الصدمة
إرتعدت أميرة ولم تُرِد أنتخيف آية فتوجهت اليها وهمست فى أذنها لو كلمتك زوجة الصياد حاولى أن توهميها أنكِ مازلتى نائمة ولا تتناولى أى طعام أو شراب منها فسألتها آية عن السبب فقالت لها سوف أوضح لك الأمر فيما بعد ولكن عليك أن تثقى فىّ وأنا سأساعدك فهزت آية رأسها بالموافقة ولم يسعها إلا أن تنفذ ما طلبته منها أميرة.
مرت ساعة ثم دخلت زوجة الصياد عليهما وحاولت ايقاظهما وتكلمت بكلمات تعنى أنها مشغولة ولن تمكث بجوارهما طوال اليوم ثم قالت:
سأذهب أنا للسوق وأعود سريعا قبل أن تستيقظا.
وعند سماعهما للباب يغلق همتا بالنهوض وإرتداء حذاءان من المنزل وفرتا هاربتين وفى نفس الوقت حاولن ألا يتركا أى أثر لقدميهما فى وسط الرمال التى تحيط بالمنزل
تاركتين خلفهما العديد من التساؤلات برأس الصياد وزوجته بعد أن عادا إلى المنزل. عنَّف الصياد زوجته فور عودته وقال لها كيف تخرجين وتتركيهما وحدهما ألم أقل لكِ أنكِ غ*ية من قبل.
فردت عزيزة : ليس لنا نصيب فيهما لهما عُمر صدِقنى.
المصير المجهول
جرت الفتاتين بكل ما أوتيتا من قوة وأطلقتا ساقيهما للرياح الى أن وصلتا الى مكان يبدو أنه أطراف الصحراء وجلستا فى ظل أحد النخيل تتحدثان عما حدث وأخبرت أميرة آية بما سمعت وطلبت منها رباطة الجأش والتعاون معها حتى تستطيعان العودة الى منزلهما بسلام.
ولكنهما تيقنتا أنهما فى مأزق عظيم.
فبكت آية وقالت: أنا خائفة لم يخطر ببالى ما يحدث لنا.
أميرة: لا تخشى شيئا طالما أن الله معنا.
المتاهة
مر بعض الوقت ووقفت أميرة وآية معا وأكملتا سيرهما فى نفس الاتجاه الأول فقالت أميرة :
أشعر بالعطش والجوع فأجابتها آية وأنا كذلك وبعد وقت طويل لاح من بعيد مبنى قديم فاقتربتا منه راجيتين المساعدة.
طرقت أميرة الباب وكان يبدو أنه ليس منزل ولكنه مبنى على مايبدو مصنعا قديما فوجدتا الباب مفتوح ولم يظهر أحد فدلفتا الى الداخل بسرعة حيث كان الجو بدأ يتقلب وعاصفة رملية تهب سريعا.
وجدا ردهة طويلة تنتهى بأحد الأبواب فدخلتا من الباب الرئيسى ثم تقدمتا فى الردهة التى كانت مضاءة بأحد المصابيح الكبيرة ويوجد حوض يحتوى على حنفية مياه فقامت أميرة بالتراجع وحاولت اقناع آية بالرجوع ولكنها كانت متعبة فقالت لها :
فلننتظر هنا فى الداخل حتى الصباح خوفا من أن يظهر لهما أى حيوان ضال ممن يعيشون فى الصحراء.
فقبلت أميرة ولكن بحذر شديد وطلبت من آية ألا تتقدم من الباب الداخلى وأنهما ستنتظران فى مكانهما حتى الصباح.إلا أنهما شربتا ماء كثيرا كانت الفتيات فى حاجة إليه .
وبالفعل مرت الساعات طويلة عليهما وهما فى حماية هذا المكان خوفا مما قد يصيبهما فى الصحراء من مخاطرولم تخلو هذه الساعات من صوت الذئاب الصحراوية تارة والكلاب الضالة تارة أخرى لكن الفتاتان نامتا وكانت إحداهماإذا نامت الأخرى تحرسها ثم تناوبتا الحراسة والنوم حتى الصباح .
أشرقت الشمس كعادتها فى الصباح وأنارت الدنيا من حولهما
فاستيقظت الفتاتان وقالت أميرة:
هيا بنا لكى نتابع السير لعلنا نجد أى مكان به طعام
فردت آية : هيا بنا
فخرجتا مسرعتين فى نفس الطريق وكانت العاصفة قد هدأت والجو صافى بعض الشىء ،
ثم رأتا بقعة من الماء أمامهما وما أن إقتربتا منها حتى إتضح لهما أنها سراب فشعرتا بالفشل واليأس وبدأ تفكيرهما ماذا لو قضيا نحبهما هنا ومن سيدرى بمكانهما مرت الدقائق ثقيلة وطويلة وبدأ الأمل ينطفىء فى عيونهما . ولكن بعد أكثر من ساعة قالت آية :
أما سمعتِ قصة الشباب الذين فُقِدوا فى كهف فى جبل أُ كبير وأخرجهم عملهم بعد أن أغلق الكهف بصخرة ضخمة عليهم وكان المُعلم يحكيها لهم فى المدرسة مُدللا على أن عمل الإنسان ونيته لابد أن ينجيه فى النهاية وأخبرهم المعلم وقت إذ كيف أن كل شاب حكى قصة إعت** فيها بمنهج الله وتمسك بتعاليم دينه وما هى إلا لحظات
وتحركت الصخرة شيئا فشيئا حتى خرجوا
فقالت أميرة :بلى أتذكر القصة ‘ ولكن نحن فى الخلاء ولم نعثر على أى بشر منذ الأمس فأشارت آية عليها بفطرتها السليمة إذا هيا فلنصلى ونتضرع إلى الله أن ينجينا لقد أخبرتنى أمى أن الدعاء مع اليقين بالاجابة يفعل المعجزات وربما نجانا الله بهذه الطريقة .
فابتسمت أميرة وأشارت عليها بالتيمم والصلاة فى إتجاه شروق الشمس وهو إتجاه القِبلة .
وفعلا شرعتا فى الصلاة بقلب خاشع وبنفس ثابتة موقنة بالنجاة وأطالا فى الدعاء والتضرع الى الله
وما إن فرغتا من الصلاة حتى شعرا براحة نفسية عجيبة وإمتثلا لأمر الله ولو ماتتا من فورهما لما جزعتا بعد ما شعرتا به من نوريملأ قلبيهما بالأمل.
إستئناف الرحلة
مرت دقائق وعادا للمسير فرأتا المتحف المقفول الذى مرا عليه بالأمس يلوح أمامهما
فأدركتا أنهما وصلتا الى محمية وادى الحيتان
فجريتا نحوه ودلفتا بداخله وكان هناك أحد الحراس بجانب الباب من الداخل فسألهما عن شخصيتهما فأخبراه بأنهما كانا مع الرحلة منذ عدة أيام وفقدا فى الصحراء وهما فى حاجة الى اللجوء للمتحف حتى يدبرا أمرهما فلم يمانع .
وأعطاهما طعاما وماء على أنه كان مرتابا فيهما فى البداية ولكنه ما لبث أن أشار الى حجرة غير مستخدمة كانت مخزنا من قبل ليقضيا ليلتهما فيها حتى يتصرف الجميع فى الصباح.
بادرة أمل
مر الليل طويلا عليهما وما كان يخلو من أصوات فى المكان لايدريان من أين تص*ر أحيانا صفير وأحيانا نحيب وأحيانا طرقات فلم يتحركا وكأنهما تجمدتا فى مكانهما وتجاورتا خائفتين ترددان ما تحفظا من آيات القرآن الكريم وتدعوان الله أن ينجيهما ومرت الليلة .
وبدأت الشمس ترسل بأشعتها الدافئة فت**و المكان كله نورا وأمانا وأملا أيضا .
وخرجتا من المتحف قبل أن يأتى الحارس مسرعتين بعد أن تعرضتا لليلة صعبة لن تُنسى ما عاشا.