الفصل الخامس

2457 Words
وقف يزيد أمام مديره وهو يخفض رأسه بخزي ويقبض على أصابعه بغضب عارم سيحرق ريم لو كانت تقف أمامه في تلك اللحظة. -"أنت مطرود ، لا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى". نطق المدير تلك العبارة بلهجة صارمة وحازمة تدل على مدى إصراره على قراره وتمسكه به ليردف يزيد محاولا تبرير ما جرى في المطعم: -"سيدي صدقني أنا حاولت أن أحل الأمر ولكن ..." صرخ المدير بانفعال وهو يض*ب بيده على سطح المكتب بعنف فقد قضت زوجة يزيد على جميع أحلامه: -"لا أريد أن أسمع منك كلمة واحدة ، بسببك أنت خسرت أهم صفقة في حياتي ولن يتعاقد معي أصحاب الشركات الكبرى بعدما علموا بما حدث لسارة مكرم". هتف المدير بحسرة يض*ب كفيه ببعضهما: -"لن يتركني سامح مكرم وشأني ، سوف يظل خلفي حتى يجعلني أعلن إفلاسي وكل ذلك بسبب زوجتك ووالدتها". حاول يزيد أن يتحدث مع المدير ويجعله يتراجع عن قرار فصله ولكنه لم ينجح فخرج من المكتب وهو يجر أذيال الخيبة فقد خسر وظيفته التي اجتهد فيها كثيرا حتى ينال ترقية تجعله في مرتبة مرموقة. وصل يزيد إلى المنزل ودلف إلى الحجرة المجاورة لغرفة نومه وأغلق الباب دون أن ينظر إلى وجه زوجته التي لحقت به حتى تعتذر منه. مر ثلاثة أشهر على هذا الوضع ، يزيد لا يتحدث مع زوجته وينام في الغرفة الأخرى ، حاولت ريم أن تصلح الأمور بينهما ولكن لم يعطها يزيد فرصة لتفعل هذا الشيء فهي قد تسببت في خسارته لوظيفته وهو لم يستطع أن يجد وظيفة أخرى. عاد يزيد إلى المنزل ودخل إلى الغرفة ليتفاجأ بوجود فواتير الكهرباء ، والمياه ، والغاز ، وأوراق أقساط المنزل موضوعة على الكومود ، زفر بضيق وفرك جبينه بإرهاق ثم جلس على السرير وأخذ يفكر في وسيلة يجني بها المال فقد تفاقمت عليه الديون بشكل يجعله يشعر بالاختناق وكأنه يوجد أحد يلف حبل حول رقبته. اتصل بحسام وطلب منه أن يبحث له عن شخص يشتري سيارته وهذا بالفعل ما حدث فقد باع سيارته وأخذ المال ليسدد الديون المتراكمة عليه. جلس على الأريكة يشاهد التلفاز وهو يضع يده أسفل خده فاقتربت منه ريم وأخفضت بصرها أرضا وهي تردف بنبرة يائسة: -"ألم يحن الوقت حتى أنال عفوك يا يزيد؟" -"من الأفضل لكِ أن ت**تي ولا تتحدثي معي مطلقا ؛ لأن شياطين العالم أجمع تتراقص أمام وجهي وأنتِ لن تكوني سعيدة إذا أخرجت غضبي وبطشي عليكِ". نطقها يزيد بحدة بالغة وهو ينهض ليغادر ويغرب عن وجهها فزفرت بألم فهو لم يكف عن تكرار عباراته الغاضبة من تصرفها وهي لم تتوقف عن الاعتذار ولكنه لا يزال مصرا على موقفه: -"مر ثلاثة أشهر يزيد وأنت لا تكلمني كما أنك تتعامل معي وكأنني إحدى قطع الأثاث القديم في المنزل ومن يرى تصرفاتك يظن أنني لا أعني لك شيئا على الإطلاق". استدار لها ورمقها بنظرات ساخطة فوضعت رأسها أرضا هاتفة بصوت محتقن من البكاء: -"أنا أسفة يزيد ، صدقني أنا أشعر بالخجل بسبب التصرف الأهوج الذي قمت به في المطعم". استرسلت في الحديث بعينين تلمعين بالدموع فهي لا تستطيع أن تحتمل ضيق يزيد وتجاهله المتعمد لها: -"أعرف أنني أخنقك بتصرفاتي ولكنني لا يمكنني أن أراك بالقرب من امرأة أخرى ، أنا أحبك كثيرا وأخاف أن يأتي يوم تتركني به مثلما فعل أبي مع أمي". مسحت دمعة غافلتها وسقطت على خدها وكادت تذهب من أمامه ولكنه أمسك ذراعها ثم مد يده وأمسك خصلة من خصلات شعرها قد تدلت على جبينها ثم أعادها خلف أذنها قائلاً بحزن: -"أفعالك هي ما تجبرني على ذلك يا ريم ، أنتِ تتعاملين معي على أساس أنني رجل خائن رغم أنك تعلمين أن هذا الأمر ليس له وجود على الإطلاق". تركها وغادر المنزل فجلست على الأريكة تبكي بحرقة وتسرب إلى قلبها شعور بأنها خسرت زوجها إلى الأبد فغضبه هذه المرة أقوى وأعنف من المرات السابقة. ذهب يزيد إلى منزل شقيقته حنان ليطمئن على أحوالها وبعد مرور فترة قضتها في الأحاديث في موضوعات مختلفة هتفت بتأنيب: -"تذكر عندما عرضت عليك أن تتزوج صديقتي هايدي ، الفتاة كانت تحبك وتعشق التراب الذي تسير عليه ولكنك نفذت ما يدور في رأسك وتزوجت بريم المتهورة التي حولت حياتك الآن إلى جحيم بسبب الهواجس التي تضعها والدتها باستمرار داخل عقلها". رفع يزيد عيناه ناحيتها قائلا بحنق فالمشاكل تحيط به من كل جانب ولا ينقصه أن يسمع منها كلمات لوم وعتاب تزيد من وصلة الهموم والأحزان التي تعتريه: -"أتيت إلى هنا حتى أتفقدك وأطمئن عليكِ وليس من أجل أن تلقي على مسامعي وصلة من التأنيب وأنتِ تعلمين أنه لا يوجد لدي طاقة لاحتمال أي شيء". قلبت حنان عينيها بنزق قبل أن تنظر إلى طبق الفاكهة الموضوع أمامها ف*ناولت منه تفاحة وأعطتها إياه وهتفت بودٍ صادق: -"أتمنى أن تتحسن أحوالك مع زوجتك وتعود المياه إلى مجاريها". تناول يزيد منها التفاحة وأكلها ثم استأنف الحديث معها في موضوعات أخرى مختلفة لا تمت بصلة إلى المشكلة التي يعانيها مع زوجته. مر الوقت وتحسنت الأحوال بين يزيد وريم إلى حد ما واستطاع يزيد أن يجد وظيفة جديدة ولكنه شعر بالضيق بعدما رأى "هايدي" التي كانت تحبه في الماضي وعلم أنها تعمل في الشركة. تجاهل يزيد وجودها وركز على عمله ؛ لأنه كان بحاجة ماسة إلى هذه الوظيفة واستطاع أن يثبت كفاءته خلال وقت قصير وظلت الأمور مستقرة بينه وبين زوجته إلى أن أتى اليوم الذي اتصلت به خالته وأخبرته أن "نورا" تشاجرت مع زوجها بسبب تدخل والدته في شؤونها وانتهى بها المطاف وهي تحزم أمتعتها وتترك له المنزل. جلس يزيد على الأريكة في منزل عايدة وجلست أمامه نورا التي سألها عن سبب الشجار: -"ماذا جرى معك نورا ، لماذا تركتِ منزل زوجك؟" أجابته بجدية تسرد له الأحداث من وجهة نظرها: -"لأنني لم أعد أحتمل ، حماتي تتدخل في كل شيء يخصني ، تصور أنها استغلت أنني أعطيتها نسخة من مفاتيح الشقة لتدخل إليها في الأوقات التي أكون بها خارج المنزل". زفر يزيد بقوة ثم تن*د وسمح للهواء بالدخول إلى رئتيه ومسد جبهته وهو يردف: -"هذا ليس مبررا نورا ، لا يوجد شيء في هذا العالم يمكنه أن يمنع أم من دخول منزل ابنها". تبدلت ملامحها المن**رة إلى أخرى غاضبة بعدما سمعت من فمه تلك الكلمات التي يحاول من خلالها أن يدافع بها عن حماتها ويلقي باللوم على أكتافها لأنها تشاجرت مع زوجها بسبب هذا الأمر الذي لا يرى أنه يمثل مشكلة حقيقية. هزت نورا رأسها باستنكار لقوله وأردفت: -"أنت لا تعرف ما الذي تفعله حماتي الغير محترمة في كل مرة تدخل بها إلى شقتي". همس بهدوء حتى يحتوي غضبها الذي تفاقم في لحظة خاطفة: -"لا يجوز أن تقحمي أكمل في جميع الخلافات التي تدور بينك وبين والدته مهما حدث ؛ لأنه لا يمكنه أن يُغضب والدته التي أنجبته وكافحت من أجل تربيته وسهرت الليالي تعتني به وأيضا لا يمكنه أن يأخذ صفها وي**ر قلبك لأنك زوجته التي يحبها". بللت نورا شفتيها بل**نها قبل أن تردف مبررة غضبها: -"حماتي لا تدخل إلى الشقة حتى تتأمل جمالها وروعتها بل هي تأتي حتى تتفحص الثلاجة وتفتش في أغراضي وتأخذ منها ما تريد دون أن تستأذنني". سايرها في حديثها وهو يردف بخفوت محاولا استمالتها وإقناعها بما يريد قوله: -"ربما تشعر بالحرج منكِ ولهذا السبب تأخذ الأشياء دون أن تطلبها". هبت نورا واقفة قائلة بانفعال حاد: -"أنت لا تفهم قصدي يزيد ، والدة زوجي لا تأخذ عبوة سمن أو كيس سكر وإنما تقوم بأخذ فناجين القهوة وأكواب العصير وبعض الأجهزة الكهربائية كالخلاط والمكواة وعندما أسألها عنهم تقول أنها لم ترَ شيئا وهي تكون واضعة هذه الأشياء أمامي في مطبخها وغرفتها". تفاجأت به يقاطعها قائلا: -"هناك حلول كثيرة لتلك المشكلة العويصة يمكنك أن تستخدميها دون أن تجبري أكمل على أخذ صفك أو صف والدته". زفرت نورا بحنق متمتمة وهي تلوح بكفها وتشيح بوجهها وهي تخفض رأسها أرضا باستحياء فهي مضطرة لإخباره بأكثر شيء ضايقها من أفعال حماتها التي تأجج غضبها باستمرار: -"الأمر لم يقتصر على أدوات مطبخي فقط يا يزيد بل تطور ووصل إلى غرفة نومي ، عندما عدت إلى منزلي الأسبوع الماضي وفتحت خزانتي حتى أبدل ثيابي اكتشفت حينها اختفاء بعض القطع من ملابسي المنزلية". فركت نورا عينيها بعصبية فهي لن تستطيع أن تخبره أن تلك القطع المفقودة هي قمصان نومها وملابسها الداخلية وليست بيجامات منزلية كما جعلته يعتقد. استمع يزيد إلى كلماتها بتركيز وعلم أن هناك شيء أخر حدث معها ولكنها لا تريد أن تخبره به ، أعاد ظهره إلى الخلف وهو يقول: -"وكيف تعاملتِ مع حماتك بعدما علمتِ بسرقتها لملابسك؟" ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول بتوتر: -"غيرت كالون باب الشقة حتى لا تتمكن من الدخول وسرقة أغراضي أثناء غيابي". شعر يزيد بدهشة عارمة قبل أن يكمل الحديث وكأنه كان حاضرا وشاهدا على الموقف الذي حدث في منزل نورا: -"ووالدة زوجك لم تمرر لكِ ما فعلتيه وتشاجرت معكِ وأقامت الدنيا فوق رأسك أنتِ وزوجك". تغيرت ملامح نورا إلى الانزعاج وردت بهدوء وهي تهز رأسها: -"أجل هذا ما حدث بالضبط وانتهت تلك المشاجرة بخروجي من المنزل وأنا أقسم ألا أعود له مرة أخرى". نظرت نورا إلى وجه ابن خالتها وهي تضيف بعدم تصديق: -"وزوجي المصون الذي كان من المفترض أن يدعمني وقف في صف والدته وطلب منِّي أن أعتذر منها لأنها امرأة مسكينة وأنا جرحت مشاعرها وأحاسيسها بتصرفي الوقح معها". أنهت عبارتها الساخرة ونظرت إلى يزيد الذي اعتلى وجهه غضب شديد فنورا تعاني هي الأخرى في حياتها الزوجية بسبب حماتها مثلما يعاني هو بالضبط بسبب حماته. التقى يزيد بزوج نورا "أكمل" حتى يصلح الأمور ولكنه فشل بسبب عناد الأخير وإصراره على موقفه: -"نورا تتصرف مع والدتي وكأنها ساحرة شريرة تسعى لخراب منزلها". أطلق أكمل تلك الكلمات وهو يزمجر بحنق وغضب من وضعه فهو لا يريد سوى أن يعيش سعيدا في حياته دون أن يخسر والدته أو زوجته. زفر أكمل وتابع بقلة حيلة: -"كما تعلم يا يزيد ، والدي كان ضابطا في الجيش وكان يخدم في سيناء واستشهد وهو يؤدي واجبه وأنا كنت حينها في العاشرة من عمري وأمي كانت حينها شابة صغيرة وجميلة ويمكنها أن تتزوج مرة أخرى وتكمل حياتها كما نصحتها جدتي ولكنها رفضت ؛ لأنها كانت تخشى أن يضايقني هذا الرجل الذي سوف تتزوجه". -"لا يمكنني أن أتخلى عن أمي وأتركها وهي عجوز بعدما ضحت بكل شيء من أجلى وهي شابة يافعة". أنهى أكمل النقاش بتلك العبارة ثم رحل وترك يزيد يجلس حائرا ولا يعلم ماذا يفعل ؛ لأن أكمل محق في وجهة نظره وكذلك نورا محقة أيضا عندما طلبت أن تعيش بعيدة عن والدة زوجها بسبب الأفعال التي تقوم بها. ذهب يزيد إلى منزل حنان وحسام وأخبرهما بما حدث وختم عبارته بقوله: -"المشكلة هو أن كل منهما محق في طريقة تفكيره وهذا الأمر هو الذي يعقد المسألة ويجعل حلها صعبا". نطق يزيد تلك الجملة بحنق وهو يجلس أمام شقيقته وزوجها الذي هتف بوجوم: -"أكمل عنيد جدا ويسير خلف والدته التي تتحكم به بشكل كبير". أنهى حسام جملته لتهتف حنان مؤكدة: -"كلامك صحيح حسام ، سوف يصل الأمر إلى الطلاق لا محالة إذا استمرت تلك العجوز الشريرة في التدخل في حياة نورا وأكمل بهذا الشكل المق*ف والمثير للاشمئزاز". تحدث يزيد بقلة حيلة فهو لم يستطع أن يحل مشكلته مع حماته وفشل أيضا في مساعدة نورا: -"ليس أمامي الآن سوى حل وحيد وهو تنفيذ رغبة نورا ومساعدتها لتجد لنفسها وظيفة تجني منها راتب تنفق به على نفسها لأنها ترفض أن يساعدها أحد ويتكفل بأمورها المادية". أردف حسام بنبرة تحذيرية: -"معك حق يا يزيد ولكن يجب ألا تخبر ريم بالأمر ؛ لأنها تغار عليك ولن تتفهم مسألة دعمك ومساندتك لنورا". أومأ يزيد مؤكدا: -"أنت محق يا حسام ، ريم لا يجب أن تعلم شيئا عن الأمر". وهذا بالفعل ما جرى فقد ساند يزيد ابنة خالته في محنتها وساعدها لتنال وظيفة في الشركة نفسها التي يعمل بها ولم يخبر يزيد زوجته بالأمر لأنه يعلم أنها سوف تثور وتغضب بشدة إذا علمت أنه يعمل مع نورا تحت سقف مكان واحد. مر أربعة أشهر ولم تكتشف ريم ما يخفيه يزيد عنها إلا عندما ذهبت إلى النادي ورأت هايدي بالصدفة ولكنها تجاهلتها وجلست على طاولة بعيدة ؛ لأنها لا تريد أن تنخرط معها في الحديث. انتبهت هايدي لوجود ريم وقررت ألا تمرر الأمر مرور الكرام فتوجهت نحوها ومدت يدها تصافحها وشفتيها تنف*جان بابتسامة صفراء تخفي بداخلها الكثير من اللؤم: -"كيف حالك ريم ، أنا سعيدة جدا برؤيتك اليوم في النادي". أطبقت ريم فكيها بقوة جعلت من تقف أمامها تسمع صرير أسنانها قبل أن تتحدث بغضب كالأسد الثائر الذي سوف يهجم على فريسته في غضون لحظات: -"ماذا تريدين هايدي؟ أعلم جيدا أن خلف تلك الابتسامة الماكرة سموم تريدين أن تلقيها داخل أذني". ضحكت هايدي وهي تحرك الكرسي وتجلس أمام ريم رغم عدم موافقتها ثم أردفت ببرود وهي تبتسم بإعجاب: -"صحيح أنك غ*ية ولكنك تمتلكين القليل من الذكاء وهذا الأمر يعجبني بشدة". ض*بت ريم سطح الطاولة وصاحت باعتراض: -"أنا لم أسمح لكِ بمشاركتي في الطاولة ، ارحلي الآن وإلا ..." قاطعتها هايدي بهدوء وهي تنظر إلى غضبها باستمتاع يدغدغ حواسها ويشعل لهيب غرورها: -"سمعت أنه كان يوجد خلافات كثيرة بينك وبين زوجك الفترة الماضية بسبب أنك تسببت في خسارته لوظيفته القديمة". ظهرت الصدمة على ملامح ريم للحظات مستنكرة معرفة هايدي بهذا الأمر: -"من أخبرك بهذا الأمر؟!" أردفت هايدي بتسلية وألقت قنبلتها الأولى في وجه تلك الغاضبة التي ترمقها بحدة: -"أنا لا أفهم لماذا تستغربين معرفتي بهذا الأمر رغم أنكِ تعلمين أنني أعمل أنا وزوجك في الشركة نفسها ومن الطبيعي جدا أن يتحدث معي ويفضفض عما يضايقه بما أنني كنت في الماضي حبيبته التي يرتاح معها في الحديث". -"ما هذا الكلام الفارغ؟! كيف تعملين أنتِ ويزيد في الشركة نفسها؟!" هبت ريم واقفة وهي تلقي تلك الكلمات لتشهق هايدي بصدمة مصطنعة وهي تردد بذهول مزيف: -"يا إلهي!! أنتِ لم يكن لد*ك علم بهذا الأمر؟! ظننت أن يزيد أخبرك وشرح لكِ الوضع وأنه لا يوجد لد*ك مشكلة". اشتعلت عينا ريم وهي تقبض بخشونة على كف هايدي: -"أنتِ كاذبة ، أعلم جيدا أن يزيد لا يعمل معكِ في الشركة وهذا الكلام ليس سوى قصة خيالية من تأليفك". أخرجت هايدي بطاقة عملها ووضعتها أمام ريم التي تن*دت بحسرة بعدما رأت البطاقة وتأكدت من صدق هايدي وأن يزيد قد أخفى عنها وجود هايدي معه في الشركة. سحبت هايدي البطاقة وأعادتها إلى حقيبتها ثم هتفت بهدوء ظاهري تطرق به على الحديد وهو ساخن بإلقاء قنبلتها الثانية: -"أخبرتني نورا أيضا أن يزيد لم يعد يطيقك بسبب أفعال والدتك معه". سألتها ريم بريبة وهي ترفع حاجبيها باستنكار: -"ومتى قابلتِ نورا حتى تخبرك بهذا الكلام؟" ابتسمت هايدي بسماجة وهي ترد: -"نورا تعمل معي في الشركة وأنا ألتقي بها كل يوم وأتحدث معها وعرفت هي هذا الأمر بسبب تقاربها الزائد من يزيد في هذه الفترة ، كما تعلمين هناك مشاكل كثيرة بين نورا وزوجها الذي تركها من أجل والدته وهي تحتاج إلى من يدعمها ويخفف عنها آلالام قلبها وليس هناك أفضل من يزيد حتى يؤدي تلك المهمة بكل سرور". أضافت هايدي بمكر وهي تدلك كفها الذي كان تحت قبضة ريم: -"أنتِ تعلمين أن يزيد شهم بطبعه ولا يتأخر أبدا في تقديم المساعدة للفتيات المسكينات المجروحات من الرجال وكما يُقال دوما (الأقربون أولى بالمعروف) ونورا تكون ابنة خالة زوجك وواجب عليه أن يهتم بها وبقلبها الجريح". استوعبت ريم في تلك اللحظة أن زوجها كذب عليها وأنه بالفعل يريد أن يتركها ويذهب لأحضان امرأة أخرى وتلك المرأة ليست سوى نورا. تذكرت ريم تحذيرات والدتها التي أخبرتها مرارا وتكرارا أن اهتمام يزيد بنورا ليس بريئا على الإطلاق وأنه يوجد شيء بينهما. حملت ريم حقيبتها وانصرفت تحت نظرات هايدي التي ابتسمت بخبث وهتفت برضا فقد استطاعت أن تستخدم المعلومات التي حصلت عليها من حنان لتحقق انتقامها من يزيد: -"مسكين أنت يا يزيد ، تركتني في الماضي من أجل ريم التي سوف تبعثر لك كرامتك في الشركة بعد قليل أمام أعين الجميع بعدما تهينك وتتهمك بالخيانة وأنه تجمعك علاقة غير محترمة بابنة خالتك". تعالت ضحكات هايدي على غباء ريم التي صدقتها بسهولة ولم تثق في حب زوجها الذي يسعى دائما لإسعادها. نهاية الفصل batol
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD