أوقفت ريم سيارتها أمام المبنى الذي يسكن به والدها فهي قررت بعدما فكرت كثيرا أن تلجأ إليه ليساعدها في مشكلتها.
حملت حقيبتها وخرجت من السيارة وهي تحاول أن تتمالك نفسها وتكبح موجات الغضب التي تجتاحها عندما ترى وجه تلك المدعوة سوزان التي سرقت والدها من والدتها.
صحيح أن والدها أوفى بوعده لها في اليوم الذي غادر به المنزل ولم يتخل عنها ويتركها فقد ظل على تواصل معها ولكنها كانت تصده وتتجنبه في كثير من الأحيان حتى لا تجرح مشاعر والدتها.
طرقت ريم على باب الشقة لتفتح لها سوزان (زوجة والدها) التي ابتسمت وقالت:
-"ريم!! ما هذه المفاجأة السارة!!"
تجاهلتها ريم ودلفت إلى الداخل فأغلقت "سوزان" الباب وراءها بتنهيدة مسموعة ثم اتجهت خلفها وهتفت بترحيب محاولة تلطيف الأجواء:
-"تفضلي ريم أهلا وسهلا بكِ ، لقد أنرت المنزل بزيارتك".
التفتت لها ريم قائلة باختصار يتخلله الضيق فهي لا يمكنها أن تتعامل بسلاسة وأريحية مع أكثر امرأة تكرهها في حياتها:
-"دعكِ من تلك المجاملات السخيفة وأخبريني أين أبي؟"
أخذت سوزان نفسها بهدوء قبل أن تجيب برزانة:
-"والدك يجلس الآن في غرفة المكتب ويراجع ملف القضية التي سوف يترافع عنها الأسبوع القادم".
تحركت ريم وتوجهت إلى غرفة المكتب دون أن تشكر سوزان ثم فتحت الباب وتقدمت نحو نبيل الذي رفع بصره عن الملف الذي يمسك به بين يديه وابتسم وهو يتحدث بلهفة ويشير لها بالجلوس أمامه:
-"تفضلي ريم ، اجلسي هنا حبيبتي".
نهض تاركا مقعده وجلس بجوارها وهو يقول:
-"وأخيرا رأيت وجهك أيتها الفتاة ، لماذا لا تجيبين على اتصالاتي؟"
لاحظ "نبيل" بقايا الدموع المتكومة في عينيها فأصابه القلق وظهر هذا الأمر بوضوح في نبرته:
-"ماذا جرى معك يا ريم؟"
التزمت ريم ال**ت بل**نها ولكن تركت العنان لدموعها التي أخبرته أنه حصل معها شيء كبير لا يمكنها أن تحتمله.
-"هل حدث شيء ما لوالدتك؟"
تفوه نبيل بتلك العبارة وهو يضع يده على كتف ريم واستطاع أن يجعل لهجته هادئة ومراعية قدر الإمكان لمشاعر صغيرته.
استمرت ريم في البكاء وأخذت تخبره كل شيء يتعلق بمشكلتها مع يزيد وهي تناشده العون والمساعدة حتى تنقذ زواجها الذي أوشك على الانهيار.
سألها نبيل بتأنيب:
-"يزيد يريد تركك بسبب غيرتك المفرطة وعدم ثقتك به ، أليس كذلك؟"
زاغت عيناها بتوتر ولم تجد حرفا واحدا تتلفظ به ؛ لأن والدها محق في استنتاجه فهي وحدها السبب في ابتعاد زوجها عنها ونبذه إياها بهذه الطريقة.
استشف نبيل من **تها جواب سؤاله مما دفعه ليهتف بسخرية مريرة مرددا معنى مثل مشهور:
-"اقلب القدرة على فمها تصبح الفتاة كوالدتها ، هذا المثل ينطبق عليك حرفيا يا ريم ، يزيد يريد أن يبتعد عنك بسبب أفعالك التي تعلمتيها من والدتك والتي كانت أحد أسباب ابتعادي عنها".
رفعت ريم نظرها ترمق نبيل بدهشة ؛ لأنها تتذكر جيدا أن والدها ترك والدتها من أجل تلك الحية الرقطاء التي تدعى سوزان!!
علامات الذهول كانت بادية للغاية على وجهها مما جعل نبيل يبتسم بسخرية ويض*ب كفيه ببعضهما وهو يردف بتهكم:
-"يبدو أن والدتك المبجلة لم تخبرك شيئا عن سبب انفصالنا الحقيقي".
تحدثت ريم باستغراب وهي تطالعه بفضول:
-"أنت أحببت سوزان ولهذا السبب تركت أمي لأن حبيبتك لم تكن تريد أن تقترن برجل متزوج ولديه طفلة صغيرة".
ضحك نبيل على سذاجة ابنته وشريط ذكرياته مع عفاف يمر أمامه وكأنه عاش تلك الأحداث في الأيام الماضية وليس قبل سنوات طويلة.
-"ماذا حدث معك رحاب ، هل ضايقك مراد مجددا؟"
ألقى نبيل تلك الكلمات وهو يقف أمام "رحاب" شقيقته الصغرى التي تفاجأ برؤيتها وهي تغادر منزله بينما هو كاد يخطو داخله بعدما عاد من المحكمة التي قضى بها عدة ساعات.
سحب نبيل رحاب من ذراعها ودخل إلى البيت وتوجه إلى غرفة المكتب دون أن يلقي التحية على عفاف التي كانت تعد الغداء وهي تقف في المطبخ وتتأفف بانزعاج وضيق ارتسم بوضوح على قسمات وجهها.
أجلس نبيل شقيقته على الأريكة وجلس بجوارها وهو يقول بتنهيدة:
-"ماذا فعل مراد هذه المرة؟"
تحدثت رحاب من بين بكائها بألم مرير يقبض على ص*رها:
-"زوجي لم يفعل أي شيء يا أخي ، أنا فقط حزينة لأنني تذكرت أمي فقد اشتقت لها كثيرا".
تمتم بحزن وهو يومأ برأسه متفهما:
-"فليرحمها الله ويغفر لها ويسكنها فسيح جناته".
أمنت رحاب على دعاء شقيقها وهي تشهق بصوت مكتوم وتخفض بصرها حتى لا يكتشف كذبتها فهي حضرت إلى المنزل لكي تراه ولكن استقبلتها عفاف بشكل غير لائق بل وتطاولت عليها بعدد من الألفاظ المهينة.
لم يغفل نبيل عن نظرات شقيقته الزائغة والتي جعلته يتأكد من كذبها وأن زوجته قد فعلتها وأهانتها فهو يعلم أن عفاف تغار عليه بشدة حتى من شقيقته التي تحمل دمائه ولحمه.
غادرت رحاب فخرج نبيل ووقف أمام زوجته التي سألته بريبة وعدم ارتياح:
-"لماذا ترمقني بتلك النظرات الغاضبة؟!"
أخذ نبيل نفسا عميقا وهتف بوجوم وهو يوليها ظهره وينظر إلى طفلته التي تجلس بالقرب منهما وتلعب بدميتها:
-"أخبرتني رحاب أنها حزينة من أجل ..."
قاطعته عفاف صارخة بانفعال:
-"شقيقتك كاذبة في ادعائها ، أنا لم أتحدث معها ولم أقترب منها من الأساس".
التفت نحوها وزفر بحنق وهو يقترب منها ثم أمسكها من ذراعها بقسوة هادرا بسخط:
-"رحاب لم تقل شيئا عن الحديث الذي دار بينكما قبل حضوري ، أنتِ التي وقعتي الآن بل**نك واعترفتِ بكل شيء".
عضت عفاف علي شفتيها بتوتر وتحدثت بصوت مرتعش:
-"أنت لا تفهم ما حدث ، دعني أشرح لك الأمر".
زم نبيل شفتيه وهو يتحدث بلهجة حازمة جعلت جسدها يتخشب ول**نها يتجمد بين أسنانها:
-"ابتلعي ل**نك واخرسي ولا تفتحي فمك وإلا سوف أ**ر رأسك ، لقد مللت منك ومن غيرتك العمياء ، تحملت كل أفعالك وحماقاتك من أجل ريم ولكنني لم يعد بإمكاني أن أستمر على هذا المنوال".
كان نبيل يتحدث بانفعال شديد وجسده ينتفض من شدة الغضب الذي يشعر به نحوها ولكنه كبح هذا الغيظ قدر المستطاع حتى لا يتهور ويرفع يده عليها فهو ليس من هؤلاء الذين يُطلق عليهم لقب أشباه الرجال ؛ لأنهم يستغلون قوتهم الجسمانية في ض*ب وتعنيف زوجاتهم.
-"ماذا تقصد بحديثك؟!"
سألته عفاف بتوجس ليأتيها جوابه الغاضب الذي سمعته بالكاد من بين أصوات أنفاسه الثائرة التي كانت تطغى على أي صوت أخر:
-"أقصد أن كل شيء بيننا انتهى وإلى الأبد يا عفاف ، من الآن وصاعدا لن يجمعنا شيء سوى ابنتنا ريم".
تركها وخطى نحو درجات السلم ببطء وإرهاق فهو يكاد يغشى عليه من التعب والحزن الذي يشعر به فقد صبر كثيرا على زوجته وهو يتمنى أن تتغير وتكف عن إيذاء شقيقته وجرح مشاعرها بسبب غيرتها المرضية ولكنها أثبتت له اليوم أن من شبَّ على شيء شاب عليه.
جلست عفاف ووضعت كف يدها على فمها تكتم شهقات بكائها الحاد فاقتربت منها ريم وسألتها بحزن وهي تنظر لها ببراءة:
-"لماذا تبكين يا أمي ، هل وبخك أبي مرة أخرى بسبب عمتي الشريرة؟"
أومأت لها عفاف ليزداد حنق ريم وكرهها لعمتها فقد زرعت والدتها بداخلها من وقت طويل أن جميع أفراد عائلة والدها يكرهونها ولا يتمنون لها الخير مطلقا.
مر يومين ونبيل لا يزال يتجنب عفاف ولا يتحدث معها مطلقا وفي مساء اليوم الثالث سمع نبيل ريم وهي تتحدث مع والدتها بالسوء عن رحاب فوبخها بشدة وعندما حاولت عفاف أن تتدخل رمقها بنظرة جانبية وهو يقول بغيظ:
-"أنتِ السبب وراء جميع المصائب التي تحل على رأسي".
تحرك نحو غرفته فهرولت خلفه و هي تقول بعصبية:
-"لا تلقي بفشلك على ظهري ، أنا لم أفعل لك أي شيء وليس لي ذنب في أن ابنتك ذكية وتفهم جيدا ما يدور حولها".
زفر أنفاسه باختناق من وجودها الذي بات يقبض على رقبته كحبل المشنقة:
-"ليت والدتي كانت لا تزال حتى الآن على قيد الحياة ، كنت سوف أعطيها الحذاء وأطلب منها أن تض*بني به على رأسي لأنني أصابني ذات يوم مس من الجنون وأقدمت على فعل أهوج وهو الزواج من امرأة مجنونة مثلك ولم أكترث لنصائحها وهي تحاول أن تمنعني من القيام بتلك الخطوة المتهورة".
تخطاها ودلف إلى غرفته ولم يعبأ لوجودها وكأنها هواء شفاف لا يؤثر به على الإطلاق.
أطلقت عفاف العنان لدموعها وشهقاتها التي خرجت من جوفها وهرولت مسرعة إلى غرفتها تبكي فوق سريرها ولم تعلم أن ريم كانت تبكي هي الأخرى في غرفتها كما اعتادت أن تفعل دائما كلما سمعت أصوات الشجار الذي يدور بين والديها.
-"لماذا لا يعيش أبي وأمي بسلام ويحبان بعضهما كما هو حال عائلات أصدقائي؟!"
أطرقت رأسها بضيق وهي تمسك بدميتها المحشوة تشكو إليها حزنها وقهرها من الخلافات التي لا تنتهي أبدا في أسرتها.
استيقظت ريم في الصباح على صوت والدها الحاني وهو يقول:
-"هيا استيقظي يا صغيرتي ، حان وقت الذهاب إلى الحضانة وأنا سوف أوصلك بنفسي".
ابتسمت ريم وركضت بسرعة نحو الحمام تغسل وجهها وتنظف أسنانها ثم ارتدت ملابسها ووضعت يدها في يد والدها الذي كان ينتظرها.
خرج نبيل من الغرفة وهو يحمل ابنته فتوجهت عفاف نحوه وحاولت انتشال ريم من بين يديه:
-"اترك ابنتي ، لن أدعك تسرق صغيرتي مهما حدث".
هتف نبيل بصوت هادئ حتى لا يخيف طفلته ولكن حملت نبرته بعض الغضب:
-"هل أنتِ مجنونة يا امرأة؟! عن أي سرقة تتحدثين أيتها المعتوهة؟! أنا أريد أن أوصل ريم في طريقي".
اعترضت عفاف على حديثه وتمسكت برأيها:
-"اذهب واتركها وسوف أوصلها أنا إلى الحضانة ، أنت تريد أن تختطفها وتحرمني منها كما خططت أنت وشقيقتك العقربة".
هز نبيل رأسه بخيبة أمل من أوهامها واتخذ النفور مجراه في قلبه الذي كان ينبض في الماضي بعشقها أما الآن فهو لا يحتمل سماع اسمها.
خرج نبيل من المنزل رغم اعتراض زوجته ورافق ريم إلى الحضانة واستوقفها قبل أن تتخطى البوابة:
-"سوف أنهي عملي باكرا وأصطحبك إلى الملاهي".
ابتسمت ريم وركضت نحو والدها تعانقه بشدة:
-"أنا أحبك بابا".
-"وأنا أيضا صغيرتي".
ذهب نبيل إلى عمله وتوجه بعد بضع ساعات إلى الحضانة واصطحب ريم كما وعدها إلى الملاهي واشترى لها العديد من الأل**ب.
عاد نبيل وريم إلى المنزل في المساء فاستقبلتهما عفاف بوصلة من الشجار الحاد مع نبيل ؛ لأنه لم يخبرها مسبقا أنه سوف يتنزه برفقة ريم.
تجاهل نبيل صراخ عفاف وحمل ريم وسار نحو غرفتها وهتف بابتسامة مرحة:
-"بدلي ملابسك وجربي الأل**ب الجديدة".
هتفت ريم بطاعة:
-"حاضر".
تركها نبيل وذهب إلى زوجته التي لا تزال تزعجه بصوتها المرتفع وهتف ببرود:
-"إذا أردت أن أحرمك من ابنتك كما تتوهمين فلن يمنعني شيء من فعل ذلك".
ذهب نبيل إلى غرفته واستلقى على سريره وهو يبتسم بانتصار بعدما لقن عفاف درسا يجعلها تحترم نفسها ، فقد جعلها بعدم إخبارها بخطة تنزهه مع ريم تعتقد أنه سرقها بالفعل وسافر إلى مكان بعيد.
مرت الأيام على هذا المنوال يخرج نبيل من منزله في الصباح ويعود إليه في المساء دون أن يتحدث مع عفاف.
وصل إلى مكتبه والتقى بالشباب الذين حضروا ليتدربوا ويكتسبوا خبرة وكان من بينهم فتاة كانت تجلس بهدوء وتنظر أمامها بشرود والحزن يعتلي وجهها وقد أثار هذا الأمر فضول نبيل وجعله يتساءل ما هو سبب عدم ابتسام تلك الفتاة؟!
-"سوزان أحمد خيرت".
كان لاسمها إيقاع خاص وهو يقع على أذن نبيل كما كان لملامح صاحبة الاسم نصيب من عقله في تلك اللحظة وقلبه فيما بعد.
(كانت متزوجة ولكنها انفصلت عن زوجها لأنها لا تنجب وهو أراد أن يتزوج بامرأة أخرى حتى تجلب له أطفال ، وهي تعيش الآن في منزل والدتها التي توفت قبل ثلاثة أشهر ، وجميع أقاربها لا يهتمون بأمرها أو يسألون عليها)
هذا هو ملخص المعلومات التي جمعها نبيل عن سوزان التي ملكت قلبه في فترة وجيزة وأصبح لا يمكنه الاستغناء عنها.
-"أنا لا يمكنني أن أهدم منزل امرأة أخرى وأسرق منها زوجها".
كان هذا هو جواب سوزان على طلب الزواج الذي عرضه عليها نبيل قبل لحظات بعدما استمر يفكر بجدية في الأمر لمدة ستة أشهر.
-"تصرفات عفاف أنهت كل شيء بيننا ولا يجمعنا الآن سوى ابنتنا ريم".
حاول نبيل إقناع سوزان كثيرا ولكنها رفضت مبرراته فهي لن تقوم بتدمير حياة عفاف حتى ولو كانت تحب نبيل بالفعل.
رجع نبيل إلى منزله وهو يعتريه الحزن بسبب رفض سوزان له طوال الأسبوعين الماضيين ولم يقتصر الأمر على الرفض فقد تركت له العمل وقدمت استقالتها.
كاد يدلف إلى غرفة الصالون ولكنه توقف عندما سمع صوت رحاب الذي يص*ر من داخل الحجرة وهي تقول:
-"يجب أن تتغيري يا عفاف ، غيرتك المرضية هي سبب ابتعاد نبيل عنكِ ، اعملي بنصيحة والدتي الراحلة حتى لا يتركك زوجك".
-"أنا لا أريد أن أستمع إلى نصائحك ، إذا كنت تريدين المساعدة فابتعدي عن نبيل وكل شيء سوف يكون على ما يرام".
قالتها عفاف معاندة ورافضة الانصياع لتلك النصائح التي ربما تنقذ علاقتها المتدهورة بزوجها.
لوحت رحاب بكفيها وهي تنظر إلى زوجة أخيها بيأس:
-"لن تتغيري أبدا يا عفاف ، أعطاك الله الكثير من الفرص ولكنك لم تحسني استغلالها ، وأول فرصة حصلتِ عليها عندما كانت تتكتم أمي على أفعالك ولا تخبر نبيل بها".
امتقع وجه رحاب وهي تستكمل حديثها بمرارة فقد كانت والدتها امرأة طيبة للغاية ولم تستحق أبدا ما كان يحدث لها على يد عفاف:
-"كنتِ تضعين لها الطعام في غرفتها قبل أن يأتي نبيل من العمل وعندما كان يعود ويسألك عنها تخبريه أنها تناولت الطعام ونامت وأنتِ في الحقيقة كنتِ تحذريها من الخروج من الغرفة ومشاركة الطعام معكما على الطاولة ، كانت تتعامل معك بود واحترام ولكنك كنتِ تقابلين هذه المعاملة بعجرفة وتكبر وكأنك تتعاملين مع كلب أجرب وليس مع والدة زوجك التي يجب أن تحترميها ، كانت تكتم في ص*رها ولا تخبر نبيل بأي شيء وأنتِ استغليتِ هذا الأمر وتماديتِ في أفعالك وألقيت اللوم عليها في كل شيء مثلما فعلتِ عندما لم تقبلي الذهاب معها إلى الطبيبة وعندما وبخك نبيل كذبتِ عليه وقلتِ له أنها هي من رفضت أن تأخذك معها لأنها لا تطيقك".
أخذ نبيل يستمع خلسة إلى الحديث الذي يدور بين زوجته وشقيقته التي صدمته اليوم بحقائق لم يكن يعلم عنها أي شيء.
-"كنتِ تقومين بإعداد الأرز باللبن دون أن تعلم أمي لأنك تعلمين أنها تحبه وعندما يتبقى أطباق فائضة عن حاجتك تلقين بها في القمامة دون أن تكلفي خاطرك وتعطي واحدا منها على الأقل لأمي".
كان ينظر نبيل إلى زوجته التي لم تنتبه إلى وجوده بنظرات جامدة توحي عن مدى قهره فهو لم يكن يدرك أنها تتعامل بتلك الطريقة الب*عة مع والدته.
تذكر نبيل المرات العديدة التي رأى بها أطباق الأرز بالحليب موضوعة في الثلاجة وعندما كان يريد أن يأخذ أحدها ويعطيه لوالدته كانت زوجته تبتسم له وهي تسحب الطبق من يده وتخبره أن حماتها قد تناولت منه بالفعل قبل دقائق من عودته إلى المنزل.
كان دائما يشعر بالضيق وينزعج كثيرا لأن والدته كانت ترفض الجلوس معهما على الطاولة أثناء تناوله للطعام برفقة زوجته ولم يكن يعلم أن عفاف كانت تجبرها على هذا الوضع وتفرضه عليها.
هتفت عفاف بكبرياء رافضة دور زوجة الابن الشريرة الذي تلقيه رحاب على عاتقها:
-"والدتك تستحق كل ما فعلته بها لأنها رفضتني عندما أخبرها نبيل أنه يريد أن يتزوجني ، كنت أسمعها دائما أثناء فترة الخطبة وهي تخبر نبيل أنه سوف يندم إذا استمر في هذه الزيجة".
-"كانت محقة في كل كلمة قالتها عنكِ ولكنني تمسكت بكِ حينها وتزوجتك لأنني رجل غ*ي وأ**ق".
زمجر نبيل وقذف هذه الجملة وهو يدخل إلى الغرفة فاتسعت عينا كل من رحاب وعفاف بصدمة فقد دلت ملامحه على أنه سمع كل كلمة قيلت قبل قليل.
-"لماذا لم تخبريني بكل تلك الأشياء يا رحاب؟! ، هذه الحقيرة كانت تهين والدتي وت**ر خاطرها وأنتِ كنتِ تشاهدين كل ما يحدث ولم تتفوهي بأي كلمة!!"
ألقى تلك الكلمات بصوت جهوري منفعل وهو يشير بيده نحو زوجته التي ترتجف من شدة التوتر والخوف ؛ لأنها تعلم جيدا أن نبيل لن يسامحها أبدا على هذه الأشياء التي كانت تفعلها بوالدته.
هتفت رحاب مبررة موقفها:
-"صدقني يا أخي ، حاولت أن أخبرك مرات عديدة ولكن والدتنا هي من كانت تمنعني وتحذرني من فعل هذا الأمر".
حملت رحاب حقيبتها وغادرت كما طلب منها شقيقها الذي صعد بعد رحليها مباشرة إلى غرفته وحزم حقائبه وعندما رأته عفاف حاولت أن تمنعه وأخبرته أنها تحبه وطلبت منه أن يعطيها فرصة أخيرة ولكنه رفض الاستماع إليها واستمر في وضع ملابسه داخل الحقيبة.
صرخت في وجهه وأخبرته أنها تعلم عن محاولاته في التقرب من تلك الموظفة التي تعمل لديه فكان جوابه أنه يحب سوزان وسوف يتزوجها لأنها ليست خبيثة وتستحق الحب والاحترام.
اتهمته بالخيانة ونعتته بألفاظ فاحشة فكان رده هو صفعة قاسية هبط بها على وجهها وهو يخبرها بمدى كرهه واشمئزازه منها ثم رحيله بعدما وعد ابنته بعدم تخليه عنها.
-"أنا لا أصدق أن أمي كانت تعامل جدتي بهذا الشكل الب*ع!!"
عبرت ريم عن دهشتها بتلك الجملة فازداد ضيق نبيل وانطبقت شفتاه في خط مستقيم وهو يقول:
-"دعك منها الآن لأنني لا أطيق سماع سيرتها".
**تت ريم ولم تعارض رغبة والدها فصدمتها في والدتها كانت أقوى بكثير من أن تحاول إيجاد مبررات أو أعذار لما كانت تفعله مع جدتها.
نهاية الفصل
توقعاتكم
batol