الفصل السادس

2543 Words
_سأحرص على إفهامكِ الدرس بطريقتي الخاصة.. شددت من قبضتها علي عنق روز, عيناها تبرقان بشراسة مرعبة, إرتجفت روز بشدة تحاول الحديث, لكنها كانت تشعر بالإختناق, فقالت بتعثر:" أردت.. أردت فقط الحديث.. دعيني.." هدرت تمارا بجنون:" لا أريد الحديث معكِ, بل لا أريد رؤية وجهكِ.. تلك القذارة التي تعيشين فيها مارسيها بعيدًا عني.. نبهتكِ من قبل ولكنكِ لم تستمعي.." ابتعلت روز ريقها بصعوبة, تعقد حاجبيها بألم, قائلة:" تمارا سأختنق.." رغم أن روز كانت أطول من تمارا, لكن مظهر تمارا كان يُشعرها بالرعب وعدم القدرة على القيام بأي حركة للدفاع عن نفسها.. طرقت تمارا رأس روز بالحائط بقوة, هامسة بخطورة وشر:" أتعلمين ماذا أريد أن أفعل بكِ الآن.. أريد إقحام رأسك بالمرحاض.. أريد تقطيع أطراف أصابعك المق*فة التي تتطاولين بها, وتتلمس ذراعي.." اتسعت عيناها أكثر, تقول ببطء هامس كفحيح مرعب:" بل أريد أن أقتلع حنجرتكِ بأسناني, أشاهدكِ تنازعين مختنقة بدماءكِ القذرة.. أنتِ مجرد حثالة بواجهة إسم تم دهانه ليلمع؛ ولكن نسوا أن ينظفوه أولاً.." مطت شفتيها بإزدراء مكملة:" واجهتكِ اللامعة تخفي ذلك العفن الذي تراكم أسفله, وبدأ رائحته تفوح.. استمعي إليَّ ولن أقولها مرةً أخرى.. ابتعدي عني وإلا ستندمين.." كانت روز تنظر إليها بعينين متسعتين بذعر, محتقنة بدموع، شفتها السفلى ترتجف لا تستطيع الرد أو دفعها.. وتمارا تكمل بقسوة:" تجربتكِ السابقة, ومعاناتكِ لن أسمح لكِ أن تفرغيها بي.. إن كان أحدهم أساء إليكِ قبلاً؛ فليس شأني أن تحاولي اﻹنتقام والتصرف بقذارة معي كغيري.. أنا أختلف.." عقدت روز حاجبيها, وقالت بتحشرج:" تمارا.. أنا فقط أردت أن أودعكِ.. فأنا سأسافر.." حدجتها بإزدراء, وقالت وهي تترك عنقها, تبتعد عنها:" تودعينني!.. أنا لا أريد حتى النظر لوجهكِ.. يبدو أننا سنتخلص منكِ هنا.. وسيبتلى مكانًا آخر بكِ.." أطرقت روز ببصرها تسبل أهدابها, تبتسم بمرارة, قائلة:" أنتِ لا تعرفين ذلك المكان الذي سأذهب إليه.." وابتلعت ريقها بصعوبة ونظرت إليها بحزن مكملة:" لم أكن أستطيع الرحيل دون رؤيتكِ.." أغمضت تمارا عينيها تزم شفتيها بنفاذ صبر تكاد تشتعل غضبًا, صادحةً بجنون:" ألا تستمعين إليَّ!.. لا أريد رؤيتكِ.. هل أنتِ غ*ية لهذه الدرجة؟.. لا تجعليني أقوم بقتلكِ الآن.. إن كنتِ على علاقة بسهيل وأنا....." انتفض جسد روز بشكل ملحوظ, ودب رعبًا حقيقيًا بها, وهي تتذكر سهيل, فهتفت بتعلثم وهلع:" سهيل.. هل.. هل ستخبريه.. أتوسل إليكِ تمارا لا تخبريه بلقائنا.." عقدت تمارا حاجبيها, تميل برأسها للجانب قليلاً, تنظر إليها بدهشة من حالتها الغربية وجسدها المرتعش, تردد مستفهمة:" أخبره بلقائنا!.." اشتعلت عينا تمارا جنون بطريقة مضاعفة, متذكرة حديث سهيل معها بالسيارة, وطلبه منها أن تلقي إلى روز التحية.. ظنت خوف روز منها ليس إلا خوفًا من علاقتها مع سهيل.. فإندفعت مرة أخرى تمسك ب*عرها بعنف أمال عنق روز للجانب؛ هامسة من بين أسنانها بتشديد خطير:" لست مرسالاً بينكما.. أنا..." قاطعتها روز متوسلة:" لا تخبريه تمارا.. أنا.. أنا سأرحل.. إن علم بمقابلتنا سي......." قطع حديثها صوت الباب يفتح, وتدلف أحد الفتيات تنظر إليهما بأعين متسعة وفاه مفغر من منظرهما, تمارا ممسكة ب*عر روز, والأخيرة مرتعبة بشدة.. هتفت الفتاة بإرتياع:" ماذا يحدث هنا؟.." نظرت إليها تمارا صارخة بأمر مخيف:" اخرجي من هنا.." ارتد رأس الفتاة للخلف بخوف من هيئتها, تبتلع ريقها بتوتر, هاتفة بحنق:" ليس من حقكِ أن تتحدثِ معي بهذه الطريقة.. أنا سأخبر الأمن بما تفعلينه يا إرهابية.." رفعت تمارا حاجبها تحدجها بنظرة شريرة, وإبتسامة مخيفة قائلة:" إرهابية.. حسنًا وإن لم تخرجي سأقتلكِ مثلها الآن.. هيا اخرجي.." خرجت كلمتها الأخيرة صارخة؛ جعلت الفتاة تنتفض هاربة من الحمام تتعثر بخطواتها, والتفتت تمارا لروز مرة أخرى, تقول محذرة وقد اشتدت شفتاها لتصبحا كخط حاد:" قد تكوني معروفة وذات شأن هنا.. لكن بالنسبة لي أنتِ مجرد حثالة, مق*فة تثيرين بي الغثيان.. ألاعيبكِ لا تنطلي عليَّ, ولا تظني أنني قد أهابكِ, فأنتِ لا تعرفينني جيدًا.. فأنا أستطيع تلقينكِ درسًا لن تنسينه طوال حياتكِ البائسة.. ولن أهتم بأحد.. أفهمتِ؟!.." حركت تمارا حاجبيها محذرة, تدفعها بعيدًا عنها بعنف؛ ليرتطم ظهر روز بالحائط, ثم جمعت متعلقاتها وخرجت من الحمام.. ترحل من الجامعة كلها, تغلي غضبًا تلعن سهيل وروز معًا.. تهاوت روز على أرضية الحمام تشهق باكية رعبًاً من ذكر إسم سهيل وما قد يفعله بها إن علم مخالفتها لأمره وإقترابها من تمارا, هو حذرها وكان تحذيره واضحًا, رفعت يديها تتلمس وجهها بذعر, عيناها تتسعان بهلع حقيقي؛ تتذكر ما فعله سهيل المرة السابقة, وما قد يفعله بها إن علم.. اندفعت ميلينا إلى الحمام بخطوات راكضة, تنحني سريعًا بجوار روز.. تهتف بهلع:" روز.. روز ماذا حدث؟.. ماذا فعلت بكِ هذه الفتاة؟.." لم تعيرها روز أي إنتباه تنظر لأصابعها التي قد شُفيت مؤخرًا, ثم غطت وجهها بكفيها, تنتحب, بقوة تهتف بلا وعي:" هذه المرة سيفعلها.. لن يرحمني, الموت سيكون أهون عليَّ.. يا إلهي ماذا دهاني؟.. إنه مرعب.." هدرت ميلينا بنفاذ صبر:" كفي عن حديثكِ هذا.. أنا لا أفهم شيئًا.. ماذا فعلت بكِ تلك الفتاة؟.." نظرت إليها حنق بالغ, وعينان غاضبتان من تمسكها بتمارا شاعرة بالغيرة تفتك بها فأكملت معنفة بحقد شديد:" ثانيةً روز.. ألم تنتهي منها!.. ماذا يعجبكِ بها لهذه الدرجة؟.. تدفعينني بعيدًا عنكِ وتخبريني أنكِ ستسافرين, وعليكِ قطع صلتكِ بي.. ثم تأتين وتتحرشين بتلك العربية.. انظري إلى نفسكِ وماذا حدث لكِ!.. أولاً مع ابن عمها والآن معها.. ألم يكفيكِ ما أصابكِ المرة السابقة؟.. تبًا.." نهضت ميلينا بعنف ورفعت يديها تضغط على جانبي رأسها, تشد شعرها بقوة وتدور حول نفسها, لا تصدق حقًا.. كانت روز تخونها مرارًا مع العديد من الفتيات, لكنها لم تكن تتحدث أو تبدي رفضها رغم غضبها من الأمر.. لكن هوس روز بتلك الفتاة العربية يصيبها بالغيرة الشديدة خاصةً بعد معرفتها بسفرها, وعلاقتهما المهددة بالإنهيار.. حبها لروز جعلها ت**ت كثيرًا على تعجرفها, وطريقتها المتكبرة في حديثها, تصرفاتها وكأنها خادمة لديها وليست حبيبتها, معرفتها بماضيها وتقبلها لكل عيوبها.. بل تعرضها للعقاب معها من عائلة سيرمان وعدم تخليها عنها.. تأتي الآن بعد كل ماعانته معها لتنفصل عنها بحجة كاذبة لفقتها لتبقى مع تلك العربية.. لا.. لن يحدث لن تدعها تتركها.. التفتت ميلينا فوجدت روز تنهض بتثاقل, تمسح دموعها تحاول جمع شتاتها المبعثرة.. عيناها الرماديتين حمراوين بشدة.. أخذت روز نفسًا عميقًا ثم زفرته تبتلع ريقها, قائلة بنبرة متحشرجة:" دعينا نرحل من هنا.." زمت ميلينا شفتيها تجذ على أسنانها بغضب, همت بالحديث لولا إندفاع بعض أفراد الأمن سريعا وبدء تساؤلاتهم عما حدث حين أخبرتهم الفتاة بما حدث.. انتصبت روز بوقفتها تنظر إليهم بتعجرف, قائلة بنبرة آمرة:" لم يحدث شيء.. ابتعدوا عن طريقي.." رمقها الحراس بتشكك, وقال أحدهم بتهذيب:" آنسة سيرمان.. المدير يطلب حضوركِ فورًا.. وسنبحث عن تلك الفتاة التي قامت بمهاجمتكِ.." حدجته روز بنظرة غاضبة؛ فأطرق برأسه يتنحنح بإرتباك.. قائلة بعنجهية:" لم يهاجمني أحد كان سوء تفاهم.. عد إلى عملك, وأنا سأقابل المدير.." وبخطوات واثقة تحركت من الحمام, تسير إتجاه غرفة المدير, وخلفها ميلينا تتنفس بغضب.. بعد دقائق كانت جالسة على كرسي أمام المدير تضع ساق فوق الأخرى تنفي ما قالته الفتاة.. عدل المدير من نظارته, وقال بضيق:" آنسة سيرمان لقد أخبرتنا ماري أن هناك من هاجمكِ.. لماذا تنكرين الأمر؟.. ستعاقب بشدة, لتكن عبرة للجميع.." زفرت قائلة بعصبية:" قلت لم يحدث لم تهاجمني.. كنا نتحدث, اغلق هذا الموضوع.. لا أريد أن يصبح حديثًا بلا داعٍ.." حدجت الفتاة بنظرة متوعدة مكملة:" ماري اختلط عليها الأمر.. أليس كذلك ماري؟.." أطرقت الفتاة برأسها أرضًا تومئ بخنوع, هامسة بخوف:" يبدو كذلك حضرة المدير.. وأيضًا روز لم تطلب النجدة.." عقد المدير حاجبيه قائلاً بغضب مكتوم:" وماذا عن تهديدها لكِ إن لم تخرجي ستقتلكِ أنتِ أيضًا.. هل هذا اختلط عليكِ أيضًا!.." نهضت روز قائلة بنفاذ صبر:" لقد مللت من هذا التحقيق التافه.." وأكملت بلهجة آمرة:" انه هذا الموضوع لا أريده ان يتسرب لأي أحد.. وإلا سيكون لي رد فعل لن يعجبك حضرة المدير.." وتحركت من أمامه ترمق الفتاة بتحذير أن تتحدث ثانية.. زفر المدير بحنق هو لا يريد مشاكل مع عائلة سيرمان, فهتف معنفًا:" ارحلي ماري.. ولا تتفوهي بتراهات دون أن تتأكدي من الأمر مرة أخرى.. لا أريد مشاكل.." وأشاح بيده لتخرج:" هيا.. ارحلي.." رحلت الفتاة بأعين محتقنة دامعة ترتعد خوفًا مما قد تفعله روز بها.. هي ودت مساعدتها وظنت أنها قد تنال مكافأة للدفاع عنها؛ لكن ما حدث كان الع** تمامًا.. أمام باب الجامعة وجدت روز سيارة سوداء رباعية الدفع يقف أمامها حارس ضخم الجثة يرتدي بذله رسمية يضع نظارة شمسية, فتح لها باب السيارة الخلفي... نظرت له روز عاقدة حاجبيها مستفهمة, فأجابها بنبرة عملية جافة:" السيد سيرمان يريد حضوركِ فورًا.." اتسعت عينا روز برعب تلتفت تنظر إلى ميلينا التي بادلتها النظرات بإرتياع, لكن تحركت روز إتجاه السيارة تدلف بساقين متداعيتين تنتظر لقاء والدها وما يريده منها.. أغلق الحارس الباب واتجه للباب الأمامي بجوار الحارس الآخر الكامن خلف عجلة القيادة, وانطلق سريعا بالسيارة فيما ميلينا تشيعها بنظرات قلقة حتى اختفت عن أنظارها.. ******************* في منزل سيرمان بغرفة المكتب كان والدها يقف يهدر بغضب وهي تقف مطرقة رأسها ترتجف كروقة بمهب الريح, حين علم بأمر مهاجمتها من إحدى الفتيات, وإنكارها الأمر جن جنونه وأرسل في طلبها فوراً, وها هي أمامه تنكر ما حدث مرة أخرى.. صدح صوته بأرجاء المكان بعصبية:" كيف استطاعت تلك الفتاه مهاجمتكِ؟.. ألا تعرف من أنتِ؟.. كيف سمحتِ لها بفعل ذلك؟.." جاء صوت أخيها متسائلاً بترقب:" بل السؤال لماذا هاجمتها أبي؟.. ماذا فعلت لها أختي المبجلة لتهاجمها تلك الفتاه؟.." نظرت إليه بطرف عينها بغل شديد، هاهو يشعل والدها أكثر كعادته ويجعلها بموقف سيء, وستتعرض للعقاب.. كان ميشيل يقف مستندًا بجسده إلى الحائط عاقد ذراعيه أمام ص*ره ينظر إليها بإزدراء، هو يعلم تصرفاتها المشينة ا***ذة، حاول مرارًا أن يجعل والده يحتجزها حتى تنتهي من تلك اﻷفعال, لكنها لم تتوقف، وحجة والده أنها تدرس وتحت عينيه ولا يجب أن يسلطوا اﻷنظار عليهم؛ لكن اﻵن هاقد أنهت دراستها وتسببت بفضيحة بحرم الجامعة لذلك عليه التصرف.. حدجها والدها بنظرة حارقة, وتسائل بترقب متحفز:" ماذا فعلتِ لتلك الفتاه روز؟.. أجيبي على السؤال.." ابتلعت ريقها بصعوبة وردت بتعلثم:" مجرد.. مجرد سوء تفاهم لا غير.." ابتسم ميشيل إبتسامة ساخرة, وقال متهكما برفعة حاجب ونبرة ذات مغزى:" مجرد سوء تفاهم يجعلها تهاجمكِ بشراسة، ثم إنني سمعت أنها عربية.." اتسعت عينا والدهم بذهول، مرددًا بعدم تصديق:" عربية!.." احتقنت عيناه يهدر غاضبًا بإزدراء، يجذب ذراعها بعنف:" عربية.. عربية أيتها الوضيعة.. لم تكتفي بأفعالكِ المشينة مع عاهراتكِ لتذهبي وتحاولي مع عربية.. حسابكِ أصبح عسيرًا روز.." ارتجفت تهمس باكية بإختناق تحاول نفي مايُقال:" لم أفعل، صدقني.. كل مافي اﻷمر أن الفتاه التي شاهدتنا اختلط عليها اﻷمر.. تستطيع سؤالها بنفسك أبي.." هدر والدها بقسوة:" بالطبع سأسألها وسأعلم من تلك العربية وسأ......" قاطع حديثه صراخ ميشيل المنفعل بشراسة:" يكفي.. يكفي أبي لن نسأل أحد.. كل الحقائق واضحة.. ابنتك هي من تحرشت بها.. وعليها أن تعاقب.." عقد والده حاجبيه ونظر إليه بدهشة من طريقة حديثه وإنفعاله، دومًا ميشيل هادئ صوته رزين أن ينفعل بهذه الطريقة هذا غريب.. أكمل ميشيل بصرامة:" لقد أنهت دراستها وحان وقت الرحيل.. عليها أن تتطهر أبي وسأسافر أنا معها بنفسي.." اتسعت عينا روز بطريقة مرعبة تهز رأسها رفضًا بلاوعي, هاتفة بتوسل:" لا لا أريد السفر معه.. هو تحديدًا لن أسافر معه.. سأفعل ماتريده أبي ولكن ليس ميشيل ثانيةً.. أتوسل إليك.." تحرك ميشيل إتجاهها بخطوات متمهلة وقد عاد لهدوئه, قائلاً بتسلط:" بل سنسافر والليلة روز.." ونظر لوالده وأكمل:" لقد وعدتني أبي أن تدعني أتولى أمرها بعد انتهاء دراستها.. وأنت توفي بوعدك دائمًا.." تجهم وجه والدهم وزفر بحنق مفكرًا، ثم أومئ برأسه موافقًا دون حديث وترك ذراع روز, تحرك حتى جلس على كرسيه خلف مكتبه, ثم قال:" لك ذلك ميشيل.. هي طوع أمرك.." التوت زاويتي فم ميشيل بإبتسامة راضية, يمسك بذراع روز التي لازالت تهز رأسها بهلع.. وقال بتهذيب:" شكرا لك أبي، سنرحل اﻵن.." وجذب روز يجرها هامسًا بتوعد مخيف:" هاقد عدنا عزيزتي.. وسأطهركِ بيدي.." نظرت له روز بعينين باكيتين مذعورتين, جسدها يرتجف، وحين خرجا من غرفة المكتب هتف ميشيل مناديًا على مدبرة المنزل بأن تضع حقيبة ملابسه التي أعدها من قبل في السيارة المنتظرة خارج