الفصل الخامس

2033 Words
مع خيوط الفجر الأولى وصل لمنزله وبصحبته ريم الصامتة بذهول مما يدور حولها محدثه نفسها أن ماحدث لابد أنه كابوس وسوف تستيقظ قريباً منه بالرغم من شعورها بقبضته التى تقبض على ذراعها بقسوة ساحباً إياها خلفه لتتحرك رغماً عنها كالمغيب الذى لا يملك من أمره شئ حتى وصل أمام باب شقته ففك أسر ذراعها من قبضته الحديدية ليفتح الباب وهنا كانت فرصتها لتركض هاربة نزولاً على السلم وكأنها تفر من الموت نفسه ولكنها لم تبتعد كثيراً فما هى إلا بضع درجات حتى وجدته يمسك بشعرها بقوة جاذباً إياها فى أحضانه وكمم فمها ثم حملها سريعاً والتفت صاعداً لشقته حيث أنزلها بعنف داخل الشقة وأغلق الباب بإحكام والتفت إليها بشراسة وعيون تشتعل بنيران الغضب تراجعت للخلف بخطوات حذرة وصرخت بوجهه بصوت مرتجف وكأن وعيها عاد إليها فجأة : أنت عاوز منى إيه .... خرجنى من هنا اقترب منها غير مبالى بصراخها فجريت لتتناول المزهرية من على المنضدة ورفعتها عالياً مهددة إياه بحزم : لو قربت منى هقتلك ارتفعت قهقهاته الساخرة واستمر بخطواته الثابتة تجاهها غير مبالى بتهديدها الواهى ، فألقت المزهرية فى وجهه ولكنه تفادها بمهارة وانقض عليها مكبلاً يديها بقوة ، شعرت بقوته وعدم جدوى مقاومته فهتفت بفزع متوسلة ومؤكدة على عدم البوح بجريمة قتله لفهد : أرجوك .... أرجوك أنا مش هفتح بقى .... أنا ماشفتش حاجة ومش هقول حاجة عنك لأى حد ..... بس سيبنى أمشى الله يخليك ..... والله أمى مريضة وأنا .آآآ... توقفت الحروف بفمها حين هوت يده على وجهها بصفعة قوية وقبل أن تدرك مايحدث هوت يده بصفعه أخرى أسقطتها أرضاً متألمة ومذعورة من ثورته وصوته المٌفزع وهو يقول بغضب : عاوزه تخدعينى تانى .... فاكره إنى هصدق دموعك وضعفك .... لأ دورى على تمثيلية تانية تضحكى بيها عليا أخفت وجهها متألمة ونظرت له وهو يقف أمامها كوحش كاسر لا يعرف الرحمة وتمتمت بخوف من بين دموعها متوسلة : أنت بتعمل كده ليه .... أنا آذيتك فى إيه ؟؟ رمقها بعيون مشتعلة كالجمرات من غضب ينبع من داخله وإحساسه الداخلى أنها خدعته ببراءتها وضعفها فتعاطف معها ولام نفسه على معاشرتها بينما هى فاسقة ساقطة تدعى البراءة وقد اكتشف كذبها بنفسه لم يمهل نفسه وقت للتفكير ولكن مد كفه قابضاً على ذراعها بقسوة ساحباً جسدها المسجى أرضاً تحت قدميه خلفه إلى غرفة نومه وهى تحاول الفكاك من قبضته و تصرخ بتوسل ليتركها وشأنها ودموعها تنساب على وجنتيها بحرقة فزعاً مما يخبئه لها القدر *********** بعد وقت ليس بالقصير خرج من المرحاض يلف خصره بمنشفة وعلى رأسه منشفة أخرى يجفف بها شعره الطويل ألقى نظره خاطفة على جسدها المسجى على الفراش فى سكون، ارتفعت شفته بابتسامة ساخرة وهتف بها بتهكم : لسه بتعيطى ...... مش فاهم بتعيطى ليه ديه شغلتك .... قومى خدى دش وأنتى تروقى لم يجد منها جواباً ولم تحرك ساكناً ، نظر لها بإمعان واقترب منها ليهز كتفها بقسوة منادياً باسمها ولكن لا إجابة ..... جلس على طرف الفراش بجانبها بتوجس و أزاح شعرها عن وجهها ثم خبط على وجنتها بظهر كفه برفق منادياً باسمها عدة مرات ولا إجابة منها أو أدنى حركة ، مد كفه ليلتقط يدها الباردة كالثلج فارتطمت يده بعلبة دواءه المنوم خاصته فارغة بجانبها والذى يتركه عادة على الكومود بجانب فراشه فالتقط العلبة مدركاً أنها قد أقدمت على التخلص من حياتها وتناولت محتويات العلبة دفعة واحدة نهض سريعاً وهو يسب ويلعن وارتدى ملابسه على عجل ثم هرع إلى المرحاض يحضر مئزر الحمام الوبرى ليدارى به جسدها العارى ثم حملها برفق هامساً بقلق فى أذنها : أوعى تموتى ....... خليكى معايا وأسرع بها خارج شقته فى محاولة لإنقاذ حياتها البائسة ************ فى الفندق انتشرت قوات الأمن ورجال البحث الجنائى فى جناح فهد الشامى لرفع البصمات ومعاينة الجثة المسجاة على الأرض برصاصة مخترقة الرأس وبجانبها يتكئ الرائد محمد صبرى على أحد ركبتيه يتفحص الجثة بعيون ثاقبة ويناقش الوضع مع خبير البحث الجنائى الذى أكد قائلاً : واضح أن القتيل ماحاولش يقاوم أو ما أقدرش يقاوم والرصاصة كانت مباشرة للمخ وقريبة جداً... شلت حركته مباشرة ومات فوراً هز الرائد رأسه بتفهم وعلى وجه نظرة ممتعضة وهو ينهض واقفاً وأكد بنبرة حازمة : دقق البحث يا هشام لازم نلاقى دليل يوصلنا للقاتل وقف خبير البحث الجنائى بجانبه وأشار للشرفة قائلاً بجدية : مفيش أى دليل غير على باب البلكونة... القفل اتفتح بأله حادة من الخارج وده مظهر العنف الوحيد فى الجناح غير كده تلفت حوله بتأكيد وأردف : زى ما أنت شايف ..... كل شئ مرتب وفى مكانه تحرك الرائد صبرى إلى منضدة منخفضة بالصالون الملحق بالجناح وأشار للكؤوس الموضوعة عليها متسائلاً : والكاسات ديه رفعت البصمات من عليها اقترب منه هشام مؤكداً : فريق البحث الجنائى رفع البصمات وهيستعلم عنها حالاً ..... بس مبدئياً واضح أنها قاعدة حظ وحريم ربت صبرى على كتفه مؤكداً على سرعة الانتهاء من التفتيش مع الدقة وإرسال التقرير إليه فى أسرع وقت ممكن وتركه متجهاً نحو حراس فهد الأربعة المراقبين للموقف وبدأ فى إلقاء أسئلته عليهم : مين فيكم اللى اكتشف الجثة؟ رفع أحدهم يده مجيباً عن سؤاله فأردف صبرى بسؤال آخر : امتى بالظبط اكتشفت الجثة وهل حركت أى شئ من مكانه؟ أجاب الرجل بهدوء : فهد بيه كان طلب نصحيه الساعة 8 ودخلت عشان أصحيه لقيته واقع على الأرض غرقان فى دمه.... بلغنا أمن الفندق علطول يبلغ البوليس وماحدش فينا لمس حاجة تجول صبرى وسطهم ببطئ ثم سأل مجدداً : كلكم طبعا كنتم متواجدين معاه بالليل أجاب رئيسهم بأدب : أحنا ملازمين ليه طول النهار لكن فى الليل بنأمن الجناح وبيفضل اتنين للحراسة قدام الجناح واتنين بياخدوا راحة زم صبرى فمه مفكراً ليسائل بجدية : لاحظتوا حاجة غريبة .... أى صوت وأنتوا قدام الجناح أجابه رئيسهم مرة أخرى : لا كل شئ كان طبيعى ومفيش أى أصوات غريبة التفت صبرى نحو الشرفة وسأل باهتمام : هل فتشتوا البلكونة كويس قبل دخوله هز رئيس الحراسة رأسه : ايوه قبل دخول فهد بيه الجناح أحنا بندخل نأمن ونفتش الجناح كله ومكانش فى حد أو حاجة غريبة ضيق صبرى نظره وهو يسأل بمكر : ومين اللى كان موجود فى السهرة هنا؟ تردد الرجل فى الإجابة قليلاً ثم أجاب بتأفف : أصدقاء عاديين وقف صبرى يشد قامته أمامه سائلاً باهتمام : زى مين ؟ عاوز اسماء ؟ نظر الحارس لزملائه بحيرة وحين أصر صبرى على الحصول على إجابة اضطر لأجابته : الحقيقة كانوا ستات ومشيوا بعد السهرة علطول تفحص صبرى وجه جيداً ثم سأله بخبث : يعنى مفيش واحدة كملت معاه السهرة تصنع الثبات ليجيبه سريعاً : لا كلهم مشيوا زفر صبرى بحنق ليسأل : أسمائهم إيه؟ رد الحارس ببرود : مش عارف .... دول بنات من النايت كلاب اللى فى الفندق وحضرتك عارف مش فارق أسمائهم لأنها غالباً مش الأسماء الحقيقية هز صبرى رأسه منهياً الحديث وهو يتأمل فى وجوههم : تمام .... اتفضلوا دلوقتى ولو احتجناكم تانى هنبعت لكم تدخل رئيس الحرس بأدب : تحت أمرك طبعاً بس أحنا هنغادر البلد فى خلال أيام وجودنا هنا بقى مالوش لازمه هز صبرى رأسه متفهماً وبنبرة جادة : تمام .... قبل سفركم تيجى تبلغنا بمعاد السفر ************ فى أحد العيادات الخاصة يتحرك رابح بقلق ذهاباً وإياباً أمام أحد الغرف المغلقة يدخن سيجارته المشتعلة كالنار التى تحرق قلبه ، قلبه الذى يصرخ الأن بدون سبب يعلمه ، يصرخ رغبة فى أن تعيش .... ألا تفارق الحياة ..... ألا تفارق حياته فُتح باب الغرفة فالتفت سريعاً ليقترب بخطوات واسعة سائلاً بلهفة : هاه ياحمدى .... عاملة إيه دلوقتى؟ وضع الطبيب حمدى يده على كتفه مطمئناً : اطمن .... هتبقى كويسة أن شاء الله .... أنا عملتلها غسيل معدة والحمدلله أنك جبتها بسرعة هز رابح رأسه مردداً الحمد ثم رفع رأسه سائلاً بلهفة حاول إخفائها : يعنى هيا فاقت دلوقتى ابتسم حمدى بخفة على لهفة صديقة ثم نفى مؤكداً : لأ ... هيا عندها انهيار عصبى وواضح أنها كانت واخده م**ر كمان غير الحبوب المنومة عشان كده فاقدة الوعى تماماً ضيق رابح عينيه مفكراً وردد بخفوت : م**ر! ثم التفت لحمدى متسائل باهتمام : م**ر ازاى ياحمدى يعنى هيا مدمنة هز كتفيه بعدم معرفة وأجابه بحيرة : أنا معرفهاش كويس بس شكلها مش مدمن ثم أردف بعملية : على أى حال أنا أخدت عينه من دمها وهبعتها للتحليل ووقتها هنعرف كل حاجة جلس رابح على أقرب مقعد مفكراً بعمق فى كلام الطبيب ، اقترب منه حمدى وجلس بجانبه سائلاً بجدية : رابح مين البنت ديه ... البنت اتعرضت لأعتداء عنيف ... مين اللى عمل فيها كده نهض رابح فجأة غاضباً وصاح بعصبية : أنت ما يخصكش يا حمدى .... تشوف شغلك وانت ساكت نهض حمدى بحدة واقفاً بجانبه هاتفاً بعصبية : لأ يخصنى يارابح .... المفروض أبلغ البوليس على الحالة اللى البنت فيها ديه التفت له رابح بعيون تشتعل غضباً محاولاً السيطرة على انفعاله فأردف حمدى بهدوء : أنا شايل جميلك ووقفتك جنبى بعد أهلى ما اتخلوا عنى وعمى اللى من لحمى ودمى طمع فى ميراثى ورمانى فى الشارع... وأنا طالب فى الطب لا حول ليا ولا قوة ولولا أنت وعز بعد ربنا ماكنش حقى هيرجعلى ولا هاعرف أكمل دراستى.... وعشان كده عمرى ما اتكلمت لما كنت بتيجى مصاب ومضروب برصاص ولا سألتك عن أى حاجه صمت للحظات ليلتقط أنفاسه ثم أكمل بجدية : بس الحالة اللى البنت فيها ديه ماحدش يرضى بيها والاعتداء العنيف اللى حصلها أكيد هو اللى دفعها تنتحر اقترب من رابح العاقد حاجبيه بغضب ليضع كفه على كتفه برفق مردفاً بثقة : ديه مش أخلاقك يارابح .... أكيد مش أنت اللى عملت كده صح أدار رأسه بهدوء نحو حمدى وتأمله للحظات ثم قال ببرود : أتأكد من حكاية الم**ر ديه ياحمدى وبلغنى أدرك حمدى رفض صديقه للحديث فهز رأسه بعملية : هبعت عينه الدم حالاً ..... وأنت حاول تريح شوية أنا مش هفتح العيادة النهاردة وهعدى عليك بعد العصر استدار ليغادر ولكن أوقفه نداء رابح ليهتف بقلق واضح : وهيا هتسيبها لوحدها كده ابتسم حمدى على قلق صديقة الذى يدعى الشراسة ولكنه يملك قلب رقيق يخفيه خلف قناع صرامته : ماتقلقش أنا ركبتلها محاليل وأضافت ليها مهدئ .... هى هتفضل نايمة دلوقتى وأنا هارجع قبل ماتفوق إن شاء الله استدار مغادراً وقبل خروجه نادى على رابح هاتفاً : فى سرير تانى فى الأوضة ...... ادخل ارتاح شوية شكلك هيجيلك انهيار أنت كمان *********** اقتربت نانسى بنشاط من الفيلا وعز يراقبها بابتسامة عريضة حتى وصلت أمامه فألقت التحية وسألته بشقاوة : عاوز بيانات تانية النهارده ظل على ابتسامته والتفت للحرس حوله وهو يقترب قليلاً مُخفضاً صوته : عاوز حاجة أهم من البيانات نظرت له بترقب وهزت رأسها بعدم فهم فأردف :عاوز معاد .... نشرب قهوة فى أى حته ونتكلم شوية ابتسمت بثقة وقالت بدلال : أنت طلبت قبل كده وقلتلك مابحبش القهوة أجاب وعينيه تغوص فى عينيها الواثقة : بلاش قهوة ..... عصير... آيس كريم ... اللى تحبيه المهم نتقابل زفرت بشقاوة وأمسكت بخصلة من شعرها تلويها بين أصابعها قائلة بمكر أنثوى : مش فاهمة نتقابل ليه! شعر أنها على وشك القبول فابتسم مُداعباَ : هتعرفى وأحنا قاعدين قدام العصير وحوالينا الخضرة والماء والوجه الحسن حررت خصلة شعرها من بين أصابعها ولوت رقبتها بدلال قائلة : أوكيه ... لما أشوف أخرتها معاك شد قامته بفخر واتسعت ابتسامته قائلاً : أخرتها خير أن شاء الله .... استناكى بعد التمرين اتسعت عينها بتفكر وتساءلت باستغراب : علطول كده ..... لا مش النهارده قطب بين حاجبيه بتجهم وتسائل : ليه بس ماكنا كويسين رفعت حاجبها بشقاوة هامسة : هحدد المعاد وأقولك .... وبعد اذنك بقى عشان أخرتنى ثم تركته لتدخل بخطوات واثقة وهى ترمقه بنظرات خاطفة وهو يتابعها بتمعن وإعجاب ************* فى الفندق وداخل جناح حرس فهد الشامى تقدم أحدهم ليسائل رئيسهم بجدية : أنت مابلغتش البوليس عن البنت اللى كانت مع فهد ليه؟ التفت لهم مجيباً بثقة : البنت ديه هتكون الخيط اللى يوصلنا للقاتل تدخل حارس أخر : أو يمكن تكون هى اللى قتلته فكر رئيسهم قليلاً ثم هز رأسه نافياً : لا ... الشرفة اتفتحت من الخارج يعنى فى زلمة تانى كان معاهم فى الغرفة وهي اللى تعرف شكله وتقدر تدلنا عليه فرك أحدهم رأسه بتفكر : أنا مش فاهم خرجت ازاى من غير مانشوفها بعد لحظات من الصمت فرقع أحدهم أصبعيه بحماس : فى شخص ومعاه واحدة خرجوا من الجناح المجاور قرب الفجر وكانوا لابسين ملابس رياضية وشكلهم طالعين رحلة .... ممكن يكون القاتل ومعاه البنت نظر له رئيسهم بغضب ونهض ليقترب منه ثم صفعه بقوة صارخاً به : ياغبى .... يعنى شوفتهم وفضلت قاعد ساكت ترنح الرجل من الصفعة ورد بحنق : كنت هعرف ازاى أن فهد اتقتل هو أمرنا نقعد خارج الجناح بعيد عنه وماسمعنا حاجة غريبة .... وهما شكلهم كأى اتنين طبيعين خارجين للرحلة أو فسحة قلب الرئيس شفته فى استياء سائلاً باهتمام : يعنى البنت شريكته فكر قليلاً قبل أن يردف : تعصر دماغك وتجيب ملامحهم بالظبط ... أخو فهد مش هيرتاح ألا لو انتقمنا لأخوه تقدم حارس أخر قائلاً بحماس : سهل نجيب البنت عن طريق ميمى و أنا فاكر شكل البنت كويس كمان ربت الرئيس على كتفه مشجعاً : جميل .... تبقى ميمى أول الخيط ***************
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD