رواية قلوب أتلفها الهوي. الفصل الخامس

1079 Words
شعرت سحر حينها بأنها شلت فقد حطم هذا العصفور ناقوس الصمت خارجاً عنه في وقت كانت تنزف به كل شئ بداخلها يحتاج إلي إعادة بناء إعادة ترميم كي يصلح أن يعود كما كان وأفضل .لم تعرف الصمت والحزن يوم ها هي تصمت لتستمع لصوت رجل لا تعرفه يقدم لها باقات المواساة كما كانت تحتاج أن تستمع الي صوته من قبل لتوسعه سباً وتخرج عليه وابل من غرورها وكبريائها المعتاد بخاصة أنها من النوع الذي لا يعرف الصمت ولا تصمت حتي تمضي الأمور علي خير شاكلة لها . أغلقت الهاتف وضعته بحقيبتها حتي لا يلاحظ عمها شئ فاردف يقول بلهجته الصعيدي:"بصي يابت اخوي أحنا حدانا بالصعيد عوايد غير عويدكم يابتوع البندر احنا حدانا الست ست والراجل راجل ." لم أكن أفهم معظم ما كان يرتله علي مسامعي من أحاديث عمي محمد لكن مع جعلني أوافق علي الذهاب معه هو إن ابتعد عن ذكرياتي كلها والألم الذي بها ولاني شعرت بداخل عمي محمد خوفاً حقاً علي قرأته في عيناه خوفاً كأنني ابنته جزء منه لست غريبة عنه رغم أنه لا يعرف شئ كثير عني ولا حتي أنا. أردف يقول مرة أخرى:"حدانا بالبلد الحريم ما تطلش من شباك ولا تعرف طريق لباب وصوتها ما يعلاش علي راجلها هتلاقي هناك ولد عمك وبنتت عمك ." استمع لهذا الحديث الذي لا اكاذبكم فيه أعي نصفه والنصف الآخر لا اعيه إلا أنني كنت أظهر أمام عمي محمد ثقة وكأنني أفصح منه في الصعيدي بكثير فاعظم كاذبات في التاريخ هن النساء الم تكذب امرأة عزيز مصر ولم يكشف أمرها وسجن سيدنا يوسف عليه السلام فكيف لي أن اكشف أنا؟ طوال الطريق يحدثني عن الصعيد مرتل في عاداته، تقاليده ،أملاك والدي ، حياته هناك ، جدي والكثيرين الذين أول عهدي بهم هو من عمي محمد لم اهتم بحديثه كثيراً. أردف يقول من جديد:"بصي يابت اخوي أنا مكنتش عايز اجولك الحديت الواعر دهِ بس كل اللي حصل كان بسبب امكِ.أيوة أمك هي خربت العايلة وادوزت(تزوجت) اخوي لولا كدا لكان دلوقتي بقي كبير العائلة امال ايه بس أمك خربت كل حاجة خدت اخوي من وسطينا وهجت بيه لبحري." نظرت له وأنا أقول:" من الاحسن مانتكلمش في اللي فات." عمي محمد:"مليح انكِ رجعتي لاهلك وناسك الصعايدة أحنا حدانا في البلد كل شئ من أطيان ، مزارع ، البلد كلها شغلين عندينا يعني كل شئ ملكك انت وولد وبنتت اعمامك." نظرت له اقول:"أنا مش عايزة حاجة انا جيت هنا عشان احاول اعرف اقف واكمل حياتي من جديد . عمي محمد:"كيف دا يابت اخوي اوعاكي تكوني فاكرة أن دي أملاكنا لا ابوكي ليه زي مالينا واكتر وأنتِ لحمنا والصعايدة مايسبوش لحمهم واصل يابت اخوي." أشعرني حديثه بالاطمئنان حسبما فهمته أنا تمنيت أن ينقضي الطريق بسرعة فجلسة السيارة أرهقت جسدي كثيراً وبخاصة أن تلك الفترة لم أمارس فيها أي نوع من الرياضة فجسدي خمد عما كان عليه أولا. قد قطعنا أكثر من نصف الطريق فأوقف عمي محمد السيارة وهبطت منها كي يملأ بنزين ويشتري شئ نأكله فدق حينها نفس ذات المتصل مجهول الهوية فقد استبدلنا الأدوار فحملت أنا عنه لواء الصمت اخذ هو نيشان الحديث فقال:"الصعيد نور بكِ." وقعت هذه الجملة علي سمعي كأنها طلق ناري فإنه يراقب كل شئ أفعله فمن يكون جعلني ذلك أنظر حولي فإنه ربما يكون بسيارة خلفي أم أنه حسن ويعبث معي تلك اللعبة العبثية فقطعت تفكيري نهاية الارتياب في حسن فإنه يخشاني كثيراً لا أظنه يفعلها بي لكن من أذن لم يكن حسن فإنه غيره يتبع خطاي إلي الصعيد من ذا أذن أخذت أفكر في ذلك حتي عدت اراجع كل شئ عني منتظرة عودة عمي الذي أظنه ذهب يشتري بنزين من الحجاز مغلقاً السيارة علي كأنني قطعة أثرية مهربة فأخذت أفكر في كل رجل مر إن كان عابر في حياتي لن أجد فكنت بالجامعة لا أصادق فتيان بل لا أحدثهم ، في العائلة بالقاهرة لا أجد أحد قد يمكنه فقط أن يفكر أن يفعل هكذا بي. إذن من يكن ؟كيف وصل إلي رقم هاتفي ؟فأنا لا أعطيه إلا للمقربين فقط الذين أثق بهم كدت اجن من التفكير حتي تم بحمد الله وعاد عمي محمد من الحجاز وقد انتهي من ذلك واشتري طعام وجلس بجواري بالسيارة . حينما دلف يفتح الباب بشدة وعنف افزعني ذلك فنظر يقول:"ما تخفيش يابت اخوي انتو بتوع البندر قلوبكم ارهيفة ." نظرت له فلم أفهم آخر ما نطق به فعدت خلفه ما قاله :"ارهيفة." عمي محمد:"أيوة ارهيفة." نظرت له مبتسمة اخفي جهلي وأنا أقول :"ارهيفة ارهيفة...." أمسك بعض المخبوزات وقد قال لي :"الوكل اهو كلي عشان الطريق لساتها طويلة جوي يابوي." فكان رائحة المخبوزات مشهية حقاً إلا أنني لا اهوي العجائن كثيراً حفاظاً علي جسدي ورشاقته أما عمي. فإنه لم ياكل كثيراً فإنه اكل كل الطعام الذي اشتراه حتي طعامي حين رأي ازدرائي له فاقسم أن لم اكن ابنة أخيه لكان ظنني أحدي تلك العجائن وابتلعني برمتي بفم واحد.. وبعدما فرغ من تناول الطعام والشراب قال الوكل دا تصبيرة لحد مانوصلوا أما حدانا هتشوفي الوكل صح." نظرت له ابتسم ابتسامة خبيثة كل ذلك تصبيرة فقط أن هذا الرجل أحشائه متصلة باحشاء دب البند فبعد أن تناول كل هذا مازال ينتظر العودة ليكمل طعامه قولت في نفسي بلهجته الصعيدي التي بدأت اتعلم منها :"دا بينه صح بتوع البندر ارهيفين ...." لم يتحدث طوال الطريق فقد اكتفيت منه هكذا لكنه رغم لهجته الغير مفهومة بالنسبة لي إلا أنني أحببت طريقة حديثه شعرت بالاطمئنان في حوزته وأحببت ما أنا مقدمة عليه. من تلك المغامرة التي بدأت أشعر بروحها تنمو في داخلي فأحب تلك الأجواء إلا أني لن اهدا حين أضع شئ برأسي لابد أن أصل إليه اصول صعايدة فلابد أن أرث منهم الراس الغليظة التي لا تتوقف إلا بعد أن تصل لما تريده . كنت أراقب كل السيارات من حولي في مرآة السيارة لاري أي سيارة وأي رجل يعقبني ربما أستطيع أن أصل إلي شئ إلا لن استطيع فايضاً انغمست في نوم عميق لم استفيق منه الا حين دلفنا إلي الصعيد في سوهاج وهنا نظرت إلي عمي أقول :" هو أحنا وصلنا؟" عمي محمد:"ما تستعجليش يابت اخوي احنا من سوهاج بس مش من المحافظة نفسيها لسا جدامنا يجي ساعة ونص كده." نظرت من شرفة سيارتي بدأت اشتشعر روح المغامرة الشيقة والممتعة فأخذت أتأمل الطريق وملابس الناس بشر مثلنا هناك من هم متحضرون مثلنا ،هناك من هم محافظين علي عاداتهم وتقاليدهم من الاحتشام ، الملابس الفضفاضة التي لا تظهر معالم الجسد وذلك بخلافي تماما في الملابس .الأغلبية العظمى من النساء متحفظات بالملابس فما هو ضيق منها ليس ضيق ذاك الضيق الذي يلتصق على الجسد ، هناك نسبة عالية مرتديات الحجاب باختلاف أشكاله وانواعه والرجال اغلبيتهم يرتدون جلاليب وعمامات . كنت أتأمل كل شئ بدقة شديدة وما إدراك ما هو تامل الفتيات في الأشياء؟ ذلك لنقل كل ذلك في لوحاتي وجوه الناس هنا بالصعيد مختلفة عنا كثيراً كل وجه خلفه قصة ،اخري ، ثالثة فان وجوههم بسيطة ، متاكلة ،عيون أغلبها عميقة ، خطوط وجوههم كل خط يخبرك
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD