وتابعت قائلة كانها تريد ان تعطيها قوة : يقول الجبار العليم ان به تحيا العظام وان كانت رميم وانه لا ريب يا جميلة قادر ان يعيدك للطفل القديم وقد ينفخ فى روحك نورا وهو بظلامك والامك عليم وقد يفتح فى قلبك بابا لمعنى الجبرالعظيم وهذا انتظارى لك من ربى لانى دوما ما اظن فى ربى الخير
سماح فى محاولة منها لتغيير هذا الجو : ما هذه الزهور يا شمواه
شما وهى تقرص على اذنيها : هذه زهور ارتبها لاحدى الحفلات
سماح وهى تتعمق النظر وكانها تفكر فى تغيير شىء ثم ابتسمت وقالت : اتركى لى هذا التنسيق فانا خبرة فى الزهور فابى دوما ما كان يعمل فى مزارع جمع الزهور لا*****ص الزيوت والعطور منها ولى خبرة فى هذا
.........
فى فيلا يوسف
ظل يوسف يلعب ويلهو مع الاطفال واى شخص يريد ان يرى شخص يوسف الحقيقى يراه وهو يتعامل ببرائته مع هؤلاء الطفلين فهما يأخذانه الى عالم اخر عالم يتعامل فيه بشخصيته الاصلية التى لم يتعامل بها الا مع واحدة فقط فى حياته
هنا دخلت عليهم مها بنفس ملابس نومها وقالت بابتسامة : والله انكما لمحظوظان فانى لم ارى ابتسامة ابيكما الا وانتم بحضرته
ركضت نحوها ياسمين وقالت بطفولية : انا ابتسم لكى يا امى
ضحك عليها يوسف وركض خلفها وقال : لا تبتسمين الا لى والا اكلتك اكلا
ركضت ياسمين مبتعدة عن امها وهى تصرخ من الضحكات وخلفهما مالك توامها
.......
كان حمزة وفريدة معا فى حديقة الفيلا يتهامسان
حمزة : لا تقلقى يا فريدة سافاتحه الليلة فى تقديم موعد زواجنا
فريدة وهى تقترب بدلال واغراء لحمزة : اخاف ان ينكشف امرى يا حمزة واخى كما تعرف ان قال كن فيكون كانت تهمس اليه وهى تقترب منه حتى لم يعد حمزة قادرا على مقاومتها فقبلها ثم انتبها مفزوعين على صوت ضحكات الصغيرين فعرفا ان يوسف حتما خلفهما فابتعدا وكان شيئاً لم يكن
اتى يوسف بينما كانت فريدة تهندم من حالها فى توتر
يوسف : ماذا بك يا فريدة ؟
حمزة بسرعة حتى لا يلاحظها يوسف : ما رايك يا يوسف ان قدمنا موعد زفافنا ؟
يوسف بلا مبالاه : وما السبب فى العجلة ؟
حمزة : وما السبب فى التاجيل ايضا ؟
يوسف وهو يفكر للحظات : اجعلوها اخر الشهر المقبل
حمزة ولما لا يكون اوله؟
يوسف بحدة وهو قاضب الحاجبين : هل سمعت قبل هذا انى اكرر كلمة قلتها ؟
فريدة بخوف : حسنا يا يوسف نجعلها اخر الشهر المقبل
مرت لحظات **ت استاذنت بعدها فريدة وعادت لغرفتها تبعها الطفلين يركضان نحو امهما بينما بقى حمزة معه
حمزة : هل نامت امى ؟
يوسف : نعم لقد نامت لتوها
حمزة : لا اصدق حتى الان انك الوحيد التى تقبل ان يغسلها وترفضنى انا
يوسف : لانك عندما تغسلها تشعرها انها ثقيلة عليك وبالتالى تذكرها بشيخوختها وعجزها ولا تعاملها بلطف وحب
اما انا فلا اشعر باى شىء سوى انها مثل امى حقا وصدقا فهى الوحيدة التى اشم فى عطر انفاسها عطر امى وحنانها ولم انسى ابدا انها الوحيدة التى عاملتنى برفق بعدها
صدقنى يا حمزة لم اشعر انى بنى ادم له حقوق الا عندما اتيت الى بيتكم ولم اشعر يوما ان والدك هو مجرد عمى وانما لم اشعر فى الحقيقة الا كونه ابى
حمزة : اتعرف يا يوسف انا نفسى اتعجب عن سر التآلف بين امى وابى على الرغم من كبر سن امى عن ابى
يوسف : الحب والتفاهم لا يشترط لهم سن ولا ج*سية ولا تعليم والعلاقات الناجحة لا تاتى ابدا بالحب وحده بل هى مجموعة عوامل متكاملة
حمزة وهو يبتسم له بجانب فمه ويقول : عجبا لك من يراك وانت تتحدث عن الحب لا يعرفك ولا يقول ان هذا هو يوسف الجبار
يوسف وقد تباطأ عن السيرنحو الحديقة وكانما يفكر فى شىء
حمزة : اعلم بالتاكيد انت تفكر فيها اليس كذلك ؟
يوسف : والله العجب لك انت فكيف تسالنى سؤال كهذا وانت تعلم انى زوج اختك ؟
حمزة : لا انا اتكلم بحيادية فانا اعلم ان الحب ياتى رغما عنا فالحب شىء وربما الزواج شىء اخر ثم انى الان اتكلم بروح وصوت اخو يوسف وابن عمه وكاتم اسراره وليس بصوت حمزة ش*يق زوجته
يوسف : اعلم انك اجبرت على الزواج من فريدة
حمزة : مثلما اعلم انا انك ايضا اجبرت على الزواج من مها
اخذ يوسف نفس عميق ولم يتحدث بينما اكمل حمزة : خطا ابى انه اعتقد ان اى انثى اكبر من زوجها فهى حتما ستحتويه وتجعله عاشقا لها مثلما كان الحال بينه وبين امى خاصة عندما خاض تجربته الفاشلة مع زوجته الاولى
يوسف : عمى تزوج من زوجته الاولى وكان لها عاشقا ولكن الحب لم يستطع ان يفعل المعجزات بينهما حتى انه فشل فى ابقاء الزواج بينهما وكاد ان يطلقها الا ان والدتك كان لها اثر فى المحافظة على هذا البيت الاول وعلى الرغم ان عمى كان كان لا يعتبره زواجه من والدتك زواج بالمعنى العام بقدر ما كان يعتبر انه مجرد اتيان انثى لتلد من يرثه او انثى تقوم بحاجياته اليومية من غسل وطعام وخلافه او كرد اعتبار لانسانة ربما ظلمها فى البداية فحاول تعويضها ولهذا فلم يهتم بسن او جمال او مال ولكن كانت المفاجاة اذ ان والدتك استطاعت ان تجعله عاشقا لها وجعلته يرى الحياة بمنظور اخر حتى اتيت انت لتزيد فرحته
ولهذا اعتقد عمى انه كلما كبرت المراة نضج عقلها واستطاعت ان تحتوى زوجها وتبنى بيتا سعيدا فارغمك بناءً عليه على الزواج من فريدة اختى
حمزة : من هذا المنطلق اتحدث معك باريحية لانى اعرف انك مثلى وان بقلبك حب قديم ودفين
هنا يوسف قد عاد فى غمضة عين لملامح وجهه القاسى وبدا يفرد اكتافه ويستعيد شخصية ال*قرب
حمزة وقد انزعج حقا : مهلا يا يوسف فلما تحولت هكذا انا فقط اتحدث معك وكانى افهمك وبصدق فلما تحولت هكذا اولا اكذبك خبرا ؟
فى الحقيقة بدت ملامحك الهادئة منذ لحظات هى الملامح الغريبة عليك وان ملامحك الحقيقية هى التى اراها الان
يوسف وقد بدا يتذكر الماضى لانه حقا قد تبدلت ملامحه للقسوة منذ ان فارقها وابتسامته تلك جعلت ملامحه الهادئة تعود مرة اخرى فى لحظات وكانه حقا شخص يتحول بين اللحظة واخرى وهذا ما ساعد حمزة ان يعيد كلماته وهذه المرة ابتسم يوسف وقال : لم اعرف ان كنت احبها ام انى ادمنتها ولكن الشىء الوحيد الذى تاكدت منه انى منذ ان تركتها وانا اعيش بشخصية غير شخصيتى فهى الوحيدة التى تركت معها نسختى الاصلية
واثناء ما كان يتحدث كان قد اقترب من شجرة الياسمين فوجد غصن منها شارف ان ينفصل عن الساق لذبوله ففزع وانهال على حمزة بالتعنيف وكانه تحول للمرة الثانية لملامح ال*قرب
حمزة بتعجب : مهلا يا يوسف فهى كأى شجرة تنضج يوما وتطرح زهورها يوما وايضا معرضة ان تموت فى يوم ثالث فما سبب كل تلك العصبية ؟
يوسف وهو ينزع الغصن برفق : الا هذه الشجرة يا حمزة الا هذه فلما اهملتها وانت تعرف قدرها عندى ؟
حمزة : ليس هناك اهمال ولكنه عمر الغصن يا يوسف
اخذ نفس عميق بضيق وقال : لقد زرعتها بغصن وبذرة اخذتهم من شجرتها وعاهدتها ان ارعاه
حمزة : من هى ؟
كاد يوسف ان ينطق اسمها ولكنه قال : لا احب ان ينطق اسمها او يردد على ل**ن احداً غيرى
حمزة : هراء هذا ام استخفاف بعقلى ؟ فهل يعقل انها لم تنادى من احد ؟
يوسف : بالطبع لا فبالتاكيد تنادى فى اليوم الواحد الاف المرات ولكنى اغار ان ينطق اسمها من احد وانا لست بجوارها او بمعنى ادق ربما نطق اسمها يشعرنى بالحسرة على ضياعها منى
حمزة : لما ضاعت منك مادمت كنت تحبها ومن كلامك قد فهمت انها ايضا كانت تحبك ؟
يوسف وهو ينظر لغصن الياسمين الذى بين يديه : كنت اسميها الياسمينة لانها كانت تحب الياسمين وانا مثلها
ثم نظر الى حمزة وبدا يسرد عليه قصته وكانما وجد التلذذ فى ذكرها ولكنه قبل ان يتحدث اخذ يهمس الى نفسه الا ان شروده جعله لا يشعر ان همهمته كانت تعلو وتهبط فكان حمزة يسمع بعض عباراته تارة وتاره اخرى لا يفهم اى حرف الا ان تنبه ان ما يشعر به يوسف اكبر من ان يستطع هو نفسه ان يصفه
هى ملاكى
هى ملاك فى ثوب انثى يهيم بها اى انسان تعشق من نظرة واحدة حتى لو كان قلبك اقوى الصلبان وان وصفتها فلا يكفينى فى وصفها قرونا وقرونا من الزمان
الان المح وجهها فى عينى كما كنت اراه دوما كقرص الشمس فان غابت ساد على الدنيا الظلام او مثل البدر فى ليلة يتلألأ فيها فيضىء الكون حباً وحناناً
عاد الى حمزة يكلمه بجدية بصووت مسموع قائلاً : كان ابى الذى هو عمك رجل قاسى القلب بل متحجره فكانت حياتنا جحيم كلها قسوة وض*ب لا نعرف للين والرفق اى طريق ولا نعرف للهدوء معنى فان وطأت اقدام ابى ارض البيت علا الصياح وان خرج منه علا البكاء والنحيب
كنت لا ارتاح الا وانا معها فهى الوحيدة التى كنت لا اخجل من كشف ضعفى امامها والغريب انها كانت على الع** منى تماما وربما اتت الحكمة فى قوة ارتباطى بها لانها كانت تكملنى
هنا **ت للحظات وعاد يقول كانه ينصح حمزة : تعرف يا حمزة ان اردت ان تحب فاختار من تشبهك وكانك ترى نفسك امام مراة وفى ذات الوقت اختار من تتنافر معك
قضب حمزة حاجبيه وقال ما هذا التناقد فى التعبير ؟ كيف انجذب لانسانة تتنافر معى ؟ ومعنى التنافر انها ع**ى فى اى شىء فاين يكمن الحب هنا ؟
يوسف : لا تفهم الكلمات بسطحية فمثلا القاعدة العلمية تقول ان كل متشابهان متنافران وكل متضادان متجاذبان والمعنى ليس التضاد فى اصل الشىء بل فى احد طرفيه بمعنى اختار من تشبهك فى طباعك واخلاقك ومستواك المادى والدينى حتى ان جلست معها تشعر ان ملامحها لا تتركك الا وبهتت عليك والع** بالع** صحيح وفى المقابل اختارها تتنافر معك فى بعض الاشياء لتكملك اى ان كنت عصبى فتكتسب منها الهدوء وتقوى العلاقة فتحتويك اما ان تشابهت معك فى كل شىء فاين التكامل اذاً ؟ واصعب علاقة وافشلها هو تعامل الانسان مع اخر يعامله بنفس اسلوبه
هنا جحظت عينا حمزة مما جعل يوسف يتوقف عن الحديث
حمزة : لا اصدق ان الواقف امامى هذا والذى يتحدث عن الحب هو نفسه ال*قرب التى تريده اسرائيل حيا او ميتا
يوسف : لهذه الصفة ابتعدت عنها
قطع حديثهما رنين هاتف حمزة الا ان الصدمة لم تكن فى قطع حديثهما ولكن فى نغمة رنين هاتف حمزة وانتظر حتى ينهى مكالمته ثم ساله : من اين اتيت بتلك النغمة الخاصة بالة الهارب ؟
حمزة وهل تعرفها ؟
يوسف : بل انا لم اعرق غيرها
حمزة بعدم فهم : فى الحقيقة انا لم اعرف عنها اى شىء سوى انها من الات الفراعنة وانها كبيرة الحجم
رد عليه يوسف : ومن يعزفها من الفتايات لا يتعدين التسعة
كاد ان يكمل كلامه فقد ذكرته النغمة بعزف شما الا انه سمع يونس اخيه يقف من شرفة غرفته وهو يرتعد الاوصال وجسده كما لو كان م**را ويداه ترتجف بقوة وساقيه تتخبط ببعضها حتى ان ل**به قد سال من فمه دون القدرة على السيطرة على نفسه واخذ يبكى ويسترضى يوسف ان يرضى عنه ويعطيه ولو كأسا صغيرا من الخمر حتى يسترد شيئاً من قوته ليستطيع على الاقل ان ينام
يوسف وقد عاد لوجه ال*قرب واختفى من امام حمزة فى لمح البصر وركض نحو اخيه
تنبه حمزة لعدم وجود يوسف فتوقع القادم فركض هو الاخر بسرعة نحو غرفة يونس
............
اوقفت شما سيارتها وكانت سماح بجوارها فنزلت وقالت : غدا سياتى زوج السيدة نهى وانا خائفة منه فقد سمعت عنه انه دائم الغضب والعصبية فقلت فى نفسى ان لم اكن اتحمل زوجته تلك الانسانة الكئيبة فكيف ساتحمل هذا البغيض ؟
شما وقد ضحكت عليها : لا عليك به ولا بزوجته بل اقضى اعمالك فى **ت فلهما حياتهما ولك حياتك عيشيها كما تحبين
سماح : اشعر احيانا ان زوجته تتعمد مضايقتى واعود اقول انها تتعمد ايضا مضايقة ام زوجها واخته وتفتعل كل يوم المشاكل معهما فهل ستتركنى انا ؟
ضحكت كلتاهما ثم ضمتها شما كعادتها ثم اختفت سماح لداخل الفيلا ورحلت شما لعملها
.........
وقفت سماح تنظف غرفة سيدتها ثم سمعت صوت سيدة عجوز تنادى عليها فركضت بسرعة نحوها
طرقة باب غرفتها فسمحت لها السيدة بالدخول
السيدة كانت فى ال*قد السادس من عمرها الا انها كانت وقورة فى ملابسها والوانها حتى فى غرفتها فقد حرصت ان تختار الوان هادئة سواء فى دهانات الحوائط او فى الاثاث
كانت السيدة تجلس على مقعد وتضع ساقاً فوق الاخرى وبيدها كتاب تقرا فيه فرفعت عينيها من فوق كتابها ورفعت نظارتها الطبيه لاعلى مقدمة راسها ثم ابتسمت ابتسامة صافية وقالت بصوت يحمل الرفق : تعالى يا سماح اجلسى هنا ساتحدث معك قليلا