الفصل الخامس

1973 Words
أنا أعترف وبكل حواسي ومشاعري التي أحسست يوما أني أحبك ليس في هذا جدال و بأن حبك كل ما عندي وأغلى ما عندي وأحلى ما تشتو كل ما تبقى من طفولتي التي عشت بل أجمل ذكريات أحتفظ بها في حقيبة الذكريات الخاصة بطفولتي و كل ما اعيش من شبابي وكل ما أستمتع به واركن إليه في كهولتي و كل ما هو آت في شيخوختي وهرمي وهشاشة عظمي. اعترف أني أحبك لأنك أنت من خلق في فؤادي الحب وزرع فيّ مشاعرا لم أكن أتوقع أنني سأعيشها قبلا بل كنت أهرب منها إلى أي ركن إذا ما قابلتها أظن أن تلك شجاعة لكن ما كانت إلا جبنا مني لأن الحب أقوى من أي ذي سلطان. أحبك وأقولها للعلن دون خجل أسمعها لسحب السماء وماء الجداول وأوراق الشجر وعصافير الأرض وكل البشر لاتك انت وحدك من لون سنين البهتان من حياتي البائسة باطياف الربيع و انت من جملت و انت من حليت و انت من بضحكتها عني الاحزان تخلت.... اعترف اني احبك قبل خمس عشرة سنة و بعد خمسين سنة وبعد ألف ألف سنة مما نعد كانت ريحان تنظر له تحاول أن تستوعب ما قاله ، تكذب اذنها و عيونها تقنع نفسها بأنها في حلم وأن ماقاله خيال أو رغبة لطالما تطلعت إليها لكنها تعود دائما لنقطة الصفر وتهرب منها ولا تريدها رغم أنه في خلجات فؤادها تريدها وبشدة تتوهم لتنتبه لكاميرات الصحافة امامهم المتجمعة هناك ينتظرون فقط خبرا دسما ليؤلفوا منه قصة وينشروها صباحا على صفحات الجرائد للتتحرك مبتعدة فنظر أمير إليها مستغربا من ردة فعلها تلك فأحس بغصة في فؤاده فقد تردد كثيرا وحاول مرات وتشجع لكي يقولها لكنه يعود ويتراجع وحين أتت الفرصة وقالها هاهي تذهب من أمامه دون أن تبدي أي رد فعل يدل على قبلوها أو رفضها ثم تحرك خلفها مباشرة يظن أنها لم تسمعه أو بالأحرى يقنع نفسه بذلك فلا مبرر لفعلتها غير ذلك وقد قالها بصريح العبارة أحبك. ذهبت ريحان وجلست مباشرة بجانب والدها تحاول الهرب منه تنظر لمن حولها وفعلا تظاهرت بأنها لم تسمع تلك الكلمة لكن في داخلها كل مشاعر الفرح تتراقص على معزوفة حبهما لقد أحيا بتلك الكلمة أرضها ورمم الخراب الذي أحدثه خريف السنين الطوال التي عاشتها دونه ليأتي هو ويجلس بجانبها لا يزال في حيرته وكم تمنى فقط لو يرى ابتسامة رضا منها تبشر له بقدوم ربيع حبهم لكن ما فعلت فهمس في نفسه قائلا:لم تسمع بالتأكيد لم تسمع الكلمة فضجيج الصحفيين يغطي على كل الأصوات. مرت لحظات وهما كذلك هو ينظر إليها ينتظرها أن تبدي ردة فعل بينما هي تهرب من عينيه قصدا لتقول داخلها:لا تنظري إياكي أن تفعلي إن نظرت ستضعفين وتظهرين له حركة تأكدين له أنك سمعت ما قال وأنك سعيدة بذلك لكن لن يحدث فنحن انتهينا أمير أنا مت منذ ثمان سنوات ودفنت حب طفولتنا معي ثم مر وقت آخر ليس بالطويل تتوالي عليهم التهاني و يبارك لهم الجميع ، و خصوصا ان معظم المتواجدين علي صلة بأمير. كان أغلب أصدقاء حكمت و شاهين يلوموهم بسبب إخفاء الأمر ليجيبوا بأن كل شئ لم يكن مخططا له وقد تم فجأة ولم يرغبوا في حفلة كبيرة فقط مجرد سهرة بسيطة بحظور الأهل لا أكثر و أيضا هما قررا الزواج و تزوجا في اليوم التالي مباشرة دون ممطالة او أي انتظار أو تحضيرات هكذا قرار نفذ ، لينتشر خبر زواجهم في الوسط بشكل كبير وببند عريض فهما حكاية تحت عنوان ( عودة الصداقة الأسطورية بين شاهين آردام و حكمت تارهون و لعبت الصدفة دورها ليقع الطبيب أمير تارهون في حب ابنة السيد شاهين وتنتقل العلاقة من الصداقة إلى المصاهرة لتتوطد أكثر ) كانت السعادة مسيطرة علي عيون أمير الذي كان يسترق النظر إليها كل حين وكأنه عاد من غربة الخمس عشر سنة لتوه فرح إنها هي أميرة الكرزخاصتة إنها هي من عرف الحب بها إنها هي من شاركته كل أيامه الجميلة وكل ضحكاته وكل شقاوته وكل دموعه وركضه ومتابعته لافلام الكرتون وأرجحته على المرجيحة وغيرها وغيرها من الذكريات الجميلة وكذلك السعادة تظهر علي جميع المتواجدين هناك بالأخص حكمت وشاهين ما عدا ريحان التي كانت عيونها تهرب منه طوال الوقت و يزداد توترها و دقات قلبها تتسارع حين تحس بعيونه تلف حولها وتراقب تفاصيل ملامح وجهها فبدأت يداها بالتعرق وكل حين تمروح لتوفر الهواء ثم تعيد شعرها للخلف أو تحك طرف حاجبها كلها تفعلها مرات متتالية وهو من يحفظ كل حركاتها ويعرفها جيدا اذا فرحت تبتسم وتضع يدها على فمها وإذا توترت تحك يديها ببعضهما وحاجبها وإذا حزنت تحاول طبت دموعها متظاهرة بالصلابة فهي تسكن داخله. نظرت لوالدها لتجده مشغولا بالحديث مع حكمت و بعض رجال الأعمال المهمين الذين حظروا الحفل عن الصفقة الحالية و استيراد الأجهزة الطبية الغالية والقليلة منها في الاسواق الدولية أيضا لكن شعر أمير بتوترها بل فهمه من حركاتها تلك ليقترب و هو يقول هامسا عند أذنها : هل أنت بخير ريحان؟! فأنت تحكين يد*ك ببعضهما لتقول دون النظر له : أشعر و كأنني اختنق ، أريد الذهاب ، نظر أمير لجنات التي انشغلت هي الاخري مع بعض صديقاتها ، ليخبرها بأنهم سيذهبا ، تحرك للخروج لتتحرك معه دون حديث ، صعدا السيارة ليلاحظ توترها الزائد و هروبها منه ، فتحت نافذة السيارة لتستنشق بعض الهواء لعل يزول اختناقها ، كان ينظر لها ليفهم سبب حالتها و انها قد فهمت ما قاله ، أكمل القيادة ليقف امام الساحل في نفس المكان الذي وجدها به بعد حادثة رفدها من الجامعة ، نظرت له باستفهام لينزل و يشير لها بالنزول قائلا : تعالي لنتحدث قليلا نزلت لتتحرك ب**ت و جلست علي المقعد لتغمض عينيها و تترك الهواء يض*ب وجهها ، نظر للجو حوله ليدرك برودته ، خلع جاكته واقترب ليضعه عليها ارادت ازالته و لكنه ضغط علي كتفها ضغطة خفيفة ، نظرت له ب**ت لتري نظرته لتهرب منه و تعود و تنظر امامها ، جلس بجانبها و اراد التحدث و لكنه لم يفهم حالتها فتركها مع **تها قليلا و يتأملها ب**ت لتقع عينه علي الندبة في جبهتها اعلي حاجبها ، كانت صغيرة تكاد تكون متلاشية و لكن عاد تذكره لذلك اليوم و اول لقاء لهما بعد سنوات ، ثم نظر ليدها كان الجرح قد التئم و لكنه ترك علامة مكانه ليتذكر غضبه عليها و كيف كانت أمه السبب ، لينظر امامه و يغمض عينيه و هو يتذكر حياته منذ بدايتها و معاناته في صغره بسبب أمه و كيف كانت ريحان هي سبب سعادته دون حتي أن تعرف سبب حزنه كانت تسليه وتمازحه و تلعب معه ، كانت بالنسبة له المهرب من قسوة أمه لذلك لم يحدثها عنها أبدا ، ليقضوا طفولتهم معا علي أساس ان أمه هي جنات ، كان يبتسم علي ع** ريحان التي بدأت دموعها تخونها في **ت و هي تتذكر يوم رجعت البيت لتجد أهلها علي حالتهم غارقين في دماءهم ، كانت أختها قد فارقت الحياة و لكن أمها و اخيها مارت مازالا يتنفسان ، صعقت من منظرهم و لم تستطع التحرك ، كان صوت أمها يتردد في اذنها لتنقظ أخوها و لكنها لم تستطع بل جمدت في مكانها ليتلفظا أنفاسهم الأخيرة امامها ، فتحت عينها هاربة من تلك الذكريات لتنظر ناحيته لتجده يبتسم ، مسحت دموعها سريعا ليقطع **ته و هو مازال مغمضا عينيه قائلا : لماذا تهربين ؟! لم ترد بشئ ، ليفتح عينيه و يقترب ليمسك يدها ، ازداد توترها و لكنه قال : ما هذا ال**ت المفاجئ ؟! لايمكن أن تكوني لم تسمعي ما قلت ؟! هل هذا ما ازعجك ؟! لتتحدث أخيرا و لكن بعيون هاربة قائلة : لا أفهم... ماذا تقصد ؟! ليرفع يدها ويضعها علي قلبه قائلا : أنا لم أقل.. بل هو من قال ، لتسحب يدها و تتحرك مبتعدة عنه ، ليقول : حسنا سأخبرك ما قلته مباشرة : لقد قلت أنني احبك ، أنا أحبك ريحان ، لتنهض قائلة : هيا لنذهب و همت بالذهاب لينهض سريعا و يسحبها من يدها لتصطدم بص*ره ، حاولت الإبتعاد و لكنه أمسكها بإحكام ليهمس في اذنها : لماذا الهرب ؟! أقول أني احبك بل اعشقك.. فتقولين أريد الذهاب ، أعطيني الفرصة طفلتي... و اعطي قلبك أيضا فرصة.. انا أعلم جيدا و اشعر به... ليقترب ليقبلها ، لتبتعد عنه أخيرا و تقول بقوة : ماذا تفعل أنت ؟! هل جننت ؟! استجمع نفسه ليقول : ريحان.. انا... و لكنها قاطعته : أنت.. ماذا ؟! هاا... ماذا ؟! ألم نتفق قبلا اننا سنكون اخوة فقط ، ماهذا الان ؟! ألم يكن زواجنا فقط من أجل مارت ، علاقتي بك ليست أكثر من ذلك و لن تكون... بلا أحلام فارغة.. أستاذي ، و تحركت للذهاب ليقف امامها و امسكها من زراعها بقوة و قال : قوليها و أنت تنظرين في عيني ، قولي أنك لا تحبيني و أنني لا شئ لك ، نظرت في عينيه و لكن لم تستطع التحدث لتخفض عينيها و هي تقول : أمير لا تهذي و اتركني.. انت تؤلمني ، ليزيد من ضغطه علي زراعها و يقول : لن أتركك قبل قولها ، أغمضت عينيها لتقول في نفسها : لماذا تفعل هذا.. لماذا ؟! كيف تطلب مني أن أقولها و انت حبي الوحيد ، و لكن...ماذا ستفعل إن مت ، ماذا سيكون حالك لو أخبرتك أنني احبك و بعدها تجدني بالسجن مدي الحياة ، لتستجمع نفسها و تنظر داخل عينيه ممثلة القوة لتقول : لا أحبك... أنت لا شئ بالنسبة لي ، انت مجرد اتفاق من أجل حصولي علي مارت لا أكثر ، كان كلامها كالصاعقة ليفلت يده عنها ب**رة و حزن ، لم يستطع التصديق ليقول : لا... لا... أنت كاذبة.. نعم تكذبين ، نحن نحب بعضنا منذ طفولتنا ، لتكمل قائلة : ما كان في الطفولة دفن و انتهي ، كنا أطفال لا نفقه شيئا ، الأن كبرنا فلا تصغر نفسك أكثر... إذا أردت ، أين كرامتك ؟! قلت لا أحبك و انتهي ، لم تنتبه لما تفوهت به و لكلامها الجارح و لكن كل همها أن يبتعد.. لا تريده أن يتعلق بها أو أن يتأذي بسببها ، ابتعد عنها ليقول ب**رة : هل لأنني أحببتك.. تريني عديم الكرامة ؟! هل لأنني اتحمل تقلباتك و غضبك.. فانا هكذا عديم الكرامة ؟!... و لكن انت لاتستحقين هذا الحب ، احتفظت بحبك داخل قلبي لسنوات و عشت علي ذكراك و لم انساكي للحظة.. ليتني لم اقابلك مجددا.. ليتك بقيت ذكري.. عشت علي ذكري موتك و كان أهون مما أنا به الأن... أول مرة بحياتي أتنازل لأحد و اول مرة أندم علي شئ ، و التفت ليذهب كانت واقفة تبكي ب**ت و كلامه يتردد بأذنها ، لتسقط ارضا علي ركبتيها لتسحب جاكته من علي كتفها لتبكي و هي تحتضنه داخلها ، كانت تبكي بشدة لتبدأ الأمطار في التساقط لتتذكر حديثه في طريقهم للحفل و كيف كانت سعادته و غنائهم سويا ليزداد بكائها ، و لم يكن حاله أقل كان يسير في البرد أسفل المطر ليذهب تجاه البحر كان يتحرك و هو يختنق ليدخل به و اختفي تماما لم يحاول العوم بل ترك نفسه حتي كاد أن يغرق ليخرج نفسه و هو يتنفس بسرعة ليصرخ و هو يض*ب في المياه : لماذا.... اللهم... لماذا... ارني العيب في و لا تتركني هكذا... لماذا الجميع لا يحبني....من أحبهم دائما يتركوني و لا يحبوني... لماذا... لماذا ، كان في المياه لتبدأ حرارته ترتفع ليتحرك بانهاك و يلقي بنفسه علي رمال الشاطئ ، كانت حرارته ترتفع و ألم حلقه يزداد و لكنه لايشعر بشئ كأن شريط حياته امام عينيه و هو يتذكر يوم تركته أمه و قررت تركه لجنات ، كان طفلا صغيرا ممسكا برجلها يتوسلها ألا تذهب و لكنها ذهبت دون أن يرف لها جفنا ، ليتذكر حديث ريحان و انها لاتحبه و هو بالنسبة لها اتفاق و مجرد رجل عديم الكرامة نهضت ريحان من مكانها و ذهبت للسيارة نظرت حولها و لكن لا اثر له ، انتهي الحفل ليوصل شاهين حكمت و جنات ثم ذهب لبيته ، كانا علي وشك الدخول ليصادف وصولها و نزولها من سيارتها حاملة سترة أمير ، صدما من منظرها فلقد كانت مبللة و عيونها متورمة من البكاء و عدم النوم منذ يومين ، اقتربا منها لتقول جنات : ما بك ابنتي ، تحركت بتثاقل لتقول : أنا بخير... لا تقلقي ، و لكن أوقفها حكمت و هو يقول كيف بخير ؟و اين أمير ؟ اخفضت نظرها لتقول : لا أعلم ، و تحركت للداخل لتصعد غرفتها بدلت ثيابها و ذهبت للاطمئنان علي مارت ارادت النوم معه و لكن كانت جوكشة هناك ، لتتحرك لغرفتها ، فتحت درجها لتخرج قلادته التي أهداها لها ، كانت تنظر لها ب**ت ، و تلوم نفسها علي ما قالته و كيف جرحته ، لتضع راسها بين يديها و تقول : ماذا فعلت؟كيف جرحته هكذا... كيف؟
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD