في تمام الساعة التاسعة كان الحفل الذي أعدت له بشرى قد إكتمل بكافتريا الجامعة، لم يحضر والدى بشرى مع أن والدها كان على علم بكل شىء لكنه تركها تفعل ماتريد، وفي الحفل إجتمع إصطاف التدريس كله، وبعض الأصدقاء ومن ضمنهم منى بالطبع فهي أحد أقارب العريس وجلس الجميع، وهنأ كل واحد العروسان ثم وقفا أسامة وبشرى في منتصف الحفل وشكرا كل من حضر، ثم أخرج أسامة خاتم الخطبة وألبسه لبشرى وكذلك فعلت بشرى وبعد أن ألبسته الخاتم إذ بها تضع قبلة صغيرة على خد أسامة أمام الجميع فإبتسم أسامة، ثم حيا الجميع بصوت مرتفع "أسامة وبشرى".
كانت منى تراقب الموقف من بعيد وهي تجلس بإحدى الطاولات، وتنظر إلى أسامة دون أن تنطق بكلمة واحدة سوى عندما وقفت لتهنئهم بدورها وبعد أن لبسا العروسان المحابس خرجت منى إلى الحديقة.
كان أسامة يراقب منى بقلبه قبل عينه، وكأن قلبه لايوافق عما يحدث ويريد أن يذهب لمنى لكن أسامة لم يتبع مايقول له قلبه وبقى مع بشرى وظل هكذا إلى أن نظر إلى طاولتها ولم يجدها هناك، في هذه اللحظة طار عقله ودفعه قلبه ليبحث عنها، فإستأذن من بشرى دقيقة ثم خرج ليبحث عنها وما أن رأها بالحديقة حتى تنفس الصعداء وإقترب منها ثم قال لها "كيف حالك؟" فإبتسمت منى وقالت له "بخير" فقال لها "لماذا أنتي هنا؟" فقالت له "لاشىء إحتجت لبعض الهواء" فقال لها "حسناً" ثم تن*د وقال "أنا يجب أن أوصل بشرى إلى منزلها هل ستتمكنين من العودة بمفردك؟" فأومأت برأسها بالإيجاب ثم قالت له "لا تقلق" فأومأ أسامة برأسه وهمّ للذهاب إلا أن منى نادته "أسامة" فقال لها "نعم" فردت منى "مب**ك" فقال لها "الله يبارك فيكي ... شكراً" ثم عاد ليأخذ بشرى لمنزلها.
ما أن أوصل أسامة بشرى إلى منزلها وقبلته هي على خده مرة أخرى وودعها حتى أمسك بهاتفه وراح يتصل بمنى لكنها لم ترد فأسرع وأدار سيارته ليذهب لها بسرعة إلا أنها أرسلت رسالة له تقول فيها (قد كنت قد نمت عفواً وسوف أعود للنوم لا تقلق واستمتع بوقتك) خبط أسامة على تابلوه السيارة بقبضة يده وكأنه يريد أن يبكي لكنه تن*د وتماسك ثم أسرع وقاد السيارة في طريق العودة إلى المنزل.
دخل أسامة إلى شقته وقد كانت هادئة إلى أبعد حد، ويبدو أن منى قد نامت بالفعل، ففتح باب غرفتها بهدوء ليطمئن عليها لكنه فوجىء بسريرها خال وكاد أن يفقد عقله لولا انه لمحها تقف أمام النافذة تنظر منها، ويمكنك أن تعرف من الوهلة الأولى أنها تبكي بشدة لدرجة أنها لم تشعر بأسامة عندما آتي ولا عندما فتح باب الغرفة.
"منى" نادى أسامة منى "فإنتبهت له وحاولت أن تتماسك لكنها لم تستطع وإستمرت في البكاء ولم تلتفت له، فأمسك أسامة بذراعها ليجعلها تلتفت إليه وإذ بالدموع تملأ عيونها بل ووجهها كله فسألها "مابك؟!" فردت بنفس متقطع "لاشىء لكن قلبي يؤلمني قليلاً" ثم حاولت أن تأخذ نفسها لكنها ازدادت في البكاء وقالت "بل كثيراً،....لا أعلم هذه المرة يؤلمني بشدة، آلم لا أستطيع تحمله حتى" ثم أجهشت بالبكاء فضمها أسامة إليه وهو يحاول أن يهدئها بل ويهدىء قلبه الغاضب هو الأخر، وبعد قليل أبعدها عنه قليلاً ليرى عيونها فرفع وجهها الذي أصبح أحمر من شدة البكاء ومسح دموعها ثم اقترب منها وقبلها.
إستيقظ أسامة وهو يقبل منى فهذا إعتراف منه لها بحبه وان هذا يعني انها ستحرص على ان يكون بينهم طفل كما أخبرته قبلا فإبتعد عنها بغتة وصاح "ماذا تفعلين؟" نظرت له منى بدهشة فهي لم تفعل شىء وقالت له "أفعل ماذا؟!" فقال لها "هيا إلى النوم غداً يوجد جامعة أم نسيتي" فنظرت له منى وهي تحاول أن تستوعب ماحدث لكن أسامة خرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه.
ما أن دخل أسامة غرفته وأغلق الباب حتى أيقن أن قلبه أصبح الآن ملك لمنى ولا يوجد منافس لها، لكن لايمكنه أن يخبرها بالأمر ففي هذه الحالة ستفعل كما قالت ولن تتنازل عن أن تعيش حياة طبيعية وإنجاب طفل، وبالطبع الخطورة على حياتها، لذا فمن الأفضل أن تظن أنه لا يحبها لكنه لن يتركها، لاحقاً سيترك بشرى، لكن لن يترك منى وان لم يعترف لها بحبه يكفي أن يظلا معاً.
ظلت منى تفكر فيما حدث وفيما يعنيه مافعله أسامة "هل من الممكن أن .....حقاً" ثم راحت تتذكر ماكان يفعله معها طوال هذا الوقت لكنها لم تتأكد من شىء إلا أنها توقفت عن البكاء ونامت حتى الصباح.
في الصباح ذهبا الاثنان معاً إلى الجامعة، إلا أنهما منذ أن إستيقظا وحتى عندما استقلا السيارة معاً كان أسامة يتحاشا النظر إليها مما زاد من شكوكها وهي طوال الطريق تنظر له لتفهم مافي داخله، أخيراً وصلا الإثنان إلى الجامعة وما أن وصلت حتى أسرع أسامة ودخل إلى الجراج، واستمر أسامة هكذا أثناء المحاضرة بل وفي المعمل أيضاً وطوال هذا الوقت كانت منى تراقبه وتلاحظ التغيير عليه.
"دكتور حسام" نادى عادل على دكتور حسام وهو يسير برفقة منى وهالة وهند فقال له حسام بعد أن جاء وإنضم لهم "نعم يافتى" فسأله عادل "أحقاً كان هناك حفل خطبة بالأمس؟" فأومأ دكتور حسام برأسه بالإيجاب وقال "حفل خطبة دكتور أسامة ودكتور بشرى" فرد عادل "حقاً وهل كانت هناك مشروبات؟" فأجاب حسام "بالطبع" فقال عادل "حقاً...مشروبات عادية أم خمر و إلخ" فضحك حسام وقال له "خمر في وجود أسامة" فقال له عادل "ألم تكونوا بالخارج فمن المؤكد أن هذا أمر عادي بالنسبة لكم" فرد حسام ربما بالنسبة لي لكن للدكتور أسامة لايمكن فهو لا يتحمل كأس واحداً من الخمر حتى الشامبانيا فما أن يتناولها حتى يخرج كل مافي قلبه من كره وحب فذات مرة شرب كأس واحد فذهب لصاحبة المنزل الذي كنا نعيش فيه وأخبرها اننا نحبها وأخبر زوجها اننا نكرهه وطُردنا في هذا اليوم ههههههه" فنظرت له منى وقالت "الشامبانيا" فأومأ حسام برأسه ثم قال لهم "لكن لايجب أن يعرف أحد بالأمر فليكن سر بيننا" ثم أسرع وذهب.
علق كلام حسام بعقل منى " يتحمل كأس واحداً من الشامبانيا فما أن يتناولها حتى يخرج كل مافي قلبه من كره وحب" وراحت تفكر في الأمر طوال اليوم وفي نهاية اليوم إتخذت قرارها.
"عادل" نادت منى فقال لها "نعم يامنى" فقالت له "هل لي بخدمة من فضلك؟" فقال لها "أنتي تأمري" فقالت له "أريد زجاجة شامبانيا" فقطب عادل حاجباه ونظر لها وهو متعجب "ماذا؟!" فقالت له "زجاجة شامبانيا... هل تستطيع؟" فقال لها "بالطبع لكن لماذا؟ هل قررتي تجربتها؟" فض*بته ض*بة خفيفة على كتفه بكتابها وقالت له "بالطبع لا ...هدية لشخص ما" فقال لها "من؟! أنا!" فقالت له بالطبع لا" ثم قالت له وقد بدأ صبرها ينفذ "هل ستأتي لي بواحدة أم" فقاطعها "حسناً حسناً متى تريدينها" فقالت له "الآن لو أمكن" فقال لها "حسناً هل تنتظريني قليلاً سأشتريها لكنك ستأخذيها خارج الجامعة" فأومأت برأسها بالموافقة.
في المساء عاد أسامة وحده من الجامعة فقد إتصلت به منى وأخبرته أنها ستعود إلى المنزل مبكراً لذا فقد انتهز الفرصة وظل يعمل لوقت متأخر، دخل أسامة إلى المنزل وإذ بمنى لازالت مستيقظة وتجلس بغرفة المعيشة، فتعجب أسامة لجلوسها وحدها هكذا فوضع ما بيده على الطاولة وما أن دخل حتى تفاجأ بزجاجة الشامبانيا موضوعة أمام منى وهي تهم لتشرب كأس، فأسرع وأخذه منها وهو يصيح "ماذا تفعلين يامجنونة؟" فردت عليه دون أن تنظر له "ماذا أفعل؟!...يقولون أنها تجعل الانسان ينسى" فقال لها أسامة "هل ذهب عقلك؟! أنسيت ما الذي تعاني منه" فنظرت له "للأسف لا، هذا هو ما أريد أن أنساه ولو ليوم واحد...يوم واحد فقط أشعر أن حياتي ملكي وليست متوقفة على قلب ضعيف" ثم أمسكت بالكأس وأخذته منه لتشربه إلا أن أسامة قال لها "لا" وحاول أخذه منها فقالت له "لن أتركه" فقال لها "وأنا لن أدعك تفعلي هذا" فقالت له "إذاً فلتشرب بدلاً منى" وهنا تفاجأ أسامة بما طلبته منى فأعادت منى كلامها "هل ستفعل؟" وهنا إبتلع أسامة ريقه فهو يعلم ماذا تفعل به الشامبانيا فأخذت منى الكأس ووضعته على فمها فأمسك أسامة بها وقال "حسناً سأفعل" ثم قطب حاجباه وشرب الكأس فقالت له "مرة أخرى" فنظر لها وهو لايعرف ماعليه فعله ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره ثم ملأ كأس أخر وشربه ثم قال لها "هل من الممكن أن تذهبي لغرفتك الآن" فأومأت برأسها وقالت له "بعد قليل" ثم إنتظرت قليلاً وسألته "أسامة هل حقاً تحب بشرى؟" فأومأ أسامة برأسه بالإيجاب وهو يحاول أن يتماسك من تأثير الشامبانيا وقال لها "بالطبع وإلا لماذا قمت بخطبتها" فقالت له "حقاً؟!" فقال لها "بشرى أنا معجب بها منذ أكثر من سبع سنوات وأخيراً إعترفت لها بذلك فبالطبع أنا أحبها" فنظرت له منى وقد بدأت الدموع تظهر بعيونها "وما الذي يعنيه الذي فعلته بالأمس" فنظر إليها وقد بدأ تأثير الشامبانيا يتملكه وقال "لاشىء" فنظرت له وكأن الكلمة آلمتها وقالت له "لاشىء!" فأومأ برأسه بالإيجاب فقالت له منى وهي تحاول ان تبتسم "حقاً...حسناً" فقال لها أسامة "ألن تنامي" فأومأت برأسها ثم وقفت لتذهب إلى غرفتها وقد بدا انها قد تأكدت من أن حبها من طرف واحد، ودخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها ثم جلست على السرير وأزاحت شعرها كله للخلف ثم راحت تتذكر ذكراياتها معه منذ أن عاد وقبلته معها وحتى كلامه أخيراً والتي أيقنت منه أنها فقدته وهنا وضعت وجهها بين راحتيها وراحت تبكي بشدة.
بعد أن ذهبت منى بدأ تأثير الشامبانيا يظهر على أسامة الذي كان يحاول جاهداً أن يتماسك حتى تدخل منى غرفتها، وما أن دخلت حتى قام هو الأخر وأخذ هاتفه ليدخل إلى غرفته، إلا أنه أثناء مروره أمام غرفتها سمع صوت بكائها الشديد وصوت أنفاسها وقد بدأ يتقطع، وهنا لم يتحمل قلبه فأسرع وفتح باب الغرفة وركع أمامها وهي جالسة على السرير وأزاح يدها عن وجهها وقبلهما ونظر لعيونها المليئة بالدموع ومسحها بيده عن وجهها وقبل أن يقترب منها رن هاتفه وإذ بها بشرى فوضع الهاتف على المنضدة وأزاحه بعيداً ثم عاد لمنى واقترب منها أكثر وقبلها و.....
إستيقظ أسامة في الصباح وكأنه كان في حلم جميل لايريد أن يستيقظ منه حتى أنه تن*د قبل أن يفتح عينيه ليعود إلى الواقع، وما أن فتح عينيه حتى إكتشف أن هذه ليست غرفته وانها غرفة منى فنهض بسرعة وهو في ذهول ونظر بجانبه ليجد منى وقد ...، لم يصدق أسامة ماحدث ووضع يده على رأسه وهو يحاول أن يتذكر ماحدث ويتمتم "ما الذي فعلته؟" ثم نظر إلى منى وهو في قلق شديد "منى ....منى هل أنتي بخير؟" فتحت منى عيناها وإبتسمت عندما رأت أسامة إلا أن إبتسامتها تلاشت عندما رأته على هذه الحالة ونهضت هي الأخرى وقالت له بقلق "مابك؟" فقال لها "ما الذي حدث؟!، كيف حدث هذا؟!، هل أنتي بخير؟!" فأومأت منى برأسها وقالت له "نعم أنا بخير" ثم وضع يده على رأسه وكأنه يحاول أن يتذكر ثم قال "الشامبانيا" ثم عاد وقال "نعم الخطورة ليست في هذا الخطورة إذا ماحدث حمل!!!" ثم قال والقلق يكاد يقتله "كان علينا الذهاب إلى الطبيب في ذلك اليوم كان علينا" أمسكت منى بيده وقالت له "إهدأ أرجوك لاداعي لكل هذا" فقال لها وقد بدأت الدموع تزحف لعينيه "كيف أهدأ...كيف أهدأ وقد يحدث لك شىء" فأمسكت بوجهه بين يديها وهي تقول "إهدأ لن يحدث شىء" فنظر لها أسامة وهو متعجب "لماذا أنتي هادئة هكذا؟" ثم إبتلع ريقه وقد هدأ قلقه قليلا ثم جاءته فكرة لايمكنه أن يصدقها لكنه سأل منى "منى هل أنتي تعلمين أمري مع الخمر" ف**تت منى ولم تجب فأعاد سؤاله وقد بدأ صبره ينفذ فلم ترد ثم صاح "منى أجيبيني" فأومأت برأسها بالإيجاب ونظرت بعيداً عنه، فضحك أسامة وهو يقول "حقاً عرفتي نقطة ضعفي وإستغلتيها" ثم نظر بعيداً وقال "حبيبتي إستغلت نقطة ضعفي" فقالت له "لم تكن لتعترف بحبك سوى بهذه الطريقة" فصاح بوجهها وهو في شدة الغضب "حتى ولو، وهل تظنين أني هكذا قد إعترفت" ثم نهض وابتعد عنها وهمّ ليرتدي ملابسه ليذهب فقالت له "إلى أين ستذهب؟" فقال لها "ليس من شأنك" فقالت له "أسامة" فرد عليها "منى إبتعدي عني الآن لا أريد أن أراكي أمامي" فقالت له "أعرف أني أخطأت لكن... " فقاطعها "أخطئتي! أتسمين هذا خطأ...ألا تعلمين مانتيجة هذا إنها حياتك أيتها العنيدة المجنونة" ثم أكمل ملابسه بسرعة وأخذ أشيائه وهم ليخرج لكنه وقف قبل أن يمضي وقال دون ان يلتفت لها "إن حدث حمل سيتم إجهاضه سواء شئتي أم أبيتي" ثم خرج بسرعة من الغرفة ومن الشقة.
********
أسرعت منى وإرتدت ملابسها ولحقت بأسامة، إلا أنها وجدته قد غادر بالفعل فأخذت كتبها وذهبت إلى الجامعة ووجدته هناك، فذهبت إلى المحاضرة إلا أن أسامة قد إعتذر عن المحاضرة في هذا اليوم فاسرعت إلى مكتبه، وإذ بكافة الأساتذة بالقسم موجودون فلم تستطع التحدث أو الكلام، أما أسامة فقد رأها وهي تقف خارج المكتب لكنه تجاهل وجودها وراح يتحدث مع زملائه، لاحقاً حاولت منى الإتصال به كثيراً لكنه لم يرد على أي مكالمة وتغير أسامة معها بالفعل مائة وثمانون درجة، فأصبح لا يسأل عنها ولا أين هي ولا ماذا تفعل حتى عند مجيئها إلى الجامعة ومغادرتها يكون هو قد سبقها، في الصباح تستيقظ فلا تجده، وفي المساء يأتي بعد أن تنام، ولاحقاً في المحاضرات لم يكن ينظر بإتجاهها وإن سألت سؤال يجيب وكأنه يشرح للجميع وإستمر الحال هكذا لشهور وطوال الوقت كانت محاولات منى تبوء بالفشل حتى أنها جلست أخيرا تبكي ولا تعلم ما الذي عليها فعله، فإن لم تكن قد فعلت هذا ما كان سيعترف بحبه أبداً، وكاد يتزوج ببشرى، والآن قد فقدت ثقته بها "ماذا عليا أن أفعل؟" قالت منى وهي تحدث نفسها وتبكي.
"أسامة منى إبنة عمك أليست كذلك؟" سأل حسام أسامة فأجابه أسامة "نعم لماذا؟" فقال له حسام "أنا حقاً معجب بها وأريد ان أتقدم لخطبتها فهل تساندني أمام عائلتك؟" **ت أسامة قليلا وهو ينظر إلى الأوراق التي بيده لكنه توقف عن قرائتها، ثم تن*د ولم يجب فسأله حسام "ما رأيك؟" فلم يرد أسامة فناداه حسام "أسامة مابك؟" فإلتفت أسامة إلى حسام وقال له "لا لايمكن" فسأله حسام وقد تفاجىء من رد أسامة "لماذ؟" فقال له "دون سبب" فرد حسام وهو غاضب "لماذا....حسناً إن لم تجب سأذهب أنا لأسألها بنفسي" فأسرع أسامة وأمسك بحسام وجعله يجلس ونظر له "قلت لك لا" فنظر له حسام وهو في شدة غضبه "لماذا هذا الرفض المتعنت؟... هل هناك شىء بينكم أجيبني هيا؟" فرد أسامة وهو ثائر "منى مريضة" فنظر حسام في ذهول إلى أسامة وقال له "ماذا قلت؟! ماذا تعني؟" فرد أسامة "منى مريضة بالقلب وإن تزوجت لا يجب أن تنجب أطفال..... هل هذا ماتريده؟" فنظر حسام بعيداً عن أسامة وهو يحاول أن يستوعب ماسمعه "هذا الملاك مريض بالقلب!" راح حسام يتمتم بهذه الكلمات لنفسه فرد أسامة "نعم هذه هي الحقيقة وأرجوك لا تخبر أحد بالأمر فهي تريده سراً" فأومأ حسام برأسه بالإيجاب دون أن ينطق بكلمة.
شعر أسامة أنه قد إرتكب خطأ كبير بإخبار حسام عن الأمر، خاصة وأن منى لم تكن تريد لأي شخص بالجامعة أن يعرف بالأمر، فالشفقة في عيون الناس هي أكثر ما يقتلها أكثر من المرض نفسه، حتى انها رفضت جميع من تقدم لها دون أن تبدي هذا السبب.
لاحقاً خرج أسامة من الجامعة، وذهب إلى الجراج ليمضي، وما أن وصل حتى وقف لبرهة عندما وجد منى تنتظره جوار سيارته، فتجاهلها وإتجه ناحية باب السيارة إلا أنها أوقفته وقالت له "أسامة أرجوك إسمعني لايمكن أن نظل هكذا طوال العمر، أرجوك فلنتحدث قليلاً" فقال لها دون أن ينظر لها وهو يهمّ ليفتح باب السيارة "لايوجد مانتحدث به أو عنه الأمر منتهي يامنى" ثم أكمل بحزم وهو لايزال لاينظر لها لكنه توقف عن فتح الباب "أرجوك فلنبقى كأقارب أنتي ابنة عمي وسأحافظ عليك وأحميك أكثر من هذا لايوجد" .. ثم نظر إليها وهو يهز رأسه بالنفي وعلى وجهه يبدو الحزن والألم الشديد وقال "لايوجد" وهمّ ليمضي إلا انه وقف دقيقة وقال لها دون أن يلتفت لها "بالمناسبة، قد أخبرت حسام عن الأمر" فإلتفتت له وقالت "أي أمر؟!" فرد أسامة "بشأن حالتك الصحية" وهنا إتسعت عينا منى وهي لا تصدق ما تسمعه وأسرعت لتقف أمامه "ماذا قلت؟! أخبرته بماذا؟... بمرضي؟" فأجاب أسامة وقد أشاح بنظره بعيداً عنها قاطباً جبينه "نعم، قد طلب يدك مني ولم أجد سبب للرفض سوى هذا" فردت منى وقد بدأت الدموع تتسلل إلى عيونها أكثر "لم تجد سبب سوى هذا! ....حقاً!" فأومأ أسامة برأسه بالإيجاب وقال لها "نعم" فنظرت منى بعيداً عنه وعيناها مليئة بالدموع ولا تصدق أنها تسمع من أسامة هذا فقال لها أسامة "أرأيتي كم يؤلم؟" فردت منى وهي تومىء برأسها له بالإيجاب دون أن تنظر له وقالت "خاصة عندما يكون ممن تحب" ووضعت يدها على فمها وبكت بشدة وتركته وذهبت بسرعة مبتعدة بعيداً عنه.
