الفصل الثامن

2615 Words
طرقت سوزان حجرة مكتب زوجها واستأذنت قبل أن تدخل عليه وتقول: -"أرجو ألا أكون قاطعتكما ولكنني أريد أن أخبركما أن الغداء جاهز". ابتسم نبيل وقال: -"حسنا حبيبتي ، نحن قادمان". سبقتهما سوزان إلى الخارج فهتف نبيل وهو ينهض: -"هيا يا ريم ، تعال لنتناول الطعام وسوف نكمل الحديث بعد الغداء". تركت ريم مقعدها وسارت بجوار والدها إلى الخارج وهي تفكر في طريقة تتخلص بها من هذه الورطة فهي تفضل أن تتجرع السم ولا تأكل طعام أعدته زوجة والدها. خرجت ريم من غرفة المكتب برفقة والدها وصُدمت من وجود عمتها رحاب تجلس في حجرة الصالون برفقة سوزان. همست ريم لنفسها بغيظ وسخرية: -"هذا رائع ، وكأن المشرحة كان ينقصها المزيد من الجثث". ابتسمت رحاب بودٍ عندما رأت ريم ونهضت وقامت باحتضانها وهي تقول: -"ريم حبيبتي ، اشتقت لكِ يا ابنة أخي العزيزة ، كيف حالك أنتِ وزوجك الذي لم أره إلا يوم زفافكما فقط؟" حمحمت ريم بارتباك قبل أن تتحدث: -"بخير والحمد لله يا عمتي ، شكرا على سؤالك". جلست ريم بجوار رحاب وهي تبتسم بتصنع فهي لن تنسى أو تتجاهل حقيقة أن عمتها هي السبب الرئيسي في طلاق والدتها وخراب حياتها ، فقد ظلت عفاف تزرع هذا الكلام في عقلها طوال السنوات الماضية حتى اقتنعت به ريم وأصبح بالنسبة لها حقيقة مسلم بها ولا مجال للجدال فيها. تمتمت ريم تصبر نفسها وتعززها بالثبات الانفعالي: -"تحملي وجودها يا ريم فقط من أجل والدك الذي لم يقصر معك في أي شيء". أحضرت سوزان الغداء ووضعته أمامهم على المائدة ليبدأ الجميع في تناول الطعام عدا ريم التي غصبت نفسها على أكل بضع لقيمات ثم نهضت وقالت: -"الحمد لله لقد شبعت ، سوف أغادر الآن حتى لا أتأخر ، مع السلامة". غادرت ريم بسرعة قبل أن يوقفها والدها ويمنعها بينما شعرت سوزان بالإحراج فصحن ريم لا يزال كما هو ممتلئ بالطعام. نهض نبيل خلف ريم حتى يقوم بتوصيلها بينما هتفت رحاب مواسية لزوجة أخيها بعدما انتبهت لحزنها: -"لا عليك سوزان ، ريم ستظل كما هي ولن تتغير ؛ لأن عفاف غسلت لها دماغها بالعديد من الأكاذيب ، حتى أنا شعرت قبل قليل أنها تتظاهر بالود والمحبة عندما كانت تصافحني". أومأت سوزان وأكملت تناول طعامها وهي تشعر بداخلها بالحزن بسبب المعاملة السيئة التي تتلقاها من ريم. لحق نبيل بابنته وأوقفها قبل أن تصعد إلى سيارتها وقال: -"اتركي السيارة وأنا سوف أرسلها لكِ في الغد ، سوف أوصلك بسيارتي ؛ لأنني أريد أن أتحدث معك". أذعنت ريم لطلب والدها وتركت السيارة بالفعل ورافقته إلى سيارته وهي تتمنى ألا يتحدث في أمر عدم تناولها للطعام ولكنه خيب أملها عندما عاتبها قائلاً: -"لماذا فعلتِ ذلك ريم؟ أنتِ لم تأكلي سوى بضع لقيمات فقط". زفرت ريم بحدة قبل أن تتحدث بصرامة: -"أرجوك بابا لا تتحدث معي بشأن مشاعر زوجتك لأنني لن أنسى مطلقا أن هذه المرأة هي التي تسببت في انفصال والداي ودمار عائلتي ، أنا أعرف جيدا أنك تحبها ولكن لا تتوقع منِّي أن أتقبلها وأحبها وأعاملها بلطف ومحبة". تن*د نبيل بيأس ثم أدار محرك السيارة وانطلق في طريقه إلى منزل زوجته السابقة. توقف نبيل أثناء سيره أمام إحدى إشارات المرور فنظرت ريم من النافذة ليسقط بصرها على محل صغير لبيع الزهور. ابتسمت ريم وهي تتذكر في إحدى المرات عندما أحضر لها يزيد الزهور البيضاء التي تفضلها. -"ريم حبيبتي ، لماذا تقفين بعيدة هكذا ، تعال وانظري إلى الورد الذي أحضرته لكِ ، لا تقلقي هذه الوردات بيضاء مثلما تحبين وليست حمراء كالمرة السابقة". مد يزيد يده بباقة الورد فالتقطتها ريم التي ركضت نحوه بسعادة وقبلت خده هاتفة بابتسامة: -"شكرا لك حبيبي ، سوف أعتني دائما بهذا الأزهار التي تشتريها من أجلي". جلس يزيد بجوارها يتناول وجبة السمك التي أعدتها وهو يشعر بالسعادة تغمره فزوجته التي يحبها تجلس بجواره وكل شيء يسير في حياته بشكل جيد. أخذت ريم تطعم زوجها وهي تبتسم له بحب وقد اقتنعت هي الأخرى أن كل شيء سوف يدوم على هذا الحال الجميل الوردي الخالي من المشكلات والتعقيدات. غفل كل منهما عن حقيقة أن دوام الحال من المحال وأنه إذا لم يشكر العبد الله ويحمده على نعمه في السراء فسوف يفعل ذلك وهو خاضعا ذليلا عندما تمسه الضراء. ▪▪▪▪▪▪▪▪▪ نظر يزيد إلى الورد الأبيض الذي يملأ تلك الكافتيريا التي يجلس بها وتذكر عشق زوجته لهذا اللون من الزهور فهي ع** كثير من النساء تفضل الزهور البيضاء أكثر من الحمراء. -"تفضل سيدي ، القهوة سادة كما طلبت". نطق النادل تلك الجملة وهو يضع فنجان القهوة أمام يزيد الذي شكره وهو يبتسم. انصرف النادل وترك يزيد ينظر حوله شاعرا بالحنين إلى تلك الذكريات التي تجمعه بزوجته في هذه الكافتيريا ، فهذا هو أول مكان رآها به ، وهذا هو المكان الذي قال لها به أنه يحبها ويريد أن يتزوجها ، وهذا هو المكان نفسه الذي اعترفت به ريم بحبها له بعدما تزوجا. كانت حياتهما جميلة وجمعهما العديد من المواقف المرحة والرائعة ومن ضمنها موقف يوم رأس السنة الذي اكتشف به قصة عشق زوجته للورد الأبيض. -"باقة ورد حمراء لأجمل ريم في الدنيا". لم تنل الباقة إعجاب ريم بسبب عدم حبها للورد الأحمر ولكنها لم تظهر ذلك أمام زوجها وهي تلتقط الباقة منه بابتسامة مشرقة. جلسا سويا يتأملان النجوم التي تضيء سماء هذا النادي الذي حضرا إليه برفقة بعض الأصدقاء ليحتفلا بليلة رأس السنة. حضرت "وسام" صديقة ريم وهتفت بدهشة بعدما رأت الوردات الحمراء: -"من أحضر تلك الزهور إلى هنا؟!" حملت وسام الورد وأبعدته فسألها يزيد مستغربا فعلتها: -"لماذا فعلتِ ذلك؟" -"لأن ريم تكره الورد الأحمر وتفضل الزهور البيضاء". أخفضت ريم رأسها حرجا من زوجها الذي رماها بنظرات عتاب بعدما سمع إجابة وسام. ترك يزيد زوجته عشر دقائق ثم عاد وهو يحمل باقة ورد أبيض فقفزت ريم نحوه تحتضنه وهي تهمس بعشق: -"أحبك يا يزيد ، أنا أعشقك بجنون ، لو أخبرني أحد العام الماضي أنني سوف أحب وأتزوج رجل بعدما أقع في عشقه كنت سأقول عنه أنه مجنون ومختل". ابتسم يزيد بحزن بعدما تذكر كلمات زوجته في يوم رأس السنة ثم ردد بقهر: -"وأنا أيضا لو أخبرني أحد أنني سوف أتحول إلى ذلك العاشق الذي تقوم زوجته بإذلاله بعدما كنت ذلك الشاب ال**بث الذي ي**ر قلوب الفتيات وكأنه ي**ر قشرة فول سوداني كنت سأقول عن هذا الشخص أنه مختل عقلي ولا يوجد له مكان سوى مستشفى المجانين". كاد يزيد يشرب القهوة ولكنه توقف واستدار بعدما سمع صوت شقيقته تناديه: -"يا لها من صدفة جميلة ، من الجيد أنني رأيتك هنا حتى تدعوني لشرب كأس عصير على حسابك ، كما ترى أنا اشتريت الكثير من الأغراض وسوف يلطم حسام خديه قريبا بسبب كثرة المصروفات". ضحك يزيد قائلاً وهو يفسح لها الطريق لتجلس بجواره: -"زوجك لن يكتفي بلطم الخد يا حنان ، سوف يأتي يوم ويلقي بنفسه من الشرفة". ابتسمت حنان على جملته ثم نادت على هايدي التي كانت ترافقها أثناء التسوق. جلست هايدي أمامهما على الطاولة فزم يزيد ثغره بضيق جعلها تدرك أنه غير مرحب بوجودها ولكنه لم يصرح بهذا الأمر. رن هاتف حنان فنهضت تجيب على الاتصال فاستغلت هايدي غيابها وهتفت بابتسامة لئيمة: -"كيف حالك يزيد؟ يبدو أنك كنت تجلس وتتذكر بعض المواقف التي جمعتك بزوجتك وأنت تتحسر على زواجك الذي على وشك الانهيار". زجرها يزيد بغيظ: -"اخرسي ولا تتدخلي في شؤوني وإلا سوف تندمين". ابتلعت هايدي الكلمات التي كانت على وشك الخروج من شفتيها بعدما رأت حنان قادمة نحوهما وهي تردف: -"كان حسام يتحدث معي ويطمئن على حالي ويسألني إذا كنت سوف أتأخر أم لا". نظر لها يزيد وقال: -"اتصلي به وأخبريه ألا يقلق ، سوف أوصلك بنفسي إلى منزلك". ابتسمت حنان بسعادة بسبب مساندة شقيقها واتصلت بزوجها وأخبرته أنها برفقة يزيد وليس هناك داع ليقلق عليها. شعرت هايدي أنها غير مرغوب بوجودها بعدما رأت النظرات الساخطة التي يوجهها يزيد نحوها فحمحمت قائلة: -"سوف أرحل الآن يا حنان ، يزيد موجود معك الآن وسوف يرافقك إلى منزلك وليس هناك داع لوجودي". حاولت حنان أن تثنيها عن قرارها وتمنعها من المغادرة ولكنها فشلت أمام إصرار هايدي. هتفت حنان بعتاب موجه لشقيقها: -"الفتاة غادرت بسبب نظراتك الكارهة لها". تحدث يزيد بلا مبالاة وهو يمسك فنجان قهوته: -"هذا جيد ، لم أكن أعلم أنه يوجد لديها كرامة مثل باقي البشر وسوف ترحل بسبب عدم ترحيبي بوجودها". هتفت حنان بضيق: -"عيب عليك يا يزيد ، لا يجوز أن تقول هذا الكلام". هز يزيد رأسه وتحدث بجدية مطلقة: -"لا ليس عيبا ، أنا لا أطيق تلك المرأة وأنتِ تعرفين جيدا هذا الأمر". غادرا المطعم بعد فترة ووصلا إلى منزل حنان حيث كان يجلس حسام في انتظارهما ... جلس يزيد برفقة حسام يتحدث معه لبعض الوقت ثم استأذن منه ورحل. دلف حسام إلى الغرفة خلف زوجته وهو يصيح بعصبية: -"لماذا اشتريت كل هذه الملابس يا حنان ، لم يتبق سوى القليل من المرتب ونحن لا نزال في أول الشهر". أردفت حنان ببرود وهي تتناول إحدى القطع التي اشترتها حتى تجربها أمام المرأة: -"أنا لم أبتاع ملابس جديدة منذ فترة طويلة وهناك أشياء كثيرة تنقصني". صرخ حسام بحدة ناتجة عن استهتارها ب*روف معيشتهم: -"حسنا ، أنتِ تشترين الملابس ونحن نأكل حجارة طوال الشهر حتى تكوني سعيدة". أثارت عصبية حسام استفزاز حنان فصرخت في وجهه بغضب: -"أنت تستنكر شرائي لملابس جديدة بسبب قلة أموالك ، أليس كذلك؟ حسنا لماذا لم تفكر في هذا الأمر وأنت تنفق ببزخ وتشتري الهدايا الباهظة لتلك الفتاة الرخيصة التي تعرفت عليها من الإنترنت". وضعت حنان يدها على فمها بعدما استوعبت الكلمات التي تفوهت بها وحاولت تجاوز زوجها والذهاب إلى الحمام حتى تهرب من مواجهته ولكنه أمسك بمع**ها مردفا بصوت أجش: -"لقد مر عشر سنوات على هذا الأمر وأنتِ لا تزالين تردديه على ل**نك حتى الآن ، ظننت أنك نسيت هذا الخطأ الوحيد الذي اقترفته في حقك". رفعت حنان يديها تمشط خصلاتها البنية المموجة ثم جمعتها في كعكة دائرية وهي تجيبه بجمود: -"أجل سامحتك يا حسام ولكنني لن أنسى لك هذا الأمر مطلقا". تركها حسام وخرج من المنزل فجلست على السرير تتذكر تلك الفترة بعدما أنجبت طفلهما الأول "مازن" وانشغلت بالعناية به فتعرف زوجها في هذه الأثناء على إحدى الفتيات على الفيس بوك ووقع في غرامها أو هكذا ظن حينها وأخذ يرسل لها العديد من الهدايا الباهظة. ظلت الأمور تسير على هذا النحو حتى جاء اليوم الذي رأت به حنان إحدى الهدايا المخبئة في خزانة زوجها وظنت أنه أحضرها من أجل عيد ميلادها فابتسمت وهمست لنفسها بسرور: -"زوجي الحبيب تذكر عيد ميلادي على الرغم من جميع الظروف التي نمر بها". استقامت شفتيها وشعرت بخيبة الأمل بعدما رأت بطاقة صغيرة مكتوب عليها اسم تلك المرأة التي صادقها حسام عن طريق الإنترنت. انهارت حنان بشدة ولكنها تماسكت وقررت أن تتأكد بنفسها قبل أن تظلم حسام وتتهمه زورا بشيء لم يقترفه. راقبت حنان زوجها بعدما اكتشفت أمر تلك الهدية ورأته يلتقي بتلك الفتاة في أحد المطاعم الفاخرة فتوجهت نحوهما وافتعلت فضيحة بعدما صاحت بقهر وهي تمسك حسام من تلابيب قميصه: -"أيها الخائن الحقير ، ماذا فعلت لك حتى أنال منك تلك الخيانة النكراء ومع فتاة رخيصة لا تساوي شيئا في أسواق الجواري". لم تحصل منه سوى على تلك العبارة التي نطقها بتلعثم: -"حنان!! كيف أتيتِ إلى هنا؟!" دفعته حنان وعادت إلى المنزل وهي تبكي ، وحزمت حقائبها وكادت تتصل بيزيد حتى يأتي ويصطحبها إلى منزل عائلتها ولكن أوقفها حسام الذي لحق بها إلى البيت واعتذر منها: -"أنا أسف حنان ، أعدك أنني لن أفعلها مرة أخرى". أزاحته حنان طريقها وأردفت بغل: -"ولك عين للحديث أيها الحقير ، طلقني فورا أنا لا أريد أن أعيش معك دقيقة واحدة". وقف أمامها مرة أخرى وأخذ يرجوها: -"أقسم لكِ أن هذه سوف تكون أول وأخر مرة ، أعطني فقط فرصة ثانية حتى أثبت لك أن ما أقوله لكِ الآن ليس مجرد كلام بل هو وعد سوف ألتزم به". صاحت حنان بصرامة وهي تجر الحقيبة: -"قلت لك لن أعيش معك بعد الآن أيها الخائن". تابعت بمرارة وهي تكفكف عبراتها: -"عندما أتيت إلى منزلنا وطلبت يدي للزواج رفض والدي حينها وأخبرني أنك لن تجلب لي سوى الحزن والتعاسة ولكنه في النهاية وافق مرغما بسبب إصراري وعنادي". وضع حسام يده على كتفها وكاد يتكلم ولكنها قاطعته بصوت يدل على مدى جرح قلبها و**رته: -"يؤسفني أن أقول الآن أن أبي كان محقا ، أنت لم تكن جديرا بي منذ البداية وزواجي بك كان أكبر خطأ قمت به في حياتي". همت بالرحيل ولكن أوقفها حسام بقوله: -"وماذا عن مازن ، هل ستذهبين وتتركيه ، أعطني فرصة ثانية من أجل طفلنا الذي سوف يعاني في حياته ويشعر بالنقص إذا انفصلنا عن بعضنا الآن". ظل حسام يعدها أنه سوف يتغير ولن يكرر هذا الخطأ مرة أخرى ، وأُجبرت حنان على مسامحته بسبب طفلها مازن وطفلتها ميسون التي كانت حينها لا تزال جنينا يتكون في أحشائها. صدق حسام في وعده ولم يكررها ولكنها لم تستطع أن تنسى هذا الجرح في قلبها والذي لم يلتئم حتى بعد مرور عدة سنوات. ▪▪▪▪▪▪▪▪▪ تحدثت عفاف بخوف ينهش ص*رها وهي تنظر إلى كوثر التي حضرت إلى منزلها لتدردش معها: -"أنا اشعر بالقلق الشديد عليها يا كوثر ، أخشى أن تمر بالتجربة نفسها التي مررت بها ، ريم رقيقة جدا ولن تحتمل ألم الخيانة". تحدثت كوثر بهدوء غريب ملقية اللوم كله على كتف صديقتها: -"كان عليك أن توقفي هذا الزواج منذ البداية ، زواج ريم ويزيد كان خطأ كبيرا وسوف تدفع ابنتك ثمنه لفترة طويلة". انقبض قلب عفاف إلى حد ما ، وهمست بقلة حيلة: -"لم أستطع منعها ، حاولت كثيرا أن أبعدها عن يزيد ولكنها تمسكت به وكأنه لا يوجد رجل غيره في العالم". -"حاولي معها ولا تستسلمي يا عفاف ، يزيد ليس مناسبا لريم ويجب عليكِ أن ترشديها وتجعليها تفهم هذه الحقيقة". رمقتها عفاف بنظرات حائرة ، وبدت كالبلهاء وهي تقول: -"وكيف أفعل هذا يا كوثر ، ريم عنيدة جدا ولم تعد تسمع كلامي كما كانت تفعل في الماضي ، حبها ليزيد جعلها تتهمني بأنني عدوتها التي تسعى لإفساد زواجها". أضافت كوثر بلؤم: -"هناك طريقة ربما تجدي نفعا وتجعل ريم تتأكد أن يزيد خائن ولا يحبها كما تعتقد". ردت عليها عفاف بتلهف وحماس: -"أخبريني بتلك الطريقة أرجوكِ يا كوثر ، لقد أُصيب عقلي بالشلل من كثرة التفكير في شيء يجعل ريم تستيقظ من أوهام حبها ليزيد وترى بنفسها الحقيقة التي تحاول غض الطرف عنها". انخفضت نبرة كوثر إلى حد ما كي لا تسمعها ريم إذا حضرت فجأة إلى المنزل: -"استأجري أحدهم واطلبي منه أن يراقب يزيد طوال الوقت وحينها سوف تكونين على علم بجميع تحركاته وستعلمين الوقت والمكان الذي يلتقي به بعشيقاته وسوف تثبتين حينها لريم أن زوجها الذي فضلته عليكِ ليس سوى رجل و*د وخائن ولا يستحق أن تثق به وتمنحه قلبها". ابتسمت عفاف بسعادة لفكرة صديقتها واعتبرت اقتراحها خطة في منتهى الذكاء وليس عليها أي غبار. هتفت عفاف بانبهار وكأن صديقتها قد اخترعت الذرة أو اكتشفت مكان كنز قارون: -"رائعة كالعادة يا كوثر ، سلمتِ أنتِ وأفكارك". ابتسمت كوثر وشكرت عفاف على مديحها قبل أن تسألها: -"أخبريني الآن ، هل عرفتِ شيئا عن هوية تلك الفتاة التي سوف يتزوجها يزيد بعدما يترك ابنتك؟" -"نورا ابنة خالته عايدة والتي تكون طليقة ابنك أكمل". نطقتها عفاف بجدية تحت نظرات كوثر المدهوشة بحديث صديقتها فنورا لا تزال زوجة لابنها الذي رفض تطليقها ، كيف ستتزوج نورا بيزيد وهي لا تزال زوجة لأكمل؟! -"أنتِ تمزحين يا عفاف ، أليس كذلك؟" هزت عفاف رأسها نافية لتتحدث كوثر بذهول يتخلله عصبية شديدة: -"أكمل لم يطلق نورا ، أي أنها لا تزال زوجته ، هل يمكنك أن تشرحي لي كيف ستتزوج برجل وهي زوجة لرجل أخر؟!" شهقت عفاف باستنكار: -"يا إلهي!! أنا لم أر في حياتي كلها فتاة قليلة الأدب مثل زوجة ابنك ، عندما أخبرتني ريم أن يزيد سوف يتزوج بنورا ظننت حينها أن أكمل قد طلقها وخاصة بعدما تذكرت أنكِ قلتِ لي أن هناك خلافات كبيرة بينهما ولكنني لم أتخيل مطلقا أن تلك الفتاة تفكر في الجمع بين زوجين ، استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ، لقد أصبحنا نعيش في زمن صعب للغاية ولم يعد هناك حياء أو شرف لدى كثير من الفتيات". هتفت كوثر بتوعد وهي تستعد للمغادرة: -"سوف أفضحها وأجعلها عبرة أمام الجميع ، انتظري فقط وسوف ترين ماذا سأفعل بكِ يا ابنة عايدة ، تريدين جلب العار لابني ، لا والله لن يحدث ذلك طالما قلبي ينبض بالحياة". غادرت كوثر وهي تقسم أن تجعل نورا تندم وتدفع ثمن ما أقدمت عليه بينما عفاف ض*بت ص*رها بيدها اليسرى وهي تقول بفم مشدوه: -"هل وصل بك الانحطاط إلى هذا المستوى يا يزيد ، اليوم تريد الزواج بامرأة متزوجة و*دا ماذا سوف نرى منك ، وا أسفاي عليك يا ابنتي وعلى حظك التعيس الذي أوقعك مع هذا الرجل الحقير". أخذت عفاف تندب وتنعي حظ ابنتها وعقدت العزم على تحرير ريم من الروابط التي تجمعها بيزيد مهما كلفها هذا الأمر من ثمن أو حتى تضحيات. نهاية الفصل batol
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD