيد فوجيوارا هذا وفجأة جحظت عيناه حين استوعبت ما سمعته قبل قليل ثم التفتت ناحيته ببطء قاتل. طرق ريو أصابعه على ساعده: "إذًا، اخبريني ماذا تفعلين هنا؟" منحته يومي ابتسامة ساحرة ثم قالت: "ليس من شأنك." بادلها نفس الابتسامة الساحرة: "حسنًا، إن لم تخبريني لن أسمح لك بالمرور وأعطني خمسة ثوان أخرى وسأستدعي الأمن ليلقوا بك خارجًا." حدق بهما موظف وهو يمر عبر الرواق فمسدت يومي المنطقة بين حاجبيها وقالت: "أرجوك، لا تحولنا إلى ف*جة، اذهب في حال سبيلك وساذهب في حال سبيلي وليتظاهر كل منا أنه لا يعرف الآخر، اتفقنا؟" - لا. قال ريو بحسم ثم أضاف: "لقد أخبرتك لن تتحركي من هنا من دون إخباري، أنا لا أثق بك لتتجولي هنا كما تشائين." ستة أشهر يا يومي، نهر، هان يا يومي، الكيمباب وحفل فرقة بي تي إس يا يومي، فقط تنفسي ولا ترتكبي أي جرائم... - لقد أتيتُ لرؤية السيد سايرس، هل أنت سعيدٌ الآن؟ أجابته ثم التفتت لتذهب لكنه سد عليها الطريق، ممبتسمً بطريقة لطيفة قال: "ولم تريدين مقابلته؟ لا تحاولي خداعي، ربما قرأتِ الاسم في مكانٍ ما." إلهي الرحيم صبرني حتى لا أقوم بإعادة ترتيب وجهه هذا. وبينما هما واقفين يتبادلان نظراتٍ مشحونة مر بينهما ساعي البريد وهو يجر عربة معدنية ففصل بينهما، ابتسمت يومي بخبث وانتهزت هذه الفرصة للهروب، أسرعت نحو مكتب السيد سايرس في نهاية الرواق ولكن ما إن فتحته وجدته خالٍ... بالتأكيد سيكون خالٍ في مثل هذه اللحظة الحرجة بالذات! وقف ريو وراءها وقال: "أنا لا أحب أن أكرر نفسي، ما الذي تريدينه من والدي؟" - والدك؟! حدجها بنظرةٍ حادة، للتو انتبهت إلى ملامحه التي كانت بالفعل نسخة طبقة الأصل من السيد سايرس عدا اللحية والشيب، تباعدت شفتيها باستيعاب وقد حلق حاجبيها في الهواء. "أنت ريو!" قطب: "و؟" "يا إلهي.." بدا أن تروس عقلها تعمل بسرعة عالية وقد قامت بربط عدة أحداث ببعضها البعض، قهقهت في البدأ قهقهات متباعدة ثم انتهى الأمر بها تضحك من الأعماق. ما خطبها؟ كان ل**ن حال ريو وهو يحدق بها وهي تضحك حتى دمعت عيناها. "إلهي... طوال هذا الوقت.. وأنا... هوكايدو.... آهههههههه... كان يتجبني كالطاعون....آهههههه....ثم اشترى المقهى....آهههههه... يا إلهي أتحرق شوقًا آههههه، للحظة التي سيستوعب فيها غباءه آه معدتي..." - هل فرغتِ؟ سألها بنفاد صبر، لكنها أمسكت بكتفه وهي منحنية، وجنتيها محمرتين من الضحك ويدها الأخرى فوق معدتها. "أعطني ثوانٍ لأخذ نفسي." - إذًا؟ سأل للمرة الثالثة وقد أراد الآن إلقاءها في الشارع وحسب. - أخبرتك أنا هنا من أجل والدك، أنوي التقدم لطلب يدك. - هاها ظريفة. في تلك اللحظة، خرج ماكوتو من أحد المكاتب وبين يديه ملفٌ شفاف، رأهما يقفان أمام مكتب السيد سايرس فابتسم، تقدم ناحيتهما الخطا وقال لريو: "جيد، لقد التقيت بيومي، وقع هنا." - ما هذا؟ سأل ريو. "ألم تقل أنك تريد متدربًا جديدًا؟ ليس هنالك أي متقدم للعمل في قسم خدمة العملاء سوى يومي." أكمل ماكوتو حديثه وقد رمق يوميّ بنظرة آسرت القشعريرة ببدنها، أمسكت بيد ماكوتو وجرته وهي تقول: "لحظة واحدة دعني استعيرك قليلًا." دلف ريو إلى مكتبه بينما وقف الاثنان في الخارج، اتكأ ماكوتو على طاولة الاستقبال الخاصة بالسكرتيرة ورسم على وجهه تعابير بريئة ثم قال: "صباحًا قبل أن يسافر السيد فوجيوارا طلب مني أن أقوم بتعيينك في قسم خدمة العملاء، أليس هذا ما كنتِ ترغ*ين به؟" "نعم إنه ما كنت أريده،" أشارت إلى باب مكتب ريو، "لكني لا أريده هو! لم أكن أعلم أنه 'ريو' وفوق ذلك أنه سيتعيين علي العمل مع--مهلًا! قاطعت يومي نفسها ثم قالت: "أيها الخائن!! طوال الوقت كنت تعرف من أنا ومن هو!! لقد كنت تشاهد من الزاوية وتأكل الفشار وأنت مستمتعٌ بالعرض!! رباه كم أنت سيئ!" قطب ماكوتو: "أخبركِ وأفوت على نفسي هذا العرض؟" لوح بيده، "لابد أنكِ تمزحين." - ماكوتو آبي ستنتقم لي السماء منك ذات يوم! حرك كتفيه ثم قال: "هل تريدين تغيير القسم إذًا؟ لا أعلم إن كان هذا ممكنًا فبقية المتدربين اختاروا وانتهى الأمر وجميعهم يفضلون الأقسام الإدارية والقانونية ونحن لا نرغب بإجبار أحدٍ على العمل في قسمٍ لا يريده." - وماذا عني؟! هل ستجبرونني أنا؟!! - أنتِ من اختار هذا القسم منذ البداية. - لماذا لا تقوم بتعيين موظفٍ دائم للعمل معه؟ أنا مجرد متدربة بائسة! - إنه يفضل المتدربين. - هاه هو قطعًا لن يفضل هذه 'المتدربة!' التفتت يومي بجسدها ناحية ماكوتو، أمسكت يده اليسرى بين يديها وقالت برجاء: "أنت لا تفهم، ربما الأمر مسلٍ بالنسبة إليك لكني أفضل القفز من طائرة على ارتفاع 1200000 قدم من دون مظلة في بحرٍ واسع ملئ بالقروش وأن ٱعلق في جزيرة مهجورة أنا...والقردة...والموز على أنا أعمل مع ذلك المغرور الوقح..." بدا على وجه ماكوتو نظرة مرعوبة لذا نظرت خلف ظهرها، لم يكن هنالك أحد... "ماذا بك؟ لماذا تبدو هكذا؟" سألت يومي وهي تتأكد مجددًا أن ريو لا يقف وراءها. زم ماكوتو شفتيه وأشار إلى يده الأخرى، نظرت يومي إلى يده: "ماذا بها يدك؟ هل أنت بخير؟" ظل يومِئ لها بالنفي مع كل سؤال..." هل أنت مصاب؟ هل أضعت خاتم زواجك؟ هل دعست حشرة؟" "يوميّ." جزّ على أضراسه وأشار إلى الضوء الأخضر، كانت يده تضغط على زر الاتصال الداخلي. قطبت يومي بعدم فهم في البدأ ثم كادت عيناها أن تخرجا من محجريهما حين سألت برعب: "لا تقل لي أنه متصلٌ مع..." أومَأ ماكوتو: "لقد سمع كل كلمة تفوهتي بها." وضعت يديها على رأسها: "حتى القردة والموز؟!" - حتى القردة والموز. ستة أشهر، لكن لا تطلبي مساعدتي في هذه الفترة، عليك الاعتماد على نفسك. رنت كلمات والدها في أذنيها وهي تشاهد مكتب ريو يُفتح، لم ينظر ريو ناحيتهما حتى بل تابع مشيه في الرواق، وبتوقيتٍ ما كان من الممكن أن يكون أسوأ رن جرس المصعد وخرج منه السيد سايرس، ما إن رأه ريو حتى سارع الخطا ناحيته وقال بابتسامة: "والدي." تجمدت خطوات السيد سايرس ونظر إلى ريو بتوجس، أخر مرة سمع ريو يقول والدي بهذه النبرة الناعمة ومع ابتسامة أيضًا كان طول ريو 5 أشبار ويتجول في المنزل بقميصه مقلوبًا وهو يتظاهر بكونه باتمان. "تسك تسك لقد انتهى أمرك." قال ماكوتو وحين رأى النظرة المذعورة في عينيها أضاف: "ما الذي تفعلينه يا حمقاء؟ اذهبي، إنها فرصتك الأخيرة للفرار من الجحيم." حركت يومي قدميها أتومتيكيًا وهي تكاد أن تركض، رفع ماكوتو يده من على زر الاتصال الداخلي وقال: آه طبعًا كان خطأً بريئًا...ثم نظر حوله باحثًا عن آلة بيع مقرمشات، فهذه الدراما الكورية تحتاج إلى مسليات. وما إن وصلت يومي أمام المصاعد سمعت السيد سايرس يقول بتأثر: "كنت أعرف أنك ستتعقل في النهاية." - صباح الخير سيد سايرس. قالت يومي مبتسمة بتوتر. - صباح الخير يومي، كيف حالك؟ نظر إلى معطفها الأ**د الطويل والفستان الأنيق فرفع السيد سايرس إصبع الإبهام: "10 على 10." لو لم يكن ابنه يحدجها بنظراتٍ تتوعدها بالموت لقهقهت يوميّ ودارت حول نفسها كما فعلت صباحًا، لكن الآن كان هنالك حالة طارئة لذا ستترك مواضيع الموضة جانبًا. - سيد سايرس بالنسبة لطلب تدريبي هنا... "أوه لقد كنت أتحدث مع ريو عن هذا الأمر للتو." **ت برهة، "أعتقد أنكِ ستكتسبين الكثير من الخبرة بالعمل معه، حاولي المواكبة ولكن لا بأس إن لم تستطيعي، فماكوتو هنا لمساعدتكِ أيضًا." - بهذا الشأن أنا أرغب-- رن هاتف السيد سايرس فأخرجه من جيب البذلة الداخلي، نظر إلى الاسم وما إن أجاب ربت على كتفها مرتين وقال: "بالتوفيق، تعالي لشرب القهوة معي في وقتٍ لاحق." شاهدت جسده يمشي سريعًا في الرواق ثم يختفي بداخل مكتبه، كليك، سمعت الباب يُغلَق بطريقة نهائية ويدها ما تزال معلقة في الهواء. لم تكن ترغب في ذلك...لم ترغب حقًا في الالتفات ورؤية النظرة على وجه ريو لكنها على مضض نظرت إليه فقال بابتسامة أثلجت الدماء في عروقها: "مرحبًا بكِ في الجحيم."
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD