لعبة حب
الفصل الخامس
في هذه الأثناء خرج مراد من مكتبه ورأى هذيان داريا فاعتذر من فرح و دفنا ورحب بهما ورافقهم إلى مكتب جاسر بعد أن طلب من نازليجان أن تخبره. كان جاسر يرتب ملابسه و ما إن سمع طرق الباب حتى بدأت نباضات قلبه في التسارع . فتح الباب و أطلت منه حوريته البرتقالية بوجهها الجميل مما جعل جاسر يقول بينه و بين نفسه : أيعقل أن يكون المرء كل يوم أجمل و ألطف يا إلهي ساعدني ما هذا الجمال ثم يعود ليقول أوووف بماذا أهذي أنا لقد فقدت عقلي هيا جاسر فلتركز قليلا و لتعملوا و احذر في أن تفكر في أي من هذه التراهات ثانية . بدأوا اجتماعهم و تناقشوا مع نظرات جاسر بين الفينة و الأخرى لرنا دون أن يجعل أحد يشعر ثم سرعان ما ينبهه عقله لينغمس في المناقشات أما في طرف رنا قد كانت تتهرب بنظراتها من جاسر و تتجنب النظر إلى وجهه او الحديث معه بصفة خاصة مع انها كانت ترغب بشدة أن تنظر له و لو لمرة و هذا الإحساس الذي راودها جعلها تلوم نفسها . إنتهى اجتماعهم بقرارهم لزيارة جمعيات المعوقين و جمعيات السرطان كذلك إضافة جمعيات الأطفال اليتامى للجمعيات المستفادة من عروض الازياء التي ستقام و تقرر اجتماع الطاقم ككل في الأسبوع القادم في نفس اليوم أما في ما يخص قسم الت**يم تحديدا رنا و جاسر ستكون لهم وتيرة عمل أخرى إذ أنه عليهم أن يلتقوا بشكل مكثف و شبه يومي لتناسق التصاميم و انسجامها و أثناء خروجهم من المكتب سمعت رنا صوت جاسر يطلب منها أن تبقى ليتحدث معها في أمر هام فلبت بينما خرج البقية .
جاسر : رنا هانم كما تعلمين أننا اتفقنا البارحة أن نتحدث بعد المؤتمر لتوضيح الأمور لكنك غادرتي .
رنا : ايفت معك حق أنا فعلا اسفة إذا ماذا نفعل متى تريد أن نتحدث؟
جاسر: إن اردتي بعد ساعتين من الآن فهذا يناسبني ما رأيك .
رنا:تمام يناسبني ايضا
جاسر : جيد إذن سامر لاخذك هل تعطيني رقمك لكي أتمكن من الاتصال بك و أخذ العنوان .
رنا : لا أريد ازعاجك سآتي بمفردي و طبعا يمكن. تبادلا الأرقام و اتفقا على اللقاء بعد أن أصر جاسر على المرور لاصطحابها. مرت الساعتين كأنها دهر بالنسبة لهما فقد احتارا في احاسيسهما فتارة يريدان أن يلتقيا و أخرى لا يريدان عادا خلال ذلك إلى المنزل للتخلص من ثياب العمل الرسمية و لتغييرها بأخرى يومية مريحة ثم ذهب جاسر إلى منزل رنا و اصطحبها و سعادة تغمره لسببين اثنين اولهما أنه برفقتها ام الآخر أنه أصبح يعرف عنوانها و حتى رقم هاتفها ساد **ت رهيب على الطريق لم يقطعه سوى أصوات أجراس السيارات الأخرى كانا طوال الطريق كأنهما يقومان بترتيب أقوالهما و افكارهما كي يسرداها فيما بعد وضعهما أشبه بوضع طالب قام بحفظ دروسه ثم امتنع عن التفكير في غيرها او الانخراط في أي حديث حتى لا يتشتت ذهنه . وصلا إلى مطعم على ضفاف نهر بعد طريق طويل كان المكان هادئ تطغى عليه الطبيعة و أقل ما يقال عنه المكان الأنسب لتفادي الصحافة و الجواسيس . جلسا و قدما طلبهما للنادل ثم بادرت رنا : المكان هنا جميل جدا هادئ و مريح للأعصاب .
جاسر : نعم انه كذلك اخترته لأنه جميل كما انه بعيد عن الصحافة لكي نتمكن من الحديث بأريحية فمعلوم أنهم لا يتركوننا و شأننا.
رنا : تمام أسمعك
جاسر : انظري رنا هانم
رنا : عذرا على المقاطعة لكن الجميع يعلم أننا عاشقان و مخطوبان ألن يكون غريبا بعض الشئ أن تناديني بهانم و أناد*ك ببيه يعني أقول ذلك حتى تكون هناك مصداقية في كلامنا.
جاسر : ايفيت معك حق رنا المهم لنتخلص من الرسمية و الألقاب إذن و لأكمل ما كنت بصدد قوله سابقا قبل أن يأتي النادل ثانية فيقاطعنا ؛ كما وعدتك من قبل أن أبرر لك رغبتي في القول بأننا سنتزوج الأمر هو أن والدتي مريضة تعاني من السرطان و هي في مرحلة حساسة يؤثر بها كل شئ كما أن حالتها النفسية يجب أن تكون مستقرة أي أن تكون سعيدة و مرتاحة التجاوب مع العلاج بشكل أفضل و لايمكن أن أصف لك فرحتها بعد رؤيتها لخبر زواجنا خصوصا أن ذلك حلمها منذ طفولتي لذا عجزت عن اخبارها بالحقيقة خوفا من تدهور صحتها أعلم أنك قد تقولي ما شأني أنا لكن قررت أن اطلب منك ذلك طامعا في قبولك و الآن لا يسعني شكرك على ذلك .
شعرت رنا بالدفء ناحية جاسر عندما رأت حنانه و خوفه على والدته و أخبرته عن جدها و جدتها و انه ليس مجبرا على شكرها فقال لها إذن نعد في نفس الكفة و في نفس الظرف .
رنا : نعم انه كذلك لكن علينا أن نفكر بقصة نسردها لهم عندما يستفسرون و عليها أن تكون مقنعة جدا فلا أعتقد سيصدقون قصة بدون تفاصيل بالإضافة إلى أننا سنتجنب بذلك الارتباك و تضارب الأقوال.
جاسر : حسنا لنفكر أظن انه سيخرج أمر ما و استغرقا في التفكير بحثا عن ضالتهما. في تلك الأنحاء كانت فرح في مكتبها فدخل بهاء فجأة و هو يقول : فرح علينا أن نتكلم بشكل عاجل.
فرح : بهاء ماذا يحدث هل هناك خطب ما ما بك تبدو غاضبا.
بهاء :كيف تقبل دفنا أن تتزوج بجاسر ذاك لن أسمح بذلك إطلاقا.
فرح : ها بخصوص ذلك الموضوع لقد أخبرتني دفنا ما حصل و قد كانت مغتاظة منك بشكل كبير كما أنني انزعجت من تصرفك ثم كيف تقول لن تسمح لها أن تتزوج بأي صفة تمنعها ها ؟
بهاء : فعلت ما فعلته لشدة حبي بالإضافة إلى أنني الأجدر بحبها أنا من عشقتها في **ت طوال سنوات كنت أراقب كل شئ فيها حفظت عاداتها أحببت ما أحبت و كرهت ما كرهت احتويتها في حزنها كنت دائما هناك لدعمها ساندتها بكل قواي كنت أفعل كل ذلك علها تراني و لكن لا .في الفترة الأخيرة خيل إلي أنني تقربت منها و أنني أصبحت ذا تأثير عليها و أنني احتللت جزء من قلبها لافاجئ بها تتزوج بغيري أنا عاشق بهذه الصفة أمنعها إن لم تكن لي لن تكون لغيري.
فرح : بهاء هل جننت ما الذي أصابك أنت لم تكن هكذا في يوم من الأيام كنت الشاب الحنون العاقل الأخ الذي وجدناه عند حاجتنا هل كنت تفعل ذلك في انتظار مقابل ما الذي دهاك و الذي تحسه تجاه رنا هو تملك فقط لا غير بأفكارك و عقليتك هذه ستلوث مفهوم الحب الذي من الواضح أنك لا تدرك معناه او بالأحرى حملت مفهوم خاطئ في عقلك عنه . الحب هو أن تقدم سعادة محبوبك قبل كل شئ حتى على حساب نفسك أن تتحمل تعاستك لأجله أن تقبله مع غيره إن كان في ذلك فرحه أن تكون دائما جانبه دون انتظار مقابل لا أن تكون جانبه وقتيا و شكليا و متى رفضك تتخلى عنه لا أن تجبره على حبك فتجعله ينفر منك أكثر لا أن تريد تملكه عنوة لا أن تقف عائقا أمام مواصلة حياته و أمام حبه لغيرك و سعادته . هل تظن أن رنا ستغير مشاعرها الآن لو كان سيحدث فعلا لحدث منذ زمن قبل دخول أي أحد لحياتها . ألم تخجل من نفسك ألم تيقظك تلك الصفعة على خطئك الجسيم تجاه رنا ؟ منذ متى أصبحت هكذا لقد تغيرت تماما أصبحت انانيا و وقحا لقد أصبحت مريضا يسعى إلى إرضاء نفسه .
بهاء : تتكلمين هكذا لما لم تقولي ذلك لصديقتك التي تعرف أنني أعشقها حتى النخاع و لكنها استغلت ضعفي ناحيتها و في النهاية ألقت بي و تركتني مرميا هكذا في مهب الرياح .
فرح : هل أنت فعلا مقتنعا بما تقوله هل كنت ستحبها كما تدعي لو كانت هكذا فلتستفق من ظلامك نحن أعلم الناس برنا و طيبتها و خلوها من الخبث او المكر كيف تتحدث هكذا عن رنا صديقتنا .نحن رفقاء درب منذ الطفولة إن أردت أن تنعرج عن الطريق لك ما تريد لكني لن أسمح لك بجرح رنا او اهانتها او الحديث عنها هكذا كما أنني أؤمن أن هذا ليس كلامك و أستطيع أن أجزم أن هناك من يزرع هذه الأفكار المسمومة في رأسك فلتفكر مليا اليوم و نتحدث غدا لو عدت إلى رشدك و عدت بهاء الذي نعرفه أعدك أن أساعدك في **ب ثقة رنا من جديد و أن نعود **ابق عهدنا و لكن إن أصريت أن تبقى هكذا فلا أستطيع مساعدتك في شئ فرنا هي أختي و لن أقبل أذيتك لها . عاد بهاء بذاكرته إلى يوم المؤتمر بعد تلقيه الصفعة من رنا و قد كانت علامة أصابعها بارزة بعض الشئ عندما التقى بايجه التي قالت له : أستطيع أن أجزم أن هذه الصفعة من أميرة احلامك ظننتها سندريلا فاتضح أنها الساحرة أنت فعلا محط السخرية كيف تسمح لها أن تفعل ذلك. كم كان جميلا أن تكون كالا**ق تنتظر أن تقول للناس أجمع و على الملأ أنها لن تتزوج من جاسر ههه هل كنت تظنها ستصرخ قائلة أنها أن تحبك ام تقول أنها تتزوجك عذرا لكن طيبتك هي سبب غبائك لتصدق أنها ملاك على هيئة إنسان هي بالأصل كشيطان كافعى تتلون لتنقض على فريستها و قد استطاعت بوجهها الجميل و دموعها المزيفة خداعك بسهولة تامة . عاد بهاء إلى الواقع و هو يلوم نفسه على الاستماع إلى ايجه و جولاي و الانسياق ورائهما فقال لفرح بصوت يظهر عليه التأثر: معك حق فرح نتحدث في الغد. في نفس الوقت كانا جاسر و دفنه على حالهما صامتان يفكران إلى أن خرجت رنا عن **تها و هي تقول وجدتها فلنقل أننا التقينا أثناء تصوير إحدى ألبوم الصور (catalogue).
جاسر : لا اظنه ينفع فكوراي مصورنا صديق زوجة عمي و من المؤكد ستسأله و يخبرها عن عدم صحة الأمر.
رنا : سنقول أن المصور تابع لشركتي و قد سافر إلى ميامي و هذه حقيقة .
جاسر : رائع إذن سنقول أنك كنت العارضة الرئيسية حيث كنت ترتدين ثوب زفاف لصورة غلاف الألبوم نظرا لتدهور حالة العارضة الأساسية و عدم وجود بديلة لها و قد كنت آنذاك أشبه بحورية كأميرة هاربة من إحدى القصص الخيالية بفستانك الأبيض الطويل ب*عرك الأحمر الذي ازداد توهجه مع أشعة الشمس و عيناك العسلية الساحرة خد*ك المتوهجين حرارة لشدة توترك نظراتك التي كنت ترمينها في المكان أي أنك كنت كالخيال كحلم جميل يرغب من يراه باعادته مرارا و تكرارا سأقول أنني شعرت بعجزي عن الحركة او الكلام سأقول أنه لم توجد حينذاك أي كلمة تعبر عن سحرك و ف*نتك و أن كل ما يقال سينقص من قيمتك و لن يكون قادرا على إيصال أصل الفكرة لك سأقول أن قلبي قرع طبوله منذ أن وقع نظره عليك
سأقول أنه أقام مهرجانات عند رؤية ابتسامتك سأقول أنه شرع في الرقص على أنغام دقاته التي كانت أجمل موسيقى بحياتي خاصة عند تسارعه كما لو أنه كان يركض اتجاهك لتستوطينيه سأقول أن
***ة و قشعريرة جميلة اقتحمته منذ ذلك اليوم و لم تغادره إلى الآن سأقول أنه كان راكدا قبل ملاقتك سأقول و اتكلم كما لو أن الناس لم تعبر عن إحساسها من قبل كان جاسر يتحدث و قد سرح بخياله إلى أول يوم رآه فيه و ركز نظره على وجهها يتأملها كما يتألم الناس البحر و الطبيعة كان في الحقيقة يعبر عما يحسه و أحسه عصارة من المشاعر التي خالجته كلما رآها او مرت صورتها أمامه و كان يقول في نفسه ليتني أستطيع أن أخبرك أن ما أقوله هو إحساسي ليس خيالا مني ليتني أتمكن من أخبرك عن رغبتي في أن تكوني حبيبتي بحق و تكوني خطيبتي و تكونين فيما بعد زوجتي و ملكي ليس قولا فحسب و إنما فعلا أيضا دون أن اضطر أن أقنع أحد بذلك دون أن أؤلف من الكلام الصفحات لجعلهم يصدقون ليتني أستطيع أن أخبرك عن مدى رغبتي في أن اعانقك و أقبلك حتى تنقطع أنفاسي. و