bc

الحمراء وراعي البقر

book_age12+
216
FOLLOW
1K
READ
drama
tragedy
comedy
like
intro-logo
Blurb

تبدا احداث الرواية بعودة الحفيدة جيما لمسقط راسها بعد سنوات غياب

تظن ان احداث الماضي توارت تحت التراب مع جون الذي كان سيصبح زوجها

ولكنها لم تكد تطأ ارض الوطن حتى وجدت نفسها اسيرة أخو جون الغير ش*يق الذي أعماه الحقد والغضب الاسود بعد أن دست له زوجة والده كره جيما عروس أخوه الراحل، وأخبرته أن العروس المشؤومة هي السبب في موت أخيه فأعد لها خطة انتقام مرعبة

دس لها الم**ر وأجبرها على مسايرته في خطته بعد أن هددها أن يقتل جدها وأخوها واضطرت جيما على الموافقة ليسقيها العذاب قطرة قطرة بينما يستمتع بوقته ومع الوقت وأثناء تنفيذ خطة انتقامه

أخذها لمزرعته تحت مسمى زوجته ولكنه في الحقيقة كان يسيء معاملتها وكأنها عبدة لديه

بمساعدة زوجة والده الشريرة قضت جيما أسوأ شهور في حياتها

يفاجأ بعد مضي الوقت أن جيما ليست الشخص الشرير الذي سمع عنه

وأن الشرير الحقيقي هي زوجة والده التي حاولت التخلص منه هو أيضًا بعد أن أعماها الحقد والكره وحزنها على ابنها الراحل

ما بين مشاعر الغضب الاسود ومشاعرها المتضاربة بين عنفوانها وكرامتها المهدورة

تتولد مشاعر جديدة تنبت في اقسى ظروف ممكن ان تكون لميلاد الحب

يكتشف جايك أن المجرم الحقيقي هو زوجة والده وأن جيما بريئة تماما

يعصره الندم ولا يستطيع الغفران لنفسه حتى يقع له حادث وتضحي جيما بحياتها من أجل إنقاذه

وتنجب ابنتها التي تهون عليها العذاب

وتستطيع جيما في النهاية أن تصل للسلام النفسي والغفران

لأبو ابنتها

chap-preview
Free preview
الفصل الأول
كانت تشعر بضيق غريب في التنفس رغم الهواء المنعش الذي يلفح وجهها من نافذة السيارة, ولكن هذا الشعور بالضيق كان يزداد كلما بَعُدت عن المدينة, "كانبيري" واقتربت من منطقة الريف الأسترالي المتسع.. ضغطت بقدمها أكثر على دواسة الوقود لتزيد من السرعة قد تؤثر سرعة الهواء في تعديل مزاج تلك الحمراء.. كان الطريق السهلي مفتوح أمامها فلا حركة مرور تزعج سيارتها الهولدن الحمراء, التي تبدو مزاجها من مزاج سائقتها ذات الشعر الأحمر الثائر المتطاير من سقف السيارة المفتوح.. تذكرت بابتسامة رضا رغم مزاجها العكر كيف طلب جدها الحبيب ت**يم خاص لسيارتها لتكون ذات سقف مفتوح, علها تُهدئ من طبيعتها الثائرة عندما يلفح الهواء بشرتها الخمرية المشربة بالحمرة, ولكنها في هذه اللحظة كانت أبعد ما تكون عن الهدوء.. ألقت نظرة سريعة على وجهها في مرآة السيارة, ثم ضاقت حدقتاها العسليتان, بعد أن لاحظت نقاط النمش على أنفها وقد أصبحت داكنة مما ضايقها كثيرة, فهي لا تحب تلك الحبات الحمراء التي لا تبدو بهذا الوضوح إلا عندما تمر بإحدى نوباتها العصبية.. وهي حالياً تشعر أنها على وشك أن تخنق أحدهم بيديها العاريتين.. وقع نظرها وهي تقبض على عجلة القيادة بأناملها بقوة حتى ابيضت سلامياتها, على الخاتم الماسي الكبير, رفعت يدها الحرة لتزيد من بعثرة خصلات شعرها المتطايرة في الهواء وهي تتذكر بكآبة اقترابها من مزرعة تيغارد, لتلتقي بخطيبها جون.. و... أمه العزيزة!.. أحد أسباب انفلات أعصابها اليوم.. فهي تُصر على أن يعيش ابنها بعد زواجه في المزرعة.. وهذا بالطبع لم يوافق هوى خطيبته حمراء الشعر.. وقف جون الطيب حائراً بينهما, لم يعرف أيهما يرضي, أمه المسيطرة على مجريات حياته؟.. أم خطيبته التي يهوى التراب تحت قدميها؟.. كانت الحمراء تعرف أنها الفائزة في النهاية, فجون كالخاتم في إصبعها, رغماً عن خطط أمه الشيطانية, ولكن هذا الأمر سيتطلب أن تذهب له بنفسها الآن في مزرعته لتخوض آخر معركة لتفوز بالحرب, ولكن المدهش أنها لا تريد الفوز بها فعلاً!!.. رجلاً كجون لم يكن فتى أحلامها.. طبيعته المسالمة لا تناسبها, ولكنها لن تفسخ الخطبة, ليس بعد أن ظلت مخطوبة له سنتان تحاول تأجيل المحتوم.. بزفرة حارقة, تمنت لو كانت التقت بأخيه الأكبر, ولكنها منذ خطبها جون لم تره إلا من خلال الصور, وكان هذا من زمن بعيد.. كانت تأمل يوماً لو يسلك جون نهج أخيه, الذي يعيش في اليونان منذ عشر سنوات.. أخبرها خطيبها أن اليونانيين يطلقون عليه لقب.. "تيغاروس".. أي النمر باللغة اليونانية بدلاً من كنيته تيغارد.. تذكرت حماسة جون وهو يصف لها طباع أخيه الشرسة, وعريكته التي لا تلين كما لو كانت أخلاقه تواكب أخلاق نمر بري فعلاً, وتمنت بزفرة يائسة لو يشبه جون أخاه بأي من طباعه, ولكن لا يحق لها التذمر, جون رجل رائع.. ضاحك السن, تحب صداقته فهو مستمع جيد, وما يعيبه بعد لين عريكته... أمه.... الفصل الثاني كادت تخلع مقودها من مكانه وهي تستدير لتدخل بوابات مزرعة تيغارد المشهورة في ضواحي "كانبيري", كانت مزرعة كبيرة بالفعل.. ولكن طالها الإهمال وسوء الإدارة بات واضحاً في أراضيها الصفراء الشاسعة, ومبانيها التي على وشك الإنهيار.. أوقفت السيارة أمام بوابة المنزل الرئيسي ونزلت لتخطو برشاقة بعد أن رفعت نظارتيها على شعرها الأحمر المتناثرة خصلاته حول وجهها وعلى ظهرها وحتى خصرها.. نظرت باستحسان لملابسها الضيقة وعرفت أنها تثير مزاج أمه الأ**د بهذه الملابس, الجيب الأ**د الضيق, طوله لما قبل ركبتيها بردح كبير, وبلوزتها الحمراء ذات الحمالات الرفيعة وفتحة الص*ر الكبيرة, ليظهر نمشها واضحاً على مقدمة ص*رها.. كانت تعلم أنها تثير جنون جون بهذا المنظر, وكذلك أمه التي لا ترضى برؤية ابنها خانعاً لها.. دخلت بخطوات رشيقة متهادية.. كانت بانتظارها, نحيلة, عجوز, تضيق نظراتها بشر كلما وقعت عليها عينيها, كما هي الآن.. شعرها ذا الخصل البيضاء معقوف على رأسها بكعكة مشدودة لتزيد من حدة ملامحها.. ولكن ويا للعجب, فهي تستقبلها اليوم بنظرات ودودة وابتسامة مرحبة!! ـ أهلاً بخطيبة ابني.. الغالية.. تفضلي, لم تقفين على الباب كالغريبة؟!.. البيت بيتك كما تعلمين, وأنا مجرد ضيفة عندك وعند جون!!.. ردت الحمراء بحذر متجاهلة تلميحاتها: ـ مرحباً سيدة تيغارد.. أين جون؟ ازداد قلقها عندما جلست العجوز على أحد مقاعد صالة المعيشة, وهي ترمقها بنظرات تسلية: ـ آه.. جون.. ولدي.. إنه في غرفته.. يرتاح قليلاً.. فقد أرهق نفسه في أعمال المزرعة اليوم... أمالت الحمراء رأسها على كتفها تحاول معرفة سبب كل هذا المكر والابتسامة الملتوية ب ***ة الإنتصار.. ثم ردت بصوت ثابت مع نظرات متهكمة: ـ هل يمكن أن تناديه لو سمحتِ؟ ـ أنتِ خطيبته, وعلى وشك أن تصبحي السيدة تيغارد.. لم لا تصعدين إليه بنفسك؟؟!! زفرت الحمراء بضيق, فهي لا تحب ما يحدث... خيوط اللعبة ليست في يدها وهذا ما يضايقها, أن تكون بيدق على لوحة شطرنج تلك العجوز الماكرة. ـ ولكنك تعلمين أنني لا أدخل غرفة ابنك و.... قاطعتها العجوز: ـ جون لم يبدو بخير هذا الصباح... لم أشأ إخبارك كي لا تقلقي.. ولكنه سيكون سعيد لو رآكِ أمامه, وأراهن أنه سيقفز من السعادة.. اصعدي على الدرج الخشبي, غرفته في آخر الردهة... لن تخطئيها أبداً... هي التي في الواجهة. رغم عدم رضائها بما يحدث, ولكنها أدركت أن الطريقة الوحيدة لإنهاء هذه اللعبة السخيفة, أن تتبع ارشادات الشيطانة العجوز... دق كعبيها بصوت مكتوم على الأرض الخشبية, رمقت العجوز المنتشية بنظرة مستخفة, وكأنها تخبرها أن أياً ما تخطط له... لن ينفع معها.. وصلت لأعلى الدرج.. حاول جون إقناعها أن تصعد معه ليريها غرفته مراراً.. ولكن رفضها القاطع للعيش في المزرعة وتفضيل المدينة عليها كمكان للحياة والإقامة بعد الزواج, جعلها ترفض أن تستجيب لطرقه في إقناعها... كانت ردهة طويلة بأبواب على الجانبين, من وصف جون, لابد أن الباب الثاني على اليسار هي غرفة أخوه.. تيغاروس.. وغرفة جون هي في المواجهة, آخر غرفة في الردهة.. كان كعبي حذائها يدقان على الأرض الخشبية برنين مكتوم وهي تتقدم خطوة خطوة.. حدسها يحثها على الإلتفات والعودة من حيث أتت... ولكن عنادها لم يأتِ من فراغ.. أصرت على التقدم لتصل لنهاية هذه اللعبة التي طال أمدها كثيراً وحان لها من وقفة جادة حازمة مع جون.. إما أن يظل تابعاً لأمه طوال العمر.. وهي لن تكون تابعة معه ولا حتى له... أو يرضى بالخروج من المزرعة.. عليه أن يختار.. الآن... إما هي.. أو أمه.. الفصل الأول *********** العروس الحمراء.. ..... وقفت أمام المرآة تتلفت بضجر واضح على ملامحها المتذمرة بوضوح.. وبأنامل مرتعشة راحت تساوي ثنيات ثوبها الأبيض المنفوش, بطبقات من التل الكثيفة المتراكمة أسفل قماشه العاجي المطرز, كان يظهر كتفيها كاملين.. وضعت إصبعها بغيظ على أحد علامات النمش على ص*رها, ثم ارتفع ليلمس الماسة التي تزين جانب أنفها الأيمن, وتذكرت بشبح ابتسامة ش*ية... ذلك اليوم الذي اكتشف فيه جدها أنها ثقبت أنفها وكاد أن يصاب بنوبة قلبية... أعادت خصلة شعر ناعمة من شعرها المتمرد حال صاحبته أسفل خمارها الأبيض الطويل, الذي أخفى لفائف شعرها الطويل أسفله.. وفوق رأسها ثبت الخمار تاج ماسي رقيق كان الخاتمة المميزة لتصبح كعروس خارجة لتوها من أحدى مجلات الأزياء العالمية... كما أخبرها فيليب ذات مرة.. ـ حبيبتي.. أنتِ تصلحين لأن تصبحي عارضة أزياء عالمية. فمازحته: ـ عارضة أزياء منمشة!.. وقتها ضحك وهو يلتهمها بعينيه قائلاً: ـ وأجمل ما فيكِ نمشاتك.. والتي يوماً ما سألتهمها كلها حتى تختفي من كل جسدك. لم ترق لها مزحته يومها فتظاهرت بقبولها... وكانت أبعد ما تكون عن ذلك.. صرخت في المرآة متذكرة ملامح عريسها بفزع: "هذا لا يحدث لي... مجرد كابوس, فأنا لن أكون زوجة لفيليب دانس.. نعم هذا هو الواقع, جدي يعاقبني فقط.. مجرد عقاب على تهوري... وبعد قليل سيصعد لي ليأمرني بابتسامته العجوز الجميلة أن أخلع ثوبي لأن الموضوع برمته مزحة سخيفة.. وأنني لن أتزوج من.. فيليب دانس هذا أبداً" شهقت بسعادة والسماء تتفتح استجابة لدعائها عندما فتح الباب ليطل أخوها بقامته الفارعة وجسده الضخم متسائلاً: ـ هل مسموح لي بالدخول؟ صاحت بلهفة لا تقوى على الإنتظار حتى تسمع منه الأخبار المفرحة: ـ آه كورد.. بالطبع ادخل... أنت لست بحاجة لتستأذن. تقدم كورد بخطوات حذرة مدعياً الخوف, يحمل بيده زجاجة تيكيلا وكأسين: ـ بعد أن طردت كل اشبيناتك وصديقاتك... توقعت أنني سأجد بركاناً منفجراً هنا, ولكن يا للعجب.. أنتِ تبتسمين.. اللعنة.. أنتِ تبدين عروس فاتنة أكثر مما يستحق ذلك الدانس. شهقت بأمل: ـ كورد.. أخبرني.. جدي ألغى الزفاف, أليس كذلك؟؟ عقد كورد حاجبيه بابتسامة عابثة: ـ ليس على حد علمي.. منذ لحظات فقط تركت العجوز, لم يبدو عليه إلا الحماس لكونه أصبح أكثر اقتراباً من أن يصبح الجد الأكبر لأحفاد جدد!! كتم ضحكاته عندما لاحظ حماس أخته الذي خبا دفعة واحدة وظهر الأسى في قتامة عينيها العسليتين... مد يده بأحد الكأسين لها قائلاً بمزاح: ـ تناولي هذا حبيبتي ربما يساعدك على تقبل قدرك الأعمى.. تأملت بغيظ شديد السائل البراق اللون وهو يصبه في كأسها.. ثم صب كأسه وقبل أن يقارعها الأنخاب كانت قد أفرغته في جوفها دفعة واحدة فصاح ضاحكاً: ـ هل الأمر بهذا السوء؟ دفعت الكأس باتجاهه مدمدمة: ـ أخرس.. وصب لي كأساً آخر. نفذ أمرها وراقبها حتى أفرغته هو الآخر, ثم وضعته جانباً لتعيد التحديق في عينيها المغروقتين في المرآة.. وضع كورد الزجاجة جانباً وهو يقول: ـ أعتقد أنكِ أخذتِ كفايتك من التيكيلا يا حبيبتي.. أنا فقط كنت أريد أن أشرب نخب ش*يقتي قبل الجميع. وافقته جيما وهي تضحك بمرارة: ـ أنت محق.. يكفي تيكيلا.. فهي لا تناسب معدتي الفارغة على أي حال.. ولكنها تمنح حالة ضبابية ممتازة لتخدير عقلي حتى لا التفت وأولي الأدبار هاربة.. أمسك كورد أخته من كتفيها وضمها لص*ره بحنان وهو يرفع وجهها ليتأمل دموعها اللؤلؤية المحتبسة خلف رموشها: ـ ما بالك حبيبتي؟... تأخذين موضوع زفافك كالدواء المر. ض*بت الأرض بقدميها بتذمر: ـ كورد.. أنت تعرف فيليب.. من المستحيل أن يكون رجل لي.. حباً بالله أنا امرأة نارية حمراء الشعر, كيف أتزوج رجل أشقر.. بارد؟!! عاد كورد ليغرق في قهقهة ضاحكة حتى دمعت عيناه: ـ لقد جلبت هذا على نفسك أيتها الحمراء.. عندما سمحت لنفسك بالتورط معه. صرخت بغل تزمجر من بين أسنانها: ـ مجرد إشاعات يا كورد.. ومنذ متى نصدق الجرائد الصفراء؟.. تن*د أخوها: ـ أيضاً جلبت هذا على نفسك جيما..لا تحقدي على العجوز, لقد قام بالتصرف الذي يراه صحيحاً للحفاظ على سمعتك وسمعة العائلة, خاصة بعد ما حصل العام الماضي مع جون. شهقت بحزن متراجعة من بين ذراعيه: ـ لم يكن عليك أن تذكرني بهذا الأمر الآن يا كورد. عاد ليضمها بقوة: ـ أنا آسف, ولكنك كنت بحاجة لتتذكري جون الآن. أنا خائف عليك يا جيما.. لابد أن تكوني متزوجة في أسرع وقت... تن*د بقوة مردفاً: ـ كنت ستعرفين في كل الأحوال.. لقد عاد أخو جون منذ شهر. تمتمت بدون تصديق: ـ تيغاروس.. عاد!!.. ـ لا.. بل جايك.. هل له أخ بهذا الاسم؟ ابتلعت ل**بها بصعوبة وهي تسأله: ـ تيغار... أعني جايك عاد.. ما علاقتي بالأمر؟ ـ رأى جدي أنك ستكونين أكثر أماناً لو كنت متزوجة من رجل كفيليب دانس, رجل ثري وذو نفوذ واسع. هزت رأسها بعدم فهم: ـ كورد أنت غير واضح في كلامك.. ماذا يعنيني من أمر آل تيغارد.. لقد انتهينا من هذه القصة. ـ هناك إشاعة في المدينة مفادها أن تيغارد يخطط للإنتقام. تراجعت شاحبة: ـ انتقام!!.. ممن؟.. مني أنا؟!... وماذا فعلت؟.. جون قتل نفسه, وأمه الملعونة أصيبت بالشلل.. وهي أدرى الناس بالسبب الذي من أجله قتل ابنها نفسه. رد كورد بشفاه مذمومة: ـ هل نسيتِ أنها لا تتذكر كل دورها في اللعبة.. وتُلقي عليكِ بكل المسؤولية... لابد أنها ملأت رأس ابنها العائد بالأكاذيب. هزت رأسها بابتسامة مترددة: ـ ليس تيغاروس.. ليس هذا الأخ.. هو مختلف تماماً عن جون... ليس ضعيف الشخصية مثله... لن يرضخ لأكاذيب أمه قبل أن يتحقق بنفسه... أرى أنك وجدي تفوقتما على أنفسكما هذه المرة.. والأسباب التي دفعتماني لأتزوج من فيليب لا وجود لها إلا برأسيكما الحجريان فقط. أمسك كورد بكتفيها ليسيطر على انفعالها الوشيك: ـ اهدئي جيما.. حتى لو كان ما تقولينه صحيحاً وتيغارد هذا لا خوف منه أبداً.. لقد تم كل شيء.. وهذا الزواج سيحدث لا محالة.. لن تستطيعي التراجع الآن... وإلا كنت السبب لإصابة جدك العجوز بذ*حة ص*رية.... بعدها سآتي لأنتقم منك بنفسي. ابتسمت أخيراً لدعابة أخوها الوحيد ثم تأبطت ذراعه: ـ هيا بنا كورد.. بعد تفكير ثان.. قد لا يكون فيليب سيئاً على أي حال!!.. قهقه ضاحكا ليغيظها: ـ تقصدين بعد أن شربت كأسين من التيكيلا... سيلزمك منه الكثير لتعيشي حياتك كلها معه يا أختي الصغيرة.. لوحت بقبضتها في وجهه: ـ كورد.... توقف يتأمل ملامح أخته الجميلة.. بشرتها البيضاء المشربة بالحمرة, شعرها المتوهج الأحمر, عينيها المشرقتان الآن بذهبية قاتمة ودمدم من بين أسنانه غيظاً: ـ أيتها المهرة الحمراء الجامحة... أنتِ بحاجة لفارس أ**د يمسك بلجامك.. كي لا تجمح بك أعاصير مزاجك الناري.. بالمناسبة... أرسل لكِ فارسكِ الأشقر الجميل سيارة خاصة مزينة بالورود, وسائق خاص.. وطلب أن تستقليها وحدك... نوع من استعراض العضلات, اللعنة.. يظن نفسه الوحيد في العالم الذي يملك مالاً!.. سألته بضحكة مكتومة: ـ وأنت وجدي؟ ـ سنلحقك بسيارتنا.. لا تقلقي.. لن تتخلصي منا بهذه السهولة. سألته بريبة: ـ لا أظن أن فيليب من هذه النوعية التي تحب التفاخر بأموالها. حك رأسه مفكراً: ـ لم هذه الترتيبات المزعجة إذاً؟ رفعت حاجبيها باستهجان, فأردف ضاحكاً: ـ الو*د الأشقر لا يصدق حظه بموافقتي على الإقتران بكِ... لذلك يحاول إرضاءك ببعثرة الأموال تحت قدميكِ.. ادعسيها بقدميك يا أختاه, فقد استحققتها عن جدارة بزواجك منه.... هيا بنا أسمع جدك ينادينا... تأبطت ذراعه وأخذت نفساً عميقاً وهي تنزل معه الدرج للطابق الأسفل.. احتضنها جدها بقوة وحنان وعيناه مبتلتان بالدموع وهو يتأملها بحب: ـ أنتِ أجمل عروس خرجت من بيت شيريدان.. أنا متأكد أن دانس سيعتني بكِ جيداً.. وإن لم يفعل **رت له رأسه بعصاي هذه. هتفت بصوت مخنوق: ـ لا تكن كئيباً هكذا أيها العجوز.. لن أذهب بعيداً عنك... ربما لن تشعر بفراقي أبداً. شد أذنيها برقة: ـ سأفتقد شقاوتك أيتها الحمراء الصغيرة.. اعتني بنفسك. ساعدها كورد لتدخل في السيارة الليموزين السوداء الفارهة المزينة بأروع الورود الطبيعية... لملمت ثوبها حتى تمكن أخوها من غلق الباب... لوح لها بيده مشيراً لها أنه سيلحقها فوراً مع الجد... ثم أشار للسائق أن ينطلق بها... ألقت نظرة عابرة من فوق الكتف للخلف فور انطلاق الليموزين لتتأكد من تتبع سيارة أخوها لهما... قطبت حاجبيها بدهشة, فقد وصلت سيارتها للمنعطف بينما ما زالت السيارة الثانية متوقفة مكانها.. أخذت تنقر بلهفة على الزجاج الفاصل بينها وبين السائق... وتناديه: ـ هاي.. أنت.. انتظر السيارة الأخرى لم تلحق بنا... يبدو أنها تعطلت. وازدادت دهشتها عندما لم يبدو على السائق أنه سمعها, بل زاد من سرعته, فاشتدت نقراتها على الزجاج تناديه بصوت أعلى: ـ أنت يا هذا.. هل أنت أ** أم ماذا؟.. أوقف السيارة جانباً حتى تلحق بنا السيارة الأخرى.. سيضيعوننا... ثم حانت منها التفاتة سريعة أخرى ولكن الطريق كان خلفهما خالي تماماً ولا أثر لكورد أو جدها.. وما زاد من ذعرها أن السيارة اتخذت منعطفاً ثانياً ليس من المفروض اتخاذه لو كانت في طريقها الصحيح لقصر فيليب حيث سيتم عقد القران.. عادت تستدير لتنظر لظهر السائق بمزاج على وشك أن يتحول لكارثة لو كان هذا السائق يعرفها جيداً ما تجاهلها بهذه الطريقة.. ربما لديه أوامر من فيليب.. ولكنه ما كان عليه أن يتجاهلها أبداً.. إن كان يعرف صالحه!!.. اشتد نقرها هذه المرة على الزجاج حتى شكت بقدرته على الاحتمال من قوتها وهي تصيح بصوت عالي النبرات: ـ أنت أيها الأصم.. هل أنت غريب؟؟.. وأخرس أيضاً؟؟!!.. ألا تعرف الطريق لبيت سيدك... لقد اتخذت الطريق المعا** لوجهتنا... لابد أن تنتظر حتى يلحق بي أهلي فلن أدخل قصر سيدك بدونهم. فجأة لم تعرف ما حدث.. ولكن لا بد أن السائق بعد كل شيء ليس أ**اً.. فقد رفع عينيه في المرآة الأمامية لينظر لها من خلالها بعينين أ**د من الفحم تبرقان شراً وتمتم بصرير من بين أسنانه: ـ أنا... لا سيد لي يا آنسة.. أنا سيد نفسي! تصادمت نظراتها مع نظراته القاتمة المظلمة, وسرت قشعريرة بجسدها لم تعرف مص*رها.. كانت تجربة مثيرة لها, وليست مريحة على الإطلاق أن يؤثر فيها رجل بمجرد النظر لها بقتامة عينيه الفاحمتين.. بسرعة لملمت شتات نفسها بعد الهزة النفسية التي تعرضت لها, تاركة لطبعها الناري التحكم بانفعالاتها: ـ تبدو لي أذنيك بخير حال, لابد أنك سمعتني إذاً من أول مرة ناديتك فيها لتتوقف. انتظرت للحظات كي يرد أو حتي يبدي اهتماماً بما سمع منها, ولكنه عاد كالتمثال الأخرس الأ** مرة أخرى... أردفت بعصبية واضحة وعيناها تتقدان شرارات ذهبية: ـ أنت أيها الحقير... سيغضب فيليب كثيراً من الطريقة المهينة التي تتجاهلني بها.. اللعنة.. أنت في الطريق الخطأ للقصر عليك الإنعطاف فوراً. رد بكلمة واحدة أبلغ من أي رد بعد أن رفع عينيه لتلتقي بعينيها عبر المرآة مرة أخرى.. فعاد جسدها يقشعر من كمية السواد المظلم الذي تنغمس فيه أجفانه: ـ أعلم.... رددت بهمس لا تكاد تصدق ما تسمع: ـ تعلم!!!.. ولكن.. بدأت تستسلم للشعور الذي شعرت به من أول لحظة... الخوف... بالإضافة لشعور مريع بالدوار.. وتذكرت كأسي التيكيلا.. لابد أنهما أثرا فيها خاصة مع معدتها الخالية من الطعام.. فلو كانت بحالتها الطبيعية ما جلست هكذا تنتظر مصيرها من ردات فعله.. فبدأت دقات قلبها تتسارع بشكل جنوني حتى ظنته سيقفز من ص*رها وهي تتساءل في نفسها محاولة للتركيز: "أهذا إختطاف... ماذا يريد مني؟؟.. اللعنة.. كورد لن يسكت وجدي سيصاب بــ.." وعندما وصل تفكيرها لهذا الحد عادت لتطرق الزجاج الفاصل بكلتا يديها صارخة تارة ومتوعدة تارة أخرى, ولكن دون أن تنهار لحد البكاء.. ما أثر فيها هو قلقها على جدها وأخوها.. ربما أكثر من خذلان فيليب دانس في يوم زفافه... وأكيد لم تقلق على نفسها.. فأياً كان الموقف الذي ستجد نفسها فيه, هي تعلم جيداً أن ما من رجل يستطيع إرغامها على ما لا تريد.. لم يحدث من قبل.. ولن يحدث الآن. توقفت فجأة عن الصراخ الغاضب المتوعد عندما قرر السائق صاحب العيون القاتمة المظلمة أن يتحدث لها مرة أخرى بصوته الصارم: ـ أقترح أن توفري طاقتك لما هو قادم يا آنسة شيريدان, فأنا على ثقة أنك ستحتاجين إلى كل ذرة منها.. فيما بعد.. راح ص*رها يعلو ويهبط لاهثة وهي تبادله التحديق عبر المرآة.. كم ودت لو ترى وجهه كاملاً, ولكن الكاب الذي يرتديه على رأسه كان يغطيه تماماً فلم ترى إلا نظرات عينيه التي تخللت أعماقها وأصابتها في ال**يم.. ولون بشرته الأسمر.. بل الشديد السمرة.. وكأنه يعمل طوال النهار تحت الشمس الحارقة... ردت بصوت حاولت أن يبدو طبيعياً رغم الموقف ا***ذ: ـ ليس قبل أن أعرف من أنت.. و... ماذا تريد بالضبط؟؟ رد بصوت ساخر: ـ الصبر ليس من شيمك.. كما هو واضح.. ولكنه سيكون درسي الأول لكِ... اصبري يا آنسة.. لم تزدها كلماته المهددة إلا ثورة.. فراحت تحاول فتح الباب رغم انطلاق السيارة بسرعة كبيرة, ولكن هذه الفكرة لم تقف عائقاً أمام عزمها.. العائق كان اكتشافها أن الأبواب كلها موصدة, وهنا لمحت شبح ابتسامته المنتصرة في المرآة... عقدت ذراعيها على ص*رها تغلي بافكارها.. أو تحاول التفكير, ولكن شعورها بالغضب أعاق أي سبيل تجاه حل صائب لمشكلتها.. ولأول مرة تجد نفسها عاجزة تماماً عن التصرف... ومرة أخرى لعنت كورد في سرها فلولا التيكيلا التي أصر على أن تشرب منها.. لاستطاعت التفكير بشكل جيد.. وفكرت.. سأتدبر أمري.. ولكن ليس قبل أن يقوم بخطوته التالية على أي حال... حدقت من النافذة بدهشة لأنه كان على وشك الدخول لمدينة "كانبيري".... وبدأت ترادودها الشكوك مرة أخرى.. إذا كان ينوي ا****فها... لماذا يأتي بها لمدينة مكتظة بالسكان... بمنتهى السهولة سيكون بإمكانها الاستنجاد بأي كان قد يتصادف مروره بجوار السيارة أثناء الإشارة أو زحمة الطريق... تبادلا نظرات صامتة... وعادت شبح الابتسامة تلون فمه المزموم وكأنه قرأ أفكارها... أو ربما يظن أنها قد تهين نفسها بطلب الإغاثة... بينما لم يبدو عليه هذا الغباء.. فيم يخطط إذاً؟؟؟ بدأت السيارة تهدئ من سرعتها وهي تدخل لبوابات الريتز.. أشهر فنادق المدينة.. وليس هذا فحسب بل هي نفسها مشهورة والجميع يعرفها هنا من أصغر عامل في المرآب, وحتى مالك الفندق نفسه... فكيف سيمر بها هنا دون أن يتوقع أن تصرخ؟.. ليتم اعتقاله في التو ويزج لعشرات السنوات في السجن...

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

احببتها فى قضيتى ❤️ بقلم لوكى مصطفى

read
2.3K
bc

روح الزين الجزء الثاني بقلم منارجمال"شجن"

read
1K
bc

ظُلَأّمً أّلَأّسِـدٍ

read
2.9K
bc

خيوط الغرام

read
2.2K
bc

"السكة شمال" بقلم /لولو_محمد

read
1.0K
bc

قيود العشق - للكاتبة سارة محمد

read
7.9K
bc

شهد والعشق الأخر

read
1K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook