إنها الحياة
هي هكذا تعاش وهكذا كتب علينا عيشها فكلها تدابير رب البرية من فاقت حكمته حكمة حكماء البشر ومن حسن تدبيره عن تدبير البشر
نعم هي الحياة في بعض الأحيان تكونُ قاسية و ربما فترات و لكنها تقودنا أن ننسج اوجاعنا على لحنٍ لا نعلم لماذا نفعل هذا
و لكن الحقيقة عندما يشّعر الإنسان بالقهر الظاهر ، يجب أن يختفي بشكلٍ كامل ، و أنّ يبتعد ظاهرتنا تكتئب ، ملائكتنا تفيض، الشّعور مخيف.
هل الحُب يفعل هذا بنا؟!هل له كل السلطة لكي يحرك مشاعرنا كما يشاء؟وكأننا دمى على مسرح صغير وهو من فوق يمسك خشبة متصلة بخيوط رفيعة بالكاد ترى تشبه شرايين القلب ونحن من تحت نتحرك تحت إمرته.
أم نحنُ نحفظ كل شيء ربما أحدنا يحفظ من أول وهلة وغيرنا يكرر كثيرا كي يحفظ
و نكتم لتتجمع مسارات الحياة و تمزق أشلاء قلوبنا
مخيفة جدًا ، تشبه الخوف من فقدان الأم و إنكِسار القلب حينها
أعلم أنّ كتابتي أغلبها بائسة
و لإنها تَصِفُ حال الواقع و بعض من مشاكلنا النفسية و حطام فقد احبابنا الذي يهدمنا و يتركنا أحياءا أموات لا قوة لنا للمواجهة و فتح صفحات جديدة..ماضي قاسي يدمر آمل الحاضر و حلم المستقبل و عشق السنين.
جميعنا بلا استثناء نخاف و نهرب من مواجهة العالم ، و عندما نجبر لنمثل القوة ، حينها يتشكل الخوف بداخلنا ، نتآكل
حقيقة أنّ لكل إنسان أوجاع
هي حقيقة منطقية جدًا
فالشعور عندما يتوزع بداخلنا يوجب علينا أن نشّعر ببعضنا لنتحمل و نضحك ، الكتمان كالسجن
يمنع أنّ نبوح و نبكي يمنعنا من ملامسة أحبابنا ، كالشجار الذي يصبح بين شخصين و يتكون الكبرياء ليمنع البوح بحبهما
هذه هي الحقيقة... نتقيأ من اوجاعنا
لم تتوقف ريحان الرقيقة عن البكاء وحيدة كعادتها دموعها تنزل شلالا لا بل كان صوت بكائها يزداد أكثر و اكثر كل حين فتشد الغصة في قلبها أكثر فأكثر حتى تكاد تختنق ليظهر الحسرة و الان**ار داخلها والخراب الذي عانته والذي لازالت تعانيه رغم مرور سنين طوال لكنها كلها كانت سنين عجاف لم تضق فيها متعة ضحكة إلا نادرا وكأن الضحك كف عنها وأرضها جفت منه، ليتحرك و يجلس بجانبها ثم نظر برهة إليها متوجعا لوجعها فخاطب نفسه حينها قائلا:ماهذه الحالة التي وصلنا إليها أهذه حقا أميرة الكرز؟من كانت تقفز دون توقف وتلعب دون توقف وتضحك لا بل تقهقه دون توقف فرحة مرحة تلون أيامه بالوان الطيف لا تهدأ ابدا والآن هي لا لون لها حزينة باهتة ضحكتها تكاد لا ترى تكاد لا تتحدث تكاد لا تمرح بل تكاد لا تتنفس لكثرة شهقاتها فافترب ولم يتحمل أكثر ليسحبها بقوة إليه و يدخلها بحضنه فضمها بقوة وردد:اهدئي رجاء يكفي ريحان توقفي عن البكاء أنت تذبلين أمامي وأنا واقف عاجز تماما،استمر في ضمها يمسح على شعرها يحاول تهدأتها و لكن لم يستطع لتزيد من نحيبها وتقول:اتركني دعني لا أريد عناقا لا أريد شيء أريد فقط أن أبكي ابتعد عني أمير
ضمها أكثر وقال:لا لن أبتعد حتى تتوقفي عن البكاء
ريحان باكية:اتركني رجاء
فتركها تبكي و لكن كان قلبه يتمزق مع كل دمعه تنزل من عينيها و هو عاجز لا يستطيع تهدأتها ولا إسكاتها بل كلما اقترب منها أو لمسها تنفجر أكثر وتبكي بألم، ليتذكر حديث جنات عن حالتها سابقا وانتكاساتها ومعاناتها فخاف ان تعود لحالتها عندما فقدتهم فقال:لا يمكن أن أتركك ريحان ستكونين بخير ليشدد من قبضته عليها بينما هي لا تتوقف عن البكاء ، ظلت تبكي و تبكي بينما هو نسي كل شئ امام حزنها و لا يفكر سوي بها فقط خائف من أن تتذكر الذي مرت به وتعود لمعاناتها وحينها صعب جدا أن يعيد لها الضحكة، و بعد لحظات مريرة مرت عليها كتلك اللحظات التي عاشتها قبلا لكن هذه المرة تفرق لأنها لم تكن وحيدة بل كانت تتخبط بين ذراعيه يضمها لص*ره يستشعر حزنها ف**تت و توقفت عن البكاء ، أخذت تنظر حولها ب**ت لتستوعب وضعها وأنها في حضنه فاتسعت عيونها وجحظت واخذت نفسا عميقا لتبتعد عنه بسرعة منتفضة قائلة :ماذا تفعل أنت؟
أمير وهو يمسح على شعرها:يكفي رجاء يكفي بكاء ص*رك يكاد يشق اهدئي قليلا
ريحان: أريد البقاء بمفردي ، لم يشأ أن يتركها بمفردها و رغم كل مافعلته و جرحها له و لكنه لم يقدر أن يري حزنها أو يتحمل جرحها فقال بلين : و لكنك لست بخير، تحركت لتدير وجهها عنه قائلة : أريد البقاء بمفردي رجاءا ، فتحرك و خرج ب**رته ليغلق الباب خلفه ، تن*د و زفر بحنق : ما هذا لا أستطيع أن افهمها حتي في حزنها لا تريدني بجانبها ، و لماذا أريد البقاء بجانب من لا تريدني.. آه قلبي آه ، دائما تسبب لنفسك المتاعب و تقحم نفسك مع من لا يريدونك امك و زوجتكلمن تعيش اذن ؟ و لكنه لم يدرك أنها تستمع له من خلف الباب لتتحرك بضيق من نفسها و من حياتها التي تقودها لجرحه بهذا الشكل ، اخذت صورة عائلتها و اتجهت لتنام علي الكنبة و هي تحتضنها بقوة تتمني لو يسمعوا شكوي روحها و **رة قلبها ، تحتضنهم بقوة تبحث عن وطنها و عن ملجأها و عن حياتها و عن قلبها و عن ريحان ١
تبحث عن ماهيتها في صورة
نزل أمير ليجد حكمت و جنات بجانب شاهين الذي لم يتمالك نفسه و كاد أن يسقط ارضا لولا ان لحقه حكمت ، تحرك أمير نحوهم ليتحرك و يجلب جهاز الضغط ليجده مرتفعا للغاية و سأله هل تتناول دوائا ، ليقول : في السيارة ، خرج أمير و احضره له و بعد أن تأكد أنه أصبح بخير ، جلس بجانبه ليقول : هي لا تستطيع الإبتعاد عنك ، تبتعد عن الجميع و لكنها لا تستطيع بدونك ، ستغضب قليلا و لكنها ستعود لحضنك ، نظر له شاهين ليقول : كيف حالها الآن ؟! نظر أمير للاعلي ثم أعاد النظر له ليخبره قائلا : بخير لا تقلق فقط غاضبة قليلا ، و لكن سيزول أنا متأكد انه سيزول ، و يجب أن تحافظ على نفسك و صحتك ، صحيح إنها غاضبة الان و لكن إن ساءت صحتك فلن نستطيع تفادي غضبها سيكون أعظم و ستحرق الجميع ، تحرك ليقف و هو يقول : لن اوصيك عليها ، حاول أن تكون بجانبها ، أعرف ان ابنتي تلجأ للهروب عندما تحزن ، و لكنها تحتاجك الان أكثر من أي وقت ، لا تتركها وحيدة بني ، و تحرك للذهاب حاولت جنات و حكمت ان يمنعاه و لكنه تحرك و هو يقول : يجب أن ابقي بعيدا عنها علي الاقل اليوم ابنتي و اعرفها إن رأتني سيتجدد حزنها و غضبها و خصوصا في هذا الموضوع ، و لكن أصر حكمت علي الذهاب معه ليوافق و لم يعترض ، جلست جنات امام أمير لتسأله عنها ليقول بضيق عندما تذكر اعراضها عنه : حاولت أن ابقي معها ، حاولت أن أخفف عنها و لكن لم تسمح لي ، هل لتلك الدرجة أمي ؟! ، لتنظر له بغضب و تهتف بضيق : عن أي درجة تتحدث انت ؟! البنت مكلومة لقد فتحت جراحها من جديد ، و من سببها والدها... صحيح أنه فعل ذلك خوفا عليها و لكنها تري أنه السبب في التنازل عن حقهم ، ألا تستطيع أن تتحملها و تلقي تفكيرك هذا جانبا و لو ليوم فقط ؟! ، تن*د أمير ليقول : أحاول أمي أحاول و لكن هي لا تريد كلما اقتربت منها او حاولت التخفيف عنها تعرض عني
جنات بلوم وعتاب : انت عندما غضبت بسبب أمك شاهقة ، ذهبت و هجرت الجميع لثلاثة سنوات حتي أنا لم تسمح لي بالاقتراب منك ، و لكن هل رأيتني يوما اربط بعدك بكرهك لي أو أنك لا تريدني
أمير : و لكنك تعلمين جيدا أنك اغلي ما املك بل كل ما أملك لم أنل حبا مثل الذي تكنين لي في قلبك ولم يسندني بشر **ندك لي و لكنني عندها لاشئ
حركت جنات رأسها رافضة لما يقول قائلة بعدها بتقرير : إن كان حبك صادقا لن تستطيع الإبتعاد حتي و إن ارادت هي
أمير : و من قال أنني ارتاح في البعد عنها قلبي يتآكل من الضيق الي متي سأضحي بقلبي من اجل من لا يريدونني..
طرق الباب لتنادي جنات علي نيغار.. التي ركضت لفتحه ، دخلت نور لتتوجه ناحيتهم و تسلم عليهم و سألت عن ريحان ، ليخبرها أمير بأنها في غرفتها ، لتسأله : هل نائمة ؟! إن كانت نائمة.. دعني لا أزعج نومها أساسا نومها قليل جدا تلك الفترة ، و سأتي لها لاحقا و اعطيها المحاضرات و اطمئن عليها فنحن لم نتقابل منذ عدة أيام ، و لكن قاطعتها جنات قائلة : ريحان ليست نائمة و لكنها غاضبة قليلا... هل يمكنك الصعود لها ابنتي ربما تسمح لك... فأنت صديقتها المقربة ، قلقت نور لتنظر لأمير قائلة : ماذا حدث لكي تغضب
أمير : تشاجرت مع والدها قليلا
نور : ريحان و عمي شاهين تشاجرا
غريبة و لكن سأصعد و أري إن كانت ستسمح لي رغم أنني أعلم أنه سيتم طردي .