فتحت يومي باب الاستراحة وتفاجأت ببهوٍ ألوانه زاهيَّة، توزعت مساند زغ*يَّة هنا وهناك وتدلت من السقف كراسٍ مستديرة، في الزاوية تواجد ركنٌ للقراءة وبالقرب منه مطبخ مفتوح وآلة بيع عصير.
لم ترَ أحدًا لكنها سمعت أصواتًا صدَّرت من زاوية عمياء، تقدمت الخطا وقبل أن تدخل غرفة الاجتماعات الجانبيَّة سمعت إحداهن تقول: "إن أردنا إنهاء هذه المسألة اليوم عليكِ باستبعاد السيد فوجيوارا من القائمة."
ردت أخرى: "نعم، لا أعتقد أنه من العدل وضعه مع البقية فالنتيجة باتت محسومة."
تجمدت يومي في مكانها ورمشت، جلست خمسة فتيات في مقاعد عاليَّة وشكلن نصف دائرة حول فتاة شعرُّها داكنٍ يميل للحمرة أمسكت بقلم شيني ووقفت أمام بوردٍ أبيض، سمعتها تقول: "هممم، حسنًا لا بأس سنزيله من القائمة إذًا،" استدارت ومحت اسم السيد فوجيوارا الذي كتب بجواره عدة أسماء أخرى وأسفل كل واحدٍ منهم رقم، 10/10 7/10 وهكذا.
تفحصتهن يومي باهتمام، الفتاة على اليسار بدت أصغرهن عمرًا، شعرُّها بنيّ ذو قصة قصيرة ولديها شامة أسفل عينها، ارتدت فستان كشمير من ماركة شانيل لاءم المعطف التي رآته سابقًا على مكتب روميّ فخمنت أنها هي، بجوارها جلست فتاة ب*عرٍّ أشقر مصبوغ وأقراطٍ كبيرة فرقعت علكتها بصوتٍ عالٍ.
"مهلًا!" هتفت أقصرهن قامة وقالت: "لا تبدأي التصويت، لقد نسيتِ شخصًا مهمًا."
كورت ذات الشعر الداكن أنفها: "إن كنتِ تتحدثين عن هانايّ فنحن لن نضيفه إلى هذه القائمة فهو فتى لعوب وقد واعد نصف فتيات هذه الشركة ثم حطم قلبوهن!"
دورت عينيها: "لا أتحدث عن هانايّ ومن ثمة إن الشخصية ليس لها علاقة بالشكل الخارجي."
بصوتٍ واحد رددت الفتيات الأخريات: "بل لها علاقة!"
التفتت روميّ تجاهها وقالت بفضول: "إذًا من هو الشخص الذي نسيته يونا؟"
"ماكوتو آبي."
فغرت يونا فاهها وقالت: "تمزحين! إنه عاديّ للغايَّة..."
"إنه ليس عاديًا! بل يعطي طابع الجار اللطيف في الروايات!"
هزت رومي رأسها وقالت: "أمتأكدة أن ما ترينه هو شكله الحقيقي أم أن الصورة محسنة في دماغك بالفوتوشوب؟" أضافت الشقراء: "أو بفلتر الاسناب شات."
على هذا كتمت يومي ضحكة، بالفعل لم يكن ماكوتو أكثر من 5 أو 5 ونصف من عشرة إن كانت كريمة معه، خصوصًا بلحيته تلك التي يعتقد بأنها تمنحه طابعًا وقورًا بينما تبدو كمرجٍ غير مشذب وحسب.
صفقت يونا لجذب انتباههن وقالت: "حسنًا لا بأس سنضيف ماكوتو إلى القائمة، أي ترشيحات أخرى؟"
هزت الفتيات رؤوسهن بالنفيّ، استدارت إلى اللوح وبخطٍ منحنٍ وجميل كتبت وهي تقول، "بما أن السيد فوجيوارا حصل على الأصوات كلها فتقيمه 10 من 10 وسنخرجه من المنافسة."
كنت أعلم أنك أوسم رجلٍ في العالم! ابتسمت يومي بفخر وهي سعيدة بأن الأخرين يقدرون وسامة والدها أيضًا.
"إذًا هذا يُبقِي في أعلى القائمة السيد سايرس والسيد دايكي والسيد فوكوياما ويليهما ريو وكايجي—مهلًا!"
قاطعتها رومي وعندما اِلْتفتت الفتيات إليها قالت: "أزيلي كايجي من القائمة،"
يونا: "لماذا؟ إن تقيمه الأعلى في قسم التخطيط...ب*عره العسليّ القصير وعينيه بلون الشوكولا، دعك من كونه يفتح الباب للفتيات ويقول شكرًا دائمًا!"
دورت رومي عينيها: "لأنه متزوج يا حمقَّاء."
سألت أقصرهن قامة: "وما دخل ذلك بكونه وسيم؟"
وبسبب سؤالها لم ينتبهن لتعابير يونا التي أسقطت القلم، وتجمدت ملامحها كمَّا لو صارت تماثلًا حجريًا...استفاقت من الصدمة ثم قالت: "أقلتِ أن كايجي...متزوج؟"
أرادت يومي الضحك على منظرها ذاك، بدت كمن تلقى صدمة حياتِه، لكنها زمت شفتيها وقالت: عيب عيب لا تضحكي.
"إنه متزوج منذ عامين وقد يكْون لديه طفل في الطريق...مهلًا لا تقول لي أنك كنتِ معجبةً به؟"
أضافت رومي الجزء الأخير سريعًا، أبعدت يونا عينيها كمَّن يشعر بالذنب، احم، انحنت لتلتقط القلم، عندما وقفت مجددًا قالت لها: "لا طبعًا!..."
رمقنها الفتيات بالنظرة إياها فدورت عينيها نحو السماء، "حسنًا ربما قليلًا، لكن لا تقلقن لست مخربة للبيوت وفي كل الحالات لم أكن أنوي لفت انتباهه، يمكنك القول كانت قصة رومنسية من جانبٍ واحد...تعلمن الغرق في تلك الخيالات يجعل العمل أكثر متعة؟"
أومَأن تجاهها بتفهم فأطلقت نفسًا مرتاحًا، نفضت أطراف فستانها وقالت: "دعونا نعد للأمر المهم فقد كاد وقت استراحتي أن ينتهي، بعد إزالة كايجي من القائمة، يتبقى أكايدو وكينتارو وتاكاشي وأخيرًا ماكوتو."
بدا ليومي أن الأمر سيطول كما شعرت بأنه ليس من المفترض أن تسترق السمع أكثر من هذا لذا فكرت...ربما حان الوقت للظهور في الصورة، طرقت على باب غرفة الاجتماعات فالتفتت إليها الفتيات في آنٍ واحد.
"آآم هل الآنسة روميّ موجودة هنا؟" سألت بابتسامة.
نهضت رومي من مقعدها وبالفعل كانت الفتاة صاحبة الشعر البني القصير وقالت: "أنا رومي، ما الذي تريدينه؟"
تقدمت يومي نحوها ثم مدت يدها لمصافحتها: "أنا يومي أولسن، المتدربة الجديدة في قسم خدمة العملاء،"
عندما لاحظت أن رومي لم تكن تنوي مصافحتها أبعدت يدها دون حرج وقالت: "ريو طلب مني إخبارك أنه بحاجة لملف شركة لارسون بشكلٍ عاجل."
ومع إنهائها تلك الجملة لاحظت النظرات العدائية التي تلقتها من الفتيات، كورت فمها باستيعاب فصححت نفسها سريعًا: "أعني السيد سايرس."
تبًا! ... إن إحترام السلم الهرمي في العمل أمرٌ مهم ولو كان شخصًا بغيضًا مثل ريو...في العادة لم تكن تسهو عن مثل هذه الأشياء ولكن بسبب اشتبكاها المستمر معه بات ريو في عقلها فقط...ريو.
زفرت رومي فطارت خصلة من شعرها للأعلى وخرجت من قاعة الاجتماعات، كعب حذائها العالي يطرق مع كل خطوة أخذتها نحو الباب، نظرت يومي إليهن بابتسامة فقالت يونا: "إذًا، رقم واحد عشرون ها."
قطبت يومي بعدم فهم حين أضافت أخرى: "تبدو أفضل من سابقاتها."
فرقعت الشقراء علكتها وقالت: "إن المظاهر خادعة، كثيرًا ما يكون السم في العسل."
بدلت يومي نظرها بينهن ولسَّان حالها يقول: أنا أقف هنا بالمناسبة!
لكنها لم تقل شيئًا وتبعت رومي للخارج، ما إن لحقت بها في الممر التفتت ناحيتها وقالت: "كان بإمكانك انتظاري حتى أعود إلى مكتبيّ."
"قال ر-السيد سايرس إنه بحاجةٍ إليه بشكلٍ عاجل."
رمقتها رومي بنظرة من طرف عيناه، "لم لم تحضريه له بنفسك إذًا؟"
"أنا لا أحب التفتيش في أغراض الأخرين."
توقفت رومي فجأة وأطلقت صوتًا مستهزئًا، استدارت نحوها بجسدها بعد أن أعادت خصلة خلف أذنها:
"اسمعي جيدًا، هذا مكان للعمل، ربما رأيتنا في تلك الجلسة وظننتِ أننا لا نقوم بعملنا كما يجب، لكننا نفعل، وأتوقع منك المثل، أي تأّخيرٍ منكِ سيتسبب لي بتراكمٍ مهولٍ في الملفات وأنا في غنى عنه وأيضًا..."
اقتربت منها خطوة لكن يومي لم تتزحزح: "ارتكبي أي أخطاء أو حماقات ولا تتوقعي مني مساعدتك، لن أنظف خلفكِ أبدًا ولا تسأليني من أي شيء. إن أردتِ معرفة أمرًا ما هنالك ألاف التقارير السابقة والكتب، لديِّك الانترنت كذلك، لذا لا تقومي بإزعاجي."
"لن أفعل. لا تقلقي."
لم تتوقع رومي هذا الرد وبتلك الطريقة اللامباليَّة فظلت تحدق نحوها بحدة، أضافت يومي بابتسامة: "هل هنالك شيء آخر؟"
لم تجبها روميّ واستدارت على عقبيها، سارعت المشيّ بعيدًا بينما وقفت يومي في مكانها، لم يكن الأمر واضحًا في البدأ ولكن الآن وهي تنظر إليها من الخلف انتبهت للعرجة في ساقها وللندب الممتد من كعبها حتى حد الفستان الكشميري. تغيرت تعابيرها لأخرى ساكنة، ولوهلة قصيرة بدت أكبر من عمرها، حدقت بإعلانٍ لشركة ألعَّاب إلكترونية كان يملء نصف الحائط المقابل، أثنت رأسها وقالت: ماذا كانت تعنيه برقم واحد وعشرين؟
***
تثاءبت يومي قبل أن تطرق الباب فهي لم تنم بالأمس جيدًا وقضت معظم الليل تقرأ في الكتاب الذي استعارته من ماكوتو.
سمعت الإذن بالدخول فدلفت، إلا أنها توقفت بالقرب من الباب ولم تتحرك، حدقت حولها بفضول فهذه المرة الأولى التي ترى فيها مكتب ريو، لم يكن كئيبًا كما توقعت، على يسارها احتلت مكتبة حائطًا كاملًا انبعثت منها رائحة خشب عطريَّة، في وسط المكتب كان هنالك جلسة دائرية بيضاء أمامها كرسيين للضيوف وطاولة صنعت من خشب الأرز، على الحائط القريب منها رأت ثلاث شهادات معلقة وبالقرب من الطاولة تلاصقت خزانتين حديديتين، فاحت في الجو رائحة قهوة قوية وعلمت من أين أتت، بجوار حاسوب ريو وُضع كوب ورقي تصاعد منه البخار وتراكمت جبالٌ من الملفات على سطح مكتبه جعلتها لوهلة قصيرة تشفق عليه، لكنها نفضت هذه الشفقة سريعًا عندما سألها دون رفع رأسه من الحاسب: "هل انتهيتِ من قراءة التقارير؟"
"أجل."
نظر إليها ثم رفع تجاهها حاجبًا: "كلها؟"
تكتفت: "بالطبع لا."
"المعذرة؟"
"لن أقرأها كلها فلا فائدة من ذلك، المهم أن أفهم طريقة كتابتها وقد فهمتها."
"متأكدة أنكِ فهمتها؟"
"كتأكدي من وجودك –مع الآسف- أمامي الآن."
أشار إليها بطرف إصبعه باقتربي فابتسمت وهي تفكر بكم عظمة توجد في الإصبع الواحد يا ترى؟ فهي تنوي تحطيم عظامه عظمة عظمة. قمعت رغباتها العنيفة ووقفت أمام طاولته، لكنه أشار لها بأن تقترب أكثر فدورت عينيها للسماء.
"هل أجلس على الطاولة؟" سألته بسخرية فضيق عينيه تجاهها ثم قال: "يمكنك الدوران حولها."
طوت يديها وهزت رأسها بعناد: "لا. لا أشعر بالأمان دون وجود حاجزٍ بيننا."
في البدأ قطب بعدم فهم وعندما استوعب معنى كلماتها قال بغضب: "أتعتقدين أنني هذا النوع من الأشخاص؟!!"
"لا. لكني أعرف أي نوع من الأشخاص أنا ولو كنت على مسافة كافية منك فحتمًا سأقوم بخنقك حتى الموت."
قالت الجزء الأخير كما لو أنه شيء بديهي فجحظت عينا ريو، ودون أن يشعر عاد في كرسيه إلى الخلف.
"هاه ألم تنظري لنفسك في المرآة من قبل؟ الشيء الوحيد الذي تستطعين خنقه هو دبك المحشو. فهو الشيء الوحيد الذي بإمكانك الوصول إلى رقبته."
فغرت يومي فاهها وشعرت أنها تلقت ضرّبةً غادرة استمتع ريو بمنظرها ذاك لكنه أردف ببرود: "تعاليّ، إنه العميل الأول وأريد أن أريكِ بعض النقاط المهمة حتى لا تفسدي الأمر."
على مضض دارت يومي حول الطاولة ووقفت بجواره، ليس بجواره تمامًا فقد تركت مسافة كافية لضمان عدم إفساد فستانها بدمائه، إن حدث ونفذت إحدى خططها.
"إنه مشروع صغير، أو على الأقل سيبدأ هكذا، صاحبته تمتلك متجرًا إلكترونيًا للألبسة ولأن متجرها لاقى نجاحًا واسعًا قررت تحويله لموقعٍ إلكتروني كبير، مثل أمازون وإيتسي وما شابه لكنه سيتخصص في حاجيات الفتيات فقط."
عندما وجد أن يومي تنصّت باهتمام تابع: "تدعى أوليفيا مونرو، في السابعة والثلاثين وحاليًا تعمل برفقة ابنة أختها، هما و15 موظفًا فقط."
أنارت عينا يومي وقالت: "أنا أعرفها! إنها صاحبة متجر ڤيرليس، تصاميمها مميزة حقًا...لقد اشتريت هذا الفستان من موقعها."
ودون أن تشعر دارت حول نفسها كما تفعل عادةً مع السيد أوشيها، رفرف الفستان حولها وتوقف وعندما توقفت معه ورأت نظرة ريو تجاهها...اشتعل وجهه بلونٍ أحمر وقالت: "هل يمكننا التظاهر بأني لم أفعل هذا للتو؟"
لم يقل ريو شيئًا واِلْتفتَّ إلى الملف وأكمل بنفس الملامح الجامدة: "هذه قائمة الأسئلة، لكن سيتعين عليكِ التنقيب بنفسك من أجل التفاصيل، لا تكتفي بها، وأيضًا..."
رمقها بنظرة محذرة: "إياكِ أن تتعاملي معها كإحدى المعجبات المهووسات."
شعرت بالدفء ينتشر بوجهها مجددًا فأص*رَّت صوتًا مؤكدًا من حلقها وهي تنظر بعيدًا.
"أريدك أن تركزي على عدد الطلبيات التي تتوقع أن يتم إيصالها في اليوم الواحد وعلى عمر جمهورها الذي ترغب في استقطابه."
أمسكت يومي بمرفقها وقالت: "حسنًا."
"قمتُ بتحديد الأسئلة المهمة باللون الأحمر، حاولي ألا تكرري نفس السؤال أكثر من مرة."
"امهمم" أجابته وكان من الواضح أنها ترغب في المغادرة بسرعة، لهذا بالذات عاد ريو في كرسيه للوراء بمماطلة ثم وضع الملف على سطح المكتب ولكن مع حركته تلك اصطدمت يده خطأً بصف الملفات وكاد الصف أن ينهار... انحنت يومي سريعًا لسنده فارتطم كوعها بالكوب الورقي و...
الناحية الإيجابية أنه بالرغم من كون القهوة ساخنة لم يطلق ريو صرخة عالية وتمكن من احتمال الألم بينما انساب السائل عبر قميصه وبنطاله وكان يقطر على الأرض.
هتفت يومي بقلق وهي تمسك بصف الملفات: "أنا آسفة! هل أنت بخير؟ كنت أحاول إنقاذ الأوراق...هل احترقت؟"
رفع ريو نظره ناحيتها وهو ينفض يديه، احتكت أسنانه ببعضها البعض وتذكر لقاءهما الأول، ويبدو أن يومي كانت تفكر في نفس الشيء لذا قالت سريعًا: "أنا لم أتعمد هذا لقد رأيت بنفسك! كان حادثًا."
آه لاحظت لخطئها متأخرة...لذا عضت على شفتها السفلى: المرة السابقة قالت له أنه حادث أيضًا...
جز ريو على أضراسه وقال بهدوءٍ مرعب: "اخرجي."
"ألدِّيك ميزوفوبيا؟"
سحب ريو نفسًا عميقًا إلى ص*رِّه وأغلق عيناه، عندما فتحهما كرر مجددًا: "اخرجي، الآن."
تناولت يومي الملف من سطح الطاولة نظرت إليه بتردد وقالت: "آسفة." ثم خرجت من المكتب وأغلقت الباب وراءها، كانت القهوة ما تزال تقطر من حافة الطاولة على الأرض، تناول ريو منديلًا وجفف ساعته أولًا ثم القميص، كز على أسنانه وقال: من الجيد أن حاسبي نجا هذه المرة!
عندما خرجت يومي من المكتب رأت ماكوتو يتحدث مع موظفٍ أخر، أومَأ الثاني تجاهه ثم ذهب، استدار ناحيتها وعندما رآها التمعت عيناه، أدخل يديه في جيوبه ومشى ناحيتها: "آه ملامحك لا تبدو جيدة."
لمست يومي وجهها ثم نظرت إليه، رأته مبتسمًا بطريقة ماكرة ففهمت أنه يعني كونها –بشِّعة- ضيقت عينيها تجاهه وقالت: "على الأقل أنا لست 5 من 10 كشخصٍ ما هنا."
أشار ماكوتو لنفسه: "أنا خمسة؟!!"
أومَأت بحزم: "إن اجتهدت قليلًا ستستطيع الخراف التهام ذلك العشب."
لمس ماكوتو لحيته وهو يرمش، وضع يده على قلبه وقال: "لماذا تصرين على إيذائي بهذه الطريقة؟ لستُ أنا من تنمر عليك إنه ريو!"
احتضنت ملفها ومرت بجواره مصدِّرة صوت "همف" وبخطواتٍ ثابتة اتجهت نحو مكتبها في نهاية الرواق، عقد ماكوتو ساعديه وهو يشاهد السنجاب الغاضب يبتعد، مرر يدًا عبر لحيته وقال: "سأقوم بحلاقتك اليوم."
همهمت يومي في خطاها وقد عاد مزاجها طيبًا، خصوصًا حين فكرت أن أول عميلٍ لها هي السيدة أوليفيا...نظرت إلى فستانها وتذكرت كيف دارت حول نفسها سابقًا، رفعت رأسها المحمر ورددت بحرج غ*يَّة غ*يَّة غ*يَّة.
وضعت يدها على مقبض الباب وفتحته وما إن دلفت تجمدت في مكانها، احتاجت بضع ثوان لاستيعاب ما كانت تراه، بدا المشهد مشوشًا في البدأ، مقتطعًا، كما لو أنه لا يمكن أن يكون حقيقيًا، لكن كل ما رمشت ظل الحال على حاله، تبعثرت على الرخام العديد من الأوراق الممزقة وارتمت الملفات بعشوائية، مكتبها الذي تركته مرتبًا وأنيقًا قبل قليل كان الآن في فوضى عارمة، الأقلام مشتتة والدفاتر ممزقة إربًا إربًا بل حتى حشوة وسادتها كانت ظاهرة وقد مزقت بعدة أماكن.
أخذت خطوة للوراء، وهي تحاول أن تفهم ما حدث...ولماذا؟ صحيح أنها لم تشعر بكونها محط ترحيب ولكن هذا...هذا كان يفوق الوصف!
انحنت والتقطت بقايا الأوراق بجمودٍ ذاهل، لم تعرف من أين تبدأ، أيًا كان من فعل هذا فقد قضى جهدًا مقدرًا في جعل حياتها صعبة.
تابعت التقاط الأوراق وعندما وصلت بالقرب من الكابينة رأت ورقة من أوراقها اللاصقة وقد كتب فيها كلمة واحدة..(غادري).
"حسنًا، لم تكن بحاجة لكتابتها فقد أوضحت وجهة نظرك جيدًا."
قالت لأيًا كان من فعل هذا ثم تن*دّت من الأعماق، نهضت من الأرض وسحبت إلى رئتيها نفسًا طويلًا، "لا بأس."
خرجت من المكتب لتبحث عن غرفة أدوات النظافة، خطوات عملية وصغيرة، حدثت نفسها، يمكنك التعامل مع هذا خطوة بخطوة فقط لا تجزعي، إنها لعبة قوى نفسية....وليس هنالك أكثر منكِ صلابة...تحركت يدها لتلمس سوارٍ فضيًا منقوشًا رنَّ في رسغها الآيسر، تلمست النقوش مرةً بعد أخرى وفوريًا...شعرت بدواخلها تنتظم.
خطوة خطوة. ثم سنرد الصاع صاعين، العين بالعين والسن بالسن.