اكره علامات النهاية، اكره حين تنخفض الاصوات في المنزل، وكنت اكره التلفاز المطفئ في غرفة المعيشة، اكره وقت النوم، اكره وقت الوداع، واكره الفراق.
العالم يموت حولي.
....
المال لا يجلب السعادة؟ بالتأكيد لا يجلبها
كفوا عن كونكم مبتذلين رجاءً ..
المال لا يجلب السعادة ، لكنه ينهي دين والدي ..
المال لا يجلب السعادة، لكنه يستطيع علاج امي ..
المال لا يجلب السعادة ، لكنه كان كاف جدًا ليمنع عائلتي من التفكك والانهيار فقرًا -فقط كما الان-!
المال لا يجلب السعادة ، لكنه كان سيصبح شيئًا جيدًا لاعادة احياء محطة وقود والدي ..
المال لا يجلب السعادة .. لا يفعل شيئًا ! لكنه كان كافيًا .. كافيًا جدًا ليسد تكاليف علاج والدي بمشفى يستطيع علاجه!
كان كافيًا ليجعله يعيش .. ولو عدة دقائق اخرى!
كان كافيًا جدًا ليمنحني السعادة..
لم اعرف كيف قادتني قدماي بتلك الرؤية المشوشة الى غرفة الموسيقى ..
فتحت باب الغرفة البني ودلفت بسرعة الى هناك ..
انا احتاجه ..
بحاجته بشكل كبير!
حتى بينما اعرف انه لا يجلب لي سوى الالم والذكريات ..
مسحت الدموع عن عيني ورمشت مرات حتى استطيع الرؤية جيدًا ..
تفحصت الغرفة بنظري ثم تقدمت اليه ..
البيانو الاسود الذي يتوسط الغرفة!
كان كل ما احتاجه الان ..
جلست على المقعد الاسود امام البيانو ، وتلك الذكريات بدأت بالتدفق آليًا .
' بيكهيون .. كم مرة سأخبرك ان عليك الضغط مرتين !'
كان ابي بينما يعلمني كيف اعزف على اغنيته المفضلة ..
' هل تحاول المراوغة ايها الشقي! مهما فعلت لن تقنعني انك غير قادر على العزف على هذه الالة! العزف على البيانو سيكون اسهل من سلق بيضة في غضون ايام ..'
رفعت يدي المرتعشة باتجاه اول مفتاح لتلك الاغنية .
الصوت الحاد والرفيع الذي ص*ر آلمني اكثر ..
' ..ذلك لان بيكهيون الذي اعرفه يستطيع فعل اي شيء وتعلم اي شيء .. حتى تلك النوتة الغريبة الخاصة بنهاية المعزوفة'
ابتسمت بألم واكملت العزف بيدي الاثنتين
اخطأت مرة اخرى ابي .. انا لست قادرًا على فعل اي شيء!
لست بتلك القوة ..
' انت حتى تستطيع تحمل ضربات كيونغسو مهما كانت ! انت رائع '
انخفضت اطراف شفتي على الدعابة السيئة التي القاها والدي في تلك الفترة ..
اكان علي ان اضحك؟
اشتد عزفي بينما حاربت دموعي التي تحاول النزول
لم علينا ان نعاني بهذا الشكل يا ابي؟
لم كتب لنا ان نفنى ونتألم ..
لمَ لم تستطع اخبارنا بوقت مبكر ..
لكنت ودعتك بالشكل الصحيح على الاقل!
ولست ادري ايها اقل ألمًا ،
ان تبقى لترى كم اصبحنا بعيدين وغريبين عن بعضنا ..
لترى ماذا حل بامي وكيونغسو؟
ام ان ترحل بذات الصورة الرائعة التي تمتلكها عنا؟ ..
وضعتنا الحياة بين خيارات عديدة ..
كتب الالم بين طيات كل خيار بشكل محتم ..
فاما ان تتألم الان او لاحقًا ..
كأن تعطيك عائلة رائعة جدًا ثم ترميك بين احضان المعاناة بانتزاعها منك - لكونها لم تكن ملكك منذ البداية .. او لكونها لم تعد بتلك الروعة - ..
او ان تضعك بين عائلة غير مهتمة باي جانب منك .. لكي تعتاد الالم الذي تسببه تلك العائلة بعد حين - او ربما لا تعتاد ابدًا-..
لكنها لم تكن بذلك السخاء الذي يجعلها تعطيك الفرصة باختيار ما تريد ..
فانت مكبل بحقيقتك التي اهدتك اياها الحياة .. واختارتها لك الحياة!
اعدت خصلات شعري المتدلية الى خلف اذني وحاولت مسح دمعة متمردة بينما كانت اصابعي تضغط على المفاتيح الموسيقية امامي لانهاء تلك المعزوفة..
زامنت ضغطي لاخر مفتاح مع اطلاقي لتنهيدة طويلة وارخائي لكتفي ..
فجأة ..