أسرع أسامة ليلحق بمنى بالمنزل وما أن دخلت منى الشقة حتى ذهبت إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها فأتى أسامة من بعدها، إلا أنه وقف بالخارج فهو الأخر يشعر بالآلم والحيرة فقد جرحها بنفس السكين الذي جرحته به، فدخل هو الأخر غرفته وظلا الاثنان هكذا حتى الصباح.
في الصباح قرع أسامة باب غرفة منى لكنها لم تجب عليه فسألها "ألن تذهبي إلى الجامعة؟" فلم ترد عليه فقال لها "حسناً كما تشائين" ثم خرج وتركها هو.
بعد وصول أسامة إلى الجامعة، ذهب لإلقاء المحاضرة إلا أن منى لم تأتي وظل باله مشغول عليها حتى إنتهت المحاضرة، ولم يرفع عينه عن الهاتف لعلها تتصل لكنها لم تفعل أبداً، أخيراً جائته رسالة منها تقول فيها "حسناً إن كنت تريد أن يستمر الأمر هكذا، أنا سأذهب للمعمل لأحضر بعض الأشياء التي تركتها أمس، ولاحقاً فلنتقابل لننهي هذا الأمر، أنا لم أعد استطع التحمل أكثر من ذلك" ضحك أسامة ضحكة تهكمية على الرسالة لكنه لم يقل شىء فهو كان لا يزال غاضب منها ، ورغم من أن إفصاحه لحسام عن سرها قد جرحها لكن لايزال الأمر لم يمحي مافعلته، لذا أغلق هاتفه ووضعه على مكتبه.
"لماذا هاتفك مغلقاً؟" سأل حسام أسامة فقال له "لا أريد أن أتحدث مع أحد" فقال له حسام "حتى بشرى" فقال أسامة "أي أحد" فنظر له حسام وهو لايفهم مابه إلا أن دقائق ورنت سرينة الطوارىء فسأل أسامة حسام بفزع "ما هذا؟" فرد حسام وهو ينظر عبر النافذة خلفه"سرينة الطوارىء لكن ليس بالمبنى الخاص بنا" ثم أمسك حسام بالهاتف وإتصل بالأمن ليستفسر عن الأمر وبعد أن أنهى المكالمة سأله أسامة "ما الأمر؟" فقال حسام "يوجد تسرب غاز بمبنى المعامل وقد أُغلق المبنى آلياً الأن حتى يأتي المختصون" فأومأ أسامة برأسه وهو يتابع مايقوم به وأكمل حسام كلامه "المشكلة ان هناك فتاتان بالداخل" وهنا عقد أسامة حاجباه ثم إتسعت عينه وهو يفكر ثم أسرع أمسك بهاتفه وفتحه ليجد خمس إتصالات لم يرد عليها من منى وتذكر ان الرسالة مكتوب بها (أنا سأذهب للمعمل لأحضر بعض الأشياء)
ترك أسامة كل مافي يده وأسرع إلى المبنى، وإذ وجد هناك تجمهر من الأمن والطلبة لكن المختصين لم يصلوا بعد، فاسرع وأمسك بكرسي حديد وحطم باب الدخول الزجاجي الخاص بالمبنى وأسرع إلى الداخل، في الدور الأول وجد هالة وكانت تكاد تختنق لكنها لازالت واعية فأسرع وساعدها على الوصول إلى الخارج، ثم صعد المبنى وهو يحاول أن يبحث عن منى عن طريق إتصاله بها ولكن دون جدوى، أخيراً وجدها بالمعمل وقد غابت عن الوعي، "منى منى" صاح أسامة وهو يحاول أن يجعلها تستيقظ لكن دون فائدة وكانت رائحة الغاز شديدة جداً فحملها وأسرع بها إلى الخارج...
.