|٣| الحبيبة الثالثة.

2734 Words
- القاهرة، قصر وزير الداخلية. - الثاني عشر من شهر مارس عام ٢٠١٨ـم. - الثامنة وعشر دقائق صباحًا. «مين حبيب بابا؟» «يـزيـد» أجابت طفلة الثلاثة أعوامٍ والدها بابتسامةٍ واسعةٍ وصفقت بحماسٍ، بدت كـكلب البحر في العروض وهي تصفق، فابتسم والدها بتوسعٍ مثلها وجلس على ركبتيه على السرير يصفق مثلها مغنيًا: «مين الـ بيهريك لعب؟» «بااااابااا» «مين لما تكُح دراعك؟» «باااااابااا.. هو إحنا بنكُح دراعنا إزاي يا بابي وليد الهندي؟» توقفت الطفلة عن الغناء والتصفيق تسأله عاقدةً ما بين حاجبيها كامرأةٍ عجوزٍ، فتوقف وليد عن الغناء كذلك ينظر لها باهتمامٍ شارحًا وهو يشير بيديه في الهواء: «يعني عارفة لما نقطع دراعنا ونبلعه، بعدين نكُح جامد ونستفرغ دراعنا مع الكُحة يبقى كدا بنكُح دراعنا.» «وليــــــــــد! كفااااااااية بنتي هايجي لها تسمُم عقلي حرام عليك.» صراخ أمينة ودخولها المفاجئ وهي تدفع الباب كأحد ضباط مكافحة الد***ة، أصاب وليد وطفلته بالفزع حتى بدأ الاثنان بالصراخ والبكاء معًا. فنظرت أمينة لزوجها بصدمةٍ ثم لابنتها، من منهما ستُهدئُه وتوقفه عن البكاء؟ وكان الجواب اقترابها من وليد تأخذه في عناقها واضعةً رأسه على ص*رها تُربِتُ على ظهره بحنانٍ قائلةً: «بس يا بابا بس! اهدى يا حبيبي خلاص مش هافزعك تاني!» «إيه دا؟ مين فينا الطفل يا مامي؟» قاطعت الطفلة لحظتهما متسائلةً بحاجبٍ مرفوعٍ بعدما توقفت عن البكاء، فنظرت لها والدتها بقلة حيلةٍ تجيب: «صدقيني يا صوفي أنتِ أعقل من باباكِ الهندي والله.» «أنا مش هندي، مش هندي ربنا ياخدك أنتِ وبنتك والكاتبة في ساعة واحدة وما تلاقوش مقبرة تستركم ولا شيخ يغسّلكم ولا حانوتي يدفنكم ولا ناس تبكي عليكم!» صرخ وليد بنفاذ صبرٍ ودفع أمينة بعيدًا عنه يناظرها بضيقٍ، فاستمرت الأخرى بالنظر له بصدمةٍ كما ابنتها بعيونهما الخضراء المتشابهة حتى عضت أمينة شفتها السفلى تُمسك بالوسادة عن السرير، ثم ض*بت وجه وليد بها ض*بةً جعلته يقع للخلف عن السرير على ظهره متسع الحدقتين، فرمقته أمينة بغضبٍ تجذب ابنتها لخارج الغرفة صارخةً: «ربنا ياخدك أنت يا عرة الهنود يوم تلات الساعة ٣!» أغلقت الباب خلفها بعنفٍ فأطلق وليد تأوهًا عاليًا، حاول النهوض عن الأرض بصعوبةٍ يتأوه فاركًا أنفه وجبينه يتمتم بتوجعٍ: «مش كنت أشتري مخدات ريش بدل المخدات اللي بتجيب ارتجاج في المخ دي علشان لما تض*بني!» نهض متأوهًا يتوجه لدورة المياه المُلحَقة بغرفته، بينما أمينة كانت بالمطبخ بالطابق الأرضي للقصر تُعد شيطرةً وعصيرًا لطفلتها الصغيرة حتى أتاها اتصالٌ. فجففت يديها بمنشفةٍ ثم أخرجت هاتفها من جيب سروالها لتجد المُتصل رقمًا مجهولًا، تن*دت تجيب، وقبل أن تتحدث حتى سمعت صوتًا مثيرًا ببحةٍ مميزةٍ يتحدث بسرعةٍ: «أهلًا بحضرتك يا فندم، أنا (علي ربيع) مندوب مبيعات شركة LSD للأجهزة الإلكترونية، وعندنا جهاز جديد مرتبط بالهواتف المحمولة تحددي عليه أي رقم تليفون، ومن خلال الجهاز دا يقدر يحدد لحضرتك موقع الرقم دا وكمان يقدر يوصل لحضرتك المكالمات اللي بتوصل للرقم دا.» كانت تستمع لذلك الرجل في الهاتف وابتسامتها تتسع حتى شقت وجهها، ولم تركز سوى على اسم الرجل ترد بصياحٍ متفاجئةً: «علي ربيع؟ علي ممثل مسرح مصر؟ الله.. عايزة آخد سيلفي معاك أنت فين يا لولو؟» «لا يا فندم حضرتِك فهمتِ غلط، دايمًا بيحصل مواقف زي دي بسبب تشابه الاسم، أنا مندوب مبيعات شركة LSD للأجهزة الإلكترونية.» أجابها الآخر سريعًا، فلوت شفتها بانزعاجٍ واختفت ابتسامتها تتن*د مجيبةً: «أيوا يعني عايز إيه يا عمو المندوب؟ ومعاك رقمي إزاي أصلًا؟» «عمو المندوب؟ احم.. طيب يعني رقم حضرتِك معايا من واحدة صاحبتك كانت عميلة لشركتنا واشترت مننا أجهزة وطلبنا منها مجموعة أرقام علشان نعمل ترويج هاتفي لشركتنا، وعندنا عرض خاص لحضرتك لجهاز مراقبة مرتبط بالهواتف المحمولة.» أجابها برسميةٍ بعدما تحمحم، فالتمعت عيناها لمعةً غريبةً وارتسمت ابتسامةٌ خبيثةٌ على شفتيها الممتلئتين تسأله بحماسٍ: «جهاز مراقبة؟ واو.. طيب عندكم جهاز بيكهرب علشان أحطه في بنطلون وليد وهو نايم؟» «نعم يا فندم؟» «أهههه بأهزر معاك، أيوا أنا عايزة أشوف جهاز المراقبة دا علشان أنا حاسة إن جوزي الهندي رجع يلعب بديله تاني من ورايا.» أجابته زامةً شفتيها بإصرارٍ ولم تلحظ نظرات طفلتها -الجالسة على طاولة المطبخ- الغريبة لها وكأنها ترى والدتها من كوكب آخر، ف*نهد المُتصل بقلة حيلةٍ يجيب أمينة: «تمام يا فندم، تحبي تيجي الشركة تشوفي الجهاز بنفسك، أو نتقابل مع حضرتِك في مكان خارج الشركة أو في بيت حضرتِك؟» «إيه حضرتِك دي يا عمو المندوب؟ اسمي أمينة بس علشان مش بأحب حد يحترمني كدا، المهم نتقابل في بيتي وتجيب كل أجهزة المراقبة معاك، وبالله عليك يا أستاذ علي ربيع تشوف لي جهاز الكهربا دا!» رمشت بجفنيها بسرعةٍ بدت بريئة الملامح، لتسمع تنهيدة المندوب الحارة وكأنه لم يعد يحتمل يجيبها: «تمام يا فندم هاكون عند حضرتك ومعايا كل الأجهزة، بس ممكن عنوان بيتك؟» «إيه قلة الأدب دي؟ عايز عنوان بيتي إزاي يا وقح؟» صرخت فجأةً بانفعالٍ لتتراجع طفلتها للوراء بخوفٍ مثلما تراجع الطباخ الذي كان يراقب ما يحدث منذ البداية بملامح مصدومةٍ، فارتبك المندوب يتحمحم بحرجٍ مجيبًا هاتفيًا: «ححـ..حضرتِك الـ طلبتِ إني آجي بيتك علشان تشوفي جهاز المراقبة!» «أيوا صح مش تقول كدا؟ فكرتك من المتحرشين بالتليفونات، المهم يا أستاذ مندوب مش هاينفع تيجي بيتي لإني مش عايزة جوزي الهندي يشوف الجهاز، هاقابلك أنا في مكان خارج بيتي.» «تحت أمرك يا فندم.. ممكن تحددي المكان؟» سألها من بين أسنانه، ومن ملامحه لو كان أمامها لخنقها من منتصف رقبتها، فرفعت هي حاجبها تفكر ب**تٍ حتى كاد يُصاب بتشنجٍ منها إلى أن هتفت فجأةً تجيب بلهفةٍ: «لاء حدد أنت المكان يا أستاذ مندوب علي ربيع!» شد المندوب على الجانب الآخر للهاتف جلد وجهه بنفاذ صبرٍ يجيبها باسم مقهى كان قريبًا من منطقة الشركات التجارية بالقاهرة، فودعته مع ابتسامةٍ واسعةٍ على وعدٍ باللقاء بعد ساعتين، ثم أغلقت الهاتف تنظر لطفلتها، عقدت حاجبيها حينما وجدت المطبخ خالٍ تمامًا سوى منها، فأخذت الشطيرة وخرجت تركض من المطبخ حتى اصطدمت بوالدة زوجها ليقع طبق الشطيرة منها محطمًا. فنظرت لها الأخرى بضيقٍ تبدأ بالصراخ بلهجةٍ مغربيةٍ لا تستخدمها إلا عند الغضب: «إوا؟ انداري أمينة شنو دِرتي يلعنك؟ الكاسة وقعت سربي نظفيها ا***ى لك يا ****» «الحقوني ودني بتنزف! حد يبعد بنتي من هنا قبل ما تتلوث! يا وليييييييد مامتك بتتهور!» كتمت أمينة أذنيها بكفيها بعد سماع سبابات تلك السيدة الراقية، ثم أسرعت تجاه طفلتها التي كانت واقفة بجانب الدَرج بمنتصف البهو تحملها تحت ذراعها راكضةً بها للأعلى. اتجهت لغرفتها سريعًا تدفع الباب بقوةٍ، ثم دخلت وظهرها للغرفة تحمل ابنتها بتلك الطريقة تتنفس باهتياجٍ، وما إن استطاعت تنظيم أنفاسها حتى استدارت لتجد زوجها خلفها عارٍ يلف منشفةً حول خصره وقطرات الماء تتساقط من شعره الأ**د، ينظر لها بغموضٍ رافعًا حاجبه. فألقت طفلتها أرضًا لتتأوه الصغيرة ناظرةً لوالدتها بضيقٍ، تحمحمت أمينة وأبعدت نظرها عن زوجها بخجلٍ، تزوجته قبل ثلاثة أعوامٍ في ظروفٍ صعبةٍ ولكن لا زالت تشعر بالخجل ما إن تراه دون ثيابٍ. فضيق الآخر عسليتيه وابتسم بخبثٍ ما إن لاحظ خجلها، ليقترب منها ببطءٍ، وما إن وقف أمامها حتى فتح باب الغرفة ودفع ابنته بقدمه للخارج وكأنها قطة يغلق الباب ثانيةً. اقترب من أمينة يلف ذراعه حول خصرها، ثم جذبها له بحركةٍ مفاجئةٍ يضيق عينيه متسائلًا بخبثٍ: «إيه بقا الكلام على إيه؟ مالك م**وفة مني ليه؟ المفروض يعني علبة الشامبو تكون غسلت **وفك!» نفثت بوجهه بغضبٍ تدفعه من ص*ره بقوةٍ بعيدًا عنها حتى كاد يسقط، دبدبت الأرض بقدميها تتجه لدورة المياه هاتفةً بسخطٍ: «حسبي الله ونعم الوكيل فيك وفي كل علب الشامبو في العالم، الناس بقيت بتناديني أمينة شامبو منك لله، دي ندى مسجلة رقمي أمينة شامبو.» صرخت بالأخيرة واستمرت بالصراخ حتى اختفى صوتها بدورة المياه، فهز وليد في الخارج رأسه يتمتم بصوتٍ مسموعٍ: «يا بنت المجانين! متجوز مجنونة، عليا الطلاق متجوز مجنونة وهاتجنني معاها.» أخذت أمينة حمامًا دافئًا في هذا الجو شبه البارد صباحًا مع اقتراب فصل الربيع، خرجت من دورة المياه لتجد الغرفة فارغةً، ف*نهدت براحةٍ واتجهت للخزانة المقابلة لفراشهما الكبير، بدلت ثيابها لسروالٍ من القماش الأصفر يعلوه قميصٌ من الصوف الخفيف أبيض اللون، صففت شعرها البني على شكل ذ*ل حصانٍ، تناولت حقيبة يدها وسحبت الكثير من النقود من خزانة زوجها. خرجت من الغرفة تنزل الدَرج تقفز عليه بمرحٍ مدندنةً بصوتٍ مسموعٍ: «الدنيا ربيع والجو بديع، قفلي على كل المواضيع علشان أنا رايحة لعلي ربيع.» «إحنا لسه في الشتا يا ست سعاد حسني، وخلي بالك وأنتِ نازلة تتنططي كدا على السلم علشان أنتِ حامل لسه في الشهر الأول!» قاطعها والد زوجها الذي ظهر خلفها ينزل الدَرج بثيابه الرسمية، فوقف بجانبها حينما توقفت في منتصف الدَرج تعبس قائلةً بحزنٍ: «ليه كل شوية تفكروني إني حامل؟ ابنك الحقير هو اللي خدعني وخلاني حامل تاني بعد ما قال لي تعالي أغنيلك، وبعدها اتغرغر بيا.» قهقه والد زوجها ليهتز كتفاه مع قهقهته، ثم ربت على شعرها بحنانٍ يُكمل نزول الدَرج قائلًا: «خلي بالك بس من نفسك علشان رحمك ضعيف من أول إجهاض.» هزت رأسها بهدوءٍ وتن*دت بحزنٍ بعدما ذكّرها بأول طفلٍ من غير زوجها فقدته بلعبةٍ سخيفةٍ، استدارت وأكملت نزول الدَرج متجهةً لخارج القصر، ولكنها توقفت مكانها بعدما سمعت صراخ زوجها من خلفها بصرامةٍ: «استني عندك يا أمينة!» لوت شفتيها بانزعاجٍ ولم تستدر، انتظرته حتى تقدم من خلفها يقف أمامها مشبكًا ذراعيه على ص*ره وينظر لها بصرامةٍ لا تليق به، لذلك تأففت بضيقٍ رافعةً حاجبها حينما رأته بثيابٍ رسميةٍ، يبادر هو بسؤالها: «أنا رايح مع بابا الوزارة هاشتغل معاه مساعده الشخصي من اليوم، شايفك متشيكة يعني وماشية تغني وخارجة كدا وابتسامتك شرخت وشك.. رايحة على فين يا ست هانم بدون إذني؟» «وأنت مال أهلك؟ أروح في أي مكان بمزاجي.» أجابته باندفاعٍ ورمقته من الأعلى للأسفل ترفع رأسها متجهةً لخارج القصر، فاستدار مصدومًا يراقبها تركب سيارتها التي خصصها بسائقٍ لها، لينطلق السائق بها، حينها ارتسمت ابتسامةٌ تدريجيةٌ على شفتيه حتى شقت وجهه يلوح بكفه في الهواء قائلًا: «بتحترمني أوي.. أنا سو براود بيها والله.» تن*د بعدها بقلة حيلةٍ يخرج هو الآخر خلف والده، بينما كانت أمينة بسيارتها تصف وجهتها لسائقها حتى وقف بالسيارة أمام المقهى المنشود. فنزلت أمينة من السيارة وبقي السائق في انتظارها، دخلت للمقهى لتتسلط بعض الأنظار عليها، بملامحها الجميلة وثيابها الراقية كانت غريبةً على مقهى بسيطٍ كهذا. تحمحمت بحرجٍ تجلس بطاولةٍ في ركن المقهى، وضعت ساقًا فوق الأخرى وبقيت تنتظر المندوب وتلهو بهاتفها حتى سمعت حمحمةً قريبةً منها، فرفعت رأسها لتتصنم ملامحها حينما لمحت ذلك الوسيم أمامها. نظر لها بعينيه الخضراوين، يبتسم ابتسامةً سحرتها متسائلًا بصوته المميز: «حضرتِك مدام أمينة؟» ال**ت، ال**ت كان إجابتها، رفع حاجبه أمام نظراتها الطويلة، وكأن بملامحه مغناطيسًا يجذب الفتيات حتى تحمحم يعيد لها تركيزها، فأبعدت نظرها عنه بخجلٍ تجيب بخفوتٍ: «أيوا أنا أمينة، أنت المندوب علي ربيع مش كدا؟» أومأ برأسه يجلس أمامها واضعًا حقيبةً جلديةً على الطاولة الفاصلة بينهما، فدققت النظر بملامحه وهو يفتح الحقيبة تتمتم بخفوتٍ: «علي ربيع إزاي؟ دا أنت كوكتيل مصطفى خاطر على محمد أنور، لا والله دا أنت كوكتيل توم كروز على هريثيك روشان، حاجة كريس هيمسورث في نفسك كدا.» توقفت عن التخيل بملامحه تبتسم بخفةٍ حينما نظر لها، رفع الجهاز أمام وجهها يبدأ في شرح كيفية تشغيل الجهاز ومميزاته لها، والأخرى شاردةٌ بالنظر لتفاصيله أثناء الحديث وابتسامته الساحرة حتى انتهى يسألها: «ها يا فندم قررتِ تشتري الجهاز؟» «ها؟ أها.. قررت أشتريه، بكام الجهاز دا؟» حاولت الابتسام بعد شرودها تُخفي خجلها، فاتسعت ابتسامة الآخر يجيبها: «الجهاز تمنه ٩٠ ألف جنيه بس.» «نعم؟ ٩٠ إيه؟» اتسعت عينيها متسائلةً بصدمةٍ، فارتبك الآخر مجيبًا: «أأ..ألف يا فندم.» ابتسمت الأخرى فجأةً لارتباكه تجيبه: «طيب أنا مش معايا من المبلغ غير ٢٠ ألف حاليًا، بس هاكتب لك شيك بالمبلغ الباقي تقدر تصرفه اليوم.» أومأ لها ونهض بعدما أعطاها الجهاز في علبته، ولكن قبل رحيلها أوقفها متسائلًا بابتسامةٍ: «طيب حضرتِك طلبتِ جهاز بيكهرب، الجهاز موجود وعليه عرض كمان!» «أيوا أيوا أنا عايزة الجهاز دا بالله عليك يا أستاذ مندوب علي ربيع.» «اسمي علي بس يا فندم، ناديني علي بس!» قاطعها من بين أسنانه يحمل حقيبته ناهضًا، فابتسمت بمرحٍ تجيبه: «ماشي يا علي بس، أنا عايزة الجهاز دا ويا ريت لو عندك ساعة بتكهرب أي حد بيشتم علشان أعطيها هدية لحماتي.» «أي حاجة تطلبيها موجودة يا فندم بس في مخزن الشركة، لو تحبي ممكن تيجي معايا تختاري من هناك!» «ماشي يلا.. بس بسرعة علشان جوزي الهندي بيشك فيا أصلًا، وأنا كمان بأشك فيه على فكرة، إحنا الاتنين بنشك في بعض، بس طبعًا أنا مش بأخونه، لكن هو الخاين، تعرف مرة كان بيقول لي نكتة كنت عايزة أستفرغ في وشه بعد ما قالها، كان بيقول مرة واحد شك في صاحبه خرمه.» قهقه علي بخفةٍ على ما قالته، فالتفتت بعدما وصلت لسيارتها تنظر له بحاجبٍ مرفوعٍ قائلةً: «بتضحك على إيه؟ يع أنت شكلك تافه زيه، يلا يلا اركب معايا العربية علشان نشوف الأجهزة دي، أنت شكلك عايز تخرب بيتي، يعني مين الغ*ي اللي بيوافق يشتري جهاز تمنه ٩٠ ألف غيري؟ أنا عارفاكم أنتم المندوبين اللي بتحبوا تستغلوا الناس وتنصبوا علينا.» كانت تثرثر حتى بعدما ركبت سيارتها بالمقاعد الخلفية وأغلقت الباب وركب هو بالمقعد الأمامي بجانب السائق، كان يريد نزع حنجرتها حتى تتوقف عن الحديث، ولكنها لم ت**ت حتى وصل بهما السائق لمبنى صغير من ثلاثة طوابق، الطابق الأرضي له عبارةٌ عن مخزنٍ ببابٍ حديدي عريضٍ. فنزلت أمينة من السيارة ليتبعها علي للمخزن، دخلا لتقا**هما فتاةٌ شابةٌ قمحية البشرة قصيرة ونحيفة الجسد، استقبلت الفتاة أمينة وأخذتها لتعرض عليها الأجهزة. جلست أمينة على كرسي بركن المخزن وحولها الكثير من العلب الكرتونية المغلقة، والفتاة أمامها تعرض عليها الأجهزة حتى تحدثت أمينة بابتسامةٍ: «عايزة أشوف كل الأجهزة الإلكترونية الـ عندكم علشان أنا بأحب الحاجات دي و..آآ..» توقفت عن الحديث فجأةً متسعة العينين حينما شعرت بمن يضم جسدها من الخلف مقيدًا حركتها ويضع قماشةً على فمها، فحاولت التململ أمام ابتسامة تلك الفتاة الجانبية حتى خارت قواها بسبب الم**ر بالقماشة لتفقد وعيها ويسقط رأسها للخلف على ص*ر علي. ف*نهد الآخر بانزعاجٍ وحملها بين ذراعيه متجهًا لغرفةٍ داخليةٍ بالمخزن يتحدث للفتاة القمحية: «جابت لي صداع منها لله، كنت عايز أخدرها من ساعة ما شوفتها، المهم تعالي اخلعي هدومها يلا!» تن*دت الفتاة بانزعاجٍ من أوامراه المُضطرة لتنفيذها وتبعته للغرفة تغلق الباب خلفها، فوضع هو أمينة على سريرٍ وحيدٍ بالغرفة، ثم استدار ينظر للفتاة آمرًا بجديةٍ: «اخلعي هدومها بسرعة وصوريها صورتين حلوين وسيبيها زي ما هي ويلا نمشي من هنا نصرف الشيك قبل ما تفوق وتق*فنا!» أومأت له الفتاة وتأففت تسأله قبل أن يخرج من الغرفة: «طب ما تيجي أنت تصورها!» «أنتِ عارفة إني مش هاقرب من بنت من بعد مراتي، أنا أنصب عليهم وأخدعهم لكن مش هالمس بنت في الحرام.» أجابها وأظلمت عيناه بلمعةٍ غريبةٍ حينما تذكر زوجته، فقهقت هي ساخرةً واقتربت من أمينة قائلةً: «جسمي قشعر من التربية والاحترام.» لم يجِبها وخرج مغلقًا الباب خلفه حتى تباشر هي بعملها. فخرجت له بعد عشر دقائق تعطيه الهاتف قائلةً وهي تحمل حقيبةً جلديةً وترحل من الباب الخلفي للمخزن: «موبايلك أهو وفيه الصور، أنا هامشي وابقى ابعت لي الفلوس مع (ميدو)!» أومأ لها ونهض يبحث عن حقيبة أمينة، فتحها يلتقط هاتفها المحمول منها، ثم فتحه يبحث عن رقم وليد، حتى وجده مُسجلًا بهاتفها باسم (عرة الهنود). فابتسم بجانبيةٍ ينقل الرقم لهاتفه، ثم أرسل الصور التي التقطتها الفتاة لأمينة ع***ةً لوليد مُرفقةً برسالةٍ نصيةٍ محتواها: «كانت أحلى ليلة قضيتها في حياتي، المدام حلوة أوي يا بختك بيها.» ابتسم بجانبيةٍ يُخرِج شريحة الرقم من هاتفه، ثم ألقاها على الطاولة بجانب حقيبة أمينة وخرج خلف الفتاة من الباب الخلفي للمخزن. وبمرور ساعةٍ شعرت أمينة بمن يض*ب وجنتها بقوةٍ، ففتحت عينيها بصعوبةٍ لتجد وليد أمامها ينظر لها بسخطٍ، بدت ملامحه متجهمةً بما وترها لتحاول النهوض. ولكنها ما إن رفعت جسدها عن السرير حتى سقط غطاء السرير عن جسدها العاري، فصرّ وليد على أسنانه يلقي بالغطاء على جسدها صارخًا بانفعالٍ: «إيه اللي عملتيه فيا دا؟ خيانة يا أمينة؟ خيانة؟» نظرت له الأخرى بخوفٍ وترقرقت الدموع بعينيها حينما بدأت تفهم ما يحدث، فشدت الغطاء على جسدها ترمقه بخوفٍ متسائلةً: «خخـ..خيانة إيه؟ أأ..أنا فين؟» وكانت إجابته لها أن ألقى ورقةً حمراء اللون على وجهها، فالتقطت الورقة تننظر لما بها قارئةً ما بها بعينيها: «ربنا قال في كتابه: 'إن كيدهن عظيم'. ولإن كيدكن عظيم قررت آخد حقي وحق كل الرجالة منكم. ومب**ك يا مدام أمينة كنتِ تالت واحدة في لعبتي. كنت بأراقبك من فترة، عرفت إنك تافهة وبتشكّي في جوزك مع إنه مش بي**نك أصلًا، علشان تفاهتك اخترت اسم علي ربيع ليا المرة دي. سبحان الله قدرت أخدعك في نص ساعة، دا رقم قياسي رهيب مستحيل يتكرر مع أي ضحية بعدك. شكرًا على الـ٩٠ ألف جنيه وساعتك الدهب اللي أخدتها من إيدك بعد ما قضينا وقت حلو مع بعض، يا بخت جوزك بيكِ والله، يا بخته بجسمك وجمالك بجد. بس مش عيب وصدمة تخوني ابن وزير الداخلية معايا؟ كانت فرصة سعيدة يا مدام أمينة والله وابقي سلمي لي على جوزك وبنتك، وجهاز المراقبة دا مش حقيقي، ابقي بيعيه لسوق الخردوات بقى. التوقيع: A.E» انتهت من القراءة تتساقط الدموع من عينيها لترفع رأسها تنظر لزوجها متجهم الملامح بغضبٍ لم تتوقع أن تراه منه أبدًا، فشهقت ببكاءٍ تتمتم بتقطعٍ من بين شهقاتها متمسكةً بغطاء السرير أكثر: «وو..والله ممـ..ما خونتك أ..» «اخرسي خالص مش عايز أسمع صوتك، لولا ما كلمت السواق وعرفت مكانك بعد ما شوفت الصور الزبالة دي كنت جيت لاقيت أوسخ من كدا، في داهية الفلوس اللي أخدها، لكن دا شرفي، هرب وأخد شرفي معاه، الظاهر إنك هاتفضلي قليلة الشرف طول عمرك من أول باسم لحد الزبالة دا!» انفجر صارخًا بانفعالٍ حتى برزت العروق بجبينه وتشنج فكه مما جعلها تنكمش أكثر ناظرةً له بصدمةٍ، أنستها كلماته السامة ما حدث لها، أيعيد إهانتها بما حدث لها من ا****بٍ بغير إرادتها سابقًا؟ خيانة؟ أية خيانةٍ وهي لا تتذكر سوى عينيه الخضراوين وابتسامته الساحرة وصوته المميز؟ إن كان يريد خداعها وسرقة مالها، فلمَ فعل هذا بها؟ ليست خائنةً ومتأكدةٌ أن المدعو علي لم يلمسها حتى وإن كانت بغير وعيها، ولكن هل سيصدق وليد ذلك بغضبه هذا؟ -انتهت قصة أمينة والهندي-
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD