قصة بعنوان نهاية المطاف بقلم د.زينب حلبي ضمن مجموعة كان ياما كان

548 Words
نهاية المطاف خرجت غادة من حجرتها على صوت دوى إنفجار شديد إهتزت له أركان منزلها المتهالك . ومن الشرفة لمحت ألسنة النيران تتصاعد من إحدى شرفات البناية المقابلة لها، فسألت جارتها إيمان عما حدث فأخبرتها أن أنبوبة الغاز قد إنفجرت فى منزل مجاور. ارتعبت من مشهد الدخان الكثيف الذى حجب الرؤية تماما ، كما لاحظت أن الشرخ الذى ظهر منذ عدة سنوات فى شقتها قد إتسع، فشعرت بإنقباض فى ص*رها، فهى لا تملِك ثمن مُقدم شقة جديدة فى هذه الأيام الصعبة، حانت منها تنهيدة عميقة وهى تغسل الصحون، بينما ينشغل عقلها بمصيرها المبهم. فوالديها قد ماتا منذ سنوات وليس لها سوى أخ واحد متزوج ويعيش فى مدينة نائية. تعودت الاعتماد على نفسها، فهى تعمل فى إحدى مصالح البريد، وراتبها يكفى إيجار الشقة، والمواصلات ونفقاتها الشخصية بالكاد. جلست ليلا فى الظلام فى حجرتها التى يخترقها شعاع عمود الإنارة الذى يقابل شرفتها، فتذكرت ليالى قديمة كانت تعيشها مع والديها لا تحمل فيها للدنيا هم، وكيف كانت تعود من المدرسة وهى تركض يوم الخميس حيث نهاية الأسبوع، وهو اليوم الذى اعتادت والدتها أن تطهى اللحم والمرق فيه دونا عن باقى أيام الأسبوع ، وكانت تفرح بالعطلة الأسبوعية يوم الجمعة . الذى تستريح فيه من الذهاب إلى المدرسة، ومن المذاكرة بل وتستطيع أن تسهر أمام التلفاز. مرت عليها الذكرى بسعادة خاطفة مثل فلاش يشع فى روحها ويملأها بهجة قد فارقتها منذ عاشت وحيدة.فحانت منها دمعة. تعودت أن تتناول الطعام بمفردها فكانت لا تُقبِل عليه فإنخفض وزنها ووصل إلى خمسين كيلوجراما وهى لا تهتم. دق جرس الهاتف، وكانت صديقتها مُهجة تتصل بها لتسأل عن حالها بعدما نما إلى علمها حادث انفجار أنبوبة الغاز فى شارعها. _ كيف حالك يا غادة؟ _ بخير. الحمد لله . _هل كان الإنفجار قريبا منكِ _ نعم فى العمارة المقابلة لمنزلى. _ هل أصابكِ ضرر؟ _ لا أبدا. ولكن زاد تصدع المنزل الذى أقطنهُ. _ لاحول ولا قوة إلا بالله . المهم أنكِ بخير _الحمد لله على كل حال . _ ألا تمرين علىَّ فى منزلى الآن؟ فزوجى بالخارج والأولاد نائمين. _ سأفعل فأنا أشعر بالملل. أنهت المكالمة ثم إرتدت ملابسها وخرجت إلى صديقتها التى يقع منزلها فى الشارع المجاور لها. وجلستا تتجاذبان أطراف الحديث، وكل منهما تشكو همومها، وبعد نصف ساعة دخل جمال زوج مهجة، وأخبرها إنه أنهى جلسته على المقهى اليوم مبكرا لأنه يعانى من المغص. إستأذنت غادة ثم إنصرفت، بينما دخلت مهجة إلى زوجها لترى ما به، فإذا به يخبرها أنه متعب جدا، ويشعر بمغص شديد . فأصرت على أن يصطحبها إلى المستشفى لتطمئن عليه، وأمام إلحاحها وافق وخرج معها ثم إتجها إلى المستشفى العام الأقرب إلى مسكنهم . فى الإستقبال تم فحصه وطلب أشعة تليفزيونية على البطن . وبعض التحاليل مما إضطرهما أن يمكثا فيها حتى منتصف الليل، ثم أخبره الطبيب بأن الكليتين فى حالة إلتهاب شديدة، وأنه لابد أن يبدأ فى الغسيل الكلوى من الصباح إلى أن يعثر على متبرع . كانت صدمة لهما . ولكنهما بعد عدة أيام تقبلا الأمر ، وشرعا فى البحث عن متبرع يقبل كل ما يملكا من مال وهو مبلغ عشرون ألف جنيه. علمت غادة بالأمر، وبعد تفكير طويل قررت أن تتبرع له بكليتها حتى تتمكن من الحصول على شقة إيجار قبل إنهيار ال*قار الذى تعيش فيه. وفى يوم العملية لم تجد من يقف معها فى المستشفى أو يلقى عليها نظرة حانية تجعلها تقاوم ما ستقبل عليه من ألم. وكان الله أرحم بها من عباده فلم تخرج من غرفة العمليات إلا على رفقة والديها اللذان إفتقدتهما كثيرا. تمت
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD