كله تمام
وصل إلى أسماعها صوت التلفاز، حيث كانت المذيعة تتحدث عن ضرورة ارتداء الكمامة للحفاظ على أرواح الناس من الموجة الثانية لفيرس كورونا، وأكدت توافر المستلزمات الطبية من مطهرات وأدوية وغيرها في المستشفيات، وأماكن شاغرة للحالات الحرجة، حدقت في التلفاز كالبلهاء وهي غير مستوعبة لما يجري.
دقت الساعة السادسة فقالت بصوت مرتفع:
_ ماما ميعاد نوباتجيتي قد حان.
ارتدت ملابسها التي خصصتها للعمل سريعا، ولاحظت وجود بقعة دم على أحد الأكمام، فلم تعبأ بها، ثم جرت سريعا إلى المستشفى.
سمعت صوت الطبيب ماهر العايدي وهو يصيح بأعلى صوته:
أين التمريض ؟ جرت مسرعة إليه، وهي تلهث وأنفاسها متلاحقة، ثم قالت:
أنا معك يا دكتور. أوامرك
فقال:
_ تعالي سريعا إلى الإستقبال يوجد عدة حالات حمى يشتبه في الكورونا.
فقالت:
_ لحظة أرتدي الملابس الو**ية.
أسرعت بالدخول إلى حجرة التمريض، ولم تعثر على أي ملابس و**ية، فارتدت كمامة قديمة ومعطف أبيض، ثم هرعت تلحق بالطبيب في الإستقبال.
كان الطبيب بدأ في الفحص للمرضى فأمرهها بتجهيز حقنة (د*كساميثازون ) للحالة التي تعاني من ضيق التنفس، ثم قياس نسبة الأ**جين له.
فأسرعت بتجهيز الحقنة، فانفلتت من يدها وسقطت على الأرض، سارعت بحملها وحقنها للمريض دون أن تبالي بتلوثها.
دقائق وبدأالطبيب وضع مريض آخر على جهاز التنفس الصناعي، بمساعدتها فخلعت الكمامة لتأخذ نفسها بينما كان مريض آخَر في آخِر الردهة يعطس بقوة دون أن يرتدي كمامة.
سارعت ولبست كمامتها وعاودت حقن المرضى بخافضات الحرارة المسكنة،
ثم اتجهت إلى حجرة أخرى لقياس حرارة امرأة مسنة محتجزة منذ الأمس، (الحرارة مرتفعة ثانية) قالتها، ثم جرت إلى الطبيب ونادت عليه :
_ دكتور ماهر. مدام هدى حرارتها مرتفعة
_ اعطيها باراسيتامول
_ولكن لا يوجد باراسيتامول
_ اعطها بانادول، ألا يوجد شيئا هنا!
جرت إلى الحالة وأعطتها خافض الحرارة، وعملت لها كمادات باردة.
أسرعت إلى الإستقبال مرة أخرى، وكان هناك سيدة شابة تبكي ومعها والدها، فقال الأب للممرضة:
_أرجوكي يا ابنتي سارعي وأخبري الطبيب ليفحص ابنتي، فهي حامل وحرارتها مرتفعة فقالت له:
_حالا سأخبره. ثم ركضت إلى الداخل، وعادت بالطبيب الذي أسرع بدوره وفحص السيدة وأخبر والدها بضرورة سحب عينة دم للتحليل، وأخذ مسحة من الأنف لأنه يشك في الكورونا
فصرخت السيدة:
_لا إنني أخاف من الحقن، وتوسلت إلى والدها:
_ أرجوك يا أبي خذني من هنا أنا لستُ مريضة، أنا خائفة على الجنين.
فقال أبيها:
_يا ابنتي لا تخافي ثواني، وننتهي هيا هيا من أجل الجنين، حتى نعرف مرضكِ وتأخذي العلاج.
فسارت وهي تبكي مع والدها إلى معمل المستشفى لسحب العينة.
لم يكن طبيب المعمل موجود. فقام دكتور ماهر بالإتصال به هاتفيا وحضر بعد ساعة. انتظره المرضى خلالها على أحر من الجمر بين واقف وجالس ومتجول بقلق.
قال الطبيب: أدخلي لي المرضى المتبقين واحد واحد بالترتيب يا نادية .
فأشارت له على وجهها نحو أنفها، فقال: ماذا تريدين لا أفهم؟
_ الكمامة يا دكتور.
_ نعم سأرفعها على أنفي أنا فقط اختنقت منها.
_ بدأ بفحص حالة شاب يبدو من شكل عضلاته أنه رياضي فسأله الطبيب مم تشكو؟
_ كُحة جافة، واضطرابات في الهضم وقيء وفقدان لحاستي الشم والتذوق.
_ اذهب للمعمل لعمل مسحة أشك في الكورونا
_ ألن تفحصني أولا.لست محموم.
_ ليس ضروريا ارتفاع الحرارة أحيانا تأتي الكورنا ببعض الأعراض، وليس كلها. سأفحصك بعد نتيجة التحليل .
دخل رجل في نهاية ال*قد السادس وهو ينهج ولا يكاد ينطق كلمتين متتاليتين، يتنفس بصعوبة وحرارته مرتفعة عندما لمحه الطبيب صاح : نادية جهزي أنبوبة أ**جين حالا فقالت : لا يوجد أ**جين في المستشفى! أليس معك أحد يا حاج؟
_ أبدا ليس لي أحد غير الله.
_ ما العمل الحالة تحتاج أ**جين،؟
اتصل الطبيب على الفور بالمساعد الذي يعمل لديه في عيادته الخاصة، وأمره بأن يذهب ويفتح العيادة، ويأتيه بأنبوبة أ**جين على وجه السرعة.
بدأ الطبيب في تركيب أنبوبة الأ**جين وجهاز التنفس الصناعي للمريض بصعوبة بالغة بعد أن إمتلأت يداه بلُعاب المريض الذي كاد يقيء أكثر من مرة أثناء ذلك .
ذهب الطبيب ليغسل يديه ويطهرها بينما كانت نادية تعطىي الدواء لإحدى حالات المغص الكلوي التي كانت في المستشفى منذ الأمس.
عادت السيدة الشابة إلى غرفة الفحص، فقاس الطبيب حرارتها، وأعطاها مسكن، وهي تتألم بسبب مغص انتابها، فقال لها الطبيب:
_أنتِ تبالغين في الأمر، خوفك هو ماسبب لكِ المغص، تماسكي، فآلاف الحالات يتم علاجها بنجاح لو كانت نتيجة المسحة إيجابية، ستتناولي العلاج أربعة عشر يوما، ثم يتم شفاؤكِ فلا داعي لكل هذا الخوف.
أومأت برأسها للطبيب موافقة وتناولت العلاج ثم انصرفت.
قالت نادية للطبيب :
_ الساعة تجاوزت الثانية عشرة، وقد انتهينا من كل الحالات في الإستقبال أتسمح لي بتناول كوب من الشاي قبل أن يأتي مرضى آخرين؟
_ تفضلي وأحضري لي كوبا أنا أيضا.
سارعت نادية بخلع الكمامة وطهرت يديها ثم بدأت في إعداد الشاي.
نظرت إلى المعطف فوجدته مليء ببقع الأدوية والدم ولُعاب المرضى ، فخلعته وذهبت للبحث مرة أخرى عن (مريلة) بلاستيكية لكي ترتديها عوضا عن ملابس الوقاية التي لم ترد إلى المشفى حتى هذه الساعة . انتهت من اعداد الشاي ف*ناوله الطبيب بينما كان ينظر
إلى شاشة الموبايل، ويستمع إلى أحد المذيعين يشكر وزارة الصحة لتوفيرها كافة أدوات الوقاية والعلاج قبل إندلاع الأزمة بنجاح.