بدايات
بدايات
أفاقت إيما من نومها على صوت المربية الآسيوية قصيرة القامة قليلة الوزن دقيقة الملامح في تناسق جميل, يزيد وجهها بهاء ابتسامتها الصافية وهي تقول في نعومة وبلغة عربية ركيكة :قوم إيما أفطر و بعدين سكول يلا هبيبي وقت خلاص
ردت عليها وهي ترفع عن جسدها الغطاء الثقيل المخملي الملمس وردى اللون و الذى يتماشى فى نعومة مع تفاصيل غرفتها المنسقة على طراز غرف اميرات عالم ديزنى الساحر و الذي يعانق فيه اللون الوردى بدرجاته اللون الأبيض لخلق جو هادي مريح للعين مليئ بالتفاؤل والبهجة و يكتمل المشهد الحالم بسجاد عالي الوبر ناصع البياض يشعر السائر عليه انه يخطو على قطع من السحاب
-كيكو مبتعرفيش تتكلمي عربي كويس اتكلم انجلش يا هبيبي
تضحك كيكو على استحياء وهي تخفي بيدها الدقيقة الحجم فمها و ترد عليها بإبتسامة مضيئة
-لا كيكو لازم أتعلم أربي يا إيما , هو هنا من يوم ما أنت روحت سكول يأنى 3 سنه و انجلش مهم بس أربى كمان مهم و يلا انت كده أتأخر
قالتها كيكو وهي تفتح ستائر الغرفة البيضاء الشفافة بعد ان ازاحت الستائر المخملية الثقيلة لتترك أشعة الشمس تعانق الموجودات فى حنو و التفت مغادرة الغرفة ﻷحضار الإفطار بعد أن اطمأنت على استفاقة الطفلة و أنها لن تعود للنوم مجددا".
قامت إيما فى **ل متوجهة للحمام الملحق بغرفتها تتمطى و تحدث نفسها
-كل يوم مدرسة مدرسة لا خلاص انا تعبت , ما هو لو مامى كانت وافقت انى اتعلم من البيت زى ما اتفقت انا و بابى كان زمانى نايمة دلوقتي و المدرسة هي اللى بتيجى البيت
********
ليلة صيفية قائظة الحرارة ,تتقلب إيما فى فراشها في محاولات حثيثة لاستجلاب النوم بلا فائدة على الرغم من اعتدال درجة الحرارة في داخل الفيلا المكونة من طابقين والتي بنيت `على أحدث طراز وتم تأسيسها بأحدث الأجهزة و يحيط بها حديقة كبيرة يتوسطها حمام سباحة متوسط الحجم تتلألأ داخل مياهه الصافية اضواء ناعمة زرقاء اللون, قامت من فراشها وهى تتحرك فى ملل واضح تلفتت حولها تتأمل غرفتها الجديدة و الد*كورات التى تم تنفيذها حسب رغبتها و امتلات بالألوان الصريحة فى تناغم حديث ولكن يحتوي على بعض الرموز الفلكلورية والتي تم تطويرها لتناسب الزمن الحالى ,اتجهت الى الشرفة و أزاحت ستائرها الثقيلة ,يتناهى
إلى مسامعها صوت شجار قد بلغ اشده بين والدها ووالدتها , قد اعتادت منهم هذا اﻷمر خاصة بعد عودة والدها من رحلات عملة المتكررة للخارج , لم تكن لتلقى بالا الى شجارهم لولا أن سمعت اسمها يتردد و أخذها الفضول لمعرفة السبب , فتسللت فى خفه قط و خرجت الى شرفة غرفتها الملاصقة لشرفة والداها و اقتربت حتى أصبح الصوت أوضح ما يكون , أصغت السمع و باهتمام حتى أنها لم تشعر بالعرق النابت على جبهتها البادئ فى الانحدار
-الأم:قولتلك مليون مرة قبل كدة يا ع**ت بنتك بتكبر و لازم تكون موجود جنبها و في حياتها مش مجرد أسم فى ورقها الرسمي و بس,فلوس وبس,انت مش موجود و طبعا ولا عارف ولا شايف حاجه و كل اللى بتعمله انك تقول محتاجة كام !انت عارف يعنى ايه بنت فى سنها ده وعندها كل اللى بيحلم بيه غيرها حتى العربية مستنتش عليها أول ما تمت 18 سنة جبتها لها من غير ما تفكر هتروح بيها فين ولا ممكن تعمل ايه!
-بطلى بقى تفكيرك المتخلف ده وأرحمينى يا شيخة ده بدل ما تقولى الحمد لله على النعم اللي عندك وعندها و هو أنا يعنى لو مكنتش أجيب لبنتى الوحيدة هجيب لمين؟ وهو انتى خلاص مبقاش عندك حاجة نتخانق عليها و قررتى المرة تبقى إيما و طريقة تربيتي لها؟
-ده اللى ربنا قدرك عليه تقوله ؟دلوقتى تفكيري بقا متخلف و مش مناسب لحضرتك ولا لتفكيرك الكلاس المتحرر ؟ لا فوق بقا علشان احنا مش في اوروبا يا استاذ ولا احنا زيهم , و لو هي بنتك الوحيدة زي سيادتك ما بتقول كنت خفت عليها اكتر من كده و كنت فكرت مليون مره قبل ما تطبق فى تربيتها أفكارك بتاعت الأجانب دى,بقولك بنتك متغيرة و على طول فى أوضتها و لو خرجت معرفش هى فين و لما بسأل بترد باى كلام و اللى زاد وغطى بقى الكتب الغريبة اللى مالية مكتبتها و كلها رموز غريبة ولما سألتها عليها ردت انه مش أكتر من فضول و كل ده و أنت كل اللى همك أنى متكلمش معاك عن طريقة التربية و مفتحش بوقى بكلمة اعتراض,عايزنى استنى ايه لما بنتى تضيع منى.
انهارت الزوجة فى البكاء وارتمت بجسدها على الاريكة و هى تخفى وجهها بين يديها وزاد انهيارها وهي تسمع خطوات زوجها مبتعدا" في عدم اكتراث, يعلو صوت بكاء الام فى نفس الوقت الذي تنحدر فيه دموع إيما ولكن فى **ت ,تحدث نفسها فى حزن نابع من إحساس قوي بالذنب تجاه والدتها ينازعه فى داخلها أحساس أشد قوة بالغضب من والدها ف*ندفع من فمها الكلمات بلا وعى و بصوت خفيض
-أنا أسفة يا مامي لكن كل ده غصب عنى
تلتقط أنفاسها فى صعوبة و تكمل
-أسفة انى طول الوقت بسبب ليكى الحزن و الخوف لكن أنا حتى مش فاهمة سبب لكل اللى بعمله ده ولا ايه اللى بيخلينى اعمل كده، انتى معاكى حق فى كل كلمة قولتيها لبابي، انا فعلا محتاجة وجوده هو مش الفلوس، كنت مستنية أنه يوجهني و يكون جنبى ومعايا لكن هو مش شايف ده ولا فاهم ولا هيفهم فى يوم،أنا نفسي أريحك و تطمني لكن حتى دى مش عارفة اعملها ازاي وأنا نفسي ولا مرتاحة ولا مطمنة
ثم التفتت تدخل الى غرفتها وألقت بجسدها على فراشها منهارة فى نوبة جديدة من البكاء إلى أن أهلك قواها وأسلمها إلى نوم مضطرب مليء بالأحلام والكوابيس .
*********
إحدى الليالي الشتوية شديدة البرودة خاصة على مناطق شرق القاهرة و المرتفعة نسبيا عن باقى المناطق,تتحرك إيما متمايلة على أنغام الموسيقى الصادحة من مكبرات الصوت المنتشرة فى كل أنحاء مكان التجمع التى اعتادت على الالتقاء بأصدقاء الجامعة فيه ,هو أقرب ما يكون نادي ليلي وقع عليه الاختيار لما يتمتع به من خصوصية و احترام للحريات الشخصية في وجهة نظرها هى و مجموعتها المختارة من زملاء الجامعة , يمتلئ المكان حولها بالشباب من الجنسين يتمايل الكل في
***ة على الأنغام التي يختارها الشاب المعتلى المسرح و يطلق عليه الرواد (الدى جى ) تتراقص الإضاءة مختلفة الألوان فى جنون من حولهم فى ترابط واضح مع الايقاع,يصرخ الشاب ببعض الكلمات الانجليزية فى حماسة و هو يمارس مهام عمله من بث الحماسة في أوصال مرتادي المكان,يتسع المكان حوالي ال 300 من الأفراد وهو ما جعل للدخول الية إجراءات خاصة جدا تبدأ برؤية الهوية الشخصية و التاكيد على تخطي السن القانونى ارتياد الأماكن المماثلة حيث انه يسمح بتناول الخمور فيه و هو ما اعطى للمكان سمعة مميزة بين أواسط تلك الطبقة الثرية من الشباب الغير عابئ بما يدفع من أموال نظير أن يتلقى الخدمة المناسبة لذلك المدفوع ,هنا يتساوى الجميع تقريبا فى التنافس على ارتداء الأصلي من الماركات العالمية فى كل شئ بدءا من الملابس مرورا بالأحذية وانتهاء بما يتم استخدامه للتواصل من أحدث إصدارات الهواتف المحمولة,لا يتحدث الجمع فيما بينهم إلا باللغة الانجليزية , للوهلة الأولى يعطى المكان الانطباع بأنه موجود خارج القطر المصري أو على أقل تقدير خارج القطر العربي فهو ينطق بالعصرية و الثراء فى كل تفاصيله بداية من المساحة الشاسعة المقام عليها و التقسيم المميز لها والذي يفصلها الى ثلاث مساحات غير متساوية إلا في ت**يمها الناطق بالثراء الفاحش, كما حرص الم**م على أن يعطى لكل مساحة منها ت**يم يتماشى مع طبيعة الجو الذي أراد لها , ولكن ما يلبث الزائر أن ينتبه لتلك الملامح العربية المنتشرة حوله والتي يصعب إخفاؤها مهما تغيرت الأفعال و اللغة.
-أيه يا بنتى مش ناوية تقعدى شوية بقى,انا تعبت من كتر الحركة و الرقص ده يا ماما
قالتها صديقة أيما المقربة منها و هى تحاول أن يصل صوتها الى صديقتها التى ترقص بجنون بجانبها ولكن يعزل صوتها عنها تلك الموسيقى التى ترج الأرض تحت أقدامهم
-بتقولى ايه يا ريمى
حاولت أيما ان تفهم ما تقول صديقتها و لكن ضاعت محاولاتها عبثا" لتعيد ريماس الحديث و هي تزيد من تعلية صوتها
-تعبتى ؟
أشارت لها صديقتها بالإيجاب,وانسحبت الصديقتان من حلبة الرقص متخذين طريقهما الى خارج القاعة و متجهتان الى الجزء الهادى من المكان ,دلفت الفتاتان من بوابته الخشبية التي تم تصنيعها على نسق الاكواخ الاسكندنافية بلون خشبها الفاتح المعتنى به فى أهتمام و اختارت ريماس طاولة منزوية في ركن المكان ولكن تكاد تكون في مواجهة المدخل ,اتخذتا مقاعدهم وهما يضعان الكؤس المملوءة المشروب الكحولي على الطاولة أمامهم و اخذت ريماس بناصية الحديث
- بصى يا إيما ممكن تعتبري كلامي ده كلام سكر ملوش لازمة بس انا محتاجه جدا انى افهم
ردت عليها إيما في دهشة
-تفهمى ايه يا ريمي؟
-افهم حالك الغريب ده,كل شوية بحال وافكار جديدة و تصرفاتك بقت غريبة ومش مفهومة حتى بالنسبالي أنا اللى كنت بقول انى صاحبة عمرك احنا بقالنا مع بعض 14 سنه يعني من يوم ما بابى اشترى الفيلا اللى جنب فيلتكم ولقيت كمان انك معايا بنفس المدرسة و من وقتها مش بنفترق الا على النوم و ما نخبيش حاجه على بعض حتى كل مصايبنا عملناها سوا و اللى معملنهوش سوا عملناه بعلم بعض، انا حتى مش فاكره من يوم ما بابى ومامى سابوا بعض حد كان موجود ياخدني في حضنه غيرك كنت بتكلم واحكي لك وكنت بتفهميني ولما كل واحد منهم شاف حياته وبقى وجودهم حواليا مجرد مكمل للصورة كنت بجري عليكي اشتكيلك وأحكي لك وكنت بتسمعيني تصبريني كنت باخذ رايك في كل حاجه دلوقتي انا حاسه ان انت حتى مش عايزة تحكي لي فيكي ايه
قاطعتها إيما وقالت فى نفاذ صبر
-أنتي بقيتي رغايه أوى يا ريمي و ياريت فاهمه من رغيك ده حاجه,ما تقولى يا بنتى على طول انتى عايزة تقولي ايه ترحميني من حصة التاريخ دى
ردت ريماس عليها وهى تشعر بالحزن من رد صديقتها المقربه على كلامها بأسلوب يحمل فى طياته الكثير من التهكم و لكنها أردفت فى اهتمام حقيقي و هي تنحي مشاعر الخذلان جانبا "
-عايزة أقول أني حاسه انك بتتغيري و مبقتش فاهمة انتى مالك ولا فيكي أيه,شوية اوضتك مليانه كتب عن الدين و غرقانه فيها و كل كلامك بفكر اتحجب و شوية الكتب بتتغير و تبقا كتب عن الماورائيات و الجن و العفاريت و حاجه كده مجرد البصة عليها ترعب و لبسك كله يتحول للأ**د و اوضتك تتملى شموع سودا وحاجه تقبض القلب و بعدها لا انا عايزة أشرب و أرقص و أعيش حياتى و طبعا مش هتكلم عن الفترات اللى بتقفلي فيها على نفسك و تمارسي هوايتك المفضلة فى الانعزال و الاستمتاع بنوبة اكتئابك
ضحكت إيما بصوت عالي لفت انتباه المتواجدين حولهم و قالت بعد أن ألقت بجوفها المتبقي في كأسها من مشروبها الكحولي و تنحنحت وهي تستعد للرد
بدور علي نفسي يا ريماس,ارتحتى كده؟
ردت عليها ريماس وهي تحاول فهم ما ترمي إليه صديقتها
-هو أنا كده المفروض أرتاح؟يعنى أيه بتدوري على نفسك دى هي تاهت منك فى النادى و لا وقعت منك و انتى بتعملى شوبنج !
حركت إيما راسها يمين ويسار فى ملل و قالت لصديقتها فى برود
مش هتفهمي يا ريمي مش هتفهمي
ردت ريماس في تحفز قوى
ليه أن شاء الله ؟حد قالك عليا انى غ*يه ومبفهمش يا ست إيما,عموما أنا اللي غلطانة انى قلقانه عليكى و بحاول افهم مالك,أنا هقوم امشى علشان مش عايزة ازعل منك أكتر من كدة و لما أبقي أتعالج من الغباء ده لو له علاج يعنى هبقى اقولك علشان تبقى تقولى مالك
ونهضت تتحرك فى طريقها للخروج و هي تنتظر من صديقتها أي رد فعل يشعرها أنها تهتم لأمرها وهو ما لم يبدر من إيما التي أشاحت بوجهها بعيدا و هي تشير بيدها فى
لا مبالاة و بنصف وعي إشارة لا معنى لها إلا انها حقا لا تهتم.
********
-إيما يلا بسرعه المحاضرات بتاعتنا هتبدأ خلاص، احنا كده متاخرين قوي
قالتها ريماس وهي تحدث إيما فى الهاتف المحمول وهي فى طريقها إلى الجامعة ،الجامعة الخاصة التي تتخطى مصاريفها السنوية مبلغ النصف مليون جنية مصري ، ولا يختارها إلا أبناء الطبقة الثرية و أبناء من يطلق عليهم رجال الأعمال و رجال الحكومة وهم من يشغلون المناصب العليا و بعض المناصب الدبلوماسية
ردت إيما فى نفاذ صبر
- حاضر يا ريماس ما انا خلاص اهو وصلت اصلا، أصبري بقى على علشان مش كل مره لما يكون ورانا حاجه تعملي فيا نفس الموقف ده،في مره هعمل حادثة بسببك،خلاص انا داخله على الباركينج
تتمتم إيما بعبارات الغضب من تصرفات ريماس وهي تحاول صف سيارتها ولكن بمجرد دخولها لمكان الصف لم تجد مكان فارغ فتبدأ فى البحث وهى تتلفت حولها تحاول القيادة بحرص عسى ان تجد مكان بسرعة لتتخلص من رنين محمولها الصارخ بجانبها,إلى أن تلمح أحدهم و هو يترك مكانه تستعد فى سعادة للحلول بدل عنه ولكن يقطع أملها سيارة أخرى تسبقها بأقل من المتر مما يزيد من حنقها توقف سيارتها فى غضب و تهبط منها و هى تصرخ فى قائدها قائلة:
-ايه هو انت يعنى مش شايف اني سبقتك للمكان ده،ولا هو استعباط؟
يهبط قائد السيارة فى هدوء لا يتناسب مع الموقف ترتسم على وجهه إبتسامة مما يزيد من غضبها و تردف قائلة:
-و كمان بتبتسم ،هو انت مش بتحس زينا كدة و لا الأخ من كوكب تانى
تتلاشى الابتسامة المرسومة على وجهه ليحل محلها عبوس و هو يلتفت يعطيها ظهره وتوجه الى سيارته لينطلق بها في سرعة من أمامها ،تقف مشدوهة تحاول استيعاب الموقف و هي تحدث نفسها قائلة
-ده حتى محاولش يرد عليا بكلمة ،عجيب البنى أدم ده
فتحت باب سيارتها و جلست فيها وهى ما زالت تفكر في ما حدث ليقطع تفكيرها رنين الهاتف من جديد ،رفضت المكالمة بعد أن ظهر أسم الطالب على الشاشة وتيقنت أنها ريماس ،قامت بتشغيل محرك سيارتها ثم قامت بصفها في المكان محل النزاع و هبطت تبحث عن القاعة التي تنتظر أمامها صديقتها وما لبثت الا ان وجدتها تشير لها أن تسرع ،هرولت الاثنتان لدخول القاعة وما أن أتى موعد بدء المحاضرة حتى تفاجأت إيما أن محاضرها اليوم هو نفس الشخص الذى قامت بالصراخ عليه و توبيخه منذ قليل،مما جعل الكلمات تفلت منها بدون وعي وبصوت عال
-يانهار أسود
قالتها وهي تحاول الهبوط بجسدها فى مقعدها وسط نظرات الدهشة من ريماس التى قالت لها بصوت خافت
-في ايه يا بنتى ؟
ردت عليها وهى مازالت تحاول الاختباء خلف من تجلس أمامها
-هو يا ريمي هو
نظرت لها ريماس فى دهشة
-هو مين ده و فى ايه ؟انا مش فاهمه حاجه منك و شكلنا كده هنطرد برة انا وانتى
ردت عليها فى خجل
-ياريت ترسي على أننا نطرد النهاردة و بس أنا شكلى ضاعت منى السنة كلها و جايز السنين الجاية كمان
إشارات لها ريماس فى عبوس بال**ت و الانتباة للمحاضر حتى لا ينتبه لهما المحاضر ،هزت لها راسها فى موافقة وهى مازالت تحاول الاختباء
أنهى المحاضر محاضرته بالدعاء لهم بالتوفيق و عرض عليهم المساعدة فى كل ما يقف أمامهم من معوقات أو يصعب عليهم فهمه وهم يجمع أشياءه و المغادرة ،وقفت ريماس تستعد للمغادرة هى الأخرى للتفاجئ بيد إيما تجلسها من جديد وهي تقول:
-استنى مش هينفع اخرج دلوقتى
ردت ريماس
-لا ماهو انا كدة مش فاهمة حاجة خالص
أجابتها إيما
-لما نخرج هحكيلك بس أستنى المعيد يخرج و نتأكد انه بعيد
هزت ريماس رأسها فى تعجب وأسقط فى يدها ولم تجد ما تفعله سوى أن تذعن لكلام صديقتها و تنتظر ، ولم يطول الانتظار كثيرا"حتى فرغت القاعة من الجمع ووقفت الصديقتان تستعدان للمغادرة وهنا انتهزت الفرصة ريماس لتقول :
-أهو إحنا آخر الناس ممكن بقى افهم فى ايه و مين هو ده اللى عاملك رعب ؟
أجابت إيما وهي تلتقط أنفاسها فى ارتياح
-هحكيلك بس أستنى نطلع بره و نقعد على الكافية و اخد نفسي بس و هحكيلك كل حاجه
وما ان خرجت الفتاتان من باب القاعة حتى وجدت إيما من ينادى عليها فى هدوء
-أنسه إيما
التفتت فى دهشة لتجد محاضرها يقف أمامها و ترتسم على وجهه نفس الابتسامة التي كانت السبب في استفزازها صباحا" ،ولكن هذه المرة هي السبب في سقوطها في بئر عميق من الخجل،ابتلعت ريقها وتلعثمت وهي ترد فى صوت خفيض
نعم ؟حضرتك تقصدني أنا ؟
اتسعت ابتسامته وهو يجيب
هو فى حد تانى هنا أسمه إيما،مش أنتى إيما ع**ت الشريف؟
أجابت وقد صارت موقنة أنها نهاية وجودها فى تلك الكلية و هاهو يؤكد شكوكها بمعرفته أسمها الكامل وهو ما جعل صوتها يرتجف وهي تحاول الرد
-لا،قصدى أيوة أنا
أفلتت منه ضحكة وقال
-مالك فى ايه،انا بس كنت عايز اعتذر لك عن موقف الصبح،طبعا انتى عرفتى أنا مين ،أقصد أسمي يعنى بس أعتقد أن توترك فى المحاضرة منعك من التركيز وجايز جدا لو سألتك دلوقتى متعرفيش تردى
نظرت له بعيون زجاجية لا تعبر عن أي مشاعر وهو ما جعله يعيد عليها تعريفها بنفسه وسط دهشة ريماس الواقفة بقربهما لا تفهم ما يحدث
-أنا أحمد عزت عبد الكريم ،معيد مادة ادارة الاعمال واللى هيكون معاكم تقريبا لاخر سنه هتقضوها هنا
حاولت إيما استجماع شجاعتها وقالت له فى تحد واضح
-اتشرفت بحضرتك،ولو انى شايفة ان حضرتك كان ممكن تبلغني بطردي من الكلية بطريقة مباشرة وكانت هتكون أفضل بكتير من أستهزاء حضرتك بيا بالطريقة دى
قاطع كلامها وهو يقول
-رفدك ؟مين قال كدة و ليه سوء الظن ده بس ،يعنى أنا قعدت أدور عليكى الصبح علشان أعتذر لك فعلا عن إنى سيبتك ومشيت بدون حتى ما أرد على كلامك ودى فى حد ذاتها غلطه أنا معرفتش أسامح نفسي عليها حتى لو كنتى أنتى الغلطانه، كان لازم أقف واوضح لك أن من الزاوية اللى أنا كنت جاى منها مخلتنيش أشوف أنك واقفة قبلى و منتظرة ،عموما أنا أسفة على اللى حصل الصبح وطبعا مش محتاج أكرر عليكى نفس الكلام اللى قلته فى المحاضرة تانى وان لو احتجتى اى توضيح اوشرح لاى حاجه واقفه قصادك هتلاقينى فى قاعة المكتبة وطبعا هكون مبسوط جدا انى افهمك أو أشرح لك
نظرت إيما للأرض فى خجل من سوء ظنها بخاصة و أنها استشعرت الصدق فى كل حرف نطق به أحمد وقالت له:
أنا اللى المفروض أعتذر لحضرتك عن طريقتى الصبح و الاسلوب اللى اتكلمت معاك بيه،أنا بعترف انى كنت و**ة جدا لكن و الله عصبيتى دى كان لها أسباب ،أنا كنت متأخرة جدا على المحاضرة وريماس كانت بتوترني بالاتصال على الموبايل بشكل هستيري و كمان مكنتش لاقيه مكان تتركن فيه العربية
قاطعها مشيرا إلى ريماس التى مازالت واقفة تتابع فى عدم فهم وإن كانت قد بدأت فى تكوين خطوط عريضة عن ما حدث ولكن ينقصها التأكيد و التفاصيل الدقيقة و هو ما لن ترضى عنه بديلا"
دى ريماس صح ؟
قالها وهو يتقدم إلى حيث تقف ريماس و ألقى عليها التحية ،ردت عليه فى خجل أنثوي التحية وعاد الى حيث تقف إيماو قال لها
-عموما أنا مش عايزك تكوني متضايقة من اللى حصل الصبح و بكرر اعتذارى تانى و أتمنى تقبليه مني ،وعلى فكرة انا مش محتاج منك تبرير ،قصاد غلطك أنا كمان غلطت و كده نبقى خالصين
ابتسمت إيما وردت قائلة:
-معاك حق أتمنى حضرتك كمان تقبل اعتذارى و تكون مقدر موقفى و الله اللى له صاحبة زى ريماس واللى بتعمله لما بتتاخر خمس دقايق على أى معاد، والتوتر اللى بتسببه وقتها مش بس الناس تقبل اعتذاره ده المفروض يعملوا له تمثال
نظرت لها ريماس في غيظ وهي تتوعدها بالإشارات،ابتسم أحمد وقال:
-أناأسف يا إيماوالله بس أنالازم الحق صلاة العصر
ثم أستأذن منهم و هرول مسرعا" ليلحق الصلاة فى موعدها