مر الوقت و هي ممسكه بملف المرأة تناظره باشمئزاز و تلوم نفسها علي ما كانت ستقترفه ، كانت ستتسبب في تسليم زوجها لهؤلاء الخونة معدومي الإنسانية و الضمير ، القت الملف بعيدا و تحركت تبحث عنه ، تخشي أن يذهب.. لقد أخبرها أنه سيذهب يومين يباشر اعماله التي تركها لشهر كامل فخشيت أن يذهب دون وداعها فخرجت ركضا لجناحه و لكنها رأت الحقائب خارج جناحه فصعقت ، و لكن ما إن دخلت جناحه حتي وجدته أمامها لتسأله : هل ستذهب ؟
فرات : أجل
غفران : الن تودعني
فرات : لا
غفران : هل انت غاضب مني
فرات : ماذا تعتقدين ؟
احتضنته بقوة و هي تعتذر : اعتذر و الله لم اقصد ، إن حدث لك مكروه اختنق و أموت ، لا تغضب مني فأنت وحدك سندي و روح حياتي
أبعدها عنه قليلا و هو يطالع علبة كبيرة علي سريره ، و قال بخبث : إن كنت تريدين حقا أن اسامحك ، ارتدى هذا و تعالي سأنتظرك بالاسفل
و دون تفكير أخذت العلبة و ركضت نحو الحمام لترتدي ما احضره ، دقائق مرت و حل السلام على عالمه و اسدل لونه الابيض بين طيات قماش فستانها الأبيض ، بهية هي قد طلت و بهي فستان زفاف قد **ى جسمها المنعم.....
مشت....فهمس الفستان للياسمين : هل لازلت تعاندين و تتفاخرين بأن بياضك اجمل؟
تبسمت فهمس الفستان لضوء القمر : ها قد أضافت و اضفت لضوئك شيء من البياض.....
همست هي : فرات.......فأطلق الفستان عطر الزهور يلفهما عشقا.
منقوش على جسدها...منحوت على خصرها....جميل كجمالها....ناعم نعومتها....عاشق لمبسمها.....فرحت به و فرح بها...
فستان بسيط....بقصة جميلة ينزل من على كتفيها ليس ليجملها...بل لكي يسحر ذلك العاشق الوهان هناك...??
ناظرها بعيون دامعة قائلا : فاتنة ، يليق بك أن تكوني ضوءًا لا ينطفئ ، أن تكوني وردًا لا يموت ، و ماء لا يجُفّ ، يليق بك أن تكوني كل الأشياء السعيدة التي لا يمكن أن يعبرها الحزن يومًا ما.. ثم قبل راسها مردفا : عروسي الجميلة
ابتسمت و هي تطالعه بهيام و همست : جميل.. جميل جدا فرات ، كل شئ معك جميل
مد يده لتضع يدها بيده قائلا : سننتقل لبيت جديد فيجب أن نترك هذا المكان و جيرة تلك المرأة و لكن الجميل حقا اننا سندخل بيتنا هذه المرة زوجين عاشقين.. و سنسير نجوب شوارع لبنان الجميلة نشم عبير مسائها الجميل ، و نشهد قمرها علي عشقنا ?
لم تنطق بشئ و اكتفت بأن تشبث بذراعه وهي تطبع قبلة علي خده معبرة عن مدي عشقها و امتنانها له
و أخذا يطويان الحارات ساعات و ساعات غير عابئين بالوقت و حولهم الحراسه في كل خطوة ، يتجولان بين جروحهما دون أن يعرف من منهما يواسي الأخر.
فقاطع فرات هدوئهما قائلا : رغم معرفتي أنكِ تملكين عزيمة و مقاومة قوية مختبئة بأعماقك خشيتُ عليكِ الاستسلام للحزن.. لقد واجهتي صدمات بما فيه الكفاية.. لكنكِ نجحتِ في تخطي الكثير من المصائب.. انتصرتِ غفراني .. ، الكاتبة التي تسكنني أنقذتني ، فيلسوفتي الصغيرة أنقذتني من ظلامي الدامس و الماضي المشين ، أنتِ حقا مميزة .
خجلت من مديحه لها فحركت راسها قليلا مومأة و قالت : أنا إنسانة عادية جداً ، ثم نظرت إلى فرات سعيدة لأنها تصالحت معه و تمشي قربه بوئام ، و قد رجعا يتحدثان بعفوية و بساطة كما اعتادا خلال الشهر الماضي .
ابتسمت له ثم أردفت : هل تعرف أن الألم وحده هو من جعلني كاتبة ؟.. اكتشفت أنه ليس هناك أمر لا يمكن احتماله.. الحياة ثقيلة و مع هذا ما سبيلي إلا أن أحياها لأن الموت يرفضني.. لم أعد أؤمن بالأمل كثيرا ، لكني لستُ بائسة أعيش الفشل ثم أتجاوزه لأنه جزء من رحلة الحياة..... **تت قليلا و هو يطالعها بانصات يسمعها باهتمام ثم أكملت بحزن : هل تذكر يوم أصابني الحجر ؟.. لن أنسى ذلك الشعور لحظة الإصابة..
رفعت أصابعها تتلمس أثر ندبة الجرح في حاجبها مواصلة فضفضت شجونها : ما زلتُ حتى اليوم أحمل علامة تذكرني كيف أني لم أتوجع حينها، بل دُهشت من نزف سيل الدماء.. تمنيت لو امتلكت طاقية الإخفاء لأصبح غير مرئية أمام العيون التي بحلقت بدمائي حين تساقطت كالقطرات فوق الأرض.. لحظتها شعرت بالشفقة على نفسي فجميعهم وقفوا يتف*جون و لم يحاول أحد غيرك إيقاف نزفي.. حاولتُ التماسك و أبيتُ من أن يراني أولائك المتجمهرون باكية وجعي.. ذلك السلوك لم يفارقني يوماً و عندما كبرتُ عرفتُ لِمَ انتابني ذلك الإحساس ، لأنني ببساطة لن أكون قادرة على استعراض جراحي أمام الآخرين ، فمثلي لا تبكي إلا وحيدة دون مواساة حتى و لو أني أموت..
أطلقت أنفاسها و عبأت رئتيها بهواء الشام النقي قبل أن تستهل بوحها فيما فرات يصغي لها كرفيق روح يحتويها باهتمامه و حنانه الأخوي قبل أن يكون لها زوجا و سندا : لم أكن يوماً راضية عن الواقع الذي أعيشه منذ طفولتي البائسة كأني في مسرحية هزلية تافهة و أنا عاجزة عن الانسجام معها.. كنتُ أحلم أن يتبدل كل ما حولي بشكل ما.. لكن لا شيء يتغير..
علاقتي مع قريباتي و بنات أعمامي و مع أبي ليست وثيقة منذُ الصغر ، فعندما كنا نلهو ثم نتقاتل كأي أطفال كان يغيظني بشدة انضمام الشقيقات لبعضهن ليلعبن معاً أو يذهبن ليحتمين بأمهاتهن فأبقى وحيدة، ليس لي شقيقة ألعب معها و لا أم ألتجئ لحضنها.. بوحدتي تلك كنتُ أبكي ثم أتسلى بالسير في الحديقة الخلفية و أعدّ الأشجار التي تحيط قصرنا القديم .. هذا أتعسني بل **ر قلبي الصغير و وضع حاجزاً ما بيني و بين الجميع فأصبحت لا أندمج مع محيط و أنطوي على ذاتي.. لم أشفَ من تعاستي إلا عندما وقعت عيني على رفوف كتبك في غرفة السطح التي كنت تتسلل إليها و تجمع بها كتبك منذ الصغر.. أحببتُ تلك الكتب من النظرة الأولى.. كتبك يا فرات أخذتني لمتعة اكتشاف عوالم أبعد من عالمي الصغير المرتبط بجدران و أسوار.. انفتحت أمامي دنيـا الفضول و ثقافة المعرفة العميقة البديعة.. هربتُ لكتبك أفكر أحلل.. أسافر و أنا في مكاني لمدن خرافية و عصور تاريخية.. أتنقل بين الموانئ و أطوف في السماء بلا أجنحة..
علت الابتسامة وجه فرات لطريقة غفران الجذابة في التعبير لا سيما حينما أكملت : منذُ فترة قررت أن لا أنتظر شيئاً من الحياة.. و لن أحيط نفسي بترسانة تحميني من الصدمات.. و يبدو أن القدر كافأني أخيراً و أهداني أجمل المواعيد و أحلى الأوقات..
تابع حركاتها حين راحت تدور حول نفسها بخفة الفراشات ، بدت أميرة بفستانها الحرير الابيض الطويل الذي تمايلت أطرافه.. صاحت بحرية:- أحبك يا بيروت و احب كل بلاد الشام .. أحبك يا أجمل و أبهى المدائن.. فيك تصالحتُ مع نفسي و التقيتُ بقلب حبيبي .. كل حجر فيك يروي حكاية و أنا أعشق كتابة الحكايات.. لن ترعبني بعد اليوم لافتة ممنوع المرور..
تعالت ضحكات فرات من كل قلبه كما لم يفعل يوماً، شاركته غفران الضحك كأنها عادت طفلة لا تأبه باحتكام القيود.. بعض المارة أخذوا يبتسمون لهما بمرح..
التفتت غفران إلى فرات عندما أخرج من جيب سترته ميدالية كريستال على شكل قلم فضي صغير تدلى منها مفتاح قائلاً:- هذا لكِ.
تمتمت باستغراب:- مفتاح غرفة السطح !..
أجل .. أمنحك كامل الحق و الحرية للتصرف بكل الأشياء فيها.
توقفت عن السير ، تجمدت بذعر في مكانها ، سألته بحذر:- إلى أين ؟..
فرات : يومين فقط.. طلبوني من أجل المهمة القادمة للقبض علي بعض الارهابيين
استرسل بإجابته شارحا:- سألتقي زملائي الذين تم تحريرهم مؤخراً.. و أقوم ببعض التحقيقات بشأن الإعداد لأسطول الحرية الذي سينطلق لرفع الحصار عن القوات و نحمل لهم مواد إغاثة و مساعدات إنسانية..
ازدردت غفران ريقها ، استفهمت باحثة عن معلومة أكثر دقة:- هل ستشارك في رحلة قافلة الحرية تلك ؟
بإيماءة خفيفة أكد ما تبادر لذهنها : نعم .. بإذن الله سأكون ضمن مجموعة من شخصيات دولية ناشطة في مجال حقوق الإنسان لنقوم بأكبر حملة من أجل قمع هؤلاء الارهابين .. ستنطلق السفن من موانئ دول مختلفة و منها تركيا و تكون نقطة الالتقاء قبرص
أرادت غفران أن تقول شيئاً ، لكنها عدلت عن رأيها و اكتفت بال**ت الذي وجدته أبلغ من أي كلام ، ففرات أصبح رجل مناضل لن يستسلم يوماً أو يقف مكتوف اليدين ، بل سيواجه الظلم و يحاربه في كل مكان ليكفر عن أخطائه و ذنوبه ، هي شجعته علي ذلك دون أن تدرك ، هي من أقنعته ليترك طريق الظلم و الفساد ليلج طريق الخير و العدل و لكنها الان تعشقه و تفتخر به.. ? ? ?
حاولت إخفاء قلقها وتوترها الذي كان جليا عندما مدت يدها و أخذت منه المفتاح ، و ضعته بحرص داخل حقيبتها الصغيرة. عادا للمشي في دهاليز المدينة القديمة التي يحفظ فرات أزقتها و أقواس نصرها.. يتحدثان بصفاء كأنهما يخاطبان أرواحهما بوشوشة بوح خافتة
مع الدقائق الأولى من الفجر عبرا بوابة الجامع العمري
هو أكبر الجوامع الموجودة في وسط بيروت ، و قد أطلق عليه الاسم تكريماً بالخليفة عمر بن الخطاب ، و قد عرف أيضاً باسم جامع فتوح الإسلام ، أمام المقام الطاهر حيث تتزاحم الملائكة.. للمكان سحر غير مرئي و حضور لا يمكن تفسيره، رائحة أعواد البخور فاحت في الأجواء..اشتدت أصابع غفران حول السياج الحديدي حول المسجد ..
قال لغفران و هما يغادران عندما سألها عن كلماتها التي لمحها تهمس بها، بأنها سوف تبقيها سراً تبوح به لنفسها فقط، رغم فضوله لم يلح عليها لتبقى كلماتها أفقاً مغلقاً عليه ، مرت لحظات تشابكت فيها عيونهما بوصال روحي ، لمح بوجهها ابتسامة غامضة، رفعت غفران رأسها إلى سماء لبنان داعية الله أن يستجيب أمنيتها ليعود لها حبيبها سالما غانما و يمنحه وافر الصحة و العافية و يبارك لها في عمره.
بدا كل شيء حولهما مشبعاً بالندى الصباحي عندما وصلا إلى عتبات القصر ، استفسرت بقلق: أتعبت ؟
هز رأسه نافيا مفصحا: على مدى أكثر من ثماني سنوات حلمتُ بهذا التعب.. أمشي و أمشي بكل الطرقات و الاتجاهات بلا نهاية.. و لقد حققتِ لي حلمي يا غفراني في ليلة كانت أجمل من ألف ليلة وليلة.
ابتسمت له بحنو و تن*دت بعمق مستفهمة بصوت يختنق بالعبرات تحاول اخفاء الغصة التي تضغط على حبالها الصوتية ودقات قلبها التي انخفظت حزنا وعيناها التي كادت للحظة تحرر دمعها لتقول: متى تسافر؟
رد فرات بحزن يهرب من عينيها : صباحا إن شاء الله
غفران ببحة : هل سأراك في القريب أم سيطول سفرك هذه المرة؟ صارحني فرات
طالعها فرات لحظات مبتسما لها فبقيت ساكنة مكانها لكن بادلته ابتسامة تبشره بالأمان والراحة لتقول:ماذا؟ ألن تجيب
فرات: أكيد إذا أراد الله سبحانه ذلك سنلتقي حبيبتي أصلا سانهي عملي سريعا وأعود لك فأنا لا قدرة لي على فراقك طويلا.
غفران : إني أحب الله عز وجل و ألجأ إليه دائماً و أبداً بيقين أنه يستجيب لهذا أثق أني سأراك و ستعود إلي سالما غانما معافا ككل مرة
فرات:وتلك ثقتي بالله أيضا دائما هكذا تحدثي من كلامك الجميل هذا الذي يريح قلبي غفراني.
ابتسمت وردت:لترافقك السلامة
فرات:إن شاء الله حبيبتي ثم أوصاها ناصحا:اعتني بنفسك يا غفران جيدا بأكلك خاصة ونومك ولا تضغطي على نفسك بالكتابة كي تشغلي نفسك سيرهقك المجهود الذهني يمكنك الإنشغال بأشياء أخذى أقل مجهودا و لا تنسِ حديثنا ، عليكِ أن تتبعي نداء قلبك و تحاربي بقوة الشجاعة..
أضاف منبها:- كما لا تحاولي أن تكوني مثالية و عقلانية و متزمتة بقسوة.. نحن بشر و لا بأس من ارتكاب الحماقات أحيانا.
وافقته على كل كلمة.. و قبل ان يصعدا همست له:- فرات كن متأكداً كلما استيقظت من نومك أن في هذا الكون من يفكر بك و يهتم لأمرك.. لن أقول وداعاً بل إلى لقاء قريب.
فرات : سنبقى على تواصل هاتفي... كعادتنا
غفران : إذا في بأمان الله و رعايته .
ابتسم لها و هو يضمها إليه مقبلا راسها بعدما لاحت عيناها تطوفان بالدمع ، حزينة علي غيابه المتكرر ، و لكنه أخذ يدندن بالعربية ليخرجها من حزنها : " و حدن بيبقوا متل زهر البيل**ن .. و حدهن .. بيقطفوا و راق الزمان.. بيسكروا الغابة.. و بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي.. "
مضي الليل صعبا علي كلاهما ، مضت أول ليلة من ليالي الشتاء ممطرة كدمعهع الذي ذرفت كثيرا وحزينة كحزنهما و كأنها تبكي علي حالهم ليحل الفجر على المدينة وتشرق شمس خافتة تخفيها السحب وراءها تبشر بيوم ممطر جديد أيضا كله و امير لم يأت بعد ، كانت جنات مازلت مستيقظة تنتظره بترقب متوترة وخائفة وألف فكرة تروح وتجيء على بالها، و تنظر لأعلي اتجاه غرفتهم ، لتنهض و تؤدي فرضها ، كانت ريحان تصلي و دموعها تنهمر علي خديها شلالا بدون صوت ، إنتهت من صلاتها لترفع يدها لخالقها قائلة : ( اللهم إني أسألك يا فارج الهم، و يا كاشف الغم ، يا مجيب دعوة المضطرين ، يا رحمن الدنيا، يا رحيم الآخرة، ارحمني برحمتك ، يارب العالمين ارزق قلبه بالرضا و ارح باله ، انت الاعلم بما يكنه قلبي له و لكن الحياة و القدر اقوي مني ، اللهم لا ت**ر ظهره و لا تعظم حاجته و لا تحني له قامة ، اللهم إني أسألك في صلاتي و دعائي أن تطهر قلوبنا ، و تصلح أمرنا ، و تغني فقرنا و تذهب شري ، و تكشف همنا وغمنا ، و تجلو حزننا ) ثم مسحت علي وجهها و امسكت مصحفها لتبدأ في القراءة ، دخل أمير بتثاقل ، إنتهت جنات من صلاتها لتنظر اتجاه الباب لتصعق من حاله كان في حال يرثي لها ، مبللا و ثيابه ملطخة بالرمال ، و عيونه حمراء كالدماء ، نظر لها بتثاقل ليسقط ارضا مغمي عليه ، صرخت جنات : اميييير ، ليستيقظ الجميع علي اثر صوتها ، أحست ريحان بغصة في قلبها ، لتنهض بخوف تحركت نحو الدرج لتنظر لتجده علي الارض فاقد الوعي ، و جدت جنات تبكي و حكمت و محمد يركضون نحوه ، ركضت للاسفل مذعورة لتقترب منه تفحصه لتجده يحترق حرارته مرتفعة بينما أطرافه زرقاء لايصلهم الدماء ، طلبت من محمد الذي خاف علي أخيه بسبب مرضه و لكنه لبي طلبها ليساعدها ليصعدوا الغرفة ، و لكن حمله محمد و حكمت و ركضت هي تحضر له الدواء و الكمادات ، لم تتمالك جنات نفسها و هي تري حالته فهي تعرفها جيدا و ليست أول مرة ، كانوا سيضعوه بسريره و لكن طلبت أن يدخلوه الحمام و وضعوه في حوض الاستحمام ليساعدها محمد و تحركت ريحان لتحضر له ثيابا ، فتحت خزانتها ليسقط امامها جاكتا امسكته لتتذكره كان جاكتها الذي بقي معه عندما كانوا في القرية ، نادت عليها جنات لتنتبه لنفسها وضعته في الخزانة ، و اعطت محمد الثياب ، حاولت جنات أن يستيقظ ليتناول ادويته ليفتح اعينه بتثاقل ، اطمئن قلبها لتخرج محمد خارجا ، حاولت ريحان أن تساعدها و لكن رفضت و هي تنظر لها و كأنها تلومها ، تحركت ب**ت خارجا لينظر لها حكمت الذي كان يقف بحزن قائلا : كانت توجد إنسانة واحدة تستطيع إيصاله لتلك الحالة وآلان أصبحوا اثنتين ، اتمني ألا تكوني مثلها ابنتي.. و تحرك للذهاب لغرفته ، نظرت لمحمد الذي كان مخفض نظره بحزن مستندا علي الحائط لا يستطيع رؤية أخوه هكذا و يخشى أن يكون مرضه قد عاد و لكنه لا يعلم شئ و يخشى من اخيه إن علم أنه تحدث بشئ ، فتحرك للخروج و هو يقول : أمي لا تحب أن يهتم أحد به غيرها و ترفض البقاء معه ، و ستطلب منك الخروج ، كان كلام حكمت يتردد بأذنها و تتذكر شاهقة ، خرجت جنات و هي تساند أمير تحركت ريحان لتساعدها لتنظر لها بعيون قوية و لكن لم تأبه ريحان و امسكته من الجهة الاخري ، و ضعوه بسريره نزلت جنات لتحضر الخل من المطبخ ، لتتحرك ريحان و تقيس حرارته لتجدها 40 ، اتسعت عينيها و هي تنظر له بقلق فلقد بدأ يدخل في الإعياء الحراري رغم انهم وضعوه في الماء البارد منذ قليل ، حركته لترفعه قليلا و تطعمه خافضا للحرارة و لكن جسم بدأ يضعف و لا يقوي حتي علي فتح فمه ، عدلته في مكانه بهدوء و نهضت لتدخل جنات الغرفة دخلت دون النظر لها و كأنها غير موجودة ، جلست بجانب ابنها و بدأت تبلل المنشفة بالماء البارد و الخل و تطبق عليه الكمادات ، اقتربت ريحان لتقييس حرارته ثانية و لكن جنات امسكت يدها بقوة قائلة بغضب : لا داعي لكل ذلك الاهتمام ، انت السبب في حالته تلك ، لا أعرف ما دار بينكم و لكن أعرف جيدا ما يصل بابني لتلك الحالة ، حاولت جهدي طوال تلك السنوات لا بعدها عنه و ابعد آذاها و إن اضطرني الامر سأبعدك و ابعد الجميع ، أستطيع التغاضي عن أي شئ في حياتي إلا أمير... قد أكون إنسانة طيبة و لكن عندما يكون الموضوع ابنائي فوقتها اتحول لوحش كاسر و لا أرحم أحدا ... هل تفهمين ؟! كانت تشدد من قبضتها علي يدها بقوة غضبها لدرجة ان أظافرها تركت علاماتها عليها لتفلتها و هي تقول : يا أسفي عليك ، تحركت ريحان ممسكة بيدها متألمة لتخرج متجهة لغرفة محمد ، طرقت بابه ليفتح لها و كان الحزن بادي عليه قالت : أعلم أنك أيضا تلومني و لكن احتاج مساعدتك من أجل أمير لقد دخل مرحلة إعياء حراري و ستسوء حالته إن لم تنخفض حرارته و أعطته ورقة بها إسم محاليل ليجلبها فهي لا تعرف كيف تجدهم بهذا الوقت ، أخذ الورقة و تحرك قائلا : سأحضرهم فورا ، عادت لغرفتها و لكن سمعت صوت مارت دخلت لتجده يبكي مع جوكشة التي نظرت لها بنصف عين قائلة : لقد استيقظ علي الصوت ولكن سأنيمه الان ، هزت ريحان راسها و خرجت احضرت ماءا بالخل البارد و كمادتين و جلست ارضا بجانب أمير دون النظر لجنات التي كانت ستتكلم لتمنعها لتقول ريحان دون النظر لها فلقد كانت الدموع تملأ عيونها : افهم خوفك و لكن حالته تسوء و يبدو أنه ابتلع ماءا مالحا ستؤلمه بطنه و ص*ره و يبدأ في القئ و إن لم نخفض حرارته ستسوء حالته و وضع كمادة علي رأسه و بالاخري بدأت تمسح بها علي رقبته و وجهه و جذعه ، كانت تحرك يدها الإثنين و لا تتواني لحظة ، انخفضت الحرارة درجتين ليطمئن قلبها قليلا و لكن بدأ يتحرك و يضع يده ببطئ علي بطنه و ص*ره من الألم و بدأ يتعرق و يتقئ ، كانتا جنات و ريحان تساعدانه ليخرج كل ما في معدته و يرتاح ، اتي محمد بالدواء بعد أن استشار دكتور سليم و علم أن هذا الدواء لا يتعارض مع مرض اخيه ، لتركض ريحان و تأخذه و تبدأ في تركيب المحاليل لتعويض ما فقده من كثرة تقيئه ، كانت تتحرك بسرعة لتنتهي من تركيبهم ثم جلست ارضا بجانبه مرة أخري و هي تضع الكمادات ، ثم وجهت حديثها لجنات قائلة : يمكنك الذهاب و النوم براحة خالتي ، فهو بخير الان و لن يستيقظ إلا بعد عدة ساعات ، حزنت جنات عندما عادت تناديها بخالتي مرة أخرى لتدرك حزنها بسبب كلامها ، و لكن لم تتحرك من جانبه ، بدأ أمير يحرك رأسه و يهذي قائلا : أمي... لا تتركيني... رجاءا... لن افعل شيئا يغضبك.. أرجوك لا تتركيني ، كان يري مشهد ترك أمه له ، حل الصباح و مازالت ريحان علي وضعها بجانب راسه ، إنتهت فتحركت جنات و هي تقول : تعالي ابنتي لتتناولي شيئا ما دام أصبح بخير ، تحركت ريحان و هي تنزع المصل قائلا : لا شهية لي الآن.. خالتي ، تحركت جنات خارجا بحزن علي حالهما ، ذهبت لتجد حكمت علي حاله في غرفته جلست بجانبه ليقول : كله خطأي من البداية ، أنا من تزوجت بع***ة مثلها.. كنت غبي.. ا**ق ، و ها هو إبني يدفع الثمن ، و ريحان.. لتقاطعه قائلا : لا يجب أن نلوم ريحان أكثر ، صحيح علاقتهم متوترة و لكن ليست مثلها.. و لا تنسي ابنة من تكون.. إنها شبيهة أمها ، ليقول بحزن : و لكنني لمتها علي ماحدث و حملتها مسؤليه ما حدث ، لتقول : و كأننى أقل منك إن كنت تحدثت بكلمتين فأنا قلت الكثير و احزنتها لدرجة أنها ما عادت تناديني بأمي ، احتضنها حكمت و هو يقول : أعلم أن زوجتي العزيزة جنات خانم السلطانة التي لا يخالف أحدا امرا قررته ستصلح كل شئ كالعادة بقلبها وبحكمتها من الجيد وجودك حبيبتي في حياتنا لولاك لكنا تهنا بالتأكيد
يتبع