12- اسفنجةٌ عتيقة.

1288 Words
يَعِيش بَيْن رُفُوف الذكْرَيَات مَنْ غَلَبَتْهُ الْعَاطِفَة _رولا طه ... جالس على الاريكة احاول الا احرك اي جزء مني .. كانت هذه احدى محاولاتي السخيفة لأخذ قسط من الراحة - الامر الوحيد الذي افعله منذ الصباح-. حيث انني اشعر بتعب لا مبرر له ابدًا .. احيانًا اشعر ان جسدي يقوم باغاضتي ، حيث انني اشعر بالتعب طوال الوقت وكل الوقت بلا ان افعل اي شيء حقيقي! بجانبي.. القيت بطرف عيني نظرة للجالس بجانبي. السيدة بارك بجانبي.. بهالتها الهادئة والوحيدة ذاتها جالسة على الاريكة تعبث بهاتفها منذ نصف ساعة! القيت نظرة امامي.. ثم حاولت الوصول الى جهاز التحكم لاقوم بتغيير القناة .. حيث انني اشعر بملل قاتل يسري في عروقي. حاولت تقريب جهاز التحكم بقدمي مركزًا على عدم تحريك اي طرف اخر .. الذي كان امرًا غريبًا بطريقة مضحكة .. مالذي افعله على اي حال؟ الامر حقًا متعب اكثر من مجرد اخذ جهاز التحكم .. اااه ا****ة .. في حياتي القادمة اريد ان اكون جنية اسنان .. لماذا؟ لانها غير حقيقة حقًا .. ويستحيل ان تشعر الاشياء الغير حقيقية بالتعب! كيف عرفت انها غير حقيقية؟ منذ انني في صغري كنت الطفل الاسخف على وجه هذه الارض فانا اضع اسناني تحت وسادتي منذ كنت في السادسة من عمري ، وبلهفة طفل السادسة الذي انا عليه كان اول ما افعله في الصباح الباكر هو ان ازيل الوسادة بسرعة ولهفة .. واذكر شعوري بالخيبة حينما لا اجد سوى ذات السن الذي وضعته الى جانب رسمتي الطفولية التي اردت ان اهديها لجنية الاسنان اللطيفة ، ولا اذكر بعدها سوى صراخي لامي بأن علينا فتح النافذة في المرة القادمة لان جنية الاسنان اللطيفة لم تستطع الدخول .. انا كنت ا**قًا صغيرًا بحق .. بغض النظر عن هذا! من الرائع ان تكون خرافة يصدقها الكثير.. خرافة لا اصل لها .. لكن يصدقها الكثير .. مالذي افكر فيه على أي حال؟ هززت رأسي احاول ان اطرد الافكار التي اجتاحتني بعد ادراكي انها لا تحمل اي معنى .. كلنا اشخاص بلا معنى بالمناسبة .. اقصد انن- جفلت بصدمة وقُطع حبل افكاري التافهة حينما وضعت السيدة بارك هاتفها على الطاولة وحدقت بها بطرف عيني بينما تفرك جبهتها بتعب .. " هل انتِ بخير؟" اجبرت صوتي على الظهور وشفتاي على النطق "لا ادري.." نظرت السيدة بارك الي " ماذا عنك؟ منذ ساعة وانت تغير تعابير وجهك كل فترة بشكل مريب ، هل انت بخير؟" اشحت بوجهي باحراج راودني لان السيدة امامي رأت الغباء الذي كنت افتعله منذ قليل " بخير.." " كيف تسير امور التنظيف معك؟" جفلت بصدمة .. التنظيف! نسيت امره تمامًا ! لكنني اكتفيت باظهار ابتسامة واجبت بتوتر " لا تقلقي ابدًا بهذا الشأن!" وسرى صمت غريب لثواني .. " اذًا .." السيدة بارك قالت والتفتت اليها " لا زلت تظن انني رغبت بأنتزاع دور الوريث من بين يد*ك؟" سرت رعشة غريبة في جسدي حينما ذكرت المحادثة الغريبة التي حصلت بيننا .. واكتفيت بالصمت لكوني لا اجد اي اجابة تفي بالغرض .. " لنتعرف بشكل جيدٍ اذًا .. فانا لا اعرف عنك الكثير بالفعل! انت بارك الجديد .. بيكهيون؟ ابن لورين؟" ومضت بصدمة! اذَا السيدة بارك تعرف امي؟ وقبل ان اسأل هي اجابت فضولي " لا تتفاجئ انا بالفعل كنت اعرف امك منذ سنوات .. كانت امرأة صالحة .. لكنها اخطأت بالرحيل وابعادك" " انت صديقة امي؟" " لم اكلمها في حياتي ابدًا! .. كل ما في الامر ان امك كانت تحظى بشعبية في جامعتي لذا كنت بالتأكيد اعرفها " نظرت الي وضيقت عينيها كأنما تتذكر " كانت فتاة رائعة حقًا .. تمنيت الحصول على فرصة للحديث معها" ارجعت رأسي الى الاريكة احاول استيعاب ما سمعته .. السيدة بارك تعرف امي بالفعل؟ " اتمنى انك استطعت ان تندمج معنا بالفعل!.. وآمل ان الصغار هنا تقبلوا وجودك وتفهموا انك اصبحت الوريث الجديد بالفعل!" كنت اعلم انها تعني تشانيول بنهاية كلامها " كم عمرك بيكهيون؟" " التاسعة عشر وقريبًا سابلغ العشرين.." كانت الجملة الاكثر تكرارًا منذ بداية قصتي " واااو! لم اكن اتوقع هذا ..انت صغير جدًا ، وتشانيول وتاو خاصتنا مفرطي الطول ، تعلم! منذ انك لا تصل لكتفي تاو فانا لم اكن لاصدق هذا لولا معرفتي بك" كانت ثاني الجمل الاكثر تكرارًا منذ بداية قصتي .. ا****ة على كتفي تاو! بجدية! ا****ة عليهما .. اجبرت نفسي على اظهار ابتسامة صغيرة كمجاملة واجبت " من الجيد ان ابدو صغيرًا احيانًا.." حدقت السيدة بارك بي بتعجب ظاهر ثم قالت " هذا ما كانت امك تجيب به الاشخاص الذين يسخرون من طولها" اجل .. انا اعرف سمعت هذه الجملة منها عددًا من المرات انا لست بذلك القصر يا رفاق! انا حتى اطول من كيونغسو.. لكن الحقيقة المؤلمة تكمن في انني وكيونغسو ورثنا الطول من والدتي .. اما تشانيول وتاو فورثا طوليهما بلعانة مطلقة من عائلة والدتهما.. وابي! ا****ة على هذه الحياة غير العادلة .. " انت تشبه والدتك حقًا بيكهيون .." همست " اتمنى انك استطعت تفهم موقفها !" حسنًا ربما انا استطعت تفهم موقفها من والدي .. لكن الامر لا يفسر عدم اخباري ابدًا .. وجعلي اعيش في الظلال طوال تلك المدة " اتمنى لو انني استطعت ايضًا .." لا يزال .. استطيع انتظار استيقاظ والدتي لتشرح لي الامر برمته ! رغم انني اشك في ايجادي جوابًا مقنعً .. لكنني سأنتظر! كما فعلت منذ دخلت امي المشفى.. بالنظر الى هذا! الشيء الذي يجعلني سعيدًا هو ان امي هي امي الحقيقية! لا استطع تخيل امرأة غير بيون لورين كوالدتي! بسخريتها اللاذعة من والدي عندما ينسى ان يحلق لحيته جراء تراكم اعماله .. وضحكاتها اللطيفة حينما يلاحقني كيونغسو بمقلاته الغريبة .. ونظرتها الحادة حينما اخفي شيئاً تود هي بقوة معرفتها .. امي رائعة بكل ما فيها ولا اود استبدالها .. يكفي انني حاولت بكل جهدي تقبل ان بيون يوجين ليس والدي الحقيقي! بالحديث عن الامر ، انا .. انا اشتقت لها حقًا .. لا استطيع الانتظار حتى تستيقظ! ادرت رأسي بانجاه السيدة بارك " أتذكرين كيف كانت امي في فترة دراستها الجامعية؟" نظرت الي " اسف لتخييب آمالك .. لا اعرف عنها الكثير ! لكنها كان شعبية جدًا .. والدتك اجتماعية بطبعها ولطيفة حقًا وذات اخلاق عالية ، كان الاجدر بك سؤال والدك عنها .." اشحت بوجهي " لم ارد ان اسبب له الالم بذكريات لا يود تذكرها على الارجح" حدقت السيدة بارك بي " من الرائع كيف انك لا زلت تراعيه رغم انه ووالدتك السبب في ما تعانيه الان" كان كلامها لاذعًا بحيث لا يحمل ذرة تعاطف لوالدي او امي على حد سواء! صمت مرير ساد للدقائق الباقية .. حتى تنحنحت السيدة بارك وانتصبت واقفة ثم حركت جذعها باتجاهي وربتت على كتفي " سيتطلب منك الكثير من الشجاعة للتعامل مع امور الشركة وحياتك بعد كل ما حصل.. ارجو لك التوفيق" ابتعدت السيدة بارك عني لكني اوقفتها بسؤالي " ماذا لو لم ارد الخوض في حياتي هذا الفترة؟ ماذا لو فضلت اغراق نفسي بكل شيء حتى يختفي احساسي بأني على قيد الحياة!" التفتت السيدة بارك باتجاهي " حينها .. لا تتذمر اذا فقدت الكثير بالفعل! لا تعتكف كجرذ جبان يا فتى .. كن شجاعًا وواجه الامر.. حياتك لا تستحق ما تفعله بها " غادرت السيدة بارك بعد هذا .. غادرت بلا ان تعطيني اي فرصة لاجيب غادرت بلا ان تعطيني اي ابتسامة منذ بداية حديثنا .. لكن الاهم هنا انها غادرت بعد ان القتني في دوامة من التفكير.. قيل ان الشخص يفقد مرة .. ثم لا يعود كما كان بعدها! يفقد مرة بشكل حقيقي .. بشكل يجعله يبدأ بفقدان ذاته تدريجيًا .. ويبدو بانني فقدت الكثير بالفعل لست ادري مالذي عنته السيدة بارك بقولها انني سأفقد الكثير اذا بقيت على هذه الحال .. لانني فقدت الكثير بالفعل ولا ادري ان كان ما فقدته هو ما تعنيه ام انني سافقد امورًا اخرى .. لانني لا اعلم اذا بقي لدي ما افقده حقًا ... ولست ادري اذا كنت بدأت بفقدان ذاتي ام انني فقدتها بالفعل .. لكنني اعلم جيدًا .. انني اردت ان اقول بشدة للسيدة بارك : عن اي حياة تتكلمين؟ بجدية! حياتي امتلأت بالثقوب حتى ظننتها مجرد اسفنجة عتيقة .. امتصت بالفعل الكثير من الامور .. ولا تزال تمتص! اذًا ..لنرى الى أي حد تستطيع اسفنجتي العزيزة الاحتفاظ بكل هذه الامور داخلها قبل ان تنفجر؟ نهاية البارت الثاني عشر. رأيكم؟ توقعاتكم؟
Free reading for new users
Scan code to download app
Facebookexpand_more
  • author-avatar
    Writer
  • chap_listContents
  • likeADD