"منى .... منى أمين!" قال أسامة في ذهول ولايصدق عينيه، فردت منى "مابك؟ تبدو وكأنك رأيت شبحاً وليست فتاة جميلة" فأجابها "أحقاً هذه أنتي؟" فقالت له "نعم ما الغريب؟ ألست تعلم أسمي منى أمين أم قد نسيته مع الوقت" فقال لها "بالطبع لا...لكن لماذا لم تخبريني بالأمر منذ البداية" فقطبت حاجباها وإقتربت منه وسألته "أخبرك بماذا؟ كان عليك أن تتعرف عليا وحدك بدلاً من أن تعاقبني لمدة أسبوع" فرد أسامة وهو يشعر بالإرتباك لكنه قال "لماذا لم تخبريني حقاً؟" فردت منى "قد حاولت في ذلك اليوم، لكن حدث ماحدث" فسألها "ماذا حدث؟" فقالت له "حادثة القهوة" فقال لها بدهشة "ماذا تعنين؟" فقالت له "بالطبع ما أن رأيتك تترجل من السيارة حتى أسرعت إليك إلا إني تعرقلت وحدث ماحدث" فنظر أسامة بعيداً وكأنه يتذكر ماحدث ثم إبتسم وقال "هل كنتي آتية إلي؟" فأجابت "نعم" فقال لها "ولماذا لم تخبريني لاحقاً؟" فنظرت له في غيظ "لاحقاً عوقبت لمدة أسبوع وكان عليا الانتظار طوال اليوم حتى أنهي واجبي والأستاذ كان غاضباً حتى من أن يرى وجهي وطلب مني تجنبه" فإبتسم أسامة ثم قال لها "ولاحقاً" فقالت له وهي تبتسم إبتسامة ظافرة وقالت وهي تنظر له بغرور "لاحقاً وجدت أن الأمر ممتع وأني سأتمكن من الإنتقام منك هنا"، ضحك أسامة عليها وقال "ستنتقيمين مني... كيف؟" فقالت له "تخيل طفلة العائلة المدللة تأتي وتشكو من قسوة الأخ الأكبر واوووو سيكون إنتقام كبيييييير" فأغمض أسامة إحدى عينيه وفكر قليلاً وقال "أووه حسناً عندك حق فقد إتحدوا جميعاً لأجل أن أتزوج بك، إذا علموا بشأن العقاب سيقتلوني" وهنا تبدلت إبتسامة منى التي تلهو إلى إبتسامة حازمة وهي تقول له "لاعليك من هذا الأمر ...ولا كأنك سمعت شىء... هذه ليست المرة الأولى التي يجتمعون فيها لإتخاذ قرار بشأني وفي النهاية ما أريده هو مايحدث ... لا تقلق في ظهرك رجل" وهي تشير إلى نفسها ، فإبتسم إبتسامة تهكمية وقد جلس على الأرض وأسند رأسه على أحد الأشجار ووضع ذراعه تحت رأسه وهو ممسك بهاتفه باليد الأخرى "رجل!! أنا لا أرى سوى فتاة صغيرة مُدلـله" فنظرت له منى وهي تقول "فتاة صغيرة مدللة" ثم إقتربت منه وقالت "حسناً جاء وقت الإنتقام" ثم خ*فت منه هاتفه وإبتعدت عنه بسرعة وهنا قطب أسامة حاجباه وأسرع خلفها ليأخذه منها وهو يقول "أنتي تعلمين أن هذا أكثر ما يضايقني ومع هذا تفعلينه" فردت "أليس هذا هو الإنتقام أن أغضبك أكثر شىء" ثم أسرع وأمسك بذراعيها وهو يقف خلفها ويحاول أن يسيطر على حركتها كما إعتاد وهي صغيرة ليأخذ الهاتف وما أن إقتربا أكثر من بعضهما حتى شعر الإثنان بالإحراج وهنا ابتعد أسامة قليلا وهي الأخرى أعطت له الهاتف وهي تقول "يكفي هذا".
أخذ أسامة منها الهاتف وهو ينظر لها تارة ثم يبعد نظره عنها تارة أخرى بإرتباك، حقاً قد شعر بالإحراج لكن ما هذا ، قد إعتادا أن يلهو الاثنان معاً هكذا فلماذا الأن هذا الشعور، حتى وان كبرت منى فهي لاتزال ابنة عمه الصغيرة، لم يفهم أسامة شعوره في هذه اللحظة لذا تجاهل الأمر وقال لمنى "حسناً هكذا قد إنتقمتي لا تعودي وتطلبي إنتقاماً مرة أخرى" فضحكت منى وهي تحاول أن تتجاهل الأمر هي الأخرى وقالت "هذا الانتقام الصغير" فضحك أسامة وقال "لازلت كما أنتي أيتها الطفلة" فردت "وأنت كما أنت أيها الرجل العجوز" ثم جلسا الاثنان ليلتقطا أنفاسهما وبعد قليل قال أسامة وقد بدا الفضول عليه "حقاً ما قصة التعب الذي أشار إليه أبي هل حقاً بك شىء؟" فأجابت منى بعد أن إبتسمت له ثم نظرت بعيداً عنه وهي تومىء برأسها بالإيجاب "نعم بي شىء" ثم تن*دت وقالت "ضعف صغير بالقلب" فسألها أسامة "لكنك كنتي بخير حتى سافرت مالذي حدث؟!" فأجابت "لم أكن بخير تماماً لكن أعراض المرض ظهرت لاحقاً" ثم قامت ووقفت وهمّت لتسير فإعتدل أسامة ووقف هو الأخر وسار معها جنباً إلى جنب وقال "هل من الممكن أن تخبريني كيف حدث هذا؟ وما هو هذا المرض؟" فقالت وهي تسير بجواره ولا تنظر إليه "حسناً... لا مشكلة" ثم تن*دت وقالت "حدث هذا لوجود ثقب بالقلب منذ الولادة ولم يتم اكتشافه مبكراً لعمل جراحة له وعندما عرفنا كان الأوان قد فات عن العلاج، ولاحقاً تسبب هذا الثقب في مضاعفات أدت إلى حدوث مرض أشد وهنا ظهرت أعراض هذا المرض وهذا ماجعلنا ننتبه له" فسألها أسامة "ماهو؟" فأجابت وقد وضعت يدها في جيوبها وكأنها تستجمع قواها وهي تنطق بتلك الكلمات "يدعى متلازمة ايزنمنغر" فنظر لها أسامة وكأنه لايفهم فإبتسمت إبتسامة صغيرة ثم عادت لتقول "في الحالة الطبيعة يضخ الدم قدر معين من الجهة اليمنى عبر الشريان الرئوي إلى الجهة اليسرى إلى القلب بعد أ**جته في الرئة، ومنه إلى باقي اجزاء الجسم لكن في حالة وجود ثقب يتم رجوع جزء من الجهة اليسرى إلى الجهة اليمنى من القلب، مما ينتج عن ذلك ضخ كمية أكبر من العادية عبر الجهة اليمنى من القلب إلى الشريان الرئوي غير الم**م لاستيعاب هذه الكمية الهائلة من الدم، مما يؤدي مع الوقت إلى اجهاد عضلة القلب والشريان الرئوي وتكون طبقة ليفية غير قادرة على العمل، وبهذا تصبح عملية أ**جة الدم الذاهب إلى الرئة أصعب وأصعب بسبب زيادة الضغط فيه وتليفه. مع الوقت يحاول الجسم تحسين عملية الأ**جة عن طريق زيادة عدد كريات الدم الحمراء، لكن هذه العملية لا تلبث أن تتحول إلى كارثة عندما تزيد لزوجة الدم مما يساعد على حدوث تخثرات في مختلف الشرايين. باستمرار هذه العملية وعندما يرتفع الضغط في الشريان الرئوي لمرحلة تفوق ضغط الدم في الجهة اليسرى من القلب تحدث عملية تغير في اتجاه التحويلة وتصبح الآن من اليمين إلى اليسار، حيث يتم انتقال الدم غير المؤ**ج من الجهة اليمنى عبر الثقب إلى الجهة اليسرى من القلب ومنه إلى الجسم دون مروره بالرئة للا**جة، وهنا يظهر الزرقان وما يتبعه من مشاكل في مختلف أجزاء الجسم". ثم إبتسمت وهي تقول "هل فهمت شىء" فإبتسم أسامة وقال لها "أنا أستاذ جامعي" ثم ض*بها ض*بة خفيفة على جبهتها ثم قال "الا يوجد علاج" فإبتسمت ونظرت له "حالياً لا كل ما يمكننا فعله بعض الأدوية التي تعالج الأعراض فقط" فسألها "ولا حتى تدخل جراحي" فأجابت وهي تبتسم وبعينيها حزن "نعم ، فقط تغير القلب والرئة..لأنهم تدمروا كلياً" ف**ت أسامة قليلاً وكأنه يحاول أن يستوعب مايسمعه وقد بدا الحزن عليه ثم سألها "وكيف هي حياتك الآن" فردت هي الأخرى وقد بدا أن الأمر يؤلمها "بخير ...كما هي فقط أصبح كل شىء بحساب فقبلا كنت أفعل ما أريد وقت ما أريد لكن الأن أفعل ما أريد في الوقت الذي يجب أن يحدث فيه" فنظر لها أسامة وقد هز رأسه أنه لا يفهم ما تعنيه فقالت له "يعني مثلاً عندما كنا نلهو بهاتفك منذ قليل قبلاً كنت من الممكن أن يستمر الأمر لليوم كله وأجري به بعيداً عنك أكثر لكن الآن يجب أن أنتبه للمجهود والوقت الذي يستغرقه الأمر ، ألهو لكن ليس كما كان وها أنا بأفضل حال" ثم إبتسمت له، ف**ت أسامة وهو ينظر لها وقد طغى الحزن على قلبه هو الأخر وهو ينظر إلى تلك الفتاة التي كانت وهي صغيرة ضحكتها تزيل همه في ثوان وتجعل قلبه في سعادة بالغة والأن وهي فتاة كبيرة برائتها تطغي على كل ملامحها ومجرد الإقتراب منها يجعل قلبه ينبض بشدة لم يشعر بها قبلاً، وأمام إصرارها وقوة عزيمتها في الاستمرار بالحياة رغم ماتواجهه من شراسة المرض لا يسعى لعقله إلا أن ينحني لها إحتراماً، وهنا ض*بت منى بأصابعها على جبين أسامة وهي تقول "يا هذا مابك؟ هل ستظل هنا طوال الوقت ألم تشعر بالجوع بعد .... أووه أني أتضور جوعاً" وضع أسامة يده على جبينه وهو يحاول أن يخفف من ألم الض*بة وهو يقول "أووه قد نسيت أمر هذه الض*بة منذ زمن بعيد حتى أنها أصبحت أشد ألماً" فنظرت له منى وقالت "اوووه قد أصبحت حقاً رجلاً عجوز" ثم ض*بته واحدة أخرى وابتعدت عنه "فصاح يافتاة أنتي... " وقبل أن يكمل قاطعته هي بضحكتها المعتادة فضحك أسامة هو الأخر وهو يتمتم "ليست هذه الضحكة يافتاة" ثم صاح "هيا هيا أنتي كما أنتي عندما يتعلق الأمر بالطعام" فقالت له "ماذا ألاتريد أن تأكل .... لا تأتي هيا سأذهب وحدي" فقال لها "إذن لن أكل طوال اليوم لن أجد شىء بالمنزل" فقالت له "ههههه لاتزال تظن أن هذا القول طريف ههههه" فضحك اسامة عليها وقال لها "إفتقدتك كثيرا أيتها الطفلة" فقالت له "طفلة.... حسناً انت في حاجة لنظرات أيضاً" ثم عادا إلى المنزل معاً وهما يتحدثان هكذا.
ما أن دخلا منى وأسامة إلى المنزل حتى وجدوا عمها وزوجته ووالدها ووالدتها في إنتظارهما وجِدهما نائماً لذا وقبل أن يبدأ أحد الكلام قالت لهم "أنا متعبة من السفر أحتاج أن أنام قليلاً" ثم صعدت إلى غرفتها وما ان أغلقت الباب حتى وضعت يدها على قلبها، قد بدأت ض*بات قلبها تتسارع حتى أنها شعرت ببعض الآلم فأسرعت وتناولت الدواء ثم إستلقت على السرير ونامت نوم عميق.
"هل أقنعتها؟" قال والد أسامة له أمام الجميع، فنظر لهم أسامة "أقنعها بماذا إذا كنت أنا نفسي غير موافق وحمد لله هي توافقني الرأي" فقال والده "أسامة هذا الأمر لا وقت فيه للمزاح" فرد أسامة "ومن الذي يمزح يا أبي، ماتقوله غير ممكن ومستحيل ولن أفعله وهذا هو جوابي النهائي أيضاً" فنظر والده له وقد أصبح غاضباً بشدة "يالك من فتى جاحد، كيف تقول لي هذا الكلام بوجهي؟ هل تتحداني؟" فنظر أسامة بعيداً وتن*د ثم عاد ونظر له ثم قال بهدوء "لا أتحداك ياوالدي لكن كما قلت هذا مستحيل ...أعدك أني سأعتني بمنى لن أتركها لحظة....لكن زواج لا لا لا " أغمض عمه عيناه وطأطأ رأسه إلى الأرض وما أن رأي والد أسامة هذا حتى صاح به "كم أنت ولد جاحد" فرد أسامة بغضب وقد ارتفع صوته "هذا كله لأني لا أوافق على كلامكم .... الزواج أمر خاص بي وأنا من أحدد كيف ومع من أعيش...أنا لست بطفل ليحدد لي أي إنسان هذا" وهنا إستيقظ الجد على صوته وناداه "أسامة لا تفعل هذا أنت أيضاً يكفي منى" فرد أسامة "ياجدي لا اقصد إهانة أحد، لكن أرجوكم حقاً لا أستيطع، لن أفعل" وهنا أمسك الجد بقلبه وبدأ نفسه يتقطع فأسرع والد أسامة إليه وهو يقول والدي واسرع والد منى بالإتصال بالطبيب.
لم يمر أكثر من عشر دقائق حتى جاء الطبيب، ودخل مباشرة إلى الجد، وبعد الكشف عليه أعطاه حقنة مهدئة ثم خرج، وقال موجهاً كلامه لوالد منى ووالد أسامة وأسامة "حسناً هذه ليست المرة الأولى وقد كاد القلب يتوقف أرجوكم أكثر مما فلعلت لايمكنني أن أفعل شىء أخر في مثل سنه، ابعدوه عن الإنفعال التام، المرة القادمة لن ينجو منها وها ان أقولها بصراحة الوضع في غاية الخطورة" ثم أخذ حقيبته وهو يبدو عليه الغضب فأوقفه والد أسامة وسأله "هل حقاً أبي مريض إلى هذه الدرجة؟" فأجابه "بل أكثر سيد وحيد؟" ثم مضى وأوصله أسامة إلى باب المنزل.
وما أن أغلق أسامة الباب حتى جاءه والده وقال له "أرأيت نتيجة أفعالك" ولم ينهي والد أسامة كلمته حتى وجد أخيه يسرع بالصعود إلى الدور الثاني وتبعته زوجته وإذ به يقرع الباب بشدة على غرفة منى فأسرع أسامة ووالده خلفه ليلحق به.
إستيقظت منى على صوت قرعات شديدة على الباب وبصوت والدها وهو يصيح "إفتحي يابنت"، أسرعت منى وفتحت الباب وهي في ذهول من والدها وما أن فتحته حتى صاح بها "ستتزوجين إبن عمك سواء أردتي أم لا " فقالت له وهي تحاول ان تستيقظ تماماً "لا ياأبي لن يحدث هذا" فقال لها "حقاً" فقالت له "نعم ياأبي" فرفع يده وإذ بصفعة قوية على وجهها كادت أن تسقطها أرضاً حتى أن والدتها صرخت إبنتي وأخذتها بحضنها ثم قال والدها "أتظنين أن ليس لكِ كبير وأني طوال تلك المدة كنت أطيعك لضعف.... بعد غد زواجك على إبن عمك وإن لم تفعلي سأقتلك أنا قبل أن يقتلك المرض" ثم أشار لزوجته وهو يقول "أتركيها وهيا معي" ثم خرجا من الغرفة فنظر عم منى إليها ثم تبع أخوه.
بقيا أسامة ومنى وحدهم بالغرفة بعد أن نزلا والديهما، فنظر أسامة إلى منى وهي لاتزال في ذهول مما حدث فإقترب منها وقد ملأ الألم عينيه وأمسك بيدها التي تضعها على خدها بعد صفعة والدها ثم أزاحها ليجد أن خدها قد أصبح أحمر وتورم قليلاً ودموعها بدأت تنهمر من عيونها بشدة مما حدث، وما أن رأى أسامة خدها حتى شعر بالغضب لأجلها، ثم قام وأحضر بعض الثلج والمياه الباردة ومنديل، ليضع كمادات على وجهها ثم أمسك بيدها وقال "تعالي أجلسي هنا" وجلسا معاً على السرير وبدأ يضع بعض من الثلج على وجهها الذي كان يؤلمها بشدة، لكن مع الكمادات بدأ يهدأ الآلم قليلاً قليلاً ثم قال لها "منى فلتهدئي قليلاً من فضلك" فقالت له وهي لاتزال تبكي "لا يا أسامة، إن أراد أبي قتلي فليفعل لكني لن أوافق عما يريدونه" فرد أسامة "إهدئي قليلاً الأن حتى أستطيع أن أتحدث معك...ممكن؟" فنظرت له ثم أبعدت نظرها عنه وقالت "لايوجد مايقال" فقال لها "إسمعيني أولاً ثم قرري لاحقاً" ثم نظر إليها بعد أن ازال المنديل عن خدها وأمسك بذقنها ليجعلها تنظر له ثم قال لها "إتفقنا" فنظرت له منى قليلاً ثم أومأت برأسها بالإيجاب، فقال لها "منذ قليل عندما كنتي نائمة تحدثت معهم جميعاً في الموضوع وكاد يصيب جدك أزمة قلبية أخرى ونبه الطبيب أن لو الأمر تكرر ربما لن ينجو منها لكبر سنه هذا ما جعل والدانا في شدة ثورتهما وحدث ماحدث من عمي" ثم وضع المنديل من يده في الطبق وجعل منى تعتدل في جلستها حتى تصبح مقابلة له تماما ثم نظر لها وقال "إسمعيني يامنى، من الواضح أن العند الأن والرفض بهذه الطريقة لن يفيد ولن يؤدي سوى لفقداننا لجدنا وربما مقاطعة أهلنا أيضاً، لذا فالأمر يحتاج إلى خطة أخرى" فنظرت له منى وقالت وهي متعجبة "خطة" فقال "نعم سوف أعرض عليكي إقتراح ولكِ أن ترفضيه أو أن تقبليه وهذا الأمر يرجع لكِ ولقرارك" ف**تت منى لبرهة لتفكر بكلامه، ثم تن*دت وقالت له "ليس لي إلا أن أسمعه ... ما هو الإقتراح؟" فقال "فلنتزوج" فصاحت "ماذا؟!" فقال لها "دعيني أكمل كلامي سنتزوج سورياً فقط هنا أمامهم وفي القاهرة سيعود كلاً منا لحياته ففي كل الأحوال كلانا لن يتدخل في حياة الاخر إلا إذا كان هناك من تهتمين لأمره هناك وتخشي أن يعرف" فصاحت منى "بالطبع لا" فأكمل أسامة حديثه "إذاً سيكون الأمر هكذا أما بالنسبة لي فبشرى طلبت وقت لتفكر، وأنا أيضاً لم أشعر بالإنزعاج لطلبها، وسأعطي نفسي هذا الوقت أيضاً، ومن هنا لهذا الحين وحتى إن تم إعلان إرتباطنا ستكون الظروف قد تغيرت كثيراً ... مارأيك؟" فقالت له وهي تهز رأسها بالنفي "لا ياأسامة لا لن أفعل ولن أقبل بهذا الأمر" فقال لها "لماذا؟" فقالت له "لا أعلم لا أشعر براحة" فقال لها "لماذا انتي قلقة هكذا" فنظرت له وقالت "لن أستطيع" فأجابها لا تستطيعي ماذا؟ ...إسمعيني أنا سأكون معك خطوة بخطوة ولن ينكشف أمرنا أبداً سواء هنا أو لاحقاً بالقاهرة أم أنك لا تعرفين أن الإرتباط بين الأساتذة والطلبة ممنوع بالجامعة" فنظرت له منى وكأنها قد نست هذا الأمر تماماً فقال لها "أرأيتي في كل الأحوال علينا فعل هذا" ثم قال لها "منى أرجوكي ثقي بي لنخرج من هذا المأزق" نظرت له منى وهي حقاً خائفة وحائرة لكن يبدو أن هذا الأمر هو الحل الوحيد لإراحة الجميع ولو مؤقتاً، نظر أسامة إلى منى ليعرف قرارها وسألها "اذاً؟" فنظرت له قليلاً ثم تن*دت وقالت له "حسناً".
"يبدو أن هناك شىء يحدث" قال والد أسامة لأخيه فرد عليه "ماذا؟" فقال والد أسامة "الاثنان حتى الأن لم يظهر أي منهم" فنظر له وقال له "ماذا تعتقد؟ ما الذي يفكرون فيه؟" فرد والد أسامة "لا أعلم بعد مافعلناه الأن ماذا سيكون رد فعلهم سنرى".
لاحقاً نزل أسامة وهو يمسك بيد منى ووقفا الاثنان أمام والديهما وتكلم أسامة "أبي عمي أمي زوجة عمي، حسناً نحن موافقان" فنظر والد منى لأخوه فسأل والد أسامة أبنه "موافقان على ماذا؟!" فنظر أسامة لمنى ثم نظر لعمه وقال "عمي هل لي أن أتقدم للزواج من منى؟" فنظر والد منى لوالد أسامة الذي تكلم وقال "أسامة مامعنى هذا؟" فأجاب أسامة "أليس الأمر واضح يا أبي؟!" فنظر والد منى لمنى وقال لها "وأنتي؟" فنظرت منى لأسامة ثم إلتفتت لوالدها وقالت "موافقة ياأبي...سأتزوج بأسامة" فنظر والد أسامة لها ثم لأسامة ثم قال "حسناً هذا خبر جيد فلتخبرا جدكما"، أومأ أسامة برأسه ثم أمسك بيد منى وقرع على باب غرفة الجد وسمعا صوته العجوز يقول أدخل فدخلا هما الاثنان واخبراه فتلقى الخبر بفرحة كبيرة واصبح في قمة سعادته وكان والدا منى وأسامة يشاهدان أبنائهم وينظران إلى بعضهما البعض وكأنه يوجد مايشكان فيه.
"منى ....منى" نادى أسامة على منى لعله يستطيع إخراجها من الحالة التي أصابتهما منذ دخولهما بيت جدهما وهي صامتة لا تتحدث إلا قليلاً ولا تمزح معه كعادتها فناداها أسامة عدة مرات وأخيراً إنتبهت له وقالت "نعم" فنظر لها أسامة وقد شعر بقلقها "منى مابك؟" فنظرت إليه و لم تقل شيئاً وكأنه لاتوجد كلمات لتقال فقام أسامة وجلس إلى جوارها وقال "مابك؟" فنظرت له وقد اصبح القلق باديا عليها وقالت "لاشىء متعبة قليلاً فقط" فقال لها "أتودين أن نخرج قليلاً" فهزت رأسها بالنفي ثم قالت له "الطقس بارد بالخارج كما أنك لم تسترح منذ أن جئت من السفر صباحاً فلتذهب وتأخذ قسطاً من النوم وانا أيضاً سأذهب لأنام، حقاً أحتاج أن استريح قليلاً" فنظر إليها وفال "هل أنت متأكدة ؟ " فأومأت برأسها بالإيجاب فقال لها "حسناً لكن غداً سنذهب للطبيب لاتنسي" فقالت له "أي طبيب؟ لماذا؟" فقال "أمي أخبرتني انه يجب أن نختار وسيلة لمنع الحمل قبل أن نتزوج" ف**تت منى وأخذت نفساً عميقاً وكأنها تمنع دموعها من النزول وتشعر أن ليس أمامها سوى الإستسلام للأمر الواقع، ف*نهدت وقالت له "حسناً" ثم صعدت إلى غرفتها.
ظل أسامة يراقب منى حتى دخلت غرفتها ثم تن*د هو الأخر فهو لا يعلم مابها؟ ولماذا هذا الحزن الذي بصوتها منذ أن اتفقا على أمر الزواج، هل انا هكذا أظلمها ولكن في ماذا ما الامر الذي فعلته؟! ربما يكون جرحتها وأثناء تفكيره تذكر شيئاً تذكر كلمة زوجة عمه عندما سمعها تتحدث مع منى عندما جاءت صباحاً حينما قالت انه حبيب القلب أسامة؟ "ما الذي كانت تقصده بهذه الكلمات؟" قال أسامة لنفسه، ثم قام وقرع على غرفة عمه حيث كانت زوجة عمه وحدها وعمه قد ذهب مع والده لشراء مايجب للتحضير للعرس .
"من؟" سألت زوجة عمه عن الطارق فرد أسامة "أنا يازوجة عمي" فقالت له "ادخل يا إبني" فدخل أسامة ليجدها جالسة على السرير وتطوي بعض الملابس فقال لها "هل من الممكن أن أتحدث معك قليلاً؟" فقالت له "بالطبع .... تعال إلى هنا" وأشارت إلى الكرسي بعد أن أفرغته من الملابس التي كانت عليه وقالت له "ماذا؟" فقال وهو يبدو عليه التردد "زوجة عمي أردت أن أسألك عن شىء سمعته اليوم وأنتي تتحدثين مع منى" فسألته "ماذا؟" فقال "عندما قلتي لها انه حبيب القلب أسامة ....ما الذي كنت تقصدينه بهذه الكلمات؟ ماذا تعني؟" فإبتسمت زوجة عمه ثم تن*دت وقالت "إنها قصة طويلة بيني وبين منى ولكن مادمت انت هنا وستتزوجوا فلا ضير من أن تعرفها" ثم تن*دت ونظرت بعيداً وكأنها تتذكر ما حدث ثم قالت "بعدما عرفنا بمرض منى، وبالضبط عندما بلغت السادسة عشر بدأ يتقدم لها العديد من الاشخاص الجيدين وبالطبع كنا نرفض بحجة انها تريد أن تكمل دراستها وبدأت زميلاتها بالمدرسة من تتزوج ومن تخطب ومن تحب وبالطبع كانت منى في وسطهم وخفت عليها كثيرا جدا ليس فقط من أن تحب أحدهم لكن من أن تتأثر نفسياً، وكنت أحاول أن أخفف عنها، لكني كنت بالنسبة لها كالكتاب المفتوح، فآتت يوماً إلى وأمسكت بيدي ثم قالت لي (أمي لا تخافي لن أتأثر بكلام زميلاتي ولن أرتبط بأحد ولن يؤثر فيا الأمر نفسياً، فنظرت لها وكأني لا أصدق ما أسمع، فأكملت كلامها وقالت أمي أنا سوف أفعل هذا ليس بسبب المرض، لكنى أحب شخصاً ما حباً كبيرا جداً ...ثم تن*دت وقالت لي، لكن هذا الشخص بعيداً جداً الأن وربما يكون قد إرتبط وتزوج ومع هذا سيظل حبه في قلبي حتى يوم موتي، سأجعل حبه يحميني حتى من نفسي، ولن أسمح لأحد غيره أن يكون قلبي له" فقلت لها ماذا تقصدين ومن هذا الشخص؟ فأجابتني لا يهم مَن المهم اني أحبه كثيرا وحبه هذا يحميني حتى في غيابه فنظرت لها ثم سألتها من هو؟، فرفضت أن تفصح عنه فقلت لها سوف أقول أسم وفقط ان لم يكن هو قولي لا فإبتسمت فقلت لها أسمك فابتسمت وذهبت) ومنذ ذاك الحين وانا أعرف انها تحبك أكثر من أي إنسان حتى من نفسها" ف*نهد أسامة وقال في نفسه "اذاً إن كان هذا صحيحاً فما سبب هذا الحزن، هل لأن الأمر ليس حقيقي" ثم قال لزوجة عمه "سؤال أخر، زوجة عمى أنا اكبر عن منى بعشر سنوات ألم يضايقك الأمر عندما فكر فيه أبي" فإبتسمت زوجة عمه ثم قالت "أسامة، أنت تعلم أني لو كنت أنجبت منذ أن تزوجت لكانت الأن منى بعمرك لكن حكمة الله هي التي جعلتني أنتظر عشر سنوات حتى انجبت منى وكنت أنت فيها ابني الذي لم ألده، لا أعلم تذكر أم لا لكنك طوال تلك الفترة كنت تناديني أمي" ثم إبتسمت وقالت "وانا أعزك معزة الابن لي لذا لا يمكنني أن أعز عليك شىء حتى وان كانت إبنتي" فإبتسم أسامة ثم إستأذن وصعد لينام.
في الصباح إستيقظت منى على صوت أسامة وهو يقرع على باب غرفتها وينادي عليها "منى ...منى ...هيا يا منى" فإستيقظت وهي تحاول ان تفتح عيونها بصعوبة، ثم تثائبت وأمسكت بالمنبه لترى كم الساعة ثم صاحت "الساعة السادسة صباحاً يا أسامة لا يوجد أطباء الآن هيا إذهب" ثم عادت لتضع رأسها على الوسادة مرة أخرى فقال لها أسامة "إن لم تنهضي الآن سأدخل لأوقظك" وهنا فتحت منى عيناها وتمتمت "توقظني! ماذا تعني" فرد "سأحضر الماء وسآتي" فإنتفضت ونهضت من على السرير "ماذا لالالالا الماء لا أنا استيقظت" ، ثم أسرعت وامسكت بالمنشفة وفتحت الباب وهي لاتزال بين نائمة ومستيقظة وقالت له "لازلت سخيف" فنظر لها أسامة وهو يضحك عليها فمنذ أن كانت صغيرة كانت إن لم تصحو يأتي بالماء البارد ليوقظها، لذا في ظل هذا الجو البارد لن يكون هذا لطيف بأي حال من الأحوال.
أسرعت منى وإرتدت ملابسها وسبقت أسامة إلى مائدة الطعام وما أن جلست حتى صاحت "أسااااااااااااااامة هيااااااا " فتمتم وهو يهندم نفسه أمام المرآة "أيتها الطفلة" وصاح "حسناً آتييييي" ثم جاء ونظر إليها وقال "طفلة" ثم ض*بها بأصبعه على جبهتها فصاحت "أووووه" وتمتمت وهي تحاول ان تخفف من آلم الض*بة "سخيف" ثم جلس أسامة وجلس الجميع ليتناولوا الإفطار وقال أسامة "الفول إشتقت له كثيرا" ثم أخذ قطمة بسرعة وبدأ يستطعمها ثم صاح "أووووه مالح مالح" فنظرت والدة منى إليها ثم قالت "منى" ثم وقفت وأخذت الطبق لتغيره أما منى فراحت تضحك بشدة وهي تنظر لأسامة فنظر لها أسامة بعد أن تناول كوب ماء ولم يتحدث لقد كانت ضحكتها تملأ قلبه سعادة حتى ولو إمتلىء فمه بالملح لألف مرة ليرى تلك الضحكة سيفعل، ثم أكمل تناول فطوره، لاحقاً جلس أسامة ووالده وعمه وزوجة عمه وأمه وقالت منى "سأعد أنا الشاي" ثم ذهبت وأعدته وعادت به وأعطت كل واحد منهم الكوب الخاص به.
"حسناً غداً الساعة السابعة مساء سيتم زواجكما هل أنتما مستعدان؟" بدأ والد أسامة الحديث وهم يتناولون الشاي فرد أسامة "بالطبع" ثم نظر لمنى وأومأت هي الأخرى برأسها، فقال والد أسامة "حسناً فلتذهبا الأن للطبيب ثم إلتفت إلى منى وقال "وعندما تعودين ستذهبين مع والدتك وزوجة عمك لشراء مايلزمك" فقال أسامة "أبي هل من الممكن ان تشتري أمي وزوجة عمي تلك الاشياء دون منى" فنظر له والده وقد بدا عليه الغضب فقال له أسامة "حسناً حسنا لايهم" ثم أخذ مفاتيح شاحنة والده الربع نقل من جانبه وأسرع وأمسك بيد منى وخرج مسرعاً.
" هل تعرف كيفية قيادتها" سألت منى أسامة عندما ركبا الشاحنة فنظر لها وكأنه يقول احقا تسألين ثم حرك رأسه يميناً ويساراً وإنطلق بالسيارة، وبعد مرور حوالي نصف ساعة قالت منى لأسامة "ماهذا الطبيب من هنا لمــــ" فقطعها "لن نذهب للطبيب" فقالت له "ماذا؟" فقال لها "نحن نعلم أنه لن يحدث شىء فلماذا تتكبدين عناء هذا الأمر؟!" ف**تت وأومأت برأسها بالإيجاب ثم قالت "إذاً إلى أين سنذهب؟" فرد أسامة "سنذهب للمحافظة....سوهاج" فقالت له "ماذا الآن؟!...أمي وأمك في إنتظاري" فقال لها "لاشأن لنا في هذا، قد قلت لهم أن يذهبوا وحدهم أما اليوم فهو لنا ألا يكفي أننا سنتزوج فقط لأنهم قرروا هذا" ثم أسرع بالسيارة أكثر فصاحت منى "أسامة" فقال لها "شوش فقط إستمتعي كما كنتي عندما كنا نذهب في نزهة وانت صغيرة أنا متأكد أنك لم تذهبي منذ أن سافرت" فإبتسمت منى وأومأت برأسها موافقة على الأمر ثم أسندت ظهرها على المقعد وفتحت النافذة لتستمتع بالهواء.
كان أسامة يراقب منى وهي تغمض عينيها لتشعر بالهواء يلامس وجهها ويجعل خصلات شعرها الطويل تتطاير حوله ثم تأخذ نفساً عميقاً وتزفره وهي تبتسم ووجهها يبدو عليه الراحة التامة، فتبدو كملاكاً صغيرا لايحمل أي هم ولا يعرف القلق، كان أسامة يشعر أن قلبه ينبض بسرعة شديدة ويشعر بأنه في غاية السعادة تلك السعادة التي إفتقدها كثيراً والتي لم يشعر بها مع أحد قط ....مع أي أحد سواها.
وصلا الإثنان إلى المحافظة... سوهاج، وهناك توقف أسامة بسيارته بجانب إحدى النوادي ثم ترجلا الإثنان من السيارة وسارا قليلا ليستمتعا بالهواء المنعش وهناك رأى أسامة أحدهما يبيع الزهور فأتى بواحدة ثم أعطاها لمنى وقال لها "هذه لك زوجتي العزيزة" فضحكت منى ضحكة كبيرة فقال لها أسامة "على ماذا تضحكين؟" فقالت له "زوجتي العزيزة!" ثم عادت لتضحك ظل أسامة يراقبها وهي تضحك فهو لا يريد شىء أخر سوى هذا.
"أخيرا ضحكتي، ماذا كان بك أمس الزواج بي له فوائد عديدة فلماذا كنتي في هذه الحالة؟" فنظرت له منى وقالت بتهكم "فوائد عديدة...حقاً؟" فرد أسامة "نعم كتلك الوردة مثلا" فقالت له "هل تريدني أن أقبل الزواج بك لأجل هذه الوردة ....إذن فلتأخذها لا أريدها" فقال لها "يالك من..." فضحكت وضحك هو معها أيضاً ثم قال لها وقد تبدلت طريقته "حقاً...لماذا؟" فقالت له "لماذا ماذا؟" فأجابها "لماذا كنتي في هذه الحالة بالأمس؟" ف**تت منى قليلاً و شردت بنظرها بعيداً ثم تن*دت وقالت "في الحقيقة لم أتوقع هذا...ليس أني لن أتزوج بل بالع** توقعت أن أتزوج وتخيلت الأمر كثيراً ...لكن ...." فقال لها "ولكن ماذا؟" فأجابت "ولكن...ليس بهذه الطريقة......الزواج التقليدي كان أمامي كثيراً....وكان رفضي لكل هؤلاء كان يولد بداخلي شعور بأن هناك حقاً فارس خاص بي ... فارس يستطيع أن يحب قلبي رغم الضعف الذي به وسيتمسك به وحينما أتأكد من حبه الكبير لي ... سوف أعطيه كل قلبي بل والأكثر سوف أعطيه إبناً ليحمل أسمه حتى لو رفض هو هذا ...كنت سأفعل هذا وأنا متأكدة أني سوف أنجح في هذا وسأظل معه لأن قوة حبه لي ستعطيني القدرة على هذا" ثم تن*دت و**تت، ظل أسامة ينظر لمنى دون أن يتحدث ولا يعلم ماالذي عليه فعله، حتى انه لايعلم ما الذي عليه قوله لكن قلبه كان يتآلم وعيونه بدأت الدموع تزحف إليها، حقاً حتى الآن لا يصدق أن منى تلك الطفلة تحارب كل يوم لتستطيع الحياة وانها قد حُرمت من أكثر ما تتمناه كل بنت من أن تكون أم.
قطعت منى حبل أفكار أسامة وقالت له "لماذا تحدثنا في هذا الأمر؟ فلنعد إلى النزهة من فضلك، حقاً لم آتي إلى هنا منذ أن سافرت" فنظر لها أسامة وإبتسم وهو يومىء برأسه وتن*د ثم قالت له "أسامة ...أريد حلوى غزل البنات" ثم أغمضت عيناها وفتحتهما عدة مرات فضحك على تصرفها وقال لها "حسناً تعالي" وذهبا سوياً إلى بائع الحلوى وأثناء إنتظارهما إياها رأت منى بائعة تبيع بعض الحلي الجميلة في الجهة المقابلة من الطريق فإلتفتت لتراهم ولم تنتبه للطريق وإذ بدراجة مسرعة تتجه نحوها لمحها أسامة فأسرع وقال "إحترسي" ثم جذبها بشدة إليه حتى أنهما إقتربا من بعضهما البعض جداً، شعرا أسامة ومنى بالإرتباك ثم إبتعدت منى عنه قليلاً فصاح بها "مابك إحترسي من الطريق" فأومأت برأسها ولايزال الاحراج بادياً عليها وقالت له "حسناً".
أخيراً عاد أسامة ومنى إلى المنزل حيث إستقبلهما والديهما وقبل أن يقولا شىء قال أسامة "منى لاشأن لها أنا من أخذتها وذهبنا في نزهة سويا" فرد والده "أتمزح هل هذا وقت نزهة" فرد أسامة وهل هناك وقت أخر قبل ان أتزوج أو ليس لنا الحق في ذكرى واحدة مع خطيبتي؟!" فقال والده "لد*ك العمر كله بعد الزواج" فقال أسامة هذا شىء أخر ..على العموم أبي أنا حقاً متعب للغاية و*داً يوم طويل وشاق سوف أذهب لأنام الآن تصبحون على خير" ثم أمسك بيد منى وهو يقول "هيا أنتي الأخرى أيضاً" ثم صعد كل واحد إلى غرفته.
دخل أسامة غرفته وأغلق الباب خلفه ثم استلقى على سريره وراح يتذكر ماحدث طوال اليوم ويبتسم عندما يتذكر منى وتصرفاتها وأثناء تفكيره جلس فجأة وهو يهز رأسه وكأنه في غفوة ويحاول الإستيقاظ وقال لنفسه "ما الذي أفعله؟ مابي؟ ....حقاً ما الذي فعلته؟...كيف وافقت على هذا الزواج بل وأقنعت منى به؟.... ما الأمر؟ وما هذا الشعور الذي ينتابني كلما رأيتها وكلما اقتربت منها؟" ثم **ت قليلا وفكر "ربما يكون شفقة لكن شفقة على من على منى، ولو شفقة هل تجعلني أفقد كل تفكيري عندما ألمح دموع بعيونها وأن أفعل أي شىء لأجعلها تضحك؟" ثم قال "ولماذا ضحكتها تأخذني إلى عالم أخر؟" ، "لالالا هي تفعل هذا بي منذ أن كانت طفلة صغيرة ضحكتها جميلة وتأسر القلوب" ، "لكنها الأن ليست طفلة بل فتاة وفتاة جميلة جداً وكل مافيها يأسر القلوب" ثم قال لنفسه "لالالا ما الذي حدث بي منذ أن رأيتها هنا من المؤكد الذكريات والمكان هو مايجعلني أتصرف هكذا فقد كانت معي بالقاهرة وحتى لم ألاحظ أنها هي" ثم أكمل "بشرى هي حبيبتي منذ أكثر من سبع سنوات وأخيراً صارحتها بمشاعري، مايحدث معي الأن لا شىء سوى بعض الحنين للماضي الذي سيزول بمجرد عودتي إلى القاهرة"، ثم ألقى بنفسه على السرير مرة أخرى ونظر إلى هاتفه حيث كانت الصور الذي التقطها مع منى اليوم ف*نهد وهو ينظر لإحداهما وقال "ويجب ان أعود سريعا جداً".