سمعت صوت تصفيق حار من حيث لا ادري
" واو ، هذا كان رائعًا "
قال بعدما اظهر جسده لعيني المثقلتان بدموع لم تسقط .
كان ذلك تشانيول ..
" ا****ة"
ضرب فمه بقوة
" هل مدحت اخي الحقيقي للتو؟"
صمت مثقل جاب الارجاء بعدما امتنعت عن اجابته
تنحنحت وابعدت الدموع عن عيني
" هذا غريب"
قلت بينما افرك وجهي بكفي - كمحاولة بائسة لابعاد اثار البكاء عن وجهي-
" مالذي تعنيه؟"
سأل
" لماذا تكره أن تظهر كشخص جيد بتلك الشدة؟"
اخفضت رأسي ، لاني لم ارد ان يلاحظ بكائي
" هل تعتقد أن لعب دور الفتى السيء امر مسلي .. او حتى رائع؟"
" ربما لان الاشخاص الجيدين يتلقون الاسوء دومًا ، هيونغ!"
قال بينما يجيب سؤالي الاول ، وانا صدمت! لكون هذا الا**ق قال شيئًا صحيحًا للمرة الاولى منذ رأيته ..
وجه تشانيول نظرة الى البيانو امامي
" يبدو بأنك تستطيع العزف .."
" ليس حقًا .."
رفع تشانيول حاجبيه وسأل
" كيف تفكر .. حول العزف؟ الموسيقى؟"
" امرٌ كان رائعًا في وقت ما.."
اجبت باختصار شديد
" كان؟"
وهمهمت كرد
" ماذا عن الرقص"
همهمت بتفكير
" مجرد حركات تتبع نظام اصوات بتناسق غريب.."
اعطيت اكثر وصف مجرد من المشاعر بنظري
حدق تشانيول بي بغرابة ورفعت حاجبي بفضول
" لماذا انت سوداوي كا****ة؟"
" لماذا لا تجرب ان تفكر بشكل صحيح وتكون طبيعي لمرة؟"
اجبت بسؤال مغيرًا الموضوع الذي لم ارد الخوض فيه
" لماذا انت هكذا؟"
كشر تشانيول بانزعاج
" لانني هكذا!"
رفعت كتفي بغير اكتراث
سكت تشانيول لثانيتين قبل ان ينطق
" الموسيقى .. تعني الحياة بالنسبة لي"
ابتسم
"منذ ولدت .. كنت اتنفس الموسيقى وبشكل ادق .. ابي هو من اهداني شغفي بالموسيقى"
رفعت حاجبي بفضول
" ابي كان من علمني العزف على جميع الالات في هذه الغرفة .. منذ سنتين ، كانت اخر هدية اهداني اياها هي علبة موسقى جميلة ! على شكل بيانو اسود تقبع عجلته الدوارة في الجانب"
ضحك بخفة واكمل
"لا اعلم لم اصفه لك .. لكنه كان مهمًا بالنسبة لي حقًا"
لم استطع امساك الشك من مداهمتي..
لان ذات الوصف تمامًا .. ينطبق على صندوق الموسيقى في غرفتي!
" من السيء حقًا انه ضاع .. اذكر انني بكيت اسابيع"
قفز حاجبه كأنما تذكر
" ربما تعرفه انت .. فوالدي اخبرني بانه اهدى ذات المعزوفة لشخص مهم له منذ تسع عشرة سنة ، وانا بقدراتي الخارقة خمنت بأنه كان انت "
نظرت له بصدمة وتشان حدق بي بغرابة
لحظة واحدة فقط!
ابي الحقيقي اهداني معزوفة لا ازال اتذكر بعض الحانها الى الان!
ما****ة؟
اين تلك المعزوفة ومتى سمعتها؟
هل كنت طفلًا صغيرًا حينها؟
الادراك ضرب اعمق جزء من عقلي!
هو ربما اهداني اياها عندما كنت صغيرًا؟
او انها معي الى الان دون ان ادري!
" هل كنت تبكي؟"
بدا على تشانيول الحزن
اشحت بوجهي
" كلا .. "
" انظر الي!"
صرخ تشانيول وانا تصمنت!
هل يصرخ هذا المعتوه على شخص يكبره باعوام؟
" ما****ة تشانيول لا داعي للصراخ! انا بالفعل بخي-"
تشانيول الذي ينظر الي بحزن وقلق ظاهرين جعل ضميري يستيقظ لذا اكملت بهمس لشعوري بالذنب بسبب تلك الكذبة
" .. بخير ، اجل انا بخير!"
" هل تحتاج عناقًا؟"
سألني تشانيول بعبوس
" لطالما شعرت بالحاجة الى عناق في اشد حالاتي حزنًا وان**ارًا .. الكل يحتاج عناقًا يختصر كل كلمات المواساة!"
وشعرت بالحزن لوهلة ..
هذا الشخص مهما كان عملاقًا ،
فهو لا زال صغيرًا جدًا ..
لا يزال طفلًا ليتلقى كل هذا التجاهل من والديه..
نظرت الى عينيه الحزينيتين وحاولت ان اجد ذلك الطفل المختبئ في الداخل ..
ذلك الطفل الخائف الذي هرب منا اليه ..
" هل تمزح معي؟ لا تعاملني كطفل .. انا اكبرك كثيرًا بالفعل"
ضحكة خفيفة خرجت مني ..
" لا بأس هيونغ!"
همس تشان
" اعتبرني طفلًا في الخامسة وعانقني!"
نظرت اليه بطرف عيني،
ماذا يعتقد هذا الشخص حولي؟
ما زلنا غرباء ليعرض علي حضنه ..
اقترب تشانيول بخطوات واثقة مني ..
ولف ذراعيه حولي ..
" لا تقلق هيونغ!"
همس تشانيول بينما يربت على ظهري
" كل شيء سيمضي .."
" هل هذا ايضًا ضمن الاشياء التي اردتها في اشد حالاتك حزنًا وان**ارًا .."
قلت بضحكة ..
كان من المفترض ان تكون دعابة ..
دعابة سيئة ..
لان تشانيول لم يرد ..
بل زاد تمسكًا بي كأنما كان حقًا الشخص الذي يحتاج ذلك العناق لا انا ..
انا اعرف ان العناق اختصر جميع كلمات المواساة،
لذا تشانيول؟
هل اردت من يواسيك؟
هل كنت وحيدًا ولم تمتلك احدًا؟
مثلي تمامًا ..
تمسكت بذلك العناق بدوري كغريق يلتمس اخر ذرة هواء ..
ماذا سيحصل اذا كنا اغ*ياء جدًا؟
اغ*ياء ووحيدين ..
هل سنكون بائسين ايضًا؟
هل على الوحدة ان تطوي البؤس بين جناحيها ..
هل تشابه اقدارنا هذا محض صدفة؟
ام كل ما في الامر اننا اخوة؟
افكاري مشتتة ..
مشتتة جدًا!
لا استطيع التفكير جيدًا ، اشك بانني القي جملًا لا علاقة لها ببعضها ابدًا ..
كل ما في الامر انها كانت اول ما يخطر ببالي في لحظة كهذه ..
لحظة حصولي لاول مرة على عناق من اخي الحقيقي ..
" هل الامر هكذا دائمًا؟"
سألني تشانيول
" هل الحصول على عناق يعطيك ذات المشاعر دائمًا؟"
" لم هذا السؤال؟"
" لانها المرة الاولى التي يعطيني فيها شخص عناقًا .."
همس تشانيول وانا صدمت
هل بامكاني البكاء الان؟
لم هذا الفتى حزين بهذا الشكل؟
" المشاعر التي يخلفها العناق تختلف ، بحسب اختلاف مشاعرك لحظة حصولك عليه .."
اجبته وهو سأل
" ايعني هذا انه سيكون افضل اذا عانقت شخصًا بينما انا سعيد؟"
" لا.. ونعم"
"لا ونعم؟"
"ربما .. لا ادري"
اجبته ثم ابتعدت عنه واكملت
" لا بأس تشانيول .. ساعطيك عناقًا متى اردت!"
ابتسم تشانيول
"وعد؟"
" هل انت طفل؟"
عبس تشانيول وانا ابتسمت .. هو مهووس بالوعود!
مددت خنصري اليه
" وعد!"
بفرح شابك خنصره بخاصتي وابتسم ..
" اسف على مقاطعتكم يا شباب .. لكننا حقًا بحاجة الى الخروج الان!"
قاطعنا صوت تاو وظننت انني اتخيل ..
كيف لهاذا الشخص ان يكون مخرب لحظات سعيدة الى هذا الحد؟
" تاااو بجدية! ماذا تقصد بعلينا الخروج الان!"
تاو ضحك على تذمري واجاب
" بيكهيون مالذي تفعله الان؟"
عقدت حاجباي
" لا شيء؟"
" ومالذي يفعله تشانيول؟"
نظرت الى تشانيول الذي عقد حاجبيه بدوره واجاب
" لا شيء تحديدًا .."
" واااو! ثلاث اجابات مشتركة! ومنذ انني اكاد اموت مللًا في الداخل فكرت .. لم وا****ة نحن ننتظر حلول المساء على اي حال؟"
" لانني اردت رؤية سيؤول في المساء!"
اجبت
" ا****ة عليك وعلى سيؤول! لنذهب الان!"
" الستم ابناء شخصٍ غني؟ لم تلعنون بهذه الكثرة؟"
قلب تاو عينيه وكتف يديه
" انظروا من يتكلم .."
" حسنًا تاو .. احضر انت وتشانيول ايجي ولنذهب"
تاو كاد ان يرقص فرحًا وانا صرخت بداخلي بسعادة لكونه لم يتذمر بسبب ايكالي له باحضار ايجي ..
بعد ذلك ..
تشانيول وتاو ذهبا لاحضار ايجي ..
وانا انتظرتهم امام باب المنزل بكل ادب!
....
نهاية البارت السادس عشر
رأيكم؟
توقعاتكم؟