بداخل مكتبٍ في الطابق الحادي عشر، جلست يوميّ برفقة ماكوتو على أريكة جلديًّة تناثرت أمامهما مجموعة من الأوراق بينما تصاعد البخار من كوبي قهوة شفافين، تناول ماكوتو أحدهما وقال: "لدينا نظامٌ معين نعمل به، لكنيّ أولًا أرغب في معرفة مدى فهمك لطبيعة العمل هنا."
مسدت يومي تجاعيد فستانها: "أعرف أن شركة فوجيتسو تعنى بالإعلام والميديا عمومًا سواء المرئية أو المسموعة."
أخذ رشفة ثم وضع الكوب وهو يومِئ: "نعم ولكن هذا جزءٌ منها فقط، إن الشركة تقريبًا مقسمة لنصفين، السيد سايرس يُعنى بالإعلام والميديا بينما والدك يعنى بالقسم الثاني، قسم الموارد والتخطيط، الأمر هكذا، عندما يرغب مالكٌ أو شركاء في انشاء شركة جديدة في الغالب لا يملكون فكرة عن عدد الأقسام التي سيحتاجون إليها، والموظفين والميزانية العامة وتوقع المخاطر وكم مشروعًا بإمكانهم العمل عليه في نفس الوقت."
اتسع بؤبؤا يومي واستدارت تجاهه فأكمل: "هنا يأتي دورنا، نحن نقدم خدمات تخطيط هياكل للشركات الناشئة، وفي بعض الأحيان قد يطلب العملاء أيضًا أن نقوم بعملية تعين طاقمٍ مناسب لهم والاهتمام بالدعاية وتقدير تكلفتها وما شابه، أي أننا قد نقوم بعمل تخطيطي فقط لكن أحيانًا نتدخل في عمل الشركة الجديدة بشكلٍ مباشر، وما إن تقف الشركة الناشئة على قدميها نواصل مدها بالموارد البشرية اللازمة والعلاقات من شبكتنا الموسعة، الربط بين أي شركتين بينهما منافع مشتركة ولأن كلاهما ناشئ تكون التكلفة أقل، أو ربطهم بشركة ضخمة من أجل الاستثمار." ابتسم، "يمكنك القول أننا كيوبد الخاص بالشركات."
ع**ت يوميّ ابتسامته وقالت: "لم أكن أدريّ أنكم تفعلون هذا، إن العمل هنا مثيرٌ للاهتمام."
"نعم، إنه مجزٍ للغاية، تخيلي أن تبدأي مع شركة من الصفر ثم تشاهدين الصوص الصغير يكبر ويغادر العش بعد أن صار صقرًا مهيبًا وأنتِ تدرين أن لكِ دورًا كبيرًا في ما صار عليه." كور أنفه، "مع الوقت يصبح هذا الشعور إدمانًا."
أحاطت يومي الكوب الدافئ بيديها وقالت بملامح ناعمة: "أستطيع أن أرى لماذا. والدي لم يشرح لي الأمر بتفاصيلٍ من قبل، كنت أراه فقط يقفز من طائرة لأخرى ومن اجتماع لثانٍ وهو مشغولٌ طوال الوقت."
"أنا أعمل مع السيد سايرس في قسم الإعلام والميديا، أما ريو يعمل مع السيد فوجيوارا في قسم الموارد والتخطيط، لذا ترين رأسه بداخل حاسوبٍ طوال الوقت."
دورت عينيها مع ذكر اسم مصيبتها وقالت: "وما دوريّ أنا؟"
"مقابلة العملاء." أجابها بابتسامة فدورت عينيها مجددًا، قهقه على ملامحها تلك وأضاف: "أنتِ الوفد الأول، أول شخصٍ يقابل العملاء، عليكِ بتدوين ما يرغبون به وتصورهم للشركة، ولكن لأجل معرفة ما يهم فعلًا عليكِ بتوجيه الأسئلة الصحيحة."
أشار إلى رفوف المكتبة التي احتلت الحائط أمامه، "سأعطيك كتابًا يتعلق بهذا الأمر، اقرئيه لاحقًا، جزء من العملاء يكون لديه خبرة كافية ويستطيع التحدث بوضوح وإيصال ما يريدونه بدقة تامة، لكن آخرون...سيتعين عليكِ جر الكلام منهم جرًا، وبعضهم قد يكون فظًا، وآخرون سيتعاملون بدونية...مهمتك غير تدوين المعلومات هي أخذ كل هذه الطاقة السلبية ونفضها ثم التعامل باحترافية تامة."
حين رأى أن يوميّ لم تبدُ مرعوبة بل كانت ترتشف من قهوتها بهدوء، خلف قدمًا فوق الأخرى ووضع يدًا وراء الأريكة، "بعدها طبعًا سيلتقي بهم ريو بنفسه لمزيدٍ من المعلومات ول*قد الاتفاق النهائي والتوقيع عليه."
أومَأت برأسها عدة مرات: "بمعنى آخر، أنا الطبيب المقيم الذي يأخذ التاريخ المرضي حتى يتمكن الجراح لاحقًا من تأدية عمله."
تخيل ماكوتو ريو بزي الأطباء الأخضر وهو مرتدٍ قفازات بلاستيكية ويمسك مشرطًا في يده اليمنى، ويالا العجب كم لاءمته هذه الصورة!
تآلقت عيناه الذهبيتان وقال: "نعم، أعتقد أنك فهمتِ كل النقاط المهمة."
قربت الكوب من فمها وقالت: "همف، لا تستهزِئ بمقدراتي لقد كنت الأولى في الترتيب العام لمدة سنتين متتالتين."
"آه نعم نعم أعلم كم أنتِ عبقرية، فبفضل نجاحك كل عام كان يأخذنا السيد فوجيوارا لتناول المأكولات البحرية، لذا كنت انتظر نهاية عامك الدراسي بفارغ الصبر."
رمشت يومي: "مهلًا، كان يأخذكم للاحتفال بنجاحي؟!"
"في المطعم الراقي الموجود في أعلى طابقٍ من فندق ريتز."
فغرت فاهها: "والدي يأخذكم للاحتفال بنجاحي...من دونيّ؟!!"
للتو بدا على ماكوتو استيعاب هذا الأمر كما لو أن وجود الشخص المعنيّ بالمناسبة ليس مهمًا مثل تناوله للطعام اللذيذ، قطب وقال: "آه فعلًا لم أنتبه لهذا من قبل." لوح بعدها بتهميش: "في الغالب فعل ذلك حتى يوافق ريو على الذهاب."
وضعت يومي يدًا على قلبها: "يختار ريو...عوضًا عن ابنته البيولوجية؟"
حرك كتفيه: "إنهما يعملان معًا ومقربان للغايَّة."
هزت رأسها وهي مبتسمة بطريقة مُغتصَبة: "كم هذا ساحر."
زم ماكوتو شفتيه في خط مستقيم وارتشف من كوبه، عندما انتهى وضعه على الطاولة وقال: "كما قلت، ستعملين أنتِ مع العملاء وستكتبين تقاريرٍ وترفعينها إلى ريو، معكِ أيضًا في القسم روميّ ناميكاوا وكازويا إيشيدا، روميّ تهتم بأمر الموارد البشرية، البحث عن طاقم عمل ونشر الإعلانات والقيام بالمقابلات، أما كازويا، ما إن تنتهوا من مشروعٍ يخص شركة معينة يقوم هو بجمع كل البيانات والتقارير المتعلقة بها، ترتيبها وحفظها في نظام الشركة الإلكتروني ثم صنع بورتفيليو ورقيّ يوضع في المخزن. لذا احرصي على طباعة تقاريرك بعد إرسالها له بالإيميل."
تصلب جسد يوميّ ووضعت الكوب على الطاولة: "هل..هل سيتعين عليّ الذهاب إلى المخزن؟"
"لا لا، إن هذا عمل كازويا، وللعلم هو غريب الأطوار بعض الشيء ويفضل العمل ليلًا لذا لن تلتقي به كثيرًا...أما روميّ..."
"ماذا عنها؟" سألت بتوجس حين رأت التماع عينيه بتلك الطريقة، "آه لا تشغليّ بالَك ستلتقِين بها حالًا وستعرفين."
انحنى ماكوتو للأمام، واضعًا مرفقيه على فخذيه وحدق بالكوب طويلًا حتى ظنت أنه لن يتحدث مجددًا، رفع عينيه إليها وقد زال منهما المرح.
"يوميّ أريدك أن تحاولي التعامل مع ريو بصبر...أعلم أنه صعب المراس ومستفز وأحمَّق...أوه فقط تذكر الفترة عندما عملت معه أول مرة تجعلني أصاب بإنقباضٍ في المعدة!"
قال الجزء الأخير بغضبٍ حقيقي فسألت يومي: "ما الذي فعله لك؟"
"هاه فعل الكثير..كان رأسه كالحجر، لأنه تخرج للتو من الجامعة لم يكن يملك بعد الخبرة الكافية وأنا كنت أسبقه بعامين لذا نقلني السيد فوجيوارا مؤقتًا للعمل معه ومساعدته، لكنه كان مصرًا على فعل كل شيء وحده. بالتأكيد لم يستطع المواكبة..."
وضع يده أمام فمه وقد ابتسم بزاوية: "الغر ظن أنه شخصٌ خارق، تصادمنا في كل كبيرة وصغيرة وكنتُ كل يوم أقف 5 دقائق كاملة أمام الباب وأنا أجهز نفسي لمواجهة كرة البهجة في الجانب الأخر."
قهقهت يوميّ مستمتعة بتعابير العذاب المرتسمة على وجهه فرفع تجاهها حاجبًا، "وبالفعل، أصرّ ريو على موقفه وتولى معظم المشاريع بنفسه، ومع نهاية العام كان قد نجح في تسليم كل مشروعٍ في وقته...من المفترض أن هذه هي النهاية السعيدة هاه؟ لكن الحياة لا تجري هكذا!"
"ماذا حدث؟ هل ارتكب خطأً بسبب الضغط؟" قالت بحماس وتمنت لو كان بين يديها كيس مقرمشات.
هز ماكوتو رأسه: "وقفت متأنقًا بصحبته في افتتاح شركة سوفت-بانك للألعَّاب الالكترونية، كان أخر يومٍ في السنة ولم يدخروا جهدًا للاحتفال به، تعالت في السماء مفرقعات زاهية وفي شاشة ضخمة بأعلى مبنى تجاريّ بدأ العد التنازلي نحو منتصف الليل."
أرادت يومي الامتعاض فقد علمت أنه يماطل عمدًا!
"تذمر حينها ريو من الضوضاء، من الحلاق الذي قص شعره فبات أقصر مما يفضل، من عصير البرتقال بين يديه وكمية السكر المُّق*فة، من انسحاب والده في اللحظة الأخيرة ليجبره على الحضور وبالطبع من كونه عالقٌ معيّ."
"كرة بهجة بالفعل."
"صدقيني، أنتِ لا تريدين لقاء تلك النسخة من ريو."
"صدقني، أنا لا أريد لقاء النسخة الحالية من ريو أيضًا."
تجعدت زوايا عينيه وأكمل: "إذن، بما أن الأميرة بجانبي رفضت التعامل مع الضيوف لأنها في مزاجٍ سيئ كان عليّ وضع أجمل ابتسامتي وإيجاد مواضيعٍ مسلية للحديث وعندما يسألون ريو عن أمرٍ ما كان بسلاسة يعيد دفة الحديث إليّ كأن هذه ليست مشكلته، رفع الموجودون كؤوسهم وبدأ العد التنازلي للسنة الجديدة، كانوا يصرخون بكل رقمٍ بصوتٍ عالٍ ي**ُّ الأذان...ما إن وصل العد في الشاشة إلى الصفر قرع الجميع كوؤسهم وتمنوا لبعضهم سنة سعيدة. طبعًا كنت من هؤلاء. ولأنني كنت بمزاجٍ طيب قررت منح ريو فرصة أخرى، فربما السنة الجديدة هذه ستكون مختلفة...لنطوِ الصفحة ونبدأ من جديد، فكرت بسخافة غالبًا بسبب تأثير الشراب ولكن لا يهم، التفت ناحية ريو لأقرع كأسي بكأسه وقلت: 'لننسى كل ما حدث. حسنًا؟ أنا أرغب بمصادقتك.' بدت ملامحه غريبة فأوقفت كأسي في منتصف الهواء قبل أن يمسَّ كأسه فتحت فميّ لسؤاله إن كان بخير—قهقه ماكوتو فجأة، وضع قبضته أمام فمه وانحنى للأمام...
"هااي لا يمكنك التوقف في اللحظة الحاسمة!"
تابع ماكوتو قهقهته ثم قال بصوتٍ مبحوح: "أصدقك القول كانت أول مرة أرى محجريّ شخصٍ يدوران، اختفى السواد من عينيه وسقط أرضًا مغشيًا عليه!!"
فغرت يومي فاهها بينما أكمل ماكوتو ضاحكًا بشماتة وهو يلوح بيده: "كل تلك الليالي من السهر المتواصل والعمل كالآلة...تراكمت...وسقط أمامي هكذا من طوله."
تخيلت يومي ريو بالـ185 سنتًا يسقط على العشب كأميرة رقيقة فابتسمت بشماتة.
سلك ماكوتو حنجرته: "بعد أن تعافيت من الصدمة الأولى وطمأنت الضيوف أنه مرهق وحسب –ولا لم يصب بسكتة قلبية وسيتسبب للشركة الجديدة بأول فضيحة ستتصدَّر الصحف- أخذته للمشفى وبينما انهمك الطبيب بوضع المحلول الوريدي الثالث له كان يعاتبني كأنني أنا من تسبب بحالته السيئة تلك أو أنني والدته ولم أهتم بحميته الغذائية كما يجب."
"ألا تملك صورًا؟"
سألت يوميّ بمكر فقال ماكوتو:
"آه تبًا نسيت حينها التقاط الصور وفوت على نفسي فرصة ذهبية، خصوصًا عندما استيقظ، لم يستطع النظر في وجهي وظل يحدق بالجدار كالتمثال الحجري، لذا طبعًا لكوني صديق رائع كلما أردت الخروج لفعلٍ أمرٍ ما كنت أسأله –هل سيغمى عليك مجددًا ريثما أجلب لك الماء؟- فيحمر وجهه ويبدو موشكًا على ض*بيّ لكنه لا ينطق بحرف...فقط يطلق صوتًا متضجرًا من حلقه، ياه كم استمتعت بوقتي...بالطبع عندما علم السيد سايرس بما حدث أجبره على أخذ إجازة لمدة أسبوعين...'كانت أسوأ أربعة عشرة يومٍ في حياتي لدرجة أنني سعيدٌ برؤية وجهك.' هذا أول ما قاله لي عندما رأني في أول يوم اثنين له بعد تلك الحادثة."
"دعني احذر..." قالت يومي: "بعدها بدأت قصة صداقتكما الأسطورية؟"
هز ماكوتو رأسه نفيًا: "لا. استمر بكونه بغيضًا حتى عامٍ أخر، ثم عندما وجد أنه لن يتخلص م**ّ أرخا دفاعته قليلًا."
"واو...لا أعلم ماذا أقول...هل أشعر ناحيتك بالشفقة أم بالإعجاب."
"كلاهما." أجابها بملامح مغرورة وهو ينظر إليها بطرف عينه.
"هنالك سبَّب لكون ريو ما عليه الآن...لذا حاولي ألا تأخذي تصرفاته إلى القلب."
أخبرها بنبرةٍ ناعمة وقد نهض من الأريكة.
أومأت يومي تجاهه، على ثغرها ابتسامة: "لا تقلق، أنا هنا لمدة ستة أشهر فقط. سأحافظ على التعامل الرسميّ بيننا."
وضع يديه على خصره وقال بحماس: "هيا دعيني أخذك إلى وكرك السريّ."
***
"إنهم مصرون على شركة لارسون." قال الموظف لريو الواقف قرب شابين أخرين، مد الملف إليه وتابع حديثه: "إنهم لا يثقون بشركة هياتو قالوا أنها تفتقر إلى الخبرة."
أخذ ريو منه الملف وقلب صفحاته، شكلت شفتيه خطًا مستقيمًا وعيناه تمسحانه، حدق جينتا بهيروشي وبعينيه أشار ناحية ريو، لكز هيروشي كايجي فقطب ناحيته بغيظ وقد هز رأسه بنفيّ قاطع، عندما فرغ ريو من قراءة الأوراق أعاد إلى جينتا الملف وقال: "إن شركة لارسون تتقاضى أرباحًا كبيرة، في النهاية لن يكون المشروع ذا قيمة وسيضيع وقتهم وجهدهم هباءً. اشرح لهم هذا الأمر وإن أصروا على موقفهم ألغيّ عقدنا معهم."
بدا جينتا متفاجئًا من قراره فأضاف ريو: "نحن لا نرغب بالتعامل مع أحدٍ لا يثق بنا. وإن حدث وانهارت شركتهم وهي ما تزال في هذه المرحلة الحرجة سيكون فشلهم دعاية سيئة لنا. إن كانوا يرون أنهم أكثر خبرة إذًا فليسوا بحاجة إلى هدر أموالهم في طلب مشورتنا."
بدأ كلامه منطقيًا فأومأ الثلاثة بتفهم، قال هيروشي: "لقد طلب السيد هيجي تسوية، لم يحدد الرقم ومن الواضح أنه غير رأيه بعد أن أخذ مشورة قسمه القانونيّ."
بدا على ريو الاهتمام بسماع هذا الخبر، عقد يديه أمام ص*ره وقال: "هاه حقًا؟ لم أعتقد أنه سيطلب تسوية، ربما ضغط عليه المجلس وهددوه بالطرد...عندما خرج من هنا كان يبدو كالطاؤوس المنفوش."
ابتسم هيروشي بزاوية فمه وقال: "وددت لو تسنى لي نتف ريشه في المحكمة." فضحك جينتا وكايجي بينما ابتسم ريو كمن يسليّ في نفسه.
مرةً أخرى لكز هيروشي كايجي بكتفه فرمقه الثاني بغضب، أرخى كايجي ربطة عنقه وسلك حنجرته ثم قال: "رئيس، أترغب بتناول الغداء معنا؟ ننويّ الذهاب لمطعم رامن قريبٍ من هنا."
"كنت سأود ذلك لكن للأسف أمامي أربعة ملفات أخرى علي إنهاءها هذا اليوم لذا سأتناول غدائي في المكتب."
"آه، حسنًا المرة القادمة إذًا؟" سأله وهو يحك خده فأومَأ ريو تجاهه ثم دلف إلى الكافتريا وما إن غاب عن النظر صفع كايجي هيروشي خلف رقبته وقال: "المرة القادمة اسأله بنفسك!"
دلك هيروشي مكان الض*بة وقال: "لكني أخاف منه."..."وأنا لا أخاف منه؟" قال كايجي بغيظ وهم في انتظار المصعد، فرد الشابان معًا: "أنت متزوجٌ من آيانيّ."
فُتح الباب فدلفا وقابلاه بابتسامات صبيانية، ضيق كايجي عينيه وقال: "سأخبرها..وستندمان!" فأغلقا باب المصعد في وجهه.
وقف ريو أمام ماكينة القهوة الألية واختار أمريكانو، وضع الكوب وانتظر أن تقوم الآلة بعملها بينما تفقد الاشعارات في هاتفه، سمع صوت ضحكة مألوفة فالتفت إلى الوراء، كانت يوميّ جالسة برفقة ماكوتو وهما يتناولان الحلويات كما لو أنهما في مقهى راقٍ بفرنسا وليس مكان عمل، كشر ناحيتهما بضغينة، حمل كوب قهوته الذي امتلأ ووضعه على سطح طاولتهما بعنف فاندلق جزء منه، نظرا ناحيته باندهاش، وللتو انتبه أن جميع من في الكافتريا كانوا ينظرون إليه أيضًا، سلك حنجرته وقال: "لماذا تتسكعين هنا بدلًا عن العمل؟ لقد وضعت لك التقارير السابقة على المكتب، احفظيها عن ظهر قلب ولا أريد مستوىً أقل من مستواها، هل هذا واضح؟"
دور ماكوتو عينيه وقال: "هي لم تبدأ العمل رسميًا، ستبدأ من يوم غد."
"وماذا عنك؟ هل ستبدأ من يوم غدٍ أيضًا؟"
ضحك ماكوتو على الرد الذي وجده ظريفًا، ولا لم يشعر بالإهانة أو شيء من هذا القبيل، التفت بجسده ناحية ريو وقال: "لمّ لا تُزِل هذه التقطيبة وتجلس؟ سأشتريّ لك شايك الأخضر المفضل كل ما عليك فعله هو التصرف كشابٍ في عمرك."
حاولت يوميّ كتم ضحكة لكنها فشلت في ذلك فشلًا ذريعًا، تبسم بقية المشاهدون وزموا شفافهم، رمقهم ريو جميعًا بنظرة نارية فتظاهروا بالانتباه مع طعامهم.
التفت إلى ماكوتو وقال: "على أحدنا أن يكون عاقلًا ويعمل بما أن الأخر لا يجيد سوى أكل الكلير."
"هذه كعكة ريد ڤليڤت." صححته يوميّ فأعطاها نصيبها من النظرات الغاضبة.
"الحديث معكما مضيعة للوقت. تبًا لقد بردت قهوتي." رفع الكوب واستدار على عقبيه ليغادر فسمع يومي تقول: "يأتي إلينا بنفسه، ثم يقول أننا أضعنا وقته؟ واو...وأنا كنت أحسبك نرجسيًا." سمع قهقة ماكوتو فدور عينيه.
اتجه بسرعة إلى مكتبه وضع كوب القهوة جانبًا وانحنى ثم فتح الدرج السفلي وأخرج منه رزمة ضخمة من الملفات، نظر إلى بقية الملفات في الدرج فأخرجها أيضًا، حملها وهو يمشي سريعًا مقطبًا كملك الموت، فتح باب المكتب في نهاية الرواق، توقف أمام الكابينة في الجهة اليمنى وترك أكوام الملفات ترتطم بسطحها حتى هزته.
فلنرَ كيف سيتسنى لك أكل الريد ڤليڤت من الغد وصاعدًا!