المنزل, والتي أوصلت روز سابقًا، يجر روز المتشبثة باﻷرض جرًا, يلقيها بالمقعد الخلفي بلا مبالاة, وجلس بجوارها, يأمر السائق باﻹنطلاق سريعًا حيث تنتظرهما طائرة خاصة.. وعلى ثغره ابتسامة هادئة, عيناه تلمعان ببريق مترقب.. **************** في مكتب سهيل كان يتابع بعض أعماله، بعد أن أنهى حديثه بالهاتف مع سامر يسأله عن بعض اﻷشياء الخاصة بصفقة السيارات التي شارك فيها عمه، وأدى إلى سفر سامر على مضض إلى البلاد تاركًا جميلاته خلفه.. ضحك على نبرته المتذمرة وطريقته الطفولية، دومًا سامر هكذا يلازم سهيل كظله كطفل صغير متشبث بساق والده يخشى أن يتركه، تن*د متذكرًا وجه سامر حين عاد بعد أربع سنوات لمنزل عمه بعد موت والدهما, وكيف انفجر سامر باكيًا يحتضنه بقوة يهتف بكلمات غير مفهومة، حينها كان سهيل ينظر إليه وإلى الجميع بوجه جامد بلا تعبير، لكن حين اندفع سامر باكيًا أحس ببعض اللين, ورفع يده يربت على ظهره بحزم يبعده عنه, وتركه بدون كلمة واحدة، حتى تمارا وقفت تنظر إليه من بعيد لم تجرؤ على اﻹقتراب.. لكن في المساء تسللت لغرفته, ووقفت تتطلع لملامحه ب**ت, وهو مدعي النوم يراقبها من بين جفونه المسبلة، كان يشعر بالغضب الشديد إتجاه الجميع، الكره يسيطر عليه، كاد أن يفتح عينيه ويصرخ معنفًا إياها؛ لكن تصلب جسده حين اقتربت منه, تقبل وجنته, ثم جلست على طرف فراشه تمسد وجهه بكفها الصغير, هامسه برقة طفولية:" لقد رحل سهيل وستكون بخير، لن يض*بك بعد اﻵن ويصرخ بوجهك.." ابتسمت ونهضت, شعر بها تضع شيء على الوسادة بجوار رأسه هامسة بأذنه بمكر:" لقد سرقته واحتفظت به حتى أعطيك إياه.." وخرجت من الغرفة بهدوء مغلقة الباب خلفها.. فتح عينيه سريعًا يلتفت برأسه ينظر لما وضعته على الوسادة؛ فوجده ذلك الخاتم, فابتسم بسخرية يمسك به يقلبه بين أصابعه، يرفع يده اﻷخرى يتلمس مكان لمساتها الطفولية؛ كأنها ربتت على صفعات قديمة لايزال أثرها باقٍ بروحه المعذبة، لكن بدلاً من أن تهدئه ذاته إشتعالاً وألمًا؛ فقبض على الخاتم بين يده يعتصره عصرًا, عيناه تبرقان بشراسة مرعبة وسط ظلام الغرفة.. عاد من ذكراه يبتسم بسخرية أكبر, محدثًا نفسه:" ساذجة تمرتي، ظننتِ أن كل شيء سيعود كما كان؛ ولكن لم تدري أي وحش مرعب عدت.." أجفل على صوت الهاتف؛ فنظر ليجد المتصل رقم ما, فأجاب سريعًا بنبرة جامدة:" ماذا هناك؟.." أتاه الرد بجدية:" سيدي لقد أوكلت مهمة مراقبة ابنة عمك.. لقد تشاجرت مع فتاه تدعى روز سيرمان بحمام الجامعة اليوم.." تشنج جسده, واتسعت عيناه بقتامة يقبض على الهاتف بقوة حتى ابيضت مفاصل أصابعه؛ فتسائل المتصل" سيدي هل تسمعني؟.. ماذا تريدنا أن نفعل؟.." أجابه بنبرة جليدية, ينظر إلى الفراغ أمامه:" ابق كما أنت.. واخبرني بكل جديد.." ثم أغلق هاتفه ينهض بعنف من كرسيه, هاتفًا بتوعد شرس, يضيق عينيه:" سأسحقكِ ياوضيعة.. لن تمر عليكِ الليلة.." اندفع من مكتبه بخطوات سريعة, يلقي بأوامره لتانيا مديرة مكتبه أن تلغي جميع مواعيده، وانطلق إلى سيارته يدلف إليها يقودها مسرعًا, يفكر بكل الطرق المرعبة التي سيريها لروز سيجعلها تتمنى الموت ولن تجده.. قاد بسرعة جنونية يكاد ينزع عجلة القيادة من موضعها من فرط عصبيته يشتم روز ويلعنها.. حين وصل أمام المبني المتواجد به شقة روز أوقف السيارة بحركة مفاجئة ولم يهتم بمكان توقفها، صعد سريعًا على الدرج راكضًا, ووصل إلى الباب يطرقه بعنف وجنون، لم يجد إجابة؛ فصرخ يركل الباب بقدمه:" افتحي.. افتحي أيتها الع***ة، سأقتلكِ وأمزقكِ.. سأقتلع قلبكِ بيدي.. افتحي البااااب.." ظل يركل ويصرخ بغضب أ**د, عيناه حمراوان بلون الدماء، لكنه التفت لاهثًا حين سمع صوت.. الحارس يتسائل بتحفز:" ماذا تريد؟.. ماذا تفعل هنا؟.. كيف تطرق الباب هكذا؟.. لقد أفزعت السكان.." أمسكه سهيل من مقدمة قميصه يدفعه للخلف, متسائلاً بجنون:" أين صاحبة هذه الشقة؟.. أين ذهبت؟.." نظر له الحارس بإرتياع, يمد يد مرتعشة إلى جيبه ليخرج شيئًا ما, لكن سهيل عاجله بلكمة بمنتصف وجهه جعلت الرؤية أمامه تتشوش يتأوه متألمًا.. وصوته يصدح مرة أخرى:" أخبرني أين هي؟.." هز الحارس رأسه, وهتف:" لا أعلم.. لا أعلم.." اشتعلت عيناه يخرج مدية غريبة الشكل من جيبه, يفتحها سريعًا يضعها على عنق الحارس الذي اتسعت عينيه وارتجف برعب.. وصوت سهيل الهامس بخطورة:" سأقتلك إن لم تخبرني أين هي اﻵن!.." هتف الحارس بذعر:" لقد.. لقد سافرت.. اتصلت بنا العائلة وأخبرتنا أن اﻵنسة سيرمان سافرت, وألا ندع صديقتها ميلينا تدلف للشقة.. أقسم لك هذا ما حدث.. لقد سافرت.." جذ على أسنانه حتى كاد يحطمهم يحدق بوجه الحارس بنظرات مرعبة يلهث بإنفعال.. فأكد الحارس بنبرة شبه باكية:" أخبرتك ما حدث.. أقسم إنها الحقيقة دعني أرجوك.." تركته بغضب يغلق مديته يقبض عليها بقوة, جسده ينتفض من فرط غيظه لعدم وصوله إليها.. ثم التفت للحارس الذي تراجع للخلف بهلع, وقال يشير بمديته المغلقة منبها بتوعد:" أخبر تلك الع***ة إن أتت أن سهيل رشدان لن يدعها وسيظل خلفها وسيريها أنه لا يخلف وعده أبدًا.." ثم تحرك بخطوات ساخطة بعيدًا عن الحارس المرتجف.. ************ انتهى الفصل السادس قراءة ممتعة
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD