((الفصــل الثالث))
صباحًا، بعدما انتهوا من تناول طعامهم أخذ "أسيد" جواده للتنزه في المزرعة قليلاً بصحبة زوجته "مهيرة"، بينما جلس والداه في الصالون لتناول القهوة بعد الفطور، أثناء تبادلهما الأحاديث انتبها لمن يلج الصالون عليهما ويبكي، وجهوا أبصارهما نحو الباب لينصدما بحضور ابنتهما تنتحب بشدة، نهضت والدتها "حوراء" أولاً ونظراتها المدهوشة عليها، هتف مستفهمة بقلق:
-ماذا أصابكِ يا "دانة"؟
ارتمت "دانة" عليها حاضنة إياها وهي تبكي بشدة، رددت كلمة واحدة بأنين:
-تطلقت!
شهقت والدتها بخفوت مكفهرة فصاح والدها من الخلف بامتعاض:
- وما الجديد في ذلك!، كل فترة تدخلي علينا مطلقة
بكت "دانة" بشدة فربتت والدتها على ظهرها لتهدئها، خاطبت زوجها الجالس كما هو بعتاب:
-انتظر لنعرف ما بها، ألم ترى حالتها!
لوى ثغره بتهكم كأنه لم يعجبه كل هذا مستمرًا في ارتشاف قهوته، أبعدتها والدتها عنها ثم سحبتها نحو الأريكة مستفهمة بجدية:
-هیا اجلسي وقُصّي ما حدث لنعرف السبب لذلك!
تحرکت "دانة" معها لتجلس محاولة الكف عن البكاء وهي تجيب:
-لم أفتعل شيء أمي، كان الموضوع تافهًا لا يستحق، فجأة وجدته يلقي عليّ اليمين!
عبست تعابير والدتها ثم التفتت لزوجها قائلة بحنق:
-ذلك البغيض زودها كثيرًا، ألم يعرف ابنة من هي؟
رد بضيق وهو يضع قهوته بإهمال على المنضدة الصغيرة أمامه:
-هذا الولد لم أحبه يومًا، وابنتك هي من تمسكت به، حتى والده البغيض لم أطيقه بسبب ديونه، أشعر أن زواجه منها طمعًا فقط، وطلاقه الدائم لها كونه لا يحبها، بل مغصوبًا عليها!
تدخلت "دانة" لتقول بتوسل غير مهتمة بكل ذلك:
-أنا أحبه أبي، أريد الرجوع إليه!
خاطب زوجته باستياء وهو يشير على ابنته:
-أترين!
ردت زوجته عابسة بعدم رضى:
- ربما الشيطان من أفسد علاقتهما!
رد علیها الأخير مبتسمًا بسخرية:
-أتعلمين يا كم مرة طلقها هذا السمج؟!
حدقن به بترقب إكماله حديثه فأضاف ساخطًا:
-هي المرة الثالثة، ورجوعها له يلزمه مُحلل!
سريعًا أدركت السيدة "حوراء" تأزّم المسألة، بينما استفهمت "دانة" بجهلٍ واضح:
-ماذا تعني كلمة مُحلل هذه يا أبي؟
رد بتهكم جعلها تشهق بصدمة:
- يعني لابد لكي من الزواج بغيره لتعودي إليه.......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تمطت بذراعيها وتلوت بجسدها وهي تنتصف ذلك الفراش المغطى بالحرير، حيث غفت "سوار" طوال الليل متعمقة في أحلامها فيا لها من نومة مريحة لذهنها وجسدها!، فتحت عينيها بتقاعسٍ ثم رمشت عدة مراتٍ لتنتبه أخيرًا بأنها ليست بغرفتها، ارتسمت بسمة صغيرة على محياها وهي تتأمل روعة الغرفة من حولها، حيث أخذت تتجول بأنظارها المعجبة على ما تحويه، أخرجت تنهيدة عميقة ثم اعتدلت لتجلس، وجهت بصرها للمنبه المسنود على الكومود لتندهش من نومها لهذا الوقت المتأخر، فقد قاربت الساعة على الظهيرة!!، توترت لتنهض سريعًا ثم تحركت لتفتح الشرفة، أظلمت عينيها قليلاً ليتسنى لها الرؤية، خطت بقدمها للخارج لتتحرك نحو سور الشرفة مستندة بكفيها عليه، تأملت المكان من حولها بانبهار، لمحت ولوج زوج أخته ممتطي جواده، ليس ذلك فقط فقد كانت من خلفه أختها تضحك بسعادة فابتسمت وهي تتأملهما، انتبه "أسيد" لوقوفها في الشرفة فابتسم مما جعل "سوار" تتوتر، خاطب "مهيرة" وهو يتحرك بالجواد ناحيتها:
-"سوار" أخيرًا أفاقت من نومها!
رفعت "مهيرة" رأسها لتتمكن من رؤيتها، هتفت بمرح:
-صباح الخير، كل هذا نوم؟!
-أتركيها على راحتها "مهيرة"، ربما النوم عندنا مريحًا!
قال "أسيد" ذلك بنظرات اربكت "سوار" وهو يقف بالجواد تحت الشرفة ناهيك عن ابتسامته التي سعّرت توترها، انحرجت "سوار" بشدة قائلة:
-آسفة، نمت كثيرًا ولم أشعر بالوقت
هتفت "مهيرة" بتحنن:
-على راحتك حبيبتي، نحن من تركناك تنامين، ما زال اليوم طويلاً لنمرح معًا
ابتسمت "سوار" بخجل فقال "أسيد" باستنكار وهو يتأملها:
-أمتأكدة بمظهرك هذا ستدخلين الجامعة السنة القادمة!
لم تعي "سوار" مقصده حتى لمحته ينظر لما ترتديه، اخفضت أنظارها لتنظر لنفسها فشهقت حين وجدت نفسها ترتدي ملابس نومها التي باتت طفولية للغاية، وهي عبارة عن جلباب وردي يصل بالكاد لركبتها وذي أكمامٍ قصيرة، لم تلبث "سوار" هكذا حتى تحركت راكضة لتلج الغرفة، ضحك الاثنان عليها فرددت "مهيرة" بعتاب مصطنع:
-أحرجتها "أسيد"!
رد كأنه لم يجد عليه عيب:
-هي من تخجل سريعًا، ماذا قلت لها أنا؟!
ثم ترجل من على الجواد متابعًا بنبرة موحية جعلتها تبتسم وهو يمد يده ليعاونها على النزول:
-هيا انزلي، هناك العديد من الكلام الهام أريد قوله لكي...!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
-طلقتها أيها يا غ*ي!
هتفت "أروى" بتلك الكلمات المقتضبة لزوج ابنة عمها "حاتم" وقد توغّر ص*رها من رعونته الدائمة حين أخبرها السمج عبر الهاتف بانفصاله عن زوجته، رد الأخير مدعي عدم الاهتمام:
-إلى الجحيم، قولت لكِ قبل مرة لم أحبها، لم أتحمل وجودي معها
كزت "أروى" على أسنانها من غباءه، هدرت بانفعال:
-لقد اتفقنا من قبل على كل شيء بأن تتزوجها لأجل المال فقط، لما حديثك هذا إذًا!
هتف بعبوس اكتسح طلعته:
-أي مال هذا الذي رأيته منها وقتما تزوجتها، تلك الغ*ية لا تعرف شيء، أخيها من يستحوذ على كل أموالهم
توترت "أروى" داخليًا فهي تعلم ذلك جيدًا، لكنها تريد التخلص من هذا الأبله الذي يحبها، وكذلك ابنة عمها وزوجته؛ كي ترتبط هي بـ "أسيد" ومن بعدها تمتلك كل شيء بمفردها، وما عليها الآن هو عودة هذا الأ**ق لزوجته، ردت بتوبيخ:
-وكم من الوقت مرة على زواجكما لتبغضها لهذا الحد، فقط شهر واحد ولم تتحملها فيه!
تأفف "حاتم" قائلاً بتبرم:
-لم أطيق وجودها معي، تعلمي أني أحبك أنتي فقط!
لوت فمها بنفور وتأففت في نفسها، ردت مدعية المحبة:
-ولما أفعل كل ذلك حبيبي، هذا من أجلنا نحن الإثنين، حينما اتزوج من "أسيد" سيصبح كل شيء لي الحق فيه، وأيضًا حينما تكون "دانة" معك لن يحملوا همها، ولذلك لابد من رجوعك إليها!
ضم شفتيه لبعض الوقت مترددًا في إخبارها بتلك الورطة حيال هذا الأمر، تن*د قائلاً بحذر:
-للأسف!، رجوعي إليها لن يكون سهلاً
شددت من انعقاد حاجبيها لتستفهم:
-ما الذي سيعقد ذلك؟!، إذا كنت تقصد رفضها سأقنعها أنا!
رد متنحنحًا بتوتر وهو يشرح لتتضح الأمور أمامها:
-لم يكن ذلك السبب، الحقيقة أن هذه الطلقة الثالثة...........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أخذهن "أسيد" للناحية الأخرى من المزرعة حيث حدائق الورود واسطبل الخيول العربية المدربة جيدًا، جاء أحد الشباب ذي الخمسة والعشرين عامًا ممسكًا باثنين من الخيول متحركًا بهما نحو "أسيد" الذي أمسك أحدهم ثم وجه حديثه لـ "سوار" قائلاً:
-هيا "سوار" اركبي هذا الحصان
تراجعت خطوة لتنفي فعلها ذلك بتخوفٍ:
-لا أريد، لم اعتاد على ركوبهم
رفع حاجبيه مرددًا باندهاش:
-وكيف ستتجولين معنا في المزرعة، هو لن يأخذك ويركض كما ترين بالأفلام
قالها بمزح فوجهت بصرها لأختها التي ابتسمت محمسة إياها:
-اركبيه "سوار"، ستمشي بجوارنا ولن نسمح بوجود ما يخيفك!
ترددت "سوار" في الموافقة ولكن كانت نظرات التشجيع جعلتها تريد تجربة ذلك، ردت مسلمة أمرها:
-سأركبه!
ابتسم "أسيد" ليعاونها على ركوبه فشعرت بالحرج وهو يمسك بخصرها، امتطته "سوار" فوجدت الأمر ليس بتلك الرهبة التي خالجتها ثم أمسكت لجامه، بينما امتطى "أسيد" جواده الخاص وبالتأكيد كانت "مهيرة" خلفه والتي تشبثت به، تحرك "أسيد" ناحية "سوار" قائلاً:
-سنتحرك ببطء إلام تعتادي على ذلك
هزت رأسها متفهمة ثم تحرك الجواد بها وهي بجوار "أسيد" ليشرعا في التعمق لداخل المزرعة.....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
توجهت "دانة" هي الأخرى ناحية الإسطبل بعدما وعدتهم بحضورها للتخفيف عن ما هي فيه، كانت طوال الطريق شاردة الذهن في طلاقها، كيف لها أن تتزوج بغيره؟، ذلك ما جعل بدنها واجف من مجرد التفكير في ذلك، بلغت باب الإسطبل لتفطن بحسها أنهم انطلقوا للتنزه، أخرجت زفرة خفيفة ثم خطت للداخل وهي تمرر أنظارها الباحثة عن أحد الخيول لتمتطيها، رأت هذا الشاب يعمل بداخله، خاطبته بأمر:
-جهز لي حصاني لأركبه!
انتبه الشاب ثم ترك ما بيده ملتفتًا لها لتتسلط نظراته عفويًا عليها، للحظات ظلت تلك النظرات مما ضايقها من استباحته النظر إليها، صرّت اسنانها هادرة بتعنيف:
-ستأخذ لي صورة، اين الحصان خاصتي؟
وعي لنفسه ليرد بارتباك:
-آسف سيدتي، أنا جديد هنا ولم أعرف كل شيء!
رمقته بنظرة حانقة ثم تأففت، تحركت لتتعمق نحو الداخل باحثة عنه، فور رؤيتها له أشارت عليه قائلة بأمر:
-هذا هو، جهزه لي فورًا!
اومأ رأسه بانصياعٍ تام وهو يهم بالانكتال ناحيته، شرع في فتح الباب وتهيئته على أکمل وجه، كل ذلك وسط نظرات "دانة" المتعالية والتي قللت من شأنه، كبح الشاب حزنه الممتزج بضيقه من ذلك فهي ربة عمله، انهى مهمته ثم قال بهدوءٍ كمد:
-تفضلي سيدتي!
تحركت "دانة" ناحية الجواد ثم تحيرت كيف تصعد عليه، نظرت له قائلة بشيءٍ من الحرج:
-هل من الممكن أن تعاوني في ركوبه
انحرج الشاب من طلبها وكذلك هي ولكنها زيفت عدم الاكتراث، بترددٍ جم وضع يديه على خصرها ليرفعها فارتبك، امتطته "دانة" بمساعدته ثم قالت باقتضابٍ دون النظر إليه:
-أشكرك!
همت بالتحرك به نحو الخارج فتعقبتها نظرات الشاب المتعجبة من أمرها، عاود إكمال عمله مرددًا بتناقض:
-لم يعجبها نظراتي نحوها، والآن لم تخجل من حملي لها، عجيبة هي!
في تلك اللحظة كانت "دانة" ما زالت عند الباب لتستمع لكلامه، شعرت بالحرج في نفسها، غمغمت باغتياظ:
-عديم الأدب، سأجعل أبي يرحلك من هنا .....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كانت تضحك بهيستيرية والجواد يتحرك شبه راكضٍ بها، أحبت "سوار" ذلك ثم أسرعت به بين الزروع، ضحك "أسيد" وهو يتحرك ببطء من خلفها على تعودها السريع، هتفت "مهيرة" بإطراء:
-جيد "سوار" تتعلمين بسرعة كبيرة
ثم انتبه "أسيد" لقدوم ابن صاحب المزرعة المجاورة لهما وهو ممتطي جواده ويركض به نحوهم مشددًا من سرعته، ترقب "أسيد" حضوره حتى بدأ يدنو منهم، هتف "أسيد" بترحيب:
-أهلاً "بسام" بك، أيعقل تشريفك لنا في مزرعتنا!
ابتسم له وهو يبادله الترحيب:
-الشرف لي أنا، فور رؤيتي لكم جئت لأسلم عليكم، أين أنت لم أرك منذ فترة؟!
كان يلمح "بسام" أنه انقطع عن المرور بالمزرعة إجباريًا، أدرك "أسيد" السبب لكنه لم يذكره، رد متن*دًا بلا مبالاة:
-لدي أعمال انشغلت فيها، تستدعي أحيانًا سفري!
أشاحت "مهيرة" بوجهها لا تريد التدخل فليكفي ما حدث سابقًا، في تلك الأثناء جعلت "سوار" الجواد يدور حول نفسه قليلاً لتعاود الرجوع ناحيتهم، انتبه لها "بسام" فتصلبت أنظاره المعجبة عليها، دنت "سوار" منهم قائلة بخجل:
-ظننت الأمر صعبًا!
ابتسم لها "أسيد" بعذوبة فردت "مهيرة" بدراية:
-لقد أخبرتك من قبل، الأحصنة هنا مدربة جيدًا!
تمعن "بسام" النظر في وجهها الجميل وهو يتجول بأنظاره على قسماتها الرقیقة، لمعت عينا "سوار" ببريقٍ جذاب في ضوء النهار ليظهر لونها المائل للخضرة من حولهم، ناهيك عن ملامحها الطفولية المتضمنة فمها الصغير وأنفها الذي يشبه حبة البندق، وبراءة تشع من لون بشرتها البيضاء، لاحظت "مهيرة" ذلك فابتسمت بخفوت لكنها لم تعلق، لمحت نظرات "أسيد" المتضايقة وفطنت بأنه تذكر ما مضى، هتف "أسيد" كابحًا تضايقه:
- أنا أقول يكفي لهذا الحد، علينا الرجوع
هتف "بسام" سريعًا بنظرات نحو "سوار" جعلت "أسيد" يغتاظ منه أكثر:
- بهذه السرعة!، فلنتعرف أولاً ......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
لوّحت لها بذراعيها من على بعدٍ كي تتوقف، كانت "أروى" من جاءت للمزرعة لتتحدث مع "دانة" بشأن طلاقها من "حاتم" لتقنعها بالرجوع إليه، بالفعل تحركت "دانة" بالجواد خاصتها ناحيتها، هتفت الأخيرة بتوجسٍ داخلي حين رأتها تتنزه بجوادها ولا تبالي:
-أركِ سعيدة!
ردت مقلصة المسافة بين حاجبيها باستغراب:
- هل تريدني حزينة إذًا؟!
توترت "أروى" لترد موضحة وقد زيفت ابتسامة:
-بالطبع لا، أحب رؤيتك فرحة، لكني سمعت بانفصالك عن زوجك!!
اندهشت "دانة" لتسألها بارتياب:
-بتلك السرعة وصلكِ الخبر، لقد حدث ذلك صباح اليوم فقط!
هنا ارتبكت "أروى" وجف حلقها، ردت بتعثر محاولة اختلاق رد مناسب:
-عرفت ذلك بالصدفة من أحد أصدقاء زوجك، فقررت المجيء إليكِ ومعرفة حقيقة الأمر!
اقتنعت "دانة" بردها وقد زمت ثغرها بشيء من الاستياء، تن*دت "أروى" باغتباط حين انضوت عليها كذبتها، ردت "دانة" نافخة بتعابيرٍ مكفهرة:
-أجل، صحيح ما وصلكِ، لكن للأسف رجوعي إليه لن يكون كبقية المرات السابقة
هزت "أروى" رأسها بمعرفة فهي على إطلاع بكل ذلك، سألت بخبث:
- وماذا ستفعلين إذن، سترضين بابتعادك عنه، أنتي تحبينه!
ابتأست "دانة" بشدة وهي تشرح بحيرة:
- اتعلمي أنه في حالة رجوعي إليه لابد لي من الزواج بآخر، وأيضًا أنا إلى الآن لم أتوصل للقرار النهائي بشأن ذلك، الموضوع محرج للغاية!
حمستها "أروى" مرددة بشغف:
- أين الإحراج في ذلك؟، أنتِ تريدي الرجوع لزوجك، فأنا لهذا أرى الأمر سهلاً، لم تعقدينه؟!
كلحت قسمات "دانة" من الموضوع برمته فقد ثبط موقفها، ترقبت "أروى" بلؤم مؤشرات وجهها لتستشف ما تفكر به لكنها أخفقت، لمحت "دانة" من بعيد أخيها وزوجته برفقة أختها، قالت وهي تشیر بوجهها:
- الجميع قادمون!
التفتت "أروى" سريعًا إلى حيث تنظر فتجهمت ملامحها للغاية حين لمحته مع زوجته بحالة مسرورة، حدجتهما بحقد دفين، ظلت نظراتها تلك عليهما إلى أن وصلوا، هتفت "دانة" ببسمة خفيفة:
- كنت أبحث عنكم!
وقف "أسيد" بجواده أمامها قائلاً بضجر:
-لم يلائمني التجول بالجواد فاقترحت الرجوع، وأيضًا أنتِ تأخرتي، لذا سنسهر خارج المزرعة أفضل!
ثم وجه بصره لـ "أروى" قائلاً بجفاء داخلي:
- مرحبا "أروى"، كيف حالك؟
بدلت تعابيرها للهدوء وهي ترد:
- بخير، لقد أتيت فقط لأطمئن على "دانة"
لم يهتم بها "أسيد" كثيرًا كي لا يعلقها بشيء كون والده أراد تزويجه بها، فمن نظراتها تفهم حقدها على وجود "مهيرة" بصحة جيدة، بروده هذا جعل "أروى" تستشاط في نفسها لتستلب بعض النظرات المغلولة ناحية "مهيرة" التي تجلس خلفه على الجواد وتحتضنه بشدة، هذا ما لاحظته "سوار" التي تقف في الخلف بالجواد متابعة كل ما يحدث بوجوم، كانت في نفسها متضايقة من نظرات تلك الفتاة نحو أختها لتتيقن بداخلها أنها تكرهها ولا ترغب في وجودها، ضمت شفتيها لتفكر في إخبار أختها كي تأخذ حذرها منها، لكنها خشيت أن تزيد الأمر بلة بقول مجرد أوهام في تخيلاتها لذا اعتزمت التكتم على ذلك فلا يهم، وعيت على صوت هاتفها في جيب سترتها فأخرجته على الفور، كانت والدتها تستدعي حضورها لشيءٍ ما هام مفاجئ، ردت "سوار" بطاعة عمياء:
- سآتي حالاً یا أمي!
التفت لها الجميع ناظرين إليها بتعجب، وزعت أنظارها المتوجسة عليهم معللة رحيلها بـ:
- هاتف*ني أمي، تريد مني الرجوع لأمرٍ هام
لم يرتضي "أسيد" أمر رجوعها مبكرًا، هتفت "مهيرة" مستفهمة بقلق:
- كيف ذلك؟، هي من طلبت مجيئك هنا، لا تخبي عليّ، هل هي مريضة؟
نظر لها "أسيد" بترقب فردت محركة رأسها بجهل:
-ليست مريضة، فقط قالت موضوع هام!
خاطبت "مهيرة" "أسيد" بتكليفٍ ممتزج ببعض التوسل:
- "أسيد"، أخبر السائق بأن يقل "سوار"!
نظر لـ "سوار" لبعض الوقت قائلاً بمروءة اعجبت بها "سوار":
- بالطبع كنت سأفعل ذلك................................!!
===========================