الفصل الثالث

4052 Words
_سامر.. ارخي سامر ذراعيه ليسقطا إلى جانبيه, يمط شفتيه للجانب, يقول بإمتعاض:" لم أعلم أنكِ هنا.. ماذا تفعلين؟.." ابتسمت تمارا إبتسامة صفراء, وقالت بسماجة:" سؤال سخيف مثلك.. ماذا أفعل هنا برأيك!.. أليس منزلي أيضًا!.. ماذا إن سألتك ماذا تفعل هنا؟.." قلب سامر عيناه بملل وغمغم بكلمات غير مفهومة وزفر بحنق.. جدحته بنظرة ممتعضة.. ثم تركت الباب التي كانت تمسك به وتحركت للداخل بخطوات متململة.. دلف خلفها سامر بتكاسل يحمل حقيبة ظهر على ذراعه يدور بعينيه في المكان, متسائلًا:" أين الجميع؟.. لا أرى أحد هنا.. أين سيلفيا؟.." لم تكلف نفسها عناء الرد عليه؛ بل وقفت تنظر إليه عاقدة ذراعيها أمام ص*رها تمط شفتيها للجانب بضيق, ها قد أتى سامر للمنزل, وسيتعمد إزعاجها وإثارة المشاكل معها.. كانت قررت وهي بالجامعة أنها ستعود للسكن بعد يومين, يبدو أنها ستعود قبل ذلك, لن تظل هنا للأبد, وتجعل روز تظن أنها هربت خوفًا منها.. بل ستواجهها إن تجرأت على الإقتراب منها.. في لحظة تشنج جسدها وجذت على أسنانها غضبًا؛ حين تذكرت معرفة سهيل بها.. عاصفة اندلعت بداخلها تكاد تقتلعها من مكانها, تريد أن تذهب وتخنق تلك الروز.. تلك المقززة كيف لسهيل علاقة بها وهي شاذة؟!.. يبدو أنها ثنائية العلاقة إذًا.. سهيل أصبح مق*فًا أيضًا, كيف يكون....؟.. عند هذه الفكرة اقشعر جسدها بإشمئزاز واضح.. لمحه سامر وعقد حاجبيه بتركيز؛ تلك التمارا ماذا تفعل هنا؟.. لايحب تواجدها بالقرب من سهيل؛ فهي خبيثة تتصنع المشاكل وتوقعه هو بها, لكنه لن يسمح لها سيركلها في أقرب وقت من المنزل, ويفضل لو كان اﻵن, سيفكر بشيء؛ يجعلها تركض هاربة من هنا.. ابتسم بمكر ولمعت بعض الأفكار في رأسه؛ قاطعه صوت سهيل الذي خرج من غرفته يتسائل عن القادم في هذا الوقت, اتسعت عيناه وهو يرى سامر يقف أمامه, وهتف بدهشة:" سامر!.." التفت كل من سامر وتمارا نحو سهيل.. أشرق وجه سامر واتسعت ابتسامته, وهتف بسعادة:" مرحبا أخي.." نزع حقيبة يده سريعًا يقذفها بعدم إهتمام إتجاه تمارا؛ لترتطم بص*رها بقوة أجفلتها, لكنها التقطتها بتلقائية مرتدة للخلف خطوة غير ملحوظة تنظر إليه بأعين متسعة, وفاه مفغر بدهشة.. في حين انطلق الأخير إتجاه سهيل يعانقه بقوة, يقول:" اشتقت إليك كثيرًا كثيرًا.." ابتسم سهيل مربتًا على ظهره وقال بهدوء:" وأنا أيضًا.. ثم ابعده عنه برفق متسائلاً.. ولكن ماذا تفعل هنا؟.." نظر له سامر بتعجب مصطنع وإبتسامة لم تفارق وجهه, وقال بإستنكار:" كيف تسأل سؤال كهذا؟.. كان عليك أن تعلم أنني سأكون متواجدًا في هذا التوقيت خاصة.." وأكمل غامزًا بعبث:" إنها الحملة الدعائية.." أرجع سهيل رأسه للخلف ضاحكًا بصوت مرتفع بمرح؛ جعل تمارا تنظر إليه بعينين متسعتين بإنبهار.. تلك الضحكة.. كم اشتاقت لسماعها ورؤية وجهه يضيء؛ فيع** بهجته على روحها القاتمة.. غامت عيناها بذكرى قديمة, بوجه كانت الإبتسامة لا تفارقه.. وجه كان لها الملاذ دائمًا.. ابتسمت برقة وهي تنظر إليه, تحتضن الحقيبة بين ذراعيها تراقبه وضحكاته تتحول لإبتسامة تنتظرها بلهفة؛ حين يطرق برأسه لأسفل قليلاً, وترتفع زاوية فمه للجانب بإبتسامة ملتوية بإغواء فطري, كم تعشقها وتراقبه دومًا خاصة حين يتحدث بالهاتف, وتلتقطها هي ترسمها على جدران قلبها, وعقلها محتفظة بتفاصيلها.. قطع شرودها صوت سهيل, يقول بتسلية:" الحملة الدعائية إذًا!.." فأكمل سامر بتسلية مماثلة:" الكثير والكثير من الفتيات ذات الأجساد المنحوتة, والملابس المثيرة.." اكفهر وجه تمارا بعد سماع تلك الكلمات؛ حملة دعائية, وفتيات مثيرات!.. هذا ماكان ينقصها, جذت على أسنانها بغضب, وقذفت سامر بالحقيبة بعنف لترتطم بذراعه, ثم تسقط أرضًا.. ويمسك هو بذراعه متأوهًا ينظر لها شزرا, معنفًا:" ماذا فعلتِ يا**قاء؟.." حدجته بنظرات مستعرة, تهتف بحدة:" لست خادمتك يا أ**ق؛ لأحمل لك حقيبتك.. كنت أعلم أنك قادم لتلك الأمور المقززة والفتيات.." نظر إليها نظرة تقييمية سريعة لم تتعدى الثانيتين, وقال بإستهزاء:" بالطبع ستقولين ذلك عنهن.. فغيرتكِ بينة, فأين لكِ بمقوماتهن وجمالهن!.." رفعت تمارا ذقنها بشموخ, وقالت بثقة:" بل هن لا يرتقين إلى مستواي وجمالي.. تلك النحيفات التي لا تكاد تعرف وجههن من قفاهن, يشبهن الماعز المصابة بالجفاف.." عقد سامر ذراعيه أمام ص*ره, متسائلا بتهكم ساخر:" وأنتِ ماذا تشبهين ياذات المقومات المهلكة؟.." التمعت عينا سهيل ناظرًا إليها يلتهم تفاصيلها من أعلى رأسها حتى أخمض قدميها, هامسًا بتقدير:" تشبه الغزال في رشاقته, وجمال عينيه.." تن*د بحرارة مكملاً:" اه منكِ يامعذبتي.." قطع شروده صوت تمارا, تقول بترفع:" لن أدخل معك بحوار عقيم مثلك.. فكل يعرف نفسه وحجمه.. أنت عفن أجرب؛ تركض خلف من هم مثلك.. ولن أنُزل مستواي لأتناقش معك.." ترحل من أمامهما رافعة رأسها بكبرياء متهادية في مشيتها؛ التي تجعل سهيل يتأوه ب**ت معذب, راقبها حتى دلفت لغرفتها, وصفعت الباب بوجههما بعنف.. نظر سامر للباب مقلدًا إياها بسخرية, يحرك رأسه:" لن أنُزل مستواي لأتناقش معك.." وصاح بحنق:" حمقاء بل أنا من أترفع عن الحديث معكِ.." التفت لسهيل متسائلاً:" ما الذي تفعله هنا؟.." رمش ينظر إليه, قائلاً يمط شفته السفلى:" عطلتها على ما أظن.." زفر بضيق ثم ابتسم, وقال بشقاوة:" لا بأس دعنا منها.. ماذا سنفعل اﻵن؟.." عقد حاجبيه بتساؤل؛ فأكمل سامر موضحًا:" أعني ألن نخرج اﻵن, ونحتفل بقدومي؟.." ضحك يهز رأسه يأسًا, وقال:" اهدأ قليلاً يافتى, اذهب للنوم و*دًا سنرى ماذا سنفعل.." هز سامر كتفه, وقال بلامبالاة:" حسنًا.." لكنه تسائل بلهفة:" هل يمكنني النوم بجانبك أخي كالسابق؟.." والتمعت عيناه مكملاً بسعادة:" خاصة أنه لن يتطفل علينا أحد, ويحشر نفسه بيننا.." اكفهر وجه سهيل, وأظلمت عيناه ينظر لسامر بغضب.. فرفع الأخير يديه بإبتسامة متوترة, وقال بإهتزاز:" لا بأس أنا أمزح لم أقصد أن أتحدث عن...." قاطعه سهيل بوجه صارم, وقال:" لا بأس اذهب للنوم.." أطرق سامر برأسه, ينحني يجذب حقيبته ثم اعتدل, يتحرك خطوات لكنه أجفل؛ حين وجد سهيل يربت على كتفه, فالتفت إليه بعينين حزينتين معتذرتين.. ابتسم سهيل له برفق وربت على وجنته, قائلاً بخفوت دافيء:" أنا سعيد بقدومك.. طابت ليلتك.." ثم ابتعد عنه ودلف لغرفته.. يراقبه سامر متمتمًا:" وليلتك أخي.." *********** تلك الغرفة الباردة ورائحتها المزكمة بطريقة تكتم الأنفاس, يضيق الص*ر بها.. تطلع إليه بنظرات قاتمة تحمل في طياتها حقد وغضب دفين.. اقترب منه بخطوات متمهلة حتى وصل إليه ثم انحنى, يهمس بجوار أذنه بشراسة تقطر غلِاً وقسوة: " لن أسامحك أبدًا.. اعلم ذلك.. مافعلته بي لن أغفره لك؛ إن ظللت باقي عمرك البائس تتوسلني لن أغفر.. تذكر كيف توسلتك, وماذا فعلت بي؟.. إن استطعت أن تعيد الماضي وتمحي ما اقترفته يداك.. عندها قد أسامحك.. ولكنك لن تستطيع وأنا لن أسامح, فلتمت وأنت تعلم أنني أكرهك.." تلك العينان اللتين نظرتا إليه رغم ندمهما, لكنهما كانتا قاسيتين يعرفه جيدًا لن يتغير أبدًا.. ثم بلحظة نيران مستعرة تلتهم كل شيء أمامه رائحتها لاتزال بأنفه رغم شعوره بالإرتياح؛ لكن ص*ره لايزال يشتعل غضبًا, يضاهي تلك الألسن المتوهجة تضيء عتمة عينيه.. فتح عينيه على إتساعهما ينظر للسقيفة بنظرات شرسة, يلهث بعنف غاضب يقبض على يديه بقوة يحاول الحد من إرتجافهما, ثم ض*ب الفراش بهما بعصبية عدة مرات, هدأ فجأة يرفع يديه يمسح وجهه بهما بقوة, يطرد ما يفكر به وما رأه توًا.. ونهض للحمام ليتخلص من توتره تحت المياه الباردة.. ******* في الصباح استيقظ الجميع لتناول الإفطار في غرفة تمارا ابتسمت برقة وهي تفكر في الذهاب لرؤية يوسف الصغير؛ فهي منذ أن حملته وهي تتوق لرؤيته والبقاء معه.. ستمر على الشركة لترى فيبي ثم يصطحبها عمار للمنزل.. في الخارج حضرت سيلفيا مدبرة المنزل الإفطار وأخبرتهم؛ ليركض كل من سامر وتمارا خارجًا؛ نظرا إلى بعضهما بترقب وتحدي, ثم بلحظة ركضا إتجاه طاولة الطعام؛ وصلت تمارا أولا تجلس على المقعد بالجانب الأيمن بجوار الكرسي الرئيسي, تنظر لسامر بإبتسامة منتصرة.. صاح سامر بغضب:" ابتعدي من هنا.. هذا مكاني.." -لا.. أنا من جلست أولاً.. جذ على أسنانه بغضب, وقال محذرًا:" قلت انهضي وإلا..." رفعت تمارا حاجبها, وتسائلت بترقب مستفز:" وإلا ماذا؟.. لن تستطيع فعل شيء.." كور سامر قبضتيه بغضب, وانحنى ينظر إليها بجنون يكاد ينقض عليها, وهي تبادله النظرات بتأهب.. قاطعهما صوت سهيل:" ماذا هناك؟.." التفت كلاهما إليه بإبتسامة سمجة, ثم زم سامر شفتيه, وقال بتذمر:" لقد جلست مكاني.." هزت تمارا كتفها بلامبالاة, وقالت ببرود:" ليس مكانك.." هز سهيل رأسه بيأس هاقد عادا للشجار؛ مكان متواجد به تمارا وسامر إذًا حرب مستمرة, وعليه الفصل بينهما, طفلان مشاغبان دومًا.. وصل للطاولة يجلس على المقعد الرئيسي, متساءلاً بهدوء, وكأنه يحادث طفلان:" من وصل أولاً وجلس عليه؟.." هتفت تمارا:" أنا.." _إذًا تمارا من ستجلس عليه.. صاح سامر محتجًا:" لا هذا مكاني انهضي وإلا...." _وإلا ماذا؟.. _ألقيكِ أرضًا.. _لن تستطيع.. هتف سهيل بنفاذ صبر:" يكفي.. قلت تمارا من ستجلس.. تعال واجلس الجهة اﻷخرى.." عقد حاجبيه, يطرق برأسه, قائلا بخفوت متبرم:" لا أحب الجلوس في هذه الجهة, وهي تعرف ذلك.." ابتسمت بمكر فهي حقا تعلم كره سامر الجلوس في الجانب اﻷيسر لكنها تعشق استفزازه.. ولن تتحرك من موضعها.. زفر سهيل بحنق لا يريد شجار منذ الصباح, ليس بمزاج جيد تلك الكوابيس تطارده هذه الفترة, تصيبه بتوتر يفقده أعصابه.. فقال بصرامة:" اجلس سامر, وتناول اﻹفطار.." جلس سامر بتململ بجوار تمارا, لكنه دفعها بكتفه بغضب, فض*بت ساقه بقدمها بقوة جعلته يتأوه, ينظر إليها بشراسة, يرفع يده ليمسك شعرها.. _إياك.. التفت إلى سهيل الذي, قال من بين أسنانه محذرًا:" إياك وأن تفعلها.." قبض سامر يده بقوة, يرمق تمارا بنظرة غيظ مغلولة, ثم نظر إلى طبقه يتناول طعامه بغضب.. في حين مال سهيل على أذن تمارا, هامسًا:" كفي عن استفزازه.." نظرت له ببراءة مصطنعة, فأكمل بسخرية:" لن تنطلي عليَّ تلك النظرة.. أعلم أنكِ قمتِ بض*به.. كفي عن ذلك.." ثم اعتدل وبدأ بتناول طعامه.. وابتسمت تمارا بخبث؛ فسهيل دومًا يستطيع تحجيم سامر, يقف في صفها دومًا, حتى لو كانت مخطئة.. تجاذب سامر وسهيل أطراف الحديث حول العمل, وأحوال البلاد هناك.. وكالعادة تدخلت تمارا بالحديث ليندلع شجارًا آخر؛ جعل سهيل يكاد يطيح بهما, تمارا دومًا هكذا, لكن ما يجعله غاضبًا منها موقفها مع روز.. لِمَ لم تظهر ذلك الجانب الشرس منها لتوقفها؟.. كان يشتعل غضبًا من تلك الفكرة يود لو يض*ب رأسها بالطاولة تلك المتبجحة سليطة اللسان.. لكن جرس الباب أخرجه من تفكيره؛ لينهض بنفاذ صبر مبتعدًا عن هذين المشاغ*ين, لكنه تمتم بغيظ من بين أسنانه:" تلك الو**ة المتبجحة, تظهر شراستها هنا, لكن مع روز ركضت للمنزل تختبئ أسفل الفراش كجرو صغير مذعور.." فتح الباب بعنف؛ لتطالعه فتاه بيضاء ذات شعر ذهبي قصير, تطرق برأسها للأرض.. وبلحظة اختفى الغضب والعبوس؛ وحل محله إبتسامة مغوية, عينان وقحتان تتطلعان بالفتاة بجراءة, تسائل برقة مغوية:" كيف لي بخدمتكِ؟.." رفعت الفتاة رأسها تنظر إليه, تقول بخفوت:" أنا كوردينيا صديقة تمارا.." ارتفع حاجبي سهيل وابتسم:" صديقة تمارا صديقتنا.. مرحبا بكِ جميلتي.." ابتسمت كوردينيا ونظرت له بإعجاب, وتسائلت:" هل تمارا هنا؟.." ضحك سهيل بخفوت يستند بجسده على الحائط, يصحح بجرأة غامزاَ:" بل السؤال ماهو اسمك؟.." ضحكت كوردينيا, تومئ برأسها, فأكمل يعقد ذراعيه حول ص*ره:" سهيل, ابن عم تمارا.." _سعدت بلقائك سهيل.. حرك سهيل حاجبيه بتلاعب, وقال بتسلية:" بل أنا أكثر.. وأظن أننا سنلتقي قريبًا.." وصل في تلك اللحظة سامر الذي, يهتف بغضب:" أين ذهبت وتركتني مع تلك الحمقاء؟.. لقد رفعت ضغطي.." لكنه لمح كوردينيا واقفة مع سهيل يتضاحكان؛ فالتوت شفتيه بإبتسامة عابثة, وقال:" اهاااا.. هذا ما يشغلك.. مرحبا عزيزتي.. أنا سامر شقيق سهيل.." التفتت كوردينيا إليه بإبتسامة رقيقة, وقالت:" مرحبًا.. أنا كوردينيا صديقة تمارا.." اقترب سامر, وقال بوقاحة:" دعكِ من تلك التمرة الفاسدة, وركزي معي.. أنتِ جميلة جدًا هل لد*ك صديق؟.." نظرت إليه كوردينيا بدهشة, وقالت بتعجب:" لا.." اتسعت إبتسامة سامر, يهتف بمرح:" رائع.. يبدو أن اليوم يوم حظي.. فأنا أيضًا ليس لي صديقات.." نظر إليه سهيل برفعة حاجب ساخرة, يميل على أذنه هامسًا:" ليس لد*ك صديقات!.. وماذا عن نصف فتيات الشركة والملاهي الليلية!.." عقد حاجبيه بإمتعاض, وهمس أيضًا:" لا تفسد الأمر, وتقطع رزقي مع الفتاة.. سأواعدها, ونجد لك صديقة لها تخرج معك.." نظر إليه سهيل بإستهجان, وقال بعنجهية:" جد لنفسك أيها الصغير فأنا لست بحاجة لأحد ليجد لي فتاه.." غمز سامر, وقال بإعجاب:" بالطبع فالصياد يجد فرائسه بسهولة.. إذًا دعني أقلب رزقي.." التفت لكوردينيا, وقال بعبث:" حسنًا جميلتي مارأيكِ أن تدخلي لتناول مشروب, ونكمل حديثنا الذي أنا على ثقة أنه سيتطور لشيء سيعجبكِ كثيرًا.." ضحكت كوردينيا بصوت مرتفع على وقاحته, التي أعجبتها في نفس الوقت, تنظر إليه نظرة تقييمية راضية؛ فسامر شاب وسيم جسده رياضي, وجهه ملفت للأنظار برجولية مستفزة, عيناه عابثتان, رجحت أن يكون بين الثلاثة أو الخامسة والعشرين.. كان سهيل لا يزال مسندًا جسده للباب عاقدًا ذراعيه أمام ص*ره يراقب الوضع, هز رأسه بيأس, هاقد بدأ سامر العبث, ولم ينتظر حتى يخرج بل سيواعد أول من يطرق بابه أي كانت المهم أن تكون أنثى.. سخر من نفسه.. أليس ذلك ما تفعله أنت أيضًا أيها الصياد؟!.. في الداخل سمعت تمارا بعض الضحكات, فاسترقت السمع تتجه للباب فوجدت سامر يمزح مع فتاة, عندما اقتربت وجدتها كوردينيا نظرت إليها بتعجب لتواجدها, احتقن وجهها واشتعلت عيناها؛ حين ظنت أن روز من أرسلتها إليها زفرت نفسًا غاضبًا وفكرت, تضيق عينيها بشر؛ ستجر كوردينيا من شعرها حتى تصل إلى روز لتقتلع شعرها هي الأخرى, وتريها من هي تمارا.. تحركت بخطوات غاضبة ناحيتهم, تدفع سامر بعنف أجفله ينظر إليها بدهشة.. لم تمهله, تهتف بقتامة وتحفز:" ماذا تفعلين هنا كوردينيا؟.." انتبهت كوردينيا إليها, وقالت بإبتسامة:" مرحبا تمارا.. آسفه لحضوري بدون سابق موعد.. لكنكِ تغيبت عن السكن فقلقت عليكِ.." هتف سامر معنفًا بإستنكار:" لا تعرفين واجب الضيافة.. ادخليها ولا تكوني فظة.." نظرت إليها تمارا بعدم تصديق, ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها.. في حين قال سهيل لسامر بنبرة جادة:" دعها وصديقتها سامر الآن.. وهيا لتستعد للذهاب للشركة.." لوى سامر شفتيه بإمتعاض؛ لكنه نفذ ماقاله سهيل يتجه للداخل.. استمع سهيل إليها, وأظلمت عيناه ينظر للباب المغلق بخطورة وترقب، يحاول السيطرة على نفسه حتى لا ينقض عليها يرميها من أعلى الدرج.. في الخارج وقفت تمارا أمامها, تقول بتشديد بطيء:" لا تتحامقي واخبريني ماذا تفعلين هنا؟.. أذكر أنكِ رحلت من الغرفة, وتركتها لغيركَِ.. هل هي من أرسلتكِ؟.." أطرقت كوردينيا برأسها, وقالت بخفوت معتذر:" آسفه حقًا على مافعلته, لكن الوضع كان مربكًا, لقد تركت الفتاة الغرفة, أخبرتني أن روز قد صرفت نظرًا عنكِ.." اشتعلت عينا تمارا أكثر لدرجة؛ أشعرت كوردينيا أنها ستقتلها, فتراجعت للخلف خطوة بإرتياع, وتمارا تتقدم منها, تقول بنبرة مخيفة:" عودي كوردينيا, واخبري تلك الساقطة أنني لم أكن خائفة منها وهربت؛ بل أنا كنت عائدة غدًا.. وإن فكرت مجرد تفكير بالإقتراب مني أقسم أن أجعلها تحاول لملمة أشلائها من جميع أنحاء الجامعة.. لست أنا من يخاف.. ولتحترس مني.. والآن ارحلي فورًا.. هيا.." ابتلعت كوردينيا ريقها بصعوبة تنظر إليها برعب, تومئ برأسها مرارًا, وتحركت بخطوات متعثرة بعيدًا عن تمارا, وهي تمتم بكلمات غير مفهومة.. في حين زفرت تمارا بعنف تنظر إلى الفراغ تتوعد روز ستريها ما لم يكن يطرأ على عقلها من الجنون إن اقتربت منها.. ابتسم سهيل برضا, ولمعت عيناه بزهو؛ يستمع إلى تهديد تمارا المخيف؛ هاقد عادت قطته الشرسة, وليس ذلك الجرو الصغير الخائف.. *********** على الجانب الآخر في المساء تتمايل برشاقة, ورقة الفراشة على المسرح, تغمض عينيها منسجمة مع النغمات, حولها يتراقص باقي الفريق تسبح في عالم خاص بها.. إبتسامتها الرقيقة لا تفارق شفتيها من ينظر لها يجد البهجة تنتشر حوله, فرؤيتها ترقص هكذا لا تحمل للدنيا همًا, ولا تفكر بشيء سوى تلك الخطوات المتناغمة تنسيك الهموم, يراقبها من بعيد يشعر بقلبه يتراقص مع كل حركة من حركاتها, إبتسامتها التي انتقلت إلى شفتيه, عيناه تنتقلان من مكان لآخر خلفها حتى توقفت مع انتهاء الموسيقى, وفتحت عينيها ليرى بهما الربيع يزهر بأبهى ألوانه.. ضحكاتها مع من حولها جعلته يحاول التنفس بهدوء, يشعر بدقات قلبه تتسارع بطريقة مخيفة؛ تلك الجميلة التي هي بمثابة حلم بالنسبة له, حلم بعيد المنال, هو يعلم ذلك؛ لكنه لا يستطيع منع نفسه من التفكير بها, أو التوقف عن حبها؛ منذ أن رأها أول مرة لا يستطيع إبعادها عن تفكيره.. حتى وإن كانت حلمًا بالنسبة له, سيظل يحلم بها حتى يكون الحلم حقيقة يومًا ما.. تن*د ينظر إليها نظرة أخيرة, لكنها طالت ولم يشعر بها حين رحلت , ثم تحرك خارج القاعة يمشي بهدوء, وانتشاء بعد رؤيتها ككل مرة يفعل, لكن بعد عدة خطوات, سمع صوت جعل دقات قلبه تتوقف.. _مروان.. أغمض عينيه يتأوه من جمال اسمه من بين شفتيها.. هتفت بنبرة أعلى:" مروان.. هل هذا أنت؟.. التفت إليها بإبتسامة.. فأكملت بدهشة.. ماذا تفعل هنا؟.." تنحنح مراوان, وقال بهدوء:" لا شيء ميرا.. كنت مارًا من هنا بالصدفة.. ماذا تفعلين أنتِ هنا؟.." ابتسمت برقة وقالت وهي ترجع خصلات شعرها المتطايرة خلف أذنها:" قاعة درس الباليه بهذه المنطقة.. وهي قريبة من المنزل.." أومئ برأسه بهدوء, وقال برقة:" كيف حالكِ؟.." _بخير.. _هل يمكنني أن أسير معكِ حتى المنزل؟.. _بالطبع.. مشيا سويًا ولم يتحدثا.. كانت ميرا تنتظر منه أن يبدأ الحديث وتعجبت من **ته الغريب, فكما تعرف مراون يعمل بالشركة, صديق سامر وليس خجولاً هكذا, ما الذي دهاه لي**ت؟.. هي لن تستطيع أن تبدأ حديثا معه, فهاهي حين لمحته إحمر وجهها, لكن بنوبة شجاعة لم تعهدها نادته, ربما فضولها لمعرفة تواجده هنا دفعها لذلك.. لعن نفسه بغيظ أين ذهب ل**نه وكلامه المعسول!.. لِمَ حين يري ميرا ينعقد ل**نه ولا يستطيع الحديث؟!.. لقد كان يترقب فرصة كهذه حتى يتحدث معها؛ وهاهو كالغر يمشي صامتًا, تبًا لك مروان ولحماقتك.. ستصل إلى المنزل ولم تنطق سوى بكيف حالكِ.. ماذا ستقول عنك؟.. وبالفعل وصلا إلى المنزل سريعًا, وقفت ميرا تبتسم له, تقول بخفوت:" سررت بلقائك مروان.. طابت ليلتك.." ابتسم مروان بدوره, وقال:" وأنا أيضًا ميرا.. طابت ليلتكِ.." اهدته إبتسامة رقيقة, ودلفت إلى المنزل في حين شيعها مروان بوجه متجهم شبه باكٍ من فرط حماقته.. ميرا.. جمالها الرقيق كوردة.. رائعة كإسمها.. ************ عند تمارا مرت على الشركة, جلست مع فيبي يتجاذبان أطراف الحديث, تفضي لها بما حدث اليوم, زيارة كوردينيا لها.. لكنها وجدت فيبي شاردة معظم الوقت بالكاد تستمع إليها.. نبهتها تمارا:" ماذا هناك فيبي؟.. هل تستمعين إليَّ!.." أجفلت على صوت تمارا, ونظرت لها تتن*د بيأس, قائلة:" لا أدري تمارا.. أنا لست بخير.." نظرت إليها بإنتباه, وتسائلت:" ماذا هناك؟.." اسندت فيبي وجنتها إلى كفها, وقالت بحيرة:" أظن أنني وقعت في الحب.. ليس الآن.. ربما منذ فترة.. ولكن ماحدث جعلني أظن أنني عاشقة حد النخاع.." عقدت حاجبيها تنظر إليها, متسائلة بترقب:" كيف؟.. ومن؟.." أجابتها بوجه باكي, ونبرة متبرمة:" ذلك المستفز.." فغرت شفتيها بذهول؛ فأكملت فيبي بحنق:" لا تنظري إليَّ هكذا.. أنا أحببته.. لكن لم أكن أعلم.. منذ أن قبلني وأنا أحلم به.." فغرت شفتيها أكثر حتى تدلي فكها بغباء, ورددت:" قبلكِ؟.. يا إلهي.. أنتِ وجيك!.." هتفت فيبي بحنق:" ليس قبلة قبلة يا حمقاء.. ولكن حين علم بولادة أخته قبلني على وجنتي.. ومنذ ذلك الحين وأنا أشعر بها على وجنتي, وأتخيلها على شفتيّ.." ثم تسائلت:" هل يمكن أن يفكر بي ونتواعد؟.." نظرت لها تمارا بإمتعاض, عادات فيبي تختلف عنها كثيرًا فهي تستطيع المواعدة ومرافقة الرجال وذلك طبيعي بمجتمعهم؛ بل ينظر لمن لا تواعد على أنها معقدة.. وتحتاج أن تعالج, يمكن أن تصبح مزمومة من المجتمع.. لا تحاسبها فكل له عاداته وأفكاره.. فيبي صديقتها وستتقبلها طالما لا تجير على حقوقها, أو تسخر من مجتمعها, وتنعته بالسوء.. مطت شفتيها, وقالت بعدم اهتمام:" لا أدري فيبي.. ثم أظن أنكِ تأخذين الأمر على محمل الجد.. فهو لم يظهر لكِ أي مشاعر.. بل يعاملكِ بفظاظة.." تململت في جلستها, وقالت بضيق:" أعلم هذا ولكني أحببته.. كيف لي أن أحب شخص يعاملني بهذه الطريقة؟.." _لأنكِ حمقاء عزيزتي.. هتفت بضيق:" لا تسخري مني.. جدي لي حلاَ.." هزت تمارا كتفها ونهضت, قائلة بلامبالاة:" لست مستشار للعلاقات الغرامية.. وخاصة ذات الطرف الواحد.. ركزي بعملك يا بلهاء وكفي عن أحلامكِ.. كل ما سأستطيع فعله لكِ أنني سأحدثه.." نظرت إليها فيبي بلهفة؛ لكن تمارا أكملت بجفاء:" سأحدثه أن يعطيكِ مساحة لتستطيعي مراجعة دروسكِ قبل الإختبارات التي نسيتها.." زمت فيبي شفيتها كالأطفال تنظر لتمارا بعتاب صامت, لكن تمارا تركتها تتحرك صوب مكتب عمار لتحثه على المغادرة لرؤية الصغير.. وبالفعل غادرا.. حين وصلا للمنزل استقبلتهم والدة غريس مرحبة, واصطحبتهما إلى الغرفة حيث الصغير, واسرعت إليه تمارا تحمله وتقبله بشوق.. تركها عمار معه واتجه إلى غريس.. دنا منها يقبل جبينها, قائلاً بإبتسامة:" كيف حالكِ اليوم؟.." بادلته غريس الإبتسامة, وقالت بخفوت:" بخير عمار.." ثم نظرت نحو تمارا, وقالت بمرح:" يبدو أن تاما عشقت الصغير وستخ*فه بعد قليل.." ضحك بخفوت وجلس بجوارها على طرف الفراش, وقال:" ربما ولكنها تريد أن تراه قبل أن نسافر إلى عائلتي.." امتقع وجه غريس, وقالت بضيق:" هل لازلت على رأيك عمار وسنسافر؟.. جو لا يزال صغيرًا.. ثم إن عائلتك تستطيع الحضور إلى هنا.." زفر بضيق وقال:" لقد تحدثنا غريس.. لا أستطيع أن أخبر عائلتي أن تأتي إلى هنا.. لقد مر وقت طويل منذ سافرنا آخر مرة.. وتعللنا بحملكِ ومشقة السفر.." عقدت حاجبيها, وقالت بتبرم:" عمار عائلتك مختلفة.. ثم إن التوقيت يجعلني أنام طوال الوقت حتى أعتاد.. ووالدتك تتذمر.. وأولئك الأشخاص الذين يأتون بغير موعد وعليَّ مرغمة مقابلتهم.. لأنني زوجتك.." أغمض عينيه, يأخذ نفسًا عميقًا يحاول التحكم في أعصابه.. غريس دائمًا تتبرم من السفر والعادات.. يعيدا هذا الحوار كل مرة.. متى ستفهم أنها عائلته, ولن يتخلى عنها ولن يغير نفسه!.. عليها أن تتأقلم معها كما يتأقلم هو مع عاداتها.. لم يعد له طاقة بالمجادلة فقد تعب حقًا.. عائلته متلهفة لرؤية الصغير تكاد تموت شوقًا, هو وعدهم بالقدوم ولن يتراجع.. عليه أن يكون صارمًا قليلاً معها, هي يجب أن تحترم عائلته.. نهض من جوارها, وقال بوجه جاد ونبرة منخفضة:" غريس سنسافر فحضري نفسكِ.. ولا نقاش مرة أخرى.." ولم يمهلها الرد واتجه ناحية تمارا المنشغلة مع الصغير.. تطلعت إليه غريس بيأس, ثم تسائلت:" هل ستسافر معنا تاما؟.." نظرت إليها تمارا, وقالت بأسف:" لن أستطيع غريس.. لدي بعض الإختبارات.." عقدت غريس حاجبيها ببؤس أيضا تمارا لن تسافر.. رغم كل ما يحدث بينهما واستفزازها؛ ولكنها تحب وجود تمارا هناك معها فهي تقلل بعض التوتر وتشعرها بالراحة.. عمار يبدو مصرًا.. وهذه الفترة يبدو متوترًا, مشدود الأعصاب, ولا تدري لماذا؟.. عليها أن تتحامل على نفسها وتسافر معه فهي تريد أن تصلح بعض العلاقات معه.. ابتسمت بهدوء, وقالت بنبرة حاولت أن تكون لطيفة:" حسنًا سنحاول أن نتحمل بعد تمارا عنا هذه الفترة.." ابتسم عمار ولم يعلق بل نظر لصغيره بحب ونظرة غريبة غامضة.. بعد ذلك اصطحب تمارا إلى المنزل, وعاد لمنزله ليجمع أغراضه ثم وقف أمام المرآة يتطلع إلى نفسه بإبتسامة باهتة يتن*د بتثاقل.. *************** بعد يومين ودعت غريس والدتها وجيك, وسافرت مع عمار والصغير إلى عائلته التي استقبلتهم بسعادة غامرة, وفرح بالصغير, قامت بإقامة حفلة كبيرة له وتوافدت إليهم العديد من الشخصيات حاولت غريس التفاعل معهم بقدر ما تستطيع؛ لكن العالم بأكمله غريب عنها حاولت مرارًا التأقلم, لكن لم تستطع.. مع قدوم الصغير كانت تجد العديد يتوافد عليهم, يوقظوها من نومها لترحب بهم, وتتقبل التهاني.. كانت تعاني من تقلب المزاج بعد الولادة وعدم انتظام نومها بسبب الصغير, أخبرتهم مرارًا, لكن حماتها كانت تستنكر حديثها, وتخبرها أنهم أتوا لزيارتها وعليها أن تستقبلهم؛ وإلا سيكون إهانة لهم وللحضور.. كان عمار أيضا منشغل في العمل مع والده وتراكمه بسبب سفر سامر.. لم تجد من تتحدث معه, وميرا منشغله بدروسها تأتي فقط تجلس مع الصغير وتلعب معه ثم تنصرف.. كات تشعر بالوحدة بينهم, وتعد الأيام للعودة.. وبالفعل عادا بعد خمسة عشر يومًا شعرت بأنهم أعوام.. مر بعض الوقت عليهم ولكن كان هناك شيء ما.. عمار يبتعد أكثر وأكثر يخفي شيء ما, يحاول أن يكون طبيعيا, لكنها تشعر به.. حاولت الحديث, لكنه يتهرب منها.. بعينيه نظرة غريبة لم ترها من قبل.. حزن, أسف لم تحددها.. لكن شعورها بالضغط جعلها تفتعل الكثير من الشجارات, وهو يحاول امتصاصه لأجل الصغير.. تحدثت مع تمارا ولكن الأخيرة لم تفدها بشيء, وأخبرتها بعدم معرفتها ما يشغل عمار.. في تلك الليلة دلف عمار وكانت قد بلغ غضبها أشده, وقفت أمامه وأصرت على معرفة ما يحدث؛ فهي لن تستطيع أن تعيش بهذه الطريقة على الأزواج ألا يخفوا الأسرار, وعمار يخفي عنها الكثير.. تصاعد غضبها من هدوئه, فصرخت بنفاذ صبر:" عمار.. أنا أريد الإنفصال.." نظر لها عمار بذهول غير مصدق:" ماذا تقولين غريس؟.." هتفت غريس بجدية:" بلى عمار أريد الإنفصال.. لم أعد أحتمل.. حياتنا تكاد تكون مدمرة.. لا أستطيع التركيز.. أحاول وأحاول أن أجذبك إليَّ ولكنك تبتعد.. لا أستطيع حتى التركيز على الإهتمام بجو.." حاول عمار الحديث:" غريس أنا.." قاطعته غريس, تقول بنبرة متحشرجة تقاوم دموعها:" يكفي عمار.. حاولنا وحاولنا, لكن لم نعد نستطيع.. أنت تبتعد يومًا بعد يوم.. كنت أظن حياتنا ستتحسن بعد ولادة جوزيف؛ لكنها أصبحت أسوء.. ربما كان خطؤنا أننا حاولنا ترميم علاقة مدمرة.." أطرق برأسه وغامت عيناه بحزن, وقال:" معكِ حق غريس.. يبدو أننا وصلنا لنهاية الطريق.." تطلعت إليه غريس بأعين متسعة مصدومة تبتلع ريقها بصعوبة.. كانت تظنه سيحاول إثناؤها عن الأمر.. سيحاول تبرير موقفه.. لكن أن يوافق؛ وكأنه ينتظرها هي أن تبدأ وتقرر.. شعرت بدموع تتجمع بمقلتيها تحارب للسقوط.. أكمل عمار بنبرة خافتة:" آسف غريس.. مايحدث معي منذ فترة لا يجعلني مخولاً لأكون زوجًا جيدًا.. أنا...." ابتلع عمار حديثه لا يستطيع إكماله.. يشغر بغصة مسننة استحكمت بحلقه لا يستطيع تفسير ما يشعر به, هذه هي المرة الأولى التي يشعر فيها بالألم والعجز.. يحاول ويحاول.. لكنه يدور بحلقة مفرغة.. مايحدث له قد يسبب الألم لمن حوله وعليه ألا يكون أنانيًا ويفكر بمصلحة صغيره أولاً.. نظرت إليه غريس بتشوش, وهي تبكي بنعومة؛ لكنها قالت بنبرة هادئة متفهمة:" لا بأس عمار.. علينا أن نفعل ما هو بمصلحة صغيرنا.. الإستمرار بعلاقة فاشلة ستضر الصغير.. سننفصل بتحضر ونهتم بالصغير.." أومئ عمار برأسه وإقترب منها يقبل جبينها برقة, وقال بخفوت:" آسف إن كنت سببت لكِ الألم غريس.. الخطأ ليس خطئكِ.. أعتذر.." ضمها إليه بقوة ثم تركها وانصرف سريعًا.. لترتمي على الكرسي خلفها شاهقة بألم تبكي بمرارة.. ********** ترك عمار منزله وذهب للإقامة مع سهيل وتعجب الجميع مما يحدث فكيف يترك منزله والصغير ولكن أحدًا لم يتدخل بالأمر.. حين حضرت تمارا إلى المنزل في نهاية عطلة الأسبوع جلس الجميع إلى طاولة الطعام صباحًا يتناولون طعامهم ب**ت.. ولكن.. _سأنفصل أنا وغريس.. اتسعت عينا تمارا بذهول, وفغرت شفتيها شاهقة بعدم تصديق.. تن*د سهيل, وقال بلامبالاة:" هذا مؤسف, ولكنها حياتك.." ولكن سامر هتف بضيق:" وماذا عن الصغير؟.." تن*د عمار بتثاقل, وأجاب بهدوء:" سنعتني به سويًا, وستكون حضانته مشتركة.." _لا لن تفعل.. صرختها الغاضبة جعلت جميع الرؤوس تلتفت نحوها بدهشة.. وعمار يتسائل بدهشة:" لن أفعل ماذا تمارا؟.." كانت تتنفس بعنف تلهث وص*رها يعلو ويهبط بشكل ملحوظ, وهتفت:" لن تترك غريس.." عقد عمارحاجبيه بتعجب, وقال:" تمارا لقد تحدثنا أنا وهي, واتفقنا على....." انتفضت واقفة دافعة مقعدها بعنف تض*ب بكفيها على الطاولة, وتقول بعصبية:" قلت لا لن تفعل.. لا يمكنك فعل هذا.. لا يمكنك فعل هذا بيوسف.. لا يمكنك فعل هذا بي عمار.." أطرق سهيل بصره يحرك حدقتاه بتوتر, ويجذ على أسنانه زامًا شفتيه يتنفس بغضب مكبوت.. تمارا تكمل بعتاب شرس:" لماذا ستتركه؟.. هو لم يفعل شيئًا لتؤلمه هكذا.. كيف استطعت التفكير هكذا عمار؟.." ********* انتهى الفصل الثالث قراءة ممتعة
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD