اتخذتك ماءا ولم ادرك ...
ان الماء قد يسقي .. وقد يروي .. وقد يغرق
فأيهم انت ؟!......احمد شوقي
•¤•¤•¤•
عندما فرغت فريدة من قولها كل ما قالت ، كنت تتجنب النظر لادهم ، انفاسها تتهدج وقلبها يسارع بعنف داخل ص*رها .. تنتظر منه بلهفة ان يخبرها بأي شئ يشبه ما قالته ، اي اشارة تستشف منها اعتراف صريح بحبه لها ، بأنه يبادلها نفس الشعور .. وعندما يأست من رده عليها ألتفتت لتحدق به .
اصابتها خيبة امل مما رأته ، فقط قابلت الصقيع وملامحه الباردة التي تحجبه عنها وتمنعها من رؤية اي شئ قد يكشف لها عن حقيقة مشاعرة الان .. ولكن بعد بثانية تبدلت تلك الملامح ولانت ما ان طفى علي سطحها بريق لامع ! .. عينه التي كانت تلمع لأول مرة اخبرتها بان ما قالته الان بشكلا ما اثر به ، وبشده ! .. اخبرها بمدي عاطفته نحوها واحتياجه لها !
طال تحديقهما ببعضهما البعض ، واثناء ذلك كانت يديه التي اصبحت تحتل خصرها تعتصره عصرا الان .. تعتصره لدرجة متألمة جعلتها تص*ر انين خفيض هرب من فمها .. وما ان سمع منها ذلك حتي اطبق شفتيه علي شفتيها بقوة ، وبلهفة ، بغضب ، وبقسوة لم تجد لها سبب .. كان لسانه اللحوح يضغط علي اسنانها ليجبرها علي فتح فمها .. لم تجد بدا من الاستسلام له .. استغرق منهما الامر دقيقتان كاملتان استمتع فيهم طاقم المضيفات بذلك العرض الحميمي .. وكم تمنوا تجربة الامر ولو لثانية واحدة !
ابتعد عنها وانفاسه تلفح وجهها بقوة ثم قال بنبرة قاسية متملكه بعيدة كل البعد عن تلك اللحظة الرومانسية : انتي جميلة وبريئة جدا فريدة علي ان تحبي شخصا مثلي .. اعرف ذلك جيدا ولكن لا اهتم .. لانني شخصا اناني لن اتركك ابدا .. هل تسمعيني فريدة ؟؟ انا ابدا لن اسمح لكي بالرحيل حتي اذا كانت تلك رغبتك .. سبق ان اخبرتك بان اكثر ما جذبني اليك هي تلك الهالة التي تحيطك ، والشفافية التي اراها بكي رغم كل محاولاتك الفاشلة في اخفاؤها .. عندما انظر لكي اشعر وكأنني لا انظر الي عينك ، بل انظر الي روحك فريدة .. لذلك منذ ذلك الحين وقد وشمتي بأسمى .. انتي ملكي فريدة ، لي للابد .
حينما ألقي عليها كلماته الآسرة لم تكن تدرك كم كان بعينها بالحرف، وكم كان علي استعداد لفعل اي شئ مقابل ان يضمن حدوث ذلك .. لم تهتم ، فقط لم تهتم بشيء ، سوى ان تلك الكلمات هي كل ما كانت تنتظره ، لتصبر به قلبها الذي يتلهف لسماع كلمات عشقا منه .. لذلك بتلك اللحظة اتخذت من تلك الكلمات ، عهودا عاشقة ، وليست اشكالا للتملك كما اعتادت ان تشعر عن سماعها .. انه يحبها ، وهذا هو الشئ الهام بالامر.
استراحت في جلوسها علي قدميها اكثر حتي بدأت تشعر بانتصابه اسفلها .. توتر جسدها ثم ابتسمت وهي تحرك جسدها بمكر عليه ، فص*ر تأوه خافت منه بدا لها كالانتصار .. عدل من جسدها لتواجهه من جديد ثم نظر لها بعينا قاتمة مغرقة بالرغبة .. همس وهو يحرر شفتيها من بين اسنانها التي كانت تقضمها : انتي تلعبين لعبة خطره صغيرتي !!
تن*دت بحرارة وهي تغلق عينها باغراء ثم باعدت ساقيها وتلمست بجرأة لاول مرة عضوه ، الذي اصبح واضح انتصابه اسفل سرواله .. ثم تمتمت وهي تمسده ببطئ مميت : يبدو ان احدهم بحاجة الي مساعدة ما !
قبض علي يدها بقوة يضغطها اكثر الي جسده الذكوري ، وامتدت يده الي شعرها تتخلله ، وتدفع برأسها الي الامام تجاه رأسه : انا احذرك .. ذلك لن ينتهي ابدا بخير .. ماذا تفعلين ؟؟ .. هاه .. ماذا تفعلين؟؟ .. بربك لقد طلبتي مني الابتعاد ؟! .. ستكونين موتي يا امرأة !!
نظرت له بحيرة وهي لا تعرف ماذا عساها ان تفعل ، فبتلك اللحظة تشعر بالرغبة تنتقل من جسده الي جسدها كشراره كهرباء .. نعم ، هي اخبرته بذلك ، وهي بالفعل تحتاج الي ذلك .. ولكن يبدو ان جسدها يحتاج الي شيئا اخر !
حاولت سحب يدها من قبضة يده وهي تواري عينها عنه بحرج .. بل ووضعت احدي قدميها ارضا عازمة علي النهوض عنه .. ولكنه ثبت خصرها بشده وهو ينظر بحزم بعينيها .. تمتمت بصوتا لاهث : انا اسفة .. لم يكن يجب....
قال : هششش ليس هناك ما يدعو للاسف .. لا تقلقي انا عند وعدي لكي .. لن اقترب منك .
هزت رأسها بعدم اقتناع وهي تقول بصوتا خفيض : هذا ليس عدلا .. انا لا ارغب بتعذيبك
ضحك عاليا وتبا كم عشقت ضحكته؟! .. فقط افكاره المنحرفة انساقت لتصور فريدة تقوم بتعذيبه فعليا كالمسيطرات .. تن*د مرة اخري باستمتاع وهو يقربها منه اكثر : لا تقلقي بهذا الشأن .. انا اعرف كيف اسيطر علي نفسي جيدا .. من فضلك استرخي كما كنتي منذ قليل ، فاكثر المشاهد قربا الي قلبي هي رؤيتك مسترخية بين ذراعي .
اشتعلت وجنتيها خجلا اثر كلماته الساحرة ، الناعمة كريشة رقيقة تلامس وجنتها برقة .. تبا لذلك الاثر الآسر ! .. كم تشعر بكونها امرأة تمتلك من الانوثة الطاغية ، ما لم ولن تمتلكه غيرها من النساء .. فقط بكلماته !!
دست وجهها بعنقه بحركة طفولية جعلت ضحكاته تزداد ، وهو يربت علي شعرها في محاولة للتخفيف من خجلها الزائد والرأفة بها : بالرغم من انني قد اموت شغفا لرؤية خجلك هذا ، الا اني اريدك ان تعلمي انكي زوجتي فريدة .. لذا لا مكان للخجل بيننا !
بعد قليل تكلمت بهمس وهي مازالت علي وضعها : شكرا من اجل بيري.
قابلها صمتا مطبق وحينما ارادت ان ترفع رأسها لتقابله ، ضمها اكثر ثم قبل رأسها بعمق .. هي لا تعلم انه يريد الاعتذار لها وشكرها .. يريد التخلص من تلك الصور التي لا تنفك وتبتعد عن ذهنه .. صور للكدمات المنتشرة بجسدها ، كدمات لعينة خلفتها يداه .. انفاسه تضيق كلما تذكر انه من تسبب لها بذلك ، يشعر وكأنه علي وشك الانفجار ، فقط ما يخفف عنه ذلك الشعور هو وجودها بالقرب من ذلك الوخز الذي يضرب ص*ره .. يريد ان تبقي بمكانها هذا للابد .. لو تدري فقط كم انها تحمل المفعول المسكن لكل آلامه؟! .. حاوطهما الصمت من جديد ولكنه صمت لذيذ .. صمتا له مذاقا اخر .. صمت مريح وهادئ ، وكأنما قد غمرهما الاحساس بالتخمة من فرط مشاعرهم.
تكلم بصوتا منخفض هادئ وهو يستمتع بالاسترخاء المغري بينهما : افضل الموسيقي الفرنسية الكلاسيكية .. لكني اسمع مقتطفات لبعض الانواع الأخرى وبلغات عديدة .
قضبت حاجبيها وهي تعتدل وتنظر له في تساؤل حتي استكمل : هذا اجابتي علي سؤالك منذ قليل .
ابتسمت ابتسامة صغيرة فكانت قد نسيت تماما انها قد سألته شيئا كهذا .. ثم ما لبثت ان عاودت تسأله : كمل لغة تتقنها ؟
تن*د وهو يجيبها : اممم دعينا نري .. الفرنسية والايطالية ، وهناك الروسية وبعضا من الاسبانية .. وبالطبع الالمانية التي اعتبرها لغتي الام والانجليزية.
اكملت تساؤلها وهي تتذكر امر الوشم الذي يحتل ذراعه الايسر : واللغة اللاتينية ؟؟
ضيق عينه وهو يتأملها بغموض قليلا قبل ان يجيب : وقليلا من اللاتينية .
امسكت ذراعه الايسر وهي تقول بسلاسة علها تخرج نبرتها ، وديعة بدرجة كافية حتي يجيبها هذه المرة : هذا يفسر لما كتبت ذلك الوشم باللاتينية ؟؟
تن*د مره اخري وهو يزم شفتيه كمن يمنع نفسه عن التفوه بكلام غير لائق او ربما سرا ما ؟! .. رد عليها بعد لحظات كانت تنظر له بتلهف لما سيقوله : انها ليس اللاتينية .. انها النوردية !!
عقد ما بين حاجبيها باستنكار وقبل ان تتساءل ، اجاب تساؤلها وهو يخبر نفسه انه لا مشكلة بإخبرها بهذا السر الصغير : حسنا فريدة ، الامر معقد قليلا .. انظري ، هذا الوشم له قصة طويلة ومتشعبة اذا كنتي تريدين سماعها ؟
لم يكن هناك مجال للرفض ، فعينيها كانتا تشعان بالفضول لأي شئ قد يتعلق بأدهم .. لذلك اومأت له بسرعة ، فبدأ يسرد بجدية : سنبدأ بأمر اللغة .. الفايكنج -وهم السكان الاصليين للبلدان الاسكندنافية- كان يتحدثون لغة تسمي النوردية ، وهي لغة جرمانية كانت تستخدم فالكتابة قديما قبل اعتماد اللغة اللاتينية ، ترجع للفترة بين القرن الثالث الميلادي الي القرن الحادي عشر .. والتي (اللاتينية) تفرعت عنها فيما بعد ، ومن بعدها الايسلاندية وهي اللغة الرسمية في ايسلاندا الان .. والاسكندنافية اصبحت فيما بعد ممالك الدنمارك والسويد والنرويج وكانوا بالأصل وثنيون .. هذه اللغة -النوردية- لها اسطورة كبيرة وراء ابتكارها، اشتهر بها الفايكنيج لوقتنا هذا .. يقال ان كبير قبائل الفايكنج والسا**ون هو من اخترع الابجدية الرونية والكتابة .. وهذا الرجل كان يدعي "اودين" وهو كبير ألهتهم .. الاسطورة تقول انه شرب من ينبوع يسمي "ميمر" مما جعله في غاية الحكمة ، حيث اشتري بإحدى عينيه جرعة من ينبوع الحكمة .. وقبل ان تنتهي حياته علي ظهر الارض جمع القبائل ، وجرح نفسه في تسعة اماكن من جسده ، فمات ورجع اسجار ليعيش فيها ألها .
اما عن تلك اللغة السحرية كما كان يدعوها الاسكندنافيون .. فكلمة رون تعني السر ؛ اذ ربط افراد قبائل الفايكنج تلك الحروف بالأسرار المجهولة ، لأنها لم تكن مفهومة الا للقلة وقليل منهم من تعلمها .. كان يستخدمونها فالكتابة السرية وتدوين معارفهم وعلومهم .. وايضا استخدمها الكهنة الوثنيون منهم فالسحر والشعوذة .. تتكون بالاصل من 24 حرف تم اختصارهم فيما بعد ل 16 حرف ، لكل حرفا منهم يحمل معني وقوي سحرية معينه يمكنها التدمير او الحماية .. كانوا ينظمون قصائد من الشعر بترتيب معين من تلك الاحرف ، بحيث اذا وضعت جنبا الي جنب ، او تكررت بشكلا ما ، اصبحت تعويذ او لعنة فتاكة .. تلك هي اللغة المكتوب بها ذلك الوشم .
قالت مأخوذه بالقصة : وماذا عن الوشم ؟؟
نظر امامه لثواني ولم ينظر لها ثم بهدوء جعلها تنزل عن قدميه .. ثم شرع في خلع سترة ومن بعدها بدأ يخلع قميصه الابيض ببطئ ، وهو يطالع عينيها المتعلقة بما يفعله بجمود ، وكأنه يؤدي مهمه مرغم عليها .. حتي انتهي وهو يترك القميص جانبا وقد اتضح الوشم جليا علي ساعده الايسر .
انتظر للثواني يستمتع بنظرات الترقب بعينيها ثم اكمل بنبرة جامدة غير مبالية : الوشم ما هو الا بيت شعر من احد قصائد الفايكنج !
● ● ●
للحظات تجمدت ذرات الهواء من حولهما ، لا يسمع خلالها غير صوت انفاسها المحتبسة بقوة بعد ما سمعته .. مستشار كابو ؟؟!!! .. مافيا ؟؟!! .. عادل ؟؟!!!
عادل يعمل بالمافيا ؟؟!!!
تلك العبارة اضيئة بقوة بارقة في ذهنها .. مضت ثواني استطاع ان يشعر خلالها كيف تخشب جسدها بين يديه ، وكيف دب الصقيع به .. تحدث بعد ان يأس من ان تفعل : قولي اي شئ ليليان !
الحقيقة انها لم تكن تفكر بشئ بذاته في هذا الوقت .. هي كانت تفكر بعده اشياء متفرقة ، هو جزئا منهم .. اشياء كأخيها .. "براين" !!
اخر شئ قد علمته عن براين بأنه كان يعمل مع اناس خطيرين .. اناس لا يعلم مص*رهم احد .. اناس قد حذرها منهم جميع بائعي الم**رات الذين قد تعاملت معهم علي مدار سنوات .. اناس يبدو كمافيا .. مافيا كاليفورنيا ؟؟!
تحمحمت وهي تجاهد لمعاودة التنفس من جديد .. الان انا مع مستشار كابو مافيا كاليفورنيا .. مافيا كاليفورنيا التي تقرحت قدماي بحثا عنهم ولم يدلني احدا اليها .. اما الان فانا بحضن رجل هام منهم .. كل ما استطاعت نطقه : هل تستطيع ان تأتي لي بأخي ؟؟
احتاج لدقيقة كاملة حتي يستطيع اجابتها .. تحدث بريبة : أي اخ تقصدين ليليان ؟؟
جاوبته باستنكار وقليل من الحده وكأنه يسألها عن شئ بديهي : بالطبع براين !!
همهم ثم عاود صمته من جديد قبل ان يضيف وشكه قد بدأ يتجلى واضحا : لقد ذكرتي من قبل انه قد مات !!
قالت بسرعة وغضب غير مبرر : لا ، لم يمت .. انه علي قيد الحياة ، انا اعلم ذلك جيدا .. لقد بحثت طويلا ولم اجد له اثر .. لم اجد له حتي جثمان لاقوم بدفنه .. ولن اصدق موته حتي اري جثمانه بعينه .
لم يجيبها .. في الحقيقة هو لا يملك اي اجابة .. لذا هي اكملت بذهنا شارد وقد اخذت نبرة صوتها في الهدوء : احيانا اشعر به ، بوجوده معي .. منذ مدة قد ذهبت الي شقته التي كنت امكث بها طول فترة غيابه .. سعدت كثيرا حينما وجدت مفتاحها مازال يعمل ، ولم يتم تغييره .. لقد تسللت خلسه ولم يشعر بي احد .. كانت سعادتي الاكبر عندما دخلتها واكتشفت انه لم يستأجرها احدا بعدنا .. يبدو ان شبح براين كان يؤرق مضجعهم !!
ضحكت ضحكه هستيرية انبأته انها ليست بوعيها وتهذى .. وكم آلمه ذلك!! .. طالما اراد ان يشاركها الاحاديث ولكن الان الامر مختلف تماما .. كان يعلم جيدا بأمر اخيها وامر حبها له ورحلة بحثها عنه .. ولكن ابدا لم يتطرق معها الي تلك النقطة .. دائما ما كانت تضع حاجزا منيعا بشأن اخيها او حياتها السابقة او والدتها .. بشأن حياتها الخاصة .. حتي عندما كان يقدم لها صنيعا او معروفا بشأن والدتها او اخيها الاصغر "جيمي" ، لم تكن تظهر اهتماما بالأمر ، ولم تكن تقدم اي نوع من الامتنان والشكر .. وكأن الامر واجبا عليه .. هذا تحديدا ما غذى شعور الغضب تجاهها ، خاصة وهي اشد من حريصة علي ان تظهر بمظهر الع***ة اللعوب عديمة المشاعر !! .. بحق الخالق كيف له ان يعلم مدي تألمها بشأن اخيها ، او بشأن اي لعنة قد حدثت لها بالماضي ؟؟!!
سمعها تتمتم من جديد بهمس ألهب قلبه : كان كل شئ كما تركته بمكانه .. فقط ذرات الغبار غطته ، تسألت حينها كيف حال صاحبها ، اذا كانت اشيائه اصبحت بهذا الاهمال لمجرد تركها بضع شهور ؟؟ .. اما هو فقد رحل عني منذ 6 سنوات و7 شهور و.... وكم يوما مضي الان؟؟ .. انا لا اعرف .. باي شهرا نحن الان عادل ؟؟
طالعها بالظلام وقد بدأت حالاتها تزداد سوءا .. عينيه تبرق بالظلام وشفتيها مزمومه بتشدد .. بات علي حافة البكاء ، وهو لم يبكي منذ زمن .. اجابها بصوتا مشروخ : تشرين الاول / اكتوبر .
تن*دت بقوة وارادت ان تكمل هذيانها ، الا انه قاطعها قائلا بصوتا حزين يتظاهر بالمرح : اتريدين سماع قصة ؟؟
اومأت له علي الفور بحماس طفولي .. فبدأ يقول : منذ زمن ليس ببعيد كان هناك طفل يدعي عادل .
● ● ●
Veit ek at ek hekk vindga meiði a
اِعْلَمِ انني مُعَلِّقَ عَلِيَّ شَجَرَةٍ فِي مَهَبِّ الرّيحِ
sialfr sialfom mer,
مُهْدَى مِنْ نَفْسِيِّ الِيِّ نَفْسِي
a þeim meiþi,er mangi veit, hvers hann af rótom renn.
عُلِيَ تِلْكَ الشَّجَرَةُ الَّتِي لَا يُعَرِّفُ انسان الِيَّ اين يَتَشَعَّبُ جُذُورُهَا
قال بعد ان اخبر فريدة بمعني البيت الشعري الموشوم علي ذراعه : "ما رأيك ؟؟ .. يبدو انه كلاما جميل مسالم ، ذو معني ، نحب سماعه .. لكن الحقيقة ان هذا بالظاهر فقط !! "
ردت عليه بتوجس : اتقصد انه ؟؟
اجابها بلامبالاه : نعم .. انه تعويذة سحرية مختبئة خلف هذا البيت ، قد كتبها لي احد الكهنة العتاي عندما كنت بزيارة لجزر فاو بالدنمارك .. انظري ، لقد تكررت بعض الاحرف والكلمات اكثر من مرة ، وبرتيب مختلف ، لثلاث مرات .. ومع هذا ، لم يشكل فارقا في معني البيت ، وكأنني قد وشمته لثلاث مرات .. هنا يكمن سحر تلك اللغة .. هذا هو سرها .
سألت وهي بالكاد تصدق ما تسمعه وتخشي الاجابة : وماذا تعني تلك التعويذة؟؟
تردد قليلا قبل ان يخبرها بتلك الكلمات : اول بيت استخدمت حروفه بغرض الحماية من جرح أليم بالماضي .. البيت الثاني كان من اجل ازدهار القوة ، والمال ، والسلطة .. الثالث استخدمت حروفه للحماية من التعرض بالمستقبل للضعف ، الخيانة ، الحب !!
جف حلقها وهي تنظر له وقد فرغت عيناها من اي معني للحياة .. ماذا يمكن ان تفهم من هذا ؟؟! .. حسنا ، بات الامر اكثر وضوحا الان ، هو لم ولن يحبها .. بالأساس ليس لديه اي نية لحب شخصا اخر .. فقط لو كان اخبرها بذلك لحظة اتفاقهم الاول !! .. هل يعني هذا انها قد تورطت بحب شخص من طرفا واحد ، وجاء بكل بساطه ليخبرها بذلك بعد ان اصبح صعب التراجع عنه ؟؟! .. الامر مختلف تماما عما كانت تعتقد .. لقد اعتقدت انه يحبها ولكن يجد صعوبة فالتعبير عن ذلك الحب .. ابدا لم تعتقد ما سمعته الان !!
شيئا يعتصر بعنف بين اضلعها .. انه مؤلم .. مؤلم لدرجة لم تتخيلها .. طوال مسيرتها المهنية قابلت اشخاص ممن قلبت حياتهم رأسا علي عقب ، بسبب الحب .. الحب من طرف واحد .. كانت تعرف ان الامر غاية فالألم ، ومع ذلك لم تكن تتصور مقداره .. هذا ببساطة لانها لم لتجربه بعد .. لم يكن لدي تصور ايضا عن كم هو اناني ادهم ؟!!
بعد لحظات لا تدري عددها ابتلعت ريقها وهي تعاود النظر له مرة اخري ، فوجدته قد جلس بالمقعد المقابل لها ويطالعها بجمود ، رسخ لديها كل ما استنتجته منذ قليل .. اغمضت عينها لثواني تستعيد هدوئها ثم قالت بندم وحسرة تدعي اللامبالاة تجاه ما سمعت : لم اكن اتصور ان شخصا مثلك يمكن ان يعتقد بتلك الامور !!
بالتحديد لهذا السبب لم يكن يريد اخبارها بالمعني الحقيقي للوشم .. بالبداية عندما سألته لم يجيبها ، فقط لانه اعتقد انه ليس بالامر الهام بالنسبة لها .. وليس من شأنها ان تعرف .. وايضا لم يريد الكذب عليها بشأن لا يستحق كهذا .. اما الان فتلك النظرة ، تبا لتلك النظرة التي تطالعه بها .. انها حقا تنحره من الداخل !!
لو فقط يستطيع اخبارها كم انه يعشها ؟! .. لو يستطيع اخبارها بان امر ذلك الوشم كان من ترهات الماضي لا يعني له شيئا الان؟؟ .. لو يستطيع اخبارها انه كان شديد الحرص علي عدم حدوث ذلك ولكن الحقيقة ان هذا الامر اللعين ليس بإرادته ؟؟ .. ومع ذلك يجد جبالا حائلة دون اخبارها تلك الحقيقة !!
تلبس قناع البرود ينافي به حرارة تلك الحرب الضارية داخله من اجل اخبارها بينما يجلس بجزعه العاري امامها : لم يكن الغرض منها ابدا الايمان بمفعولها .. ولكن الغرض هو تذكيري الدائم بأكبر مخاوفي !!
انهي حديثه وهو يلتقط قميصه ليرتديه من جديد .. ا****ة عليك ادهم !! .. حسنا ، ها هو من جديد يعبث بعقلها .. دلكت جبهتها بارهاق بالغ ثم قررت ان تتغاضي عن الامر وكأنها لم تسمع منه شئ منذ قليل : اذا لم تخبرني من قبل ان لد*ك عمل بمصر ؟؟
لا ينكر انه بالبداية لم يستطع ان يفهم غرضها من السؤال ، ومع ذلك اجابها : نعم ، هذه فرصة جيدة لأتابعه .. صمت لثواني يخمن خلالهم الام تريد الوصول بذلك السؤال ثم اكمل وهو يقول بحده استغربتها فريدة : هل تعلمين منذ متي لم ازور مصر لأتابع هذه الاعمال؟؟ .. منذ ثلاث سنوات فريدة .
رفعت حاجبها باستغراب : لم تزر عائلتك خلالها ؟!
اجابها بجمود ، ورفضا واضح اتجاه خوضها في تلك الاحاديث معه : لا .. اضاف بعدها : كنا نتقابل كل بضعه اشهر في احدي البلدان خلال جولات عمل او سياحة لوالدي او لي .. اما ريم فدائما ما اراها بعطلتها الدراسية بأمريكا او بألمانيا .. وبالمناسبة هي ستقطع دراستها وستأتي بعد يومان مصر للتعرف إليكي .
لم تفكر بذلك الامر من قبل، ولكن يجب ان يكون لديها فكرة ما قبل ان تقابلهم : اذا ماذا يجب ان تخبرني عن عائلتك ؟؟
تشنج فكيه وكأنه يحاول الاحتفاظ بقناع البرود لاطول مدة ممكنه : لا شئ اكثر مما اخبرتك به سابقا.
قرأت نفوره من هذا الحديث ولكن لا بأس ، فهي يجب ان تعرف : ولكن كل ما اخبرتني به كان قشور .
طالعها بعينيا قاسية ساخره : وماذا افعل اذا كانت تلك القشور هي كل حياتي ؟؟
تجاهلت الالم الذي استشعرته خلف نبرته القاسية ، ذلك لن يفيد ابدا : انا اريد التفاصيل ادهم !
تن*د بنفاذ صبر ثم قال بهدوء : حسنا ماذا تريدين ان تعرفين بالضبط؟؟
ردت علي الفور : كل شئ
استشعرت الالية التي يتحدث بها وكأنه في لقاء تلفزيوني مزعج : حسنا ، لقد اخبرتك سابقا ان والدتي قد توفت وانا بالسابعة لكن لم اخبرك عن السبب .. لقد كانت مريض سرطان وما عرفته فيما بعد انها كانت بمرحلة متأخرة منه .. بالبداية والدي اخبرني بانهما سيسافرنا برحلة وستستغرق عده ايام .. الايام اصبحت شهور ، يوميا كانت تهاتفني والدتي ومع الوقت اصبح ذلك كل عده ايام .. الي ان انقطعت مكالمتها لاكثر من شهر .. ومع ان والدي بذلك الوقت كان يهاتفني يوما ، كان يخبرني باكثر من كذبة كل يوم .. والدتك نائمة ، والدتك بالخارج ، والدتك مشغولة ، واخيرا والدتك مريضة .. وبعدها بالظبط باربعة ايام .. والدتك ماتت !! .. لم اكن قادر علي استيعاب تلك الكلمه حينها ولكن مريم حاولت تبسيط الامر لي .
كان يجب ان تدعي عدم معرفتها بالامر وكأنها تسمعه لاول مرة : مريم مديرة المنزل؟؟
استغرب سؤالها : الم اخبرك من قبل من هي مريم ؟؟
اجابت ببراءة مصطنعه : لا .. ثم اضافت بنفسها "ولا اريد ان اتذكر لماذا لم تفعل .. فقط لانك كنت مشغول بعقابي !!"
اكمل حديثه : حسنا .. مريم كانت مساعدة والدتي وصديقتها المقربة ورفضت التخلي عني بعد وفاة والدتي .. حتي بعد ان تركتها والتحقت بمدرسة داخلية .
سألته مرة اخري : مدرسة داخلية ؟؟
اجابها بسلاسه : داخلية عسكرية .. منذ ان كنت بالعاشرة وحتي قبل ان اسافر الي ألمانيا .
قالت وهي تتطرق لنقطة شديده الحساسية بحياته : لقد اخبرتني ان والدك قد تزوج من اخري ؟؟
استطاعت ان تري كيف انعقد فكيه بالرغم من محاولته الصارمة فالاسترخاء : نعم فعل .. انها سمر .. احدي صديقات والدتي القدامى .. كان متزوجة هي الاخري سابقا ، واخبرت والدي ان زواجها قد فشل بسبب انها لا تنجب .. لا اعرف ما حدث بعدها جيدا ، ولكن كل ما اتذكره هو مشاجرة حدثت بينهما .. وذكر بها كل شئ ، لقد تزوجها لاعتقاده بانها لا تنجب ، وستعتني بي كطفلها .. ولكن ما حدث كان الع** تماما .. بالبداية كانت تفعل ، ولكن ما ان انجبت ريم حتي بدأت تحاول اظهاري بمظهر الطفل المشاغب والمهمل .. كان والدي يعرفني تماما بانني طفلا شقي دائما اللعب ، ولكن لم يلحظ تبدل ذلك بعد ان تزوجها .. تقبل كل كلمة ص*رت منها بحقي .. تحولت حياتي الي اياما متتالية من العقوبات والحرمان .. يمكن ان يكون هذا هو لب الموضوع .. هو ما صنع الحاجز بيني وبين والدي .. فيما بعد وعندما مرت العديد من السنوات التي قضيتها خلف اسوار المدرسة العسكرية .. تعلمت خلالها مقومات النجاح والقيادة .. اصبحت شغوفا بالصيد والرماية ، خاصة الصيد البري .. بدت لي الحياة اكبر مما كنت اضع نفسي داخل مشكلة صغيرة واحبسها .. لذلك لم يكن من الصعب ان اتجاوز الامر بعد ما حققته من نجاحات مذهلة .
كان بارعا الي حد كبير في اظهار عدم مبالاته بالامر وكيف انه سعيدا بما وصل ايه الان .. وبالرغم من هذا لم يمرئ علي فريدة ، الا انها ادعت تصديقه : وكيف هي علاقتكما الان ؟؟
لماذا هي ملحه هكذا ؟! تبا ، لقد شعر بأنه مطوق في تحقيق رتيب .. فقال ما كان يعرف جيدا انه قادر علي انهاء ذلك الحديث : لقد اخبرتك فريدة ، جيدة .. اغلب اعمال التي بمصر هي عبارة عن شراكة بيننا ، وهناك ايضا مصنع اجهزة تكنولوجية ومراقبة بألمانيا يقع ايضا تحت تلك الشراكة .. لقد تخطيت تلك العقبة منذ سنوات.
اكمل متجاهله كل مؤشرات الرفض التي يرسلها لها : هل تحدثت مع والدك بهذا الشأن من قبل ؟؟
اجابها بنفاذ صبر ونبرة حاده منذره : لا .. ولا اريد منك ان تتحدث مع احد بهذا الشأن !
حدقت بعينه لثواني قبل ان تجيب اتهامه : لم أكن لأفعل ادهم !
قال مبدلا لتلك الشحنة الغاضبة التي انطلقت بينهم : والان جاء دور بالسؤال .. ما هي افضل خمس امنيات لد*ك ؟
نظرت له بتساؤل وهي تصطنع عدم الفهم .. فاضاف بمكر : هيا فريدة ، لقد أخبرتني هذا الصباح بأن ما فعلته البارحة قد حطم تلك القائمة .
عاود اللون الوردي ليصبغ وجنتيها ثم تمتمت بخجل : حسنا ، بحياتي لم اطمح الا بخمسة اشياء .. اولهم كان تخرجي بتقدير امتياز .. ثانيا كان التحاقي بجامعة عليا بالخارج لاستكمال دراستي .. ومن بعدها تمنيت ان اعمل بهذا المجال وبهذه البلد .. ورابع امنية كانت ان احصل علي نفس المكانة والشهرة التي حصل عليها " د. بن " .. وامنتي الاخيرة كانت ان اجد شخصا يستطع ان يتفهمني فقط ، وليس يحبني .. كما اخبرتك ، فانا لست رومانسية ، ولم اكن اؤمن بالحب .. لاكون اكثر دقه ، لم اكن اؤمن بأنني محظوظة بدرجة كافية لاجد الحب الحقيقي .. شيئا هام قد تعلمته من "بن" الا اضع طموحات اسطورية ، حتي لا اندم حينما اصطدم بالواقع لاحقا .
اجابها وهو منصدم من امنيتها الاخيرة : بالرغم من ذلك انا اخبرك بأنكي رومانسية فريدة !! .. هذا هو الشئ الوحيد الذي قد تلمسته منك.
وجدها ترفع حاحبها الايمن بتفكير ، لا استنكار ومن ثم ابتسمت .. واتسعت ابتسامتها حتي تحولت لضحكات عالية .. لم يكن ليحرم نفسه من متعة تأمل ضحكاتها المبهجة .. لو كانت تلك الضحكات مادية ، لأصبح الان اغني رجل علي وجه الارض !!
قالت بتقطع وهي تكافح لوقف ضحكاتها : انت لا تعلم .. الامر فقط يثير لدي الضحك بشكلا غير مصدق .. اكملت بعد ان نجحت بالتوقف : حسنا سأخبرك .. دائما ما كانت الرومانسية وكل ما يتعلق بها شيئا يثير لدي الضحك الهستيري .. فقد لم اكن اصدق ان هناك امرأة تستطيع التضحية بحياتها من اجل رجل .. او ان هناك رجل قد يختار تعاسته من اجل سعادة امرأة احبها .. كنت اعتقده شيئا مبتزل ، الغرض منه هو العبث والمتاجرة بمشاعر الناس من اجل الربح .. لذلك لم اكن اعتقد انني لست رومانسية ولكن بالمقابل انا متفهمه ، اعنني انني قادرة علي استيعاب احتياجات الاخر علي ان يفعل المثل معي .
" وهذا هو شعورك نحوي؟؟ "
النبرة الجامدة المتجردة من المشاعر انبأتها كم انه تألم من تفسيرها هذا .. ولكن هذا فقط منتهي الغباء : تبا لك ادهم .. احقا تسأل ؟؟!!
"تبا ؟!!!" .. تلك القطة الشرسة التي مازالت تسكنها ، دائما وابدا ستظل تأجج رغبته اتجاهها ارتاحت ملامحه قليلا ، ولكنه كان يريد تأكيد : احتاج لان اسمعها فريدة !!
كلمه "احتاج" هي من جعلتها تهمس بها علي الفور دون حتي ان تدرك .. ربما إن لم يتفوه بتلك الكلمة لم تكن لتفعل .. خاصة بعد تصريحه لها بانه لا يريد بيوم ان يقع تحت وطأ الحب .
مد له يده لتضع كفها بها ، وفور ان فعلت جذبها بقوه لتستقر بحضنه من جديد .. تمتم بعدها : هذا هو مكانك الابدي فريدة !
● ● ●
مدت الساعات التالية علي كلا من ادهم وفريدة وهو يتجاذبان احاديث من نوعا خاص .. احاديث تجري بين اي شخصان تربطهما علاقة عاطفية في بداية تكونها .. يتعرفان علي بعضهما بشكلا جديد ، صحيح ، وسوي .. سألته عن كل شئ قد دار بذهنها يوما حتي الاشياء التافه .. سألته عن تعليمه ، عمله ، هوايته .. علمت عن شغفه بالتاريخ اينما كان .. تاريخ الحضارات ، تاريخ الاديان ، التاريخ السياسي .. اخبرها ان التاريخ هو اساس كل العلوم ، وذو صله كبيره بعمله .
بالمقابل اخبرته هي بانها ليست من هواه القراءة الا انها تقرأ في كثير من الاحيان من اجل الاطلاع والعلم .. ومن اجل الشعر!! .. تعشق الشعر ، خاصة الايطالي منه .. له وقعا خاصا بقلبها .. سخر منها كثيرا عندما اخبرته بهذا ، فقد ذكرها بقولها بانها ليست رومانسية .. كيف يكون ذلك وهي تهوي الشعر ؟!!
الحقيقة انها تهوي حالة العشق الافلاطوني الموجود بالشعر الايطالي .. تهوي تلك الحالة بشده لأنها تعرف جيدا انها لن تطولها يوما .. سواء كانت تلك الحالة هي عشق شديد ، او هجر ، او حتي رثاء !! .. لذلك كانت تكتفي بجرعة العشق التي تحصل عليها كلما استمعت الي بيتا شعريا منها .. نعم ، استمعت .. كانت تسمعه في شكل إلقاء صوتي نسجل ، فهي لم تكن جيده مطلقا في قراءة الايطالية ، وبالرغم من ذلك كانت تهوي الشعر الايطالي ، مما طور من نطقها للغة بشكل سليم وسريع .
لم تخبره عن امر تلك القصة ابدا .. فهي ليست بحاجة لذلك ، خاصة في هذا الوقت ، بالرغم من خوفها الذي يزداد كلما اقترب موعد وصولها من مصر .. لان ببساطة من تسبب لها بتلك المعضلة - تحسن نطقها للإيطالية بالمقارنة بقراءتها - كان يقطن بالشقة المقابلة لشقة اسرتها !!
*****
* تلت عليه فريدة بعضا من قصائد الشاعرة : آلدا ميريني ...
من قصيدة أرض الحب
أنا لست في حاجة إلى المال،
ولكني أحتاج مشاعرا وأحاسيسا
أحتاج كلمات، كلمات مختارة بعناية.
أحتاج زهورا يسمونها أفكارا
وورودا يسمونها حضورا
أحتاج أغنيات ترقص لها التماثيل
ونجوما تهمس في آذان العشاق...
أحتاج شعرا، هذا السحر الذي يحرق ثقل الكلام.
هذا السحر الذي يوقظ المشاعر
ويمنحها حرارة جديدة.
*****
من قصيدة عيادة الهجران
أنتظرك كل يوم،
و انطفئ ببطء في كل مرة.
نسيت وجهك.
و يسألونني إذا ما كان يأسي يساوي غيابك؟
ولكن لا، إنه شيء يفوق الغياب
إنه تعبير عن موت محقق
لا أدري كيف أهد*ك إياه.
*****
كان اكثر من مأخوذا بها وبشفتيها التوتية ، التي تتحرك بخفة لتتلو عليه الكلمات الشعرية بإيطالية سليم وبنغمة رنانة ، كأنها تص*ر من انامل امهر العازفين .. كان متلهفا لكل حرفا تنطقه ، لا يريدها ابدا ان تتوقف .. بدت له تلك الكلمات آسرة بشكلا عذب لا يقاوم .. آسره تماما كالمرأة التي تعزفها بشفتيها فتزيدها اغرائا .
اخبرته ان اكثر الشعراء قدرة علي جعلها تهفو بعالم اخر هي الشاعرة "آلدا ميريني " .. والشاعر "ماريو لوتسي" الذي اشتهر بقصائد سيريناد (عزف أو غناء ليلي يقوم به عاشق تحت نافذة محبوبته، وذكر بقصائده كثيرا ساحة أزيليو ، وهي إحدى الساحات الكبرى في مدينة فلورنسا ، حيث كانت تقيم بالقرب منها إيلينا موناكي، التي أصبحت في ما بعد زوجة الشاعر . كان ذلك في العام 1934)
اعطته اكثر من فكرة عن كل ما تريده تلك المرأة الصغيرة ، المفتقرة الي ادني درجات الرومانسية .. بحق خالق السماء ، كيف يمكن لاحد ان يترك ملاكا مثلها عطشا بهذا الشكل المجحف؟!! .. كيف امكنه ان يعامله بقسوة وجفاء وانانية لا مثيل لها ؟!! .. كيف امكنه ان يكون شيطان في مواجهة ملاك ؟؟!!
اراد ان يخبرها ان تلك الكلمات البسيطة والتي تنطقها بشغف ، لا تمثل شيئا اذا ما قورنت بها .. لا هي ولا قصائد الشعر اجمعها قادرة علي وصف ما يراه هو ويشعر به اتجاهها .. الان !! .. هل هناك شيئا اجمل من امرأة عاشقة مثيرة ، تلقي الاشعار الرومانسية بشفتين وردية ، تلمع كلما بللتها بطرف لسانها لتبدأ بيت شعري جديد !! .. لم يكن يوما يتأثر او يهتم بالأشعار والشعراء ، كل ذلك بالنسبةله كان هراء .. ولكن الامر كله تغير فقط لأنها فريدة !!
عينيها كانت تبرق ببريق شغف وهي تطالعه بعد ان انتهت .. تقضم شفتها بتوتر واضح .. توتر وترقب .. "هي تنتظر ادهم ، تنتظر خطوة منك .. بعد ابيات الشعر الرومانسي التي اخبرتك بها ، تنتظر مكافئة ما .. مكافئة صغيرة كقبلة !! " .. بتسلل اصبحت اصابعه تتخلل شعرها الحريري ، واصبحت انفاسها ثقيلة متلهفة تقابل شفتيها ، وتدفعه دفعا لتقبيلها .. وما ان اوشكت شفتيهما علي ان تلتحما .. ظهرت احدي المضيفات من العدم .. تبا !!
قالت بإحراج وهو تواري وجهها بعيدا بعد ان فهمت ما اوشكا علي فعله .. خاصة بعد تلك النظرة الحارقة التي رمقها بها ادهم : اعتذر سيدي .. حان وقت الطعام.
تناولت فريدة بصعوبة وضغطا من ادهم بضع اللقيمات لا اكثر .. لا تريد بان تعاودها الرغبة بالقيء مرة اخري .. هي اسعد الان كثيرا .. ويمكننا القول بان كل مشاكلها كانت تبدو بعيدة ، صغيرة ، ومتلاشية بتلك اللحظة .. لا شئ يعنيها سوي لحظة الحب والسكينة التي تجمعهما الان .. فقط لحظة حب خالية من كل شئ ، ساديته ، غضبه ، خالية حتي من ممارسة الجنس .
# يتبع