دخل ياغيز إلى منزله و هو يزمجر من غضبه..بكت ناريمان و حاولت أن تشرح له
لكنه كان في حال لا تسمح له بالإستماع إليها..بحثوا حول المنزل و في منازل
الجيران لكنهم لم يعثروا عليها..بلغ ياغيز المخفر و طلب منهم تعميم صورتها و
البحث عنها في كل مكان اضافة إلى طبع إعلان ضياع عليه صورة دانا و عنوان
منزلها و رقم هاتفه هو..كان يذرع الصالون جيئة و ذهابا و قلبه يخفق بشدة من
خوفه على ابنته و قلقه عليها..توقفت هزان في طريق بعيد عن منزل والديها..لا
تستطيع العودة للعمل عند العم عدنان لأن والدها سيعثر عليها بسهولة و يعيدها
معه..فكرت أنها يجب أن تحصل على عمل جديد و مكان لتبيت فيه..رأت فتاة
صغيرة تجلس على قارعة الطريق و تبكي ..نزلت عن الدراجة و اقتربت منها..انها
فتاة شقراء بعينين بلوريتين و وجه ملائكي..داعبت هزان وجهها و سألت" مرحبا يا صغيرة..ما اسمكي؟" أجابت" دانا" قالت" لماذا تبكين ياصغيرة؟ أين أهلكي؟"
قالت"..لا أعرف..أنا ضائعة..لم أستطع العودة إلى المنزل" احتضنتها هزان و
قالت" لا تخافي..سنجد أهلكي..لا تقلقي..هل أنت جائعة؟" قالت" نعم..كثيرا"
أمسكت هزان يدها و اصطحبتها إلى دكان و اشترت لها الشوكولا و
العصير..فرحت الطفلة و أخذت تأكل و تضحك لهزان..انهت الصغيرة أكلها
فوضعتها هزان أمامها على الدراجة و اتجهت بها إلى المخفر..عرف العناصر
الموجودون هناك دانا و اتصلوا بياغيز الذي أتى بسرعة..عانق ابنته بشدة و داعب
..وجهها ثم التفت ليشكر الفتاة التي وجدتها ليفاجئ بأنها هزان..نظر إليها باستغراب و قال" أهذه أنت؟ هاهي الصدفة تجمعنا مرة ثانية..شكرا
لكي" قالت هزان" أجل..مع الأسف..لا داعي لكي تشكرني..لم أقم سوى بواجبي"
وقف و نظر إليها ثم قال" آسف لما حصل معكي ..لقد علمت أن.." قاطعته قائلة"
لا داعي للتأسف..لقد قمت بعملك..و الآن..عن اذنك" همت بالإبتعاد لكن دانا
أمسكت يدها و قالت بعينين دامعتين" انتظري..لا تذهبي" ..جثت هزان على ركبتها و قبلت
الصغيرة و احتضنتها بين ذراعيها و هي تقول" حبيبتي..يجب أن أذهب..هاقد عثرنا على
أبيكي..لا تبكي..اتفقنا يا صغيرة..الى اللقاء" تمسكت الطفلة بها و أبت أن
تتركها..سألها ياغيز" إلى أين أنت ذاهبة؟ سمعت أنك ستتزوجين..هل هذا صحيح ؟ " أجابت"
لا..لن أفعل..لن أتزوج....لقد هربت" ابتسم ياغيز و قال" لا أستغرب ذلك..و الآن..إلى أين
ستذهبين؟" قالت"..لا أعلم..المهم ألا أعود إلى المنزل" نظر ياغيز إلى ابنته
المتعلقة بكتفي هزان ..صمت قليلا ثم سأل" ما رأيكي أن تعملي لدي؟" رفعت
رأسها إليه و قالت" عفوا؟" قال" أبحث عن مربية لإبنتي دانا..ما رأيك"
سألت" وأمها؟أليست موجودة؟" أجاب"لا..أمها ليست موجودة..أحتاج إلى
مربية تتفق مع ابنتي و تجعلني أطمئن عليها و أنا أعمل..ما رأيكي؟" فكرت هزان
قليلا ثم أجابت" اتفقنا..لكنني أبحث أيضا عن مكان أنام فيه" قال"..لا مشكلة..توجد غرف شاغرة..تستطيعين البقاء في أحدها" قالت" حسنا..هذا يناسبني"
ضحك و قال" لم تسألي عن المعاش؟" قالت" ..غير مهم..المهم أن أجد مكانا
أبيت فيه و أختفي فيه عن والدي" قال" اطمئني..لا تقلقي..لن يجدكي..هيا لنذهب
من هنا" و خرجوا معا..عاد أمين و سافاش إلى المنزل فوجدا نسرين جالسة و هي
تضع الثلج على رأسها..جرى أمين نحوها و سأل" ماذا جرى ؟ نسرين..هل أنت بخير؟"..نظرت إليه نسرين و قالت" تلك المتوحشة خدعتني ففتحت لها الباب و ضربتني
ثم هربت" صاح أمين" عليها اللعنة..لقد فعلتها" قال سافاش" سنجدها..لا تقلق..لن تستطيع الهرب مني" لمس أمين رأس زوجته ثم قال" يجب أن نبلغ
الشرطة" ابتسم سافاش و قال" سأبحث أنا أولا..ثم نبلغ الشرطة بعد ذلك" ..في
منزل ياغيز..تعلقت دانا بعنق هزان و لم ترضى أن تفارقها..لم تتركها إلا عندما
نامت فوضعتها هزان في سريرها و خرجت..وجدت ياغيز واقفا بجانب النافذة
..قالت" لقد نامت" التفت إليها و ابتسم ثم قال" هناك غرفتان شاغرتين..اختاري
احداهما" نظرت يمنة و يسرة و قالت و هي تشير إلى الغرفة المجاورة لغرفة دانا"
هذه..لقد اخترت هذه الغرفة" قال" تمام..تستطيعين وضع أغراضكي فيها"
انسحبت هزان من أمامه ..دخلت إلى الغرفة التي كانت واسعة يتوسطها سرير
صغير و خزانة متوسطة الحجم..وضعت هزان حقيبتها على السرير و رتبت ثيابها
في الخزانة ثم وضعت صورة أمها و أخيها في إطار على طاولة بجانب
السرير..لامست الصورة و تن*دت بعمق..سمعت طرقات على الباب فقالت" غال"
..دخل ياغيز و قال" عفوا..أردت أن أتحدث معكي" وقفت و قالت" نعم..تفضل" سبقها
إلى الصالون فتبعته..قال" لا بد أن والدكي يبحث عنكي..هل تعتقدين أنه قد يبلغ
الشرطة؟" قالت" قد يكون..سيحاول إيجادي بكل الطرق" قال" لكي يزوجكي"
قالت" نعم..مع الأسف..لكنني لن أتزوج و لو ذبحني" ابتسم و قال" لو أعلم من أين تأخذين
قوتكي هذه" قالت بحزن" من الألم و المعاناة..لقد عانيت كثيرا منذ وفاة والدتي و
زواج أبي من أخرى" صمتت قليلا ثم سألت" أين هي والدة دانا؟ هل هي متوفية؟"
تغيرت ملامح ياغيز و قال" أنا أعتبرها ميتة..لقد هربت مع عشيقها" ارتفع حاجب
هزان استغرابا و قالت" اووها..غريب..مالذي يدفع امرأة إلى التخلي عن ابنتها؟ "
نظرت إليه بشك و سألت" هل كنت تسيء معاملتها؟" نظر إليها ياغيز بحدة و قال"
. ..أمر لا يعنيكي..المهم الآن ..أن تعتني جيدا بدانا..اتفقنا".