bc

بقايا قيد

book_age16+
12
FOLLOW
1K
READ
drama
like
intro-logo
Blurb

كنت احاول ان اتناسى وامضي قدماً فهذا ما علمني اياه.. الم يفعل؟. وهذا ما اعتدت مع مرور الايام فعله.. ان انسى..

انسى عائلتي.. انتمائي.. منزلي وقريتي.. ان انسى من احب ومن اكره.. من اخشى ومن أمن.. ان انسى حتى من اكون..

ولقد فعلت.. اجل.. نسيت.. او ربما تناسيت.. لا يهم.. فالفرق صغير جداً.. حلان كلاهما مُر.. وكلاهما يؤدي الى النسيان..

chap-preview
Free preview
الفصل الاول
> لقد رحل!!!! ادريان موريس.. الرجل العظيم المهيب.. رحل!!. تاركاً امبراطوريته العظيمة.. عائلته الكبيرة المتفرعة.. امواله الطائلة.. تاركاً كل شيء خلفه.. ادريان موريس... رحل!!.. رحت اردد تلك الكلمات لمرات ومرات في داخلي.. اقنع نفسي بها قبل ان اقتنع عقلياً.. وبرحيله.. شيء واحد فقط يعنيني.. امر وحيد قاتلت وعملت وهربت منه ولأجله.. شددت ذراعي قوة حول جسدي الهش منذ سماع الخبر.. افضل الا ابدو ضعيفة متأثرة.. مرتجفة خارجاً وداخلاً.. فبعد معرفة امر وفاته شيء فيّ انتزع واحترق.. احسست به وكانه نيران شبت في خلاياي.. قاومت.. تشجعت.. وقفت اواجه الخبر وكأني شجرة صنوبر معمرة قديمة تقف بوجه ريح شنعاء.. تقاتل لتظل منتصبة واقفة.. لكني.. هناك.. في اعمق دواخلي.. رأيت الحطام واحسست به.. تغلل **م قاتل في كل ذرة مني ليقتلني من جديد.. وكأنني ما مللت شرب السم في كل يوم منذ صغري لأموت بسببه.. رعشة جديدة احكمت خناقها عليّ فجذبت ساعدي اقرب لبعضهما.. اضم كتفي بهما وعيناي لا تتركان الحديقة الكبيرة امامي.. ليست حديقة بل غابة.. فأدريان موريس رفض ان يعيش في اي مكان الا هذا الجبل الشامخ.. بين اشجار الصنوبر الشاهقة العلو والدائمة الخضرة.. والمرتفعات المخيفة الى حد ما.. لينشئ ها هنا منزله الكبير وامبراطورية اعماله.. هذا المكان.. الذي.. اكرهه.. ضممت فمي وانا اشعر بمرارة هذه الكلمة.. فمهما حدث انا جزء من هذه العائلة.. مرغمة اجل.. لكنني جزء منها.. وعلى الرغم من اني قضيت سنوات طوال بعيدة عنها الا ان ادريان موريس لم يسمح لي يوماً بالخروج منها.. يعيدني باستمرار الى واقع اني احمل دماء موريس داخلي رغماً عن انفي.. هه... يا للسخرية!!.. اما الان... فقد رحل!!!.. رحل من كان صلة وصلي بهذه العائلة.. من ابقاني ولو قليلاً على مقربة منها.. رحل.. ورحلت انا معه.. صوت الباب يفتح خلفي اعادني الى واقعي.. فتشبثت بوقفتي اكثر امنح القادم ظهري وانا ادرك تماماً من هو.. خطواته.. رائحته.. الطريقة التي يزفر بها انفاسه.. كل ما فيه.. اشياء حفظتها وعرفتها.. وفي وقت ماض.. احببتها.. اجترعت ل**بي.. اتخذ نفس عميق قوة لرئتي لتعملا حين التف فأراه.. اسمع خطواته من جديد.. صوت الباب يغلق.. نفس عميق طويل اخر منه.. و**ت... **ت مخيف مؤلم.. ادركت اني في لحظة ما علي ان التف اليه لأواجهه.. لأنظر في عينيه المميزتين وانطق بما جئت لأجله.. اقف مقابلاً له وكأني خالية من اي شعور او احساس.. كيف؟!. لا اعرف.. لكن علي فعل ذلك.. وفعلت... استدرت اليه، اسدل ساعدي جانباً باستسلام وارفع راسي لتلتقي نظراتي بنظراته.. اراه يقف مقابلاً لي.. على بعد خطوات.. بملامح جامدة ساكنة.. وعينان متأملتان ضيقتان.. لايزال كما هو.. تقريباً كما عرفته قبل سنوات.. اخر مرة رايته بها كان بسن الخامسة والعشرون شاب طريف محب وعطوف.. بمزاج متقلب وابتسامة ساخرة ساحرة تجذب الشابات.. اما الان.. فيبدو رجل.. رجل مكتمل مخيف.. بذقن نامية ونظرة جدية.. بملامح صلبة تشبه الى حد ما ملامح ادريان موريس.. جدنا.. ادريان موريس.. " لقد.. سمعت بما حصل " نطقت.. اجل فعلت.. ادرك بان صوتي خرج اجش مرتجف.. ليس بسبب الخبر وانما بسبب وجودي امامه.. بما يفرض رؤيته من مشاعر مبعثرة في داخلي.. لكنه سيظن بان خبر وفاة جدي هو السبب.. فاحد لم يعرف باني كنت مغرمة به يوماً.. ولا حتى هو... " سمعتِ بما حصل!. ألذلك عدتي؟. بعد كل هذه السنوات؟! " " اجل.. اريد ان اكون هنا عند وداعه " " حقاً؟! " حدثني ساخراً والتوت شفتيه جانباً.. فضممت فمي وتقدمت اخطو نحوه.. احيط جسدي من جديد بذراعي.. الاحظ كيف تميل عيناه على قامتي ليتأمل تفاصيلي الجديدة.. ملامحي.. شكلي.. خصل شعري التي باتت اكثر غمقاً من ذي قبل.. طولي الفاره وجسدي النحيل.. الذي يغطيه ثوب اسود يصل لركبتي.. عيناه كانتا كمحرقة تجول وتصول على اطرافي ولذلك نطقت بصوت خرج اكثر حدة مما ابغي.. " انه جدي انا ايضاً.. لا تنس " " ظننت انك انت من نسيتي.. لا انا!! " " لم افعل يوماً.. وهو لم يسمح لي بان انسى " " اجل صحيح.. كان يتباهى هنا وهناك بانه ذهب لزيارتك والاطمئنان عليك " " صحيح " أومأت براسي موافقة.. احدق من جديد في عيناه.. كأنهما مغارتان سوداوان لا قرار لهما.. يمكن للمرء ان يغوص في غموضهما ويضيع فلا يجد سبيلاً للخروج.. لكنني لم ارد ذلك.. فنحيت عيناي عنه.. لا اريد الغوص ولا الضياع.. يكفيني ما ضاع مني هنا قبلاً.. " تعرفين بانه مرحب بك هنا في اي وقت.. هو منزلك ايضاً.. والدتي ستكون سعيدة جداً حين تراكِ " في صوته!!!.. سمعت شيئاً غريب.. نبرة لم اسمعها قبلاً.. تفاؤلاً ربما او املاً.. لا ادري.. " تبدين مختلفة جداً " تابع يتقدم بخطواته ليتخذ الاريكة المقابلة لي راحة لجسده.. تلاحقه نظراتي فأدقق بملابسه الرسمية السوداء ايضاً.. ومؤخرة عنقه البارزة من اعلى ياقة قميصه الاسود.. يليق به التواجد هنا، في مكتب جدي القديم.. حيث يندمج اللون البني الغامق مع الاسود.. بمزيج لا يناسب الا عائلة موريس " لقد مرت سبع سنوات!! " تلك النبرة من جديد!!!.. واجترعت ل**بي بجفاف، تتقابل نظراتنا حين جلس وواجهني يلف ساق فوق الاخرى وكانه يحاول ان يظهر بمظهر المسيطر المالك لكل شيء.. لكن اليس هو كذلك؟. انه الاكبر.. الاقوى.. والوريث الاول لثروة ادريان.. ويليق به ذلك.. فقد عمل بجهد ليصل الى هنا.. " سبع سنوات كفيلة بتغير اي كان.. حتى انت " " صحيح.. صحيح " وهز براسه موافقاً يعود ليتأملني من جديد.. " انا.. لن ابقى هنا مطولاً.. سأغادر بعد الدفن مباشرة " " انه منزلك.. ولك الحق بالبقاء " لكنني اكره هذا المنزل.. واكره ما احمله من ذكريات عنه.. حدثت نفسي.. ابتلع تلك الكلمات **م جديد يتسرب الي.. واظنه لاحظ ما افكر به.. " اقاربك هنا.. وسيصل الباقون بنهاية اليوم.. ستقضين وقت جيد معهم.. فقد مرت سنوات " هززت براسي فقط لا اجيبه.. وتململت في وقفتي.. اريد الابتعاد فأنفاسي بدأت تتبعثر.. وجسدي يضعف.. وفعلت.. خطوت باتجاه الباب اسمعه يقاطع خطواتي بصوته الجاد " انا هنا ان احتجتني بشيء.. يا ابنة عمي " اغلقت جفني امام كلماته وأومأت قليلاً.. لا اعرف حتى ان كان راني ام لا.. اعود فابتعد عنه.. وامد يدي لأقبض على مسكة الباب فافتحه.. احتاج لهواء يخلو من رائحته.. واحتاج لمكان.. لا ذكريات ماضي فيه... ........ ............ " ينال!! " صوتها اخرجني من عمق افكاري اللاتي غرقت بها.. صوتها الرقيق الذي لطالما احببت.. همس ناعم يناسب ملامحها التي حفظتها عن ظهر قلب.. فانا اعرف العمة جيني منذ نعومة اظافري.. زوجة عمي المتوفى جلبرت.. والمرأة الاكثر لطفاً ومحبة في العالم كله.. سحبت انفاسي بثقل والم حين وقفت امامي لتقطع علي مشهد الغابة الموحش المطل على الشرفة الخشبية الامامية للمنزل.. حيث اقف وحيدة استجمع شتات نفسي بعد لقاءي بنسيبي الاكبر وانهياري داخلياً " اخبرني جاك بانك هنا!. لما لم تأتي لرؤيتي؟" في صوتها لوم حزين.. حتى ملامحها الجذابة رغم سنها الذي تجاوز الخامسة والخمسون عاماً، بدت تلك الملامح المحببة حزينة متألمة.. ادرك بان فراق جدي كان صعباً عليها فقد احبته.. احبته كوالد لها بالضبط.. " عمة جيني " حييتها بصوت منخفض اجش اراها تسارع للاقتراب مني فتحيطني بذراعيها الحانيتين.. تجبرني على رد العناق باخر حار اكثر.. مغلقة جفني الحارقين لأتمتع بهذه اللحظات الدافئة النادرة.. لقد افتقدت لدفء العائلة كما افتقدت صخبها.. " هل انت بخير صغيرتي؟ " " بخير عمة جيني.. بخير " لكنني لم اكن كذلك.. واعلم علم اليقين بانها تدرك ذلك.. تعرف بانني داخلياً منهارة متعبة من حياتي السقيمة التي اعيشها.. " افتقدتك يا بنيتي.. كثيراً.. بات المنزل موحش بعد رحيلك عنه " في صوتها صدق اعرفه جيداً.. يدخل قلبي في كل مرة ويحتله.. تراجعت قليلاً لأنظر اليها.. أتأمل ملامحها الشبيهة بملامح ابنها جاك.. جذابة وغامضة.. اشعر بيدها تلاطف خصل شعري المسدل الناعم وجانب وجهي الحزين " لم تتغيري ابداً " " جاك قال باني تغيرت كثيراً " والتوت شفتاي بسخرية فأسدلت يدها تهمهم منزعجة " ابني اعمى.. لا يرى جيداً " وابتسمت.. تلك الابتسامة التي تزيل هموم العالم عنك.. تهبني من خلف الم ما تعيشه افضل ما لديها واجمله.. " الجو بارد هنا.. تعالي لندخل.. الجميع موجود.. عمتك كاسي وصلت هي ايضاً.. وعمتك كايلي كانت على يقين من انها ستراك هنا.. والاولاد كلهم مجتمعين في صالة الضيوف.. هيا بنا " ولامست وجنتي للمرة الاخيرة ثم سارت مبتعدة " عمة جيني " اوقفتها بتساؤل خافت فعادت نحوي مقطبة " ماذا ابنتي؟ " " انا سأغادر بعد مراسم الدفن " " لا يمكنك ينال.. لقد وصلتي للتو.. ستغادرين غداً؟!.. هذا مستحيل " " لا يمكنني البقاء هنا " والقيت نظرة مطولة باتجاه الصرح الذي بناه جدي كمنزل له وللعائلة.. اشعر به يطبق على ص*ري كما فعل قبل سنوات خلت.. " لماذا ينال؟.. اخبريني بالحقيقة " " لا يمكنني " اجبتها بتنهيدة ثقيلة ثم خطوت امامها نحو الداخل.. كيف يمكنني ان اجيبها؟. ان اخبرها بحجم الالم الذي جلبه هذا المكان لي.. بما شعرت به وعشته ومررت خلاله.. بتلك الايام والشهور التي اضطررت بها للعيش هنا.. كيف اخبرها بما حصل لي؟. وانا التي حملت داخلي هذا السر لسنوات متتالية.. وسأفعل لأكثر.. ** عمتي كاسي.. هي الاكبر.. بملامح صارمة جدية.. وقسوة ورثتها عن جدي.. لديها ولدين، هاوي وبوب.. وهما اكبر مني سناً بقليل.. عمتي كايلي.. تعيش بعيداً جداً عن هنا بسبب عمل زوجها لكنها المفضلة لدي من عائلة والدي.. ملامحها رقيقة ضعيفة وتبدو مريضة الان.. لديها ابنتين وولد.. باريس.. بيرنا ومارك.. بيرنا ومارك كانا توأمين يناهز عمرهما السابعة والعشرون.. اما باريس فهي صغيرة العائلة وعمرها تسعة عشر عاماً.. بالإضافة اليهما.. تواجد زوجيّ عمتيّ.. وعمتي جيني.. السيد زاندر مدير المنزل.. والسيد ساروس محامي جدي وذراعه الايمن.. وفي نهاية الصالة.. جلس جاك.. ابن عمي برفقة اخته الوحيدة جيسي.. التحيات انتهت اخيراً.. الاحاديث تنوعت وتشكلت.. لكن ظل من ال**ت الثقيل كان يطبق كل قليل علينا.. واكثر من اطبق عليه كان انا.. العودة الى منزل خرجت منه قبل سنوات يبدو امر غريب.. وكأنني انسان خارج حدوده.. فحيث اعيش لا توجد هذه الرفاهية.. ولا الخدم.. ولا كل هذه الوجوه والاصوات.. حيث اعيش.. يوجد انا فقط.. نظرات جاك التي لاحقتني طوال الامسية وحتى اثناء تناول العشاء، كانت كنار بركان حارق لا يعرف الرحمة.. احاول تجنبها.. الهرب منها.. نسيانها.. لكنني وبكل الحالات فشلت.. لألملم شتات نفسي التائهة اخيراً فاهرب.. اتركهم جميعاً في احاديثهم واصعد نحو الطابق الثاني حيث تقع غرفتي القديمة لارتاح بها.. احتجت لدقائق كي اتخلص من الثوب والحذاء.. ثم حملت منشفة واتجهت نحو الحمام الخاص بالغرفة.. الاحظ بالا شيء تغير بالمكان تماماً كما كان يخبرني جدي بزياراته.. السرير والغطاء الذي افضله.. الستائر.. كتبي واغراضي.. بعض الال**ب التي احتفظت بها كذكرى من والدتي المتوفاة.. كل شيء بقي على حاله..... الا انا.. فكرت بذلك وانا اقف اسفل مياه الدوش.. تغسلني قطراته من تعب ما مررت به اليوم.. من قسوة مواجهة جاك.. الرجل الذي احببت يوماً.. من مواجهة عائلتي مرة اخرى.. والدخول الى هذا المنزل بعد سنوات.. والاهم.. تغسلني من الم يقين رحيل ادريان موريس.. اغلقت جفني اعتصرهما واترك للماء حرية التسرب الي.. احاول ان اتناسى وامضي قدماً فهذا ما علمني اياه.. الم يفعل؟. وهذا ما اعتدت مع مرور الايام فعله.. ان انسى.. انسى عائلتي.. انتمائي.. منزلي وقريتي.. ان انسى من احب ومن اكره.. من اخشى ومن أمن.. ان انسى حتى من اكون.. ولقد فعلت.. اجل.. نسيت.. او ربما تناسيت.. لا يهم.. فالفرق صغير جداً.. حلان كلاهما مُر.. وكلاهما يؤدي الى النسيان.. والاهم.. كلاهما يرضيان السيد ادريان موريس.... *** قطرات من المطر ابت الا ان تهطل في يوم دفنه.. على تابوته وتراب قبره.. على الحاضرين والباكين عليه.. وكأنها متفقة معه على ذلك.. وكأن الطقس والغيوم والارض.. كلها وقفت في صفه يوم دفنه.. راحت تبلل برويد المكان الذي اجتمع فيه الناس لوداعه.. ليروه يوارى الثرى.. فيما اقف انا هناك بينهم.. صامتة ساكنة.. بين يدي وردة بيضاء تخصه.. اتشح السواد من الاعلى للأسفل.. وحبات من المطر تبلل خصل شعري وكتفي.. انصت لبعض العبارات التي راح يطلقها الاب مودعاً اياه.. ارى التابوت يختفي اسفل الحفرة واسمع شهقة عمتي كايلي الباكية.. عيني باتتا بركة من الدموع.. رغماً عني.. ابكيه وانا ادرك اي جحيم اعيش بسبب قراره.. لكنه جدي.. والرجل الذي بقي بقربي لسنوات.. بعد وفاة والدتي.. بعد انهيار والدي وانتحاره.. حين غدوت وحيدة لا احد لي الاه.. واليوم.. لم يعد له وجود.. ولم يعد لي احد.. اقبض بقوة على الوردة لابثها ولو قليلاً من العذاب الرابض فيّ.. الغصة التي احكمت خناقها على حنجرتي.. ابكيه!!.. وانا التي تغربت عن الجميع بسبب قراره.. دمعة وحيدة انسابت على وجنتي كانت الدليل على الضعف الداخلي الذي اشعر به.. ارتعاش شفتي رافق ذلك ايضاً.. فضممت فمي امنعه من الارتجاف.. لا لن اضعف.. ليس هنا.. وليس امامهم.. راح اقاربي يرمون الورود في حفرة قبره.. يودعونه بكلماتهم المتأثرة ثم يبتعدون.. بالتتالي حتى وصل الدور الي.. فتقدمت بخطوات مترددة.. اعيد بضع خصل من شعري لخلف اذني قبل ان اقف بقرب قبره عند التراب المبلل بالمطر.. ارفع يدي لأرمي بالوردة البيضاء هناك.. مطلقة دعوة **يرة.. كلمة معذبة وحيدة.. محملة بالرجاء والامل... " حررني!!!... " ..... ........ " ينال؟!! " ان اسمع اسمي من فمه مرة جديدة كان النعيم.. وفي الوقت عينه الجحيم.. لكنني واللعنة.. احب كيف ينطق حروف اسمي الغريب نوعاً ما.. نظرت اليه الاحظ الجدية في نظراته واراه يشير الي لاتبعه.. هو يدرك باني سأغادر بعد قليل فبماذا يريدني؟!... سرت في اعقابه نحو مكتب جدي القديم ارتجف لسبب لا ادركه وهو يفتح الباب ويقف في انتظاري لأدخل.. ففعلت.. ووقفت في منتصف المكان انظر اليه متسائلة.. اراه يخطو خلفي مغلقاً الباب.. يديه في جيبي بنطال بدلته السوداء الرسمية وملامحه جادة باردة نوعاً ما " ما الامر ؟ " " انت لن تغادري " ازداد عبوسي فهذا كما يبدو امر.. " لما لا؟ " " السيد ساروس طلب ذلك " " محامي جدي؟!! " " آها.. وصية جدنا معه.. وهو من طلب وجودك ووجود الجميع حينها " " لقد دفنا جدي اليوم.. عن اية وصية تتحدث؟! " " اعرف.. لكنها وصيته.. ان تكوني موجودة.. لا يمكنك المغادرة.. سيقرأ ساروس الوصية يوم الجمعة القادم " زفرت بوهن.. لما يريدني جدي اثناء قراءة الوصية وانا التي تدرك ما فيها؟... " لا يمكنني البقاء ليوم الجمعة القادم " " لماذا؟! " وازداد عبوسه.. يخطو نحوي بجدية اقلقتني.. ملامحه الجذابة تبدو مخيفة الى حد ما.. لكنني لا اخافه.. انني لم افعل يوماً.. " لدي عمل.. انسيت؟. وشقتي فارغة لا يوجد من يعتني بها.. علي العودة " " وصية جدك ان تكوني متواجدة هنا " " ولكنني... " " لا يهمني ينال.. تدبري امرك.. او يمكنني ان ارسل من يعتني بشقتك وعملك.. اعطيني العنوان فقط " " لا.. " هززت راسي برفض قاطع.. جلب العبوس والاستغراب اليه فتابعت " الامر انني.... " " انا ارفض رحيلك.. تدبري امرك ينال " يبدو باني لا املك خيار اخر.. تباً.. ارتدت عنه لأفرك جبيني بيد مرتجفة.. اخذ نفس طويل عله يهدئني واغلق جفني فاطلب العون الالهي.. ان ابقى هنا الى يوم الجمعة.. لعنة... " ينال؟!! " " سأتدبر الامر.. حسناً.. ولا داعي لهذه اللهجة الامرة.. فانا لست موظفة لد*ك جاك !" نهرته بصوت عالي جاد.. اهبه نظرة حادة ضاقت عينيه لها.. ثم عدت لأخطو نحو الباب اود الابتعاد عنه.. فا****ة دوماً بقربه لا اجد انفاسي.. " فهمت.. اعذريني.. انها عادة لدي " هل يسخر مني؟.. فهذا ما سمعته في صوته.. لكنني مجدداً تجاهلت ذلك وقبضت على يد الباب لأفتحه " تدبري الامر واخبريني بالمستجدات " " سأتدبر الامر لكنني لن اخبرك.. فلا شان لك بذلك " " أهذا ما تظنينه.. يا ابنة ع.... ؟!! " قاطعت كلمته وانا اغلق الباب خلفي.. اسدل جفني عليها شاعرة بالألم يض*ب اوصالي.. ابنة عمي!!... كم مرة قالها.. وكم مرة رددها!!. وكم اكرهها!. وتابعت خطواتي صعوداً نحو غرفتي فانا بحاجة للراحة وللتنفس.. اكاد اختنق هنا بقربه.. اكاد افقد انفاسي فاقع.. وانا.. لا اريد الوقوع امامه.. ملجئي غرفتي.. وراحتي تلك العلبة الصغيرة.. اخرجها من الجارور المجاور لسريري لأضعها في فمي فاجترع انفاس متتالية منها لتهدئني كما في كل مرة.. " لا يعني كونك مريضة ربو انك ضعيفة او مسكينة.. فهمتي؟. انت قوية قادرة على المواجهة.. انتِ الافضل على الاطلاق.. اياكِ ان تنسي " رنت كلمات جدي في اذني لمرات.. اتذكر لحظات انهياري ومساعدته لي.. كيف كان يقويني ويشجعني.. يهبني طاقة وحماس.. قدرة لا حدود لها.. كان هناك حين لم يكن احد.. كان.. وليته لم يكن.. فوجوده معي عنى شيء واحد.. ان القيد لم ي**ر.. والسر لن يكشف.. وانني مقيدة به ومعه الى حين زوالي من الوجود... دمعات جديدة فارقت مقلتي لم استطع السيطرة عليها.. فأحنيت راسي المنهك للأسفل اضعه بين راحتي لأريحه ولو لثانية.. انا متعبة منهارة.. امور جديدة حصلت مؤخراً وكلها تعني ضياعي.. وحدتي.. عذابي.. تباً... لما كان علي احتمال ذلك منذ كنت طفلة والى الان.. لماذا؟!... ..... ........ صباح جديد حل على منزل عائلة موريس الشهيرة.. عائلة اكبر من ان تعرف في ولاية الاباما داخل الولايات المتحدة الاميركية.. فقد اشتهر والد جدي ادريان موريس بالعمل في مجال التجارة وخصوصا تجارة اخشاب الصنوبر.. يملك الكثير والكثير من المساحات داخل هذه الغابة وجميع الاشجار فيها فيزرع ويقطع ويتاجر مورثاً ابنه الوحيد ادريان كل ما يملك حين توفي.. لتنتقل بالوراثة الى احفاده الان.. فقد كان له ولدين شابين توفيا.. والد جاك جلبرت بحادث سير وهو بعمر الاربعون.. ووالدي انا انتحاراً وهو لا يكاد يبلغ الخامسة والثلاثون.. وكانه غضب من الله لشيء اقترفه في ماضيه.. شيء لا يعلمه احد منا... اصوات عالية قادمة من غرفة الطعام اجتذبت مسامعي.. صوت جدال جدي ما بين هاوي وباريس لشيء ما.. تحاول عمتي كاسي اخماده.. فيما همهمات تتصاعد جانباً تتساءل عن فحوى الوصية التي ستقرأ بعد عدة ايام... لقد كنت معتادة على ال**ت.. منذ استيقاظي، وحتى في عملي كمساعدة فنية لاحد برامج التلفاز لم تكن الضجة شريكتي.. لذلك فضلت الا ادخل الغرفة فتابعت سيري اتخطاها باتجاه الشرفة الخارجية.. تلفحني نسمات الهواء الباردة فأتشبث بسترتي الرقيقة واجذبها الى ص*ري لتقيني ولو القليل.. سرت على مهل نحو الحافة الحديدية للشرفة لاقف هناك فاطل على العلو الشاهق للجبل.. تحاصرني الاشجار من كل صوب فتطبق بخناقها علي.. كيف يمكنني ال**ود هنا حتى يوم الجمعة؟. ولما اصرار جدي على تواجدي.. هل يكون........؟؟.. وزفرت بياس اتمنى ذلك.. " هل بتنا اغراب الان؟. " ارتدت براسي لأجد هاوي يتقدم خلفي ليلتحق بي.. فتصنعت الابتسام وانتظرت اقترابه " لما لم تدخلي؟. لمحتك وانت تبتعدين " " لا احب الضجيج.. كنت تتجادل مع باريس وصوت صراخك يعم المكان " " لا!!!. انت تبالغين!! " ابتسمت رغماً عني ففعل ايضاً.. وعدت لاستند بساعدي الى حافة الشرفة فاقترب يفعل المثل.. يأخذ نفس عميق طويل اعرف بأنه يحمل الكثير من الكلام واللغو خلفه.. " لم يخبر جدي احد اين تعيشين.. ولا حتى جاك.. رغم اصراره على معرفة العنوان " " جاك!!؟ " " اجل.. جميعنا.. العمة جيني.. والعمة كايلي.. كلنا اردنا معرفة مكانك.. زيارتك.. اردنا حضورك لهنا.. لكن جدي.. " و**ت يرفع حاجبيه عالياً فتابعت عنه " رفض " " بشكل قطعي.. وكانه يخبئك عنا.. لماذا ينال؟ " سؤاله ارسل رعشة عميقة داخلي.. اركز بنظراتي على الاشجار امامي كي لا اواجهه.. لماذا؟!. لأنها ارادة كلانا.. هو وانا... والطريقة الوحيدة لتجنب الحديث عما حصل في الماضي.. " الامر بات ماضي هاوي " " دفن مع جدي؟! " وابتسم ساخراً فأخذت نفس عميق وهززت براسي " اجل.. اظن.. لقد دفن مع جدك " " مارك يقول بانك ستحصلين على منزل العائلة في وصية جدي " " انا؟!! " ونظرت اليه عابسة فرفع يده ليعبث بخصل شعره الشقراء الطويلة نسبياً " اجل انت.. وبعض الاسهم في مصنع الاخشاب " " جدي لن يعطي منزل العائلة لاحد معين.. اظنه سيبقيه للعائلة جميعاً " " ممكن.. لكنك ستكونين الاكثر حظاً.. فانت المفضلة لديه.. كلنا يعرف ذلك " " المفضلة؟. " " اجل.. " والتمعت عينيه بسخرية " لما ارسلك لبعيد وأخفاكي عن الجميع اذاً.. انه يحضرك لشيء اكبر مما نظن جميعاً.. ربما ادارة المصنع والشركة " " الا تبالغ.. قليلاً؟! " " لا.. هذا ما نظنه.. لكن امال جاك ستخيب حينها.. هه.. سيطير حلم عمره " وضحك هاوي وكأن هذا يعجبه.. فضممت فمي وعدت نحو الامام.. اغيب في شرودي العميق فيما نطق به للتو... عيناي الزرقاوان تلتمعان بوهن **ير وانا افكر.. يا للسخرية!!.. ويا لقلة ما يعرفونه.. فكيف يمكن لأدريان موريس ان يورث اغلى ما يملك.. لحفيدة لا تحمل دمه؟!....

editor-pick
Dreame-Editor's pick

bc

احببتها فى قضيتى ❤️ بقلم لوكى مصطفى

read
2.3K
bc

ظُلَأّمً أّلَأّسِـدٍ

read
2.9K
bc

روح الزين الجزء الثاني بقلم منارجمال"شجن"

read
1K
bc

"السكة شمال" بقلم /لولو_محمد

read
1.0K
bc

خيوط الغرام

read
2.2K
bc

قيود العشق - للكاتبة سارة محمد

read
7.9K
bc

شهد والعشق الأخر

read
1K

Scan code to download app

download_iosApp Store
google icon
Google Play
Facebook