رفعت هزان قارورة الماء إلى شفتيها و أخذت تشرب على مهل..اقتربت منها بهار و همست" بالمناسبة..عيون الكوتش متعلقة بك..أنت أخطر مما أظن" أغلقت هزان القارورة و قالت" أخبرتك أنني لا أخسر..أحتاج فقط قليلا من الوقت" قرصتها بهار بخفة و قالت بإصرار" و مع ذلك أعتقد أنك ستخسرين هذه المرة..قد يعجب بك الكوتش..لكن لا تطمعي في أكثر من ذلك" ضحكت هزان و قالت" لا تنسي كلامك هذا..لأنك ستدفعين ثمنه غاليا" ضحكتا معا لكن صافرة الكوتش قطعت ضحكاتهما..تجمعن حوله من جديد فقال" سأغير أعضاء الفريقين هذه المرة..بهار لن تكوني في فريق هزان..بل ستكونين مع إيليف..إيلا انت مع هزان..بينار و ألما و سيفدا مع إيليف..أيلام و هاندا و جيلان مع هزان..هيا..أريد مباراة جدية كأنها لقاء رسمي..اتفقنا؟" أجبن بصوت واحد" حسنا كوتش" ..انطلقت المباراة بهجمة من فريق إيليف..تمريرة بين أعضاء الفريق و نقطتان في النهاية..صاحت هزان" انتبهن إلى الدفاع في المرة القادمة..هادي..إلى الهجوم" تحركت الفتيات معا أما إيليف فحاصرت كالعادة هزان لكنها نجحت في التخلص منها و راوغتها بخفة لتنجح في تسديد سلة من فئة ثلاث نقاط..عادت الكرة إلى فريق إيليف..مررت بهار الكرة إلى ألما التي حاولت تمريرها إلى إيليف..لكن هزان نجحت في قطعها لتتجاوز كل اللاعبات و تسجل سلة من فئة نقطتين..صفق ياغيز و قال" برافو هزان..إيليف انتبهي أكثر..حاولوا منعها من التسجيل..نعم..أحسنتن..جميل" تواصلت الهجمات من هنا و هناك..لتنتهي المباراة بالتعادل..أطلق ياغيز صافرته فالتفت الفتيات حوله..قال" بنات..أحسنتن..مباراة جيدة..لكن هل ترضيكن نتيجة التعادل؟" هززن رؤوسهن بالنفي فابتسم و قال" و أنا أيضا..اذا..سنلعب حصة إضافية بخمس دقائق..و كل فريق يجب أن يحرص على الفوز..هل هذا واضح؟" قلن" واضح كوتش" ..ثم عدن إلى الملعب..خمس دقائق نارية و حماسية..تفوق فيها الجانب الدفاعي على الجانب الهجومي..و ركزت كل عضوة في الفريق على منع اعضاء الفريق الآخر من التسجيل..فتوالت الأخطاء و انعدمت النقاط..إلى حدود الثواني الأخيرة حيث نجحت هزان في مراوغة بهار بأن مررت الكرة خلف ظهرها و التفت حولها لترتفع أعلى من الجميع و تسجل نقطتين كانتا كفيلتين بجعل فريقها يفوز..أطلق ياغيز صافرة النهاية و ابتسامة رقيقة ترتسم على شفاهه..قال و هو ينظر إلى الفتيات الواقفات أمامه" برافو بنات..بدأت ملامح الفريق الأول تتشكل في ذهني..ستكون لدينا حصة تدريبية واحدة غدا ثم سأسمح لكن بالتفرغ للتحضير لإمتحاناتكن ..أسبوع واحد فقط تتجهزون فيه كما يجب و بعد ذلك سيكون لدينا تربص تحضيري في مدينة إزمير..البطولة الوطنية تقترب و يجب أن نكون جاهزين..اتفقنا؟" أجبن" حاضر كوتش" هز رأسه و قال" تستطعن المغادرة..هزان و إيليف..ابقيا..هناك ما سنتحدث عنه" انصرفت الفتيات فيما بقيت هزان و إيليف واقفتان أمامه..نظر إليها و قال" أنتما أفضل لاعبتين..و سيكون أكثر الإعتماد عليكما..لكل واحدة منكما ميزاتها و خصالها..لكن..هناك أمر لاحظته..مالذي يجري بينكما؟ هل أنتما على خلاف؟" طأطأت كلتاهما رأسها و لم تجبن..نظر إليهن و أضاف" ..لقد سألت سؤالا..و أنتظر الإجابة" هزت هزان رأسها و أجابت" من جهتي ليس لدي مشكلة معها..لقد كنا نتنافس دائما في الدراسة و غيرها..و لا نستطيع أن نتفق بأي شكل كان" قالت إيليف" كوتش..و من جهتي أيضا..لا مشكلة..لكنني لا أستطيع أن أعتبرها صديقة لي" ابتسمت هزان بسخرية و لم تقل شيئا..قال ياغيز" فهمت..قد يكون بينكما في الخارج مشاكل الكرة الأرضية..لكنني لا أريد لذلك أن يؤثر على الجو العام للفريق..ستكونان زميلتين في نفس الفريق..و يجب أن تتصرفا على هذا الأساس..هل هذا واضح؟" أجبن" واضح كوتش" رفع اصبعه في وجههن و قال بحزم" لن أكرر هذا التحذير مرة أخرى..تستطيعان الإنصراف" ابتعدت إيليف بسرعة فيما تباطأت هزان في حمل حقيبتها عندما رأته يأخذ هاتفه من حقيبته و يرد على اتصال..سمعته يقول" نعم حياتي" فالتفتت إليه..نظرت للحظات..ثم أسرعت نحو غرفة تبديل الملابس..قال ياغيز" جيمري..هذه المرة الألف التي أخبرك فيها أنني أكره كثرة الإتصالات..لم أغب عنك سوى ثلاث ساعات..أيعقل أن تتصلي خلالها خمسا و عشرين مرة؟ هذا كثير..أجل..لقد انتهى التدريب منذ قليل..سأستحم و أغادر..لا..لن أذهب معك..سأكون في منزل والدي هذه الليلة..لا أعرف..ليس لدي خطط أخرى..هيا..الى اللقاء" أنهى ياغيز المكالمة و قد اكتسى وجهه لون أحمر يدل على غضبه و ضيقه..وضع هاتفه في الحقيبة و دخل إلى غرفته..انهت هزان حمامها و ارتدت سروال جينز ضيق بلون ابيض و قميصا بلون الكراميل و احتذت حذاءا بنيا..ثم حملت حقيبتها و خرجت..في مرآب السيارات..رأت ياغيز بصدد فتح سيارته المرسيدس السوداء و الصعود إليها..مرت بجانبه و أومأت له برأسها كتحية ثم تجاوزته إلى سيارتها..تناهت رائحة عطرها الشانيل الذكي إلى أنف ياغيز مصحوبة برائحة الشامبو الذي تستعمله عندما حركت شعرها بخفة..تابعها بنظراته و هي تركب سيارتها و تنطلق بها..لم يستطع أن ينكر أنها فتاة مميزة..أنيقة جدا..رشيقة..موهوبة..واثقة من نفسها..و مثيرة كجحيم يسحب من يقترب منها إلى أعماقه..حركة يديها على عنقها عندما تكون مركزة مع تعليماته..نظراتها الثاقبة و اللامعة..تمرير لسانها على شفتيها قبل أن تتكلم..قدرتها الفائقة على المراوغة و تجاوز خصمها..إضافة إلى إصرارها على التفوق و النجاح..تركيبة خاصة لفتاة خاصة جدا..ركب ياغيز سيارته و عاد إلى المنزل..رن هاتفه فتأفف بضيق ظنا منه أن جيمري هي المتصلة..لكنها لم تكن هي..انه صديقه باريش( تولغا ساريتاش) ..ابتسم بسعادة و قال" و أخيرا تذكرت أن لد*ك صديقا أيها المتسكع" رد باريش" أنا لا انسى اصدقائي..فلتقل هذا الكلام لنفسك..أيعقل ألا تتصل بي و لا تسأل عني منذ ما يزيد عن شهرين؟ أهذا مفهوم الصداقة لد*ك؟ و الأدهى و الأمر أنك لا ترد على اتصالاتي..ماذا أصابك؟ ماذا يحدث لك؟" أجاب" ..أعتذر يا أخي..كنت منشغلا في تقديم رسالة الدكتوراه..كما كنت أعلم أنك مشغول بسفرك الدائم بحكم عملك..و في أغلب الأحيان..أكون في مزاج سيء لا يسمح لي بالحديث مع أحد..ايي..أين أنت الآن؟" ضحك باريش و قال" أنا هنا..في اسطنبول..لقد عدت اليوم من كندا" صاح ياغيز" رائع..لنلتقي إذا" قال باريش" كنت أتمنى أن أرد لك الصاع صاعين و أن أتجاهلك و أرفض لقاءك..لكن ماذا أفعل؟ انت صديقي المميز و الذي أحبه كثيرا..حسنا..لنلتقي" قال ياغيز بحماس" تمام..لنتناول معا طعام العشاء في منزل والدي هذه الليلة..ثم نواصل السهرة في المكان الذي تريده" رد باريش" حسنا يا أخي..اتفقنا" ..أنهى ياغيز المكالمة و الإبتسامة لا تفارق وجهه..باريش هو صديقه الوحيد..يعمل كمصور فوتوغرافي و يعشق السفر و الترحال على ع**ه هو ..درسا إلى الثانوية ثم افترقت طرقهما في الجامعة..لكن صداقتهما لم تنتهي..يفترقان لمدة من الزمن بحكم انشغال كل منهما بحياته و أعماله..ثم يلتقيان من جديد..