الفصل السابع(7)

3512 Words
دلَـفت إلى داخل الغُـرفة وهي تحمل الصَّـغيرة على يدها بينما فِـراس تسـير به إلى الداخل ، وضعت مَـريم فوق الفراش الكبـير وبجانبها بعض الأل**ب ، لتلتفت بعدها إلى فِـراس الواقف ينظُـر إلى الصغيـرة ، هبطت حـلا إلى مستواه وأردفت وهي تمسح بكفها فوق شعره بحنان : قول لي يا فِـراس ، سيف يقرب لك أيه ؟ تطَـلَّع إليها فِـراس بطفوليـة رسمَت فوق شفتيها ابتسامة بسيطة حتى هتف : مامي قالت لي في الطريق إنه يبقى خالو ! عـقَّدت حاجبيها باستفهـام وتساءلت : هي مامتك فين ؟ كـان الصَّـغير على وشك أن يُجيبهـا ولكن قاطعهما دلوف سيف الذي أفزعهما ، هتفت حـلا صارخة في وجهه بتلقـائية : أنت متعرفش تدخل بهدوء أبـدًا ! مسـح سيف فوق وجهه بعُنف ، فقد بـدأ يسأم من هذا اليوم الذي لا ينتهي ، وكأن الجميع أقسـم على إصابته بالجـنون ، أخـذ نفسًـا عميقًا ليُردف بعدها : عـاوزك شويه يا حـلا . انتصبت حـلا في وقفتها وهتفت بتساؤل : خيـر عاوز أيه ؟ أردف مِن بين أسنـانه : أكيـد مش هنتكلم قدام العيال يعني ! عـقَّدت ذراعيها وأردفت بتهكُّم : هنتكلم فين يعني ؟ نفـذ صبره ولم يعد يطيق أي عناد فامتدت يده تقبض على كفها وتجُــرُّها خلفه إلى الشُّـرفة المُـلحقة بالغـرفة ، تركها بعنف ثُم أغلق زجاج الشرفة ووقف أمامها والغضب يتطاير من بين ملامحه : يـلا اتكلمي ! هتـفت بتهكُّـم : عن أيـه بالظبط ؟ ارتفعت سبابتـه في وجهها وأجاب : أنـا صبور معاكي لغاية دلوقتي قدري ده كويس ، اتكلمي عن اللي اسمه نـديم ده لغاية كنتي فين كده . تنـهَّدت بضيق وهي تسُب نـديم في نفسها ، كُل ما حدث سببه التَّـهور الذي فعله ، أردفت باختصـار : نـديم يبقى ابن خـالتي . عقَّـد ذراعيه وأردف بضيق : وهو ابن خالتك يمد أيده عليك ليه ؟ **ـتت لثوان حتى أجابته : أنـا يُعـتبر مليش في الدنيا غير نـديم ونـدى أخته ، نـديم عمل كده بس من خوفه عليـا . هتـف بانزعاج من حديثها : خـايف عليك من أيه ، دي مش ردة فعل طبيعيه ! ، أنتي كان بينك وبينه حاجه ؟ تجـهَّمت ملامحها عقب اتهامه الذي لم يرُق لها وهتفت بغضب : أيـه ده ، أنت أزاي تتهمني بحاجه زي دي ! نـديم زي أخويـا مش .... وفي لحـظة انقـطع حـديثها حينما اقتـرب منها وأسندها على حائط الشُّـرفة ثم حاصرها من جميع الجهات وهمس بهدوء : صـوتك عمال يعلى كُل شويه وأنا بصبر نفسي بالعافيـه ، يـلا قولي لي كنتي فين . كـان الصَّـمت حليفًـا لها هذه المرة ، تجـوَّلت بنظـرات عينيها فوق ملامح وجهه الرجولية ، حتَّـى ثبتت عينيها داخل عيناه صـاحبة اللون البُنـي ، لم تقوى على إخراج الكلمات من قُربه المهلك فهمست : كُـ كُنت في شغلي . عـقَّد حاجبيه بضيق وتساءل : شُـغل أيه ؟ أجـابته بتوتُّـر : أنـا بشتغـل في كافيتيـريا . أردف باختصـار : الشُّغل ده تنسيه تمامًا . اعتـرضت بانزعاج : لا طبـعًا مش من حقك ... قـاطع حديثها صوت الطرقات العالية المُستمرة فوق باب الغُـرفة ، خرج سيـف وخلفه حلا من الغُـرفة تُتابعه وهو يفتح باب الغُـرفة الذي أطلت منه ش*يقته ، أردف بتلهُّف : حبيبـتي أنتي كويسه ؟ رفعـت حـلا أحد حاجبيها وهي تُـتابع لُـطفه مع تلك الفتـاة الشابة ذات الوَجه الحسن ولكنه مشـوَّه قليلاً من الكدمات ، تنهـدت بضيق قبل أن تجد الطِّفل الصغير فِـراس يندفع نحو تلك القتـاة وهو يهتف : مـامي ! أردفت تمـارا بإحـراج : شُـكرًا إنك أخدت بالك من فِـراس يا سيف . هتف سيـف بإنزعاج : بطلي كلمة شُـكرًا دي بقى يا تمـارا ! تـابع حديثه وهو يتلفت نـحو حـلا الواقفة : نسيت أعـرفك يا تمـارا ، دي حـلا مراتي ، ودي تمـارا أختي يا حـلا . رفعت تمـارا حاجبيها بانـدهاش وهتفت بتساؤل : مـراتك ! نـظرت إليها حـلا باستفهام من سِـر تعجُّـبها ، حتى علت الابتسامة وجه تمـارا وهي تُـردف لأخـيها بصوت خـافض : يـاريت تكون أنت اللي اخترت المره دي يـا سيف . أومأ سيف رأسه بإيجاب لتهتف ش*يقته : عـرفت تختار يا سيـف ، هي جميله أوي . تقـدَّمت تمـارا نحو حـلا الواقفة تمُـد إليهـا كفـها لتـبادلها حـلا السلام سريـعًا لتُردف تمـارا برقة : مـب**ك يـا حـلا . بـادلتها حـلا بالابتسـام وهي تشكُـرها على مُباركتها بينما التفتت تـمارا نحو سيف وأردفت : مـاما قالت لي يا سيف إن أوضتي جهـزت ، فهاخد فِـراس وأروح الأوضه بقى . أجابـها سيـف بإيجاز : زي ما تحـبي يا تمـارا . امتـدت يد تمارا نحو يد صغيـرها وهي تأخذه للخارج مُـتجهة نحو غُـرفتها ليهتف سيـف : يـلا عشان هنروح أوضتنا . تسـمَّرت حلا في مكانها وهي تُخرج كلماتها بصعوبة : ا الأوضـه اللي أنت بتقول عليها دي ، هي نفسها الأوضه اللي ريهام اتجوزت فيها ؟ مسـح سيف فوق وجهه بعنف ، يبدو أن طيف زوجته الراحلة سيُـلاحقه طوال حياته المُقبلة ، هتف بانزعاج : لا ، قولت لهم يجهزوا جناح تاني أكبر ، بس تمارا متعرفش كده عشان هي لسه جايه النهارده . تنـفَّست بارتياح وأقبلت على مَـريم تحملها بين ذراعيها تُرافقه نحو الجناح الخاص بهما . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فـي أحد المنازل الـرَّاقية،، يجلـس ذلك الشَّـاب فوق أريكة المنزل واضعًـا قدمه فوق الأخرى ، بينما يستند بـذراعه فوق ظهر الأريكة بكُل غرور وعلى شفتيه ابتسـامة انتصار ، أنزل قدمه لتلمس الأرض حين استمع لصوت والدته المُـقبلة عليـه وبيدها صينية صغيرة فوقها أكواب من الشاي . هتفـت والدته وهي تضع الصينية فوق المنضدة الصغيرة : أنت مُـتأكد يـا رائد من اللي أنت بتعمله ده ؟ أجـابها رائـد بثقة : طبـعًا يا أمي ، هو أنا لو مش واثق كنت ظهرت لها نفسي كده ! وضعت والدته قـدمًا فوق الأخرى وارتشفت القليل من كوبها وأردفت : بنت سُـهير مش سهله خد بالك . ارتفعت أصوات ضحكات رائـد الذي نطق : لسـه مشكلتك مع سُـهير زي ما هي ! عقَّـدت والدته حاجبيها بانزعاج وأردفت بضيق : كان جد ونينتك بيفضلوها عليا ، عشان هي كانت بنت ناس إنما أنا أبويا كان هيفلس لولا إنه دخل شراكه مع عيلة أبوك وبعدها اتجوزت أبوك فكانوا يعايروني دايمًا بكده ، سُـهير لدعمها والقبر أنت مش شايف جوزها كتب لها الأراضي والأملاك اللي اشتراها لها أزاي ! أومـأ لها رائـد وهو يُردف : جدي ونينتي برضو مكنوش سهلين ، هم اللي أجبروها إنها تاخد بنتها وتهرب . أردفت والدته بتـأكيد : بس برضو عاوزاك تاخد حذرك من بنتها كويس . أردف رائـد بتأكيد : الحـذر ميتاخدش من حـلا ، لأ من جدي اللي لو عرف باللي أنا هعمـله معاها هيدفنني مكاني ، إنما إن كان عـلى حـلا فهي غبـيه بالنسبه لي ، واحده زيها وقعت مع حـد زي سيف الصاوي تفكر في الهبل اللي هي ناويه عليه ليه ! أردفت والـدته بحـقد : طالما أنت نويت ، فأنـا عاوزاك تفضحها في البلد كلها ، عاوزاها متبقاش عارفه تبص في وشوش الناس عاوزه أمها المخفيه تتحسر عليها . أردف رائـد وهو يرتشف الشاي من كوبه : متقلقـيش ، كُل شيء بأوانـه . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كـانت تمـارا تـداعب شعر صـغيرها الذي غفى ، لا تُـصدق أن كابوس زوجها قد انتهى ، تنتظـر فقط حُـريتها التي ستنالها حينما يدخل عليها ش*يقها بورقة طـلاقها ، انتبهت إلى صـوت طرقات الباب لتأذن لصاحبها بالدخول ، تصَـلَّبت واقفة حين وجدت نـائل يُقبل عليها ، حتَّـى توقف أمامها بمسـافة ليست بالقليلة . خـرج اسمه من بين شفتيـها بصعوبة : نـ نـائل ! لم يكُن حاله أفضل من حـالها حتى أردف الآخر : أزيـك يا تمـارا . أومـأت بإيجاب وطأطأت من رأسها للجانب بينما الدموع تجتمع في مُقلتيها وأردفت : لو جـاي تقول لي إن أنت كان عندك حق في اللي قولته يا نـائل فملوش لازمه ، أنا عرفت من بدري . اقتـرب نـائل منها بغضب وهو يمسكها من كتفيها وأردف بضيق : لو فاكره إني جاي أقول لك كده تبقي غلطانه يا تمارا ، يوم ما اتجوزتي أنا اتمنيت تبقي مبسوطه طول حياتك عشان أنا حبيتك بجد واللي بيحب حد بيتمنى يشوفه سعيد طول العُـمر يا تمـارا ، أنا لما عرفت اللي حصل من خالد كنت هقتل وليد ده بس عرفت إنه في السجن دلوقتي . هتفت تمـارا بتعجُّـب : دخل السجن ليه ؟ انزعج نـائل من نبرته التي ظنَّـها نبرة خوف وأردف بضيق : لسـه خايفه عليه بعد كل اللي حصل ؟! نفت بتعجُّـل : لأ ، بس هو دخل السجن ليه عاوزه أعرف مش أكتر ، أنا كده كده هتطلق منه . أردف نـائل بهدوء : عشـان هو ديلر يا تمـارا . شهـقة عالية خرجت من فم تمـارا عقب ما سمعته ، هي بالواقع كانت تشُك في زوجها أنه يتعاطى شيئًا ولكن لم تتوقع تجارته بها أبدًا . هتفت تمـارا بتساؤل : تعرف هو بيشتغل في الحاجات دي من أمتى ؟ ابتسـامة ساخرة ارتسمت فوق شفتي نـائل الذي أجاب : من قبل ما تعرفيه يا تمـارا . ازدردت ريقها بصعوبة وهي تهتف : سيـف يعرف ؟ أجاب نـائل وهو يتطلع إلى مـلامحها : لما أنتي عرفتي وليـد ، أنا اللي دورت وراه يا تمـارا ، قلبي كان بيتشق نصين في كل لحظه كنتي معاه فيها ، وقتها لما اتقدم لك قولت لسيف إني دورت ورا وليد وطلع ديلر ، عشان كده سيف عمل المستحيل عشان الجوازه دي تبوظ وعلى فكره هو قال لك وقتها أنه مش مظبوط بس أنتي فكرتيه بيعمل كده عشان بيستحقر بيئة وليد وكنتي وقتها هتموتي نفسك فسيف انسحب بهدوء وأنا كمان . سقطت فوق الفراش جـالسة وهي تضع يدها فوق رأسها وتهتف : خـلاص يا نـائل كفايه ! هبط نـائل أرضًا وامتدت يداه تُمسكان بكفَّـيها يُردف بهدوء : انسـي يا تمـارا ، خلاص كانت تجربه وهتختفي . تطلَّـعت تمـارا إليه بينما دموعها تتساقط فوق وجنتيها وهتفت : أنسى ! أنسى أيه يا نـائل ، إني كنت عيله ع**طه اتضحك عليها من واحد بيتاجر في الم**رات ! واحد كان كل هدفه يستغلني ويستغل فلوسي ! أنسى إن الإنسان اللي حبني بجد خسرته عشان واحد ميستاهلش ! قبض نـائل على كفيها بـقوَّة وأردف : الإنسان اللي حبك بجد لسه موجود ، كان مستنيك ترجعي له ، كنتي دعوه في كُل سجده سجدها قدام ربنا وأخي بتتحقق ، الإنسان اللي حبك بجد مش هيتخلى عنك المره دي ولا هيفرط فيك أبدًا . هتفت عاليًـا باسمه لتندفع بين أحضـانه تُعانقه ، بينما تتعالى شهقاتها وتتساقط دموعها فوق ملابسه ليهتف لها باطمئنان : عهد عليا أعوضك عن كُل حاجه حصلت لك يا تمـارا . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دلف نـديم إلى داخل المنزل لينتبه إلى ش*يقته الجـالسة فوق المنضدة تتناول طعامها لينضم إليها هو الآخر . هتفت نـدى باستفهام : قررت هتعمل أيـه مع حـلا ؟ عقَّـد نـديم حاجبيه قبل أن يهتف : معدش فيه وراكي غير سيرة حـلا يعني ! أجابتـه نـدى بإيجاز : الحق عليا ، قلبي عليك . ضحكة سـاخرة خرجت من بين شفتيه قبل أن يُردف : نـدى الأنانيه من صُغـرها قلبها عليا ، ده أنتي نفاقك خلاص عدى الحدود . أشارت إلى نفسها بتعجب تهتف : أنـا منافقه ؟ أجابها نـديم وهو ينظُر داخل عينيها : مش حـلا دي كانت زي أختك ؟ ، وأنتي النار واكلاك دلوقتي عشان اتجوزت واحد زي سيف الصاوي . نهضت نـدى من فوق المنضدة بغضب لتتجه نحو غُرفتها بينما هو همس لنفسه بانزعاج : حـوارات بنات بايخه . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دلَـفت إلى داخل الغُـرفة وهي تحمل الصَّـغيرة على يدها بينما فِـراس تسـير به إلى الداخل ، وضعت مَـريم فوق الفراش الكبـير وبجانبها بعض الأل**ب ، لتلتفت بعدها إلى فِـراس الواقف ينظُـر إلى الصغيـرة ، هبطت حـلا إلى مستواه وأردفت وهي تمسح بكفها فوق شعره بحنان : قول لي يا فِـراس ، سيف يقرب لك أيه ؟ تطَـلَّع إليها فِـراس بطفوليـة رسمَت فوق شفتيها ابتسامة بسيطة حتى هتف : مامي قالت لي في الطريق إنه يبقى خالو ! عـقَّدت حاجبيها باستفهـام وتساءلت : هي مامتك فين ؟ كـان الصَّـغير على وشك أن يُجيبهـا ولكن قاطعهما دلوف سيف الذي أفزعهما ، هتفت حـلا صارخة في وجهه بتلقـائية : أنت متعرفش تدخل بهدوء أبـدًا ! مسـح سيف فوق وجهه بعُنف ، فقد بـدأ يسأم من هذا اليوم الذي لا ينتهي ، وكأن الجميع أقسـم على إصابته بالجـنون ، أخـذ نفسًـا عميقًا ليُردف بعدها : عـاوزك شويه يا حـلا . انتصبت حـلا في وقفتها وهتفت بتساؤل : خيـر عاوز أيه ؟ أردف مِن بين أسنـانه : أكيـد مش هنتكلم قدام العيال يعني ! عـقَّدت ذراعيها وأردفت بتهكُّم : هنتكلم فين يعني ؟ نفـذ صبره ولم يعد يطيق أي عناد فامتدت يده تقبض على كفها وتجُــرُّها خلفه إلى الشُّـرفة المُـلحقة بالغـرفة ، تركها بعنف ثُم أغلق زجاج الشرفة ووقف أمامها والغضب يتطاير من بين ملامحه : يـلا اتكلمي ! هتـفت بتهكُّـم : عن أيـه بالظبط ؟ ارتفعت سبابتـه في وجهها وأجاب : أنـا صبور معاكي لغاية دلوقتي قدري ده كويس ، اتكلمي عن اللي اسمه نـديم ده لغاية كنتي فين كده . تنـهَّدت بضيق وهي تسُب نـديم في نفسها ، كُل ما حدث سببه التَّـهور الذي فعله ، أردفت باختصـار : نـديم يبقى ابن خـالتي . عقَّـد ذراعيه وأردف بضيق : وهو ابن خالتك يمد أيده عليك ليه ؟ **ـتت لثوان حتى أجابته : أنـا يُعـتبر مليش في الدنيا غير نـديم ونـدى أخته ، نـديم عمل كده بس من خوفه عليـا . هتـف بانزعاج من حديثها : خـايف عليك من أيه ، دي مش ردة فعل طبيعيه ! ، أنتي كان بينك وبينه حاجه ؟ تجـهَّمت ملامحها عقب اتهامه الذي لم يرُق لها وهتفت بغضب : أيـه ده ، أنت أزاي تتهمني بحاجه زي دي ! نـديم زي أخويـا مش .... وفي لحـظة انقـطع حـديثها حينما اقتـرب منها وأسندها على حائط الشُّـرفة ثم حاصرها من جميع الجهات وهمس بهدوء : صـوتك عمال يعلى كُل شويه وأنا بصبر نفسي بالعافيـه ، يـلا قولي لي كنتي فين . كـان الصَّـمت حليفًـا لها هذه المرة ، تجـوَّلت بنظـرات عينيها فوق ملامح وجهه الرجولية ، حتَّـى ثبتت عينيها داخل عيناه صـاحبة اللون البُنـي ، لم تقوى على إخراج الكلمات من قُربه المهلك فهمست : كُـ كُنت في شغلي . عـقَّد حاجبيه بضيق وتساءل : شُـغل أيه ؟ أجـابته بتوتُّـر : أنـا بشتغـل في كافيتيـريا . أردف باختصـار : الشُّغل ده تنسيه تمامًا . اعتـرضت بانزعاج : لا طبـعًا مش من حقك ... قـاطع حديثها صوت الطرقات العالية المُستمرة فوق باب الغُـرفة ، خرج سيـف وخلفه حلا من الغُـرفة تُتابعه وهو يفتح باب الغُـرفة الذي أطلت منه ش*يقته ، أردف بتلهُّف : حبيبـتي أنتي كويسه ؟ رفعـت حـلا أحد حاجبيها وهي تُـتابع لُـطفه مع تلك الفتـاة الشابة ذات الوَجه الحسن ولكنه مشـوَّه قليلاً من الكدمات ، تنهـدت بضيق قبل أن تجد الطِّفل الصغير فِـراس يندفع نحو تلك القتـاة وهو يهتف : مـامي ! أردفت تمـارا بإحـراج : شُـكرًا إنك أخدت بالك من فِـراس يا سيف . هتف سيـف بإنزعاج : بطلي كلمة شُـكرًا دي بقى يا تمـارا ! تـابع حديثه وهو يتلفت نـحو حـلا الواقفة : نسيت أعـرفك يا تمـارا ، دي حـلا مراتي ، ودي تمـارا أختي يا حـلا . رفعت تمـارا حاجبيها بانـدهاش وهتفت بتساؤل : مـراتك ! نـظرت إليها حـلا باستفهام من سِـر تعجُّـبها ، حتى علت الابتسامة وجه تمـارا وهي تُـردف لأخـيها بصوت خـافض : يـاريت تكون أنت اللي اخترت المره دي يـا سيف . أومأ سيف رأسه بإيجاب لتهتف ش*يقته : عـرفت تختار يا سيـف ، هي جميله أوي . تقـدَّمت تمـارا نحو حـلا الواقفة تمُـد إليهـا كفـها لتـبادلها حـلا السلام سريـعًا لتُردف تمـارا برقة : مـب**ك يـا حـلا . بـادلتها حـلا بالابتسـام وهي تشكُـرها على مُباركتها بينما التفتت تـمارا نحو سيف وأردفت : مـاما قالت لي يا سيف إن أوضتي جهـزت ، فهاخد فِـراس وأروح الأوضه بقى . أجابـها سيـف بإيجاز : زي ما تحـبي يا تمـارا . امتـدت يد تمارا نحو يد صغيـرها وهي تأخذه للخارج مُـتجهة نحو غُـرفتها ليهتف سيـف : يـلا عشان هنروح أوضتنا . تسـمَّرت حلا في مكانها وهي تُخرج كلماتها بصعوبة : ا الأوضـه اللي أنت بتقول عليها دي ، هي نفسها الأوضه اللي ريهام اتجوزت فيها ؟ مسـح سيف فوق وجهه بعنف ، يبدو أن طيف زوجته الراحلة سيُـلاحقه طوال حياته المُقبلة ، هتف بانزعاج : لا ، قولت لهم يجهزوا جناح تاني أكبر ، بس تمارا متعرفش كده عشان هي لسه جايه النهارده . تنـفَّست بارتياح وأقبلت على مَـريم تحملها بين ذراعيها تُرافقه نحو الجناح الخاص بهما . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فـي أحد المنازل الـرَّاقية،، يجلـس ذلك الشَّـاب فوق أريكة المنزل واضعًـا قدمه فوق الأخرى ، بينما يستند بـذراعه فوق ظهر الأريكة بكُل غرور وعلى شفتيه ابتسـامة انتصار ، أنزل قدمه لتلمس الأرض حين استمع لصوت والدته المُـقبلة عليـه وبيدها صينية صغيرة فوقها أكواب من الشاي . هتفـت والدته وهي تضع الصينية فوق المنضدة الصغيرة : أنت مُـتأكد يـا رائد من اللي أنت بتعمله ده ؟ أجـابها رائـد بثقة : طبـعًا يا أمي ، هو أنا لو مش واثق كنت ظهرت لها نفسي كده ! وضعت والدته قـدمًا فوق الأخرى وارتشفت القليل من كوبها وأردفت : بنت سُـهير مش سهله خد بالك . ارتفعت أصوات ضحكات رائـد الذي نطق : لسـه مشكلتك مع سُـهير زي ما هي ! عقَّـدت والدته حاجبيها بانزعاج وأردفت بضيق : كان جد ونينتك بيفضلوها عليا ، عشان هي كانت بنت ناس إنما أنا أبويا كان هيفلس لولا إنه دخل شراكه مع عيلة أبوك وبعدها اتجوزت أبوك فكانوا يعايروني دايمًا بكده ، سُـهير لدعمها والقبر أنت مش شايف جوزها كتب لها الأراضي والأملاك اللي اشتراها لها أزاي ! أومـأ لها رائـد وهو يُردف : جدي ونينتي برضو مكنوش سهلين ، هم اللي أجبروها إنها تاخد بنتها وتهرب . أردفت والدته بتـأكيد : بس برضو عاوزاك تاخد حذرك من بنتها كويس . أردف رائـد بتأكيد : الحـذر ميتاخدش من حـلا ، لأ من جدي اللي لو عرف باللي أنا هعمـله معاها هيدفنني مكاني ، إنما إن كان عـلى حـلا فهي غبـيه بالنسبه لي ، واحده زيها وقعت مع حـد زي سيف الصاوي تفكر في الهبل اللي هي ناويه عليه ليه ! أردفت والـدته بحـقد : طالما أنت نويت ، فأنـا عاوزاك تفضحها في البلد كلها ، عاوزاها متبقاش عارفه تبص في وشوش الناس عاوزه أمها المخفيه تتحسر عليها . أردف رائـد وهو يرتشف الشاي من كوبه : متقلقـيش ، كُل شيء بأوانـه . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كـانت تمـارا تـداعب شعر صـغيرها الذي غفى ، لا تُـصدق أن كابوس زوجها قد انتهى ، تنتظـر فقط حُـريتها التي ستنالها حينما يدخل عليها ش*يقها بورقة طـلاقها ، انتبهت إلى صـوت طرقات الباب لتأذن لصاحبها بالدخول ، تصَـلَّبت واقفة حين وجدت نـائل يُقبل عليها ، حتَّـى توقف أمامها بمسـافة ليست بالقليلة . خـرج اسمه من بين شفتيـها بصعوبة : نـ نـائل ! لم يكُن حاله أفضل من حـالها حتى أردف الآخر : أزيـك يا تمـارا . أومـأت بإيجاب وطأطأت من رأسها للجانب بينما الدموع تجتمع في مُقلتيها وأردفت : لو جـاي تقول لي إن أنت كان عندك حق في اللي قولته يا نـائل فملوش لازمه ، أنا عرفت من بدري . اقتـرب نـائل منها بغضب وهو يمسكها من كتفيها وأردف بضيق : لو فاكره إني جاي أقول لك كده تبقي غلطانه يا تمارا ، يوم ما اتجوزتي أنا اتمنيت تبقي مبسوطه طول حياتك عشان أنا حبيتك بجد واللي بيحب حد بيتمنى يشوفه سعيد طول العُـمر يا تمـارا ، أنا لما عرفت اللي حصل من خالد كنت هقتل وليد ده بس عرفت إنه في السجن دلوقتي . هتفت تمـارا بتعجُّـب : دخل السجن ليه ؟ انزعج نـائل من نبرته التي ظنَّـها نبرة خوف وأردف بضيق : لسـه خايفه عليه بعد كل اللي حصل ؟! نفت بتعجُّـل : لأ ، بس هو دخل السجن ليه عاوزه أعرف مش أكتر ، أنا كده كده هتطلق منه . أردف نـائل بهدوء : عشـان هو ديلر يا تمـارا . شهـقة عالية خرجت من فم تمـارا عقب ما سمعته ، هي بالواقع كانت تشُك في زوجها أنه يتعاطى شيئًا ولكن لم تتوقع تجارته بها أبدًا . هتفت تمـارا بتساؤل : تعرف هو بيشتغل في الحاجات دي من أمتى ؟ ابتسـامة ساخرة ارتسمت فوق شفتي نـائل الذي أجاب : من قبل ما تعرفيه يا تمـارا . ازدردت ريقها بصعوبة وهي تهتف : سيـف يعرف ؟ أجاب نـائل وهو يتطلع إلى مـلامحها : لما أنتي عرفتي وليـد ، أنا اللي دورت وراه يا تمـارا ، قلبي كان بيتشق نصين في كل لحظه كنتي معاه فيها ، وقتها لما اتقدم لك قولت لسيف إني دورت ورا وليد وطلع ديلر ، عشان كده سيف عمل المستحيل عشان الجوازه دي تبوظ وعلى فكره هو قال لك وقتها أنه مش مظبوط بس أنتي فكرتيه بيعمل كده عشان بيستحقر بيئة وليد وكنتي وقتها هتموتي نفسك فسيف انسحب بهدوء وأنا كمان . سقطت فوق الفراش جـالسة وهي تضع يدها فوق رأسها وتهتف : خـلاص يا نـائل كفايه ! هبط نـائل أرضًا وامتدت يداه تُمسكان بكفَّـيها يُردف بهدوء : انسـي يا تمـارا ، خلاص كانت تجربه وهتختفي . تطلَّـعت تمـارا إليه بينما دموعها تتساقط فوق وجنتيها وهتفت : أنسى ! أنسى أيه يا نـائل ، إني كنت عيله ع**طه اتضحك عليها من واحد بيتاجر في الم**رات ! واحد كان كل هدفه يستغلني ويستغل فلوسي ! أنسى إن الإنسان اللي حبني بجد خسرته عشان واحد ميستاهلش ! قبض نـائل على كفيها بـقوَّة وأردف : الإنسان اللي حبك بجد لسه موجود ، كان مستنيك ترجعي له ، كنتي دعوه في كُل سجده سجدها قدام ربنا وأخي بتتحقق ، الإنسان اللي حبك بجد مش هيتخلى عنك المره دي ولا هيفرط فيك أبدًا . هتفت عاليًـا باسمه لتندفع بين أحضـانه تُعانقه ، بينما تتعالى شهقاتها وتتساقط دموعها فوق ملابسه ليهتف لها باطمئنان : عهد عليا أعوضك عن كُل حاجه حصلت لك يا تمـارا . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ دلف نـديم إلى داخل المنزل لينتبه إلى ش*يقته الجـالسة فوق المنضدة تتناول طعامها لينضم إليها هو الآخر . هتفت نـدى باستفهام : قررت هتعمل أيـه مع حـلا ؟ عقَّـد نـديم حاجبيه قبل أن يهتف : معدش فيه وراكي غير سيرة حـلا يعني ! أجابتـه نـدى بإيجاز : الحق عليا ، قلبي عليك . ضحكة سـاخرة خرجت من بين شفتيه قبل أن يُردف : نـدى الأنانيه من صُغـرها قلبها عليا ، ده أنتي نفاقك خلاص عدى الحدود . أشارت إلى نفسها بتعجب تهتف : أنـا منافقه ؟ أجابها نـديم وهو ينظُر داخل عينيها : مش حـلا دي كانت زي أختك ؟ ، وأنتي النار واكلاك دلوقتي عشان اتجوزت واحد زي سيف الصاوي . نهضت نـدى من فوق المنضدة بغضب لتتجه نحو غُرفتها بينما هو همس لنفسه بانزعاج : حـوارات بنات بايخه . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD